المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05
آثار القرائن القضائية
2024-11-05

النواجي
27-1-2016
Anatomic Differences in Fat Deposition
30-11-2021
الإسلام يرضي كل الميول الغريزية
21-4-2016
مبيدات الحشرات الحيوية مايكروبية المصدر
2023-05-16
اهتمام «سنوسرت الثالث» بمدينة «العرابة» وإلهها «أوزير »
2024-02-17
مكافحة حشرات ثمار التمر المخزونة
8-1-2016


عوامل اختلاف القراءة القرآنية بعد عصر الرسول الاكرم  
  
2445   03:16 مساءاً   التاريخ: 27-11-2014
المؤلف : الميرزا محسن آل عصفور
الكتاب أو المصدر : اتحاف الفقهاء في تحقيق مسألة اختلاف القراءات والقراء
الجزء والصفحة : ص 9-35 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / القراء والقراءات / رأي المفسرين في القراءات /

هناك عوامل متعددة كان لها الأثر الأكبر في ايجاد الاختلاف بين المسلمين في قراءة القرآن بعد رحيل الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله الى الرفيق الأعلى بإمكاننا ان نوجزها بالنحو التالي .

(العامل الاول)

انحراف دفة الزعامة والخلاف الاسلامية ورفض المستولين عليها الأخذ بالقرآن الذي خطه امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام والعمل بما يطابق القراءة التي دونها فيه والتي تلقاها من الرسول الكريم صلى الله عليه وآله التي نزل بها جبرئيل من عند الله جل وعلا .

روى الثقة الكليني في الكافي بسنده عن سالم بن سلمة عن الامام الصادق انه قال : فاذا قام القائم علهي السلام قرأ كتاب الله عزوجل على حده واخرج المصحف الذي كتبه علي ثم قال عليه السلام : أخرجه علي عليه السلام الى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم هذا كتاب الله عزوجل كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله وقد جمعته من اللوحين فقالوا : وهذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه فقال أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا ابداً انما كان على ان اخبركم حين جمعته لتقرؤوه الحديث (1) .

قال الشارح المازندراني : قوله (قد جمعته من اللوحين) اللوح كل صحيفة عريضة خشباً أو كتفاً وقد كانوا في صدر الاسلام يكتبون فيه لقلة القراطيس .

و(من) اما ابتدائية أو بمعنى (في) فعلى الأول كان مكتوباً قبل الجمع فيهما وعلى الثاني جمع فيهما (2) وقال العلامة المجلسي في مرآة العقول بعد نقل قوله (من اللوحين لعله عليه السلام في زمان الرسول صلى الله عليه وآله كتبه على لوحين فجمع منها أو المراد لوح الخاطر ولوح الدفاتر أو المراد اللوح المحفوظ ولوح المحو والاثبات او الأرضي والسماوي والله يعلم (3) .

وروى علي بن ابراهيم في تفسيره بإسناده عن ابي عبد الله عليه السلام قال : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام : يا علي القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولا تضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة فانطلق علي فجمعه في ثوب اصفر ثم ختم عليه في بيته وقال : لا ارتدي حتى أجمعه قال : كان الرجل ليأتيه فيخرج اليه بغير رداء حتى جمعه قال وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لو ان الناس قرؤا القرآن كما أنزل ما اختلف اثنان .

وقال المحدث الخبير الحبر السبيل السيد نعمة الله الجزائري في الانوار النعمانية : قد استفاض في الاخبار ان القرآن كما انزل لم يؤلفه الا امير المؤمنين عليه السلام بوصية من النبي صلى الله عليه وآله فبقى بعد موته ستة اشهر مشتغلا بجمعه فلما جمعه كما انزل أتى به الى المتخلفين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لهم هذا كتاب الله كما أنزل فقال له عمر بن الخطاب لا حاجة بنا اليك ولا الى قرآنك عندنا قرآن كتبه عثمان فقال لهم علي عليه السلام لن تروه بعد هذا اليوم ولا يراه احد حتى يظهر ولدي المهدي عليه السلام ... (4) .

(العامل الثاني)

ما حكاه ابن ابي الحديد في شرح النهج عن الشيخ ابي جعفر الاسكافي في كتابه المسمى بنقض العثمانية في جملة كلام له في الامامة :

و (قد تعلمون ان بعض الملك ربما احدثوا قولا أو ديناً لهوى فيحملون الناس على ذلك حتى لا يعرفوا غيره كنحو ما أخذ الناس الحجاج بن يوسف بقراءة عثمان وترك قراءة ابن مسعود وابي بن كعب وتوعد على ذلك سوى ما صنع هو وجبابرة بني أمية وطغاة بني مروان بولد علي عليه السلام وشيعته وانما كان سلطانه نحو عشرين سنة فما سنة مات الحجاج حتى اجتمع أهل العراق على قراءة عثمان ونشأ ابناؤهم ولا يعرفون غيرها لامساك لأباء فعنها وكف المعلمين عن تعليمها حتى لو قرأت قراءة عبد اله وأبى ما عرفوا ولظنوا بتأليفها الاستكراه والاستهجان لألف العادة وطول الجهالة لأنه اذا استولت على الرعية الغلبة وطالت عليهم ايام التسلط وشاعت فيهم المخافة وشملتهم التقية اتفقوا على التخاذل والتساكت فلا تزل الايام تأخذ من بصائرهم وتنقص من ضمائرهم حتى تصير البدعة التي احدثوا غامرة للسنة) .

(العامل الثالث)

تعدد اللهجات ولغات القبائل العربية وشذوذ بعضها : قال ابن جنى في كتاب الخصائص : (قرأ اعرابي بالمحرم كان أبي حاتم السجستاني (طيبى لهم وحسن مآب) فقال له : طوبى فقال : طيبى فعاد ابو حاتم يصلحها له مرة بعد اخرى قائلا : طوبى فقال الأعرابي طيبى فأصر أبو حاتم على اصلاحها بالواو والاعرابي يمتنع عن نطقها كما هي في القرآن ويستمر على لحنه طي فلم يؤثر فيه التلقين ولا ثنى طبعه عن التماس الخفة هزو لا تمرين) (5) .

(العامل الرابع)

ما قيل ان أهل مصر ينطقون بالضاد مموجة بالدال المفخمة والطاء المهملة وخالفهم أهل العراق واهل الحجاز فانهم ينطقون بها رخوة شجرية ذات نفس وانتشار كما هو مقتضى مخرجها وهذا الخلاف ثابت على قديم الدهر وقد صنف في ذلك رسائل فالشيخ أبو علي سينا صنف رسالة رجح فها ضاد العراقيين والحجازيين فردّ عليه الشيخ المنصوري في رسالة الفها وكان فيما رد عليه قوله ان النطق بالضاد قريبة من الظاء .

ولا يخفى ما في قوله هذا من مخالفة طريق أهل السنة المتبعة ولعل السر في ذلك على ما قيل ان مصر والشامات لم يقطن فيهما امام معصوم مع اعراض الغالبية العظمى من اهلهما عن اهل بيت العصمة عليهم السلام وقد بلغ اسماعهم قوله صلى الله عليه وآله وسلم « انا أفصح من نطق بالضاد » فاخترعوا ما خترعوا ويدل على نقض مقولتهم واحدوثتهم تلك وجوه :

(الاول) ان الضاد على ما يقولون حرف أشد شديد لأنها كانت ممزوجة من شديدين الطاء والدال مع اجماعهم على انها من الحروف الرخوة وقد اعترف ببعضهم بأن ضادهم مخالفة لقواعدهم ولكنهم اخذوها عن مشايخهم .

