أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-11
549
التاريخ: 20-09-2015
1624
التاريخ: 16-10-2014
2630
التاريخ: 16-10-2014
19121
|
مؤلفه :
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ، ولد في شيراز سنة (1347هـ) ، أكمل الدراسة الثانوية ، ثم التحق بالحوزة العلمية في شيراز ، انتقل بعدها الى مدينة قم المقدسة وتتلمذ على اساتذة كبار منهم السيد البروجردي (رحمه الله) والعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي صاحب تفسير " الميزان " (رحمه الله) ، وغيرها حتى نال درجة الاجتهاد .
له مؤلفات كثيرة منها : القواعد الفقهية ، وتعليقات على العروة الوثقى ، وأنوار الفقاهة في البيع ، وله كتب أخرى باللغة الفارسية (1) .
وقد ساهم في هذا التفسير جمع من العلماء والفضلاء ذكرت أسماؤهم في مقدمة التفسير .
تفسيره :
وهو تفسير شامل لجميع آيات القرآن الكريم ، سهل العبارة يفيد الطبقة المثقفة لخلوه من التعقيد ، ولتناوله مشكلات ومسائل العصر ، مع طرح الشبهات المتعلقة بالآيات ومناقشتها وفي الوقت نفسه لم يهمل المهم مما جاء في تفاسير كبار المفسرين .
منهجه في التفسير :
يبدأ بذكر اسم السورة ، ويبين مكيها من مدنيها ، وعدد آياتها ، وأهمية السورة ، وفضل تلاوتها أحيانا ، ومحتويات موضوعاتها .
ثم يأتي على الآية والآيتين يذكر ما فيها من سبب النزول ، والتفسير ، وفي ذيل كل آية وتحت عنوان " بحث " يتناول ما يتعلق بالآية من مسائل شرعية ، أو علمية ، أو اجتماعية ، وما يتعلق بها من إشكالات وشبهات ومناقشتها والإجابة عليها .
كل ذلك جاء بأسلوب عصري سلس العبارة ، واضح لا غموض فيه ولا تعقيد .
ومما ينبغي الاشارة إليه هو أن المؤلف ركز في منهجه هذا على بيان معاني الكلمات لإعطاء فهم صحيح للقرآن ، مبتعدا عن الخوض في المسائل الأدبية والبلاغية والعرفانية .
وقد اعتمد هذا التفسير على ستة عشر تفسيرا وهي كمادة ذكرت في مقدمته :
1- مجمع البيان للشيخ الطبرسي .
2- أنوار التنزيل للقاضي البيضاوي .
3- الدر المنثور لجلال الدين السيوطي .
4- البرهان للمحدث البحراني .
5- الميزان للعلامة الطباطبائي .
6- المنار تقرير دروس الشيخ محمد عبده .
7- في ظلال القرآن لسيد قطب .
8- المراغي لأحمد مصطفى المراغي .
9- مفاتيح الغيب للفخر الرازي .
10- روح الجنان لأبي الفتح الرازي .
11- أسباب النزول للواحدي .
12- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي .
13- روح المعاني للآلوسي .
14- الصافي للملا محسن الفيض الكاشاني .
15- التبيان للشيخ الطوسي .
16- نور الثقلين لعبد علي بن جمعة الحويزي .
وتفاسير اخرى ..... (2)
خصائص هذا التفسير :
يمكننا أن نوجز أهم خصائص وميزات هذا التفسير بالأمور التالية :
1- بما أن القرآن " كتاب حياة " ركز تفسير " الأمثل " على المسائل الاجتماعية الحيوية المادية والمعنوية بحثا وتحليلاً ، وخاصة ما يرتبط بحياة الفرد والمجتمع .
2- تناول في ذيل كل آية وتحت عنوان " بحوث " ـ كما أشرنا الى ذلك فيما مضى ـ المسائل التي لها علاقة بالآية المطروحة بشكل مستقل كالربا ، والرق ، وحقوق المرأة ، وفلسفة الحج ، ومسائل الجهاد الاسلامي وغيرها .
3- أولى عنايته بمعاني الكلمات ، وأسباب النزول ، وغير ذلك مما له أثر في فهم الآية ، مجتنبا البحوث ذات الفائدة القليلة .
4- عرض التساؤلات والشبهات والاعتراضات المطروحة حول أصول الدين وفروعه بما يناسب كل آية ، والاجابة عليها باختصار كالمعراج ، وتعدد الزوجات ، وسبب الاختلاف بين الرجل والمرأة في الميراث ، ودية المرأة والرجل ، ونسخ الأحكام ، وغيرها من المسائل الأخرى .
5- الإعراض عن استعمال المصطلحات العلمية المعقدة ؛ لئلا يقتصر الكتاب على فئة خاصة من القراء (3) .
6- الابتعاد عن التفسير بالرأي ، والتحذير منه ، حيث وصفه بأنه ضلال ، ومسخ ، وانحراف عن الطريق ، انزلاق في متاهات الضلال (4) .
مثال من تفسيره :
[سورة البقرة ، مدنية ، وعدد آياتها مائتان وست وثمانون آية .
محتوى السورة :
هذه السورة أطول سور القرآن ، ومن المؤكد أنها لم تنزل مرة واحدة . بل في مناسبات ، حسب متطلبات المجتمع الاسلامي في المدينة . وتتميز بشمولها لمبادئ العقيدة ولكثير من الإحكام العملية (العبادية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ) ففي هذه السورة : ...... الخ .
فضيلة السورة :
وردت في فضيلة هذه السورة نصوص عديدة .......] الخ (5) .
{يسئلونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم }[البقرة : 215] .
سبب النزول :
(عمرو بن الجموح ) شيخ ثري سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عما ينفق ، ولمن يعطي ، فنزلت الآية .
التفسير :
يتعرض القرآن الكريم في آيات عديدة الى الانفاق والبذل في سبيل الله ، وحث المسلمين بطرق عديدة على الانفاق والأخذ بيد الضعفاء ، وهذه الآية تتناول مسألة الإنفاق من جانب آخر ، فثمة سائل عن نوع المال الذي ينفقه ، ولذلك جاء تعبير الآية بهذا الشكل {يسئلونك ماذا ينفقون } .
وفي الجواب بينت الآية نوع الإنفاق ، ثم تطرقت أيضا الى الاشخاص المستحقين للنفقة ، وسبب نزول الآية كما مر يبين أن السؤال اتجه الى معرفة نوع الإنفاق ومستحقيه .
بشأن المسألة الأولى : ذكرت الآية كلمة " خير " لتبين بشكل جامع شامل ما ينبغي ان ينفقه الانسان ، وهو كل عمل ورأسمال وموضوع يشتمل على الخير والفائدة للناس ، وبذلك يشمل كل رأسمال مادي ومعنوي مفيد .
وبالنسبة للمسألة الثانية : - أي موارد الإنفاق ـ فتذكر الآية أولا الأقربين ، وتخص الوالدين بالذكر ، ثم اليتامى ، ثم المساكين ، ثم أبناء السبيل ، ومن الواضح ان الانفاق للأقربين ـ إضافة الى ما يتركه من آثار تترتب على كل إنفاق ـ يوطد عرى القرابة بين الأفراد .
{ وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم } [البقرة : 215] .
لعل في هذه العبارة من الآية إشارة الى أنه يحسن بالمنفقين أن لا يصروا على اطلاع الناس على اعمالهم ، ومن الأفضل أن يسروا إنفاقهم بكل شيء ولا يضيع عنده سبحانه عمل عامل من البشر .
بحث : التجانس في السؤال والجواب :
ذهب البعض الى أن مورد السؤال في هذه الآية عن الأشياء التي يجب الإنفاق منها ، ولكن الجواب كان عن مصارف هذه النفقات والصدقات أي الأشخاص المستحقين لها ، وذلك بسبب أن معرفة موارد الصرف أهم وأولى ، ولكن هذه الفهم من الآية اشتباه محض ؛ لأن القرآن الكريم أجاب عن سؤالهم وكذلك بين موارد الإنفاق ، وهذا من فنون الفصاحة والبلاغة بحيث يجيب على السؤال ويضيف عليه بيان مسألة مهمة ضرورية .
