أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-8-2017
12111
التاريخ: 5-5-2016
3809
التاريخ: 7-8-2021
3311
التاريخ: 15-1-2019
11530
|
ان جمهور فقهاء المسلمين لا يقصرون الحق في استعمال الخيار على المتعاقد ذاته بل يتعداه الى اقامة المتعاقد غيره مقام نفسه في اجراء التصرف مع اختلاف في التفاصيل بينهم على النحو التالي :
1. فقهاء الشيعة الامامية .
ان فقهاء الامامية يجيزون للمتعاقد الذي له حق الخيار ان يوكل غيره او يرسله لرؤية المعقود عليه فأذا رآه فله استعمال الخيار بحسب ما يرتضيه وبما يتفق مع مضمون التفويض الممنوح له من قبل الاصيل (1). ولا خيار للاصيل في هذه الحالة اذ ان الفقهاء في هذا المذهب لا يميزون بين الوكيل بالشراء والوكيل بالقبض او الرسول ان كان التفويض الممنوح من الاصل يتضمن التخويل برؤية المعقود عليه وابرام العقد مع اتمام القبض فرؤية الوكيل او الرسول في هذه الحالة تقوم مقام رؤية الاصيل لديهم فأذا كان التفويض للرسول بأداء الرسالة فقط دون تخويله الحق في قبول المعقود عليه او رده فرؤيته هنا لا تغني عن رؤية الاصيل ولا تؤثر في قيام خيار الرؤية له عند رؤية المعقود عليه (2). اذن للتفويض الدور الاكبر في بقاء خيار الرؤية للأصيل او امكانية اسـتعماله من قبـل الوكيل اذا خوله الاصيل ذلك الحق لدى فقهاء الامامية مع عدم التمييز بين
الوكيل والرسول في امكانية استعمال الخيار الا ان حدد ذلك بموجب التفويض .
2. فقهاء الحنفية .
يميزون بدقة في الحكم بين انواع الوكالة والرسالة وما يعد منها كافياً لا سقاط خيار رؤية الاصيل ان رأى النائب عنه المعقود عليه وفي ما يلي تفصيل احكام ذلك لدى فقهاء الحنفية :
أ. التوكيل بالشراء .
اجمع فقهاء الحنفية على ان توكيل المتعاقد غيره بشراء شيء لم يره يجعل لذلك الوكيل الحق في استعمال خيار الرؤية عند رؤية المعقود عليه فأذا استعمل خياره فليس للموكل الخيار عند رؤية المعقود عليه الا اذا كان التوكيل بشراء شيء معين سبق للموكل ان رآه ففي هذه الحالة ليس للوكيل استعمال الخيار عند رؤية المعقود عليه بعد العقد ويكون الخيار لموكله (3).
ب. التوكيل بالقبض .
قبل الدخول في بيان احكام التوكيل بالقبض لدى فقهاء الحنفية لا بد من الاشارة الى التساؤل الآتي هل تعد رؤية من وكل بقبض ما اشتراه المتعاقد دون ان يراه مسقطه لخيار الموكل لدى فقهاء الحنفية ؟ ان لفقهاء الحنفية رأيين في حكم هذه المسألة :
الـرأي الاول : هو ما ذهب اليه ابو حنيفة (ر ح) حيث اعتبر ان لمن وكل بقبض المعقود عليه الحق في استعمال الخيار عند رؤيته بعد العقد مثله في ذلك مثل الموكل ان رأى المعقود عليه بنفسه فأن استعمل الوكيل خياره فلا خيار لموكله ان رأى المعقود عليه شريطة ان يقبض المعقود عليه وهو ناظر اليه وهذا ما يدعونه بالقبض التام ويستند ابو حنيفة في جعله الخيار للوكيل على أن من اوكل اليه القيام بعمل معين فعليه اتمام ما اوكل اليه ومن اوكل اليه قبض شيء فعليه اتمام ذلك القبض كما اعتبر الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض وتمام القبض ينتج عنه اسقاط الخيار اذ ان الخيار يمنع تمام القبض فبعد القبض لا يمكن تفريق الصفقة لان ذلك غير مقبول والوكيل يشترك مع الموكل في عدم القدرة على اسقاط الخيار مقصوداً انما يسقط الخيار ضمناً بقبض الوكيل للمعقود عليه وهو يراه وقبل الانتهاء من هذا الرأي يجب ملاحظة ان ابو حنيفة يتفق مع محمد وابو يوسف في عدم اثباته الخيار وامكانية استعماله للوكيل بالقبض اذا قبض المعقود عليه دون ان يراه ذلك ان الوكالة تنتهي بالقبض فيصبح الوكيل اجنبياً عن المعاملة لذا يكون للموكل الخيار عند رؤية المعقود عليه بعد قبضه وهذا ما يطلق عليه ابي حنيفة (رح) بالقبض الناقص(4).
الـرأي الثاني : هو رأي ابي يوسف ومحمد (رح) اللذان يعتبران فيه ان رؤية الوكيل بالقبض للمعقود عليه لا تمنحه الحق بالخيار أي ان خيار المتعاقد يقوم عند رؤيته المميزة للمعقود عليه بعد قبضه من قبل وكيله ويستندون في قولهم هذا على ان الوكيل بالقبض يلتزم بالقيام بعمل وهو احراز المعقود عليه وحمله لموكله مع نقله الضمان له بذلك الفعل كما ان الوكيل هنا هو وكيل بالقبض لا باسقاط الخيار او استعماله اذن فهو لا يملك استعماله او اسقاطه لان ذلك راجع للموكل كما استدلوا على رأيهم بقياس خيار الرؤية على خياري الشرط والعيب فهما لا يسقطان بقبض الوكيل للمعقود عليه وهو يراه ورضاه به فهذا الحكم ينطبق على خيار الرؤية لديهم ويضيفون الى ذلك ان رؤية الوكيل تختلف عن رؤية موكله للمعقود عليه في مسألتين اولهما ان رؤية الوكيل للمعقود عليه قبل القبض او بعده لا تؤثر على الخيار بينما رؤية الموكل للمعقود عليه قبل قبضه وتصرفه به يؤدي ذلك الى امتناع قيام الخيار والمسألة الثانية هي ان رؤية الموكل للمعقود عليه بعد قبضه مستوراً وابدائه قبوله به سواء كان ذلك القبول صراحةً او دلالة فهو يؤدي الى سقوط خياره بينما رؤية الوكيل بالقبض لما قبضه مستوراً وان ابدى قبوله ورضاه به لا يؤدي الى سقوط خيار موكله (5). وفي تصوري ان القول الثاني هو الاولى بالاعتبار والاقرب الى الصحة فهو يتفق مع المنطق فضلاً عن قوة الحجج التي استند اليها اصحاب هذا الرأي .
ج. وقبل الانتهاء من بيان احكام رؤية الوكيل وانواع الوكالة لدى فقهاء الحنفية لا بد من التطرق الى نوعين اخرين للوكالة اوردهما فقهاء الحنفية وهما الوكالة بالنظر والتي يمنح فيها الموكل لوكيله الحق في قبول او رد المعقود عليه بعد رؤيته فهنا يكون للوكيل الحق في استعمال الخيار ولا خيار للموكل في هذه الحالة اما النوع الثاني فهو الوكالة بالرؤية وهذا النوع لا تقوم فيه رؤية الوكيل مقام رؤية الموكل فالخيار يكون للموكل عند رؤية المعقود عليه والفرق بين هذا النوع من الوكالة وسابقه هو ان الموكل في الوكالة بالنظر جعل للوكيل الحق في قبول المعقود عليه او رده بعد رؤيته دون حاجة للرجوع الى الموكل اما في الوكالة بالرؤية فأن الموكل لم يخول الوكيل ذلك الحق وانما اقتصر تخويله على رؤية المعقود عليه وابلاغ الموكل بصفته (6). وما سبق بحثه بخصوص احكام الوكالة وانتقال الخيار للوكيل مع امكانية استعماله او عدم انتقاله لدى فقهاء الحنفية اما بخصوص الرسالة ففقهاء الحنفية متفقون على ان رؤية الرسول للمعقود عليه لا تغني عن رؤية المرسل فالخيار يثبت للمرسل عند رؤية المعقود عليه وله استعماله أي ان رؤية الرسول للمعقود عليه وقبوله به او اجازة العقد لا تغني عن رؤية المرسل والعقد يكون ملزماً لمرسله على ان الرسالة على نوعين فالرسول قد يكون رسولاً بالشراء او رسولاً بالقبض والفرق بين الرسالة والوكالة يظهر من خلال ما يلي :
3. فقهاء الزيدية .
يمـيزون فـي حكم خيار الرؤية وامكانية استعماله من قبل الوكيل بين الوكيل بالشراء والوكيل بالقبض فالوكيل بالشراء لديهم يملك استعمال خيار الرؤية وليس لموكله الخيار ان رأى المعقود عليه بعد ذلك اما الوكيل بالقبض فهم على قولين في حكم ثبوت الخيار له عند رؤية المعقود عليه ففي القول الاول يعتبرون رؤية الوكيل مغنية عن رؤية الموكل ويمنحونه الحق في استعمال الخيار دون ان يكون لموكله خيار الرؤية ان رأى المعقود عليه بعد ذلك اما في القول الثاني فأن رؤية الوكيل للمعقود عليه ورضاه به ليس لها أي اثر في قيام خيار الرؤية للموكل وامكانية استعماله عند رؤية المعقود عليه فالوكيل هنا يستوي في حكم عدم قيام الخيار له مع الرسول اذ ان خيار الرؤية يثبت للموكل والمرسل لديهم (11). ويلاحظ مما سبق اتفاق فقهاء الزيدية مع فقهاء الحنفية فهم يجمعون على جعل خيار الرؤية للوكيل بالشراء ويختلفون في اثباته للوكيل بالقبض كما اتفقوا على عدم اثبات الخيار للرسول .
4. فقهاء الشافعية .
لفقهاء الشافعية قولان في مسألة التوكيل بالرؤية ففي القول الاول وهو الراجح في المذهب يجيزون توكيل المتعاقد غيره في رؤية المعقود عليه واتمام المعاملة قياساً على خياري الشرط والعيب لان في ذلك مصلحة للموكل والوكيل الخيار عند رؤية المعقود عليه وله استعماله في قبول المعقود عليه او رده وليس لموكله الحق في الخيار أن رأي المعقود عليه بعد ذلك اما القول الثاني فيذهبون فيه الى عدم اجازة التوكيل بالخيار بأعتبار ان هذا الخيار هو خيار شهوة ربما قام الوكيل بإستعماله بقصد الاضرار بمصلحة(12).
5. فقهاء المالكية .
يرون جواز توكيل المتعاقد غيره واقامته مقام نفسه في ابرام العقد ورؤية المعقود عليه وتكون تلك الرؤية مغنية عن رؤية موكله فأذا استعمل الوكيل خياره في قبول المعقود عليه او رده فليس لموكله الاعتراض بحجة قيام الخيار له عند رؤيته للمعقود عليه بعد ذلك لعدم اثبات الخيار له لدى فقهاء المالكية (13).ولم يفرق فقهاء المالكية بين الوكيل بالشراء والوكيل بالقبض وفي اعتقادي ان الحكم في المذهب واحد ففي كلا النوعين يكون الخيار للوكيل وله استعماله فأذا استعمله فلا خيار للموكل .
5. فقهاء الحنابلة .
يرى فقهاء الحنابلة ان للمتعاقد توكيل غيره وانابته في اتمام الصفقة والخيار لديهم يكون للوكيل دون تميز بينهما ان كان وكيلاً بالشراء او وكيلاً بالقبض ففي كلا الحالين للوكيل استعمال الخيار عند رؤية المعقود عليه ولا خيار لموكله (14). وبعد بيان موقف فقهاء المسلمين من حكم خيار رؤية الوكيل والرسول يمكن استنتاج ما يلي :
____________________
1- الحسن ابن المظهر الحلي ، تذكرة الفقهاء ، مطبعة النجف الاشرف ، 1955م ص350 وما يليها ; الامام محمد حسين ال كاشف الغطاء ، تحرير المجلة ، المكتبة المرتضوية ومطبعتها الحيدرية ، النجف الاشرف ، 1360هـ – ص61 .
2- الامام كاشف الغطاء – مصدر سابق – ص61 ; العلامة الحسن بن المظهر – مصدر سابق – ص37 وما يليها .
3- زين الدين الشهير بأبن نجيم ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ، تحقيق السيد امين الشهير بأبن عابدين ، شركة دار الكتب العربية الكبرى ، بدون سنة طبع ص31 ; محمد بن اسرائيل الشهير بأبن سماونه ، جامع الفصولين ، المطبعة العالمكيرية ، مصر ، 1300هـ – ص247 .
4- العلاء السمرقندي ، تحفة الفقهاء ، تحقيق محمد زكي عبدالبر ، ط1 ، مطبعة دمشق ، 1377هـ،1958م ص128 ; فخر الدين الحسن بن منصور المعروف قاضي خان ، بهامش الثلاثة الاولى الفتاوى الخانية ، ت 592هـ ص188 ; احمد بن محمد القدوري ، مختصر القدوري ، طبع في دلهي ، 1428هـ،1947م – ص41 ; الحدادي ، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري في فقه الامام الاعظم ، المطبعة الخيرية ، 1322هـ – ص194 .
5- فخر الدين عبدالله بن علي الزيلعي الحنفي ، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ، بدون سنة طبع ص28 ; السرخسي – المبسوط ، ط1 ، مطبعة السعادة ، القاهرة ، بدون سنة طبع – ص73 ; ابي م ابي مظفر محي الدين محمد اورنك ، الفتاوى الهندية المعروفة بالفتاوى العالمكيرية ، المكتبة الاسلامية ، محمد ازدمير ديار بكر ، تركيا ، بدون سنة طبع – ص65 ; د. وهبة الزحيلي ، الفقه الاسلامي في اسلوبه الجديد ، ط2 ، بدون سنة طبع – ص370 ; الميداني – مصدر سابق – ص194 .
6- العلاء السمرقندي ، تحفة الفقهاء ، تحقيق محمد زكي عبدالبر ، ط1 ، مطبعة دمشق ، 1377هـ،1958م ص128 ; ابي مظفر محي الدين - مصدر سابق - ص66 .
7- فخر الدين عبدالله بن علي الزيلعي الحنفي ، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ، بدون سنة طبع - ص28 ; كمال الدين محمد عبدالواحد السيواسي ، فتح القدير ، ط1 ، المطبعة الاميرية ، مصر ، 1316هـ - ص146 ; زين الدين الشهير بأبن نجيم ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ، تحقيق السيد امين الشهير بأبن عابدين ، شركة دار الكتب العربية الكبرى ، بدون سنة طبع ص30-31 ; علاء الدين ابي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، ط1 ، مطبعة الجمالية ، مصر ، 1328هـ ، 1910م - ص296 ; محمد بن اسرائيل الشهير بأبن سماونه ، جامع الفصولين ، المطبعة العالمكيرية ، مصر ، 1300هـ - ص246-247 ; فخر الدين الحسن بن منصور المعروف قاضي خان ، بهامش الثلاثة الاولى الفتاوى الخانية ، ت 592هـ - ص188 ; الزحيلي - الفقه الاسلامي - مصدر سابق - ص370 .
8- سورة الانعام - آية 66 .
9- سورة الفتح - أية 29 .
10- السرخسي - المبسوط - مصدر سابق - ص73 .
11- احمد بن يحيى بن مرتضى ، البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الامصار ، بدون سنة
طبع - ص352 ; ابن مفتاح ، المنتزع المختار من الغيث المدرار ، 1332هـ - ص91-92 .
12- شمس الدين محمد بن ابي العباس احمد بن حمزة ابن شهاب الدين الرملي المنوفي المصري الانصاري الشهير بالشافعي الصغير ، نهاية المحتاج الى شرح المنهاج ، مطبعة البابي واولاده ، مصر ، 1357هـ ، 1932م – ص394،403 ; النووي – روضة الطالبين Alwarqloqo/files/booksearch.htm ص793 ; الشافعي – الام Alwarqloqo/file//Ai/ الام files/booksearch.htmص836-839 .
13- ابي عبدالله محمد الخرشي ، شرح المحقق الخرشي على المختصر الجليل الامام ابي الضياء سيدي خليل ، ط2 ، المطبعة الاميرية ، مصر، 1317هـ – ص36-37 ; محمد بن محمد بن عبدالرحمن الطرابلسي المغربي المعروف بالحطاب ، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ، طرابلس ، ليبيا ، بدون سنة طبع – ص294-297 .
14- مصطفى السيوطي الرحيباني ، مطالب اولي النهي في شرح غاية المنتهى وتجريد زوائد الغاية والشرح ، تأليف حسن الشطي ، منشورات المكتب الاسلامي ، دمشق ، بدون سنة طبع ص26-28 ; ابو محمد موفق الدين عبدالله ابن قدامه المقدسي ، الكافي في فقه الامام احمد بن حنبل ، منشورات المكتب الاسلامي ، بدون سنة طبع ص11 وما يليها .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|