(الثاني) ان الفقهاء من الفريقين تعرضوا لحكم من يبدل الضاد ظاء لان الصوت فيهما ملتبس فكانت شبيهة بالضاء قال را جزهم :

والضاء والضاد لقرب المخرج                  قد يؤذنان بالتباس المنهاج

وقال الآخر :

ويكثر التباسه بالضاد                            الاعلى الجهابذة النقاد

وقال السخاوي ميّز هجاء الضاد عن الظاء .

وقال الجزري :

والضاد باستطالة ومخرج                      ميّز عن الظاء وكلها تجى

وقال ابن قاسم : اشتهد شبهة له وعسرت التفرقة بينهما واحتيج الى الرياضة التامة .

وقال المقدس : ان اهل مكة ومن والاها من الحجاز ينطقون بالضاد شبيهة بالظاء المعجمة والمخرج المنصوص عليه للضاد الشبيهة بالظاء لا الضاد الطائية وقد جعلت العرب في قوافى الشعر الضاد في مقابلة الظاء وقال الجعفري : والضاد أخو الظاء في كل الحالات في الاستطالة خولف الحرفان وقال الخليل : انها شجرية ولا يتأنى ذلك الا اذا كانت شبيهة بالضاء لان الضاد الطائية لا تمر بشجر الفم اعنى الاضراس بل من سقف الحلق اذا الاستطالة في الضاد الشامية انما هي في العراقية ومعنى الاستطالة انها تمتد من حافة اللسان الى مخرج اللام من دن أن تضرب بسقف الحلق وقد نمقل شيخنا البهائي فيما نقل عنه ان ابا عمر وابو العلا وهما امامان في اللغة قالا : الضاد والظاء حرف واحد ولا فرق بينهما واقاما على ذلك أدلة وشواهد والغرض التقريب لا المافقة .

(الثالث) ان سيبويه فيما حكى عنه قال : لولا الاطباق لكانت الطاء دالا واذا افخمت الدال صارت ضاداً مصرية ومثله ابن الجزري في التمهيد قال : التاء اذا افخمت صارت طاءاً والضاد المصريوة دالا مفخمة .

(الرابع) من صفات الضاد النفخ والتفشي ولا نفخ ولا تفشي في ضادهم ومعنى التفشي انتشار خروج الريح وانبساطه ومعنى النفخ خروج الريح ولا ريب ان الضاد العراقية يخرج معها ريح منتشر .

(العامل الخامس)

تحكيم القراء المتأخرين عن عصر النبوة اذواقهم واجتهاداتهم واستحساناتهم ولذا قيل : انه كان احدهم اذا برع وتمهّر شرع للناس طريقاً في القراءة لا يرعف الا من قبله بحيث لم يكن معهوداً اصلا كما يشهد به تتبع كتب القراءة وما ابدعوه من الصفات والاداب والوظائف التي يمكن تحصيل القطع بعدم كونه معهودة في زمن النبي صلى الله عليه وآله أصلا وهذا فيما يتعلق بالتهيئة اللفظية لكلمات القرآن الكريم .

(العامل السادس)

خلو المصاحف والخط العربي عموماً من حركات الاعراب والتنقيط في تلك الفترة الزمنية .

(العامل السابع) غلبة الهوى وحب الدنيا على بعض القراء فاتخذوا قراءتهم بضاعة يتجرون بها في قصور الملوك ويرتزقون منها على موائد الخلفاء طمعاً في حطام الحياة ودراهمها ودنانيرها وزخارف الدنيا الفانية يحو كونه مادرت معائشهم ويختترعون ويبدعون فيه من الآداب والسنن والقواعد ما لم ينزل الله عزوجل به من سلطان طمعاً في عطية سنية وجائزة سخية .

واليك مثال واحد وهو شخص الكسائي نسوقه للاستشهاد به على ما ذكرناه والذي يعد أحد الوجوه البارزة من بين القراء السبعة المشهورين الذي صنفهم ابن مجاهد .

قال في شأنه ابو حاتم : « لم يكن لجميع الكوفيين عالم بالقرآن ولا كلام العرب ولولا ان الكسائي دنا من الخلفاء فرفعوا ذكره لم يكن شيئاً وعلمه مختلط بلا حجج ولا علل الاّ حكايات عن الاعراب مطرووحة لأنه كان يلقنهم ما يريد وهو على ذلك اعلم الكوفيين بالعربية والقرآن » (6) . وقال الفراء : قدم سيبويه على البرامكة فعزم يحيى بن خالد ان يجمع بينه وبين الكسائي وجعل لذلك يوماً فلما حضر تقدمت وابن الأحمر فدخل فاذا بمثال في صدر المجلس فقعد عليه يحيى ووقعد الى جانب المثال جعفر والفضل ومن حضر بحضورهم وحضر سيبويه فأقبل عليه الأحمر فساله عن مسألة فأجابه فيها سيبويه فقال له : أخطأتت ثم سأله عن ثانية وثالثة كل ذلك يقول له اخطأت فقال سيبويه : هذا سوء أدب .

فأقبلت عليه فقلت : ان في هذا الرجل حدة وعجلة ولكن ما تقول فيمن قال (هؤلاء أبون) و (مررت بأبين) كيف تقول على مثال ذلك من (وايت) أو (أويت) فأجاب فأخطأ فقلت له : اعد النظر .. ثلاث مرات تعجيب ولا تصيب (7) « فلما كثر عليه ذلك قال : لست اكلمكما او يحضر صاحبكما حتى اناظره فحضر الكسائي فأقبل على سيبويه فقال : اتسألني أم أسألك ؟ فقال : بل سلني أنت فقال له الكسائي : كيف تقول : قد كنت اظن العقرب أشد لسعة من الزنبور (فاذا هو هي) أو (فاذا هو ياها) ؟ فقال سيبويه (فاذا هو هي) ولا يجوز النصب فقال له الكسائي : لحنت . ثم سأله عن مسائل من هذا النوع : (خرجت فاذا عبد الله قائم) بالضم او (قائم) بالفتح ؟ .

فقال سيوبه في ذلك كله بالرفع دن النصب فقال الكسائي : ليس هذا من كلام العرب ، العرب ترفع في ذلك كله وتنصب فدفع سيبويه قوله فقال يحيى ابن خالد قد اختلفتما وانتما رئيسا بلديكما فمن ذا يحكم بينكما ؟ فقال له الكسائي هذه العرب في بابك قد جمعتهم من كل أوب ووفدت عليك من كل صقع وهم فصحاء الناس وقد قنع بهم أهل المصرين وسمع اهل الكوفة واهل البصرة منهم فيحضرون ويسألون فقال يحيى وجعفر : قد انصفت فأمر باحضارهم فدخلوا .

فهم : ابو فقعس وابو دثار وابو الجراح وابو ثروان فسئلوا عن المسائل التي جرت بين الكسائي وسيبويه فتابعوا الكسائي وقالوا بقوله .