وعلى أي حال فإن جملة { ما أنفقتم من خير } تبين أن الإنفاق أمر جميل وحسن في كل موضوع ومن كل شيء ويستوعب جميع الأمور
الحسنة سواء كانت في الأموال أو الخدمات أو الموضوعات المادية أو المعنوية .
ثم إن كلمة " خير " ذكرت بصورة مطلقة أيضا ، وتدل على أن المال والثروة ليست شيئا مذموماً بذاته ، بل هي من أفضل وسائل الخير بشرط الاستفادة السليمة والصحيحة منها .
وكذلك فإن التعبير بكلمة " خير " يمكن أن يكون إشارة الى أن الإنفاق يجب أن يكون خالياً من كل أذى ومنة بالنسبة الى الأشخاص المعوزين حتى يمكن أن يطلق عليه كملة "خير" بشكل مطلق . (6)
مثال آخر : الآية :
{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [النساء : 100].
الهجرة حكم إسلامي بناء :
بعد أن بحثت الآيات السابقة حول الأفراد الذين يقعون فريسة الذل والمسكنة بسبب عدم إيفائهم بواجب الهجرة تشرح الآية الأخيرة بشكل صريح وحاسم أهمية الهجرة في قسمين :
في القسم الأول :
تشير هذه الآية الى نعم وبركات الهجرة في الحياة الدنيا ، فتقول : إن الذي يهاجر في سبيل الله الى أي نقطة من نقاط هذه الأرض الواسعة سيجد الكثير من النقاط الآمنة الواسعة ليستقر فيها ، ويعمل هناك بالحق ويرغم أنف المعارضين { ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ...} .
ويجب الإلتفات الى أن عبارة " مراغم " مشتقة من المصدر " إرغام " على وزن " كلام " والذي يعني التراب ، والإرغام معناه التمريغ في التراب والإذلال ، و" مراغم " صيغة لاسم المفعول واسم مكان ايضا .
وقد وردت في الآية هذه بمعنى اسم مكان كذلك ، أي أنها المكان الذي يمكن فيه تحقيق الحق وتطبيقه والعمل به ، كما يمكن فيه إدانة المعارضين للحق وتمريغ أنفهم بالتراب .
بعد ذلك تشير الآية في القسم الثاني منها الى الجانب المعنوي الأخروي للهجرة : { ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيماً } ، وعلى هذا الأساس فإن المهاجرين في كل الأحوال سينالهم نصر كبير سواء وصلوا الى المكان الذي يستهدفونه ليتمتعوا فيه بحرية العمل بواجباتهم ، أو لم يصلوا إليه فيفقدوا حياتهم في هذا المجال وعلى الرغم من بداهة حقيقة تلقي الصالحين أجرهم من الله سبحانه وتعالى ، إلا أن الآية موضوع البحث قد صرحت بهذا الأمر بقولها : " فقد وقع أجره على الله ... " وهذا يوضح مدى عظمة وأهمية الثواب والأجر الذي يناله المهاجرون .
الاسلام والهجرة :
إن الاسلام ـ استنادا الى هذه الآية وآيات كثيرة أخرى ـ يأمر المسلمين بكل صراحة بالهجرة من المحيط الذي يعانون فيه ـ لأسباب خاصة ـ من عدم التمكين من أداء واجباتهم الى محيط ومنطقة آمنة ، وسبب هذا الأمر واضح ؛ لأن الاسلام لا يحد بمكان ولا يقيد بمحيط معين خاص ، ولهذا فإن التمسك المفرط بالمحيط ومحل التولد والعلاقات المختلفة الأخرى لا تقف في نظر الاسلام حائلا دون هجرة المسلمين .
