المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05
آثار القرائن القضائية
2024-11-05



تفسير آية (49) من سورة النساء  
  
3550   05:42 مساءً   التاريخ: 10-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


قال تعالى : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} [النساء : 49] .

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

 ذكر تعالى تزكية هؤلاء أنفسهم ، مع كفرهم وتحريفهم الكتاب ، فقال : {ألم تر} : معناه ألم تعلم . وقيل : ألم تخبر ، وهو سؤال على وجه الإعلام ، وتأويله : اعلم قصتهم ألم ينته علمك {إلى} هؤلاء {الذين يزكون أنفسهم} : أي يمدحونها ، ويصفونها بالزكاة والطهارة ، بأن يقولوا : نحن أزكياء .

وقيل : هو تزكية بعضهم بعضا ، عن ابن مسعود . وإنما قال {أنفسهم} لأنهم على دين واحد ، وهم كنفس واحدة . {بل الله يزكي من يشاء} رد الله ذلك عليهم ، وبين أن التزكية إليه ، يزكي من يشاء : أي يطهر من الذنب من يشاء . وقيل : معناه يقبل عمله فيصير زكيا ، ولا يزكي اليهود ، بل يعذبهم . {ولا يظلمون فتيلا} معناه : لا يظلمون في تعذيبهم . وترك تزكيتهم فتيلا : أي مقدار فتيل . وذكر الفتيل مثلا ، واختلف في معناه فقيل : هو ما يكون في شق النواة ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، وعطا ، وقتادة . وقيل : الفتيل ما في بطن النواة ، والنقير : ما على ظهرها ، والقطمير : قشرها ، عن الحسن . وقيل : الفتيل ما فتلته بين إصبعيك من الوسخ ، عن ابن عباس ، وأبي مالك ، والسدي .

وفي هذه الآية دلالة على تنزيه الله عن الظلم ، وإنما ذكر الفتيل ، ليعلم أنه لا يظلم قليلا ولا كثيرا .

________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 104 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير  هذه الآية (1) :

 

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ} . قال المفسرون : نزلت هذه الآية في اليهود ، وسواء أكان غرور اليهود هو السبب لنزول هذه الآية ، أو لم يكن فإنها أصدق صورة عن مزاعمهم وادعاءاتهم التي لا مثيل لها في الكذب والافتراء ، مثل قولهم : نحن أبناء اللَّه وأحباؤه ، وقولهم : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا .

وقولهم : نحن شعب اللَّه المختار ، أي ان اللَّه لهم وحدهم ، وانه خلق الناس جميعا عبيدا لهم . . ولم يكتفوا بهذا ، حتى دفعهم الجهل والغرور إلى القول : ان اللَّه فقير ونحن أغنياء .

أجل ، لا أحد أغنى وأقدر منهم إطلاقا على الاختلاق ، والتمويه ، والتزوير ، فبالأمس القريب أشاعوا وأذاعوا ، وملأوا الشرق والغرب صراخا وعويلا ان العرب يعدون العدة للهجوم عليهم ، في حين كانوا ومن يساندهم من دول الاستعمار يبيتون المكر والغدر ، ويدبرون عملية الاغتيال والهجوم على العرب ، وبعد أن أحكموا الخطة نفذوها على حين غرة ، واقترفوا من المظالم والمآثم ما أنسى الناس أعمال هتلر وجنكيز خان .

هذه صورة مصغرة من مزاعم اليهود ، ذكرناها على سبيل المثال ، لا الحصر والإحصاء . . وهل تحصى مزاعم إسرائيل الكاذبة ، وفضائحها الآثمة ؟ .

وتسأل : إذا كانت هذه هي حال إسرائيل فكيف استطاعت أن تقيم دولة مضى عليها أكثر من عشرين عاما حتى الآن ؟ .

الجواب : ان دول الاستعمار هي التي صنعت إسرائيل لحماية مصالحها في الشرق ، وليس لليهود من الدولة إلا الاسم ، أما بقاؤها إلى اليوم فلبقاء الاستعمار الذي ضرب عليها خيمة من الأوكسجين . . وهو في طريقه إلى الزوال ، وان طال الزمن ، وبديهة ان صنيع الشيء يزول بزواله .

وان سألت كيف سلَّط اللَّه الطغاة الكافرين على عباده الموحدين تجد الجواب في فقرة « نكسة 5 حزيران » عند تفسير الآية 138 من سورة آل عمران .

{بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ} . لا من يشهد لنفسه بنفسه ، وبديهة ان اللَّه سبحانه لا يزكي إلا من تشهد له أفعاله بالتزكية . . والآية ، وان نزلت في اليهود ، فإنها تشمل كل من يزكي نفسه ، لأن اللفظ عام ، والعبرة بعموم اللفظ ، لا بسبب النزول . . وقد أثبتت التجارب ان ما من أحد يزكي نفسه إلا لجهله وغروره ، أو لنقص فيه يحاول إخفاءه ، ولكن بشهادة غير مقبولة ، حتى عند نفسه لأنه يعلم كذبها .

__________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 345 – 346 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ } قال الراغب : أصل الزكاة النمو الحاصل من بركة الله تعالى ـ إلى أن قال ـ : وتزكية الإنسان نفسه ضربان : أحدهما : بالفعل وهو محمود ، وإليه قصد بقوله : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ) ، والثاني بالقول كتزكيته لعدل غيره ، وذلك مذموم أن يفعل الإنسان بنفسه ، وقد نهى الله تعالى عنه فقال : ( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) ، ونهيه عن ذلك تأديب لقبح مدح الإنسان نفسه عقلا وشرعا ، ولهذا قيل لحكيم : ما الذي لا يحسن وإن كان حقا؟ فقال : مدح الرجل نفسه ، انتهى كلامه .

ولما كانت الآية في ضمن الآيات المسرودة للتعرض لحال أهل الكتاب كان الظاهر أن هؤلاء المزكين لأنفسهم هم أهل الكتاب أو بعضهم ، ولم يوصفوا بأهل الكتاب لأن العلماء بالله وآياته لا ينبغي لهم أن يتلبسوا بأمثال هذه الرذائل فالإصرار عليها انسلاخ عن الكتاب وعلمه.

ويؤيده ما حكاه الله تعالى عن اليهود من قولهم : { نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } : [ المائدة : 18 ] ، وقولهم : { لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً } : [ البقرة : 80 ] وزعمهم الولاية كما في قوله تعالى : { قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ } : [ الجمعة : 6 ] ، فالآية تكني عن اليهود ، وفيها استشهاد لما تقدم ذكره في الآيات السابقة من استكبارهم عن الخضوع للحق واتباعه ، والإيمان بآيات الله سبحانه ، واستقرار اللعن الإلهي فيهم ، وأن ذلك من لوازم إعجابهم بأنفسهم وتزكيتهم لها.

قوله تعالى : { بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } إضراب عن تزكيتهم لأنفسهم ، ورد لهم فيما زكوه ، وبيان أن ذلك من شئون الربوبية يختص به تعالى فإن الإنسان وإن أمكن أن يتصف بفضائل ، ويتلبس بأنواع الشرف والسؤدد المعنوي غير أن اعتناءه بذلك واعتماده عليه لا يتم إلا بإعطائه لنفسه استغناء واستقلالا وهو في معنى دعوى الألوهية والشركة مع رب العالمين ، وأين الإنسان الفقير الذي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة والاستغناء عن الله سبحانه في خير أو فضيلة ؟

والإنسان في نفسه وفي جميع شئون نفسه ، والخير الذي يزعم أنه يملكه ، وجميع أسباب ذلك الخير ، مملوك لله سبحانه محضا من غير استثناء ، فما ذا يبقى للإنسان؟.

وهذا الغرور والإعجاب الذي يبعث الإنسان إلى تزكية نفسه هو العجب الذي هو من أمهات الرذائل ، ثم لا يلبث هذا الإنسان المغرور المعتمد على نفسه دون أن يمس غيره فيتولد من رذيلته هذه رذيلة أخرى ، وهي رذيلة التكبر ويتم تكبره في صورة الاستعلاء على غيره من عباد الله فيستعبد به عباد الله سبحانه ، ويجري به كل ظلم وبغي بغير حق وهتك محارم الله وبسط السلطة على دماء الناس وأعراضهم وأموالهم .

وهذا كله إذا كان الوصف وصفا فرديا وأما إذا تعدى الفرد وصار خلقا اجتماعيا وسيرة قومية فهو الخطر الذي فيه هلاك النوع وفساد الأرض ، وهو الذي يحكيه تعالى عن اليهود إذ قالوا : { لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ } : [ آل عمران : 75 ] .

فما كان لبشر أن يذكر لنفسه من الفضيلة ما يمدحها به سواء كان صادقا فيما يقول أو كاذبا لأنه لا يملك ذلك لنفسه لكن الله سبحانه لما كان هو المالك لما ملكه ، والمعطي الفضل لمن يشاء وكيف يشاء كان له أن يزكي من شاء تزكية عملية بإعطاء الفضل وإفاضة النعمة ، وأن يزكي من يشاء تزكية قولية يذكره بما يمتدح به ، ويشرفه بصفات الكمال كقوله في آدم ونوح : { إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً } : [ آل عمران : 33 ] ، وقوله في إبراهيم وإدريس : { إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا } : [ مريم : 41 ، 56 ] ، وقوله في يعقوب : { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ ) : [ يوسف : 68 ] ، وقوله في يوسف : ( إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ } : [ يوسف : 24 ] ، وقوله في حق موسى : { إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا } : [ مريم : 51 ] ، وقوله في حق عيسى : { وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ } : [ آل عمران : 45 ] ، وقوله في سليمان وأيوب : { نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } : [ص : 30 ، 44 ] ، وقوله في محمد صلى الله عليه وآله : { إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ } : [ الأعراف : 196 ] ، وقوله : { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } : [ القلم : 4 ] ، وكذا قوله تعالى في حق عدة من الأنبياء ذكرهم في سور الأنعام ومريم والأنبياء والصافات وص وغيرها .

وبالجملة فالتزكية لله سبحانه حق لا يشاركه فيه غيره إذ لا يصدر عن غيره إلا من ظلم وإلى ظلم ، ولا يصدر عنه تعالى إلا حقا وعدلا يقدر بقدره لا يفرط ولا يفرط ، ولذا ذيل قوله : بل الله يزكي من يشاء بقوله ـ وهو في معنى التعليل ـ : { وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } .

وقد تبين مما مر أن تزكيته تعالى وإن كانت مطلقة تشمل التزكية العملية والتزكية القولية لكنها تنطبق بحسب مورد الكلام على التزكية القولية .

قوله تعالى : { وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } الفتيل فعيل بمعنى المفعول من الفتل وهو اللي قيل : المراد به ما يكون في شق النواة ، وقيل : هو ما في بطن النواة ، وقد ورد في روايات عن أئمة أهل البيت عليه‌ السلام : أنه النقطة التي على النواة ، والنقير ما في ظهرها ، والقطمير قشرها ، وقيل : هو ما فتلته بين إصبعيك من الوسخ ، وكيف كان هو كناية عن الشيء الحقير الذي لا يعتد به .

وقد بان بالآية الشريفة أمران : أحدهما : أن ليس لصاحب الفضل أن يعجبه فضله ويمدح نفسه بل هو مما يختص به تعالى فإن ظاهر الآية أن الله يختص به أن يزكي كل من جاز أن يتلبس بالتزكية فليس لغير صاحب الفضل أيضا أن يزكيه إلا بما زكاه الله به ، وينتج ذلك أن الفضائل هي التي مدحها الله وزكاها فلا قدر لفضل لا يعرفه الدين ولا يسميه فضلا ، ولا يستلزم ذلك أن تبطل آثار الفضائل عند الناس فلا يعرفوا لصاحب الفضل فضله ، ولا يعظموا قدره بل هي شعائر الله وعلائمه ، وقد قال تعالى : { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } : [ الحج : 32 ] ، فعلى الجاهل أن يخضع للعالم ويعرف له قدره فإنه من اتباع الحق وقد قال تعالى : { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ } : [ الزمر : 9 ] ، وإن لم يكن للعالم أن يتبجح بعلمه ويمدح نفسه ، والأمر في جميع الفضائل الحقيقية الإنسانية على هذا الحال .

وثانيهما : أن ما ذكره بعض باحثينا ، واتبعوا في ذلك ما ذكره المغاربة أن من الفضائل الإنسانية الاعتماد بالنفس أمر لا يعرفه الدين ، ولا يوافق مذاق القرآن ، والذي يراه القرآن في ذلك هو الاعتماد بالله والتعزز بالله قال تعالى : { الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } : [ آل عمران : 173 ] ، وقال : { أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً } : [ البقرة : 165 ] ، وقال : { إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً } : [ يونس : 65 ] ، إلى غير ذلك من الآيات.

___________________________

1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 315-318 .

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

تزكية النفس (2) :

قال تعالى في الآية الأولى من الآيتين الحاضرتين : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) وفي هذه إشارة إلى إحدى الصفات الذميمة التي قد يبتلى بها كثير من الأفراد والشعوب ، إنّها صفة مدح الذات وتزكية النفس ، وادعاء الفضيلة لها .

ثمّ يقول سبحانه : (بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) فهو وحده الذي يمدح الأشخاص ويزكيهم طبقا لما يتوفر عندهم من مؤهلات وخصال حسنة دون زيادة أو نقصان ، وعلى أساس من الحكمة والمشيئة البالغة ، وليس اعتباطا أو عبثا. ولذلك فهو لا يظلم أحدا مقدار فتيل : (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (3).

وفي الحقيقة أنّ الفضيلة هي ما يعتبرها الله سبحانه فضيلة لا ما يدعيه الأشخاص لأنفسهم انطلاقا من أنانيتهم ، فيظلمون بذلك أنفسهم وغيرهم.

إن هذا الخطاب وإن كان موجها إلى اليهود والنصارى الذين يدعون لأنفسهم بعض الفضائل دونما دليل ، ويعتبرون أنفسهم شعوبا مختارة فيقولون أحيانا : {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة : 80] ويقولون تارة أخرى : {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة : 18] إلا أنّ مفهومه لا يختص بقوم دون قوم ، وجماعة دون جماعة ، بل يشمل كل الأشخاص أو الأمم المصابة بمثل هذا المرض الوبي ، وهذه الصفة الذميمة.

إنّ القرآن يخاطب جميع المسلمين في (سورة النجم ـ الآية ٣٢) فيقول : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى).

إنّ مصدر هذا العمل هو الإعجاب بالنفس والغرور ، والعجب الذي يتجلى شيئا فشيئا في صورة امتداح الذات وتزكية النفس ، بينما ينتهي في نهاية المطاف إلى التكبر والاستعلاء على الآخرين.

إنّ هذه العادة الفاسدة ـ مع الأسف ـ من العادات الشائعة بين كثير من الشعوب والفئات والأشخاص ، وهي مصدر الكثير من المآسي الاجتماعية والحروب وحالات الاستعلاء والاستعمار.

إنّ التاريخ يرينا كيف أن بعض الأمم في العالم كانت تزعم تفوقها على الشعوب والأمم الاخرى تحت وطأة هذا الشعور والإحساس الكاذب ، ولهذا كانت تمنح لنفسها الحق في أن تستعبد الآخرين ، وتتخذهم لأنفسها خولا وعبيدا.

لقد كان العرب الجاهليون مع كل التخلف والانحطاط والفقر الشامل الذي كانوا يعانون منه ، يرون أنفسهم «العنصر الأعلى» بل وكانت هذه الحالة سائدة حتى بين قبائلهم حيث كان بعض القبائل يرى نفسه الأفضل والأعلى.

ولقد تسبب الإحساس بالتفوق لدى العنصر الألماني والإسرائيلي في وقوع الحروب العالمية أو الحروب المحلية.

ولقد كان اليهود والنصارى في صدر الإسلام يعانون ـ أيضا ـ من هذا الإحساس والشعور الخاطئ وهذا الوهم ، ولهذا كانوا يستثقلون الخضوع أمام حقائق الإسلام ، ولهذا السبب شدد القرآن الكريم النكير ـ في الآية اللاحقة الثانية ـ على هذا التصور وشجب هذا الوهم ، وهم التفوق العنصري ، ويعتبره نوعا من الكذب على الله والافتراء عليه سبحانه ، ومعصية كبرى وذنبا بيّنا .

__________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص157-159 .

2. يزكون من مادة «تزكية» بمعنى تطهير ، وتأتي أحيانا بمعنى التربية والتنمية ، ففي الحقيقة إذا كانت التزكية مقترنة بالعمل فإنها تعتبر أمراً محموداً ، وإلا لو كانت مجرد ادعاء وكلام فارغ فهي مذمومة.

3. الفتيل في اللغة بمعنى الخيط الدقيق الموجود بين شقي نواة التمر ، ويأتي كناية عن الأشياء الصغيرة والدقيقة جدا ، وأصله من مادة «فتل» بمعنى البرم .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .