المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

{قالوا ياصالح قد كنت فينا مرجوا}
2024-07-08
الألوان التكامليّة Complementary Colors
24-7-2019
مركبات تناسقية الترابط coordination compounds
25-6-2018
متطلبات البرامج الحوارية
10/9/2022
Phonology
2024-10-14
Genetic Selection
12-5-2016


تفسير الاية ( 84-86) من سورة البقرة  
  
15532   04:43 مساءً   التاريخ: 19-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الباء / سورة البقرة /


قال تعالى : {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُومُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 84 - 86].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

عطف سبحانه على ما تقدم من الأخبار عن اليهود بنقض المواثيق والعهود بقوله {وإذ أخذنا ميثاقكم} أي ميثاق أسلافكم الذين كانوا في زمن موسى والأنبياء الماضين صلوات الله على نبينا وعليهم أجمعين وإنما أضاف الميثاق إليهم لما كانوا أخلافا لهم على ما سبق الكلام فيه وقوله {لا تسفكون دماءكم} معناه لا يقتل بعضكم بعضا لأن في قتل الرجل منهم الرجل قتل نفسه إذا كانت ملتهما واحدة ودينهما واحد أو أهل الدين الواحد بمنزلة الرجل الواحد في ولاية بعضهم بعضا قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إنما المؤمنون في تراحمهم وتعاطفهم بمنزلة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو واحد تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر هذا قول قتادة وأبي العالية وقيل معناه لا يقتل الرجل منكم غيره فيقاربه قصاصا فيكون بذلك قاتلا لنفسه لأنه كالسبب فيه وقوله {ولا تخرجون أنفسكم من دياركم} معناه لا يخرج بعضكم بعضا من دياركم بأن تغلبوا على الدار وقيل معناه لا تفعلوا ما تستحقون به الإخراج من دياركم كما فعله بنو النضير وقوله {ثم أقررتم وأنتم تشهدون} أي أقررتم بذلك وأنتم شاهدون على من تقدمكم بأخذنا منهم الميثاق وبما بذلوه من أنفسهم من القبول والالتزام وقيل معنى إقرارهم هو الرضاء به والصبر عليه كما قال الشاعر(1) :

أ لست كليبيا إذا سيم خطة *** أقر كإقرار الحليلة للبعل

 واختلف في المخاطب بقوله {وأنتم تشهدون} فقيل اليهود الذين بين ظهراني مهاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أيام هجرته إليهم وبخهم الله تعالى على تضييعهم أحكام ما في أيديهم من التوراة التي كانوا يقرون بحكمها وقال لهم {ثم أقررتم}  يعني أقرّ أولكم وسلفكم وأنتم تشهدون على إقرارهم بأخذي الميثاق عليهم بأن لا تسفكوا دماءكم ولا تخرجوا أنفسكم من دياركم وتصدقون بذلك عن ابن عباس وقيل إنه خبر من الله عز وجل عن أوائلهم ولكنه أخرج الخبر بذلك مخرج المخاطبة لهم على النحو الذي تقدم في الآيات وأنتم تشهدون أي وأنتم شهود عن أبي العالية ويحتمل قوله {وأنتم تشهدون}  أمرين (أحدهما) أن معناه وأنتم تشهدون على أنفسكم بالإقرار و(الثاني) أن معناه وأنتم تحضرون سفك دمائكم وإخراج أنفسكم من دياركم وقال بعض المفسرين نزلت الآية في بني قريظة والنضير وقيل نزلت في أسلاف اليهود .

