أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-5-2019
2830
التاريخ: 8-5-2019
4109
التاريخ: 30-4-2020
5574
التاريخ: 26-4-2019
1851
|
تعريف
"التاريخ دراسة للتطور البشري في جميع جوانبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والروحية، أياً كانت معالم هذا التطور وظواهره واتجاهاته".(1)
وكلمة التاريخ تعني "مجموعة الحوادث التي ظهرت في حياة البشرية".
وعلم التاريخ "هو ذلك الفرع من المعرفة الإنسانية الذي يستهدف جمع المعلومات عن الماضي وتحقيقها وتسجيلها وتفسيرها، فهو يسجل أحداث الماضي في تسلسلها وتعاقبها، ولكنه لا يقف عند تسجيل هذه الأحداث، وإنما يحاول - عن طريق إبراز الترابط بين هذه الأحداث وتوضيح علاقة السببية بينها - أن يفسر التطور الذي طرأ على حياة الأمم والمجتمعات والحضارات المختلفة، وأن يبين كيف حدث هذا التطور ولماذا حدث".(2)
أهمية دراسة التاريخ
يقول ابن خلدون: "اعلم أن فن التاريخ فن عزيز المذهب جم الفوائد شريف الغاية إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم والأنبياء في سيرهم والملوك في دولهم وسياستهم حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا".(3)
ويتساءل بعض الناس عن أهمية دراسة التاريخ!! أليس لدينا كتاب الله وسنة رسوله؟! وفيهما ما يغني عن دراسة التاريخ؟!
ولكي نجيب على هذا السؤال ينبغي أن ندرك حقيقة هامة. فالعلم في كتاب الله عز وجل علمان:
? علم بالكتاب.
? وعلم أشار إليه الكتاب.
فالعلم الذي في الكتاب - سواءً القرآن أو السنة - هو العلم المتعلق بالعبادات، وشكلها التفصيلي، والأوامر والنواهي عموماً.
ولكن كتاب الله عز وجل أشار إلى علم آخر. ليس مكان البحث في تفاصيله في الكتاب (القرآن والسنة). ويمكن أن نطلق عليه "علم أشار إليه الكتاب". يقول الله تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران: 137] (4). هذا العلم - الذي مكان تحصيله
واكتشاف قوانينه يتم عبر السير في الأرض، والنظر في أحوال الأمم - هو العلم المقصود الذي نتحدث عنه هنا. يقول تعالى في الآيات التالية للآية السابقة: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) } [آل عمران: 138 - 140] (5).
إن السير في الأرض وسيلة لاكتشاف القوانين. والقرآن يدلنا على مجال رحب لاكتشاف الظاهرة البشرية، واستخلاص العبر. ومعرفة هذه القوانين تجعل الإنسان صلباً في التعامل مع الأوضاع القائمة. فسياق الآيات يدل على أنها استخدمت في مجال الصراع. فهناك أناس مؤمنون يصيبهم القرح، وتدور عليهم الدائرة. والقرآن الكريم - بعد أن يأمرهم بالسير في الأرض - يخبرهم أن الآلام متبادلة بين كل البشر، وأن الأيام بين الناس دول.
يقول الله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53] (6). إن وظيفة المؤمن هي البحث عن هذه الآيات المنتشرة في الآفاق، حتى يكتشف حقائق الوجود. ولذلك يقول الله تعالى في آية أخرى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] (7). فالعلماء هم أهل الخشية، لعلمهم بهذه السنن المطروحة في الآفاق، ولرؤيتهم حقائق الكون وهي تسير وتتجانس مع ما أشار الله إليه سبحانه وتعالى.
إن دراسة التاريخ والبحث في السنن الكونية مطلب رباني. وهو مطلب عقلي أيضاً. فالتاريخ هو بيت الخبرة الإنسانية. ومن لا يعرف التاريخ يتعثر في مطبات كبيرة. أما من استفاد واتعظ ممن قبله، فحري به أن لا يجرب التجارب الفاشلة. وأن يزيد البناء لبنة.
يقول العلامة الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار في قول الله تعالى: { فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } [آل عمران: 137] (8)".. فيجب على الأمة في مجموعها أن يكون فيها قوم يبينون سنن الله في خلقه، كما فعلوا في غيرها من العلوم والفنون التي أرشد إليها القرآن بالإجمال، وبينها العلماء بالتفصيل، عملاً بإرشاده، كالتوحيد والأصول والفقه. والعلم بسنن الله تعالى من أهم العلوم وأنفعها. والقرآن يحيل إليه في مواضع كثيرة. وقد دلنا على مأخذه على أحوال الأمم، إذ أمرنا أن نسير في الأرض لأجل اجتلائها ومعرفة حقيقتها".(9) ويقول الشيخ محمد عبده: "ولا يُحتج علينا بعدم تدوين الصحابة لها، فإن الصحابة لم يدونوا غير هذا العلم من العلوم الشرعية التي وضعت الأصول والقواعد، وفرع منها الفروع والمسائل.. ولما اختلفت حال العصور اختلافاً احتاجت معه الأمة إلى تدوين علم الأحكام وعلم العقائد وغيرهما، كانت محتاجة إلى تدوين هذا العلم. ولك أن تسميه علم السنن الإلهية، أو علم السياسة الدينية، سمه بما شئت فلا حرج، فالحياة لم تخلق عبثاً، إنما خضعت لسنن وقوانين، وأمر البشر في اجتماعهم وما يعرب فيها من الصراع والتدافع الحضاري وما يتبع ذلك من الحرب والنزال والملك والسيادة والتداول الحضاري يجري على طريقة قويمة، وقواعد ثابتة، ومن سار على سنن الله ظفر بالفوز وإن كان ملحداً أو وثنياً، ومن تنكبها خسر وإن كان صديقاً أو نبياً. وعلى هذا يخرج انهزام المسلمين في أحد، وفي بداية معركة حنين، ويتخرج انهزامهم على الأصعدة المتعددة" (10).
