أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-2-2017
8239
التاريخ: 3-2-2017
17313
التاريخ: 10-2-2017
10043
التاريخ: 24-2-2017
3428
|
قال تعالى : {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً} [النساء : 38] .
عطف على ما تقدم بذكر المنافقين فقال : {الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس} : أي مراءاة الناس ﴿ولا يؤمنون﴾ أي ولا يصدقون ﴿بالله ولا باليوم الآخر﴾ الذي فيه الثواب والعقاب ، جمع الله سبحانه في الذم والوعيد ، بين من ينفق ماله بالرياء والسمعة ، ومن لم ينفق أصلا . {ومن يكن الشيطان له قرينا} : أي صاحبا وخليلا في الدنيا ، يتبع أمره ، ويوافقه على الكفر . وقيل : يعني في القيامة ، وفي النار {فساء قرينا} : أي بئس القرين الشيطان ، لأنه يدعوه إلى المعصية المؤدية إلى النار . وقيل : بئس القرين الشيطان حيث يتلاعنان ويتباغضان في النار .
__________________
1. تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 85-86 .
{والَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ ولا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} . سبقت هذه الآية مع تفسيرها في سورة البقرة ، الآية 264 . ويتلخص المعنى بأن الذي ينفق ماله رياء ، والذي يبخل به سواء عند اللَّه ، وربما كان المرائي أسوأ حالا ، لأنه أشبه بالكافر الذي لا يعمل للَّه .
قرين الشيطان :
كل ما يزين فعل الغواية ، ويغري بالفساد والضلال فلك ان تسميه شيطانا ، خاطرا كان ، أو إنسانا ، أو أي شيء فلفظ الشيطان رمز لكل غوي مضل ، يخفي حقيقته في أثواب الصالحين ، ومن أجل هذا نرى كثيرا من الناس يقولون ويفعلون بوحي من الشيطان وغوايته ، وهم يحسبون انه وحي من اللَّه وهدايته . .
وأقرب المقربين لدى الشيطان من وثق الناس بقداسته ، ولم يعرفوا شيئا عن حقيقته ، وهذا هو المقصود بقوله تعالى : { ومَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً } .
وبقوله : {ومَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً - 120 النساء} .
وكما ان الشيطان قرين له في الدنيا فهو قرين له في الآخرة أيضا ، فقد جاء في الحديث : الإنسان مع من أحب . وقال الإمام علي (عليه السلام) : « فكيف إذا كان بين طابقين من نار : ضجيع حجر ، وقرين شيطان » .
والشيطان يقسّم أتباعه إلى أقسام ، ويوكل إلى كل مهمة تناسبه ، تماما كقائد الجيش ، فمنهم من يغريه بإراقة الدماء ، والتعدي على الشعوب الآمنة ، كالدول التي أوجدت إسرائيل ، وأمدتها بالمال والسلاح للاعتداء على العرب وبلاد العرب ، لا لشيء إلا لتخضعهم للاستعمار سياسيا واقتصاديا . وقسم يغريهم بالفسق والفجور والتهتك والتبرج . وقسم يأمرهم بالصلاة والصيام ، وارتداء ثوب الصالحين والزاهدين ، ليصطاد بهم البسطاء والأبرياء .
وإذا استعصى عليه المتقون ، وأعيته فيهم الحيل رضي منهم ولو بكلمة حق يقولونها تلبية لطلبه ، روي ان إبليس قال لعيسى ابن مريم (عليه السلام) : قل : لا إله إلا اللَّه . قال له عيسى : أقولها ، لا لقولك ، بل لأنها حق . فرجع اللعين خاسئا . . وترمز هذه الحكاية إلى ان الإيمان لا يكون بالتهليل والتكبير ، ولا بالصيام والصلاة ، فإن هذه قد تكون من مصائد الشيطان ومكائده ، وإنما الإيمان الحق يقاس بالعلم باللَّه وأحكامه ، ومعرفة مداخل الشيطان التي تفسد على المؤمن إخلاصه وأعماله .
_____________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 324-325 .
قوله تعالى : { وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ } ، إلخ أي لمراءاتهم ، وفي الآية دلالة على أن الرئاء في الإنفاق ـ أو هو مطلقا ـ شرك بالله كاشف عن عدم الإيمان به لاعتماد المرائي على نفوس الناس واستحسانهم فعله ، وشرك من جهة العمل لأن المرائي لا يريد بعمله ثواب الآخرة ، وإنما يريد ما يرجوه من نتائج إنفاقه في الدنيا ، وعلى أن المرائي قرين الشيطان وساء قرينا .
_______________________
1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 301 .
إن الله سبحانه يذكر صفة أخرى من صفات المتكبرين إذ يقول : {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إنّهم ينفقون أموالهم لا في سبيل الله وكسب رضاه ، بل مراءاة الناس لكسب السمعة وجلب الشهرة والجاه ، وبالتالي ليس هدفهم من الإنفاق هو خدمة الناس وكسب رضا الله سبحانه ، ولهذا فإنّهم لا يتقيدون في من ينفقون عليه بملاك الاستحقاق ، بل يفكرون دائما في أنّه كيف يمكنهم أن يستفيدوا من إنفاقاتهم ويحققوا ما يطمحون إليه من أغراض شخصية ، وأهداف خاصّة ، كتقوية نفوذهم وتكريس موقعهم في المجتمع مثلا ، لأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ، ولهذا السبب يفتقر إنفاقهم إلى الدافع المعنوي الذي ينبغي توفره في الإنفاق ، بل دافعهم هو الوصول إلى الشّهرة والشّخصية الكاذبة المزيفة من هذا السبيل ، وهذا هو أيضا من آثار التكبر ونتائج الأنانية .
إنّ هؤلاء اختاروا الشّيطان رفيقا وقرينا لهم : {مَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً} إنّه لن يكون له مصير أفضل من مصير الشّيطان ، لأنّ منطقهم هو منطق الشيطان ، وسلوكهم سلوكه سواء بسواء ، إنّه هو الذي يقول لهم : إنّ الإنفاق بإخلاص يوجب الفقر {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} [البقرة : 268] ولهذا فإمّا أن يبخلوا ويمتنعوا عن الإنفاق والبذل (كما أشير إلى هذا في الآية السابقة) أو أنّهم ينفقون إذا ضمن هذا الإنفاق مصالحهم الشخصية وعاد عليهم بفوائد شخصية (كما أشير إلى ذلك في الآية الحاضرة).
من هذه الآية يستفاد مدى ما للقرين السيء من الأثر في مصير الإنسان ، ذلك الأثر الذي ربّما يبلغ في آخر المطاف إلى السقوط الكامل.
كما يستفاد أنّ علاقة «المتكبرين» بـ «الشيطان والأعمال الشيطانية» علاقة مستمرة ودائمة لا مؤقتة ولا مرحلية ، ذلك لأنّهم اختاروا الشيطان قرينا ورفيقا لأنفسهم .
______________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 133 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|