{ثم أنتم} يا معشر يهود بني إسرائيل بعد إقراركم بالميثاق الذي أخذته عليكم أن لا تسفكوا دماءكم ولا تخرجوا أنفسكم من دياركم وبعد شهادتكم على أنفسكم بذلك أنه واجب عليكم ولازم لكم الوفاء به {تقتلون أنفسكم}  أي يقتل بعضكم بعضا كقوله سبحانه {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم}  أي ليسلم بعضكم على بعض وقيل معناه تتعرضون للقتل {وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم}  أي متعاونين عليهم في إخراجكم إياهم {بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم}  أي وأنتم مع قتلكم من تقتلون منكم إذا وجدتم أسيرا في أيدي غيركم من أعدائكم تفدونهم وقتلكم إياهم وإخراجكم وهم من ديارهم حرام عليكم كما أن تركهم أسرى في أيدي عدوهم حرام عليكم فكيف تستجيزون قتلهم ولا تستجيزون ترك فدائهم من عدوهم وهما جميعا في حكم اللازم لكم فيهم سواء لأن الذي حرمت عليكم من قتلهم وإخراجهم من دورهم نظير الذي حرمت عليكم من تركهم أسرى في أيدي عدوهم {أ فتؤمنون ببعض الكتاب} الذي فرضت عليكم فيه فرائضي وبينت لكم فيه حدودي وأخذت عليكم بالعمل بما فيه ميثاقي فتصدقون به فتفادون أسراكم من أيدي عدوهم {وتكفرون ببعض}  وتكفرون ببعضه فتجحدونه فتقتلون من حرمت عليكم قتله من أهل دينكم وقومكم وتخرجونهم من ديارهم وقد علمتم أن الكفر منكم ببعضه نقض منكم لعهدي وميثاقي واختلف فيمن عنى بهذه الآية فروى عكرمة عن ابن عباس أن قريظة والنضير كانا أخوين كالأوس والخزرج فافترقوا فكانت النضير مع الخزرج وكانت قريظة مع الأوس فإذا اقتتلوا عاونت كل فرقة حلفاءها فإذا وضعت الحرب أوزارها فدوا أسراها تصديقا لما في التوراة والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان لا يعرفون جنة ولا نارا ولا قيامة ولا كتابا فأنبأ الله تعالى اليهود بما فعلوه وقال أبو العالية كان بنو إسرائيل إذا استضعف قوم قوما أخرجوهم من ديارهم وقد أخذ عليهم الميثاق أن لا يسفكوا دماءهم ولا يخرجوا أنفسهم من ديارهم وأخذ عليهم الميثاق أن أسر بعضهم بعضا أن يفادوهم فأخرجوهم من ديارهم ثم فادوهم ف آمنوا بالفداء ففدوا وكفروا بالإخراج من الديار فأخرجوهم وقيل ليس الذين أخرجوهم الذين فودوا ولكنهم قوم آخرون على ملتهم فأنبهم(3) الله تعالى على ذلك.

 وقال أبو مسلم الأصبهاني ليس المراد بقوله {أ فتؤمنون}  الآية أنهم يخرجون وهو محرم ويفدون وهو واجب وإنما يرجع ذلك إلى بيان صفة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وغيره وقوله {فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا}  اختلف في الخزي الذي خزاهم الله إياه بما سلف منهم من المعصية فقيل هو حكم الله الذي أنزله على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) من أخذ القاتل بمن قتل والقود به قصاصا والانتقام من الظالم للمظلوم وقيل بل هو أخذ الجزية منهم ما أقاموا على ذمتهم على وجه الذل والصغار وقيل الخزي الذي خزوا به في الدنيا هو إخراج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بني النضير من ديارهم لأول الحشر وقتل بني قريظة وسبي ذراريهم وكان ذلك خزيا لهم في الدنيا ثم أعلم الله سبحانه أن ذلك غير مكفر عنهم ذنوبهم وأنهم صائرون بعده إلى عذاب عظيم فقال {ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب}  أي إلى أشد العذاب الذي أعده الله لأعدائه وهو العذاب الذي لا روح فيه مع اليأس من التخلص {وما الله بغافل عما تعملون}  أي وما الله بساه عن أعمالهم الخبيثة بل هو حافظ لها ومجاز عليها ومن قرأه بالتاء رده إلى المواجهين بالخطاب في قوله {أ فتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض}  ومما يسأل في هذه الآية أن ظاهرها يقتضي صحة اجتماع الإيمان والكفر وذلك مناف للصحيح من المذهب والقول فيه أن المعنى أنهم أظهروا التصديق ببعض الكتاب والإنكار للبعض دون بعض وهذا يدل على أنهم لا ينفعهم الإيمان بالبعض مع الكفر بالبعض الآخر وفي هذه الآية تسلية لنبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) في ترك قبول اليهود قوله وانحيازهم عن الإيمان به فكأنه يقول كيف يقبلون قولك ويسلمون لأمرك ويؤمنون بك وهم لا يعملون بكتابهم مع إقرارهم به وبأنه من عند الله تعالى .

