أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2014
2047
التاريخ: 9-06-2015
1979
التاريخ: 17-10-2014
1459
التاريخ: 17-10-2014
1401
|
لا يوجد كتاب واحد من بين كتب الشيعة وصفت أحاديثه جميعها بالصحّة ، وقوبلت بالتسليم والقبول لدى الفقهاء والمحدّثين ، ولذا نجد أنّ أحاديث الشيعة ـ وحتى الواردة في الكتب الأربعة (1) التي عليها المدار في استنباط الأحكام الشرعية ـ قد تعرّضت لنقد علماء الرجال وأئمّة الجرح والتعديل ، فكل خبر اجتمعت فيه شرائط الصحّة ، وتوفّرت فيه مقتضيات القبول اخذ به ، وكلّ خبر لم يكن بتلك المثابة ، ردّ ، أياً كان مخرجه وراويه والكتاب الذي أخرج فيه (2).
ولنأخذ مثالاً على ذلك كتاب ( الكافي ) (3) ، الذي هو أهمّ الكتب الأربعة وأوثقها لدى هذه الطائفة ، وهو الذي أثنى عليه العلماء والمحدّثون والفقهاء وتلقّوه بيد الإحترام والتعظيم ، فإنّ العلماء وزّعوا أحاديثه وهي ( 16199) حديثاً على أساس تصنيف الأحاديث إلى الأقسام الخمسة (4). على النحو التالي :
الصحيح منها : 5072 حديثاً.
والحسن : 144 حديثاً.
والموثّق : 1118 حديثاً.
والقوي : 302 حديثاً.
والضعيف : 9485 حديثاً (5).
فقد لوحظ أنّ أكثرها عدداً الأحاديث الضعيفة ، ويمكن الإطّلاع على ذلك بمراجعة كتاب ( مرآة العقول في شرح الكافي ) (6) للشيخ المجلسي ، فإنّه شرح الكتاب المذكور على أساس النظر في أسانيده ، فعيّن الصحيح منها والضعيف والموثّق والمرسل ، على ضوء القواعد المقرّرة لتمييز الأحاديث الصحيحة من غيرها.
وهذا كلّه دليل على أنّ أحاديث « الكتب الأربعة » غير قطعيّة الصدور عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة : عند الإمامية ، إلاّ أنّه يبدو أنّ هناك جماعة قليلة ذهبوا إلى القول بذلك ، ولكنه قول مردود :
قال المحقّق الأكبر الشيخ الأنصاري : « ذهب شرذمة من متأخري الإخباريين ـ فيما نسب إليها ـ إلى كونها قطعيّة الصدور ».
قال : « وهذا قول لا فائدة في بيانه والجواب عنه إلاّ التحرّز عن حصول هذا الوهم لغيرهم كما حصل لهم ، وإلاّ فمدّعي القطع لا يلزم بذكر ضعف مبنى قطعه ، وقد كتبنا في سالف الزمان في ردّ هذا القول رسالة تعرّضنا فيها لجميع ما ذكروه وبيان ضعفها بحسب ما أدّى إليه فهمي القاصر » (7).
وقال شيخنا الجدّ المامقاني : « وما زعمه بعضهم من كون أخبارها ـ أي الكتب الأربعة ـ كلّها مقطوعة الصدور ، إستناداً إلى شهادات (8) سطّرها في مقدمة الحدائق ، لا وجه له كما اوضحناه في محلّه » (9).
وتبعهما السيد الخوئي حيث قال : « ذهب جماعة من المحدّثين إلى أنّ روايات الكتب الأربعة قطعيّة الصدور ، وهذا القول باطل من أصله ، إذ كيف يمكن دعوى القطع لصدور رواية رواها واحد عن واحد ، لا سيمّا وأنّ في رواة الكتب الأربعة من هو معروف بالكذب والوضع على ما ستقف عليه قريباً وفي موارده إن شاء الله تعالى » (10).
ومن قبلهم قال السيد المجاهد الطباطبائي بعد كلام طويل : « وبالجملة : دعوى قطعيّة ما في الأربعة ممّا لا ريب في فسادها » (11).
فهذه الكلمات وغيرها صريحة في عدم قطعيّة صدور أحاديث الكتب الأربعة.
وأمّا بالنسبة إلى تاريخ تصنيف الأحاديث ، فقد حكى المحدّث البحراني عن جماعة : إنّ أوّل من نوّع الأخبار هو ( العلاّمة ) أو شيخه ( ابن طاووس ) ـ رحمهما الله ـ وأمّا المتقدّمون فكانوا يأخذون بجميع الأخبار المدوّنة في ( الكتب الأربعة ) وغيرها من ( الاصول ) معتقدين بصحتها أجمع. وهذا ممّا دعا إلى الخلاف بين الإخباريين والمجتهدين (12).
وتقدم عن المحدّث النوري تعبيره عن هذا التنويع بـ « النّمط الجديد ».
فهذان المحدّثان وغيرهما يزعمان أنّ التنويع يختص بالمتأخرين المجتهدين ، وأنّ قدماء الأصحاب كانوا يعتقدون بصحّة أحاديث « الاصول الأربعمائة » التي منها الّفت « الكتب الأربعة ».
ولكنّ الظاهر أنّ هذه الدعوى لا أساس لها من الصحّة ، فقد أجاب عنها شيخنا الجدّ ـ رحمة الله تعالى ـ بقوله : « وقد زعم القاصرين من الإخباريين اختصاص هذا الإصطلاح بالمتأخرين الذين أوّلهم ( العلاّمة ) رحمة الله على ما حكاه جمع منهم الشيخ البهائي رحمة الله في ( مشرق الشمسين ) أو ( ابن طاووس ) كما حكاه بعضهم ، فأطالوا التشنيع عليهم بأنّه اجتهاد منهم وبدعة.
ولكنّ الخبير المتدبّر يرى أنّ ذلك جهل منهم وعناد ، لوجود أصل الإصلاح عند القدماء ، ألا ترى إلى قولهم : لفلان كتاب صحيح ، وقولهم : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن فلان ، وقول الصدوق رحمة الله : كلّ ما صحّحه شيخي فهو عندي صحيح ، وقولهم : فلان ضعيف الحديث ، ونحو ذلك.
فالصادر من المتأخرين تغيير الإصطلاح إلى ما هو أضبط وأنفع ، تسهيلاً للضبط وتمييزاً لما المعتبر منها عن غيره » (13).
وأمّا قول المحدّث البحراني : « فأمّا المتقدّمون ... » ففيه : أنّ الأمر ليس كذلك ، بل ربّما طعن الشيخ المفيد والشيخ الصدوق في بعض أحاديث الشيخ الكيني ، وطعن الشيخ الطوسي في بعض أحاديث الصدوق والكليني (14).
هذا ، وذهب السيد الخوئي في ( رجاله ) إلى أنّ أخبار الكتب الأربعة ليست قطعية الصدور ، بل ليس صحيحاً ، وأثبت أنّ المتقدّمين من المحدّثين أيضاً كانوا يعتقدون نفس هذا الإعتقاد بالنسبة إلى ( الاصول ) و ( الكتب الأربعة ) ، واستنتج من جميع ذلك : أنّ أخبار هذه الكتب لابدّ من النظر في سند كل منها ، فإن توفّرت فيه شروط الحجّية اخذ به وإلاّ فلا ، كما الشيخ المجلسي المحدّث الجزائري بالنسبة إلى ( الكافي ) و ( التهذيب ).
فإذا كان الأمر كذلك فيما بينهم ـ وهم أصحاب الكتب الأربعة ـ فكيف بالمتأخرين منهم المجدّدين لفكرة تنويع الأحاديث ، والنظر في الأسانيد الواردة في كافة الكتب.
وهذا بحث واسع متشعّب الأطراف نكتفي بهذا المقدار بمناسبة المقام ، فمن أراد التوسّع فيه فليراجع مظانّه من كتب الدراية والرجال.
والخلاصة : إنّ المحقّقين من الإمامية يبنون على أنّ وجود أيّ حديث في أيّ كتاب من كتب الشيعة لا يبرر بمجرّده الأخذ به والإعتقاد بصحّة مدلوله ، إذ ليس عندهم كتاب التزم فيه مؤلّفه بالصحّة أبداً ، بحيث يستغني بذلك الباحث عن النظر في أسانيد أحاديثه والفحص عن رجاله وما قيل فيهم من الجرح والتعديل.
وهذا بخلاف أهل السنّة ، فإنّ لهم كتباً سمّوها بـ « الصحاح » وأهمها عند أكثرهم ( صحيح البخاري ) اعتقد جمهورهم بصحّة ما اخرج فيها ، وقالوا في كتبهم الرجالية : من خرّج في الصحيح فقد جاز القنطرة ، كما التزم أصحابها وبعض أصحاب « المسانيد » في كتبهم بالصحّة.
__________________
(1) هي : الكافي للكليني ، من لا يحضره الفقيه للصدوق ، التهذيب والاستبصار للطوسي.
(2) مقباس الهداية في علم الرواية للمامقاني ط مع تنقيح المقال.
(3) يقع في ثمانية أجزاء : إثنان منها في الاصول ، وخمسة منها في الفروع والثامن الروضة.
(4) وهي على أقسام ، ويراجع للوقوف على تعريف كل قسم واقسامه كتب الدراية لدى الشيعة ككتاب الدراية للشيخ الشهيد الثاني ، والوجيزة للشيخ البهائي وشروح الوجيزة ، ومقباس الهداية لشيخنا الجدّ المامقاني وغيرها.
(5) دراسات في الكافي والصحيح للحسني ، عن المستدرك للمحدّث النوري 3 : 541.
(6) وكذا فعل المحدّث الجزائري في شرح التهذيب ، قال المحدّث النوري : « والعجب من العلامة المجلسي وتلميذه المحدث الجزائري مع عدم اعتمادهما بهذا النمط الجديد خصوصاً الثاني ، وشدّة إنكاره على من أخذه بنيا في شرحيهما على التهذيب والأول في شرحه على الكافي أيضاً على ذلك فصنعا بهما ما أشار إليه في الرواشح ، ولم أجد محملاً صحيحاً لما فعلا » المستدرك 3 : 771.
(7) الرسائل : 67.
(8) أجاب عنها السيد حسن الصدر في شرح الوجيزة في علم الدراية.
(9) مقباس الهداية المطبوع في آخر تنقيح المقال في علم الرجال.
(10) معجم رجال الحديث 1 : 36.
(11) مفاتيح الاصول للسيد محمد الطباطبائي الحائري : 9.
(12) الحدائق الناضرة 1 : 14.
(13) مقباس الهداية في علم الدراية : 32.
(14) راجع : مفاتيح الاصول ، وأوثق الوسائل ، وقد بحث صاحب هذا الكتاب الموضوع من جميع جوانبه من ص 122 فراجعه فإنّه جدير بالملاحظة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|