فقال سيبويه مرهم لينطقوا بها فان السنتهم لا تقوى عليه فامتنعوا .

ولم ينطقوا بالنصب وانما اكتفوا بقول : القول قول الكسائي .

قد قيل اذ هؤلاء الاعراب رشوا فوافقوا الكسائي وقيل تملقوه ارضاء اللوزير .

ومما حكى ان الرشيد الخليفة العباسي سأل اليزيدي والكسائي عن قصر (الشراء) ومده فقال الكسائي مقصر لا غير وقال اليزيدي يقصر ويمد فقال الكسائي من اين لك ؟ فقال اليزيدي : من المثل السائر : (لا يغتر بالحرة عام هدائها ولا بالامة عام شرائها فقال الكسائي : ما ظننت ان احداً يجهل مث لهذا فقال اليزيدي ما ظننت ان احداً يفتري بين يدي امير المؤمنين مثل هذا الخبر (8) .

الى غير ذلك من الحكايات الكثير التي نقلت في بطون كتب الادب اللغة عن أحوال الكسائي ومسائلة التي يطول الاملاء بذكرها وكيف كان فاذا كان هذا شأنه وحاله فكيف يطمئن اليه في أخذ القراءة القرآنية عنه ويجعل احد السبعة التي ينبغي ان يعول عليها ويرتل كلام الله المجيد اناء الليل وأطراف النهار على وفقها وطبقها .

لكن المنصف تكفيه الاشارة والمكابر والمعاند لا يرتدع او يفقه ولو بألف عبارة .

(العمل الثامن)

 

النبي صلى الله عليه وآله نفسه كما صرح به العامة على ما تظاهر من طرقهم عن النبي صلى الله عليه وآله من انه قال : (ان القرآن نزل على سبعة أحرف) بل في بعضها ان النبي صلى الله عليه وآله لم ينه أحداً عن الاختلاف في قراءة القرآن وانه قررهم بل صرح بجوازه ففي صحيح البخاري عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اقرأني جبرئيل على حرف فراجعته فزادني فلم أزل استريده ويزيدني حتى انتى الى سبعة أحرف .

عن جامع الاصول لابن الاثير عن البخاري ومسلم ومالك وابي داود النسائي بأسانيدهم عن عمر بن الخطاب قال : سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فاستمعت لقراءته فاذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله (صلى الله عليه وآل وسلم) فكدت أساوره (9) في الصلاة فتتربصت حتى سلم فلببته بردائه فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأها ؟ فقال : أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت : كذبت فان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت : اني سمعت هذا يقرأ سروة الفرقان على حروف لم تقرأنيها !! فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : كذلك انزلت ثم قال : اقرأ يا عمر فقرأت القراءة التي اقرأنيها فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : كذلك انزلت ان هذا القرآن انزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه الحديث (10) .

قال ابن الأثير بعد نقل بعد نقل الخبر : أخرجه الجماعة وقال الترمذي : هذا حديث صحيح وروى مسلم والترمذي وابو داود والنسائي في صحاحهم بل عن المشكاة وجامع الأصول جميعاً عن ابي بن كعب قال : كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ بقراءة انكرتها .

ثم دخل رجل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه فلما قضيت الصلاة دخلنا جميعاً على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت ان هذا قرأ قراءة انكرتها عليه فدخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه فأمرهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقرآ فحسن شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا اذا كنت في الجاهلية فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما غشيني ضرب في صدري وقال : يا أبي أرسل الى أن أقرأ القرآن على حرف فرددت اليه أن هون على امتي فرد الى الثانية اقرأ على حرفين فرددت اليه هوّن على امتي فردّ الى الثالثة اقرأ على سبعة أحرف ولك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها فقلت : اللهم اغفر لامتي اللهم اغفر لامتي واخرت الثالثة ليوم يرغب الى الخلق كلهم حتى ابراهيم عليه السلام الخبر (11) .

مما روى ايضاً من طرقهم ان النبي صلى الله عليه وآله قال : الكتب تنزل من السماء من باب واحد وان القرآن انزل من سبعة ابواب على سبعة احرف .

وعنه صلى الله عليه وآله ايضاً انه لقى جبرئيل فقال : يا جبرئيل اني بعثت الى امة أميين منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لا يقرأ كتاباً قط فقال لي : يا محمد ان القرآن انزل على سبعة أحرف .

الى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي ليس للتعرض لها مزيدة ثمرة .

وقد صرح علماء أهل السنة ان سبب انزال القرآن على الأحرف السبعة التسهيل والتخفيف على الأمة وقد ادعى بعضهم تواتر أصل هذا الحديث الا انهم اختلفوا في معناه على ما يقرب من أربعين قولاً كما نص عليه جمع من محققي الشيعة الامامية .

فقيل ليس المعنى الحصر في السبعة لأن بعض الكلمات يقرأ على اكثر من سبعة اوجه وانما هو توسعة وتسهيل وقال الاكثر هو حصر للعدد في السبعة لأن الزيادة على السبعة في بعض الكلمات اما لا يثبت واما ان يكون من قبيل الاختلاف في كيفية الاداء كما في المد والامالة ونحوهما .

واختلفوا ايضاً فقالت طائفة منهم المراد بالأحرف السبعة اللغات لما نقل عن ابن عباس انه قال : نزل القرآن على سبع لغات وهؤلاء قد اختلفوا فقال ابو عبيد ليس المراد ان كل كلمة تقرأ على سبع لغات بل اللغات السبعة مفرقة فيه فبعضه بلغة قريش وبعضه بلغة هذيل وبعضه بلغة هوازن وبعضه بلغة اليمن وغيرهم وبعض هذه اللغات اسعد بها من بعض واكثر نصيباً وقال الفيرز آبادي في القاموس مثل ذلك وكذا عبد الرحيم صفي پور في كتابه منتهى الأرب في لغة العرب في مادة (ح ر ف) وابن الأثير في نهايته والطبري في تفسيره الا انه خالف بعدها بقوله سبعة السن من بين السن العرب التي يعجز عن احصائها وخالف بعض في تعيينها .

فقال : المراد بها خمس لغات في اكناف هوازن وهي سعد وثقيف وكنانة وهذيل وقريش ولغتان على جميع السنة العرب وقيل اللغات السبعة كلها من مضروهم سبع قبائل هذيل وكنانة وقيس وضبة وتيم الرباب واسد بن خزيمة وقريش وقال ابو حاتم السجستاني نزل القرآن بلغة هذيل وقريش وتيم الرباب والأزد وربيعة وهوازن وسعد بن بكر وقال ابن قتيبة : اللغات السبعة كلها في بطون قريش واحتج بقوله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ } [إبراهيم : 4] والنبي صلى الله عليه وآله كان قريشياً .

وبذلك جزم ابو علي الاهوازي ونقل ابو اسامة عن بعض شيوخهم انه نزل القرآن أولا بلسان قريش ومن جاورهم من الفصحاء ثم ابيح للعرب ان يقرؤوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على خلافهم في الألفاظ ووالاعراب ولم يكلف احد منهم الانتقال من لغة الى لغة اخرى للمشقة .

