أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2017
2426
التاريخ: 24-7-2021
4170
التاريخ: 27-3-2016
2624
التاريخ: 22-3-2016
2690
|
لأجل الإحاطة بمعنى التجاوز لابد من بيان معناه اللغوي والشرعي والاصطلاحي .
أولا" : التجاوز لغةً
الاجتياز في اللغة السلوك ، يقول جزت الموضع جوازا" أي سلكته وسرت فيه(1) . وتجاوز بهم الطريق وجاوزه جوازا" ، خلفه كما في قوله تعالى } وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْر){2) ويقال انه التجاوز عن الذنوب ومحوها ، أي دفع الله سبحانه وتعالى الأسقام والبلايا عن العبد(3). أو هو التعدي او النفاذ او الحدة او المضاء . وهذا كله ادنى الى التعدي ، والغلو من الجريان او السلوك ، يقول نفذت الطعنة أي جاوزت الجانب الآخر (4) .
ثانيا" : التجاوز شرعا"
أختلف فقهاء الشريعة الاسلامية في تحديدهم لمفهوم مصطلح التجاوز، فتارة يريدون به تعدي حدود الشيء او الخروج عليه ، وتارة يريدون به العفو والتسامح عن الذنوب والخطايا ، وأكثر من ذلك نجد ان الفقيه نفسه يتبع ذات الاسلوب في مؤلفه الواحد. فيقول الطوسي ( إذا جنى جاني على يد عبد غيره في حال الرق . . . فأنه يجب على الجاني في حال الرق ثلث قيمة العبد وقت جنايته ، مالم يتجاوز ثلث الدية ، فان تجاوز وجب عليه ثلث الدية)(5) ثم يقول في مصباح المجتهد ( اللهم تجاوز عن خطيئتي وتصفح عن جرمي)(6) . ويقول النووي عن ابن ماجه ان رسول الله (ص)Å قال ( أن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه )(7) ، وفي موضع آخر يقول ( اذا بدر من الزوج أو الزوجة نشوز اسكنوا الى حاكم فاذا تجاوز الأمر حده الى التشاتم أو الضرب بعث الحاكم حكمين ليجمعا بينهما أو يفرقا )(8) .
وقول الحطاب ( ان الله قد تجاوز لأمة نبيه عن الخطأ والنسيان )(9) ، وفي الغصب يقول الحطاب ( ان الشيء المثلي المغصوب يقوم بقيمته يوم غصبه وهو تجاوز الحد في الظلم ويعني انه يضمن القوم ولو كان الغاصب قتل المغصوب تعديا" )(10) .
وفي باب دخول مكة يقول الشيخ المفيد ( اللهم تجاوز عن خطيئتي وان تضع عني وزري ، .. وفي موضع آخر يقول اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم انك انت الأعز الأكرم )(11).
وعن ابو ولادة عن الإمام الصادق عليه السلام في الصلاة على الميت والدعاء له يقول ( اللهم تجاوز عن سيئاته وزد في حسناته واغفر له وارحمه )(12). وفي الصيال يقول الحلي ( ... اذا صال عليه صيد فدفعه وأدى الدفع الى القتل فلا ضمان ، ولو تجاوز الى الأثقل مع الأندفاع بالأخف ضمن)(13).
ويرى بعض المفسرين ان المقصود بقوله تعالى } تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون{ (14) ،ان حدود الله محارمه وأحكامه،وسميت حدا" لأنه يمنـع
دخول غيره فيه ، أي يمنع التخطي الى ما وراءها (15) .
وعن الطوسي والشافعي ان كلمـة ( فلا تعتـدوها ) تعني ( لا تجاوزوها )(16) .