مداخل التاريخ
إن استخدام التاريخ كأداة في الفعل القيادي ليس بجديد. فدارس التاريخ يلحظ أن اختيار الاستخدام الوظيفي له يتحكم في زوايا العرض.
ونعطي مثالاً على الاستخدامات المختلفة للتاريخ من خلال ما استعرناه من بعض ما طرحه أحمد القديدي(11) في مصطلحي "التاريخ الصغير" و"التاريخ الكبير".
مدخل التاريخ الصغير:
ويشمل أخبار البلاط والقصور، وما يدور فيها، والتركيز على عوامل الإثارة، والجنس، والنساء، والترف، والصراعات الكيدية، والصراعات الدموية في القصور، على اعتبار أن ذلك هو تاريخ أمّة من الأمم. في حين أنه يشكل حياة شريحة صغيرة من قمة الهرم. وغالباً ما يكون مثار السخط والاشمئزاز. ويعمل على تقزيم دور الأمة وتحطيم روحها المعنوية.
وتخيل لو أن شخصاً ركز على التاريخ الصغير في بريطانيا -على سبيل المثال. لينظر إلى القصر الملكي البريطاني، والمؤامرات وقتل النساء وقتل الرجال، وعمليات الإجرام التي كانت تتم في القصور حول الملك، ماذا يمكن أن ينطبع في ذهن هذا الشخص عن بريطانيا ؟!
مدخل التاريخ الكبير:
وهو إنجاز أمة من الأمم في مجال الإنجاز العسكري، والاقتصادي، والإنساني، والعلمي، والفكري، والاجتماعي، والقانوني، والقيمي، ودورها في خدمة البشرية. وهو الجزء الذي يشكل عطاء الغالبية العظمى من المجتمع في حقبةٍ ما. وهو الأمر الذي يؤكد هوية الأمة وقدراتها على العطاء وعبقريتها الخاصة.
وتلاحظ هنا المفارقة، ففي حين يقدم الغرب للأمم الشرقية تاريخ أوروبا من خلال التاريخ الكبير يتم الإصرار على تقديم تاريخ العالم الإسلامي من زاوية التاريخ الصغير الانتقائي وغير الموثق. وهو جهد تقوم به دوائر الاستشراق بتقنية عالية. ويترسم هذه الخطى بعض أبناء الأمة ممن درس على أيديهم.
استخدام التاريخ:
إن عرض التاريخ أداة خطيرة للقائد. فعندما يستخدم شخص التاريخ الصغير عند تعبيره عن حالة أمة معينة؛ يؤدي ذلك إلى الإحساس بالتهميش، والضعف، والعجز الخلقي، وما إلى ذلك. فهو يستخدمه كأداة للتحطيم النفسي.
وعندما يستخدم شخص التاريخ الكبير فإنه يقوم بعملية بعث نفسي. وانظر إلى الكتابات المنتشرة حولك. فحين يريد الكاتب أن يرفع شأن أمة من الأمم يستخدم التاريخ الكبير، وعندما يلبس النظارة السوداء يستخدم التاريخ الصغير، ويقوم بعملية الهدم.
إن استخدام التاريخ - حسب الاستخدام المنتشر - ليس استخداماً حيادياً، بل يؤدي دوراً وظيفياً في عملية الصراع والتدافع في المجتمعات المختلفة.
إننا أمام ملف ضخم يجب على القادة أن ينظروا فيه، وأن يفهموه جيداً. ماذا يختارون من التاريخ ليعرضوه؟! أي المداخل يستخدمونها؟! ما الغرض من الاستخدام؟! و لا نتحدث هنا عن النظرة المجردة والمتعلقة بالتوازن والاعتدال والموضوعية والحياد وما إلى ذلك. نحن نتكلم عن الواقع المعاش، وكيفية استخدام هذه الأدوات استخدامات مختلفة وفي ظروف مختلفة.
__________
(1) دكتور رأفت غنيمي الشيخ، فلسفة التاريخ.
(2) المصدر نفسه.
(3) مقدمة ابن خلدون.
(4) سورة آل عمران: 137
(5) سورة آل عمران: 138: 141
(6) سورة فصلت: 53
(7) سورة فاطر: 28
(8) سورة النحل: 36
(9) انظر تفسير المنار للعلامة محمد رشيد رضا. المجلد الأول.
(10) المصدر نفسه.
(11) أستاذ الإعلام بجامعة قطر والذي تولى مسؤوليات سياسية في تونس. حيث كان عضواً في البرلمان. واختار سنة 1986م المنفى مع صديقه محمد مزالي الذي كان رئيسا للحكومة من أجل التطور الديمقراطي في تونس. صدر للدكتور القديدي مجموعة من الكتب تهتم بالمشروع الحضاري الإسلامي باللغة العربية والفرنسية.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|