المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24

Antoine,s Horned Sphere
10-8-2021
حجية خبر الواحد
18-8-2016
المنظور الجيوبولتيكي للعولمة
25-4-2020
أهمية الصفحات الداخلية في الصحافة
12/10/2022
تأين بالتصادم collision ionization
21-5-2018
Architect
3-1-2016


بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر  
  
389   07:03 مساءً   التاريخ: 2024-11-01
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ج2، ص300-307
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /

قصة افترائهم أن النبي « صلى الله عليه وآله » مسحور

كتبنا في ألف سؤال وإشكال : 2 / 211 : « قال الله تعالى : وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إلا رجلاً مَسْحُوراً . وقالت عائشة لقد سُحِر النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأثَّر عليه السحر ، فكان يتخيل أنه فعل الشئ ولم يفعله ! وزعمت أن يهودياً سَحَره فأخذ مشطه وبعض شَعره وجعل فيه سحراً ودفنه في بئر ! وأنه ( صلى الله عليه وآله ) فقد حواسه وذاكرته وبقى على تلك الحالة ستة أشهر مسحوراً ! حتى دلَّهُ رجلٌ أو ملَك على الشخص الذي سحره والبئر التي أودع فيها المشط والمشاطة من شعره ! فذهب إلى البئر ، ولكنه لم يستخرج المشط منها أو استخرجه ، وفكَّ عقد خيط الجلد الذي لُفَّ به ، وأمر بدفن البئر ، ولم يقتل الذي سحره ، لأنه لم يرِدْ أن يثير فتنة !

روى البخاري هذه الخرافة في صحيحه عن عائشة في خمسة مواضع ! منها في : 4 / 91 : « عن عائشة قالت : سُحِرَ النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! وقال الليث كتب إلى هشام أنه سمعه ووعاه عن أبيه ، عن عائشة قالت : سُحر النبي ( صلى الله عليه وآله ) حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشئ وما يفعله ، حتى كان ذات يوم دعا ودعا ، ثم قال : اُشْعِرتُ أن الله أفتاني فيما فيه شفائي . أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي فقال أحدهما للآخر : ما وجعُ الرجل ؟ قال : مَطْبُوب ! قال : ومن طَبَّهُ ؟ قال : لبيد بن الأعصم . قال : في ماذا ؟ قال : في مشط ومشاقة وجف طلعة ذكر ! قال : فأين هو ؟ قال : في بئر ذِروان ! فخرج إليها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثم رجع فقال لعائشة حين رجع : نخلها كأنها رؤوس الشياطين ! فقلت : استخرجتهُ ؟ فقال : لا ، أما أنا فقد شفاني الله ، وخشيتُ أن يثير ذلك على الناس شراً ، ثم دُفِنَتْ البئر » !

وفي : 4 / 68 : « سُحر حتى كان يخَيلُ إليه أنه صنع شيئاً ولم يصنعه » !

وفي : 7 / 88 : « مكث النبي كذا وكذا ، يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتي » !

وفي : 7 / 29 : « كان رسول الله سُحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ! قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا » !

وكرر بخارى ذلك بروايات متعددة : 7 / 28 و 164 . وروته عامة مصادرهم !

وقال ابن حجر في مدة بقاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسحوراً مجنوناً معاذ الله !

« ووقع في رواية أبى ضمرة عند الإسماعيلي : فأقام أربعين ليلة ، وفى رواية وهيب عن هشام عند أحمد : ستة أشهر ويمكن الجمع بأن تكون الستة أشهر من ابتداء تغير مزاجه ، والأربعين يوماً من استحكامه ! وقال السهيلي : لم أقف في شئ من الأحاديث المشهورة على قدر المدة التي مكث النبي فيها في السحر حتى ظفرت به في جامع معمر عن الزهري أنه لبث ستة أشهر ! كذا قال . وقد وجدناه موصولاً بإسناد الصحيح فهو المعتمد » . فتح الباري : 10 / 192 .

أقول : يقصد السهيلي ما في مسند أحمد : 6 / 63 : « عن عائشة قالت : لبث رسول الله ستة أشهر يرى أنه يأتي نساءه ، ولا يأتي » !

ثم تقرأ تفاصيلهم العامية عن فريتهم في سحر النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأن صبياً يهودياً سرق مشط النبي ( صلى الله عليه وآله ) وشيئاً من شعره وأعطاها إلى اليهودي لبيد الأعصم ، فجعل معها خيطاً من جلد وعقده اثنتي عشرة عقدة ، أو أحد عشرة عقدة ، ثم قرأ عليها السحر ولفَّ الجميع في قماشة ، ثم دفنها تحت صخرة بئر ذروان الذي يقع خارج المدينة ، وكان ماؤها بسبب السحر أحمر كالحنَّاء ، وكان النخل الذي يسقى منها طلعه كأنه رؤوس الشياطين !