ولذلك نرى انفصام كل هذه العلاقات في الصدر الأول للإسلام ومن أجل حماية الاسلام وتقدمه ، وفي هذا المجال يقول أحد المؤرخين الغربيين : (إن القبيلة والعائلة هما الشجرة الوحيد التي تنبت في الصحراء ، ولن يستطيع أحد الحياة دون اللجوء إليها أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد قلع هذه الشجرة التي نمت بلحم ودم عائلته ، وفعل ذلك من أجل ربه وخالقه فقد قصم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علاقته بقريش في سبيل الاسلام ) .
علاوة على ما ذكره فإن من بين جميع الموجودات الحية حين تتعرض حياة أي واحد أو مجموعة منها الى الخطر ، نراها تضطر الى ترك مكان تواجدها والهجرة منه الى مأوى وملجأ آمن آخر ، والكثير من أبناء البشر الأقدمين عمدوا الى الهجرة من مكان ولادتهم ـ بسبب تغير الظروف الجغرافية فيه ـ الى نقاط أخرى من العالم من أجل مواصلة الحياة وليس البشر وحدهم الذين مارسوا الهجرة ، بل هناك من بين الحيوانات أنواع كثيرة عرفت بالحيوانات المهاجرة مثل الطيور التي تضطر أحيانا الى الدوران حول الأرض تقريبا من أجل إيجاد مأوى تواصل فيه حياتها ، وبعض هذه الطيور تهاجر من القطب الشمالي الى القطب الجنوبي وأحيانا تقطع مسافة حوالي (18) ألف كيلومتر للوصول الى المكان الذي تريد العيش فيه .
وهذه الشواهد هي خير دليل على أن الهجرة هي إحدى القوانين الخالدة للحياة ، هل يصح أن يكون الانسان أقل حظا من الحيوان في هذا المجال ؟
وحين تتعرض حياته المعنوية وكيانه وأهدافه المقدسة التي هي أثمن وأغلى من حياته المادية الى الخطر ، فهل يستطيع هذا الانسان البقاء في مكان الخطر متشبثا بالأرض والمولد وغير ذلك متحملا ألوان الذل والإهانة والحرمان وسلب الحريات ، والأهم من ذلك كله زوال أهدافه التي يعيش من اجلها ؟!
أو ان عليه أن يختار قانون الطبيعة في الهجرة ويترك ذلك المكان ، ويختار مكانا آخر يتيسر فيه المجال لنموه المادي والمعنوي ؟
الطريف في هذا الأمر ان الهجرة ـ أي تلك الهجرة التي كانت لأجل حفظ النفس وحماية الشريعة الاسلامية تعتبر مبدأ ـ أو بداية ـ التاريخ الاسلامي وهي بذلك تعد البنية الأساسية لكل الأحداث السياسية والاعلامية والاجتماعية للمسلمين .
فلننظر لماذا انتخبت هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مبدأ ـ أو بداية ـ للتاريخ الاسلامي ؟
إن هذا الموضوع جدير بالملاحظة لأننا نعلم أن أي مجموعة بشرية صغرت أو كبرت تتخذ لنفسها مبدأ أو بداية تاريخية تحسب منه تاريخها فالمسيحيون مثلا اتخذوا بداية تاريخهم السنة التي ولد فيها عيسى (عليه السلام) ، اما المسلمون فمع وجود أحداث مهمة كثيرة وقعت لهم قبل الهجرة ، وفتح مكة ، ووفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لكنهم يتخذوا أي واحد من الأحداث مبدأ أو بداية لتاريخهم ، بل اعتبروا حادثة الهجرة وحدها بداية للتاريخ الاسلامي .
إن التاريخ يقول : إن المسلمين بدأوا يفكرون بتعيين بداية تاريخهم الذي له أهمية عامة وشاملة في زمن الخليفة الثاني الذي توسعت في
عهده رقعة البلاد الاسلامية ، وإن المسلمين بعد البحث الكثير في هذا الأمر اختاروا رأي علي ابن ابي طالب (عليه السلام) باتخاذ حادثة الهجرة النبوية الشريفة مبدأ وبداية للتاريخ الاسلامي .