ثالثا" : التجاوز اصطلاحا"
يعني خروج الفاعل من دائرة المباح بعد دخولها(17) ، او هو تجاوز الحد المادي للظرف المبيح(18) ، أو تخطي الحدود المقررة للاباحة قانونا"(19) ، أو هو استعمال قوة أكثر من اللازم أو الخروج على حد التناسب(20)، كما يعرف بأنه الخروج بالحق عن حدوده سواء عمدا" أو عفوا"(21) . وعلى أية حال ومهما اختلفت التعريفات بشأن التجاوز فهناك تساؤل مهم لابد من إثارته، وهو ، متى تنتهي الإباحة التي كانت قائمة لتبدء حالة التجاوز؟ . إن معرفة اللحظة التي يبدأ عندها التجاوز من السهولة بمكان من الناحية النظرية ، ولكن المسألة تدق من الناحية العملية ، أي حينما يوضع الفاصل بين نهاية الإباحة وبداية التجاوز. فالقاعدة العامة بهذا الصدد ان التجاوز يبدأ حين تنتهي حدود الإباحة المقررة للواقعة ، ولكن التطبيق العملي يختلف من سبب لآخر من ناحية ، وبالنسبة للسبب الواحد بحسب الظروف المقترنة به من ناحية أخرى ، إذ ليس بالإمكان وضع قاعدة عامة تخضع لها جميع اسباب الاباحة ، ذلك لأن ظروف السبب الواحد الشخصية والموضوعية لا تدخل تحت حصر، والتي يلزم جميعها ان تكون محل اعتبار عند تكييف الواقعة وتقدير العقوبة . إذا" حدود الإباحة التي يتعين على الفاعل مراعاتها تختلف من سبب لآخر ، فكل سبب من أسباب الإباحة يحمل بذاته حدوده المقررة ، ولمعرفة مدى تحقق مراعاة تلك الحدود يلزم الرجوع الى سبب الإباحة ذاته. وأسباب الإباحة وأن كانت جميعها مقررة من أجل حماية المصلحة القانونية إلا إنها تختلف في تطبيقات تلك المصلحة التي يتعلق بها ويحميها ، فالقانون يضع لكل سبب شروطا" ويجعل الأثر المترتب عليه مرهون بتوافر جميع الشروط المتطلبة قانونا" ، فإن تخلف أحدها انتفى سبب الإباحة واكتسب الفعل فورا" صفة عدم المشروعية مما يقتضي مساءلة المتهم عنه، ومن ثم كان لزاما" التحقق من دخول الفعل في نطاق الحق أو الإباحة محددا" على وفق شروطه القانونية وهذه الحدود متنوعة بتنوع الحقوق لذا يجب البحث في كل حق على حدة واستخلاص القيود التي ترد عليه وذلك بالرجوع إلى مفهوم الحق ذاته(22). لذا يمكن وضع معالم عامة يستهدي بها القضاء لتحديد تلك اللحظة ، وذلك بالاعتداد بطبيعة سبب الإباحة ذاته من جهة ، وبجميع الظروف المقترنة به من جهة أخرى . فقد يحدث أن يتوفر سبب الإباحة ثم لا تتطابق حدود الواقعة المرتكبة مع حدود ذلك السبب ، مثال ذلك ان يتجاوز الموظف او المكلف بخدمة عامة حدود اختصاصه ، او يقتل المدافع المعتدي في غير الحالات التي نص عليها القانون حصرا" ، كأن يقتل السارق الذي لا يحمل سلاحا" والذي لا تعد جريمته من الجنايات(23) .نخلص مما تقدم ذكره الى ان هناك اختلافا" في مصطلح التجاوز لغةً وشرعا" ، فالبعض من فقهاء اللغة العربية عبر عنه بالعفو عن الذنوب والخطايا ، بينما أراد به البعض الآخر سلوك الطريق والسير فيه. أما فقهاء الشريعة الاسلامية فنرى انهم حينا" يقصدون به تعدي حدود الشئ والخروج عليه ، واحيانا يريدون به العفو عن الذنوب . أما في القانون فيدهب الشراح الى ان التجاوز او التعدي(24) ، يعني الخروج على حدود الاباحة المرسومة قانونا" وذلك باستخدام قوة لا تتناسب مع حدود الحق ، وهدا ما يبدو غالبا" على تعريفهم للتجاوز.
_____________
1-العلايلي ، عبد الله / الصحاح في اللغة والعلوم ، بيروت ، دار الحضارة العربية ، 1974 ، ص221 ؛ الفراهيدي ، الخليل بن أحمد / كتاب العين ، ط2، ج3،مج8 ،تحقيق مهدي المخزومي وأبراهيم السامرائي ، بيروت ، مؤسسة دار الهجرة ، 1410هـ ، ص164 ؛ ابن منظور ، ابي الفضل جمال الدين / لسان العرب ، ط1 ، مج5، بيروت ، دار الأحياء التراث العربي ، 1956 ، ص327.
2- سورة الأعراف / الآية "138" . ينظر أيضا" - ابي حيان ، أثير الدين أبي عبدالله الأندلسي / البحر المحيط ، ج5 ، الرياض ، مكتبة النصر الحديثة ، دون تاريخ ، ص188 .
