المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6767 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

مفهوم الإدارة
4-6-2020
أهم فروع الجيولوجيا - الجيولوجيا الطبيعية
18-9-2019
المعاد الجسماني
6-4-2016
Gregory Maxwell Kelly
18-3-2018
Chokuyen Naonobu Ajima
22-3-2016
Kepler’s second law
9-8-2020


هل لمعاوية بن ابي سفيان مناقب ؟  
  
2807   02:02 مساءاً   التاريخ: 16-11-2016
المؤلف : العلامة الشيخ عبد الحسين الأميني
الكتاب أو المصدر : من حياة معاوية بن أبي سفيان
الجزء والصفحة : ص317-348
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / الدولة الاموية / الدولة الاموية في الشام / معاوية بن ابي سفيان /

نظرة في مناقب ابن هند:

[من خلال دراسة حياة معاوية] ، وأنه أي رجل هو، وأنه كيف كانت نفسياته وملكاته، وأن رجلا كمثله لا يتبوأ مقعده إلا حيث تنيخ شية العار، وفي مستوى السوءة والبوائق، وأن أي فضيلة تلصقه به رواة السوء وتخط عنه الأقلام المستأجرة فهو حديث إفك نمقته الأهواء والشهوات، ولا يقام له في سوق الاعتبار وزن، ولا في مبوأ الحق مقيل، فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر.

أليس معاوية هو صاحب تلكم الموبقات والجرءة على الله وعلى الاسلام ونبيه و كتابه وسنته. سنة الله التي لا تبديل لها؟!

أليس هو الهاتك حرمات الله والمصغر قدر أوليائه، والمريق دمائهم الزكية، و الدؤوب على الظلم والجور بإزهاق النفوس البريئة من غير جرم؟ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما (1).

أليس هو من آذى الله ورسوله في الصالحين من رجالات الأمة وعدول الصحابة الأولين والتابعين لهم بإحسان، المحرمة دماؤهم وأقدارهم وحرماتهم بزجهم إلى أعماق السجون، وإبعادهم عن عقر دورهم وإخافتهم؟ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا، والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا (2).

أليس هو من آذى رسول الله في أهل بيته بإثارة الحرب على صنوه ونفسه وخليفته حقا؟ وكان من واجبه أن يخضع له ويتحرى مرضاته، والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم (3).

أليس هو الذي لم يراقب حرمة الرسول الأعظم في ذوي قرباه وصغرها بسب أبي ولده، وأمر الملأ الديني بتلك الجريمة الموبقة، واتخذها سنة متبعة، وقذف من طهره الجليل بالأفائك والمفتريات؟

أليس هو السباق الأول في المآثم الجمة المخزية؟ أول من باع الخمر وشربها من الخلفاء؟ والخمر وشاربها وبايعها ومشتريها ملعون ملعون.

أول من أشاع الفاحشة في الملأ الاسلامي؟ { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [النور: 19].

أول من أحل الربا وأكله؟ وأحل الله البيع وحرم الربا، والذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، وآكل الربا وموكله ملعون بلسان النبي صلى الله عليه وآله أول من أتم الصلاة في السفر تقديسا لأحدوثة ابن عمه؟!.

أول من أحدث الأذان في صلاة العيدين؟!.

أول من رأى الجمع بين الأختين إحياء لما ذهب إليه عثمان؟!

أول من غير السنة في الديات وأدخل فيها ما ليس منها؟!.

أول من ترك التكبير في الصلوات عند كل هوي وانتصاب وهي سنة ثابتة؟!

أول من ترك التلبية وأمر به خلافا لعلي أمير المؤمنين عليه السلام العامل بسنة الله و رسوله؟!

أول من قدم الخطبة على الصلاة في العيد لإسماع الناس سب علي عليه السلام؟ وقد صح عن نبي الاسلام: من سب عليا فقد سبه، ومن سبه فقد سب الله.

أول من عصى ربه بترك حدوده وإقامة سنته؟ { وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) } [النساء: 14]

أول من نقض حكم العاهر، وأحيى طقوس الجاهلية، وخالف دين محمد صلى الله عليه وآله والولد للفراش وللعاهر الحجر؟!.

أول من تختم باليسار؟ فأخذ المراونة بذلك إلى أن نقله السفاح إلى اليمين فبقي إلى أيام الرشيد فنقله إلى اليسار (4)).

أول من سن سب علي عليه السلام وقنت به وجعله سنة جارية في خلفه الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، وشوه خطب المنابر بذلك الحادث المخزي؟!.

أول من بغى على إمام وقته وحاربه وقاتله وقتل أمة كبيرة من صلحاء الصحابة البدريين وأهل بيعة الشجرة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه؟!.

أول من أعطى المال لوضع الحديث وتحريف كتاب الله وكلمته الطيبة عن مواضعها؟!

أول من اشترط البراءة عن علي عليه السلام على من بايعه في خلافته الغاشمة أو في ملكه العضوض؟!

أول من حمل إليه رأس الصحابي العادل عمرو بن الحمق وأدير به في البلاد؟!

أول من قتل عدول الصحابة الأولين والتابعين لهم بإحسان من عيون الأمة و عبادها ونساكها لمحض ولائهم سيد العترة، وقد جعله الله أجر رسالة نبيه الخاتم صلى الله عليه وآله؟!

أول من قتل نساء كل من والى أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وذبح صبيانهم، ونهب أموالهم، ومثل قتلاهم وشتت شملهم، وفرق جمعهم، واستأصل شأفتهم، ونفاهم عن عقر دورهم، وأبادهم تحت كل حجر ومدر؟!

أول من عبثت به رعيته، وسن العمل بالشهادات المزورة، وسلط رجال الشر والغي والجور على صلحاء أمة محمد صلى الله عليه وآله؟!

أول من هم بنقل منبر رسول الله صلى الله عليه وآله عن المدينة المشرفة إلى الشام؟! ولما حرك المنبر خسفت الشمس فترك (5).

أول من بدل الخلافة الإسلامية إلى شر ملك وسلطة سوء؟!

أول من ملك وتجبر في الاسلام بلبس الحرير والديباج، وشرب في آنية الذهب والفضة، وركب السروج المحلاة بهما؟!

أول من سمع الغناء وطرب عليه وأعطى ووصل إليه وهو يرى نفسه أمير المؤمنين؟!

أول من هتك دين الله باستخلاف جروه الفاجر المستهتر التارك للصلاة؟!

أول من أشن الغارة على مدينة الرسول صلى الله عليه وآله حرم أمن الله، وأخاف أهليها، وما رعى حرمة ذلك الجوار المقدس؟!

إلى جرائم وبوائق تجد الرجل فيها هو السابق الأول إليها؟! (6)

أصحيح أن مثل هذا الطاغية تصدر فيه كلمة إطراء من مصدر النبوة؟ أو يأتي عن نبي العدل والحق والصدق ما يوهم الثناء عليه؟ لا. لا يمكن ذلك. بل نبي العظمة أكبر من يبغض هذا الانسان وجرائمه، والرجل أشد أعداؤه صلى الله عليه وآله في جاهليته و إسلامه، ولو كان صلى الله عليه وآله ينطق بشئ من ذلك - وحاشاه - لكان أكبر ترويج للباطل و أهله، وأوضح ترخيص في المعصية، وأبين استهانة بالحق.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن علي ومعاوية؟ فقال: إعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش له أعداؤه عيبا فلم يجدوا فجاؤا إلى رجل قد حاربه وقاتله فأطروه كيدا منهم لعلي (7).

وقال الحاكم: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف يقول: سمعت أبي يقول:

سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: لا يصح في فضل معاوية حديث (8).

ولما لم يجد البخاري حديثا يصح من مناقب معاوية فقال عند عد مناقب الصحابة من صحيحه: باب ذكر معاوية رضي الله عنه. فقال ابن حجر في فتح الباري 7: 83: أشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له، وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الاسناد، وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما. ا هـ.

