المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

غضب الأطفال
30-8-2022
من العشاب الى لسان الدين
2024-08-08
امراض التفحمات التي تصيب النباتات
22-6-2016
فرش ارضية حظيرة الابقار
10-5-2016
فضائل السبط المجتبى (عليه السلام)
6-3-2018
نظام الملكية لدى البابليين
15-1-2019


تأثير الإسلام ونفوذه المعنوي  
  
2912   12:15 مساءً   التاريخ: 4-5-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص578-581.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

يصرُ المستشرقون على أن انتشار الإسلام ونفوذه في المجتمعات ثمّ بواسطة السيف وفي ظلّ استخدام القوّة.

اما بطلان هذا الكلام فسيثبت من خلال الحوادث القادمة.

ونحن نذكر هنا للمثال حادثةً وقعت قبل الهجرة ونلفت اليها نظر القارئ الكريم فان دراستها والتعمق فيها يثبت بجلاء ان انتشار الإسلام ونفوذه في أوساط الناس كان في بداية الأمر نابعاً من جاذبيته الّتي كانت تجذب كل انسان بمجرد اعطاء شرح مختصر عنه وعن تعاليمه المحببة إليه.

واليك الحادثة بنصها :

قرر مصعب بن عُمير المبلّغ والداعية الاسلامي المعروف الّذي بعثه رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) إلى المدينة بطلب من اسعد بن زرارة ذات يوم أن يدعو هو واسعد أشراف المدينة وساداتها إلى الإسلام بالمنطق والدليل فدخلا حائطاً من حوائط المدينة فجلسا هناك واجتمع اليهما رجال ممن اسلم وكان سعد بن معاذ واسيد بن حضير وهما من سادات بني الاشهل موجودين هناك أيضاً.

فقال سعد لا سيد : جرّد حربتك وقل لهذين ( يعني مصعبا واسعد ) ماذا جاء بهما إلى ديارنا يسفهان ضعفاءنا ولو لا أن سعد بن زرارة ابن خالتي لكفيتُك ذلك.

ففعل اُسيد ذلك وقال لمصعب ما جاء بكما الينا تسفّهان ضعفاءنا وراح يشتمهما فقال له مصعب داعية الإسلام الحكيم والمتكلم البليغ الّذي تعلّم اسلوب الدعوة المؤثر من رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) : أو تجلس فتسمع فان رضيت أمراً قبلته وان كرهته كفَّ عنك ما تكره؟

قال : أنصفتَ ثم ركّزَ حربته وجلس إليهما يستمع لقولهما فكلّمه مصعبٌ بالاسلام وقرأ عليه شيئاً من القرآن فأثّرت آياتُ القرآن وما قاله مصعب من المواعظ البليغة في نفسه حتّى عُرِفَ ذلك في إشراق وجهه وانفراج اساريره وشوقه فقال : ما احسن هذا الكلام واجمله؟! كيف تصنعون إذا اردتم أن تدخلُوا في هذا الدين؟ فقال مصعب وسعد له : تغتسل فتطهر وتغسل ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي.

فقام اسيد بن حضير الّذي حضر لقتل مصعب وسعد من عندهما مبتهجاً مسروراً فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهّد شهادة الحق ثم قام فركع ركعتين.

ثم قال لهما : ان ورائي رجلا إن اَتبعَكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وساُرسله إليكما الآن ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد بن معاذ الّذي كان ينتظر عودته على احر من الجمر فلما نظرإليه سعد وقومه وهم جالسون في ناديهم قال : أحلفُ باللّه لقد جاءكم اسيد بن حضير بغير الوجه الّذي ذهب من عندكم فلما وقف على النادي قال له سعد ما فعلت؟

قال : كلّمت الرجلين فواللّهِ ما رأيت بهما بأساً وقد نهيتُهما فقالا : نفعل ما احببتَ فغضب سعدٌ لذلك غضباً شديداً وأخذ الحربة من اسيد ثم خرج إلى مصعب واسعد ليقتلهما فلما رآهما سعد مطمئنين وقف عليهما متشتماً مهدداً اياهما ولكن مصعباً وزميله قابلا به بمثل ما قابلايه سابقه اسيد وجرى له ما جرى له فقد فعلت كلمات مصعب في نفسه فعلتها وخضع لمنطقه القوي وبيانه الساحِر وندم على ما قصد فعله وقال لمصعب نفس ما قاله اسيد واعتنق الإسلام واغتسل وتطهر وصلى ثم رجع إلى قومه وقال لهم : يا بني عبد الاشهل كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا : سيدنا وافضلنا راياً وايمننا نقيبةً.

قال : فان كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرامٌ حتّى تؤمنوا باللّه وبرسوله فالحمد للّه الّذي اكرمنا بذلك.

فلم يُمسِ في دار بني عبد الاشهل رجلٌ ولا إمرأة إلاّ مسلماً أو مسلمة وهكذا أسلم كلُّ قبيلة بني الأشهل قبل أن يروا النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) وأصبحوا من الدعاة إلى الإسلام والمدافعين عن عقيدة التوحيد لا بمنطق القوة انما بقوة المنطق .

ان في التاريخ الاسلامي نماذجَ كثيرة من هذا القبيل تدل على بطلان وتفاهة ما قاله أو روّجه المستشرقون حول أسباب تقدّم الإسلام وانتشاره فان العامل المعتمدَ في جميع هذه الموارد لم يكن المال والتطميع ولا السلاح والتهديد كما ادعى المستشرقون وان الذين اسلموا في هذه الحوادث والوقائع لاهم رأوا رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) ولا أنهم التقوا أو اتصلوا به بنحو من الانحاء انما كان السبب الوحيد هو : منطق الداعية الاسلامي القويّ وبيانه الساحر الجذاب فهُو الّذي كان يفعل في النفوس فعله العجيب خلال دقائق معدودة لا في نفس شخص واحد فحسب بل ربما في نفوس قبيلة بكاملها.

اجل انه المنطقُ القوي والكلام المبرهن والحجة البالغة لاسواها.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.