أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-10-2016
5731
التاريخ: 1-12-2016
3283
التاريخ: 21-9-2016
1636
التاريخ: 22-9-2016
1968
|
بعض العناصر الحضارية الجديدة في العصر الكشي:
1ـ مع أن الكشيين، ساروا على تراث حضارة وادي الرافدين العام واندمجوا به بيد أنه ظهرت أو أدخلت في عهدهم بعض الأمور أو العناصر الحضارية التي يصح عدها انها ميزت هذا العهد. وأول ما نذكر من هذه الأشياء الجديدة الاسم الجغرافي الجديد الذي أطلقوه على بلاد بابل، وهو "كار ـ دنياش"، أي بلاد أو قطر "دنياش"، وهو اسم أحد آلهتهم. على أن ملوكهم احتفظوا أيضاً بالقاب الملوك القديمة مثل ملك "سومر وأكد" وملك بابل.
2- يرى جمهور المؤرخين أن الكشيين هم الذين أدخلوا استعمال الخيل إلى بلاد وادي الرافدين على مقياس واسع بحيث أصبحت واسطة شائعة في النقل وفي الحرب وفي جر العربات، الامر الذي أحدث تبدلات جوهرية في أساليب الحرب والقتال وسرعة المواصلات. ويرجح ان الكشيين اقتيسوا استعمال الخيل من الحثيين في آسيا الصغرى ومن الحوريين أيضاً. أما ما قبل العهد الكشي فلم تكن الخيول شائعة الاستعمال في العراق بل اقتصر ذلك على أمثلة قليلة. فقد جاء ذكرها في النصوص المسمارية ولا سيما من عهد سلالة "أور" الثالثة (2004 – 2112 ق.م)، وقد دعيت في هذه النصوص بالمصطلح السومري (انشو ــ كرا" (Anshu – Kur – Ra) أي "حمار الجبل" أو "حمار البلد الأجنبي"، ويرادف ذلك في اللغة الآكدية "سيسو" (Sisu) كما ذكرت الخيول باسمها الآكدي في رسائل مدينة "ماري" الشهيرة (القرنان التاسع عشر والثامن عشر ق.م)(1).
3- سبق أن ذكرنا في الفصل الخاص بتاريخ التحريات كيف أن الكشيين استبدلوا طريقة التاريخ بالحوادث المشهورة المتبعة في العهود السابقة للعصر الكشي بطريقة أسهل في تاريخ الحوادث وتقويمها، هي التأريخ بسني حكم الملوك، فصاروا يؤرخون ابتداء من السنة الاولى التي تعقب تتويج الملك الجديد ويستمرون يؤرخون بسني المتتابعة إلى الملك الجديد الذي يخلفه.
4- شاع في العهد الكشي استعمال ما يسمى بأحجار الحدود أو أحجار تثبيت حدود الاملاك والعقارات، واسمها باللغة الآكدية "كودرو" (Kudurru) وقد ظهر استعمالها على نطاق ضيق في عصر فجر السلالات ولكن لم يستمر في العهود التالية. ومع ان الكلمة التي تطلق على هذا النوع من الوثائق تعني "الحد" أو "التحديد"، إلا أنها كانت في الواقع بالدرجة الأولى سجلات بقطائع الأراضي الزراعية، تسجل فيها حدودها وأوصافها وتودع عادة في المعابد مع وجود نسخ منها على ألواح الطين تكون في حوزة المالكين، وهي عبارة عن احجار مخروطية الشكل في الغالب، ويقسم الحجر عادة إلى قسمين فيشاهد في أعلى الوجه صور منحوتة بالنحت البارز تمثل رموز الآلهة فيشاهد من أشهر هذه الرموز قرص الشمس، رمز الإله "شمش" ، والهلال رمز الإله القمر "سين" او "ننا" والفأس أو المحراث الصغير، رمز الإله "مردوخ"، والكوكب ، رمز الآلهة عشتار ، مع صور الحيوانات العائدة إلى مثل هذه الآلهة، كل ذلك للتمسك بنصوص الوثيقة. وينقش في ظهر الحجر النص المطول بذكر اسم المالك صاحب القطيعة وتحديد الأرض والامتيازات الاخرى الممنوحة له وأسماء الشهود، وتذكر لعنات الآلهة المختلفة في ختام النص على ما يكسر الحجر او يبدل نصوصه (2).
وإلى جانب التأريخي في .أهمية هذه الاحجار فهي على قدر كبير من الناحية الفنية أيضاً، لما فيها من المنحوتات البارزة. ومن الآثار الأخرى التي تعيننا في فهم التطور الفني في العصر الكشي دمى الطين الكثيرة (Terra Cotta Figurines) التي وجدت في جملة مواقع أثرية، من بينها تنقيبات مديرية الآثار في عقرقوف، ونذكر أيضاً الاختام الاسطوانية الخاصة بهذا العهد، على أنها ليست في مستوى الجودة الفنية التي تمتاز بها أختام العصور السابقة، وأبرز ما يلفت النظر فيها طول النصوص الكتابية التي تنقش فيها. وقد سبق أن ذكرنا الصور الجدارية الملونة (Frescoes) مما وجد في قصور عقرقوف. ويشاهد في الصور الآدمية المثلة أزياء جديدة في الألبسة ومنها لاس الرأس ويبدو عليها الزي الإيراني في اللباس الرأسي على الأقل(3).
5- نوهنا في كلامنا على خصائص العهد البابلي القديم الحضارية بالنشاط الأدبي الذي ازدهر فيه في حقل التدوين والترجمة والنقل وتأليف القطع الأدبية بتحويل الأصول السومرية إلى نتاج أدبي. إلى غير ذلك من أوجه النشاط الادبي. ولكن يبدو أن فترة طويلة مرت من بعد سقوط سلالة بابل الأولى ركدت فيها الحركة الأدبية، ثم انبعثت هذه الحركة مرة أخرى من بعد قيام السلالة الكشية، فبرزت جهود الكتبة والمتضلعين بالشؤون الادبية في مواصلة تدوين التراث الادبي واستنساخ القطع الأدبية المشهورة، أي بعبارة أخرى صدرت نشرت جديدة لمثل هذه القطع، نذكر منها نسخة مهمة من ملحمة جلجامش ونسخة من قطة الطوفان المعنوية "اترا ــ حاسس"، والقصة الأدبية الطريفة التي سميت بقصة أيوب البابلي لمضاهاتها لقصة أيوب في التوراة، وقد عنونت بعنوان "لأمجدن رب الحكمة" وفي البابلية "لدلل بيل نميقي" (Ludlul Bel Nemeqi). ووصلت إلينا من العهد الكشي أيضاً نصوص طبية مهمة ونصوص فلكية إلى جانب الكتابات الخاصة بالتنجيم ولا سيما خصائص الأيام المختلفة وما يتوقع فيها من سعد ونحس أي ما يسمى (Hemerologies). وقد وجد منها لوح كبير في تنقيبات عقرقوف. وظهر في العصر الكشي أيضاً اهتمام ملحوظ بأساليب نصوص التعاويذ والرقى، كما وصلت إلينا طائفة من الأثبات أو المعاجم بالعلامات المسمارية وقيمها السومرية والآكدية، وبعضها يتضمن شرح بعض المفردات الكشية باللغة البابلية.
6- وانتشرت في العصر الكشي اللغة البابلية بخطها المسماري انتشاراً أوسع من العصور السابقة، بحيث اتخذت هذه اللغة لعة للمراسلات الدولية الدبلوماسية بين ملوك الشرق الادنى وحكامه، كما تدل على ذلك مراسلات "العمارنة" الشهيرة الخاصة بفراعنة مصر في القرن الرابع عشر ق.م، حيث كان الفراعنة في أوج قوتهم واتساع مملكتهم، فلا يمكن تفسير اتخاذ اللغة البابلية أدب حضارة وادي الرافدين، وترجمت جملة قطع أدبية مشهورة مثل ملحمة جلجامش إلى اللغة الحثية والحورية. ومما لا ريب فيه أن يكون قد ظهرت مدارس للكتبة خارج بلاد ما بين النهرين لتعليم الخط المسماري واللغة البابلية. والجدير بالذكر بهذا الصدد أنه وجدت في موضع العمارنة السالف الذكر بالإضافة إلى المراسلات الملكية الرسمية ونصوص المعاهدات مع الحثيين والميتانيين المدونة باللغة البابلية، قطع معروفة من أدب حضارة وادي الرافدين واٍساطيرها مثل اسطورة "أدابا" وقصة سرجون الآكدي المعوية "ملك الحرب"، مما أشرنا إليها في كلامنا على السلالة الآكدية.
ومن مظاهر إحياء التراث الأدبي من حضارة وادي الرافدين في العهد الكشي استعمال الأنماط الكتابية القديمة، حتى أن خط بعض النصوص التي وصلت إلينا من هذا العهد تشبه في علاماتها المسمارية خط حضارة وادي الرافدين من عصر فجر السلالات (مطلع الألف الثالث ق.م)، والمثال على ذلك الكتابة السومرية المنقوشة على كسر التمثال العائد إلى الملك "كوريكالزو" المكتشفة في عقرقوف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حول تاريخ استعمال الخيل في الشرق الادنى والعراق انظر:
A. Salonen, Hippologia Akkadia, (1956).
وعن ذكر الخيل في رسائل ماري (العهد البابلي القديم):
ARM, I, 50; II, 123; IV, 38; 20.
(2) نشرت نماذج كثيرة في: King, Bab. Boundary Stones
(3) راجع تقارير المؤلف المنشورة في مجلة IRAQ، الجلد الثامن (1946) اللوح: 12 ش 5، واللوح 14، ش7 ، واللوح 13، ش6، واللوح 15، ش9 ، وعن الاختام الاسطوانة من العصر الكشي انظر:
T. Beran in Archiv fur Orientforschung XVIII, (1958), 225ff.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|