ولما كان فيهم من الحمية وطلب تسهيل فهم المراد مع اتفاق المعنى وعلى هذا ينزل اختلافهم في القراءة وحكى امين الاسلام الطبرسي في مجمع البيان ان قوماً قالوا ان المراد بالأحرف اللغات مما لا يغير حكماً في تحليل ولا تحريم مثل هلم وأقبل وتعال قالوا او كانوا مخيرين في مبتدأ الاسلام في ان يقرأوا بمام شاؤوا ثم اجمعوا على اخذها واجماعهم حجة فصار ما اجمعوا عليه مانعاً مما اعرضوا عنه انتهى وقال ابن حجر ووتتمة ذلك ان يقال ان الاباحة المذكورة لم تقع بالتشهي اي ان كل احد يغير الكملة بمراد فها في لغته بل المراعى في ذلك السماع عن النبي صلى الله عليه وآله ويشير اليه قول كل من عمر وهشام في الحديث المذكور اقرأني النبي صلى الله عليه وآله ولكن ثبت عن غير واحد من الصحابة انه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعاً له .

وقال الصحابي : الاحرف السبعة انما كانت في اول الامر لاختلاف لغات العرب ومشقة تكلمهم بلغة واحدة فلما كثر الناس واكلتب عادت الى قراءة واحدة وكيف كان فقد نسبه السفاقسي في غيث النفع الى معظم علمائهم وذهبت طائفة أخرى منهم الى ان المراد بالحرف وجه القراءة وبالسبعة الأحرف سبعة وجوه للقراءة قال ابن حجر : المراد ان القرآن نزل على سبعة أو جه يجوز ان يقرأ بكل وجه منها وليس المراد ان كل كلمة وجملة منه يقرأ على سبعة أوجه بل المراد ان غاية ما ينتهي اليه عدد القراءات في الكلمة الواحدة سبعة فيقرأ الكلمة بوجه أو وجهين الى سبعة .

وقيل والّف ابو شامة كتاباً على ما حكاه السفاقسي عنه نفى فيه ان المراد منه ان تقرأ كل كلمة على سبعة أوجه اذ لا يوجد ذلك الا في كلمات يسيرة نحو آرجه وهيت وجبرئيل ونفى فيه ايضاً ان المراد هؤلاء القراء السبعة الشمهورين لان منها ما هو اجتهاد من المقري ومنها ما هو منقول بخبر الواحد وهذا هو رأي جماعة المحققين منهم .

وقيل اجمعوا على ان ليس المراد كما تقدمن ان كل لفظ منه يقرأ على سبعة أوجه بل هو غير ممكن بل لا يوجد في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه الا الشيء القليل مثل {عبد الطاغوت} ، و {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء : 23] .

وذهب طائفة ثالثة الى ان المراد من الحرف شيء مغاير وان السبعة الاحرف سبعة اشياء متغايرة قال ابن قتبيبة ألمراد من التغاير في الاحرف السبعة سبعة اشياء :

(الاول) ما يتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل : {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة : 282] بنصب الراء ورفعها .

(الثاني) ما يتغير بتغير الفعل مثل : {بعّد بين اسفارهم} و {باعد بين اسفارنا} بصيغة الطلب والفعل الماضي .

(الثالث) ما يتغير بنقط بعض الحروف المهملة مثل ننشرها بالزاء والراي .

(الرابع) ما يتبدل بابدال حرف قريب من مخرج الآخر مثل {طلح منضود} و {طلع منضود} .

و (الخامسِ) ما يتغير بالتقدم والتأخر مثل و {جاءت سكرة الحق بالموت} .

(السادس) ما يتغير بزيادة أو نقصان مثل : {والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى والذكر والانثى} هذا في النقصان واما في الزيادة فكما في قراءة من قرأ {وانذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين} .

(السابع) ما يتعغر بابدال كلمة بكلمة كما في العهن المنفوش والصووف المنفوش .

ويقرب منه ما حكاه شيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي في تفسير التبيان عن بعض علمائهم من ان المراد بالحرف هنا انما هي وجوه اختلافات سبعة وعددها بعد ذلك بقوله :

(أولها) اختلاف اعراب الكملة او حركة بنائها فلا يزيلها عن صورتها في الكتاب ولا يغير معناها نحو قوله : {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود : 78] بالرفع والنصب و {هل نجازي الا الكفور} [سبأ ـ 17] بالنصب والنون و (هل يجازي الا الكفور) بالياء والرفع و (بالبخل) و (البخل) و (البخل) برفع برفع الباء ونصبها و (ميسرة) (البقرة ـ 28) و (ميسرة) بنصب السين ورفعها .

و (الثاني) الاختلاف في اعراب الكلمة وحركات بنائها مما يغير معناها ولا يزيلها عن صورتها في الكتابة مثل قوهل {ربنا باعد بين اسفارنا} [سبأ ـ 19] على الخبر (ربنا باعد) على الدعاء و {اذ تلقونه بالسنتكم} [النور ـ 15] بالتشديد وتلقونه بكسر اللام والتخفيف .

و (الوجه الثالث) الاختلاف في حروف الكلمة دون اعرابها مما يغير معناها ولا يزيل صورتها نحو قوله تعالى : {كيف ننشزها} [البقرة ـ 259] بالزاء المعجمة وبالراء الغير معجمة .

و (الرابع) الاختلاف في الكلمة مما يغير صورتها ولا يغير معناها نحو قوله : {ان كانت الاصيحة واحدة} [يس ـ 29] والازقية وكالوف المنفوش وكالعهن المنفوش (القارعة ـ 5) .

(الخامس) الاختلاف في الحروف مما يزيل الصورة والمعنى نحو : (طلح منضود) وطلع (الواقعة ـ 29) .

(السادس) الاختلاف بالتقديم والتأخير نحو قوله (وجاءت سكرة الموت بالحق) (ق ـ 19) (وجاءت سكرة الحق بالموت) .

(السابع) الاختلاف بالزيادة والنقصان نحو قوله (وما عملت ايديهم) و (ما عملته) (يس ـ 35) باسقاط الهاء واثباتها ونحو قوله (فإن الله هو الغني الحميد) (وان الله الغني الحميد) في سورة الحديد .

قال الشيخ الطائفة الطوسي (قده) بعد نقل الكلام المتقدم ما نصه وهذا الخبر ـ يعني حديث نزول القرآن على سبعة احرف ـ وان كان خبراً واحداً لا يجب العمل به فالوجه الأخير اصلح الوجون على ما روى عنهم عليهم السلام من جواز القراءة بما اختلف القراء فيه انتهى .

واعترض عليه المحقق الفاضل السيد البروجردي في تفسير بقوله :

لكنك قد سمعت تظافر اخبارنا على رد خبر نزوله على سبعة أحرف وعلى فرضه فمقتضاه نزوله على الوجوه السبعة واين هذا من جواز متابعتهم في قراءاتهم المختلفة التي ستسمع اختلافها (12) .

وكذلك الفيض الكاشاني (قده) في الوافي بقوله : اما حمل الحديث على سبعة أوجه من القراءة ثم التكلف في تقسيم وجوه القراءة على هذا العدد كما نقله في مجمع البيان عن بعضهم فلا وجه له مع انه يكذبه ما رواه في الكافي باسناده عن زراره عن ابي جعفر عليه السلام قال : ان القرآن نزل من عند الواحد ولكن الاختلاف يجئ من قبل الرواة .. الخ .

