أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
1281
التاريخ: 8-10-2014
2474
التاريخ: 2024-08-12
396
التاريخ: 2024-11-02
152
|
قال تعالى : {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب : 26 ، 27].
المراد بأهل الكتاب هنا بنو قريظة خاصة . وضمير « هم » في قوله تعالى « ظاهروهم » يعود إلى الأحزاب ، وصياصيهم حصون بني قريظة . أما قوله تعالى : « وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا » فهو بشارة بالفتوح الاسلامية .
قلنا فيما تقدم : ان بني قريظة ، وهم قبيلة من اليهود ، كانوا يساكنون النبي (صلى الله عليه واله) بالمدينة أو بضواحيها ، وانه كان بينه وبينهم عهد أن لا يعينوا عليه عدوا ، ولما حاصرت الأحزاب المدينة نقضوا العهد وأعلنوا الحرب ، كما هو شأن اليهود قديما وحديثا . . وهاتان الآيتان اللتان نحن بصددهما تشيران إلى ما حدث لبني قريظة بعد نقضهم العهد وهزيمة الأحزاب ، وخلاصته :
لما كفى اللَّه المؤمنين قتال الأحزاب نادى منادي رسول اللَّه بالخروج إلى بني قريظة ، ولما وصل إليهم جيش المسلمين أغلقوا عليهم الحصن ، فعرض النبي (صلى الله عليه واله)عليهم الإسلام على أن يكون لهم ما للمسلمين ، وعليهم ما عليهم ، وإلا حاصروهم حتى يستسلموا أو يحاربوا ، فأشار عليهم رئيسهم كعب بن أسد أن يسلموا ويؤمنوا بمحمد (صلى الله عليه واله) ، وقال : فو اللَّه لقد تبين لكم أنه نبي مرسل وانه الذي تجدونه في التوراة ، فأبوا وقالوا : لا نفارق ديننا .
وامتد الحصار خمسا وعشرين ليلة حتى أوشكوا على الهلاك من الجهد والخوف ، وعندئذ طلبوا من النبي (صلى الله عليه واله)باختيارهم وملء إرادتهم أن ينزلوا على حكم سعد ابن معاذ ، وهو رئيس الأوس ، وكان بنو قريظة حلفاء لهم ، فاستجاب النبي لطلبهم ، واستدعى سعدا ، وقال له : ان هؤلاء قد نزلوا على حكمك مختارين ، فاحكم بما شئت . قال سعد : وحكمي نافذ عليهم ؟ قال النبي (صلى الله عليه واله) : نعم .
فحكم سعد أن تقتل رجالهم المقاتلون ، وان تقسم أموالهم ، وتسبى ذراريهم ونساؤهم ، وان تكون ديارهم للمهاجرين دون الأنصار ، لأن للأنصار ديارا ، ولا ديار للمهاجرين .
فأمر النبي (صلى الله عليه واله)بقتل الرجال الذين كانوا يحملون السلاح ، ومن حث بني قريظة على نقض العهد ودبر المعركة ضد المسلمين كحيي بن أخطب زعيم بني النضير ، ثم قسمت الأموال ، وسبيت الذراري والنساء كما حكم سعد الذي اختاره بنو قريظة حكما . والى هذا يشير قوله تعالى : « فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وتَأْسِرُونَ فَرِيقاً » .
وقدمنا ان سهما من أسهم الأحزاب أصاب أكحل سعد ، وانه طلب من اللَّه ان لا يميته حتى يقر عينيه من بني قريظة . . وبعد أن نفّذ فيهم حكمه انفجر الجرح وانتقل إلى رحمة اللَّه ورضوانه ، وهو قرير العين بالشهادة واستجابة الدعاء .هل ظلم محمد (صلى الله عليه واله)بني قريظة ؟.
وتسأل : كيف أقر النبي (صلى الله عليه واله) حكم سعد ، وفيه ما فيه من العنف والقسوة حتى اتخذ منه أعداء الإسلام وسيلة للطعن والتشهير ؟.
