أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-11-2016
1705
التاريخ: 27-5-2017
2068
التاريخ: 17-11-2016
1014
التاريخ: 9-1-2017
2106
|
أهل الكوفة يدعون الحسين[عليه السلام]:
ولما مات معاوية أرسل أهل الكوفة إلى الحسين بن علي[عليهما السلام]: إنا قد حَبَسْنَا أنفسنا على بيعتك، ونحن نموت دونك، ولسنا نحضر جمعة ولا جماعة بسببك. وطولب الحسين[عليه السلام] بالبيعة ليزيد بالمدينة فسام التأخير، وخرج يتهادى بين مواليه ويقول:
لا ذَعَرْتُ السوَامَ في فلق ... الصبح مُغِيراً، ولا دعيت يزيدا
يوم أعطي مخافة الموت ضيما... والمنايا ترصُدْنَنِي أن أحِيدا
مسلم بن عقيل يتقدم الحسين إلى الكوفة:
ولحق بمكة، فأرسل بابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة، وقال له: سِرْ إلى أهل الكوفة، فإن كان حقّاً ما كتبوا به عرفني حتى ألحق بك، فخرجِ مسلم من مكة في النصف من شهر رمضان حتى قدم الكوفة لخمس خَلَوْن من شوال، والأمير عليها النعمان بن بشير الأنصاري، فنزل على رجل يقال له عَوْسَجة مستتراً، فلما ذاع خبر قدومه بايعه من أهل الكوفة اثنا عشر ألف رجل، وقيل: ثمانية عشر ألفاً، فكتب بالخبر إلى الحسين[عليه السلام]، وسأله القدوم إليه، فلما هَمَّ الحسين[عليه السلام] بالخروج إلى العراق أتاه ابن العباس، فقال له: يا ابن عم، قد بلغني أنك تريد العراق، وإنهم أهْلُ غدْر، وإنما يدعونك للحرب، فلا تعجل، وإن أبيت إلا محاربة هذا الجبار وكرهت المقام بمكة فَاشْخَصْ إلى اليمن، فإنها في عُزْلَة، ولك فيها أنصار وإخوان، فأقم بها وَبث دعاتك، واكتب إلى أهل الكوفة وأنصارك بالعراق فيخرجوا أميرهم، فإن قَوَوْا على ذلك ونفوه عنها، ولم يكن بها أحد يعاديك أتيتهم، وما أنا لغدرهم بآمن، وإن لم يفعلوا أقمت بمكانك إلى أن يأتي اللّه بأمره، فإن فيها حصونَاَ وشعاباً، فقال الحسين[عليه السلام]: يا ابن عمر، إني لأعلم أنك لي ناصح وعليَّ شفيق، ولكن مسلم بن عقيل كتب باجتماع أهل المصر على بَيْعتي ونُصْرتي، وقد أجمْعت على المسير إليهمِ، قال: إنهم من خَبَرْتَ وجَرَّبت وهم أصحاب أبيك وأخيك وَقَتَلَتُكَ غداَ مع أميرهم، إنك لو قد خرجت فبلغ ابنَ زياد خروجُك استنفرهم إليك، وكان الذين كتبوا إليك أشد من عدوك، فإن عصيتني وأبيت إلا الخروج إلى الكوفة فلا تخرجن نساءك وولدك معك، فواللّه إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه، فكان الذي رَدَّ عليه: لأن أقْتَلَ والله بمكان كذا أحَبُّ إلي من أن أستحَل بمكة، فيئس ابن عباس منه، وخرج من عنده، فمر بعبد اللّه بن الزبير، فقال: قرت عينك يا ابن الزبير، وأنشد:
يا لك من قبرَةٍ بمعمر ... خلالَكِ الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شت أن تنقري
هذا حسين يخرج إلى العراق ويخليك والحِجاز.
الحسين[عليه السلام] وابن الزبير:
وبلغ ابن الزبير أنه يريد الخروج إلى الكوفة وهو أثقل الناس عليه، قد غمه مكانه بمكة، لأن الناس ما كانوا يعدلونه بالحسين[عليه السلام]، فلم يكن شيء يؤتها أحَبّ إليه من شخوص الحسين[عليه السلام] عن مكة، فأتاه فقال: أبا عبد اللهّ ما عندك، فواللّه لقد خفت اللهّ في ترك جهاد هؤلاء القوم على ظلمهم واستذلالهم الصالحين من عباد اللّه، فقال حسين: قد عزمْتُ على إتيان الكوفة، فقال: وفَّقَكَ اللّه!! أما لو أن لي بها مثل أنصارك ما عدلْتُ عنها، ثم خاف أن يتهمه فقال: ولو أقمت بمكانك فدعوتَنَا وأهل الحجاز إلى بيعتك أجبناك وكنا إليك سِرَاعا، وكنت أحق بذلك من يزيد وأبي يزيد.