ثم قال بعد كلام له في البين : الظاهر ان الاختلاف المعتبر ما يسري من اللفظ الى المعنى مثل مالك وملك دون ما لا يجاوز اللفظ أو يجاوزه ولم يخل بالمعنى المقصود سواء كان بحسب اللغة مثل كفوءاً بالهمزة أو بالواو و مخففاً ومثقلاً أبو بحسب الصرف مثل يرتد ويرتدد أو بحسب النحو مثل : (لا يقبل منها) بالتاء والياء وما يسري الى المعنى ولم يخل بالمقصود مثل الريح والرياح للجنس والجمع فان في امثال هذه موسّع علينا القراءات المعروفة وعليه يحمل ما ورد عنهم من اختلاف القراءة في كلمة واحدة وما ورد ايضاً من تصويبهم القراءتين جميعاً أو يحمل على انهم عليه السلام لما لم يتمكنوا ان يحملوا الناس على القراءة الصحيحة جوّزوا القراءة بغيرها كما اشير اليه بقولهم عليهم السلام : اقرؤوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم وذلك كما جوّزوا قراءة أصل القرآن كما هو عند الناس دون ما هو محفوظ عندهم .

وعلى التقديرين نحن في سعة منها جميعاً وقد اشتهر بين الفقهاء وجوب التزام عدم الخروج عن القراءات السبع أو العشر المعروفة لتواترها وشذوذ غيرها والحق ان المتواتر من القرآن اليوم ليس الا القدر المشتترك بين القراءات جميعاً دون خصوص آحادها اذ المقطوع به ليس الاذاك فان المتواتر لا يشتبه بغيره (13) .

واما ابن الجزري فقد ذهب الى ان المراد من الاحرف السبعة بعد تتبعه وامعان النظر في نيف وثلاثين سنة على حد تعبيره ان القراءات صحيحها وشاذها وضعيفها ومنكرها يرجع اختلافها الى سبعة اوجه من الاختلاف لا يخرج عنها وذلك اما في الحركات بلا تغير في المعنى والصورة نحو البخل بأربعة ويحسب بوجهين او بتغير في المعنى فقط نحو (فتلقى آدم من ربه كلمات) واما في الحروف بتغير في المعنى لا في الصورة نحو (يتلو) و (تتلو) أو عكس ذلك ـ اي في الصورة لا في المعنى ـ نحو (بصطة) و (بسطة) أو بتغيرهما نحو (اشد منكم) و (منهم) .

واما في التقديم والتأخير نحو (فيقتلون) و(ويقتلون) أوفي الزيادة والنقصان نحو (وأوصى) ، (ووصى) فهذه سبعة أوجه .

وقالت طائفة رابعة ان المراد بسبعة أحرف وجوه القراءة التي اختارها القراء وهي السبعة المشهورة وقال المطرزي في المغرب هذا أحسن الأقوال فيها وهو ظاهر كلام الباقلاني .

وقال محمد بن أبي صفرة : القراءات السبع التي يقرؤها الناس اليوم انما هي حرف واحد من تكلك الاحرف السبعة ويقرب منه قول مكي بن ابي طالب حيث قال هذه القراءات التي يقرأها الناس وصحت روايتها عن الائمة جزء من الاحرف السبعة التي نزل بها القرآن .

وقال طائفة خامسة انه قد انكر اكثر أهل العلم ان يكون معنى الاحرف اللغات واختلف هؤلاء على أقوال فقيل هي في المعاني يعنى انه نزل القرآن على سبعة اصناف من المعاني واحتج بحديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال : (كان الكتاب الأول منزلا من باب واحد على حرف واحد ونزل القرآن من سبعة ابواب على سبعة احرف زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وامثال) وردّ اولا بعدم ثبوت هذا الحديث من طريق معتبر وثانياً بان قوله زاجر وما بعده استيناف كلام آخر أي هو يعني القرآن زاجر لا تفسير للاحرف او تفسير للأبواب لا للأحرف يعني ان للقرآن سبعة ابواب من ابواب الكلام وقيل هي في اختلاف اللفظ واتحاد المعنى .. الخ الى آخره من الاقوال المضطربة والمتداعية كما سيأتي بيان ما فيها من الوهن والقصور الا اننا قد اطلنا في نقلها لقصد ايضاح ما فيها من الزيف وكشف تهافتها .

قال المحقق السيد البروجردي في تفسيره :

و ... ما يتوهم من ان المارد بها القراءات السبع المشتهرة في الازمنة المتأخرة وهو توهم فاسد نبه على فساده كثير من الخاصة والعامة .. بل صرحوا بان القراءات المتداولة بينهم في الاعصار المتقدمة كانت أزيد من عشرين وقد صنفوا فيها الكتب والتصانيف وان أول من اقتصر على السبعة هو ابن مجاهد وقد اعترضوا عليه في اختيار العدد والمعدحود بل حكى الاجماع عنهم فضلا عن غيرهم على فساد هذا التوهم ومنها غير ذلك من الأقوال الكثيرة المحكية عنهم على نحو أربعين قولا بل ربما يقال ان الخبر من المشكل الذي لا يدري معناه لأن الحرف يصدق لغة على حرف الهجاء وعلى الكلمة وعلى المعنى وعلى الجملة .. (14) .

وقد روى في بعض المصنفات الحديثيّة للشيعة الامامية ما يتضمن نفس المعنى وذلك في روايتين رواهما رئيس المحدثين الصدوق (رض) في كتاب الخصال :

(الاولى) عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن آبائه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أتأني آت من الله فقال : ان الله يأمرك ان تقرأ القرآن على حرف واحد فقلت : يا ربّ وسع على امّتي فقال : ان الله يأمرك ان تقرأ القرآن على سبعة أحرف (15) .

(الثانية) عن الامام الصادق عليه السلام حين قال له حمّاد : ان الأحاديث تختلف عنكم قال فقال عليه السلام : ان القرآن نزل على سبعة أحرف وادناها للامام ان يفتي على سبعة وجوه ثم قال : هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب (16) .

أقول : ونجيب عنه بوجوه :

(الاول) موافقتها للاخبار العامية المتقدمة بصريح اللفظ والمعنى والحمل على التقية منن اظهر المصاديق التي صرح بها جمع من المحققين بل المشهور بينهم (17) .

وقال السيد حسين البروجردي في تفسير الصراط المستقيم :

لا يخفى عليك ان هذه الأخبار لضعف سندها وقصور دلالتها وموافقتها للاخبار العامية المتقدمة بل جملة منها بعينها مروية عن طرقهم ومخالفتها لما يأتي مما هو أقوى سنداً واوضح دلالة لا تتنهض حجة لاثبات نزوله على الوجوه السبعة بحسب المادة أو الهيئة او اللغة انتهى (18) .

وقال الفقيه الهمداني في مصباح الفقيه :

ان التمسك بالخبر المزبور لصحة القراءات وتواترها عن النبي صلى الله عليه وآله في غير محله وكفاك شاهداً لذلك ما قيل من انه نقل اختلافهم في معناه الى ما يقرب من اربعين قولا انتهى (19) .