وأما مسلم وابن ماجة فلما لم يريا حديثا يعبأ به في فضائل معاوية ضربا عن اسمه في الصحيح والسنن صفحا عند عد مناقب الصحابة. والترمذي لم يذكر له إلا حديث:

أللهم اجعله هاديا مهديا واهد به. فقال: حسن غريب. ونحن أوقفناك على بطلانه في الجزء العاشر ص 373. وذكر حديث: أللهم اهد به وزيفه هو بنفسه لمكان عمرو بن واقد، وعمرو أحد الكذابين ذكرناه في الجزء الخامس ص 249 ط 2 فالصحاح والسنن خالية عما لفقتها رواة السوء في فضل الرجل.

ودخل الحافظ النسائي صاحب السنن إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشئ من فضائل معاوية فقال: أما يكفي معاوية أن يذهب رأسا برأس حتى يروى له فضائل؟

فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في خصيتيه حتى أخرج من المسجد الجامع فقال: أخرجوني إلى مكة فأخرجوه وهو عليل فتوفي بمكة مقتولا شهيدا (9).

وقال ابن تيمية في منهاجه 2: 207: طائفة وضعوا لمعاوية فضائل ورووا أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كلها كذب.

وقال الفيروز آبادي في خاتمة كتابه (سفر السعادة) والعجلوني في كشف الخفاء ص 420: باب فضائل معاوية ليس فيه حديث صحيح.

وقال العيني في عمدة القاري: فإن قلت: قد ورد في فضله يعني معاوية أحاديث كثيرة. قلت: نعم، ولكن ليس فيها حديث صحيح يصح من طرق الاسناد، نص عليه إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما، فلذلك قال يعني البخاري: (باب ذكر معاوية) ولم يقل: فضيلة ولا منقبة.

وقال الشوكاني في (الفوائد المجموعة): اتفق الحفاظ على إنه لم يصح في فضل معاوية حديث.

نعم: إن الغلو في حب الرجل خلق له فضائل مفتراة تبعد جدا عن ساحة النبي الأقدس صلى الله عليه وآله أن يبوح بشئ منها، وإنما يد الافتعال نسجت له على نول ما نسجته لبقية الخلفاء مناقب تندى منها جبهة الانسانية، وألف محمد بن عبد الواحد أبو عمر غلام ثعلب جزءا في فضائل هذا الانسان المحشو رداؤه بالرذائل. قال ابن حجر في لسان الميزان 1: 374: إسحاق بن محمد السوسي ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية رواها عبيد الله السقطي عنه فهو المتهم بها أو شيخه.

فنحن نجمع هاهنا شتات جملة من تلكم الأكاذيب التي خلقتها أو اختلقتها يد الوضع الأثيمة في مناقب الرجل مما مر الايعاز إليه، وما لم نذكره بعد، ونجعلها بين يدي القارئ النابه الحر، وله القضاء بالحق، والله المستعان، ألا وهي:

1 - عن أنس مرفوعا: لا أفتقد أحدا من أصحابي غير معاوية بن أبي سفيان لا أراه ثمانين عاما، فإذا كان بعد ثمانين عاما يقبل إلي على ناقة من المسك الأذفر حشوها من رحمة الله، قوائمها من الزبرجد فأقول: معاوية؟ فيقول: لبيك يا محمد! فأقول: أين كنت من ثمانين عاما؟ فيقول: كنت في روضة تحت عرش ربي يناجيني وأناجيه. ويحييني وأحييه ويقول: هذا عوض مما كنت تشتم في دار الدنيا.

راجع الجزء الخامس ص 254 ط 1، 298 ط 2.

2 - عن أنس مرفوعا: هبط علي جبريل ومعه قلم من ذهب إبريز فقال: إن العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول لك: حبيبي قد أهديت هذا القلم من فوق عرشي إلى معاوية ابن أبي سفيان فأوصله إليه ومره أن يكتب آية الكرسي بخطه بهذا القلم ويشكله و يعجمه ويعرضه عليك، فإني قد كتبت له من الثواب بعدد كل من قرأ آية الكرسي من ساعة يكتبها إلى يوم القيامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يأتيني بأبي عبد الرحمن؟ فقام أبو بكر الصديق ومضى حتى أخذ بيده وجاءا جميعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه فرد عليهم السلام ثم قال لمعاوية: ادن مني يا أبا عبد الرحمن! ادن مني يا أبا عبد الرحمن! فدنا من رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم فدفع إليه القلم ثم قال له: يا معاوية؟ هذا قلم أهداه إليك ربك من فوق العرش لتكتب به آية الكرسي بخطك وتشكله وتعجمه وتعرضه علي فاحمد الله و اشكره على ما أعطاك، فإن الله قد كتب لك من الثواب بعدد من قرأ آية الكرسي من ساعة تكتبها إلى يوم القيامة. فأخذ القلم من يد النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه فوق أذنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أللهم إنك تعلم أني قد أوصلته إليه. ثلاثا. فجثا معاوية بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزل يحمد الله على ما أعطاه من الكرامة ويشكره حتى أتى بطرس ومحبرة فأخذ القلم ولم يزل يخط به آية الكرسي أحسن ما يكون من الخط حتى كتبها وشكلها و عرضها على النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاوية! إن الله قد كتب لك من الثواب بعدد كل من يقرأ آية الكرسي من كتبتها إلى يوم القيامة.

راجع الجزء الخامس ص 259 ط 1، 304 ط 2.

3 - عن جابر: إن رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم استشار جبريل في استكتاب معاوية فقال:

استكتبه فأنه أمين.

راجع الجزء الخامس ص 260 ط 1، 305 ط 2.

4 - عن عبادة بن الصامت: أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه و[آله و]سلم: استكتب معاوية فإنه أمين مأمون.

راجع الجزء الخامس ص 261 ط 1، 305 ط 2.

5 عن أنس مرفوعا: الأمناء سبعة: اللوح والقلم وإسرافيل وميكائيل وجبريل ومحمد ومعاوية.

راجع الجزء الخامس ص 262 ط 1، 308 ط 2.

6 - عن أبي هريرة مرفوعا: الأمناء عند الله ثلاثة: أنا وجبريل ومعاوية.

راجع الجزء الخامس ص 261 ط 1، 306 ط 2.

7 - أخبر رجل عن رجل قال: اجتمع عشرة من بني هاشم فغدوا على النبي صلى الله عليه و[آله و]سلم فلما قضى الصلاة قالوا: يا رسول الله! غدونا ليك لنذكر لك بعض أمورنا، إن الله قد تفضل بهذه الرسالة فشرفك، بها وشرفنا لشرفك وهذا معاوية بن أبي سفيان يكتب الوحي فقد رأينا أن غيره من أهل بيتك أولى به لك منه قال: نعم. انظروا في رجل غيره قال: وكان الوحي ينزل في كل أربعة أيام من عند الله إلى محمد فأقام جبريل أربعين يوما لا ينزل، فلما كان يوم أربعين هبط جبريل بصحيفة فيها مكتوب: يا محمد! ليس لك أن تغير من اختاره الله لكتابة وحيه فأقره فإنه أمين، فأقره.

راجع الجزء الخامس ص 262 ط 1، 307 ط 2.

8 - عن واثلة مرفوعا: إن الله ائتمن على وحيه جبريل وأنا ومعاوية، وكاد أن يبعث معاوية نبيا من كثرة علمه وائتمانه على كلام ربي، يغفر الله معاوية ذنوبه، ووقاه حسابه، وعلمه كتابه، وجعله هاديا مهديا وهدى به.

راجع الجزء الخامس ص 262 ط، 1 308 ط 2.