نصيحة أبي بكر بن هشام:
ودخل أبو بكر بن الحارث بن هشام على الحسين[عليه السلام] فقال: يا ابن عمر، إن الرحم يظاهرني عليك، ولا أدري كيف أنافي النصيحة لك، فقال: يا أبا بكر ما أنت ممن يسْتَغَشُّ ولا يُتَهم، فقل، فقال أبو بكر: كان أبوك اقدم سابقة، وأحسن في الإسلام أثراً، وأشد بأساً، والناس له أرْجى، ومنه أسمع وعليه أجمع، فسار إلى معاوية والناس مجتمعون عليه إلا أهل الشام وهو أعز منه، فخذلوه، وتثاقلوا عنه، حرصاً على الدنيا، وضناً بها، فجرعوه الغيظ، وخالفوه حتى صار إلى ما صار إليه من كرامة اللّه ورضوانه، ثم صنعوا بأخيك بعد أبيك ما صنعوا، وقد شهدْتَ ذلك كله ورأيته، ثم أنت تريد أن تسير إلى الذين عَدَوْا على أبيك وأخيك تقاتل بهم أهل الشام وأهل العراق ومن أعَدُّ منك وأقوى، والناس منه أخوف، وله أرجى، فلو بلغهم مسيرك إليهم لاستبغوا الناس بالأموال، وهم عبيد الدنيا، فيقَاتلك مَنْ وعدك أن ينصرك، ويخذلك من أنت أحب إليه ممن ينصره، فاذكر اللّه في نفسك، فقال الحسين[عليه السلام] : جزاك اللّه خيراً يا ابن عمر، فقد أجهدك رأيك، ومهما يَقْض اللّه يكن، فقال: إنا للّه وعند اللهّ نحتسب يا أبا عبد اللّه، ثم دخل على الحارث بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي والي مكة وهو يقول:
كم نرى ناصحا ًيقول فَيُعْصى ... وظَنِينِ المغيب يُلْفى نصيحاً
فقال: وما ذاك. فأخبره بما قال للحسين، فقال: نصحت له ورب الكعبة.
يزيد يستعد:
واتصل الخبر بيزيد، فكتب إلى عبيد اللّه بن زياد بتولية الكوفة، فخرج من البصرة مسرعاً حتى قدم الكوفة على الظهْر، فدخَلَهَا في أهله وحشمه وعليه عمامة سوداء قد. تَلَثّم بها، وهو راكب بغلة والناس يتوقعون قدوم الحسين[عليه السلام] فجعل ابن زياد يسلم على الناس فيقولون: وعليك السلام يا ابن رسول اللّه! قدمْتَ خير مَقْدَم، حتى انتهى إلى القصر وفيه النعمان بن بشير، فتحصَّنَ فيه، ثم أشرف عليه، فقال: يا ابن رسول اللّه ما لي ولك. وما حملك على قصد بلدي من بين البلدان. فقال ابن زياد: لقد طال نومك يا نعيم، وَحَسَرَ اللِّثَام عن فيه، فعرفه، ففتح له، وتنادى الناس: ابن مَرْجَانَة، وَحَصَبوه بالحصباء، ففاتهم ودخل القصر، ولما اتصل خبر ابن زياد بمسلم تحوَّل إلى هانىء بن عروة المرادي، ووضع ابن زياد الرَّصَدَ على مسلم حتى علم بموضعه، فَوَجَّه محمد بن الأشعث بن قيس إلى هانىء، فجاءه فسأله عن مسلم، فأنكره، فأغلظ له ابن زياد القول، فقال هانىء: إن لزياد أبيك عندي بلاء حسناً، وأنا أحِبُّ مكافأته به، فهل لك في خير. قال ابن زياد: وما هو؟ قال: تَشْخَصُ إلى أهل الشام أنت وأهل بيتك سالمين بأموالكم، فإنه قد جاء حق مَنْ هو أحق من حقك وحق صاحبك، فقال ابن زياد: أدنوه مني، فأدنوه منه، فضرب وجهه بقضيب كان في يده حتى كسر أنفه وشق حاجبه، ونثر لحم وجنته، وكسر القضيب على وجهه ورأسه، وضرب هانىء بيده إلى قائم سيف شرطي من تلك الشرط، فجاذبه الرجل، ومنعه السيف، وصاح أصحاب هانىء بالباب: قتل صاحبنا، فخافهم ابن زياد، وأمر بحبسه في بيت إلى جانب مجلسه، وأخرج إليهم ابن زياد شريحاً القاضي، فشهد عندهم أنه حي لم يقتل، فانصرفوا، ولما بلغ مسلماً ما فعل ابن زياد بهانئ، أمر منادياً فنادى يا منصور وكانت شعارهم، فتنادى أهل الكوفة بها، فاجتمع إليه في وقت واحد ثمانية عشر ألف رجل، فَسَارَ إلى ابن زياد، فتحصن منه، فحصروه في القصر فلم يُمْس مسلم ومعه غير مائة رجل، فلما نظر إلى الناس يتفرقون عنه سار نحو أبواب كِنْدَة، فما بلغ الباب إلا ومعه منهم ثلاثة، ثم خرج من الباب فإذا ليس معه منهم أحد، فبقي حائراً لا يدري أين يذهب، ولا يجد أحداً يَدُلُّه على الطريق، فنزل عن فرسه ومشى متلدداً في أزقة الكوفة لا يدري أين يَتَوَجَّه، حتى انتهى إلى باب مولاة للأشعث بن قيس، فاستسقاها ماء فَسَقَتْهُ، ثم سألته عن حاله، فأعلمها بقضيته، فَرَقَّت له وآوَتْهُ، وجاء ابنها فعلم بموضعه، فلما أصبح غدا إلى محمد بن الأشعث فأعلمه.
قتل مسلم بن عقيل:
فمضى ابن الأشعث إلى ابن زياد فأعلمه، فقال: انطلق فَأْتِنِي به، وَوَجَّه معه عبد اللهّ بن العباس السُّلمي في سبعين رجلاً، فاقتحموا على مسلم الدار، فثار عليهم بسيفه، وشدَّ عليهمِ فأخرجهم من الدار، ثم حملوا عليه الثانية، فَشَدَّ عليهم وأخرجهم أيضاَ، فلما رأوا ذلك عَلَوْا ظهر البيوت فَرَمَوْه بالحجارة، وجعلوا يلهبون النار بأطراف القصب، ثم يلقونها عليه من فوق البيوت، فلما رأى ذلك قال: أكلُّ ما أرى من الأجلاب لقتل مسلم بن عقيل. يا نفس أخرجي إلى الموت الذي ليس عنه محيص، فخرج إليهم مُصْلِتاً سيفه إلى السِّكَّةِ، فقاتلهم، واختلف هو وبكير بن حمران الأحمريّ ضربتين: فضرب بكير فَمَ مسلم فقطع السيف شفته العليا وشرع في السفلى، وضربه مسلم ضربة منكرة في رأسه، ثم ضربه أخرى على حبل العاتق فكاد يصل إلى جَوْفِه، وهو يرتجز ويقول:
أقســــــم لا أقْتَــلُ إلا حُـــرّا ... وإنْ رأيت الموت شيئاً مُرَّا
كل امرىء يَوْماً ملاقٍ شَرّاً ... أخَـــــافُ أنْ أكْذَبَ أوْ أغَرَّا
فلما رأوا ذلك منه تقدم إليه محمد بن الأشعث فقال له: فإنك لا تكذب ولا تغر، وأعطاه الأمان، فأمكنهم من نفسه، وحملوه على بَغْلَةٍ وأتوا به ابنَ زيادٍ، وقد سلبه ابن الأشعث حين أعطاه الأمان سيفه وسلاحه، وفي ذلك يقول بعض الشعراء في كلمة يهجو فيها ابن الأشعث:
وتَرَكْتَ عَمّكَ أن تُقَاتِلَ دُونه... فَشَلاً، وَلَوْلا أنت كان مَنِيعَا
وقتلت وَافِدَ آل بيت مُحَمَد ... وسَلَبْتَ أسْيَافاً له ودرُوعَا
مقتل هانىء بن عروة:
فلما صار مسلم إلى باب القصر نظر إلى قُلة مبرعة، فاستسقاهم منها، فمنعهم مسلم بن عمرو الباهلي - وهو أبو قتيبة بن مسلم - أن يسقوه، فوجه عمرو بن حريث فأتاه بماء في قدح، فلما رفعه إلى فيه امتلأ القدح دماً، فَصَبَّهُ وملأه له الثانية، فلما رفعه إلى فيه سقطت ثناياه فيه وامتلأ دماً، فقال: الحمد للّه، لو كان من الرزق المقسوم لشربته، ثم ادخل إلى ابن زياد، فلما انقضى كلامه ومسلم يُغْلظ له في الجواب أمر به فأصعد إلى أعلى القصر، ثم دعا الأحمريَّ الذي ضربه مسلم، فقال: كُنْ أنت الذي تضرب عنقه لتأخذ بثأرك من ضربته، فأصعدوه إلى أعلى القصر، فضرب بكير الأحمري عنقه، فأهْوَى رأسه إلى الأرض، ثم أتبعوا رأسه جَسَده، ثم أمر بهانئ بن عروة فأخرج إلى السوق، فضرب عنقه صبراً، وهو يصيح: يا آل مراد، وهو شيخها وزعيمها، وهو يومئذ يركب في أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل، وإذا أجابتها أحلافها من كندة وغيرها كان في ثلاثين ألف دارع، فلم يجد زعيمهم منهم أحداً فشلاً وخذلاناً، فقال الشاعر: وهو يرثي هانىء بن عروة ومسلم بن عقيل ويذكر لما نالهما:
إذا كُنْتِ لا تدرِين ما الموت فانظري... إلى هانىء في السوق وابن عَقيل
إلى بَطَلٍ قد هَشّمَ السيف وجهه... وَآخَر َيَهْوِي في طمار قتيل
أَصابهما أمْرُ الأمير فأصبحا ... أحادِيثَ من يَسْعى بكل سبيل
تَرَىْ جَسَداً قد غَيرَ المَوْتُ لونه... وَنَضْحَ دم قد سَالَ كل مَسِيل
أيترك أسماء المهايج آمِناً ... وقد طلبته مَذْحجِ بذحُول
فَتىً هو أحيى من فتاة حَيِيَّةٍ... وأقطع من ذِي شَفْرَتيْنِ صقيل
ثم دعا ابن زياد ببكير بن حمران الذي ضرب عنق مسلم فقال: أقتلته؟ قال: نعم، قال: فما كان يقول وأنتم تصعدون به لتقتلوه؟ قال: كان يكبر ويسبح اللّه ويهللِ ويستغفر اللّه، فلما أدنيناه لنضرب عُنقه قال: اللهم احكم بيننا وبين قوم غرُّونَا وكذبونا ثم خذلونا وقتلونا، فقلت: الحمد للّه الذي أقادني منك، وضربته ضربة لم تعمل شيئاً، فقال لي: أوَما يكفيك وَفي خَدْشٍ مني وَفَاءٌ بدمك أيها العبد، قال ابن زياد: أوَ فخراً عند الموت. قال: وضربته الثانية فقتلته، ثم أتبعنا رأسه جسده.
وكان ظهور مسلم بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان ليال مَضَيْنَ من ذي الحجة سنة ستين، وهو اليوم الذي ارتحل فيه الحسين[عليه السلام] من مكة إلى الكوفة، وقيل: يوم الأربعاء يوم عرفة لتِسْع مَضَينَ من ذي الحجة سنة ستين.
ثم أمر ابن زياد بجثة مسلم فصلبت، وحمل رأسه إلى دمشق، وهذا أول قتيل صلبت جثته من بني هاشم، وأول رأس حمل من رؤوسهم إلى دمشق.
الحسين يقاتل جيش ابن زياد:
فلما بلغ الحسين[عليه السلام] القادسية لقيه الحر بن يزيد التميمي فقال له: أين تريد يا ابن رسول اللّه؟ قال: أريد هذا المصر، فَعَرفَه بقتل مسلم وما كان من خبره، ثم قال: ارجع فإني لم أدَعْ خلفي خيراً أرجوه لك، فَهَمَّ بالرجوع فقال له إخوةُ مسلمٍ: واللّه لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل كلنا، فقال الحسين[عليه السلام] : لا خير في الحياة بعدكم، ثم سار حتى لقي خيل عبيد اللهّ بن زياد عليها عمرو بن سعد بن أبي وقاص، فعدل إلى كربلاء - وهو في مقدار خمسمائة فارس من أهل بيته وأصحابه ونحو مائة راجل - فلما كثرت العساكر على الحسين[عليه السلام] أيقن أنه لا محيص له، فقال: اللهم احكم بيننا وبين قوم دَعَوْنَا لينصرونا ثم هم يقتلوننا، فلم يزل يقاتل حتى قتل رضوان اللّه عليه، وكان الذي تولى قتله رجل من مَذْحِج واحتز رأسه، وانطلق به إلى ابن زياد وهو يرتجز:
أوقر ركابي فِضّة وذَهَبَا... أنا قتلتُ الملك المحجَّبَا
قتلتُ خَيْرَ الناس آماً وأباً... وَخَيْرَهُم إذ يُنْسَبُونَ نسبا
من قتل مع الحسين[عليه السلام]:
فبعث به ابن زياد إلى يزيد بن معاوية ومعه الرأس، فدخل إلى يزيد وعنده أبو بَرْزَه الأسلمي، فوضع الرأس بين يديه، فأقبل ينكت القضيب في فيه ويقول:
نُفَلِّقُ هَاماً من رجالٍ أحِبة... عَلَيْنَا، وهم كانوا أعقّ وأظلما
فقال لو أبو بَرْزَةْ: ارفع قضيبك فطالما والله ما رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و[آله و]سلم، يضع فمه علىِ فمه يلثمه، وكان جميع من حضر مقتل الحسين[عليه السلام] من العساكر وحاربه وتولَى قتله من أهل الكوفة خاصة، لم يحضرهم شامي، وكان جميع من قتل مع الحسين[عليه السلام] في يوم عاشوراء بكربلاء سبعة وثمانين، منهم ابنه علي بن الحسين[عليهما السلام] الأكبر، وكان يرتجز ويقول:
أنا عليُّ بن الحسين بن علي ... نَحْنُ وبيت اللَه أوْلَى بِالنَّبِيّ
تالله لا يَحْكُمُ فِينَا ابن الدَّعِي
وقتل من ولد أخيه الحسن بن علي: عبدُ الله بن الحسن، والقاسم بن الحسن، وأبو بكر بن الحسن، ومن إخوته؟ العباس بن علي، وعبد اللهّ بن علي، وجعفر بن علي، وعثمان بن علي، ومحمد بن علي، ومن ولد جعفر بن أبي طالب: محمد بن عبد اللهّ بن جعفر، وعَوْن بن عبد اللّه بن جعفر، ومن ولد عقيل بن أبي طالب: عبد اللهّ بن عقيل، وعبد اللّه بن مسلم بن عقيل، وذلك لعشر خَلَوْنَ من المحرم سنة إحدى وستين.
وقتل الحسين[عليه السلام] وهو ابن خمس وخمسين سنة، وقيل: ابن تسع وخمسين سنة، وقيل غير ذلك.
ووجد بالحسين[عليه السلام] يوم قتل ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وثلاثون ضربة، ضَرَبَ زرعة بن شريك التميمي كفه اليسرى، وطعنه سنان بن أنس النخعي، ثم نزل فاحتز رأسه، وفي ذلك يقول الشاعر:
وَأيُّ رَزِيّة عدلَتْ حُسَيْنا... غَدَاةَ تبينُه كَفَّا سِنَانِ.
وقتل معه من الأنصار أربعة، وباقي من قتل معه من أصحابه - على ما قدَمنا من العدَّة - من سائر العرب، وفي ذلك يقول مسلم بن قتيبة مَوْلَى بني هاشم:
عَيْنُ جودي بعبرة وَعَوِيل... وَاندبي إن ندبت آل الرَّسُول
واندبي تِسْعَة لِصُلْبِ علي... قد أصَيبوا، وخَمْسَة لعقيل
وَابْنَ عَمّ النبي عَوْناً أخاهم... ليس فيما يَنُوب بِالمَخْذُول
وَسَمِيُّ النبي غُودِر َفيهم ... قد عَلَوْهُ بِصَارِم مَصْقًول
واندبي كَهْلَهُمْ فليس إذا ما ... عُدَّ في الخير كهلهمَ كَالكُهُول
لَعَنَ اللّه حيث كَانَ زياداً ... وابنه وَالعَجُوزَ ذات البُعُول
وأمر عمرو بن سعد أصحابه أن يُوطِئوا خيلَهم الحسين[عليه السلام] ، فانتدب لذلك إسحاق بن حيوة الحضرمي في نفر معه، فوطؤه بخيلهم، ودَفَنَ أهل الغاضرية - وهم قوم من بني عارض من بني أسد -الحسين[عليه السلام] وأصحابه بعد قتلهم بيوم، وكان عدَة مَنْ قتل من أصحاب عمرو بن سعد في حرب الحسين[عليه السلام] عليه السلام ثمانية وثمانين رجلاً.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|