أشار إلى الذين أخبر عنهم بأنهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض فقال {أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا}  أي ابتاعوا رياسة الدنيا {بالآخرة}  أي رضوا بها عوضا من نعيم الآخرة التي أعدها الله تعالى للمؤمنين جعل سبحانه تركهم حظوظهم من نعيم الآخرة بكفرهم بالله ثمنا لما ابتاعوه به من خسيس الدنيا ثم أخبر أنهم لا حظ لهم في نعيم الآخرة بقوله {فلا يخفف عنهم العذاب}  أي لا ينقص من عذابهم ولا يهون عنهم {ولا هم ينصرون}  أي لا ينصرهم أحد في الآخرة فيدفع عنهم بنصرته عذاب الله تعالى .

______________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ، ص287-293.

2- وهو بعيث يهجو بني كليب ، ونسبه بعضهم الى الفرزدق .

3- انبه : عنفه ولامه.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

{وإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ ولا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ} .

عاد سبحانه إلى بني إسرائيل ، يذكرهم بالعهود والمواثيق التي قطعت على لسان موسى والأنبياء من بعده ، ومن هذه المواثيق ان لا يريق بعضهم دم بعض ، ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم . . وقوله تعالى دماءكم ودياركم تماما كقوله : {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ } [النور: 61] ، أي ليسلم بعضكم على بعض .

{ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} . أي أقررتم بالميثاق ، وشهدتم بأنفسكم على أنفسكم .

وتسأل : ان الإقرار والشهادة على النفس شيء واحد ، فكيف صح عطف الشيء على نفسه ؟ .

الجواب : يجوز من باب التأكيد ، وأيضا يجوز أن يكون المراد بالإقرار اقرار السلف من اليهود ، وبالشهادة شهادة الخلف بأن السلف قد أقر ، واعترف بالميثاق .

{ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ} أي انكم بعد أن أقررتم بالميثاق نقضتموه ، وقتل القوي منكم الضعيف ، وأخرجه من دياره .

{تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ والْعُدْوانِ} . أي تتظاهرون ، والتظاهر هو التعاون ، وتشير الآية إلى انقسام اليهود ، وتعاون كل فريق منهم مع العرب ضد الفريق الآخر من اليهود . . وملخص الحكاية :

ان الأوس والخزرج عشيرتان عربيتان تنتميان إلى أصل واحد ، لأن الأوس والخزرج أخوان ، وكان بين هاتين العشيرتين عداء وقتال قبل الإسلام ، وكانوا من أهل الشرك لا يعرفون جنة ولا نارا ولا قيامة ولا كتابا .

وأيضا كان اليهود ينقسمون إلى ثلاث عشائر : بني قينقاع ، وبني قريظة ، وبني النضير ، وكان بينهم عداء وقتال ، كما كان بين الأوس والخزرج رغم ان هؤلاء اليهود ينتمون إلى أصل واحد ، ودينهم واحد . . وكانوا جميعا ، أي العشائر الثلاث اليهودية والأوس والخزرج ، من سكان المدينة . . وكان فريق من اليهود ، وهم بنو قينقاع ، يتعاونون مع الأوس ضد بني النضير وقريظة مع انهم إخوانهم في الدين ، كما ان بني النضير وبني قريظة تعاونوا مع الخزرج ضد بني قينقاع . . فكان كل فريق من اليهود يتعاون مع كل فريق من العرب ضد بعضهم البعض ، وكان اليهودي إذا دارت رحى الحرب يقتل أخاه اليهودي ، ويخرجه من دياره إذا تمكن من ذلك . . ولكن إذا أسر العرب بعض اليهود فدى الأسرى اليهود الآخرون من العرب ، مع العلم بأن الذين دفعوا فدية اليهود الأسرى كانوا يحاربون هؤلاء الأسرى مع العرب . . وهذا عين التناقض . .