والحقيقة ان هذا الاختيار كان هو المتعين ؛لأن الهجرة كانت أهم والمع حدث أو برنامج حصل للإسلام ، وكانت الهجرة مبدأ فصل جديد مهم في التاريخ الاسلامي ، فالمسلمون حين وجودهم في مكة كانوا يمارسون تعلم شؤونهم الحياتية وفق دينهم الجديد (الاسلام ) ولم تكن لديهم في هذه الحالة ـ على ما يبدوا ـ أي قدرة سياسية واجتماعية ، ولكنهم بعد الهجرة شكلوا مباشرة الدولة الاسلامية التي تقدمت بسرعة فائقة ـ في كل المجالات ـ ولو أن المسلمين لم يذعنوا لأمر الرسول في اختيار الهجرة وفضلوا البقاء في مكة لما تيسر عند ذلك للإسلام أن يمتد خارج حدود مكة ، بل حتى كان من الممكن ان يقبر الاسلام في مكة ويمحى اثره .
ويتضح لنا أن الهجرة لم تكن حكما خاصا بزمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بل إنها تجب على المسلمين متى ما تعرضوا لظروف مشابهة لتلك الظروف التي اضطرت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه الى ترك مكة والهجرة الى المدينة .
والقرآن يعتبر الهجرة في الأساس جوهراً لوجود الحرية والرفاه ، وقد أشارت الآية ـ موضوع البحث ـ الى هذا الأمر ، كما أن الآية (41) من سورة النحل تشير من جانب آخر الى هذه الحقيقة ؛ إذ تقول :
{والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة } .
وتجدر الاشارة ـ ايضا ـ الى هذه النقطة ، وهي أن الهجرة في نظر الاسلام لا تقتصر على الهجرة المكانية والخارجية ، بل يلزم قبل ذلك أن تتحقق لدى الفرد المسلم هجرة باطنية في نفسه ، يترك بها كل ما ينافي الأصالة والكرامة الإنسانية لكي يتيسر له بهذا السبيل الى الهجرة المكانية ـ إذن فالهجرة الباطنية ضرورية قبل أن يبدأ الانسان المسلم هجرته الخارجية ـ وإذا لم يكن هذا الانسان بحاجة الى الهجرة الخارجية يكون قد نال درجة المهاجرين بهجرته الباطنية .
والأساس في الهجرة هو الفرار من " الظلمات " الى " النور" ، ومن الكفر الى الإيمان ومن الخطأ والعصيان الى إطاعة حكم الله ، لذلك نجد في الحديث ما يدل على أن المهاجرين الذين هاجروا بأجسامهم دون أن تتحقق الهجرة في بواطنهم وأرواحهم ليسوا في درجة المهاجرين ، وعلى عكس هؤلاء فإن من تحقق لديه الهجرة الباطنية الروحية ولم يتمكن ، أو لم يحتج الى الهجرة الخارجية فهو في عداد المهاجرين حقا .
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قوله : (ويقول الرجل هاجرت ، ولم يهاجر ، إنما المهاجرون الذين يهجرون السيئات ولم يأتوا به ) .
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنه قال : " من فر بدينه من أرض الى أرضٍ وإن كان شبرا من الأرض استوجب الجنة ، وكان رفيق محمد وإبراهيم (عليهما السلام) " .
لأن هذين النبيين هما قادة وأئمة مهاجري العالم . (7)
_______________________
1- إيازي ، ص 151 ، 152 بتصرف .
2- الأمثل ، ج1 ، ص 11 .
3- ن . م ، ص : 12 بتصرف .
4- ن . م ، ص : 7 ، 8 بتصرف .
5- راجع الامثل ، ج1 ، ص65 ـ 67 .
6- راجع ، ج2 ، ص : 98 ـ 100 .
7- الأمثل ، ج3 ، ص : 408 ـ 413 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|