وقال الشهيد الثاني في مسالك الافهام في باب المهر ما لفظه :

انه قد فسرها بعضهم بالقراءات السبع وليس بجيد لأن القراءات المتواترة لا تنحصر في السبعة بل ولا في العشرة كما حقق في محله واقتصروا على السبعة تبعاً لابن مجاهد حيث اقتصر عليها تبركاً بالحديث وفي اخبارنا ان السبعة ليست هي القراءات بل انواع التركيب من الأمر والنهي والقصص وغيهرا .

(الثاني) انها معارضة بما هو اقوى منها سنداً ومتناً ودلالة واستفاضة .

(الثالث) قصور دلالتها فلا تنهض حجة لاثبات نزوله على القراءات السبع للقراء السبعة الشمهورين وغير ذلك من المعاني المتقدمة كما سيأتي تفصيل القول فيه عما قريب .

(الرابع) على ما هو الارجح عندي والاقوى لدي من ان الرواية التي رواها الصدوق عن الامام الصادق عليه السلام والاخرى التي رواها عن امير المؤمنين عليه السلام غير منافية للروايات التي وردت في الباب من طرق الشيعة والتي تمنع من نزول القرآن على سبعة احرف بمعنى سبع قراءات او نحو ذلك فلا تجعل صفاً لصف مع امثال خبر الهاشمي ولا تنزل منزلتها الذي ينطبق عليه ما قدمنا ذكره من سهام النقض والابرام بل قصارى ما يمكن ان يفهم من تلك الروايات المنع من ارادة المعاني المتقدمة والتي ذهب جمع علماء العامة اليها وجعلوها ذريعة للعبث في سياق الفاظ القرآن وصورتها المادية وهيئتها العنصرية حتى وصلت الى الحالة التي انتهت اليها من الاختلاف والاضطراب .

واما خبر حماد المتقدم فانه مجمل لا يفهم المراد من معنى الحرف الذي ورد ذكره فيه بل هو أجنبي عنها فلابد أن يتتناوله بيان مستقل وتجعل الرواية التي رواها علم الهدى السيد المرتضى في كتاب المحكم والمتشابه والتي هي بمحل من الاعتبار مبينة وشارحة ومفصلة للمراد بالحرف الوارد في خبر حماد وانه معنى أجنبي وانشائي مستأنف وجعل جديد لا يتنافى مع أصول المذهب ومسائله مضافاً الى ما فيه من القرائن والشواهد اللفظية على هذه الدعوى وها نحن ننقلها من الكتاب المذكور بتمامها وكمالها ليتضح موضع الاستدلال منها مع ما هي عليه من جودة المنطوق وكثرة المحصول مع ما صدرها السيد المرتضى نفسه حيث قال قدس الله نفسه الزكية :

اعلموا رحمكم الله ان من لم يعرف من كتاب الله عزوجل الناسخ من المنسوخ والخاص من العام والمحكم من المتشابه والرخص من العزائم والمكي والمدني واسباب التنزيل والمبهم من القرآن في الفاظه المنقطة والمؤلفة وما فيه من علم القضاء والقدر والتقديم والتأخير والمبين والمعمى والظاهر والباطن والابتداء من الانتهاء والسؤال والجواب والقطع والوصل والمستثنى منه والجار فيه والصفة لما قبله مما يدل على بعده والمؤكد منه والمفصل وعزائمه ورخصه ومواضع فرائضه

واحكامه ومعنى حلاله وحرامه الذي هلك فيه الملحدون والموصول من الألفاظ والمحمول على ما قبله وعلى ما بعده فليس بعالم بالقرآن ولا هو من أهله ومتى ادعى معرفة هذه الاقسام مدع بغير دليل فهو كاذب مرتاب مفتر على الله الكذب ورسوله ومأواه جهنم وبئس المصير ولقد سال امير المؤمنين عليه السلام شيعته عن مثل هذا .

فقال : ان الله تعالى انزل القرآن على سبعة أحرف كل قسم منها كاف شاف وهي أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل ومثل وقصص ان في القرآن ناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وخاص وعام ومقدم ومؤخر ورخص وعزائم وحلال وحرام وفرائض واحكام ومنقطع معطوف ومنقطع غير معطوف وحرف مكان حرف .

ومنه ما لفظه خاص ومنه ما لفظه عام محتمل العموم ومنه ما لفظه واحد ومعناه جمع ومنه ما لفظه جمع ومعناه واحد ومنه ما لفظه ماض ومعناه مستقبل ومنه ما لفظه الخبر ومعناه حكاية عن قوم آخرين ومنه ما هو باق محرف عن جهته ومنه ما اهو على خلاف تنزيله ومنه ما تأويله في تنزيله ومنه ما تأويله مع تنزيله ومنه ما تأويله قبل تنزيله ومنه ما تأويله بعد تنزيله ومنه آيات بعضها في سورة وتمامها في سورة اخرى ومنه آيات نصفها منسوخ ونصفها متروك على حاله .

ومنه آيات مختلفة اللفظ متفقة المعنى ومنه آيات متفقة اللفظ مختلفة المعنى ومنه آيات فيها رخصة واطلاق بعد العزيمة لأن الله عزوجل يحب ان يؤخذ برخصه كما يؤخذ بعزائمه ومنه رخصة صابحها فيها بالخياران شاء اخذ بها وان شاء تركها ومنه رخص ظاهرها خلاف باطنها ومنه ما يعمل بظاهرها عند التقية ولا يعمل بباطنها مع التقية ومنه مخاطبة القوم والمعنى لآخرين ومنه مخاطبة النبي صلى الله عليه وآله ومعناه واقع على امته ومنه ما لا يعرف تحريمه الا بتحليله ومنه ما تأليفه وتنزيله على غير ما انزل فيه .

ومنه رد من الله واحتجاج على جميع الملحدين والزنادقة والدهرية والثنوية القدرية والمجبرة وعبدة الاوثان وعبدة النيران ومنه احتجاج على النصارى في المسيح عليه السلام ومنه الرد على اليهود ومنه الرد على من زعم ان الايمان لا يزيد ولا ينقص وان الكفر كذلك ومنه الرد على من زعم انه ليس بعد الموت وقبل القيامة ثواب وعقاب ومنه رد على من انكر فضل النبي صلى الله عليه وآله جميع الخلق ومنه رد على من انكر الاسراء به ليلة المعراج ومنه رد على من أثبت الرؤية .

ومنه صفات الحق وابواب معاني الايمان ومنه وجوبه ووجوهه ومنه رد على من انكر الايمان والكفر والشرك والظلم والظلال ومنه رد على من وصف الله وحده ومنه رد على من انكر الرجعة ولم يعرف تأويلها .

ومنه رد على من زعم ان الله عزوجل لا يعلم الشيء حتى يكون ومنه رد على من لم يعرف الفرق بين المشيئة والارادة والقدرة في مواضع ومنه معرفة ما خاطب الله عزوجل به الائمة والمؤمنين ومنه اخبار خروج القائم منا ومنه ما بين الله فيه شرائع الاسلام وفرائض الاحكام والسبب في معنى بقاء الخلق ومعائشهم ووجوه ذلك .