9 - عن سعد: إن النبي صلى الله عليه وآله قال لمعاوية: إنه يحشر وعليه حلة من نور

ظاهرها من الرحمة، وباطنها من الرضا، يفتخر بها في الجمع. لكتابة الوحي.

راجع الجزء الخامس ص 276 ط 1، 324 ط 2.

10 - عن عبد الله بن عمر: إن جعفر بن أبي طالب أهدى إلى النبي صلى الله عليه وآله سفرجلا فأعطى معاوية ثلاث سفرجلات وقال: تلقاني بهن في الجنة.

راجع الجزء الخامس ص 281 ط 1، 329 ط 2.

قال ابن حبان: موضوع. وقال الخطيب: حديث غير ثابت. وقال ابن عساكر:

لا أصل له. راجع اللئالي المصنوعة 1: 422، 423.

11 - عن عبد الله بن عمر مرفوعا: الآن يطلع عليكم رجل من أهل الجنة، فطلع معاوية فقال: أنت يا معاوية! مني وأنا منك، لتزاحمني على باب الجنة كهاتين وأشار بإصبعيه.

ذكره الذهبي في الميزان 2: 133 وقال: خبر باطل.

12 - أخرج البخاري في تاريخه 4 قسم ص 180 عن إسحاق بن يزيد عن محمد بن مبارك الصوري عن صدقة بن خالد عن وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جده قال:

كان معاوية ردف النبي صلى الله عليه و[آله و]سلم فقال: يا معاوية! ما يليني منك؟ قال: بطني قال صلى الله عليه و[آله و]سلم: اللهم املأه علما وحلما. وذكره الذهبي في الميزان 3: 268.

قال الأميني: لو كان لهذه الرواية اعتبار ولو قليلا عند البخاري لأخرجه في صحيحه، ولم يجعل باب ذكر معاوية خاليا عن كل فضيلة ومنقبة، وهو يعلم أن معاوية بكله فارغ عن العلم والحلم فكيف يصدقها من يعرف الرجل بالجهل والغضب المرديين؟

ولو كان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا على رجل بأن يخلو بطنه من العلم والحلم فهل كان هو غير باطن معاوية؟ أي عمل الرجل في ورده وصدره ينبأ عن الخلتين؟ وأي فرق فيهما بين جاهليته الممقوتة وبين إسلامه المظلم؟ فتلك وهذا سواسية، وهو بينهما رهين جهله المبير وغضبه المهلك، فإذا سألت عبادة بن الصامت (الصحابي العظيم) عن علمه فعلى الخبير سقطت يقول لك: إن أمه هند أعلم منه (10) وإذا سألت شريكا عن حلمه فتسمع منه قوله: ليس بحليم من سفه الحق وقاتل عليا (11) وتقول أم المؤمنين عائشة (12):

أين كان حلمه حين قتل حجرا وأصحابه؟ ويل له من حجر وأصحابه.

وقال شريك حين ذكر معاوية عنده بالحلم: هل كان معاوية إلا معدن السفه؟

والله لقد أتاه قتل أمير المؤمنين وكان متكيا فاستوى جالسا ثم قال: يا جارية غنيني فاليوم قرت عيني فأنشأت تقول:

ألا أبلغ معـــاوية بـن حرب *** فــلا قرت عيـون الشامتينا

أفي شهر الصيام فجعتمونا *** بخير النـــاس طــرا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا *** وأفضلهم ومن ركب السفينا

فرفع معاوية عمودا كان بين يديه فضرب رأسها ونثر دماغها، أين كان حلمه ذلك اليوم؟ (13) والذي جاء في بطن معاوية من الحديث المتسالم عليه إنما هو إنه صلى الله عليه وآله دعا عليه وقال: لا أشبع الله بطنه. وأما غيره فحديث إفك لا يؤبه به.

13 - عن جابر: إن النبي صلى الله عليه و[آله و]سلم أعطى معاوية سهما وقال: هاك حتى تلقاني به في الجنة. وفي لفظ عن أبي هريرة: حتى توافيني به في الجنة.

رواه قاسم بن بهران. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال ابن عدي: إنه كذاب. وقال الذهبي: موضوع (14).

14 - عن خارجة بن زيد عن أبيه مرفوعا: يا أم حبيبة! لله أشد حبا لمعاوية منك كأني أراه على رفارف الجنة. ميزان الاعتدال 3: 56، قال الذهبي: خبر باطل اتهم بوضعه محمد بن رجاء.

قال الأميني: وفي الاسناد: عبد الرحمن بن أبي الزناد قال يحيى بن معين: ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث، ليس بشئ، ضعيف. وقال صالح بن أحمد عن أبيه:

مضطرب الحديث. وعن ابن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفا. وقال النسائي: لا يحتج بحديثه، وكان يضعف لروايته عن أبيه. تهذيب التهذيب 6: 170.

15 - قال أبو عمرو الزاهد: أخبرني علي بن محمد ابن الصائغ عن أبيه أنه قال:

رأيت الحسين[عليه السلام] وقد وفد على معاوية زائرا فأتاه في يوم جمعة وهو قائم على المنبر خطيبا فقال له رجل من القوم: يا أمير المؤمنين! إيذن للحسين[عليه السلام] يصعد المنبر، فقال له معاوية: ويلك دعني افتخر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله! أليس أنا ابن بطحاء مكة؟ فقال: أي والذي بعث جدي بالحق بشيرا، ثم قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله!

أليس أنا خال المؤمنين؟ فقال: أي والذي بعث جدي نبيا، ثم قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله! أليس أنا كاتب الوحي؟ فقال: أي والذي بعث جدي نذيرا. ثم نزل معاوية وصعد الحسين بن علي[عليه السلام] فحمد الله بمحامد لم يحمده الأولون والآخرون بمثلها ثم قال:

حدثني أبي عن جدي عن جبريل عن الله تعالى: إن تحت قائمة كرسي العرش ورقة آس خضراء مكتوب عليها: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، يا شيعة آل محمد! لا يأتي أحدكم يوم القيامة يقول لا إله إلا الله إلا أدخله الله الجنة فقال له معاوية: سألتك بالله يا أبا عبد الله! من شيعة آل محمد؟ فقال: الذين لا يشتمون الشيخين أبا بكر وعمر، ولا يشتمون عثمان، ولا يشتمون أبي، ولا يشتمونك يا معاوية!.

أخرجه ابن عساكر في تاريخه 4:، 312، 313 وقال: هذا حديث منكر ولا أرى إسناده متصلا إلى الحسين[عليه السلام].

قال الأميني: ألا تعجب من حافظ يروي مثل هذا الحديث ويراه منكرا غير مسند؟ أليس في إسناده أبو عمر الزاهد محمد بن عبد الواحد الذي ألف من الأكاذيب جزءا في فضائل معاوية ومنها هذه الأكذوبة الفاحشة؟ أليس فيه علي بن محمد الصائغ ؟ ي قال الخطيب في تاريخه 3: 222: ضعيف جدا؟ ألا يقول الحافظ؟: إن علي بن محمد الصائغ الذي يروي عنه أبو أحمد الجرجاني المتوفى 374 الذي يروي عن مالك المتوفى 179 بواسطة كيف يروي أبوه عن الحسين السبط عليه السلام الشهيد سنة 60؟! وكيف يعقل إدراكه معاوية وحضوره في خطبته؟!

وهلا يأبى لفظ الرواية صحتها؟ هل تجتمع هي مع ما أسلفناه من حديث رسول الله الثابت الصحيح، ومن حديث أمير المؤمنين والحسن السبط ومن حديث الحسين السبط نفسه، ومع ما ثبت عنهم من كتاب أو مقال في الرجل؟ وهل يساعدها ما كان من سيرة معاوية في علي أمير المؤمنين[عليه السلام] طيلة حياته؟ اقرأ واحكم.

16 - مرفوعا: يبعث معاوية عليه رداء من نور.

