أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2021
3947
التاريخ: 24-5-2017
8921
التاريخ: 10-5-2020
3238
التاريخ: 24-5-2017
3231
|
يفصح القرآن الكريم معلناً بقوله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] (1) ويحدّثنا التفسير في سبب نزول هذه الآية الكريمة أنّ النبي رأى في المنام أنّ قردة تنزو على منبره فأعلمه جبرئيل أنهم بنو أُميّة يتغلّبون على الأمر فيتنازون على منبره وأنهم هم الشجرة الملعونة، ثم انّ النبي صلّى اللّه عليه وآله لم يستجمع ضاحكاً بعد ذلك حتى مات(2).
وجاء في ذمّ بني أُميّة والطعن فيهم كثير من التنزيل، انظر الحاكم في حديث علي في قوله {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28] (3) قال: هما الأفجران من قريش بنو أُميّة وبنو المغيرة، وتفسير ابن جرير في قوله: «وجاهدوا في اللّه حقَّ جهاده»(4) فإنه قال: إن الذين أمر تعالى بجهادهم مخزوم وأُميّة(5)، إلى غير ذلك.
ثمّ انّ الرسول الصادق الأمين صلّى اللّه عليه وآله يتبع القرآن المجيد بقوله: اللهمّ العن بني أُميّة قاطبة، وبأمثال ذلك، لا سيّما فيما يخصّ أبا سفيان وابنيه يزيد ومعاوية، ولا تنس ما جاء عنه في آل أبي العاص ولا سيّما في الحّكم وابنه مروان.
أترى لماذا يمنح الكتاب المبين أهل البيت بذلك الثناء الجزيل ويذكر بني أُميّة بذلك السوء والذمّ، أيكيل العادل تعالى لأُولئك المدح جزافاً، ولهؤلاء الذمّ اعتداءً، تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً.
وهذه النتيجة تلمسها من هذه النصوص الفرقانيّة والأحاديث النبويّة من دون شحذ قريحة وغور في التفكير، نعم لو سبرت السيرة الاُمويّة قبل الاسلام وبعده الى انقراض دولتهم، لعرفت أنّ اللّه تعالى ورسوله صلّى اللّه عليه وآله إنّما كشفا بالكتاب والسنّة عن تلك السيرة والسريرة الفائتتين، وأنبآ عن الآتيتين، وما كان ليخفى على الناس حالهما، ولكنّ كان هذا التصريح قطعاً لاعتذار أوليائهم ودحضاً لمكابرات مشايعيهم، ومع هذه الصراحة من الكتاب والحديث مازال للقوم حتى اليوم أولياء وأشياع، ومدافعون وأتباع.
ولأجل أن تطمئنّ القلوب بهذه الحقيقة، نستطرد نبذاً من أعمال اُميّة وبنيه أخبرنا عنها التاريخ الموثوق به.
مات عبد مناف وترك عدَّة بنين، كان منهم هاشم والمطّلب ونوفل وعبد شمس، وكان هاشم أرجحهم عقلاً وأسماهم فضيلةً فاصطلحت قريش على أن تولّيه الرفادة والسِّقاية(6) وكانتا لأبيه عبد مناف، فكان هاشم حيث رأت قريش، وزاد في شرف أبيه أن سنَّ الرحلتين رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام، وقد ذكر هاتين الرحلتين الكتاب الكريم(7)، وما كانت غاية هاشم من الرحلتين إلا أن يكثر المال في قريش فيقووا به على إطعام الحاجّ، وهذه فضيلة سامية أرادها هاشم لقومه، وهذا شأن العظام الذين ينحون بقومهم عظائم الاُمور، ومراقي الشرف الرفيعة.
ثمّ تقدم هو في الاطعام ليكون قدوة لقومه، فأطعم وأجزل حتى غنّت الركبان بجوده، وحتّى قال شاعره:
عمرو العلى هشم الثريد لقومه *** ورجال مكة مسنّتون عجاف
في أبيات مشهورة، فصار يُلقب بهاشم لذلك، وغلب على اسمه عمرو(8) فكان الجود بعض فضائل هاشم التي سوّدته على قريش سادات العرب.
وانشطرت اخوته فصار المطّلب الى جنب هاشم، وصار نوفل وعبد شمس في جانب، وهما ينافسانه ويحاولان أن يجارياه في مفاخره، فيقصر بهما العمل، فكان هاشم لكرم فعاله وجميل خصاله سيّد البطحاء غير مدافع.
ولمّا مات عبد شمس وظهر اُميّة حاول أن يلحق بهاشم في شأنه بما عجز عنه أبوه من قبل، وأين اُميّة من هاشم في سنّه وشأنه، وما ساد هاشم إلا لأنّه مجمع الفضائل، ولم يكن لاُميّة ما يسود به الفتى خلا المال والولد ولا يكفيان للسيادة اذا لم تكن الأعمال تلحقه بالمعارج السامية.
وطمع اُميّة يوماً أن ينافر هاشماً، وذلك إقدام لم يرتقب من مثله لمثل هاشم، ولا نعرف سبباً في قناعة هاشم بهذه المنافرة - وهو سيّد الأبطح وشيخ قريش - سوى علمه بأنه سوف ينفر اُميّة، وبذلك كبح لجماع اُميّة وإذلال لنفسه المتطلّعة لما ليس له كما كان ذلك، فإنّه قد نفره هاشم فأخرجه من مكّة عشر سنين، ولعلّ اُميّة كان يعتقد أن هاشماً سيّد الأبطح لا محالة ينفره، إلا انّه قنع من الشرف أن يُقال ان اُميّة نافر سيّد الحرم وجرى في مضماره.
ولمّا نبغ عبد المطّلب بعد أبيه هاشم وعمّه المطّلب، علا على شرف أهله ومفاخر آبائه، فانبطَّ ماء زمزم ولم يتوفّق لها قرشي من قبل، فحسدته قريش وراموا أن يشاركوه في هذه الكرامة والسقاية منها، فأبى عليهم، وطلبوا محاكمته عند كاهنة هذيل في الشام، وعندما رأوا منه الكرامات في طريقهم الى الشام عدلوا عن محاكمته، وتركوا له زمزماً وسقاية الحاج.
وهو الذي أنذر أبرهة - قائد الأحباش والأمير على اليمن من قبل النجاشي ملك الحبشة - حين جاء من اليمن بجيش كثيف قاصداً هدم البيت ليتحوَّل العرب عن الحجّ اليه، ولم يخرج عبد المطّلب من البيت كما خرجت قريش هاربة من سطوة الأحباش، فكان آخر أمر الأحباش الدمار، كما أفصح عن ذلك الكتاب المجيد(9) فجاء الحال وفقاً لما أنذرهم به سيّد الأبطح.
فكانت قريش تحسده لهذه المفاخر، وصاحب الفضيلة محسود، وما اكتفى اُميّة بما لقيه من منافرة هاشم حتّى حاول منافسة عبد المطّلب، فحمل اُميّة عبد المطّلب على المسابقة، فسبقه عبد المطّلب واستعبده عشر سنين.
وكان حرب بن اُميّة أيضاً يُفاخر عبد المطّلب بوفره وبأهله، تجاهلاً منه بأن الشرف إنّما هو بالفضيلة، والأعمال الجليلة، حتى طلب منافرة عبد المطّلب، وتلك جرأة كبرى يدفعه اليها الحسد والغرور، وإن علم يقيناً أنه لا يشقّ غبار شيخ قريش، غير انّا نحسبه انّه كان يعتقد أن المنافرة وحدها تجعل له المكانة العالية وإن نفره عبد المطّلب، ولقد تعجّب النافر من طمع حرب في منافرة شيخ البطحاء، والأعمال وجدها كافلة بخسران حرب، فقال النافر لحرب:
أبوك معاهر وأبوه عفّ *** وذاد الفيل عن بلد حرام
وهذا شاهد على ما كان عليه عبد المطّلب وأهله، وحرب وآباؤه من خلّتين شهيرتين دعت وجوه الناس على الحكم لهاشم وولده في كلّ منافرة ومنافسة.
لا تنس حلف الفضول الذي هو خير حلف عقدته قريش بل العرب كلّها، لردّ عادية الظلم، والانتصار للمظلوم، قد دخل فيه الرسول - عليه وعلى آله السلام - وذلك قبل الاسلام، وقال فيه بعد ذلك: «لو دُعيت إلى مثله لأجبت». ذلك حلف هدّد بالهتاف به الحسين - عليه السلام - معاوية بن أبي سفيان، ووقف للطغاة الغاصبين بالمرصاد. فكم ردَّ من مال نُهب، وعرض غصب، وكان السبب فيه الزبير بن عبد المطّلب، ولم يدخل فيه النوفليّون والعبشميّون، ويحقّ للسائل أن يسأل عن سبب امتناعهم عن الدخول فيه، ألأنّ سببه الهاشميّون ؟ أم لأنه فضيلة سامية ؟ أم لماذا ؟
هذه حال اُميّة لو استطردت بعضها قبل بزوغ شمس الاسلام.
___________
(1) بني إسرائيل: 60.
(2) مجمع البيان: 3/424، وشرح النهج: 3/488 و2/466 و467، وقال الشوكاني في تفسيره أنهم آل أبي العاص خاصّة وعليه روايات.
(3) إبراهيم: 28.
(4) الحج: 78.
(5) تفسير الطبري: 17/142.
(6) الرفادة بالكسر: إِطعام الحاج، والسقاية بالكسر أيضاً: سقيهم.
(7) قريش: 2.
(8) شرح النهج: 3/457.
(9) سورة الفيل.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|