واختصارا ان اليهودي لا يرى مانعا أن يقتل يهوديا مثله ، بل ويتعاون مع العرب على قتله ، ولكن إذا أسر العرب يهوديا تحركت عاطفة اليهودي الآخر ، ودفع فدية للآسر ، وفك الأسير ، وهومن ألد أعدائه . . فاليهودي يحل قتل أخيه اليهودي ، وتشريده ، ولكنه يحرم أسره . . وكان اليهود يعتذرون عن هذا التهافت بأن التوراة أمرتهم بفداء أسرى اليهود إذا أسروا ، فرد اللَّه عليهم بأن التوراة أيضا أمرتهم بأن لا يقتل بعضكم بعضا ، ولا يخرجه من دياره ، فكيف عصيتم التوراة في القتل ، وأطعتموها بالفداء من الأسر ؟ .

وبهذا تجد تفسير قوله تعالى : {وإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وهُومُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}  . والذي كفروا به هو النهي عن القتل ، والتظاهر بالإثم والعدوان ، والإخراج من الديار ، والذي آمنوا به هو الفداء من الأسر . . وهذا عين اللعب والاستهزاء بالدين .

وتسأل : ان المحرم عليهم هو القتل والتظاهر والإخراج ، فلما ذا ذكر اللَّه سبحانه خصوص الإخراج في هذه الآية ؟ .

الجواب : أجل ، انها جميعا محرمة ، ولكن اللَّه خص الإخراج بالذكر ثانية لتأكيد التحريم لأن شر الإخراج من الديار يطول ويمتد بخلاف القتل على حد تعبير بعض المفسرين .

{ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} . يطلق الجزاء على الخير والشر ، ومن الأول قوله تعالى : {وجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وحَرِيراً}  .

ومن الثاني : {فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها}  . . والخزي الفضيحة والعقوبة .

{أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ ولا هُمْ يُنْصَرُونَ} . ان اللَّه سبحانه لم يحرم بهذه الآية ولا بغيرها الطعام الطيب ، واللباس الفاخر ، وانما هدد من باع دينه بدنياه ، وعاش على البغي والاستغلال . .

ان اللَّه ينهى عن الفساد في الأرض ، ولا ينهى عن زينة الحياة ونعيمها . . بل انه جل وعز أنكر أشد الإنكار على من حرم التنعم والتلذذ في هذه الحياة :

{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الأعراف: 32]. أي انها حلال لمن اكتسبها من حل ، وحرام لمن ابتغاها عوجا من السلب والنهب ، والغش والاحتيال .

واختصارا ان المبدأ الاسلامي القرآني هوان يعيش الناس ، كل الناس ، متعاونين على ما فيه سعادة الجميع ، أما المبدأ الصهيوني الاستعماري فهو(ما دمت أعيش أنا فليهلك العالم)  . . وكل من سار على هذا المبدأ فهو صهيوني لعين ، شعر بذلك أولم يشعر ، ولا بد أن تلاحقه عدالة السماء والأرض ، وتنزل به النكال والوبال .

