المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

اكتشاف الكالسيوم
20-4-2018
طبيعة نظام الحكم في موريتانيا
2023-07-06
Comparison of the Concentration Scales
24-6-2017
Octagonal Pentagonal Number
20-12-2020
موقف التشريعات المقارنة من وقت تقدير الأعيان الموصى بها ووقت انتقال ملكيتها
2023-05-27
Demethylated Methionine
15-1-2018


العَودةُ من الحبشة  
  
3142   03:16 مساءً   التاريخ: 28-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص460-462.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد البعثة /

قلنا في ما مضى أنَّ المجموعة الاُولى من المهاجرين رجَعت من الحبشة إلى مكة لأنباء بلغتها عن إسلام قريش عامة وانضوائها تحت راية الإسلام.

حتّى إذا دنوا من مكة بلغهم أنما كانوا تحدّثوا به من إسلام اهل مكة كان باطلاً فلم يدخل منهم إلى مكة إلاّ قليل دخلوها مستخفين أو في جوار بعض الشخصيات القرشية بينما عاد الأكثرون من حيث جاؤوا.

وكان ممن دخل مكة بجوار عثمان بن مظعون الّذي دخلها بجوار الوليد بن المغيرة ولكنه كان يشاهد ما فيه أصحابُ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) من البلاء والعذاب وهو يغدو ويروح في امان فتألّم لذلك ولم تطِق نفسه تحمُّلَ هذا الفَرق وقال : واللّه إن غدوّي ورواحي آمناً بجوار رجل من أهل الشرك وأصحابي وأهلُ ديني يلقَون من البلاء والأذى في اللّه ما لا يصيبني لنقصٌ كبير في نفسي فمشى إلى الوليد بن المغيرة وردَّ عليه جواره ليواسي المسلمين ويشاركهم في آلامهم ومتاعبهم وقال : يا أبا عبد شمس وفَت ذِمّتُك قد رَددْتُ إليك جوارَك.

قال : لِمَ يابن أخي؟ لعلَّه آذاك أحدٌ من قومي؟

قال : لا ولكني أرضى بجوار اللّه ولا اُريد أن أستجير بغيره.

فقال الوليد له : إذن فاردُد عليّ جواري علانية كما أجرتُك علانيةً.

فانطلقا فخرجا حتّى أتيا المسجدَ فقال الوليدُ مخاطباً من حضر مِن قريش : هذا عثمان قد جاء يردُّ عليّ جواري.

قال : صدق قد وجدتُه وفيّاً كريمَ الجوار ولكنّي قد احببتُ أن لا استجيرَ بغير اللّه فقد رردتُ عليه جواره .

ثم لم يمض شيء مِنَ الوقت حتّى دخَلَ المسجدَ لبيد وكان شاعراً متكلِّما بارزاً من شعراء العرب ومتكلّميها ووقف في مجلس من قريش ينشدهم و عثمان بن مظعون جالس معهم فقال مِن جملة ما قال شعراً : ألا كلُ شيء ما خلا اللّه باطلُ .

فقال عثمان بن مظعون : صدقتَ فقال : لبيد : وكلُ نعيم لا محالة زائلُ .

قال عثمان : كذبت نعيمُ الجنة لا يزول فاستثقل لبيد تكذيب عثمان وتحدّيه له في ذلك الجمع فقال : يا معشر قريش واللّه ما كان يؤذى جليسُكم فمتى حدث هذا فيكم؟؟

فقال رجلٌ مِن القوم : إنَّ هذا سفيه في سفهاء معه قد فارقوا ديننا فلا تجدنَ في نفسكَ من قوله.

فردّ عليه عثمان حتّى تفاقم الأمر بينهما فقام إليه ذلك الرجلُ فلطم عينه فخضّرها ( واصابها ) والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ عثمان فقال : أما واللّه يا ابن أخي إن كانت عينُك عَمّا أصابها لغنيّة لقد كنت في ذمة منيعة وهو يريد أنك لو بقيت في ذمتي وجواري لما اصابك ما أصابك.

فقال عثمان رادّاً عليه : بل واللّه إن عيني الصحيحة لفقيرةٌ إلى مِثل ما أصابَ اُختَها في اللّه واني لفي جوار من هو أعزُّ منكَ واقدرُ يا أبا عبد شمس.

فقال له الوليد : هلمّ يا ابنَ أخي إن شئت فعُد إلى جوارك فقال ابنُ مظعون : لا .

وكانت هذه صورةٌ رائعةٌ من صور كثيرة لصمود المسلمين وتفانيهمْ في سبيل العقيدة وإصرارهم على النهج الّذي اختاروه ومواساة بعضهم لبعض في أشدّ فترة من فترات التاريخ الإسلامي.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.