ثم بعد ستة أشهر قضاها سيد الأنبياء والمرسلين ( صلى الله عليه وآله ) مريضاً مسحوراً نصف مجنون ! دلَّه الملك على البئر فذهب إليها ، أو أرسل علياً والزبير ، فاستخرجوا المشط وفكوا عقد الخيط ، فشفى النبي ( صلى الله عليه وآله ) من السحر ! راجع المجموع : 12 / 243 .

ثم اقرأ تأكيد ابن حجر على تأثير السحر على حواس النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبعض عقله ! قال : « قوله : حتى كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يخيل إليه أنه كان يفعل الشئ وما فعله . قال المازري : أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها ، قالوا : وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل ، وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع ، إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثمَّ ، وأنه يوحى إليه بشئ ولم يوح إليه بشئ !

قال المازري : وهذا كله مردود ، لأن الدليل قد قام على صدق النبي ( صلى الله عليه وآله ) فيما يبلغه عن الله تعالى ، وعلى عصمته في التبليغ ، والمعجزات شاهدات بتصديقه ، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل . وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ، ولا كانت الرسالة من أجلها . . . فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض ، فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له ، مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين !

قلت : وهذا قد ورد صريحاً في رواية ابن عيينة في الباب الذي يلي هذا ولفظه : حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، وفى رواية الحميدي أنه يأتي أهله ولا يأتيهم . . . وقال عياض : يحتمل أن يكون المراد بالتخيل المذكور أنه يظهر له من نشاطه ما ألفه من سابق عادته من الاقتدار على الوطأ ، فإذا دنا من المرأة فَتَرَ عن ذلك ، كما هو شأن المعقود ، ويكون قوله في الرواية الأخري : حتى كاد ينكر بصره ، أي صار كالذي أنكر بصره ، بحيث أنه إذا رأى الشئ يخيل أنه على غير صفته فإذا تأمله عرف حقيقته . ويؤيد جميع ما تقدم أنه لم ينقل عنه في خبر من الأخبار أنه قال قولاً فكان بخلاف ما أخبر به » . انتهي .

وقال المقريزي في إمتاع الأسماع : 1 / 306 : « وفى محرم سنة سبع سحر لبيد بن الأعصم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على مال جعله له من بقي بالمدينة من اليهود والمنافقين » .

وقال في الإمتاع : 8 / 43 : « وفى جامع معمر بن راشد عن الزهري قال : سحر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سنة يخيل إليه أنه يفعل الفعل وهو ( صلى الله عليه وآله ) لا يفعله . .

وقال ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر ، حدثني أبو مروان ، عن إسحاق ابن عبد الله ، عن عمر بن الحكم قال : لما رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الحديبية في ذي الحجة ودخل الحرم ، جاءت رؤساء يهود الذين بقوا بالمدينة ، ممن يظهر الإسلام ، وهو منافق ، إلى لبيد بن الأعصم اليهودي ، وكان حليفاً في بنى زريق ، وكان ساحراً ، قد علمت ذلك يهود أنه أعلمهم بالسحر وبالسموم ، فقالوا له : يا أبا الأعصم ، أنت أسحر منا ، وقد سحرنا محمداً فسحره منا الرجال والنساء ، فلم نصنع شيئاً وأنت ترى أثره فينا وخلافه ديننا ومن قتل منا وأجلي ، ونحن نجعل لك على ذلك جعلاً على أن تسحره لنا سحراً ينكره ، فجعلوا له ثلاثة دنانير على أن يسحر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فعمد إلى مشط وما يمشط من الرأس من الشعر ، فعقد فيه عقداً ، أو تفل فيه تفلاً ، وجعله في جب طلعة ذكر ، ثم انتهى به حتى جعله تحت أرعوفة البئر ، فوجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أمراً أنكره ، حتى يخيل إليه أنه يفعل الشئ ولا يفعله ، وأنكر بصره حتى دله الله عليه ، فدعا جبير بن إياس الزرقي ، وقد شهد بدراً ، فدله على موضع في بئر ذروان ، تحت أرعوفة البئر ، فخرج جبير حتى استخرجه ثم أرسل إلى لبيد بن الأعصم ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ فقد دلني الله على سحرك وأخبرني ما صنعت ، قال : حب الدنانير يا أبا القاسم .

قال إسحاق بن عبد الله : فأخبرت عبد الرحمن بن كعب بن مالك بهذا الحديث فقال : إنما سحره بنات أعصم أخوات لبيد وكن أسحر من لبيد وأخبث ، وكان لبيد هو الذي ذهب به ، فأدخله تحت أرعوفة البئر ، فلما عقدوا تلك العقد أنكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تلك الساعة بصره ، ودس بنات أعصم إحداهن ، فدخلت على عائشة رضي الله عنها فخبرتها عائشة ، أو سمعت عائشة تذكر ما أنكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من بصره ، ثم خرجت إلى أخواتها وإلى لبيد فأخبرتهم ، فقالت إحداهن : إن يكن نبياً فسيخبر ، وإن يكن غير ذلك فسوف يدله هذا السحر حتى يذهب عقله ، فيكون بما نال من قومنا وأهل ديننا ، فدله الله عليه .

قال الحارث بن قيس : يا رسول الله ألا نهور البئر ؟ فأعرض عنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فهورها الحارث بن قيس وأصحابه وكان يستعذب منها . قال : وحفروا بئرا أخرى فأعانهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حفرها حين هوروا الأخرى التي سحر فيها ، حتى أنبطوا ماءها ثم تهورت بعد . ويقال : إن الذي استخرج السحر بأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قيس بن محصن » .

رد علمائنا لهذه الفرية

أقول : هذا بعض كلامهم الطويل العليل الذي يريدون به أن يقنعوك به بأن نبيك ( صلى الله عليه وآله ) كان لمدة ستة أشهر مسحوراً ، وأنه مرض من ذلك وانتثر شعر رأسه ، وصار أقرع أو كالأقرع ، وصار يذوب ولا يدرى ما عراه ! وكان يتصور أنه يرى شيئاً وهو لا يراه ، ويتصور أنه أكل ولم يأكل ، وأنه نام مع زوجته ولم يفعل !

ثم يريدون أن يطمئنوك بأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بخير وعافية ، فالسحر قد تسلط على جسده وظواهر جوارحه ، أي على قسم من عقله وليس على جميعه !

ويقولون لك نعم إن نبيك ( صلى الله عليه وآله ) معصوم لا ينطق عن الهوي ، لكن عصمته إنما هي في تبليغه الرسالة فقط ! أما في غير التبليغ فقد يصاب بالسحر وبالجنون ، فيفقد التمييز في الأمور الدنيوية التي لم يبعث من أجلها ! ومنها استخلاف من يقود المسلمين بعده ! وكل دليلهم على ذلك أن عائشة قالته ، ولو خالف القرآن !

لقد فاقت القرشيات بافترائها على النبي ( صلى الله عليه وآله ) كل ما افترته الإسرائيليات على أنبيائهم « عليهم السلام » ! ولذا قال ( صلى الله عليه وآله ) : « ما أوذى نبي مثل ما أوذيت » !

وقد رد هذه الفرية علماء الشيعة ، وتجرأ على ردها معهم بعض علماء السنة !

قال الطوسي في تفسير التبيان : 1 / 384 : « ما روى من أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) سُحِر وكان يرى أنه يفعل ما لم يفعله ، فأخبار آحادٍ لا يلتفت إليها ، وحاشا النبي ( صلى الله عليه وآله ) من كل صفة نقصٍ ، إذ تنفر من قبول قوله لأنه حجة الله على خلقه وصفيه من عباده ، اختاره الله على علم منه ، فكيف يجوز ذلك مع ما جنبَّه الله من الفظاظة والغلظة وغير ذلك من الأخلاق الدنيئة والخلق المشينة ؟ !

ولا يجوِّز ذلك على الأنبياء « عليهم السلام » إلا من لم يعرف مقدارهم ولايعرفهم حقيقة معرفتهم ، وقد قال الله تعالى : وَاللهُ يعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ، وقد أكذب الله من قال : إِنْ تَتَّبِعُونَ إلا رجلاً مَسْحُوراً . فنعوذ بالله من الخذلان » .

وقال ابن إدريس في السرائر : 3 / 534 : « والرسول ( صلى الله عليه وآله ) ما سُحِر عندنا بلا خلاف لقوله تعالي : وَاللهُ يعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ، وعند بعض المخالفين أنه سُحر » !

قال في الصحيح من السيرة : 16 / 225 : « وزعموا : أنه في شهر محرم من السنة السابعة وقيل سنة ست : سحر رسول الله . فعن عائشة قالت : سُحر رسول الله حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن . قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان ! وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال : إنما سحره بنات أعصم أخوات لبيد ، وكان لبيد هو الذي ذهب به فأدخله تحت راعوفة البئر . ودس بنات أعصم إحداهن فدخلت على عائشة ، فسمعت عائشة تذكر ما أنكر رسول الله من بصره ! ثم خرجت إلى أخواتها بذلك فقالت إحداهن : إن يكن نبياً فسيخبَّر ، وإن كان غير ذلك فسوف يدْلِهُهُ هذا السحر ، فيذهب عقله ، فدله الله عليه ! وقد مرض من سحرهن له حتى إنه لم يقدر على قربان أهله ستةأشهر ، وذكر الستة والأربعين يوماً في الوفاء ! وعن الزهري : أنه لبث سنة ! وفى بعض الروايات : أن سِحْرَ يهود بنى زريق حبس النبي عن خصوص عائشة : سنة !

بل في بعضها : فأقام رسول الله لا يسمع ولا يبصر ، ولا يفهم ، ولا يتكلم ، ولا يأكل ولا يشرب . . ! فهل يمكن أن يكون هذا حال من وصفه الله تعالى بأنه : وَمَا ينطِقُ عَنِ الهَوَي ، إِنْ هُوَ إِلا وَحْى يوحَي ؟ !

وقد ذكرت الروايات المتقدمة : أن شعر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد انتثر بواسطة السحر . . وهذا أمر عجيب وغريب لم نعهده في سحر الساحرين ، ولا قرأناه في تاريخ هذا النبي الأمين ( صلى الله عليه وآله ) ، فلو كان ذلك قد حصل فعلاً لاعتبره المؤرخون مفصلاً تاريخياً في حياته ( صلى الله عليه وآله ) ! إننا لا نشك في كذب هذه الروايات ، ونعتقد أنها من مجعولات أعداء هذا الدين » .

أقول : أصل المشكلة عندهم أنهم يقبلون كلام عمر وعائشة والبخاري حتى لو خالف القرآن والقطعى من السنة ، ولايسمحون لأنفسهم ولا لأحد أن ينتقده ويرده ! وقد أوقعهم ذلك في مشكلات عديدة في العقائد والفقه ! تورطوا فيها وما زالوا دون أن يجرأ أحد منهم على القول : معاذ الله ، إنها تهمة الكفار لنبينا ( صلى الله عليه وآله ) وقد برَّأه الله منها ، فإن صحت عن عائشة فهي من خيالاتها !

وقد استنكر الله تعالى تهمة الكفار ، فقال : نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يسْتَمِعُونَ إِلَيكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلاً مَسْحُورًا . اُنْظُرْ كَيفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً . الإسراء : 46 - 48 .

فما الفرق بين قول هؤلاء وقول عائشة : « حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشئ وما يفعله » ؟ أليس هذا الجنون بعينه ! وإن قبلوه في النبي ( صلى الله عليه وآله ) فمن يضمن أن يكون الله تعالى أنزل عليه وحياً وأوامر فتصور أنه بلغ ذلك ولم يبلغه !

ثم متى كانت هذه الحادثة ؟ في السنة السادسة أو السابعة ؟ وكل حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وسنواتها وأيامها مشهودة منظورة ، وكيف لم يعرف ذلك إلا عائشة ؟ !

فبعد رجوعه ( صلى الله عليه وآله ) من الحديبية في ذي الحجة راسل ملوك العالم ، ودخلت السنة السابعة فغزا خيبر ، ثم اعتمر عمرة القضاء ، ثم كانت غزوة مؤتة . فمتى كانت حادثة السحر المزعومة !

ثم كيف يعتقدون بالقدرات الخارقة للسحر وتأثيره على الناس والمؤمنين والأنبياء « عليهم السلام » ! وإذا صح ذلك ، فلماذا لم يصِر السَّحَرَة حكام الأرض ؟ !

هذا ، ولا نطيل في تحليل كلام عائشة ففيه دلالات ليست في مصلحتها !

رد بعض علماء السنيين لهذه الفرية

وممن تجرأ ومال إلى موافقتنا في ردها : النووي في المجموع : 19 / 242 ، قال : « وأكتفى بهذا القدر من أحاديث سحر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) . . تنبيه : قال الشهاب بعد نقل التأويلات عن أبي بكر الأصم أنه قال : إن حديث سحره ( صلى الله عليه وآله ) المروى هنا متروكٌ لما يلزمه من صدق قول الكفرة أنه مسحور ، وهو مخالف لنص القرآن حيث أكذبهم الله فيه . ونقل الرازي عن القاضي أنه قال : هذه الرواية باطلةٌ ، وكيف يمكن القول بصحتها والله تعالى يقول : وَاللهُ يعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ، وقال : وَلا يفْلِحُ السَّاحِرُ حَيثُ أَتَي . ولأن تجويزه يفضى إلى القدح في النبوة ، ولأنه لو صح ذلك لكان من الواجب أن يصلوا إلى ضرر جميع الأنبياء « عليهم السلام » والصالحين ، ولقدروا على تحصيل الملك العظيم لأنفسهم ! وكل ذلك باطل .

وكان الكفار يعيرونه بأنه مسحور ، فلو وقعت هذه الواقعة لكان الكفار صادقين في تلك الدعوى ، ولحصل فيه ( عليه السلام ) ذلك العيب ، ومعلوم أن ذلك غير جائز » !




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.