اليهود والشيوعية والرأسمالية :

يظهر من آيات الذكر الحكيم ان انقسام اليهود إلى فريقين ، وانضمام كل فريق إلى حلف خطة قديمة وموروثة عن الآباء والأجداد ، ليزيدوا النار تأججا من جهة ، ويضمنوا مصالحهم من جهة ثانية ، كما ان تقلبهم بين الخصمين من خططهم التاريخية ، وعاداتهم التقليدية . . فقبل نصف قرن كانوا من دعاة الشيوعية ، وهم اليوم يمالئون الرأسمالية ، ولا هدف لهم إلا تقسيم العالم ، وإثارة الحروب

والفتن ، لتنفيذ سياستهم الجهنمية ، ونجاحهم في امتصاص دماء الشعوب .

________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ح1 ، ص144-147.

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائيفي تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى: {لا تسفكون دماءكم}، خبر في معنى الإنشاء نظير ما مر في قوله: {لا تعبدون إلا الله}، والسفك الصب.

قوله تعالى: {تظاهرون عليهم}، التظاهر هو التعارف، والظهير العون مأخوذ من الظهر لأن العون يلي ظهر الإنسان.

قوله تعالى: {وهو محرم عليكم إخراجهم}، الضمير للشأن والقصة كقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } [الإخلاص: 1].

قوله تعالى: {أ فتؤمنون ببعض الكتاب}، أي ما هو الفرق بين الإخراج والفدية حيث أخذتم بحكم الفدية وتركتم حكم الإخراج وهما جميعا في الكتاب، أ فتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض.

_____________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج1 ، ص184-185.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

تقدم ذكر ميثاق بني إسرائيل، ولكن الآيات السابقة لم تتعرض إلى تفاصيل هذا الميثاق على النحو المذكور في هذه الآيات. يشير سبحانه في هذه الآيات إلى مواد هذا الميثاق، وهي بأجمعها ـ أو معظمها ـ من المبادىء الثابتة في الأديان الإِلهية. وموجودة بشكل من الأشكال في كل الأديان السماوية.

القرآن يندّد في هذه الآيات بشدّة باليهود لنقضهم هذه العهود، ويتوعدهم نتيجة لهذا النقض بالخزي في الحياة الدنيا والعذاب في الآخرة.

(وقد ذكر في تفسير الاية السابقة بعض العهود وفي هذه الايات ايضا تكملة للعهود التي وضعها الله تعالى على اليهود)

 1ـ عدم سفك الدماء: {وَإِذْ أَخَذْنَا ميثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ}.

2 ـ عدم إخراج بني جلدتكم من ديارهم: {وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ}.

3 ـ إفداء الأسرى، أي بذل المال لتحريرهم من الأسر (وهذا البند نفهمه من عبارة {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْض}، وسيأتي ذكرها).

ثم تذكر الآية إقرار القوم بالميثاق: {ثُمَّ أقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}.

ثم يتعرض القرآن إلى نقض بني إسرائيل للميثاق، بقتل بعضهم وتشريد بعضهم الآخر: {ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَريقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ}. ويشير القرآن إلى تعاون بعضهم ضد البعض الآخر. {تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالاْثمِ وَالْعُدْوانِ}.

ثم يشير إلى تناقض هؤلاء في مواقفهم، إذ يحاربون بني جلدتهم ويخرجونهم من ديارهم، ثم يفدونهم إن وقعوا في الأسر: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ}.

فهم يفادونهم استناداً إلى أوامر التوراة، بينما يشردونهم ويقتلونهم خلافاً لما أخذ الله عليهم من ميثاق: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْض}؟!

ومن الطبيعي أن يكون هذا الإنحراف سبباً لانحطاط الإِنسان في الدنيا والآخرة:

{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ}.

وإنحرافات أيّة أُمة من الأمم لابدّ أن تعود عليها بالنتائج الوخيمة، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى أحصاها عليهم بدقّة: {وَمَا اللهُ بِغَافِل عَمَّا تَعْمَلُونَ}.

الآية الأخيرة تشير إلى تخبط بني إسرائيل وتناقضهم في مواقفهم، والمصير الطبيعي الذي ينتظرهم نتيجة لذلك: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الحَياةَ الدُّنْيَا بالآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ}.

______________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص235-236.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .