أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2014
3460
التاريخ: 4-5-2017
3063
التاريخ: 28-4-2017
3168
التاريخ: 22-4-2017
3110
|
يشرع العقلاء من الناس من اصحاب البرامج الواسعة والمشاريع الكبرى اعمالهم الكبرى ـ عادة ـ من بدايات صغيرة ونقاط محددة فإذا حقّقوا نجاحاً في هذه البدايات بادروا إلى توسيع نطاق نشاطهم فوراً وهكذا جنباً إلى جنب مع النجاحات الّتي يحقّقونها في كل خطوة يوسّعون دائرة العمل ويجتهدون في تحقيق المزيد من النجاح والتكامل لما هم بصدده.
ولقد سأل أحد الشخصيات زعيماً في دولة كبيرة من الدول الكبرى المعاصرة : ما هو سرّ نجاحكم في الاعمال الإجتماعية وما هو الأمر الّذي يساعدكم على النجاح في مشاريعكم؟
فأجابه ذلك الزعيم قائلا : ان طريقة عملنا نحن الغربيّين تختلف عن طريقتكم انتم أهل الشرق فنحن دائماً نخطّطُ لمشاريع كبرى ونبدأ من مكان صغير وبعد إحراز النجاح نعمد إلى توسيع نطاق العمل وإذا اكتشفنا في منتصف الطريق خطأ برنامجنا غيّرنا اُسلوب عمَلنا وعَدلنا إلى طريقة اُخرى وبدأنا بعمل آخر.
أما أنتم الشرقيون فتدخلون ساحةَ العمل في برامجكم الكبرى من مكان كبير وتبدأون من نقطة واسعة وتحاولون تطبيق مشروعكم جملة واحدة فاذا واجهتم في خلال العمل طريقاً مسدودة لم يكن في إمكانكم ان ترجعوا من منتصف الطريق إلاّ بتحمل خسائر كبرى فادحة.
هذا مضافاً إلى ان أنفسكم كأنها قد عُجنت بالعجلة ولذلك تودُّون قطفَ ثِمار جهودكم ونتيجة عملكم في الحال دونما صبر وترقّب وانتظار وهذه هي بنفسها طريقة تفكير إجتماعيّة خاطئة من شأنها أن تجعل الإنسان أمام طُرق مسدودة كثيرة وغريبة.
هذا ما قاله ذلك الغربيّ.
ولكن الّذي نتصوره ونعتقده نحن هو : أن هذه الطريقة من التفكير لا ترتبط لا بالشرق ولا بالغرب بل هي ميزة العقلاء الاذكياء من الناس فانهم يعتمدون هذا الاُسلوب لا نجاح مهامّهم وتحقيق مقاصدهم.
ولقد اتبع قائد الإسلام الاكبر الرسول الاعظم (صـلى الله علـيه وآله) هذه الطريقة في عمله الرسالي فركّز جهدَه على الدعوة السرّية إلى دينه مدة ثلاثة أعوام من دون تعجُّل وكان يعرضُ دينه على كل من وجده أهلا للدعوة ومستعدّاً من الناحية الفكرية للتبليغ. فرغم أنّه كان يهدف إلى تشكيل دولة عالمية كبرى ينضوي تحت لوائها ( لواء التوحيد ) جميع أفراد البشرية إلاّ أنه لم يعمد إلى الدعوة العامة طيلة هذه الأعوام الثلاثة بل لم يوجّه الدعوة الخاصة حتّى إلى أقاربه إنّما اكتفى بالاتصال الشخصي بمن وجده مؤهلا وصالحاً للدعوة ومستعدّاً لقبول الدِّين حتّى أنّه استطاع في هذه الأعوام الثلاثة أن يكسب فريقاً من الأتباع من الذين اهتدوا إلى دينه وقبِلُوا دعوته.
وقد كان زعماء قريش ـ كما اسلَفنا ـ منهمكين طوال هذه الأعوام الثلاثة في اللذّة والهوى وكان فرعون مكة وطاغيتها : أبو سفيان وجماعته كلما سَمِعوا بالدَّعوة اطلقوا ضحكة استهزاء وقالوا لأنفسهم : إنّها أيّام وتنطفئ بعدها شعلة الدعوة هذه فوراً تماماً كما انطفأت من قبل دعوة ورقة و اميّة ( الَّلذين أخَذا يحبّذان إلى العرب التوجه نحو المسيحية ونبذَ الوثنية بعد أن قرءا الانجيل والتوراة ) وبالتالي لن يمرّ زمانٌ حتّى يُنسى هذا الاُمر ويغدو خبراً بعد أثر بل لا شيء يُذكر.
بهذا التصوّر وبهذه العقليّة واجَهت زعامة مكة دعوة النبي في البداية ولهذا لم يقم زعماء قريش خلال هذه السنوات الثلاث بأيّ عَمل عدائيّ ضدّ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بل ظلّوا ينظرون إليه بنظر الإحترام ويُراعون معه قواعد الأدب والسلوك وكان النبيّ هو أيضاً لا يتعرض لأصنامهم وآلهتهم في هذه الأعوام الثلاثة بسوء ولا يتناولها بالنقد والاعتراض بصورة علنية بل كان مركّزاً جهده على الاتصال الشخصي بذوي البصائر من الأشخاص وهدايتهم إلى دينه الحنيف.
ولكن منذ أنْ بدأ النبيُّ دعوة الأقربين وأخذ ينتقد وثنيّتهم ويذكر أوثانهم بسوء ويعترض على تصرفاتهم اللاإنسانية أصبح حديث الألسن. ومنذ ذلك اليوم ايضاً بدأت يقظة قريش وعرفوا أمر محمَّد يختلف عن أمر ورقة و اُميّة اختلافاً بيناً وانه لبين الدعوتين فرقا كبيراً ولهذا بدأت المعارضة والمخالفة السرّية والعلنية لدعوة النبيّ.
وقد بدأ النبي (صـلى الله علـيه وآله) بكسر جدار الصمت بدعوة أقربائه إلى دينه ثم شرع بعد ذلك بدعوة الناس أجمعين.
على أنه ما من شك في أنّ الاصلاحات العميقة الّتي يراد لها ان تترك أثراً في جميع شؤون الناس وكل مناحي حياتهم وتغيّر مسير المجتمع تحتاج قبل أيّ شيء إلى قوتين :
1 ـ قوةُ البيان بأن يستطيع الداعية والمصلح بيان الحقائق الّتي جاء بها من أفكاره الخاصة أو ما تلقّاه عن طريق آخر إلى الناس بأسلوب جذاب يأسر القلوب ويسحر العقول.
2 ـ القوةُ الدفاعيةُ الّتي يستطيع تشكيل خطّ دفاعي منها عند التعرض لهجوم الأعداء والخصوم وفي غير هذه الصورة ستنطفئ شعلة الدعوة ويفشل المصلح في خطاه الاُولى.
ولقد كان البيان لدى رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) في أعلى مرتبة من الكمال فكان قادراً كأقوى خطيب على بيان تعاليم دينه للناس في غاية الفصاحة والبلاغة.
ولكنه كان يفتقر في الأيام الاُولى من دعوته إلى عنصر ( القوة الثانية ) أي ( القوة الدفاعية ) الرادعة الحامية لأنه استطاع في السنوات الثلاث الاُولى من رسالته أن يضم إلى دعوته قرابة أربعين شخصاً وذلك في الظروف السرّية الشديدة ولا ريب ان تلك القلة القليلة من الاتباع لم تكن قادرة على أن تتولّى مسؤولية الدفاع عن النبي (صـلى الله علـيه وآله) وحماية رسالته.
من هنا عَمَد رسولُ اللّه (صـلى الله علـيه وآله) وبهدف تحصيل القوّة الدفاعية المطلوبة وتشكيل النواة المركزية إلى دعوة أقربائه إلى دينه قبل التوجّه بالدعوة إلى عامة الناس ليتمكَّن من هذا الطريق أن يزيل النقصَ من جهة عدم وجود القوة الثانية ويكوّن منهم سياجاً قوياً يحفظه ويحفظ رسالته من الأخطار المحتملة.
على أن فائدة هذه الدعوة كانت على الأقل دفع أبناء عشيرته إلى الدفاع عنه بدافع القربى والرحم على فرض انهم لم يؤمنوا برسالته ولم يقبلوا دعوته.
هذا مضافاً إلى انه (صـلى الله علـيه وآله) كان يعتقد ان أي إصلاح وتغيير لابد أن يبدأ من إصلاح الداخل وتغييره فما لم يستطع الإنسان من إصلاح أبنائه واقربائه وردعهم عن قبائح الأفعال لا يمكن لدعوته أبداً أن تؤثر في الأجانب والأبعدين لأنَّ المناوئين سيعترضون عليه لدعوته في هذه الحالة ويشيرون إلى أفعال أبنائه وعشيرته.
من هنا أمره اللّه تعالى بأن يدعو عشيرته الأقربين إذ خاطبه قائلا : {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214].
كما أنه خاطبه بصدد دعوة الناس عامّة بقوله : {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 94، 95] .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|