المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8200 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24

العهد لعلي الرضا
26-8-2017
السن The tooth
23-11-2015
reconstruction (n.)
2023-11-06
Egyptian Fraction
22-10-2019
The Genetic Code: Consequences of altering the nucleotide sequence
27-12-2021
معنى كلمة طمس
6-7-2022


ورود عام وخاص متنافيا الظاهر  
  
1472   09:28 صباحاً   التاريخ: 16-10-2016
المؤلف : عبد الله بن محمّد البشروي الخراساني
الكتاب أو المصدر : الوافية في أصول الفقه
الجزء والصفحة : ص132
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2016 1541
التاريخ: 26-8-2016 2937
التاريخ: 1-9-2016 2303
التاريخ: 9-8-2016 1377

إذا ورد عام وخاص متنافيا الظاهر ، فإما أن يكونا من الكتاب ، أو من السنة ، أو العام من الكتاب والخاص من السنة ، أو بالعكس ، فهذه أربعة أقسام.

وعلى كل تقدير : فإما أن يكونا قطعيين ، أو ظنيين ، أو العام قطعيا والخاص ظنيا ، أو بالعكس، فهذه ستة عشر قسما.

وعلى كل تقدير : فالقطعية والظنية : إما بحسب المتن فيهما ، أو بحسب السند فيهما ، أو بحسب المتن في العام وبحسب السند فيهما ، أو بحسب المتن في العامِّ وبحسب السند في الخاص ، أو بالعكس ، فهذه أربعة وستون قسما.

وعلى كل تقدير ، فالتنافي : إما بين منطوقيهما ، أو مفهوميهما ، أو منطوق العام ومفهوم الخاص ، أو بالعكس ، فهذه ماء‌تان وستة وخمسون قسما.

وعلى كل تقدير : فإما أن يكون العام والخاص مقترنين ، أو العام مقدما والخاص مؤخرا ، أو بالعكس ، أو كلاهما مجهولي التاريخ ، أو العام فقط ، أو الخاص فقط ، فهذه ألف وخمسماء‌ة وستة وثلاثون قسما.

والخاص المؤخر : إما بعد وقت العمل ، أو قبله ، فهذه ألف وسبع ماءة  وإثنان  وتسعون قسما.

وقد وقع الخلاف في كثير من هذه الاقسام ، في جواز مقاومة الخاص للعام ، وفي كونه مبنيا أو ناسخا.

وتحقيق الحق في كل واحد (١) على التفصيل ، مما يفضي إلى غاية التطويل (٢) ، فنقول : المراد بالظني : ما دل الدليل على حجيته (٣) شرعا ، كخبر العدل ، وكذا المفهوم ، المراد به ـ ههنا ـ : ما دل الدليل على اعتباره ، وسيجيء تفصيله إن شاء الله تعالى.

إذا عرفت هذا ، فاعلم أن كل خاص ، علم وروده بعد وقت العمل بالعام في الكتاب والاخبار النبوية ، فالظاهر : أنه ناسخ لحكم (٤) العام في مورد ذلك الخاص ، لقبح تأخير البيان عن وقت الحاجة من غير داع أصلا.

أللهم ، إلا أن يكون المتكلم عالما بتعذر حكم هذا العام في مورد ذلك الخاص ، فإن الظاهر حينئذ أن الخاص مبين (5) ـ كما في صورة تقديمه مطلقا ـ وهذا (6) هو الوجه في اختصاص التقسيم ـ إلى ما بعد وقت العمل ، وما قبله ـ بالخاص المتأخر في قولنا : ( والخاص المؤخر : إما بعد وقت العمل أو قبله ).

وما عدا ذلك : فالظاهر بيانية (7) الخاص للعام ، وتخصيص العام بالخاص في أي قسم كان من الاقسام المذكورة.

ومنع السيد المرتضى (8) ، والشيخ (9) ، وجماعة من أصحابنا (10) ، ومن العامة (11) : تخصيص الكتاب بخبر الواحد مطلقا (12).

وتوقف بعضهم (13) ، وإليه يميل المحقق ، بناء‌ا على عدم ثبوت حجية خبر الواحد على الاطلاق (14).

وفصل بعضهم في كل خاص ظني عارض عاما قطعيا ، فقال : إن كان العام خاص من قبل بدليل قطعي ـ متصلا كان ، كالاستثناء ، والشرط ، والغاية ، ونحوها ، أو منفصلا ـ فيجوز تخصيصه مرة اخرى بهذا الظني ، وإلا فلا (15) ، لضعف العموم في الاول ، وقوته في الثاني (16).