الجواب : ان محمدا لم يظلم بني قريظة ، وانما أنفسهم كانوا يظلمون لأنهم اختاروا لها هذا المصير بملء إرادتهم ، ويشهد لذلك :
أولا : انهم عاهدوا النبي ونكثوا العهد في أحرج الأوقات ، كما هو دأب اليهود منذ القديم قال تعالى (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ )- أي الرؤساء - 100 البقرة .
ثانيا : ان النبي (صلى الله عليه واله) عرض عليهم أن يدعهم وشأنهم شريطة أن يقولوا : لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه ، ونصحهم رئيسهم كعب بن أسد أن يستجيبوا وينطقوا بكلمة الشهادة فرفضوا .
ثالثا : ان بني قريظة أبوا النزول على حكم رسول اللَّه (صلى الله عليه واله) ، وقبلوا حكم سعد من تلقاء أنفسهم .
رابعا : ان سعدا حكم بشريعتهم التي يدينون بها ، ويحكمون على الناس بموجبها . قال العقاد : « انما دانهم سعد بنص التوراة الذي يؤمنون به كما جاء في التثنية : « حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح ، فإن أجابتك إلى الصلح ، وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك . وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها ، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك ، فاضرب جميع ذكورها بحد السيف ، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمة تغنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك إلهك . .
اصحاح 10 إلى 15 تثنية » . ( كتاب العبقريات الاسلامية ص 219 طبعة دار الفتوح بالقاهرة ) .
وهذا النص موجود في التوراة اصحاح 20 من التثنية ، لا اصحاح 10 إلى 15 كما جاء في العبقريات الاسلامية ، وهو يدل بوضوح على أكثر مما حكم به سعد ابن معاذ على بني قريظة ، لأنه يقول صراحة : ان استجابت المدينة إلى الصلح فجميع أهلها عبيد مسخرون ، وان أبت وجب ذبح جميع الذكور بحد السيف المقاتلين منهم وغير المقاتلين ، ونهب الأموال وسبي النساء والأطفال .
وهناك نص آخر في التوراة لم يذكره العقاد ، وهو أعظم جورا من النص الذي ذكره ، لأنه يأمر بقتل جميع السكان ، ولا يستثني النساء والأطفال ، ثم إحراق المدينة بجميع ما فيها بحيث لا يمكن بناؤها وتجديدها إلى الأبد . . فقد جاء في الأصحاح الثالث عشر من التثنية ما نصه بالحرف الواحد : « فضربا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف ، وتحرّمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف ، وتجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها ، وتحرق بالنار المدينة ، وكل أمتعتها كاملة للرب إلهك ، فتكون تلا إلى الأبد لا تبنى بعد » .
فهل بعد هذا يقال : ان محمدا (صلى الله عليه واله) ظلم يهود بني قريظة ، وان سعدا جار في حكمه عليهم ؟ . . فمن القضاء العدل أن تلزم كل إنسان بما ألزم به نفسه ، وتحكم عليه بما يدين ويعتقد ، واليهود يعتقدون دينا ، ويطبقون عملا ذبح الذكور ، ونهب الأموال ، وسبي النساء والأطفال ، وهدم البيوت وإحراق القرى والمدن من كل شعب من الشعوب دون أن يعلن عليهم حربا أو ينكث لهم عهدا أو يسيء إليهم بحرف تماما كما تفعل الآن إسرائيل مع شعب فلسطين . . فهل يعد ظالما من يحكم عليهم بتوراتهم ، ويعاملهم بما عاملوا به الناس ؟ مع العلم بأن النبي (صلى الله عليه واله) قتل المقاتلين منهم بعد أن نكثوا عهده وأعلنوا عليه الحرب ، وهم يقتلون ويحرقون لا لشيء إلا لأن القتل والحرق والفساد دين لهم وطبيعة . . ولو حكم عليهم بالقتل والنهب والسبي دون أن ينكثوا العهد ويعلنوا الحرب لكان الحكم حقا وعدلا ، لأنه حكم بما يدينون ويفعلون . . واتفقت جميع الشرائع السماوية والوضعية على ان من دان بدين لزمته أحكامه ، وهنا يكمن السر في قول الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) لسعد : « حكمت فيهم بحكم اللَّه من فوق سبعة أرقعة » . جمع رقيع وهو اسم السماء .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|