أخرجه ابن حبان من طريق جعفر بن محمد الأنطاكي وقال: خبر باطل (ميزان الاعتدال 1: 193، لسان الميزان 2: 124) أقر الذهبي وابن حجر بطلان الحديث وعدم ثقة الأنطاكي.

17 - أخرج أبو نعيم في الحلية 10: 393 عن عبد الله بن محمد بن جعفر عن أحمد بن محمد البزاز المدني عن إبراهيم بن عيسى الزاهد عن أحمد الدينوري عن عبد العزيز بن يحيى عن إسماعيل بن عياش عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة. فطلع معاوية، ثم قال من الغد مثل ذلك فطلع معاوية، ثم قال من الغد مثل ذلك فطلع معاوية. قال الذهبي: إنه ليس بصحيح. راجع لسان الميزان 2: 213.

قال الأميني: أحمد بن مروان - الدينوري مالكي صاحب المجالسة، صرح الدار قطني في غرائب مالك بأنه يضع الحديث. وذكر حديث: سبقت رحمتي غضبي فقال: لا يصح بهذا الاسناد، والمتهم به أحمد بن مروان، وهو عندي ممن كان يضع الحديث. لسان الميزان 1: 309.

وفي الاسناد: عبد العزيز بن يحيى، قال ابن أبي حاتم سمع منه أبي ثم تركه وقال: لا أحدث عنه ضعيف. وقال أبو زرعة: ليس بثقة وذكرته لإبراهيم بن المنذر فكذبه، وذكرته لأبي مصعب فقلت: يحدث عن سليمان بن بلال، فقال: كذاب أنا أكبر منه وما أدركته. وقال العقيلي: يحدث عن الثقات بالبواطيل، ويدعي من الحديث ما لا يعرف به غيره من المتقدمين عن مالك وغيره. وقال ابن عدي: ضعيف جدا وهو يسرق حديث الناس. ميزان الاعتدال 2: 140، تهذيب التهذيب 6: 363.

وفيه: إسماعيل بن عياش، قال يحيى بن معين: ليس به في أهل الشام بأس، والعراقيون يكرهون حديثه. وقال الأسدي: إذا حدث عن الحجازيين والعراقيين خلط ما شئت وقال الجوزجاني: أروى الناس عن الكذابين وقال ابن خزيمة: لا يحتج به. وقال ابن المبارك: لا استحلي حديثه، وضعف روايته عن غير الشاميين أيضا النسائي وأبو أحمد الحاكم والبرقي والساجي وقال الحاكم: إذا انفرد بحديث لم يقبل منه لسوء حفظه. وقال ابن حبان: كان من الحفاظ المتقنين في حديثهم فلما كبر تغير حفظه، فما حفظ في صباه وحداثته أتى به على جهته، وما حفظ على الكبر من حديث الغرباء خلط فيه، وأدخل الاسناد في الاسناد، وألزق المتن بالمتن وهو لا يعلم، فمن كان هذا نعته حتى صار الخطأ في حديثه يكثر خرج عن حد الاحتجاج به ميزان الاعتدال 1: 112، تهذيب التهذيب 1 ص 324 - 326.

وفيه: عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، ضعفه ابن معين. وقال أبو حاتم: فيه لين يكتب حديثه ولا يحتج به وقال ابن عدي: وبعض ما يرويه منكر لا يتابع عليه وهو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء. ميزان 2: 109، تهذيب التهذيب 6: 206.

18 - أخرج الذهبي في الميزان وابن كثير في تاريخه 8 ص 121 من طريق نصير عن أبي هلال محمد بن سليم حدثنا جبلة عن رجل عن مسلمة بن مخلد أن النبي صلى الله عليه و[آله و]سلم قال: اللهم علم معاوية الكتاب، ومكن له في البلاد.

قال الذهبي: جبلة لا يعرف والخبر منكر بمرة. وقال ابن حجر في اللسان 2: 96: ولعل الآفة في الحديث من الرجل المجهول. قال الأميني: لم لا تكن الآفة من الرجل المعلوم (محمد بن سليم) الكذاب، وقد ترجمه الذهبي في الميزان وابن حجر في لسانه عن يحيى بن معين بأنه كان يكذب في الحديث، راجع الميزان 3: 62 ولسان الميزان 5: 192.

19 - أخرج العقيلي من طريق بشر بن بشار السمسار عن عبد الله بن بكار المقري من ولد أبي موسى الأشعري عن أبيه عن جده عن أبي موسى رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وآله على أم حبيبة ورأس معاوية في حجرها فقال لها: أتحبينه؟ قالت: وما لي لا أحب؟ أخي، قال: فإن الله ورسوله يحبانه.

قال العقيلي: عبد الله بن بكار مجهول النسب وروايته غير محفوظة. وقال الذهبي في الميزان: غير صحيح. راجع ميزان الاعتدال 2: 26، لسان الميزان 3: 263. وبشر السمسار ليس في الجهالة والنكارة أقل من نسب ابن بكار.

20 - عن أنس مرفوعا: ائتمن الله على وحيه جبرئيل ومحمدا ومعاوية.

زيفه الذهبي لمكان محمد بن أحمد البلخي الضعيف سارق الحديث الذي لم يكن من أهل الحديث. راجع ميزان الاعتدال 3: 15، لسان الميزان 5: 34.

21 - مرفوعا: إن معاوية يبعث نبيا من علمه وائتمانه على كلام ربي.

ذكره الذهبي من طريق محمد بن الحسن وقال: روى عنه إسحاق بن محمد السوسي أحاديث مختلقة في فضل معاوية، ولعله النقاش صاحب التفسير فإنه كذاب، أو هو آخر من الدجاجلة. راجع ميزان الاعتدال 3: 43، لسان الميزان 5: 125.

وفي اللسان 1: 374: إسحاق بن محمد السوسي ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية رواها عبيد الله بن محمد بن أحمد السقطي عنه، فهو المتهم بها أو شيوخه المجهولون.

22 - أخرج البخاري في تاريخه 4 قسم 1 ص 328 من طريق عمرو بن واقد الدمشقي، عن يونس الدمشقي، عن أبي إدريس الدمشقي، عن عمير بن سعد نزيل دمشق قال: لا تذكروا معاوية إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم يقول: اللهم اهده.

قال الأميني: عمرو بن واقد الدمشقي كان ممن لا يشك شيوخ الحديث إنه يكذب، وإنه ليس بشئ، وإنه ضعيف منكر الحديث، وإنه يقلب الأسانيد، وإن أحاديثه معضلة منكرة، استحق الترك (15).

ألم يك في الحواضر الإسلامية من رجال الحديث من قرع سمعه نبأ هذه الأفيكة؟ فلماذا خصت بالشام، وسلسلت حلقة إسنادها بالشاميين فحسب؟ أنت تدري لماذا.

23 - أخرج ابن كثير في تاريخه 8: 120 من طريق المسيب بن واضح عن ابن عباس قال: أتى جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد! اقرأ معاوية السلام واستوص به خيرا، فإنه أمين الله على كتابه ووحيه ونعم الأمين.

قال الأميني. قال الدارقطني: المسيب بن واضح ضعيف، قال ابن عدي:

قلت لعبدان: أيهما أحب إليك: عبد الوهاب بن الضحاك أو المسيب بن واضح؟ فقال:

كلاهما سواء وعبد الوهاب من الكذابين الوضاعين المعروفين، متروك ضعيف جدا كثير الخطأ والوهم. (16) وأخرجه الطبراني في الأوسط قال: حدثنا علي بن سعيد الرازي، حدثنا محمد بن فطر الراملي، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء ابن أبي رباح عن ابن عباس.

وذكره الهيثمي في المجمع 9: 357 وقال: فيه محمد بن فطر ولم أعرفه، وعلي بن سعيد الرازي فيه لين. وحكاه السيوطي بإسناده في اللئالي المصنوعة 1: 419 وقال:

أما مروان والراوي عنه فلم أر من ترجمهما لا في الثقات ولا في الضعفاء.

قال الأميني: علي بن سعيد الرازي هو الذي قال الدارقطني لما سئل عنه:

ليس في حديثه بذاك وسمعت بمصر: إنه كان والي قرية وكان يطالبهم بالخراج فما يعطونه فيجمع الخنازير في المسجد. فقيل: كيف هو في الحديث؟ قال: حدث بأحاديث لم يتابع عليها. ثم قال: في نفسي منه، وقد تكلم فيه أصحابنا بمصر، وأشار بيده وقال هو كذا وكذا ونقض بيده يقول: ليس بثقة. لسان الميزان 4: 231.

لقد أوقفناك فيما سلف ج 5: 309، على أمانة الرجل على كل ما تحسب إنه أمين عليه، ونزيدك هنا إحفاء السؤال عن معنى الأمانة على كتاب الله ووحيه، أليست هي كلائتهما عن التحريف والعمل بمؤداهما والجري على مفادهما والأخذ بحدودهما، وقطع الأيدي الأثيمة عن التلاعب بهما؟ وهل كان معاوية إلا ردئا بهذه كلها وقد قلب على الكتاب والوحي ظهر المجن في كل وروده وصدوره، ووجه إليهما نظرته الشزراء في حله ومرتحله؟ وهل هو إلا عدوهما الألد؟ وصحائف تاريخه المظلم تطفح بهذه كلها، وإن ما ذكرناه في هذا الكتاب من نماذج ما أثبتته له الحقيقة وخلده الدهر مع ذكره الشائن وحديثه المائن.

24- أخرج الطبراني عن أحمد بن محمد الصيدلاني عن السري عن (17) عاصم عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير عن أبيه (18) هشام بن عروة عن عائشة قالت: لما كان يوم أم حبيبة من النبي صلى الله عليه وسلم دق الباب داق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظروا من هذا؟ قالوا: معاوية. قال: ائذنوا له، فدخل وعلى أذنه قلم يخط به فقال: ما هذا القلم على أذنك يا معاوية؟! قال: قلم أعددته لله ولرسوله، فقال له: جزاك الله عن نبيك خيرا، والله ما استكتبتك إلا بوحي من الله، وما أفعل من صغيرة ولا كبيرة إلا بوحي من الله، كيف بك لو قمصك الله قميصا؟! - يعني من الخلافة - فقامت أم حبيبة فجلست بين يديه وقالت: يا رسول الله! وإن الله مقمصه قميصا؟ قال: نعم. ولكن فيه هنات وهنات فقالت: يا رسول الله! فادع الله له. فقال اللهم اهده بالهدى، وجنبه الردى، واغفر له في الآخرة والأولى.

قال الطبراني: تفرد به السري بن عاصم (19) قال الأميني: المتفرد بهذه الأكذوبة الفاحشة على رسول الله صلى الله عليه وآله هو أحد الكذابين الوضاعين، راجع ما أسلفناه في الجزء الخامس ص 231، و ج 8 ص 143.

ليت شعري هل بهذا القلم الذي يزعم معاوية إنه أعده لله ولرسوله كان يكتب تلكم القوارص والقذائف إلى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام؟! ويكتب إلى عماله أوامره الباتة بلعن سيد الوصيين صلوات الله عليه ولعن من يمت به من شبليه الإمامين السبطين وعظماء المؤمنين؟! ويكتب إلى أمراءه الجائرين بهدر دماء صلحاء الأمة وشيعة أهل بيت الوحي عليهم السلام؟! وهل كان يكتب به أحكامه الجائرة، وفتاواه النائية عن الحق المبين، وآراءه الشاذة عن الكتاب والسنة، وكلما يلفظه بفم ويخطه بقلم من جرائر وجرائم؟!

ثم هل استجيبت هذه الدعوة المعزوة إلى صاحب الرسالة حتى نعتقد في ابن هند اعتناق الهدى، والتجنب عن الردى، والمغفرة في الآخرة والأولى؟! لكن موبقات معاوية وإصرارها عليها تنبأنا عن إنها لم تكن، إذ لو كانت لما عداها الاجابة، وكأن تلك الدعوة المزعومة المختلقة ذهبت أدراج الرياح، وكأنه صلى الله عليه وآله دعا عليه بضد ما هو مذكور واستجيبت دعوته.

على أن معاوية لو كان على الهدى متجنبا عن الردى للزم أن يكون صاحب الخلافة الكبرى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام على قدسه وطهارته خلوا من ذلك كله، لأنه كان يناوئه ويناجزه القتال، وكذلك حجر وأصحابه وكل صالح صحابي أو تابعي قتل تحت نير ظلم معاوية، هل يسع لمسلم أن يدعي ذلك؟ غفرانك اللهم وإليك المصير.

25 - أخرج الطبراني عن يحيى بن عثمان بن صالح عن نعيم بن حماد عن محمد بن شعيب بن سابور عن مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن عبد الله بن بسر: إن رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم استشار أبا بكر وعمر في أمر فقال: أشيروا علي. فقالا: الله ورسوله أعلم، فقال: ادعوا معاوية. فقال أبو بكر وعمر: أما في رسول الله ورجلين من رجال قريش ما يتقنون أمرهم حتى يبعث رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم إلى غلام من غلمان قريش؟

فقال: ادعوا لي معاوية فدعي له فلما وقف بين يديه قال رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم أحضروه أمركم، وأشهدوه أمركم فإنه قوي أمين. وزاد نعيم: وحملوه أمركم (20).

رجال إسناده:

1 - يحيى بن عثمان. كان يتشيع وكان صاحب وراقة يحدث من غير كتبه فطعن فيه لأجل ذلك، تهذيب التهذيب 11: 257.

2 - نعيم بن حماد، كذاب وضاع. راجع الجزء الخامس ص 269 ط 2.

3 - محمد بن شعيب. شامي أموي.

4 - مروان بن جناح، شامي أموي، قال أبو حاتم: لا يحتج به وبأخيه روح.

5 - يونس بن ميسرة، شامي أعمي.

6 - عبد الله بن بسر، يعد في الشاميين وهو آخر من مات بالشام من الصحابة.

هلم معي إلى تعمية الجاهلين وتغرير بسطاء الأمة بالتمويه على الحقائق، قال ابن كثير في تاريخه بعد ذكر هذا الحديث وعدة مما ذكرناه من الأباطيل في فضائل معاوية: ثم ساق ابن عساكر أحاديث كثيرة موضوعة بلا شك في فضل معاوية، أضربنا عنها صفحا، واكتفينا بما أوردناه من الأحاديث الصحاح والحسان والمستجدات عما سواها من الموضوعات والمنكرات.

وقال بعد ذكر الحديث السادس والعشرين الذي تفرد به السري الكذاب الوضاع: وقد أورد ابن عساكر بعد هذا أحاديث كثيرة موضوعة، والعجب منه مع حفظه واطلاعه كيف لا ينبه عليها وعلى نكارتها وضعف رجالها؟ والله الموفق للصواب.

ترى ابن كثير ها هنا يتحامل على ابن عساكر رجاء أن ينطلي بذلك للأغرار ما سرده من الأكاذيب الموضوعة ويزيف جملة منها لإثبات بعضها الآخر. ذاهلا عن أن يد التنقيب تكشف عما غطاه دجله غلوا منه في الفضائل.

26 - أخرج ابن عساكر من طريق نعيم بن حماد عن محمد بن حرب عن أبي بكر بن أبي مريم عن محمد بن زياد عن عوف بن مالك الأشجعي قال: بينما أنا راقد في كنيسة يوحنا - وهي يومئذ مسجد يصلى فيها - إذ انتبهت من نومي فإذا أنا بأسد يمشي بين يدي، فوثبت إلى سلاحي، فقال الأسد: مه. إنما أرسلت إليك برسالة لتبلغها، قلت: و من أرسلك؟ قال: الله أرسلني إليك لتبلغ معاوية السلام وتعلمه إنه من أهل الجنة.

فقلت له: ومن معاوية؟ قال: معاوية بن أبي سفيان. (21)

في الاسناد:

1 - نعيم بن حماد، مر القول بأنه كذاب وضاع.

2 - محمد بن زياد هو الحمصي، شامي ناصبي من الداء أعداء أمير المؤمنين، وثقه ابن معين، وقال: ثقة مأمون، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: لا يعتد بروايته إلا ما كان من رواية الثقات عنه. وقال الحاكم: اشتهر عنه النصب كحريز (22) بن عثمان.

تهذيب التهذيب 9: 170.

3 - أبو بكر بن أبي مريم، شامي عثماني، قال أحمد والنسائي والدارقطني وابن سعد: ضعيف. وضعفه ابن معين. وقال أبو زرعة: ضعيف منكر الحديث. وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث طرقه لصوص فأخذوا متاعه فاختلط. وقال الجوزجاني: ليس بالقوي وقال الدارقطني: متروك. تهذيب التهذيب 12: 29.

قال ابن كثير بعد ذكر الحديث: وفيه ضعف وهذا غريب جدا ولعل الجميع مناما ويكون قوله: إذا انتبهت من نومي مدرجا لم يضبطه ابن أبي مريم. والله أعلم قال الأميني: أنا حائر سادر بين رسالة هذا الأسد الضاري وبشارته معاوية بالجنة، وبين رسالة النبي المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وبشارته معاوية بالنار ولعنه إياه.

وكذا بين رسالة الأسد وبين تلكم الصحاح التي جاءت عن الإمام المعصوم أمير المؤمنين وعن عدول الصحابة أو الصحابة العدول في معاوية الخؤون.

وكذا بين رسالة الأسد وبين ما جاء في الكتاب الكريم من عذاب كل آثم اقترف سيئة وأحاطت به خطيئته، ووعيد من حاد عن حدود الاسلام بالنار، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون، ولا يستوي الحسنة ولا السيئة ولا المحسن ولا المسيء.

وكذا بين رسالة الأسد وبين ما جاء عن نبي الاسلام في تلكم البوائق الموبقة التي كان معاوية قد اقترفها وشوه بها صحيفة تاريخه.

فماذا الذي خص معاوية برسالة الأسد إليه خاصة في كنيسة يوحنا بعد رسالة محمد صلى الله عليه وآله الخاتمة، بعد تلكم الأنباء الصادقة الواردة في الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة، بعد تلكم البشائر السارة الجمة العامة لأهل الصلاح والفلاح؟

27 - أخرج أحمد ومسلم والحاكم وغيرهم من طريق ابن عباس قال: كنت ألعب مع الغلمان فإذا رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم قد جاء فقلت: ما جاء إلا إلي فاختبأت على باب فجاءني فخطاني خطى أو خطتين ثم قال: اذهب فادع لي معاوية قال: فذهبت فدعوته له فقيل: إنه يأكل، فأتيت رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم فقلت:: إنه يأكل، فقال: إذهب فادعه، فأتيته الثانية فقيل: إنه يأكل فأخبرته، فقال في الثالثة: لا أشبع الله بطنه قال: فما شبع بعدها (23).

هذا الحديث ذكره ابن كثير في عد مناقب معاوية فقال: قد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه وأخراه، أما في دنياه فإنه لما صار إلى الشام أميرا، كان يأكل في اليوم سبع مرات يجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل فيأكل منها، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم، ومن الحلوى والفاكهة شيئا كثيرا ويقول: والله ما أشبع وإنما أعياه، وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها كل الملوك. وأما في الآخرة فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري وغيرهما من غير وجه عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أللهم إنما أنا بشر فإيما عبد سببته أو جلدته أو دعوت عليه وليس لذلك أهلا فاجعل ذلك كفارة وقربة تقربه بها عندك يوم القيامة. فركب مسلم من الحديث الأول وهذا الحديث فضيلة لمعاوية، ولم يورد له غير ذلك. 1 هـ.

قال الأميني: هنا يرتج علي القول في مسائلة هذا المدافع عن ابن هند والناحت له فضيلة مركبة من رذيلة ثابتة لمعاوية، وأفيكة مفتراة على قدس صاحب الرسالة، إنه هل عرف النافع من الضار، فحكم بانتفاع معاوية بالدعوة المذكورة في دنياه وأخراه؟

وإنه هل عرف حدود الانسانية وكمال النفس؟ ولا أظنه، وإلا لما حكم بأن الذي كان يرغب فيه معاوية وحسب إنه يرغب فيه الملوك من كثرة الأكل وقوة المعدة إلى ذلك الحد الممقوت المساوق حد البهائم نعمة من نعم الله أتت ابن آكلة الأكباد ببركة دعوة النبي المعصوم صلى الله عليه وآله ولم يعرف من سعادة الحياة إلا أن يملأ أكراشا جوفا وأجربة سغبا، وما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، يحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه (24).

ثم إن الذي يتبين من تضاعيف الروايات وخصوصيات المقام إن المورد مورد نقمة لا مورد رحمة، وإنما الدعاء عليه لا له كيفما تمحل ابن كثير، فقد طعن على الرجل أبو ذر الغفاري بقوله: لعنك رسول الله ودعا عليك مرات أن لا تشبع  واشتهرت عليه هذه المنقصة حتى جرت مجرى المثل وقيل فيها.

وصاحب لي بطنه كالهاوية * كأن في أحشائه معاوية

وحديث مسلم (25) الذي يلوح عليه لوائح الافتعال إنما اختلق لمثل هذه الغاية وتأويل ما إليها مما صدر عن النبي الأقدس صلى الله عليه وآله من طعن ولعن وسب وجلد ودعوة على من يستحق كلها، وللدفاع عن أولياء الشيطان وفي الطليعة منهم ابن أبي سفيان والمنع عن الوقيعة فيهم وغمزهم تأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله لفقوا مكابرات عجيبة في دلالة الألفاظ والنصوص وأن ذلك صدر منه صلى الله عليه وآله لا عن قصد، أو أنه صدر عن نزعات نفسية تقتضيها فطرة البشر، وقد ذهب على المغفلين إنه صلى الله عليه وآله لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وإنه لعلى خلق عظيم، وإن في كتابه الذي جاء به من ربه قوله تعالى: الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا (الأحزاب: 58) وقد صح عنه قوله صلى الله عليه وآله: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (26).

أللهم إني أتخذ عندك عهدا لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر فأي المؤمنين آذيته شتمته لعنته جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة.

أللهم إن محمدا بشر يغضب كما يغضب البشر وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه، فإيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة.

إنما أنا بشر وإني اشترطت على ربي عز وجل أي عبد من المسلمين سببته أو شتمته أن يكون ذلك له زكاة وأجرا.

وقاله: صلى الله عليه وآله: المؤمن لا يكون لعانا (27).

وقوله صلى الله عليه وآله: سباب المسلم فسوق (28).

وقوله صلى الله عليه وآله: إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة (29).

وقوله صلى الله عليه وآله: المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان (30).

وقوله صلى الله عليه وآله: من ذكر امرءا بشئ ليس فيه ليعيبه به حبسه الله في نار جهنم حتى يأتي بنفاد ما قال فيه (31) هل هؤلاء القوم يصفون نبيا صح عندهم من حديث مسلم: إنه غضبت عائشة رضي الله عنها مرة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: مالك جاءك شيطانك؟ فقالت: ومالك شيطان؟ قال: بلى ولكني: دعوت الله فأعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير (32) وهل يتكلمون عن نبي قال لعبد الله بن عمرو بن العاص: اكتب عني في الغضب والرضا، فوالدي بعثني بالحق نبيا ما يخرج منه إلا حق. وأشار إلى لسانه (33) وقال عبد الله بن عمرو: أكتب كل شيئ أسمعه من رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم أريد حفظه فنهتني قريش وقالوا: تكتب كل شيئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم ورسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم بشر يتكلم في الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق (34).

وكان صلى الله عليه وآله كما وصفه أمير المؤمنين عليه السلام لا يغضب للدنيا فإذا أغضبه الحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له (35).

وهل يدنسون بهذا العز والمختلق - لتبرير ذيل أمثال ابن هند - ساحة نبي صح عنه صلى الله عليه وآله قوله: إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا، فإن لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن، فإن كان أهلا وإلا رجعت إلى قائلها (36).

وهل يشوهون بها سمعة قداسة نبي كان يؤدب أمته بآداب الله وينهى أصحابه عن لعن كل شيئ حتى الدواب والبهائم والديك والبرغوث والريح؟ وكان يقول: من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه (37) وقال لرجل كان يسير معه فلعن بعيره: يا عبد الله! لا تسر معنا على بعير ملعون (38) وقال لما لعنت جارية ناقتها: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة. وفي حديث المعمر: أيم الله لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله (39). وكان صلى الله عليه وآله يبالغ في الأمر ويحذر الناس عنه حتى قال سلمة بن الأكوع: كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أن قد أتى بابا من الكبائر (40).

دع الأباطيل ولا تشطط في القول فمن لعنه صلى الله عليه وآله فهو ملعون، ومن سبه فهو مستأهل لذلك، ومن جلده فإن ذلك من شرعه المبين، ومن دعى عليه أخذته الدعوة ، وهل يجد ذو خبرة مصداقا لتلك المزعمة المخزية ويسع له أن يستشهد بسب رسول الله صلى الله عليه وآله أحدا من صلحاء أمته كائنا من كان ممن لا يستحق السب أو بلعنه وجلده إياه ودعوته عليه؟ حاشا النبي المبعوث لتميم مكارم الأخلاق من هذه الفرية الشاينة.

(28) متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والطبراني والحاكم والدارقطني.

يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له (41).

وهل يدنسون بهذا العز والمختلق - لتبرير ذيل أمثال ابن هند - ساحة نبي صح عنه صلى الله عليه وآله قوله: إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا، فإن لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن، فإن كان أهلا وإلا رجعت إلى قائلها (42).

وهل يشوهون بها سمعة قداسة نبي كان يؤدب أمته بآداب الله وينهى أصحابه عن لعن كل شيئ حتى الدواب والبهائم والديك والبرغوث والريح؟ وكان يقول: من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه (43) وقال لرجل كان يسير معه فلعن بعيره: يا عبد الله! لا تسر معنا على بعير ملعون (44) وقال لما لعنت جارية ناقتها: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة. وفي حديث المعمر: أيم الله لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله (45). وكان صلى الله عليه وآله يبالغ في الأمر ويحذر الناس عنه حتى قال سلمة بن الأكوع: كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أن قد أتى بابا من الكبائر (46).

دع الأباطيل ولا تشطط في القول فمن لعنه صلى الله عليه وآله فهو ملعون، ومن سبه فهو مستأهل لذلك، ومن جلده فإن ذلك من شرعه المبين، ومن دعى عليه أخذته الدعوة ، وهل يجد ذو خبرة مصداقا لتلك المزعمة المخزية ويسع له أن يستشهد بسب رسول الله صلى الله عليه وآله أحدا من صلحاء أمته كائنا من كان ممن لا يستحق السب أو بلعنه وجلده إياه ودعوته عليه؟ حاشا النبي المبعوث لتميم مكارم الأخلاق من هذه الفرية الشاينة.

وإن صحت هذه المزعمة لتطرق الوهن في أفعاله وأقواله وفي قضاءه وحدوده ، فلا يعلم الانسان إنها بحافز إلهي، أو اندفاع إلى شهوة وإطفاء ثورة الغضب، وأي نبي معصوم هذا؟ وكيف تتبع سنته؟ ويقتفى أثره عندئذ؟ وفي أي من حالتيه هو مقتدى البشر وحجة الخلق وقدوة الأمم؟ وما المائز بينه وبين أمته وكل يستحوذ عليه الغضب، ويقوده الهوى، وكان لأي أحد أسوة برسول الله صلى الله عليه وآله أن يقول مثل ذلك حين يقع في المسلمين بالسباب وينال منهم باللعن فتنقلب المعصية بتلك الدعوة اللاحقة طاعة وبرا وكفارة وقربة.

ومن هنا بلغت القحة والصلف من ابن حجر إلى أن تمسك بذيل حديث مسلم المثبت ما لا يقبله العقل والمنطق وتأباه الأصول الدينية المسلمة، فمنع بذلك عن لعن الحكم لعين رسول الله وطريده وابنه الوزغ ابن الوزغ (47).

وللقوم في هذا المقام تصعيدات وتصويبات أو قل: خرافات ومخازي مثل ما حكي عن بعضهم (48) إن ظاهر هذا الحديث يعطينا إباحة تلكم المحظورات للنبي صلى الله عليه وآله فحسب، وعد السيوطي (49) من خصائص رسول الله صلى الله عليه وآله [باب اختصاصه صلى الله عليه وسلم بجواز لعن من شاء بغير سبب] وقال القسطلاني في المواهب 1: 395: كان له صلى الله عليه وسلم أن يقتل بعد الأمان، وأن يلعن من شاء بغير سبب، وجعل الله شتمه ولعنه قربة للمشتوم والملعون لدعائه عليه السلام. ألا يضحك ضاحك على عقلية هذا الأرعن؟ وإنه كيف يكون ذلك وقد فرض إن مصب هاتيك الطعون مستوجب للرحمة والحنان بالدعوة اللاحقة إياها؟ فما المجوز لنبي الرحمة هتك ستار أولئك وتفضيحهم بملأ من الاشهاد من غير استحقاق على مر الدهور؟ وهل الدعاء الأخير يرفع عنهم شية العار الملحقة بهم من الدعوة الأولى؟ وهل لإباحة تلكم الفواحش التي هي بذاتها فاحشة وقبائح عقلية لا تقبل التخصيص لصاحب الرسالة معنى معقول؟ وهل هتك حرمات المؤمنين مع حفظ الوصف لهم والمبدأ فيهم مما يستباح لأحد نبيا كان أو غيره؟! أما أنا فلا أعرفه وأحسب أن من ذهب إلى ذلك أيضا مثلي في الجهل.

وهلا كان لرسول الله والحالة هذه أن ينص بعد ما سب من لا يستحق أو لعنه أو جلده أو دعى عليه، وبعد ما هدأت ثورة غضبه وأطفأ نيران سخطه على أن ذلك وقع في غير محله، حتى لا يدنس ساحة الأبرياء طيلة حياتهم بشية العار ووسمة الشنار، ولا يشوه سمعة أناس نزهين في الملأ الديني أبد الدهر؟

هلا كان للصحابة أن يستفهموا رسول الله صلى الله عليه وآله جلية الحال في كل تلكم الموارد ليعرفوا وجه ما أتى به من الهتيكة: هل وقع في أهله ومحله؟ حتى لا يتخذوا فعله مدركا مطردا في الوقيعة والتحامل، ولا يزري أحد أحدا جهلا منه بالموضوع اقتفاء لأثره صلى الله عليه وآله؟!

وهلا كان لمثل أبي سفيان ومعاوية والحكم ومروان وبقية ثمرات الشجرة الملعونة في القرآن ونظرائهم الملعونين بلسان النبي الأقدس أن يحتجوا برواية مسلم على من يعيرهم بلعن رسول الله صلى الله عليه وآله إياهم كعائشة أم المؤمنين وأمير المؤمنين وأبي ذر ووجوه الصحابة غيرهم؟

وها هنا دقيقة أخرى وهي: أن اللعنات والطعون المتوجهة في القرآن الكريم إلى أناس عناهم الذكر الحكيم ونوه بذلك الصادع الكريم صلى الله عليه وآله هل هي من الله تعالى كما زعموه في النبي الأقدس ومؤولة بمدايح ورحمات وقرب؟! فهي إلى جلالة أولئك القوم وقداستهم أدل من كونهم ملعونين مطرودين من ساحة رحمة الله تعالى، وهل الله سبحانه أعطى عهدا بذلك وآلى على نفسه أن يجعلها رحمة وزكاة وقربة؟

أم أنها باقية على مداليلها التي هي ناصة عليها؟! لا أدري ماذا يقول القوم، هل يسلبون الحقائق عن الألفاظ القرآنية كما سلبوها عن الألفاظ النبوية؟! وفي ذلك ارتاج لباب التفاهم وسد لطريق المحاورة، غير أن أحمال الكلام لم تراقب عليها دائرة المكوس، فللمتحذلق أن يقول ما شاء، وللثرثار أن يلهج بما يحبذه الهوى ولا يكترث. نعوذ بالله من التقول بلا تعقل.

29 - وجد أبو الفتح يوسف القواس في كتبه جزءا له فيه فضائل معاوية وقد قرضته الفأرة، فدعا الله تعالى على الفأرة التي قرضته، فسقطت من السقف ولم تزل تضطرب حتى ماتت، تاريخ بغداد للخطيب الحافظ 14: 327.

هلم واضحك على عقلية هذا الحافظ المعتوه الذي يرى من كرامة معاوية على الله أن أهلك لأجله فأرة قرضت جزءا فيه فضائل معاوية، وقد أصفق أئمة الحديث كما أسلفناه على إنه لا يصح منها شيئ، وهل الفئران كلفت بولاء ابن آكلة الأكباد ، والفأرة التي أصابته الدعوة قد شذت وخالفت أمتها وعادت معاوية فحقت عليها كلمة العذاب؟ وهل المسكينة كانت عارفة بما في ذلك الجزء فأنكرته وسخطت عليه وقرضته وهي على بصيرة من أمرها؟ وهل كانت لأبي الفتح القواس سابقة معرفة بتلك الفأرة فلما سقطت وماتت عرف أنها هي هي؟ إني أعظك أن تكون من الجاهلين.

30 - قال الكلواذي في قصيدة له:

ولابن هند في الفؤاد محبة * مغروسة فليرغمن مفندي

رد عليه العلامة شهاب الدين أحمد الحفظي الشافعي بقوله:

قل لابن كلواذي وخيم المورد *** أوقعت نفسك في الحضيض الأوهد

أفأنت تطمع يا سخيف العقل! في *** إرغام طه والوصي المهتدي؟

والمسلمين الصادقي إيمانهم *** بالله جل وبالنبي محمد؟

أو لست أنت القائل البيت الذي *** تصلى به وهج السعير المؤصد

[ولابن هند في الفؤاد محبة *** مغروسة فليرغمن مفندي]

أرأيت ويلك ذا يقين لا يفند *** ما يفوه به لسان الأبعد؟

أو هل ترى إلا بقلب منافق *** غرست محبة عجلك المتمرد؟

أو ما علمت بأن من أحببته *** رأس البغاة وخصم كل موحد؟

لعن الوصي وبدل الأحكام وارتكب *** الكبائر باللسان وباليد

إن المحب مع الحبيب مقره ***ولسوف تعلم مستقرك في غد

فعليكما سخط الإله ومقته *** وعلى الذي بك في العقيدة يقتدي (50)

توجد جملة اضافية من الآراء والأقوال الساقطة والأحلام الخيالية التافهة في الثناء على ابن هند في تاريخ ابن كثير 8: 139، 140، وتطهير الجنان واللسان عن الخطور والتفوه بثلب معاوية بن أبي سفيان لابن حجر الهتمي (51) وغيرهما وفي المذكور غنى وكفاية.

فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون.

____________

(1) سورة النساء: 96.

(2) سورة الأحزاب: 58، 59.

(3) سورة التوبة: 63.

(4) ربيع الأبرار للزمخشري باب 75.

(5) تاريخ ابن كثير 8: 45.

(6) راجع أوائل السيوطي، وتاريخ الخلفاء له، ومحاضرة الأوائل للسكتواري.

(7) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 133، فتح الباري 7: 83، الصواعق ص 76.

(8) اللئالي للسيوطي 1 ص 220، فتح الباري 7: 83.

(9) تاريخ ابن كثير 11:، 124، سيوافيك تفصيل قصة النسائي.

(10) تاريخ ابن عساكر 7: 210.

(11) تاريخ ابن كثير 8: 130.

(12) مر حديثه في هذا الجزء.

(13) هذه القضية ذكرها الراغب في محاضراته المخطوطة الموجودة، وهكذا نقلت عنها في تشييد المطاعن في ج 2: 409 غير إن يد الطبع الأمينة؟ حرفتها من الكتاب مع أحاديث ترجع إلى معاوية راجع ج 2: 214 من المحاضرات وقابلها بالمخطوطة منها.

(14) راجع ميزان الاعتدال 2: 38، لسان الميزان 4: 414، 459، ج 6: 219.

(15) راجع ميزان الاعتدال 2: 302، تهذيب التهذيب 8: 115.

(16) راجع الجزء الخامس من الغدير ص 242 ط 2، ولسان الميزان 6: 41.

(17) الصحيح: السري بن عاصم.

(18) كذا والصحيح: عن أبيه عن هشام.

(19) تاريخ ابن كثير 8: 120.

(20) تاريخ ابن كثير 8: 122، مجمع الزوايد 9: 356.

(21) تاريخ ابن كثير 8: 123، مجمع الزوائد 9: 357.

(22) كان يلعن عليا كل يوم سبعين مرة، أحد رجال صحيح البخاري.

(23) صحيح مسلم 8: 27، تاريخ ابن كثير 8: 119.

(24) من قولنا: وما ملأ آدمي إلى آخره حديث أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما في الجامع الصغير.

(25) راجع الغدير ج 8: 312.

(26) اللهم إنما أنا بشر فإيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة

(27) مستدرك الحاكم 1: 12، 47.

(28) متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والطبراني والحاكم والدارقطني.

(29) صحيح مسلم: 8: 24.

(30) عن أحمد والطيالسي.

(31) الترغيب والترهيب 3: 197، رواه الطبراني بإسناد جيد.

(32) إحياء العلوم 3: 167.

(33) إحياء العلوم 3: 167. أخرجه أبو داود.

(34) سنن الدارمي 1: 125.

(35) صحيح مسلم: 8: 24.

(36) عن أحمد والطيالسي.

(37) الترغيب والترهيب 3: 197، رواه الطبراني بإسناد جيد.

(38) إحياء العلوم 3: 167.

(39) إحياء العلوم 3: 167. أخرجه أبو داود.

(40) سنن الدارمي 1: 125.

(41) أخرجه الترمذي في الشمائل.

(42) الترغيب والترهيب 3: 196.

(43) الترغيب والترهيب 3: 197 وصححه.

(44) الترغيب والترهيب 3: 196 فقال: إسناده جيد.

(45) صحيح مسلم 8: 23.

(46) الترغيب والترهيب 3: 195 قال: سند جيد.

(47) الصواعق المحرقة ص 108.

(48) الخصائص الكبرى للسيوطي 2: 244، المواهب اللدنية 1: 395.

(49) راجع الخصائص الكبرى 2: 244.

(50) تقوية الإيمان ص 107.

(51) طبع في هامش الصواعق المحرقة له.

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).