لقد شرع الله سبحانه وتعالى اللعان لسببين هما :

لدفع الحد أو نفي الولد(1)، فاذا قذف الزوج زوجته بالزنا مع إدعاء المشاهدة وعدم البينة ، أو اراد نفي ولدها منه فلا بد أن يلاعن كل منها الآخر لدفع حد القذف عن الزوج وحد الزنا عن الزوجة . وتتم الملاعنة بالصورة المخصوصة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم (( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، والخامسة أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ، ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، والخامسة أنَّ غضب الله عليهما إن كان من الصادقين ))(2).   وعندما يتحقق سبب اللعان يرفع الامر الى القضاء من أحد الزوجين هذا على رأي جمهور الفقهاء(3).في حين ذهب الظاهرية(4). الى انه متى ما وصل علم ذلك الى القاضي أجرى اللعان سواء طلب ذلك أحد الزوجين ام لم يطلب. ومهما يكن الأمر فإن القاضي يقوم بإجراء الملاعنة بين الزوجين بأن يجلس القاضي مستدبر القبلة ، ويقف الرجل بين يديه والمرأة على يمينه ، ثم يقول الرجل : إذا كان سبب الملاعنة القذف بالزنا : أشهد بالله إنني لمن الصادقين فيما رميت به هذه المرأة من الزنا لأربع مرات ، ثم يقول له القاضي : إتق الله تعالى ، واعلم أن لعنة الله شديدة وعقابه أليم ، فإن كان حملك على ما قلت غيرة أو سبب من الاسباب فراجع التوبة ، فإن عقاب الدنيا أهون من عقاب الآخرة ،فإن رجع عن قوله جلد حد المفتري ثمانين جلدة ، وردت عليه زوجته وإن لم يرجع عن ذلك واقام على ما ادعاه ، قال له: قل : إن لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين ، فإذا أتم ذلك ،قال للمرأة في ما تقولين فيما رماك به من الزنا . فإن اعترفت به رجمت ، فإن لم تعترف وأنكرته قال لها : اشهدي بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماك به من الزنا ، فإذا اشهدت بذلك أربع مرات ، وعظها كما وعظ الرجل . ثم قال لها : اتقي الله فإن غضب الله شديد فإن كنت قد اقترفت ما رماك به ، فتوبي الى الله فإن عقاب الدنيا أهون من عقاب الآخرة . فإن اعترفت بالفجور رجمها وإن أقامت على تكذيب الرجل ، قال لها قولي إن غضب الله علي إن كان من الصادقين.  أما إذا كان سبب القذف هو نفي الولد فيقول الزوج في شهادته (( أشهد بالله إنني لمن الصادقين فيما رميتها به وإن هذا الولد ليس مني )) لأربع مرات وفي الخامسة يقول ( إن لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين ) . أما المرأة فتقول أربعة شهادات (( أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني فيه من نفي الولد )) وفي الخامسة (( إن غضب الله علي إن كان من الصادقين ))(5) .

___________

1- السمرقندي ، تحفة الفقهاء ، ط2 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، بلا سنة طبع ، ج2 ، ص217. محي الدين النوري ، المجموع ، دار الفكر ، بيروت، بلا سنة طبع ، ج71، ص389. الشيخ لطف الله الصافي ، هداية العباد، ط2، نشر مؤسسة القران الكريم، 1416 هـ ، ج2 ، ص336. . يحيى بن الحسين ، الاحكام ، بلا سنة ومكان الطبع ، ج1 ، ص470.الامام مالك ، المدونة الكبرى ، ج3، ص16. ابن حزم الظاهري ، المحلى ، دار الفكر، بيروت ، لبنان ، بلا سنة طبع ، ج11. ص266.

2-سورة النور /الآيات من (5-9).

3- عبد الله بن قدامه الحنبلي ، المغني ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، بلا سنة طبع ، ج9 ،ص22. الدسوقي ، دار احياء الكتب العربية، بيروت ، بلا سنة طبع ،ج2 ، ص458. إبن ادريس الحلي ، ج2 ،ص702. ابو بكر الكاشاني ، بدائع الضائع ، ط1 ، المكتبة الحبيبية ، 1409 هـ ، ج3، ص238. أحمد المرتضى ، شرح الازهار ، مطبعة صفاء ، 1400 هـ ، ج2 ، ص512.

4- ابن حزم الظاهري ، مصدر سابق ، ج1 ، ص143.

5-  القاضي ابن العباج ،  ج2 ، ص306 . القيرواني ، ص478 . عبد الله بن قدامه الحنبلي ، المغني ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، بلا سنة طبع ،ج5 ، ص3 . زكريا الانصاري ، فتح الوهاب ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ج2 ، ص173 .السرخسي ، ، ج7 ، ص42 . يحيى بن الحسين ، الاحكام ، بلا سنة ومكان الطبع ، ج1 ، ص470 . ابن حزم الظاهري ، المحلى ، دار الفكر، بيروت ، لبنان ، بلا سنة طبع ، ج1 ، ص143.