والاولى : التوقف في تخصيص القرآن بخبر الواحد ، للشك في وجوب اتباع ما يفهم من ظاهر القرآن على الاطلاق ، وحجية خبر الواحد على الاطلاق.

أما القرآن فلأمور : الاول : تجويزنا كون عمومات القرآن ـ حين نزولها ـ مقترنة بقرائن يظهر المقصود بها للمخاطبين في ذلك الوقت ، ومع ذلك التجويز ، فلا يعلم حجية تلك الظواهر بالنسبة إلينا.

الثاني : لزوم طرح أكثر الأخبار المروية في كتبنا الاخبارية ، مما ورد (17) في تفسير الآيات وفي الاحكام ، يظهر ذلك لمن تتبع الكتب الاربعة وغيرها ، سيما الكافي وتفسير علي بن إبراهيم وعيون أخبار الرضا ، فإن ثلثيها (18) ـ بل أربعة أخماسها ـ مما يخالف الظاهر الذي يفهم بحسب الوضع اللغوي ، كما فسر ( الشمس ) ب‍ : النبي  صلى الله عليه وآله ، و ( النهار ) ب‍ : علي بن أبي طالب  عليه السلام ، و ( الليل ) ب‍ : فلان (19) ، وفسر ( السكارى ) ب‍ : سكر النوم (20) ، وغير ذلك ، مما هو أكثر من أن يحصى (21).

الثالث : الروايات التي تدل على حصر علم القرآن في النبي  صلى الله عليه وآله ‌وسلم والائمة عليهم‌السلام : منها : ما رواه الكليني ، عن الصادق  عليه السلام : « إنما يعرف القرآن من خوطب به » (22).

ومنها : ما رواه في كتاب الروضة ، بسنده عن أبي عبد الله  عليه السلام ، في حديث طويل : «واعلموا أنه ليس من علم الله ، ولا من أمره : أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ، ولا رأي ، ولا مقاييس ، قد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء ، وجعل للقرآن ، ولتعلم القرآن ، أهلا ، لا يسع أهل علم القرآن ، الذين آتاهم الله علمه ، أن يأخذوا فيه بهوى ، ولا رأي، ولا مقاييس ، أغناهم الله تعالى عن ذلك بما آتاهم من علمه ، وخصهم به ، ووضعه عندهم ، كرامة من الله أكرمهم بها ، وهم أهل الذكر ، الذين أمر الله هذه الامة بسؤالهم » الحديث (23).

ومنها : ما رواه في الاصول ، بسنده « عن الصادق  عليه السلام ، قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وآله : من عمل بالمقاييس ، فقد هلك وأهلك ، ومن أفتى الناس بغير علم ـ وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه ـ فقد هلك وأهلك » (24) واختصاص علم ذلك في الائمة عليهم‌السلام ، ظاهر.

والظاهر : أن ( المحكم ) ما أريد منه ظاهره ، و ( المتشابه ) ما اريد منه غير ظاهره ـ لا ما ذكروه في كتب الاصول (25) من : أن ( المحكم ) ما له ظاهر ، و ( المتشابه ) ما لا ظاهر له، كالمشترك ـ لقوله تعالى : {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ...} [آل عمران: 7]الآية  ، إذ اتباع المتشابه بالمعنى الذي ذكروه ، غير معقول.

ومنها : ما رواه بسنده عن أمير المؤمنين  عليه السلام ـ في حديث طويل ، يدعي فيه اختصاص العلم بالأحكام به ـ : « فما نزلت على رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم آية من القرآن إلا أقرأنيها ، وأملاها علي ، فكتبتها بخطي ، وعلمني تأويلها، وتفسيرها ، وناسخها ، ومنسوخها ، ومحكمها ، ومتشابهها ، وخاصها ، وعامها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها ، وحفظها ... » الحديث (26).

ومنها : ما رواه بسنده (27) عن بريد بن معاوية (28) ، عن أحدهما  عليهما السلام ، في قوله تعالى : {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } [آل عمران: 7] فرسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الراسخين في العلم ، قد علمه الله عز وجل جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله.

والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم ، فأجابهم الله تعالى بقوله : {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7] والقرآن خاص وعام ، ومحكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، فالراسخون في العلم يعلمونه » (29).

ومنها : ما رواه « عن سلمة بن محرز ، قال : سمعت أبا جعفر  عليه السلام يقول : إن من علم ما أوتينا : تفسير القرآن وأحكامه ، وعلم تغيير الزمان وحدثانه ...» الحديث(30).

ومنها : ما رواه ، عن الصادق  عليه السلام ـ في حديث طويل ـ : « أما إنه شر عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعون منا ... » الحديث (31).

ومنها : ما رواه في تفسير : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [القدر: 1] عن أبي جعفر  عليه السلام ، قال : فكذلك لم يمت محمد إلا وله بعيث ونذير ، قال : فإن قلت : لا ، فقد ضيع رسول الله ـ   صلى الله عليه وآله وسلم من في أصلاب الرجال من امته ، قال : وما يكفيهم القرآن؟ قال : بلى ، إن وجدوا له مفسرا ، قال : وما فسره رسول الله  صلى الله عليه وآله ؟ قال : بلى ، قد فسره لرجل واحد ، وفسر للامة شأن ذلك الرجل ، وهو علي بن أبي طالب ... » الحديث (32).

ومنها : ما رواه الشيخ ، بسنده عن علي  عليه السلام قال : « يا أيها الناس اتقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون ، فإن رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم قد قال قولا آل منه إلى غيره ، وقد قال قولا من وضعه [ في ] (33) غير موضعه كذب عليه.

فقام عبيدة ، وعلقمة ، والاسود ، واناس منهم ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، فما نصنع بما قد خبرنا به في المصحف؟ قال : يسأل عن ذلك علماء آل محمد عليهم‌السلام » (34).

ومنها : ما ورد (35) أن تفسير القرآن بالرأي غير جائز ، حتى قال الطبرسي في مجمعه : «واعلم أن الخبر قد صح عن النبي   صلى الله عليه وآله وسلم، وعن الائمة القائمين مقامه عليهم‌السلام : أن تفسير القرآن ، لا يجوز إلا بالأثر الصحيح ، والنص الصريح ، وروت العامة أيضا عن النبي  صلى الله عليه وآله ‌وسلم، أنه قال : « من فسر القرآن برأيه ، فأصاب الحق، فقد أخطأ » قالوا : وكره جماعة من التابعين القول في القرآن بالرأي ، كسعيد بن المسيب ، وعبيدة السلماني ، ونافع ، وسالم بن  عبد الله ، وغيرهم » (36) انتهى كلامه.

وأما الشك في حجية خبر الواحد على الاطلاق :

فلان (37) عمدة أدلة حجيته : الاجماع ، والاجماع فيما نحن فيه غير متحقق ، لما عرفت من الاختلاف.

ولورود الروايات بطرح (38) ما خالف القرآن : كرواية السكوني : « عن أبي  عبد الله  عليه السلام ، قال : قال رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم: إن على كل حق حقيقة ، وعلى كل صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه » (39).

ورواية  عبد الله بن أبي يعفور : « قال : سألت أبا  عبد الله  عليه السلام عن اختلاف الحديث ، يرويه من نثق به ، ومنهم من لا نثق به؟ قال إذا ورد عليكم حديث ، فوجدتم له شاهدا من كتاب الله  عز وجل ، أو من قول رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا فالذي جاء‌كم به أولى به» (40).

وصحيحة أيوب بن الحرّ : « قال : سمعت أبا عبد الله  عليه السلام يقول : كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة ، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف » (41).

وصحيحة هشام بن الحكم ، وغيره : « عن أبي  عبد الله  عليه السلام ، قال خطب النبي   صلى الله عليه وآله وسلم بمنى ، فقال : أيها الناس ، ما جاء‌كم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته ، وما جاء‌كم يخالف كتاب الله فلم أقله » (42).

ومؤثقة أيوب بن راشد : « عن أبي  عبد الله  عليه السلام ، قال : ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف » (43).

ويمكن الجمع : بحمل هذه الأخبار على الأخبار النبوية (44) التي روتها (45) العامة.

أو حمل المخالفة على ما إذا كان مضمون الخبر مبطلا لحكم القرآن بالكلية ، والتخصيص بيان لا مخالفة (46).

أو المراد بطلان الخبر المخالف للقرآن ، إذا علم تفسير القرآن بالاثر الصحيح ، إذ لا شك في بطلان المخصص إذا كان إرادة العموم من القرآن معلوما بالنص الصريح ، والمخالفة بدون ذلك غير معلومة لما عرفت.

وإن كان تأويل الأخبار الاولى ايضا ممكنا ، بأن العلم بكل القرآن منحصر في الائمة  عليه السلام لكن الظاهر : أنه خلاف ما اعتقده علماؤنا الاولون ، قال ابن بابويه ـ في كتاب معاني الأخبار في باب معنى العصمة ـ : « قال أبو جعفر مصنف هذا الكتاب : الدليل على عصمة الامام : [ أنه ] لما كان كل كلام ينقل عن قائله ، يحتمل وجوها من التأويل ، و[ كان ] أكثر القرآن والسنة مما أجمعت (47) الفرق على أنه صحيح ، لم يغير ، ولم يبدل ، ولم يزد [ فيه ] ، ولم ينقص [ منه ] ، محتملا لوجوه كثيرة من التأويل ـ وجب أن يكون مع ذلك مخبر صادق معصوم من تعمد الكذب والغلط ، ينبئ عما عنى الله ورسوله في الكتاب والسنة على حق ذلك وصدقه ، لان الخلق مختلفون في التأويل ، كل فرقة تميل مع (48) القرآن والسنة إلى مذهبها، فلو كان الله تبارك وتعالى تركهم بهذه الصفة من غير مخبر عن كتابه صادق [ فيه ] ، لكان قد سوغهم الاختلاف في الدين ، ودعاهم اليه ، إذ أنزل كتابا يحتمل التآويل ، وأمرهم بالعمل بها ، فكأنه قال : تأولوا واعملوا ، وفي ذلك إباحة العمل بالمتناقضات ، ولما استحال ذلك على الله ، وجب أن يكون مع القرآن والسنة في كل عصر ـ من يبين عن (49) المعاني التي عناها الله بكلامه ، دون ما تحتمله ألفاظ القرآن من التأويل ، ويبين عن (50) المعاني التي عناها رسول الله  صلى الله عليه وآله في سنته (51) وأخباره ، دون التأويلات التي تحتملها ألفاظ الأخبار المروية عنه  صلى الله عليه وآله » (52).

وروى الكليني في الصحيح : « عن منصور بن حازم ، قال : قلت لأبي  عبد الله  عليه السلام : إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه ، بل الخلق يعرفون بالله ، قال : صدقت. قلت : إن من عرف أن له ربا ، فقد ينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضا وسخطا ، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول ، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي له أن يطلب الرسل ، فإذا لقيهم عرف أنهم الحجة ، وأن لهم الطاعة المفترضة وقلت للناس أليس تعلمون أن رسول الله  صلى الله عليه وآله كان هو الحجة من الله على خلقه؟ قالوا : بلى. قلت : فحين مضى رسول الله  صلى الله عليه وآله ‌وسلم من كان الحجة فقالوا : القرآن ، فنظرت في القرآن ، فإذا هو يخاصم به المرجي ، والقدري ، والزنديق الذي لا يؤمن به ، حتى يغلب الرجال بخصومته ، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ، فما قال فيه من شيء كان حقا ، فقلت لهم : من قيم القرآن؟ فقالوا : ابن مسعود قد كان يعلم ، وعمر يعلم ، وحذيفة يعلم ، قلت : كله؟ قالوا : لا. فلم أجد أحدا يقال إنه يعرف ذلك كله إلا عليا  عليه السلام ، وإذا كان الشيء بين القوم ، فقال هذا : لا أدري ، وقال هذا : لا أدري ، وقال هذا : لا أدري ، وقال هذا : أنا أدري ، فأشهد أن عليا عليه السلام كان قيم القرآن وكانت طاعته مفترضة ، وكان الحجة على الناس بعد رسول الله   صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ما قال في القرآن فهو حق. فقال : رحمك الله » (53).

وأيضا : فإن الظن الحاصل بعموم الالفاظ المعدودة في ألفاظ العموم ، مما يشكل طرح خبر الواحد به.

ويضعف ظن عمومها كثرة الاختلاف الواقع فيها ، حيث ذهب بعضهم إلى أنه لم يوضع للعموم لفظ أصلا (54) وذهب بعضهم إلى اشتراكها لفظا ، وبعضهم معنى ، وتوقف بعضهم (55) ، كما مر.

وحينئذ ، فطرح خبر الواحد (56) الذي يجب العمل به لولا المخالفة ، بمجرد ظن ضعيف حاصل من الاعتبارات والاستقراء‌ات الناقصة ، في غاية الجرأة.

واحتج من ذهب إلى عدم تخصيص القرآن بخبر الواحد : [ أ ] بأن القرآن قطعي ، وخبر الواحد ظني ، والظني لا يعارض القطعي (57).

ويرد عليه :

أولا : أن التخصيص إنما هو في الدلالة ، وقطعية المتن غير مجد ، والدلالة ظنية ، كما مر (58).

وثانيا : بمنع ظنية خبر الواحد ، بل هو أيضا قطعي من جهة الدلالة.

وثالثا : بمنع أن الظني لا يعارض القطعي ، إذا كان الدليل الدال على حجية ذلك الظنى قطعيا.

[ ب ] وباستلزام امتناع النسخ بخبر الواحد امتناع التخصيص به ، للاشتراك في مطلق التخصيص (59).

والجواب : منع علية المطلق للجواز ، بل هي التخصيص الخاص الافرادي ، لا الازماني (60) ، والسر : أن الاول مبين ، لا الثاني.

واحتج الذاهب إلى تقديم الخبر : بأن فيه جمعا بين الدليلين ، بخلاف العمل بالعام فإنه يوجب إلغاء (61) الخاص بالمرة (٦2).

والجواب :

أولا : منع حجية الخبر حينئذ.

وثانيا : بمنع وجوب الجمع بين الدليلين ، أو أولويته ، إذا كان الجمع مخرجا للدليل القطعي عن معناه الحقيقي.

______________

١ ـ في أ و ب : في كل واحد واحد.

٢ ـ انظر تفصيل بعض هذه الابحاث في : الذريعة : ١ / ٣١٥ ـ ٣٢٣ ، عدة الاصول : ١ / ١٥٣ ، المستصفى : ٢ / ١٣٧ ـ ١٥٢ ، المحصول : ١ / ٤٤٠ ـ ٤٤٧ ، معارج الاصول : ٩٨ ـ ٩٩ ، نهاية الوصول ورقة ١٠٩ / ب ـ ١١١ ب ( مصورة ) ، تهذيب الوصول : ٤٥ ـ ٤٦ ، معالم الدين : ١٤٢ ـ ١٤٧.

٣ ـ في أ : حجته.

٤ ـ في ط : بحكم.

5 ـ في أ : بين.

6 ـ كلمة ( هذا ) : زيادة من ط.

7 ـ في أ : مباينة.

8 ـ الذريعة : ١ / ٢٨١ ، حيث قال : « على أنا لو سلمنا ان العمل بها لا على وجه التخصيص واجب قد ورد الشرع به ، لم يكن في ذلك دلالة على جواز التخصيص بها ».

9 ـ عدة الاصول : ١ / ١٣٥.

10 ـ فهو مذهب كل من منع حجية خبر الواحد. وقد تقدم من المصنف التنصيص عليهم في ص ١٥٨.

11 ـ وهو قول المعتزلة. كما في المنخول : ١٧٤ ، وجماعة من المتكلمين كما في : معارج الاصول : ٩٦.

12 ـ وأكثر العامة على جوازه « فالمنقول عن الائمة الاربعة الجواز مطلقا ، واختاره الامام ـ أي الغزالي ـ واتباعه ، منهم البيضاوي وبه قال امام الحرمين وطوائف وبته الآمدي » ، كما في الابهاج : ٢ / ١٧١ وبذلك صرح الغزالي في ص ١٧٤ من المنخول ، واليه أيضا ذهب الفخر الرازي : المحصول : ١ / ٤٣٢ ، وابن الحاجب : المنتهى : ١٣١ ، واختار الجواز منا العلامة الحلّي مصرحا بوقوعه : تهذيب الوصول : ٤٤ ـ ٤٥ ، والمحقق الشيخ حسن : معالم الدين : ١٤٠.

13 ـ وهو القاضي أبوبكر الباقلاني ، كما في : المنخول : ١٧٤ ، والمنتهى : ١٣١.

١4 ـ معارج الاصول : ٩٦.

15 ـ وهو قول عيسى بن أبان. كما في : المحصول : ١ / ٤٣٢ ، والمنتهى : ١٣١.

16 ـ وقال الكرخي : ان كان قد خص بدليل منفصل صار مجازا ، فيجوز ذلك : وان خص بدليل متصل أو لم يخص أصلا لم يجز. كذا ذكر في المحصول : ١ / ٤٣٢.

17 ـ في ط : مما يورد.

18 ـ في أ : ثلثها.

19 ـ انظر الأحاديث بذلك في : الكافي ٨ / ٥٠ ح ١٢ ، وتفسير فرات بن ابراهيم الكوفي : ٢١٢ ـ ٢١٣ ، وتأويل الآيات الظاهرة : ٧٧٧.

20 ـ الكافي : ٣ / ٢٩٩ ح ١ ، وفي ص ٣٧١ ح ١٥ ، التهذيب : ٣ / ٢٥٨ ح ٧٢٢.

21 ـ في أ و ط : من أن يعد ويحصى.

22 ـ الكافي : ٨ / ٣١٢ ح ٤٨٥ كذا ورد الحديث في الكافي ، ولكن في نسخ كتابنا هذا : «إنما يعلم القرآن إلى آخره ».

23 ـ الكافي : ٨ / ٥ ـ ٦.

24 ـ الكافي : ١ / ٤٣ ـ باب النهي عن القول بغير علم / ح ٩.

25 ـ المستصفى : ١ / ١٠٦ ، المنتهى : ٤٧.

26 ـ الكافي : ١ / ٦٤ باب اختلاف الحديث / ح ١ ، ورواه الصدوق أيضا في إكمال الدين واتمام النعمة : ٢٨٤ ـ ٢٨٥.

27 ـ في ط : باسناده.

28 ـ كذا في المصدر ( الكافي ). وفي النسخ : عن معاوية بن عمار. بدل : بريد بن معاوية.

29 ـ الكافي : ١ / ٢١٣ ـ كتاب الحجة / باب الراسخين في العلم هم الائمة (ع) / ح ٢.

30 ـ الكافي : ١ / ٢٢٩ ـ كتاب الحجة / باب انه لم يجمع القرآن كله إلا الائمة (ع) / ح ٣.

31 ـ الكافي : ٢ / ٤٠٢ ـ كتاب الايمان والكفر / باب الضلال / ذيل الحديث الاول.

32 ـ الكافي : ١ / ٢٥٠ ـ كتاب الحجة / باب في شأن « انا انزلناه في ليلة القدر » / ح ٦.

33 ـ كلمة ( في ) : وردت في كل النسخ ، إلا أن المصدر خال منها.

34 ـ التهذيب : ٦ / ٢٩٥ ح ٨٢٣.

35 ـ في أ : رواه.

36 ـ مجمع البيان : ١ / ١٣ ـ الفن الثالث.

37 ـ في ط : فإن.

38 ـ في ط : بترك.

39 ـ الكافي : ١ / ٦٩ ـ كتاب فضل العلم / باب الاخذ بالسنة وشواهد الكتاب / ح ١.

40 ـ الكافي : ١ / ٦٩ ح ٢.

41 ـ الكافي : ١ / ٦٩ ح ٣.

42 ـ الكافي : ١ / ٦٩ ح ٥.

43 ـ الكافي : ١ / ٦٩ ح ٤.

44 ـ كذا في أ و ط ، وفي الاصل و ب : على النبوية.

45 ـ في ب : دونها.

46 ـ في ط : لا مخالف للقرآن.

47 ـ كذا في أ و ب والمصدر ، وفي الاصل و ط : اجتمعت.

48 ـ في ب و ط : معنى. بدل : مع. ولعله الاولى.

49 و 50 ـ كذا ، في المصدر. وفي النسخ : من.

51 ـ في ط : سنة. وفي المصدر : سنة.

52 ـ معاني الأخبار : ١٣٣ ـ ١٣٤. وما وضعناه من هذا النص بين معقوفين فهو اضافة من المصدر لم ترد في متن كتابنا هذا.

53 ـ الكافي ١ / ١٦٨ ـ ١٦٩ ـ كتاب الحجة / باب الاضطرار إلى الحجة / ح ٢ ، وأورده أيضا في / باب فرض طاعة الائمة (ع). ح ١٥ ص ١٨٨ ـ ١٨٩ باختلاف يسير.

54 ـ انظر ادلتهم ومناقشتها في : المستصفى : ٢ / ٤٥.

55 ـ المستصفى : ٢ / ٣٦ ـ ٣٧ و ٤٦ ، المنتهى : ١٠٣.

56 ـ في أ و ب و ط : الخبر الواحد.

57 ـ عدة الاصول : ١ / ١٣٥ ، المستصفى : ٢ / ١١٥ ، المحصول : ١ / ٤٣٤ ، المنتهى : ١٣١.

58 ـ معالم الدين : ١٤١ ، وقريب منه في : معارج الاصول : ٩٦.

59 ـ المحصول : ١ / ٤٣٤.

60 ـ كذا في أ و ط ، وفي الاصل و ب : لا الزماني.

61 ـ في أ : القاء.

62 ـ المحصول : ١ / ٤٣٢ ، معالم الدين : ١٤١.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.