أقرأ أيضاً
التاريخ: 21/11/2022
1111
التاريخ: 25-3-2017
13381
التاريخ: 5-4-2016
1988
التاريخ: 10-4-2021
4652
|
من الأمور التي يمكن ملاحظتها بوضوح أن التطور الذي حصل في ميدان القانون الدولي الخاص قد تأثر باعتبارين متعارضين، الأول هو ضرورة تحقيق الأمن القانوني لعلاقات الأفراد عبر الحدود وتوفير القدرة على توقع الحلول، وهو الأمر الذي أدى إلى التوجه نحو تقنين القانون الدولي الخاص وصياغة قواعد إسناد تتسم بالتحديد المسبق، ومن ثم بالجمود. أما الاعتبار الآخر فيتمثل في حاجة قاعدة الإسناد المقننة، ولِما تتميز به من العمومية والتجريد، إلى قدر من المرونة في التطبيق على علاقات ذات صفة خاصة غير اعتيادية. فكانت النتيجة حصول التعارض بين جمود قاعدة الإسناد المُعدة سلفاً، والحاجة لعدالة تتفق مع ظروف النزاع وما يقتضيه ذلك من ضرورة تدخل القاضي في بعض الأحيان للتقليل من الآثار غير الملائمة لتطبيق قاعدة الإسناد. ومن هنا كان مولد فكرة استثناءات تقويم الإسناد وتطبيقها في تلك المجالات من أحوال تنازع القوانين التي لم تعد تتلاءم مع الإسناد القائم على ضوابط ومعايير جامدة ومحددة. وإذ كان من ابرز المجالات التي يمكن فيها إعمال فكرة استثناءات تقويم الإسناد هي مجالي عقود التجارة الدولية والإلتزامات التقصيرية، فإنهما سيكونان محوراً لبحثنا في هذا الفرع وذلك على النحو التالي.
أولاً: تقويم الإسناد في مجال عقود التجارة الدولية
جرى فقه الأحوال الايطالي القديم على إخضاع التصرفات القانونية لقانون بلد إبرامها، وكان هذا القانون يحكم التصرف القانوني من حيث موضوعه ومن حيث شكله(1). ومعروف عن هذا الإسناد انه إسناد جامد محدد بشكل مسبق، وهو يتصف بالطابع الآمر نظراً للصفة الوطنية التي تتصف بها قواعد الإسناد. ولكن فيما بعد، وعلى أثر التوسع في العلاقات الاقتصادية للأفراد عبر الحدود، فقد اقتضت الضرورة العدول عن ذلك الإسناد إلى إسناد آخر يتلاءم مع التطور الحاصل في هذه العلاقات، حيث تم تخويل أطراف العقد الدولي مكنة حل تنازع القوانين الذي يثور بشأن عقدهم عن طريق اختيارهم للقانون الواجب التطبيق بشكل صريح أو على نحوٍ ضمني(2). وبذلك أصبح هناك إسناد خاص بهذا النوع من العقود من خلال قاعدة خضوع العقد الدولي لقانون الإرادة، وهي القاعدة التي استقرت في مختلف القوانين الوطنية وكرستها العديد من الاتفاقيات الدولية كقاعدة إسناد خاصة بالعقود الدولية تتخذ من إرادة الأطراف الصريحة أو الضمنية ضابطاً للإسناد(3). وقاعدة قانون الإرادة هي قاعدة تخرج عن الإسناد الجامد في فن إعمالها وفي طريقة هذا الإعمال. فهذه القاعدة تطبق بشكل أكثر مرونة، وبما يتجاوب مع المجال الذي وجدت من أجله حيث التعدد والتنوع في صور العقود الدولية، ويكون ذلك من خلال إعطاء القاعدة للمتعاقدين مكنة اختيار قانون العقد على نحوٍ صريح أو بشكل ضمني يستخلصه القاضي من خلال ظروف وملابسات العملية التعاقدية، والإسناد بهذا المفهوم يقتصر على حالة الاختيار الصريح أو الضمني لقانون العقد(4). أما في حالة سكوت المتعاقدين عن الاختيار الصريح لقانون العقد وتعذر استخلاص إرادتهم الضمنية على نحوٍ مؤكد، وحيث لا يمكن للقاضي عندها ان يختصر الطريق ويطبق قانونه الوطني أو يرفض الفصل في النزاع، فان على القاضي ان يجتهد للوصول إلى تحديد قانون العقد وأن يبحث عن القانون الذي يرتبط به العقد بنحوٍ وثيق وجدي وذلك من خلال تركيز العقد الدولي أو توطينه في دولة معينة يُنتج فيها العقد غالب آثاره أو جميعها لينتهي إلى اعتبار قانون تلك الدولة هو قانون العقد. وهذا في حقيقته إعمال للمنهج الموضوعي في إسناد العقود الدولية(5)، والذي بمقتضاه يتم إسناد العقد للقانون الأوثق صلةً به وفقاً لظروف التعاقد وملابساته في كل حالة على حدة، وهو المنهج الذي سار عليه القضاء الفرنسي قبل نفاذ اتفاقية روما لعام 1980 في شأن القانون الواجب التطبيق على الإلتزامات التعاقدية، والتي أصبحت نافذةً في فرنسا اعتباراً من 1 نسيان 1990، وهو كذلك ما يتبناه القضاء الانكليزي وفقاً لما يسمى بفكرة القانون الملائم للعقد(6). غير ان منهج التركيز والبحث عن القانون الذي يرتبط به العقد برابطة وثيقة ليس مُسلماً به على نحوٍ دائم، إذ توجهت له عدة انتقادات من قبل فقه القانون الدولي الخاص أهمها ان هذا المنهج يترك مجالاً واسعاً لاجتهاد القاضي وتقديره، الأمر الذي يُخشى معه زلل القاضي في اختياره للقانون الواجب التطبيق أو تحَكُّّمه في هذا الاختيار(7). ولتلافي ذلك فقد لجأت بعض القوانين الوضعية إلى إيراد ضوابط إسناد محددة يلتزم القاضي بتطبيقها في حالة غياب الإرادة الصريحة أو الضمنية للأطراف، كضابطي محل إبرام العقد أو محل تنفيذه أو ضابطي الجنسية المشتركة للأطراف أو موطنهما المشترك، وهو ما أخذ به المشرع العراقي في المادة 25/1 من القانون المدني رقم 40 لعام 1951 وكذلك المشرع المصري في المادة 19/1 من القانون المدني رقم 131 لعام 1948. ومن الانتقادات الأخرى التي وُجهت إلى هذا المنهج ان التركيز الموضوعي للعقد الدولي وفقاً لظروف التعاقد وملابساته، وإنْ كان الهدف منه تحقيق مرونة الإسناد وإدراك العدالة على أفضل وجه، إلا انه يؤدي إلى الإخلال بالتوقعات المشروعة للمتعاقدين والتضحية بالأمان القانوني(8)، فتلك الظروف والملابسات التي يعتمد عليها القاضي في تحديد قانون العقد تختلف ، كأحداث مادية، من حالةٍ لأخرى مما يترتب عليه ان المتعاقدين لا يكون لديهم فرصة العلم المسبق بالقانون الواجب التطبيق على عقدهم، إذ لا يتحقق لهم هذا العلم إلا بعد عرض النزاع على القاضي. وبالإضافة إلى تلك الاعتبارات، فان ما سبقت الإشارة إليه من لجوء بعض التشريعات إلى وضع ضوابط إسناد احتياطية ليلجأ إليها القاضي عند غياب الإرادة الصريحة أو الضمنية للمتعاقدين، ومع ما لذلك من فائدة في تجنيب القاضي مغبة السعي وراء ما يسمى بالإرادة المفترضة للأطراف، إلا ان الحل التشريعي في هذا الفرض يُعد عقبة في تطوير الحلول وملاحقة مستجدات الفن القانوني(9)، وذلك في ظل ما كشفت عنه المدنية الحديثة من ابتكارات علمية وفنية وما أدى إليه ذلك من تنوع في صور وأنماط العقود الدولية. إذ لم يعد الأمر قاصراً على العقود الدولية التقليدية كعقد البيع الدولي وعقد التأمين وعقد العمل وعقد النقل، بل ظهرت إلى جانبها عقود أخرى لها وزنها الاقتصادي والقانوني صاحبت ظهور قوانين الاستثمار والتنمية الاقتصادية في الدول المختلفة، ومنها عقود القروض الدولية(10)، وعقود النفط وعقود التعاون الصناعي وعقود الأشغال العامة الدولية(11)، فمثل هذه العقود تتسم بخصوصية وتعقيد ربما لا يسمح بإدراجها ضمن طوائف العقود الدولية المسماة، ومن ثم تطبيق أحد القوانين التي تشير إليها ظروف الإسناد الاحتياطية عند غياب الإرادة الصريحة أو الضمنية للمتعاقدين، كقانون الموطن المشترك أو قانون محل الإبرام، فأصبح من الضروري البحث عن إسناد يتفق مع طبيعة هذه الأنماط من العقود الدولية. وإزاء ذلك فقد وَجدت الاتجاهات الحديثة في القانون الدولي الخاص ضالتها في فكرة تقوم على التركيز الموضوعي للرابطة العقدية من خلال طبيعتها الذاتية بدلاً من نظرية التركيز الموضوعي لهذه الرابطة من خلال ظروف التعاقد وملابساته في كل حالةٍ على حدة، وذلك يكون عن طريق تجزءة الإسناد الخاص بالعقود الدولية بحيث يخصص لكل فئة من العقود ذات الطبيعة الواحدة ضابط إسناد يتمشى وطبيعتها يكون محدداً سلفاً من خلال قواعد الإسناد(12)، وهو ما يسمح بإسناد تلك الفئة للقانون الأوثق صلة بها في ضوء الوزن القانوني والأهمية الواقعية للأداء أو الالتزام الأساسي في العقد ومكان الوفاء به أو تنفيذه، أي المكان الذي يتم فيه تنفيذ الالتزام الرئيس في العقد والذي يتميز عن الإلتزامات الأخرى المتولدة عنه، وذلك عملاً بفكرة الأداء المميز التي تتخذ من محل إقامة المدين بهذا الأداء ضابطاً للإسناد في قواعد الإسناد المتعلقة بالعقود الدولية، وهي الفكرة التي اعتنقها جانب من فقه القانون الدولي الخاص وأخذت بها العديد من التشريعات الوطنية والاتفاقية، ومنها اتفاقية روما لعام 1980 في شأن القانون الواجب التطبيق على الإلتزامات التعاقدية (مادة 4/2)، كما تبناها القضاء الفرنسي في العديد من أحكامه(13). وفكرة الأداء المميز تختلف عن نظرية التركيز الموضوعي وفقاً لظروف التعاقد وملابساته، وإنْ كانت تُعد صورةً من صور التركيز الموضوعي للرابطة العقدية، ذلك ان التركيز وفقاً لهذه الفكرة يكون ذاتياً، أي مُراعياً لطبيعة العقد والأداء الجوهري فيه بالنظر إلى وظيفة العقد في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. إذ يتم تفريق العقود ذات الطبيعة المتنوعة وإسناد كل فرقة منها إلى قانون معين على نحوٍ تتحقق به المرونة المتطلبة لإدراك العدالة ولا يؤدي إلى الإخلال بتوقعات الأفراد(14)، وذلك لأن اختلاف التركيز لا يترتب على تنوع ظروف التعاقد وملابساته الواقعية في كل حالة على حدة، وإنما يرتد إلى طبيعة الرابطة العقدية ومحل الأداء المميز فيها مما يُمكِّن أطراف العقد من العلم المسبق بقاعدة الإسناد التي تحدد ابتداءً القانون الواجب التطبيق على العقد المراد إبرامه(15). ولا يخفى ان هذا الاتجاه نحو تعدد قواعد الإسناد وتنوعها بحسب طبيعة الرابطة العقدية محل الإسناد يؤدي إلى تجزءة الأفكار المسندة بحيث يتم إسناد كل مسألة تفصيلية إلى القانون الأوثق صلة بها، وهو ما يضفي على قواعد الإسناد الدقة والتفصيل(16)، إذ يمنح هذه القواعد القدرة على تقديم حلول تفصيلية ومتدرجة للتنازع تحدد القانون المناسب لكل مسألة من المسائل المطروحة، وذلك بدلاً من أن يكون الإسناد قائماً على أفكار مسندة عامة تتسم بشمول واتساع موضوعاتها، كما هو الشأن بقواعد الإسناد المتعلقة بالأحوال الشخصية أو بالإلتزامات غير التعاقدية أو بالعقود المالية بصفة عامة، وهو إسناد لا يلائم التطور الحاصل في القانون الدولي الخاص المعاصر. وعلى هذا النحو فإن عقد التأمين الدولي، مثلاً، ووفقاً لفكرة الأداء المميز, يخضع لقانون مركز إدارة المؤمن متمثلاً بشركة التأمين(17)، كما تخضع عقود الوكالات التجارية لقانون الدولة التي توجد فيها مؤسسة الوكيل المهنية(18)، ويخضع عقد بيع المنقولات للقانون السائد في محل إقامة البائع أو محل منشأته إذا كان شخصاً معنوياً(19)، وهكذا في سائر العقود الدولية الأخرى. ولكن رغم ذلك فان فكرة الأداء المميز التي كان الهدف من ورائها تحقيق عدالة الإسناد في مسائل العقود الدولية والحفاظ على التوقعات المشروعة للمتعاقدين ربما لا يمكنها تحقيق هذه الأهداف في جميع أنواع العقود الدولية وفي مختلف النزاعات التي تنصب على مثل هذه العقود، فقد يؤدي تطبيق الفكرة في بعض أنواع العقود إلى الإخلال بتلك الأهداف التي جاءت لتحقيقها. فالكثير من العقود الدولية التي يكون موضوعها توريد أو تقديم أشياء منقولة مادية أو خدمات للأفراد عادةً ما تتضمن طرفاً قوياً هو المُوجب متمثلاً في شركات الإنتاج والخدمات الضخمة، في مقابل طرف آخر هو المستهلك، والذي يكون طرفاً ضعيفاً في العقد وغالباً ما يكون رضاؤه منقوصاً تحت ضغط إغراءات الدعاية والإعلان للمتعاقد الآخر(20). وهذه العقود التي تُعرف عادةً بعقود المستهلك يكون المدين بالأداء المميز فيها هو التاجر المحترف أو المهني باعتبار ان المستهلك يتصرف خارج نشاطه المهني ويحصل على السلع أو الخدمات من أجل استعماله الشخصي أو العائلي، ولذلك فان إسناد هذه العقود بالاستعانة بمفهوم الأداء المميز ينطوي على نوع من الخطورة على المستهلك، لأن هذا الإسناد يقود إلى تطبيق قانون دولة التاجر أو المهني وهو الطرف القوي في العقد في مواجهة الطرف الضعيف المتعاقد معه(21)، فينتج عن ذلك تعرض المستهلك لخطر فقدان الحماية التي قد يوفرها له قانون محل إقامته المعتادة، كما انه يخل بتوقعاته المشروعة بشأن القانون الواجب التطبيق، لكون قانون محل إقامته هو القانون الذي يضع المستهلك في حسبانه انه يستفيد من الحماية المقررة فيه. لهذا يبدو المستهلك وكأنه يشكل مركز الخطورة في هذه العقود، وهي فكرة تقابل فكرة الأداء المميز في سائر العقود الدولية الأخرى. وانطلاقاً من ذلك فقد ذهب الفقه إلى القول بأنه يمكن تدعيم حماية المستهلك باستخدام فكرة الأداء المميز ذاتها من خلال اعتبار ان المستهلك هو المدين بهذا الأداء في العقد وبالتالي إخضاع العقد لقانون محل إقامته المعتادة(22)، وذلك ما لم يكن القانون المختار من قبل المتعاقدين أكثر صلاحية للمستهلك من قانون محل إقامته، إذ يطبق عندها القانون المختار وفقاً لطريقة الإسناد التخييري. وهو حل اعتمدته العديد من التشريعات الوطنية والاتفاقية ومن بينها اتفاقية روما لعام 1980 سالفة الذكر (م 5/2) (23). وهذه المبادئ التي اعتنقها الفقه والقضاء الحديث وأخذت بها التشريعات الوطنية والاتفاقية في مجال القانون الدولي الخاص لا نجد لها نظيراً في القانون العراقي. إذ أن المشرع العراقي قد أسند العقود الدولية عند سكوت الإرادة الصريحة أو الضمنية عن اختيار قانون العقد لـ(... قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً. فإذا اختلفا يسري قانون الدولة التي تم فيها العقد ...) وفقاً للمادة 25/1 من القانون المدني، ويَظهر بذلك إن المشرع قد أخذ بالإسناد الموضوعي الجامد والمسبق عند عدم اتفاق المتعاقدين على اختيار قانون العقد(24). ومعلوم ان مثل هذا الإسناد يفتقد إلى المرونة التي يتطلبها اختلاف طبيعة العقود الدولية المعاصرة وتنوعها. ولكن مع ذلك فان هذا النص لا يمكنه أن يحول من دون اعتناق القضاء العراقي لتلك الأفكار الحديثة في إسناد مسائل العقود الدولية، إذ يمكن للقضاء أن يطبق هذه المبادئ عن طريق إعمال نص المادة 30 من القانون المدني التي تتيح له أن يتبع (... فيما لم يرد بشأنه نص ... من أحوال تنازع القوانين مبادئ القانون الدولي الخاص الأكثر شيوعاً)، فيمكن لقضائنا أن يجد في تلك المبادئ مخرجاً من جمود ضوابط الإسناد الاحتياطية الواردة في المادة 25/1 من القانون المدني والتي تتضمن حكماً عاماً يجوز تقييده بالأحكام الخاصة بكل طائفة من العقود التي تقتضي طبيعتها إسناداً مستقلاً، وهي الأحكام التي تتضمنها قواعد الإسناد المستخلصة من المبادئ العامة للقانون الدولي الخاص.بل ويمكن للقضاء من جهة ثانية أن يجد في نص المادة 25/1 ذاته وسيلة لتطبيق الحلول المقترحة وفقاً لفكرة الأداء المميز. فما دام إعمال الضوابط الاحتياطية في النص المذكور مشروط بعدم اختيار المتعاقدين لقانون آخر صراحةً أو ضمناً، فإن القاضي يمكنه، في حال لم يقم المتعاقدون باختيار قانون العقد على نحو صريح، أن يُعَطل الإسناد إلى بلد الموطن المشترك أو بلد الإبرام وان يقوم بإسناد العقد إلى قانون محل إقامة المدين بالأداء المميز تحت ستار الإرادة الضمنية. وبهذا يستطيع القضاء العراقي أن يستعين بفكرة الأداء المميز ليُفرد لكل طائفة من العقود الدولية إسناداً احتياطياً خاصاً يتلاءم وطبيعة هذه العقود، وهو المسار الذي إذا ما استقر عليه القضاء يمكنه مع مرور الوقت أن يحقق اليقين القانوني للمتعاقدين، كعامل أساسي يساهم في استقرار ونمو معاملات الأفراد المالية وعقودهم التجارية عبر الحدود.
ثانياً: تقويم الإسناد في مجال المسؤولية عن الفعل الضار
تخضع المسؤولية عن الفعل الضار لأحكام القانون المحلي، وهو قانون المكان الذي تم فيه الفعل المنشئ للإلتزام بالتعويض(25). ويرجع مبدأ اختصاص القانون المحلي إلى فقه نظرية الأحوال الايطالية القديمة في القرن الثالث عشر، وهو يُعتبر من المبادئ المستقرة في القانون الدولي الخاص(26)، إذ لا يزال يحكم مسائل الإلتزامات غير التعاقدية في أغلب الأنظمة القانونية المعاصرة(27). ولكن مع استمرار سيادة مبدأ اختصاص القانون المحلي كضابط إسناد أصيل في مجال المسؤولية التقصيرية، إلا ان هذا المبدأ لم يبقَ على ذات المفهوم الذي كان عليه في بدايات ظهوره، وذلك على أثر ما شهدته السنوات الأخيرة من التطور في ميدان العلاقات الخاصة الدولية. فالتقدم الكبير في التقنيات والمخترعات وفي وسائل المواصلات والاتصالات وما تركه ذلك من أثر في ظاهرة انتقال الأفراد عبر الحدود متمثلاً بنمو هذه الظاهرة واضطرادها، إضافة إلى ما حصل من تطور في الطبيعة الذاتية للمسؤولية المدنية بشكل عام واعتبارها ذات وظيفة اجتماعية بالدرجة الأولى(28)، كل ذلك أدى إلى ان يكون هذا المبدأ، بمعناه المكاني أو الجغرافي، غير ملائم في بعض الفروض ليسري على مسائل المسؤولية التقصيرية، وتلك هي الفروض التي يظهر فيها ان الرابطة بين المسألة المعروضة وقانون الدولة التي حدث فيها الفعل الضار هي رابطة عرضية أو ثانوية إذا ما قورنت بالروابط التي تربط تلك المسألة بقانون آخر(29). ومثال ذلك أن يحصل في إحدى الدول حادث اصطدام بين مركبتين يُسفر عن إصابة سائق إحدى المركبتين وتضرر سيارته، ويكون السائقان أجنبيان ومن جنسية واحدة أو أنهما مستوطنان في دولة أجنبية واحدة أو مقيمان فيها، ولم تتدخل بهذا الحادث أية عوامل تابعة للدولة التي وقع في إقليمها. ففي هذا الفرض يكون وقوع الفعل المنشئ للإلتزام قائماً على مجرد الصدفة التي لا تصلح أساساً سليماً للإسناد، لذلك يبدو من المناسب عدم تطبيق قانون مكان وقوع ذلك الفعل وتطبيق قانون آخر يكون أقرب إلى طبيعة العلاقة من القانون السائد في المكان الذي تحقق فيه الفعل الضار من الناحية المادية. واستجابة لذلك فقد ظهر اتجاه حديث في القانون الدولي الخاص يدعو للتخفيف من جمود مبدأ الإسناد للقانون المحلي واتباع نوع من المرونة في تطبيقه حتى يكون ملائماً لمثل تلك الفروض، وذلك تطبيقاً للمفهوم الاجتماعي للقانون المحلي، أو ما تعرف بفكرة القانون المحلي الاجتماعي(30). ويقوم هذا الاتجاه على نقطة بداية مفادها الإبقاء على اختصاص القانون المحلي كقاعدة، مع فسح المجال للخروج عليه بصفة استثنائية لصالح قانون آخر هو القانون المشترك للأطراف، كقانون موطنهما المشترك أو محل إقامتهما المعتادة أو قانون جنسيتهما المشتركة.
فهذا الإتجاه يَعتبر أن تركيز الفعل الضار في مكان ارتكابه هو تركيز جغرافي مادي مجرد يعزل الفعل عن مضامينه الخاصة مثل جنسية أو موطن الأطراف أو موقع المال المضرور أو العلاقات السابقة التي تربط بين الأطراف وطبيعة المسؤولية الناشئة عن تلك العلاقات، وهو بذلك لا يحدد الصلة الأكثر ثباتاً مع المصالح التي تعبّر عنها المسألة مثار النزاع. فإذا كشفتْ تلك المضامين عن أن الفعل الضار يتركز في وسط اجتماعي معين يختلف عن وسط تركيزه المادي أو الجغرافي، فإنه يجب الاعتداد بالتركيز الاجتماعي في تحديد القانون الواجب التطبيق على المسؤولية التقصرية, وتفضيل هذا القانون على قانون محل التركيز المادي أو الجغرافي للفعل، أي قانون الدولة التي ارتكب فيها الفعل الذي ترتبت عليه تلك المسؤولية(31). وذلك مع الأخذ بنظر الاعتبار، وفقاً لهذا الاتجاه، أن لا يتم تطبيق قانون الوسط الاجتماعي إلا على سبيل الاستثناء، وكوسيلة تصحيحية لِما يمكن ان يترتب على الإعمال الجامد للقانون المحلي بمفهومه المكاني من عدم الملاءمة لظروف النزاع في بعض الحالات، وبما يحقق هدف قاعدة الإسناد في اختيار انسب القوانين وأكثرها ملاءمة لحكم المسألة المعروضة، ويراعي توقعات الأطراف ويحمي مصالحهم المشروعة عبر الحدود(32). وقد لقيت فكرة القانون المحلي الاجتماعي ترحيباً من العديد من فقهاء القانون الدولي الخاص في مصر وفي فرنسا، كما وردت في توصيات مجمع القانون الدولي في دورة انعقاده بمدينة إدنبره عام 1969، إضافة إلى ذلك فقد أخذت بها العديد من التشريعات الوطنية المعاصرة في تنازع القوانين واعتنقتها اتفاقية لاهاي لعام 1971 بشأن القانون الواجب التطبيق على حوادث الطرق والمعمول بها في فرنسا (مادتيها4 و6) (33)، وكذلك قد أخذت الفكرة طريقها إلى التطبيق أمام القضاء
الانكليزي(34). أما بشأن القانون العراقي فالملاحظ فيه أن المشرع قد اكتفى باعتناق المبدأ العام في إسناد الإلتزامات الناشئة عن الفعل الضار للقانون المحلي، وذلك في المادة 27/1 من القانون المدني رقم 40 لعام 1951 والتي نصت على ان (الإلتزامات غير التعاقدية يسري عليها قانون الدولة التي حدثت فيها الواقعة المنشئة للإلتزام)، ولم يورد المشرع على هذا المبدأ أي استثناء يُخضع بموجبه المسائل المتعلقة بتلك الإلتزامات للقانون الملائم في الحالات التي تظهر فيها عَرَضية المكان الذي حدثت فيه الواقعة المنشئة للالتزام, أو يظهر فيها وجود قانون آخر أوثق صلة أو أشد ارتباطاً بتلك الواقعة. ومع صراحة نص المادة 27/1 بإخضاعها مسائل المسؤولية عن الفعل الضار لقانون الدولة التي حدثت فيها الواقعة المنشئة للإلتزام، فإن من المستبعد أن يتم تفسير القانون المحلي على انه قانون الوسط الاجتماعي أو البيئة الاجتماعية للفعل الضار، وذلك لأنه (لا مساغ للإجتهاد في مورد النص) وفقاً لما يقضي به القانون المدني(35). ويكون المشرع العراقي بذلك قد اكتفى بالاعتداد بالقانون المحلي بمعناه الجغرافي ولم يَعتد بالمفهوم المرن لهذا القانون وفقاً لما أخذ به الاتجاه الحديث في القانون الدولي الخاص.
ولكن مع ذلك فإن من الممكن أن يَعمل المشرع العراقي على تقدير أهمية الاتجاهات الحديثة في التشريع والقضاء والفقه المقارَن نحو تطويع مبدأ سريان القانون المحلي على مسائل الإلتزامات غير التعاقدية، وأنْ يأخذ بعين الاعتبار تلك التطورات التي حصلت في مفهوم هذا المبدأ، وذلك عند أقرب تعديل تشريعي لنص المادة 27/1 من القانون المدني.
__________________
1- د. منصور مصطفى منصور. مذكرات في القانون الدولي الخاص (تنازع القوانين). دار المعارف بمصر. 1957. فقرة 10. ص35.
2- د. هشام علي صادق. تنازع القوانين في مسائل المسؤولية التقصيرية المترتبة على التصادم البحري والحوادث الواقعة على ظهر السفن. منشأة المعارف. الإسكندرية. 1977. فقرة 182. ص647-648.
3- وردت هذه القاعدة في نص المادة 25/1 من القانون المدني العراقي رقم 40 لعام 1951 وفي المادة 19/1 من القانون المدني المصري رقم 131 لعام 1948، وهي قاعدة استقر عليها القضاء الفرنسي وتأكدت بانضمام فرنسا إلى اتفاقية روما لعام 1980 بشأن القانون الواجب التطبيق على الإلتزامات التعاقدية التي نصت على هذه القاعدة في مادتها 3/1، كما انها قاعدة معترف بها في النظام القانوني الانكليزي. انظر في ذلك وفي عرض للقوانين والاتفاقيات الدولية التي أخذت بقاعدة قانون الإرادة، د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع أصولا ومنهجاً. ط1. مكتبة الجلاء الجديدة. المنصورة. 1996. فقرة4. ص13-15. وتجدر الإشارة إلى أن من الفقهاء مَن يَعتبر أن قاعدة خضوع العقد الدولي لقانون الإرادة من قواعد القانون الدولي الخاص الموضوعية. انظر في هذا الرأي والرد عليه. د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع. مصدر سابق. فقرة 777. ص1066-1068.
4- د. حفيظة السيد الحداد. القانون الدولي الخاص. الكتاب الأول (تنازع القوانين). منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت. 2002. فقرة 465 وما بعدها. ص422 وما بعدها.
5- د. محمود محمد ياقوت. الروابط العقدية الدولية بين النظرية الشخصية والنظرية الموضوعية. دار الفكر الجامعي. الإسكندرية. 2004. فقرة 126 وما بعدها. ص127 وما بعدها، وبشكل خاص فقرة 140-144. ص139-143. وفي مقابل هذا المنهج يوجد المنهج الشخصي في إسناد العقود الدولية، وهو يَعتبر أن اختيار المتعاقدين لقانون العقد يتم بناءً على مطلق سلطان الإرادة وليس بناءً على قاعدة إسناد. انظر المصدر ذاته. فقرة 16 وما بعدها. ص21 وما بعدها.
6- انظر في القضاء الفرنسي د. هشام علي صادق. دراسات في القانون الدولي الخاص. الدار الجامعية. بيروت. 1986. ص350-351، وفي القضاء الانكليزي د. ممدوح عبد الكريم حافظ. القانون الدولي الخاص الأردني والمقارن. الجزء الأول (تنازع القوانين. الاختصاص القضائي الدولي. تنفيذ الأحكام الأجنبية). ط1. مكتبة دار الثقافة. عمان – الأردن. 1998. ص180 وما بعدها. وفكرة القانون الملائم للعقد مقتضاها أن من حق القاضي أن يكشف، في كل حالة على حدة، عن أنسب القوانين لحكم العلاقة التعاقدية مثار النزاع، رغم انه يعتد بحسب الأصل بالقانون الذي اختارته إرادة المتعاقدين، فيجوز للقاضي مع وجود قانون الإرادة أن يَعتد بأي قانون آخر يراه أكثر مناسبة، وخاصة فيما لو كان القانون المختار مُنعدم الصلة بظروف التعاقد وموضوعه أو كان اختيار المتعاقدين لهذا القانون بقصد التحايل على القانون الواجب التطبيق حسب قاعدة الإسناد. M. Wolff. op. cit., p.413 ets.
7- د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع. مصدر سابق. فقرة 796. ص1102-1103.
8- د. حفيظة السيد الحداد. الموجز في القانون الدولي الخاص. مصدر سابق. ص381. وانظر في موضوع الحاجة إلى الأمن القانوني عند غياب القانون المختار د. احمد عبد الحميد عشوش. قانون العقد بين ثبات اليقين واعتبارات العدالة. مؤسسة شباب الجامعة. الإسكندرية. 2005. ص109 وما بعدها.
9- في الانتقاد الموجه لتقنين قواعد الإسناد بنصوص تشريعية، د. . عكاشة محمد عبد العال. تنازع القوانين، دراسة مقارنة. ط1. منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت. 2004 ص58.
10- انظر في هذه العقود د. احمد عبد الحميد عشوش. النظام القانوني لعقد القرض الدولي، دراسة مقارنة. مؤسسة شباب الجامعة. الإسكندرية. 2005. ص41 وما بعدها.
11- في عرض مفصّل لهذه العقود د. بشار محمد الأسعد. مصدر سابق. ص48 وما بعدها، د. صلاح الدين جمال الدين. عقود نقل التكنولوجيا، دراسة في إطار القانون الدولي الخاص والقانون التجاري الدولي. دار الفكر الجامعي. الإسكندرية. 2004. ص87 وما بعدها.
12- د. بشار محمد الأسعد. عقود الاستثمار في العلاقات الدولية الخاصة. ط1. منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت. 2006. ص259.
13- انظر في الفقه والتشريع والقضاء الذي أخذ بفكرة الأداء المميز، د.عادل أبو هميشة محمود حوته. عقود خدمات المعلومات الألكترونية في القانون الدولي الخاص. دار النهضة العربية. القاهرة. 2004. ص97 وما بعدها.
14- د. هشام علي صادق. دراسات في القانون الدولي الخاص. الدار الجامعية. بيروت. 1986. ص352-353.
15- تجدر الإشارة إلى أن تطبيق فكرة الأداء المميز ينبغي أن يقتصر على حالة عدم اختيار المتعاقدين للقانون الذي يحكم عقدهم، أما في حالة اختيار هذا القانون فربما لا تسعفنا فكرة الأداء المميز في تطبيق القانون الملائم للمسألة محل النزاع، إذ لو تم إعمال هذه الفكرة فانه سوف يترتب على ذلك إسناد الرابطة التعاقدية برمتها إلى القانون الأوثق صلةً بها والتغاضي بشكل تام عن القانون الذي اختاره المتعاقدون، رغم أن الأصل هو خضوع العقد لقانون الإرادة وانه لا بد من مجال تعمل به هذه الإرادة حفاظاً على اليقين القانوني كعامل أساسي في استقرار المعاملات التجارية والاقتصادية عبر الحدود. ولكن في مقابل ذلك قد يأتي اختيار المتعاقدين لقانون ليس على صلة وثيقة بعقدهم رغبةً منهم في الإفلات من أحكام القواعد الآمرة في القوانين الوطنية الأخرى التي هي على صلة بالعقد مما يُعد إعمالاً غير سليم لمنهج الإسناد القائم على إسناد العلاقة إلى قانون مركز ثقلها، وعندها يكون لا بد من وسيلة لتقويم هذا الإسناد المعيب، وقد تمثلت هذه الوسيلة بمنهج القواعد ذات التطبيق الضروري الذي يسمح للقاضي بتطبيق هذه القواعد بشكل مباشر على المسائل التي تدخل في نطاق سريانها وفقاً لما أراده لها مشرعها، وذلك على ان يتم تطبيق القواعد المذكورة عملاً بالمنهج الأحادي ذات الطابع الجزئي، وهو منهج يسمح بتطبيق قانون الإرادة على جميع المسائل التي تخرج عن نطاق إعمال القاعدة ذات التطبيق الضروري، وقد اعتمده الاتجاه الحديث في القانون الدولي الخاص على ما سوف نراه في الفصل التالي. د. صفوت أحمد عبد الحفيظ. دور الاستثمار الأجنبي في تطور أحكام القانون الدولي الخاص. دار المطبوعات الجامعية. الإسكندرية. 2005. فقرة 213 وما بعدها. ص325 وما بعدها.
16- د. صفوت أحمد عبد الحفيظ. المصدر ذاته. فقرة 132. ص194.
17- د. هشام احمد محمود عبد العال. عقد التأمين في إطار القانون الدولي الخاص. دار النهضة العربية. القاهرة. 2000. ص170.
18- د. حفيظة السيد الحداد. تنازع القوانين في عقود الوكالات التجارية. مجلة الدراسات القانونية. كلية الحقوق. جامعة بيروت العربية. العدد الثاني. 2003. ص116-117.
19- د. محسن شفيق. اتفاقيات لاهاي لعام 1964 بشأن البيع الدولي للمنقولات المادية، دراسة في قانون التجارة الدولية. مجلة القانون والاقتصاد للبحوث القانونية والاقتصادية. العدد الرابع. السنة الرابعة والأربعون. 1974. ص280.
20- في وسائل الدعاية والإعلان المضللة في العقود بشكل عام، د. عبد الله حسين علي محمود. حماية المستهلك من الغش التجاري والصناعي، دراسة مقارنة بين دولة الأمارات العربية المتحدة والدول الأجنبية. ط2. دار النهضة العربية. القاهرة. 2002. ص73 وما بعدها. وقريب من ذلك د. محمد إبراهيم موسى. التطويع القضائي للقواعد القانونية الواجبة التطبيق في مجال عقود التجارة الدولية. دار الجامعة الجديدة. الإسكندرية. 2005. ص41 وما بعدها.
21- د. خالد عبد الفتاح محمد خليل. حماية المستهلك في القانون الدولي الخاص. دار النهضة العربية. القاهرة. 2002. ص163-164.
22- د. عبد الفتاح بيومي حجازي. مقدمة في حقوق الملكية الفكرية وحماية المستهلك في عقود التجارة الأليكترونية. دار الفكر الجامعي. الإسكندرية. 2005. ص55 وما بعدها.
23- في عرض للتشريعات التي أخذت بهذا الحل، د. خالد عبد الفتاح محمد خليل. حماية المستهلك في القانون الدولي الخاص. دار النهضة العربية. القاهرة. 2002. ص197 وما بعدها.
24- وهذا أيضاً ما سلكه المشرع المصري في المادة 19/1 من القانون المدني رقم 131 لعام 1948.
25- د. ممدوح عبد الكريم حافظ. القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن. ط2. دار الحرية. بغداد. 1977. ص302، عبد الحميد محمود حسن السامرائي. تنازع القوانين في المسؤولية التقصيرية، دراسة مقارنة. أطروحة دكتوراه. كلية القانون. جامعة بغداد. 1990. ص153.
26- ظهرت في القانون الدولي الخاص بعض الاتجاهات التي نادت بالتخلي عن مبدأ اختصاص القانون المحلي وإعمال قوانين أخرى كقانون دولة القاضي أو القانون المختار من قبل المضرور أو تطبيق القانون الملائم للعمل غير المشروع والذي نادى به الفقه الحديث في انكلترا والولايات المتحدة الأمريكية، غير أن هذه الاتجاهات لم تصادف إلا تطبيقات محدودة. انظر في ذلك د. محمد الروبي. تنازع القوانين في مجال الإلتزامات غير التعاقدية. دار النهضة العربية. القاهرة. 2005. فقرة 59 وما بعدها. ص66-71.
27- أخذ المشرع العراقي بهذا المبدأ في المادة 27/1 من القانون المدني رقم 40 لعام 1951 كما أخذ به المشرع المصري في المادة 21/1 من القانون المدني رقم 131 لعام 1948، وهو من المبادئ المستقر عليها في النظامين القانونيين الفرنسي والانكليزي. انظر في ذلك د. احمد عبد الكريم سلامة. علم قاعدة التنازع. مصدر سابق. فقرة 841. ص1170-1171.
28- انظر في الأسس التي تقوم عليها الوظيفة الاجتماعية للمسؤولية التقصيرية د. احمد محمد عطية محمد. نظرية التعدي كأساس للمسؤولية المدنية الحديثة (دراسة مقارنة في ضوء الفقه وأحكام القضاء). ط1. دار الفكر الجامعي. الإسكندرية. 2007. فقرة 66 وما بعدها. ص63 وما بعدها.
29- د. هشام علي صادق. دروس في القانون الدولي الخاص. مصدر سابق. ص408-409.
30- انظر في هذا الاتجاه د. حسام الدين فتحي ناصف. المرونة المتطلبة في تطبيق القانون المحلي على وقائع المسؤولية التقصيرية المعقدة، دراسة مقارنة. دار النهضة العربية. القاهرة. 1998. ص36 وما بعدها.
31- د. هشام علي صادق. تنازع القوانين في مسائل المسؤولية التقصيرية المترتبة على التصادم البحري والحوادث الواقعة على ظهر السفن. منشأة المعارف. الإسكندرية. 1977. فقرة10. ص26 وما بعدها. وفي الأخذ بفكرة التركيز الاجتماعي في شأن المسؤولية عن مضار التلوث البيئي بشكل خاص انظر د. جمال محمود الكردي. المحكمة المختصة والقانون الواجب تطبيقه بشأن دعاوى المسؤولية والتعويض عن مضار التلوث البيئي العابر للحدود. دار الجامعة الجديدة. الإسكندرية. 2005. ص136 وما بعدها.
32- د. حسام الدين فتحي ناصف. المرونة المتطلبة في تطبيق القانون المحلي على وقائع المسؤولية التقصيرية المعقدة، دراسة مقارنة. دار النهضة العربية. القاهرة. 1988ص39.
33- انظر في الفقه والتشريع والقضاء المؤيد لهذا الاتجاه د. احمد عبد الكريم سلامة. السياحة والعقود الدولية الجديدة (عقد المشاركة الزمنية او اقتسام الوقت في القانون الدولي الخاص). مجلة الحقوق. كلية الحقوق. جامعة البحرين. المجلد الثالث. العدد الثاني. 2006. فقرة 848-849. ص1184 وما بعدها، د. محمد الروبي. تنازع القوانين في مجال الالتزامات غير التعاقدية. دار النهضة العربية. القاهرة. 2005. فقرة 70-73. ص78 وما بعدها، د. هشام علي صادق. تنازع القوانين في مسائل المسؤولية التقصيرية. مصدر سابق. فقرة10. ص27-28. وجميعهم من المؤيدين للأخذ بهذه الفكرة.
34- استعان القضاء الانكليزي في تطبيق الفكرة بالنظام السائد فيه بشأن إسناد العقود الدولية والمعروف بنظام القانون الخاص بالعقد، فطبّق هذا القضاء ما يُعرف بنظام القانون الخاص بالخطأ فيما يتعلق بمسائل المسؤولية التقصيرية، وبموجبه يتصدى القاضي في كل حالة على حِدة لبيان أكثر القوانين مناسبة لحكم تلك المسائل وفقاً لظروف النزاع وملابساته. د. ممدوح عبد الكريم حافظ. القانون الدولي الخاص الأردني والمقارن. الجزء الأول (تنازع القوانين. الاختصاص القضائي الدولي. تنفيذ الأحكام الأجنبية). ط1. مكتبة دار الثقافة. عمان – الأردن. 1998. مصدر سابق. ص130-131.
35- مادة 2 من القانون المدني العراقي رقم 40 لعام 1951.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|