منهج الاسلام في سياسته الاعلامية التعصب والاكراه بدون اعطاء الفرصة للعقل والوجدان في الحكم |
1323
11:59 صباحاً
التاريخ: 8-2-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2019
1561
التاريخ: NaN-undefine
4130
التاريخ: 14-1-2019
1794
التاريخ: 15-1-2019
1776
|
[جواب الشبهة] :
قال الله سبحانه في كتابه الكريم، في مجال رسم الأسس والمنطلقات للدعوة الالهية الى سبيله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
فهذه الآية قد أعطت النظرة الشمولية للإسلام ، فيما يرتبط بسياسته الاعلامية، ورسمت لهذه السياسة أسسها ومنطلقاتها بدقة، وبعمق يستوعب كل اتجاهاتها ومناحيها... ولسنا هنا في صدد بيان وتحديد ذلك...، ولكننا نشير الى أمر ألمَحَت إليه الآية الكريمة، ويهمنا لفت النظر اليه، والتوجيه نحو التأمل فيه، وهو :
أن نهج القرآن وطريقته ـ كما ألمحت إليه الآية الشريفة ـ هو استثارة العقول، ومحاكمة الناس إلى ضمائرهم، وإرجاعهم إلى سليم الفطرة وانصاف الوجدان...
ولم نجد القرآن قد حكم على أحد بالكفر، أو بالفسق، إلا ضمن ضوابط عامة، يكون لكل أحد كامل الحرية في أن يطبقها على نفسه أو لا يطبقها.
أما أن يطبقها على الآخرين بأشخاصهم وأعيانهم، فليس له ذلك، إلا في الحدود التي أجازها الإسلام، ولم ير فيها ما يتنافي مع أي من أصوله وقواعده... أي في خصوص الموارد التي قبل بها الآخرون، وأقروا بانطباقها على أنفسهم وفق الضوابط العامة التي يعرفها ويقر بها الجميع...
هذا على الرغم من أن الحق ربما يكون مرا، أو مخجلا لكثير من أولئك الذين اختاروا الانحراف عن جادة الحق، والابتعاد عن الطريقة القويمة، والخطة السليمة المستقيمة.
نعم... لربما تمس الحاجة ـ وذلك كثير في القرآن أيضا ـ إلى تصعيد التحدي، إلى حد التلويح أو التصريح بما لو لم يبادر إلى التلميح أو التصريح به لكان خطرا على الاسلام وعلى قواعده ومبانيه من الأساس.
ولكنها تكون حالات استثنائية ـ يعقبها الاستدلال والتفهيم مباشرة ـ ولا يمكن أن تتخذ الصفة الطبيعية التي يفترض جعلها أساسا للتحرك في المجال العام للدعوة الإسلامية.
هذا كله... لو لم نقل: إن المنطلق الاسلامي لكل حوار منصف وهادف وبناء هو قوله تعالى : {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24] حيث يريد سبحانه أن يهيئ الطرف الآخر للبحث العلمي، القائم على أساس الدليل الساطع، والبرهان القاطع، بعيدا عن أجواء التشنج والانفعال والشك والريب.
ولعل هذا بالذات هو المقصود من المجادلة بالتي هي أحسن... حسبما نصت عليه الآية آنفة الذكر.
علي (عليه السلام)...وأهل الشام :
ونجد الى جانب ذلك: أن طريقة ائمتنا عليهم الصلاة والسلام وخطتهم لم تتعد هذا النهج، وذلك تأسيا منهم بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، والتزاما منهم بالهداية القرآنية الرائدة... وعلى هذا الأساس، فإننا نجد: أن دعوة علي عليه السلام أصحابه الى عدم سب أهل الشام، ولكن بإمكانهم أن يصفوا أعمالهم، معللا ذلك بأنه أصوب في القول، وأبلغ في العذر. (1)
ان هذه الدعوة... قد جاءت منسجمة كل الانسجام مع تعاليم القرآن الكريم، وتوجيهاته السامية، في مجال الهداية الى سبيل الله، والدعوة الى دينه...
مع أنه عليه السلام يستحل دماءهم، ويباشر قتلهم.... حتى لقد قيل: إنه عليه السلام قد قتل منهم بنفسه عدة مئات في ليلة واحدة، وهي المسماة بـ «ليلة الهرير».
ولم يكن موقفه هذا... وهو الالتزام بالكلمة المهذبة، والعمل بالهدى القرآني الرائد... خاصا بالذين حاربوه في صفين، أو في الجمل، والنهروان، وانما هو ينسحب على مجمل مواقفه في حياته، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى أبنائه الأئمة الميامين، الطيبين الطاهرين.
مواقف الحسين (عليه السلام) في نفس الاتجاه :
كما أن من الواضح : أن أعظم مواجهة حادة تعرض لها الأئمة عليهم السلام، وأشدها إثارة، هي تلك التي تعرض لها سيد شباب أهل الجنة، السبط الشهيد، الحسين بن علي صلوات الله وسلامه عليه، حينما قرر أن يواجه الطاغوت، وأن يقدم نفسه، وأبناءه، وأهل بيته، وأصحابه، في سبيل الله والمستضعفين...
فنجده عليه السلام حينما يريد أن يستدل لموقفه من يزيد الطاغية، ومن نظام حكمه، ذلك الموقف الذي يعرف بدقة نتائجه وآثاره، نجده لا يذكر يزيد بن معاوية، إلا بما عرف وشاع عنه، فيقول:
«...إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح الله، وبنا يختم، ويزيد رجل شارب الخمور، وقاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله...».(2)
فهو عليه السلام قد أعطى الميزان والضابطة، والتعليل الواضح، لكونه عليه السلام لا يحق له أن يبايع يزيد. ولكنه يجعل ذلك ضمن قانون عام تكون نتيجته أن هذا الصنف من الناس، وهذه النوعية، لا يحق لها أن تبايع تلك النوعية، وذلك الصنف، ملخصا ذلك بقوله: «ومثلي لا يبايع مثله».
ثم...وبما أن ذكر تلك الضابطة، قد استلزم التصريح ببعض ما ربما يتوهم منافاة التصريح به للهداية القرآنية... نجده عليه السلام يشير إلى أن ذلك التوهم مسوغ له، ما دام أن يزيد بن معاوية «معلن بالفسق» ولا يتستر بذلك.
فكما لا مجال لأي ترديد أو خيار في اتخاذ ذلك القرار، كذلك لا مجال للتواني، ولا للترداد في الجهر به، والاعلان عن مبرراته ودوافعه...
الامام الحسين (عليه السلام) في كربلاء :
وبعد... فبالرغم من ان واقعة الطف كانت من أبشع ما عرفه التاريخ البشري... فإننا لا نجد الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام فيها إلا ذلك الصابر المحتسب الذي لا تندمنه حتى ولو كلمة واحدة في غير المسار الطبيعي للهداية القرآنية التي تقدمت الاشارة إليها.
بل إن كلماته في ذلك الموقف المصيري كانت تطفح بالحب والحنان، وتفيض بالأدب والطهر والنبل، والنزاهة عن كل سباب قبيح، أو استرسال مشين، رغم هول المصائب التي يواجهها، وفداحة الكوارث التي يعاني منها...بل نجده (عليه السلام) ـ كما كان ـ حتى لأعدائه، والذين يقتلون صحبه وولده، ويريدون إزهاق نفسه، ثم سبي نسائه ـ نجده ـ يبقى كالوالد الرحيم، الذي تذهب نفسه عليهم حسرات، والذي لا هم له إلا هدايتهم، وحملهم على المحجة البيضاء، وارشادهم الى سبيل الخير، والفلاح والرشاد...
الأئمة (عليهم السلام) والمواقف الحادة:
وإذا ما رأينا أحيانا بعض المواقف الحادة والفاصلة للأئمة عليهم السلام، فإنما هو في مقابل أولئك الذين حاولوا ضرب أساس الاسلام، وتقويض دعائمه، من أمثال أبي الخطاب، والمغيرة بن سعيد، وأضرابهما من الغلاة والنواصب. ولسنا في مجال استقصاء ذلك هنا.
______________
1 ـ راجع: نهج البلاغة، بشرح محمد عبده / ج 2 / ص 221، وتذكرة الخواص / ص 154 / وصفين لنصر بن مزاحم / ص 103 / والأخبار الطوال / ص 165.
2 ـ مقتل الحسين (عليه السلام) : للمقرم / ص 139 عن مثير الاحزان لابن نما الحلي، والفتوح / لابن أعثم / ج 5 / ص 18.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|