3- العسكري ، أبو هلال / الفروق اللغوية ، ط1 ، قم ، مؤسسة النشر الأسلامي ، 1412هـ ، ص363 .
4- أبن منظور / المصدر نفسه / مج3 ، ص515 .
5- الطوسي ، أبي جعفر بن محمد بن الحسن / الخلاف ، تحقيق سيد علي الخراساني وآخرون ، ط1 ، ج5 ، قم ، مؤسسة النشر الاسلامي ، 1417هـ ، ص 165 .
ينظر أيضا - الطوسي / الرسائل العشر ، تحقيق واعظ زادة الخراساني ، قم ، جامعة المحققين ، 1404هـ ، ص79.
6- الطوسي / مصباح المجتهد ، ط1 ، بيروت ، مؤسسة فقه الشيعة ، 1412هـ ، ص624 .
7- رواه بن ماجه والبهيقي باسناد حسن نقلا عن - النووي ، محي الدين / المجموع في شرح المهذب ، ج2 ، دون مكان ، دار الفكر ، دون تاريخ ، ص267 ؛
ينظر أيضا :
العسقلاني ، ابن حجر / تلخيص الحبير ،ج4 ، دون مكان، دار الفكر ، دون تاريخ ، ص113 ؛ الخطيب ، محمد الشربيني / مغني المحتاج ، ج1 ، دون مكان ، دار احياء التراث العربي ، 1958 ، ص110.
8- النووي ، محي الدين - المجموع في شرح المهذب ، دون مكان ، دار الفكر ، دون تاريخ ، ج16 ، ص453 .
9- الرعيني ، الحطاب / مواهب الجليل ، ج3 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، دون تاريخ ، ص368 .
10- الرعيني ، الحطاب / المصدر نفسه ، ج7 ، ص318 .
11- الشيخ المفيد / المقنعة ، 1 مج ، قم ، جامعة المدرسين ، 1410هـ ، ص400 .
12- العاملي ، محمد بن جمال الدين مكي / الذكرى ، 1 مج ، طبعة حجرية غير مرقمة الصفحات ، 1272هـ ، ص59 .
13- العلامة الحلي / قواعد الاحكام ، ط1 ، ج1 ، قم ، مؤسسة النشر الاسلامي ، 1413هـ ، ص462 .
14- سورة البقرة / آية "229 " .
15- ابن نجيم ، زين الدين المصري الحنفي / البحر الرائق - شرح كنز الدقائق ، ج5 ، مصر ، دار الكتب العربية الكبرى ، دون تاريخ ، ص 2 .
16- السيوطي ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر / الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، ط1 ، ج1 ، طهران ، المطبعة الإسلامية ، 1956، ص116 .
17- د. محمد عوض - قانون العقوبات - القسم العام ، الاسكندريه ، دار المطبوعات الجامعية ، 1985 . ، ص91 .
18- د. رمسيس بهنام / الجريمة والمجرم والجزاء ، الأسكندريه ، منشأة المعارف ، 1973 ، ص299 .
19- د. فخري الحديثي - شرح قانون العقوبات - القسم العام ، بغداد ، مطبعة الزمان ، 1992 ، ص 109 .
20- د. محمد محي الدين عوض - القانون الجنائي مبادئ الاساسية ونظرياته العامة في التشريعين المصري والسوداني ، القاهرة ، المطبعة العالمية ، 1963، ص616 .
21- د. عثمان سعيد عثمان - استعمال الحق كسبب للاباحة ، القاهرة ، دون ناشر ، 1968، ص490 .
22- د. محمود نجيب حسني - شرح قانون العقوبات ـ القسم العام ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1989 ، ص167 ؛ د. جلال ثروت - قانون العقوبات ـ القسم العام ، بيروت ، الدار الجامعية ، 1989 ، ص223 ؛ د. علي عبد القادر قهوجي - قانون العقوبات - القسم العام ، بيروت ، الدار الجامعية ، 1985 ، ص136 .
23- د. يسر انور علي - النظرية العامة للتدابير والخطورة الاجرامية ، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية ، ع1، س13 ، القاهرة ، مطبعة جامعة عين شمس ، 1971 ص583 .
24- استعمل قانون العقوبات المصري مصطلح تعدي بدلا" من مصطلح تجاوز في المادة / 251 ، وكذلك قانون العقوبات الليبي في المادة / 73 ، وهو المصطلح الذي ورد في القرآن الكريم والدي أريد به الخروج على الحدود أو تخطيها .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|