ومنه اخبار الانبياء وشرائعهم وهلاك اممهم ومنه ما بين الله تعالى في مغازى النبي صلى الله عليه وآله وحروبه وفضائل اوصيائه وما يتعلق بذلك ويتصل به فكانت الشيعة اذا فرغت عن تكاليفها تسأله عن قسم قسم فيخبرها (20) .. الى ان قال في تفصيل تلك الاحرف السبعة بعد كلام طويل له في توضيح ما أجمله فيها تقدم من نقل كلامه عليه أفضل الصلاة والسلام فقال : (21) .

[1] وأما ما فرضه سبحانه من الفرائض في كتابه : فدعائم الاسلام وهي خمس دعائم وعلى هذه الفرائض بنى الاسلام فجعل سبحانه لكل فريضة من هذه الفرائض اربعة حدود لا يسمع احد جهلها أولها الصلاة ثم الزكاة ثم الصيام ثم الحج ثم الولاية وهي خاتتمتها والحافظة لجميع الفرائض والسنن .

فحدود الصلاة اربعة معرفة الوفت والتوجه الى القبلة والركوع والسجود وهذه عوام في جميع الناس العالم والعامل وما يتصل بها من جميع أفعال الصلاة والأذان والاقامة وغير ذلك ولما علم الله سبحانه ان العباد لا يستطيعون أن يؤدوا هذه الحدود كلها على حقايقها جعل منها فرائض وهي الأربعة المذكورة وجعل ما فيها من غير هذه الاربعة المذكورة من القراءة والدعاء والتسبيح والتكبير والأذان والاقامة وما شاكل ذلك سنة واجببة من أجلها عمل بها فهذا ذكر حدود الصلاة .

واما حدود الزكاة فأربعة أولها معرفة الوقت التي تجب فيه الزكاة والثاني القيمة والثالث الموضع التي توضع فيه الزكاة والرابع العدد فاما معرفة العدد والقيمة فانه يجب على الانسان ان يعلم كم يجب من الزكاة في الاموال التي فرضها الله تعالى من الابل والبقر والغنم والذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والزبيب فيجب ان يعرف كم يخرج من العدد والقيمة ويتبعها الوزن والكيل والمساحة فما كان من العدد فهو باب الابل والبقر والغنم واما المساحة فمن باب الأرضين والمياه وما كان من الكيل فهو من أبواب الحبوب التي هي من أقوات الناس في ذلك واما الوزن فمن الذهب والفضة وسائر ما يوزن من أبواب سلع التجارات مما لا يدخل فيه العدد ولا الكيل فاذا عرف الانسان ما يجب عليه في هذه الاشياء وعرف الموضع التي توضع فيه كان مؤدياً للزكاة على ما فرض الله تعالى .

واما حدود الصيام فاربعة حدود : أولها وثانيها اجتناب الاكل والشرب والثالث اجتناب القيء متعمداً والرابع الاغتماس في الماء وما يتصل بها وما يجري مجراها والسنن كلها واما حدود : الحج فأربعة وهي الاحرام والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والوقوف في الموقفين وما يتبعهما وما يتصل بها فمن ترك هذه الحدود وجب عليه الكفارة والاعادة واما حدود الوضوء للصلاة فغسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين وما يتعلق بهما ويتصل سنة واجبة على من عرفها وقدر على فعلها .

واما حدود المستحق للامامة فمنها ان يعلم الامام المتولى عليه انه معصوم من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها لا يزل في الفتيا بولا يخطي في الجواب ولا يسهو ولا ينسي ولا يلهوه شيء من امور الدنيا .

والثاني ان يكون اعلم الناس بحلال الله وحرامه وضروب احكامه وامره ونهيه وجميع ما يحتاج الناس اليه ويتسغني عنهم والثالث يجب ان يكون اسخى الناس وان بخل الناس كلهم لانه ان استولى عليه الشح شح على ما في ايديه من اموال المسلمين والخامس العصمة من جميع الذنوب وبذلك يتميز عن المأمومين الذين هم غير معصومين لأنه لو لم يكن معصومأً لم يؤمن عليه ان يدخل فيها يدخل فيه الناس من موبقات الذنوب المهلكات والشهوات واللذات ولو ضل في هذه الاشياء لاحتاج الى من يقيم الحدود فيكون حينئذ اماماً مأموماً ولا يكون ان يكون الامام بهذه الصفة .

واما وجوب كونه اعلم اللناس فانه لولم يكن اعلم الناس لم يؤمن عليه تقلب الاحكام والحدود وتختلف عليه القضايا المشكلة فلا يجيب عنها او يجيب عنها بخلافها واما وجوب كونه اشجع الناس فلما قدمنا انه لا يجوز ان ينهزم فيبوء بغضب من الله تعالى وهذه لا يصح ان تكون صفة الامام .

واما وجوب كونه اسخى الناس فلما قدمنا وذلك لا يليق بالامام وقد جعل الله بهذه الاربعة دليلين أبان بهما المشكلات وهما الشمس والقمر اي النبي ووصية بلا فصل .

[2] واما الزجر في كتاب الله تعالى : فهو ما نهى الله سبحانه ووعد عليه بالعقاب لمن خالفه مثل قوله : (ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا) وقوله تعالى : (ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن) .

وقوله سبحانه : (ولا تأكلوا الربا اضعافاً مضاعفة) وقوله تعالى : (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق) ومثل هذا كثير في كتاب الله تعالى .

 [3] زاما الترغيب في كتاب الله تعالى : فقوله { ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاماً محموداً} وقوله {من عمل صالحاً منن ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} وقوله {من عمل صالحاً من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) وقوله : {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّة شراً يره} وقوله تعالى : {يا ايها الذين آمنوا هل أدلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون بالله ورسوله} الآية وقوله : {ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً} وأمثال ذلك كثير في كتاب الله .

[4] واما الترهيب في كتاب الله تعالى : {يا أيها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيء عظيم) الى قوله {وولكن عذاب الله شديد} وقوله عزوجل : {واتقوا يوماً ترجعون فيه الى الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون } وقوله تعالى { يا ايها الذين آمنوا اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً} الى آخر الآية وقوله {ان اللذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} .

[5] واما الجدال ومعانيه في كتاب الله تعالى : فقوله تعالى : {وان فريقاً من المؤمنين لكاذبون يجادلونك في الحق بعد ما تبين لهم كأنما يساقون الى الموت وهم ينظرون} ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله الى بدر كان خروجه في طلب العدو وقال للصحابة : ان الله عزوجل وعدني ان اظفر بالعير او بقريش فخرجوا مع على هذا فلما اقبلت العير وامره الله بقتال قريش اخبر أصحابه فقال : ان قريشاً قد اقبلت وقد ووعدني الله سبحانه احدى الطائفتين انها لكم وامرني بقتال قريش .

قال : فجزعوا من ذلك وقالوا : يا رسول الله تعالى : {واذ يعدكم الله احدى الطائفتين انها لكم وتؤدون ان غير ذات الشوكة تكون لكم} الى قوله {ويقطع دابر الكافرين} وكقوله سبحانه { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشكتي الى الله} وقوله سبحانه {وجادلهم بالتي هي احسن} ومثل هذا [ كثير في كتاب الله تعالى .

[واما] الاحتجاج علىالملحدين وأصناف المشركين مثل قوله حكاية عن قول ابراهيم عليه السلام : { الم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه أن آتاه الله الملك } الى آخر الاية وقوله سبحانه عن الانبياء في مجادلتهم لقومهم في سورة الاعراف وغيرها وقوله تعالى حكاية عن قوم نوح عليه السلام : { يا نوح قد جادلتنا فاكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين } ومثل هذا كثير موجود في مجادلة الامم للانبياء .

[6] واماما في كتاب الله تعالى من القصص عن الامم فانه ينقسم على ثلاثة اقسام : فمنه ما مضى فما حكاه الله تعالى فقال : { نحن نقص عليك أحسن القصص بما اوحينا اليك هذا القرآن} ومنه قول موسى لشعيب { فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين } ومنه ما انزل الله من ذكر شرائع الانبياء وقصصهم وقصص اممهم حكاية عن آدم الى نبينا صلى الله عليه وآله وعليهم اجمعين .

وما الذي كان في عصر النبي صلى الله عليه وآله فمنه ما انزل الله تعالى في مغازيه واصحابه وتوبيخهم ومدح من مدح منهم وذم من ذم منهم وما كان من خير وشر وقصة كل فريق منهم مثل ما قص من قصة غزاة بدر واحد وخيبر وحنين وغيرها من المواطن والحروب ومباهلة النصارى ومحاربة اليهود وغيره مما لو شرح لطال به الكتاب .

واما قصص ما يكون بعده مما أخبر النبي صلى الله عليه وآله به وما لم يخبر والقيامة واشراطها وما يمكن من الثواب العقاب واشباه ذلك .

[7] واما ما في كتاب الله تعالى من ضرب الامثال مثل قوله تعالى : { ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة } الى آخر الاية وقوله تعالى : { مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا انفسهم } الاية وكقوله : { الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح } الى آخر الاية وانما ضرب الله سبحانه هذه الامثال للناس في كتابه ليعتبروا بها ويستبدلوا بها ما اراده منهم من الطاعة وهو كثير في كتاب تعالى اه (22) .

(العامل التاسع)

اختلاف الرواة من جهات :

(الاولى) اختلافهم في الاصقاع والامصار وتفرقهم في المدن المتباعدة .

(الثانية) اختلافهم في المذهب فلم يكونوا في الاعتقاد على مذهب واحد بل كل طائفة منهم ان لم تقل كل واحد منهم كانت تدين بمذهب من المذاهب الاسلامية وهذا بطبيعة الحال يوجب الاختلاف في المبنى واصول التلقي والرواية .

(الثالثة) اختلافهم في النقل والرواية فكل واحد منهم كان ينقل في واضع خاصة من القرآن بخلاف ما ينقل الاخرون في روايتهم عن الصدر الاول والنبي صلى الله عليه وآله بالذات .

(الرابعة) اختلافهم في اغراض النقل فبعضهم ينقل بقصد الرواية وبعضهم للدراية وبعضهم للغيرة والحمية على الدين وبعضهم لنيل حطام الدنيا واشباع البطن وهكذا .

(العامل العاشر)

 مجاورة المسلمين على حدود الدولة الاسلامية للاعاجم حيث شدة المخالطة لهم والتعامل معهم اديا الى شيوع اللحن على السنتهم لتداخل اللغة باقتضاء ضرورة التعايش والتجاور قال ابو نصر الفارابي في كتاب الالفاظ والحروف :

كانت قريش أجود العرب انتقاء الافصح من الالفاظ واسهلها على اللسان عند النطق واحسنها مسموعأً وأبينها عما في النفس والذين عنهم نقلت اللغة العربية وبهم اقتدى وعنهم أخذ السان العربي من بين قبائل العرب هم : قيس وتميم واسد فان هؤلاء هم الذي أخذ عنهم اكثر ما أخذ ومعظمه وعليهم اتكل في الغريب و في الاعراب التصريف ثم هذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر قبائلهم وبالجملة فانه لم يؤخذ عن حضري لا عن سكان البرارري ممن كان يسكن اطراف بلادهم التي تجاور سائر الامم الذين حولهم :

لم يؤخذ من لخم ولا من جذام فانهم كانوا مجاورين لأهل مصر والقبط ولا من قاعة ولا من غسان ولا من اياد فانهم كانوا مجاورين لأهل الشام واكثرهم نصارى يقرؤون بصلاتهم بغير العربية .

ولا من تغلب ولا النمر فانهم كانوا بالجزيرة مجاورين لليونانية .

ولا من بكر لانهم كانوا مجاورين للنبط والفرس .

ولا من عبد القيس لانهم كانوا من سكان البحرين مخالطين للهند والفرس .

ولا من أزد عمان لمخالطتهم للهند والفرس .

ولا من اهل اليمن اصلا لمخالطتهم للهند والحبشة ولولادة الحبشة فيهم .

ولا من بني حنيفة وسكان اليمامة ولا من ثقيف وسكان الطائف لمخالطتهم تجار الامم المقيمين عندهم .

ولا من حاضرة الحجاز لان الذين نقلوا اللغة صادفوهم حين ابتدأوا ينقلون لغة العرب قد خالطوا من غيرهم من الامم وفسدت السنتهم (23) .

____________________________

(1) الكافي ج 2 باب النوادر رقم الحديث (23) .

(2) شرح أصول الكافي للمولى محمد صالح المازندراني ج 11 ص 74 ط طهران .

(3) مرآة العقول في شرح اخبار آل الرسول ج 12 ص 523 ط طهران منشورات مكتبة ولي العصر (عليه السلام) .

(4) الانوار النعمانية ج 2 ص 360 ط تبريز .

(5) الخصائص ج 1 ص 77 ـ 78 .

(6) مراتب النحويين ص 74 .

(7) قال ابن هشام الانصاري بعد شرحه هذه المسالة : وليس هذا مما يخفى على سيبويه ولا على اصاغر الطلبة ولكنه كما قال ابو عثمان المازني : دخلت بغداد فألقيت على مسائل فكنت اجيب فيها على مذهب ويخطئونني على مذاهبهم وهكذا اتفق لسيبويه (رحمة الله (معنى اللبيب مادة اذا) .

(8) المصباح المنير .

(9) يقال ساور فلاناً واثبة او وثب عليه .

(10) صحيح البخاري فضائل القرآن 5 ـ 27 ـ ومسند ابن حنبل ج 1 ص 24 .

(11) صحيح مسلم 273 ومسند ابن حنبل ج 5 ص 127 .

(12) تفسير الصراط المستقيم ج 3 ص 96 ـ 97 ـ ط بيروت مؤسسة الوفاء .

(13) الوافي ج 2 ص 272 ط قم مكتبة السيد المرعشي .

(14) تفسير الصراط المستقيم ج 3 ص 99 .

(15) الخصال ج 2 ص 402 المذيل بالترجمة الفارسية

(16) نفس المصدر السابق

(17) نفس المصدر السابق

(18) تفسير الصراط المستقيم ج 3 ص 93 .

(19) مصباح الفقيه ج 2 ص 274 .

(20) رسالة المحكم والمتشابه من ص 5 الى ص 9 ط حجري .

(21) نفس المصدر السابق ص 77 .

(22) رسالة المحكم والمتشابه لعلم الهدى السيد المرتضى ص 84 ط حجري .

(23) الاقتراح للسيوطي ص 22 نقلا عن كتاب الفارابي (الالفاظ والحروف) .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .