أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-2-2019
2117
التاريخ: 25-4-2020
3694
التاريخ: 28/12/2022
1383
التاريخ: 11-10-2016
2034
|
القوى في الإنسان أربع : قوة نظرية عقلية ، و قوة وهمية خيالية ، و قوة سبعية غضبية ، و قوة بهيمية شهوية - فاعلم أنه بإزاء كل واحدة منها لذة و ألم ، لأن اللذة إدراك الملائم ، و الألم إدراك غير الملائم ، فلكل من الغرائز المدركة لذة هو نيله مقتضى طبعه الذي خلق لأجله ، و ألم هو إدراكه خلاف مقتضى طبعه : (فغريزة العقل) لمّا خلقت لمعرفة حقائق الأمور، فلذتها في المعرفة و العلم ، و ألمها في الجهل ، و (غريزة الغضب) لمّا خلقت للتشفي و الانتقام فلذتها في الغلبة التي يقتضيها طبعها و ألمها في عدمها ، و (غريزة الشهوة) لمّا خلقت لتحصيل الغذاء الذي به قوام البدن ، فلذتها في نيل الغذاء ، و ألمها في عدم نيله ، و هكذا في غيرها ، فاللذات و الآلام أيضا على أربعة أقسام : العقلية و الخالية و الغضبية و البهيمية.
فاللذة العقلية كالانبساط الحاصل من معرفة الأشياء الكلية و إدراك الذوات المجردة النورية ، و الألم العقلي كالانقباض الحاصل من الجهل ، و اللذة الخيالية كالفرح الحاصل من إدراك الصور و المعاني الجزئية الملائمة ، و الألم الخيالي كإدراك غير الملائمة منها.
و اللذة المتعلقة بالقوة الغضبية كالانبساط الحاصل من الغلبة و نيل المناصب و الرئاسات ، و الألم المتعلق بها كالانقباض الحاصل من المغلوبية و العزل و المرء وسية.
و اللذة البهيمية هي المدركة من الأكل و الجماع و أمثالهما ، و الألم البهيمي ما يدرك من الجوع و العطش و الحر و البرد و أشباهها.
و هذه اللذات و الآلام تصل إلى النفس و هي الملتذة و المتألمة حقيقة إلا أن كلا منها يصل إليها بواسطة القوة التي تتعلق بها , و الفرق بين الكل ظاهر.
و ربما يشتبه بين ما يتعلق بالوهم و الخيال و ما يتعلق بالقوة الغضبية من حيث اشتراكهما في الترتب على التخيل.
و يدفع الاشتباه بأن ما يتعلق بالغضبية و إن توقف على التخيل إلا أن المتأثر بالالتذاذ و التألم بعد التخيل هو الغضبية و بواسطتها تتأثر النفس ، ففي هذا النوع من اللذة و الألم تتأثر الغضبية ثم تتأثر النفس.
و أما ما يتعلق بالوهم و الخيال فالمتأثر بالالتذاذ و التألم هاتان القوتان و يصل التأثر منهما إلى النفس من دون توسط القوة الغضبية.
و مما يوضح الفرق أن الالتذاذ و التألم الخياليين لا يتوقفان على وجود غلبة و مغلوبية مثلا في الخارج ، و أما الغضبيان فيتوقفان عليهما.
ثم أقوى اللذات هي العقلية لكونها فعلية ذاتية غير زائلة باختلاف الأحوال ، و غيرها من اللذات الحسية انفعالية عرضية منفعلة زائلة ، و هي في مبدإ الحال مرغوبة عند الطبيعة ، و تتزايد بتزايد القوة الحيوانية ، و تتضعف بضعفها إلى أن تنتفى بالمرة ، و يظهر قبحها عند العقل ، و أما العقلية فهي في البداية منتفية ، لأن إدراكها لا يحصل إلا للنفوس الزكية المتحلية بالأخلاق المرضية ، و بعد حصولها يظهر حسنها و شرفها ، و تتزايد بتزايد القوة العقلية إلى أن ينتهي إلى أقصى المراتب ، و لا يكون نقص و لا زوال.
و العجب ممن ظن انحصار اللذة في الحسية و جعلها غاية كمال الإنسان و سعادته القصوى.
و المتشرعون منهم قصّروا اللذات الآخرة على الجنة و الحور و الغلمان و أمثالها ، و آلامها على النار و العقارب و الحيات و أشباهها ، و جعلوا الوصول إلى الأولى و الخلاص عن الثانية غاية في زهدهم و عبادتهم و كأنهم لم يعلموا أن هذه عبادة الأجراء و العبيد تركوا قليل المشتهيات ليصلوا إلى كثيرها.
و ليت شعري أن ذلك كيف يدل على الكمال الحقيقي و القرب من اللّه سبحانه ! و لا أدري أن الباكي خوفا من النار و شوقا إلى اللذات الجسمية المطلوبة للنفس البهيمية كيف يعدّ من أهل التقرب إلى اللّه سبحانه و يستحق التعظيم و يوصف بعلو الرتبة! و كأنهم لم يدركوا الابتهاجات الروحانية ، و لا لذة المعرفة باللّه و حبّه و أنسه و لم يسمعوا قول سيد الموحدين (صلى اللّه عليه و آله) «إلهي ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنتك و لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك».
و بالجملة لا ريب في أن الإنسان في اللذة الجسمية يشارك الخنافس و الديدان و الهمج من الحيوان ، و إنما يشابه الملائكة في البصيرة الباطنة و الأخلاق الفاضلة ، و كيف يرتضي العاقل أن يجعل النفس الناطقة الشريفة خادمة للنفس البهيمية الحسيسة.
و العجب من هؤلاء الجماعة مع هذا الاعتقاد يعظمون من يتنزه عن الشهوات الحيوانية و يستهين باللذات الحسية و يتخضعون له و يعدون أنفسهم أشقياء بالنسبة إليه ، و يذعنون أنه أقرب الناس إلى اللّه سبحانه و أعلى رتبة منهم بتنزهه عن الشهوات الطبيعية ، و قد اتفق كلهم على تنزه مبدع الكل و تعاليه عنها مستدلين بلزوم النقص فيه لولاه ، و كل ذلك يناقض رأيهم الأول.
والسر فيه أنهم و إن ذهبوا إلى هذا الرأي الفاسد إلا أنه لما كانت غريزة العقل فيهم بعد موجودة و إن كانت ضعيفة ، فيرى ما هو كمال حقيقي لجوهرها كمالا ، و يحكم بنورانيتها الذاتية على كون ما هو فضيلة في الواقع فضيلة ، و ما هو رذيلة في نفس الأمر رذيلة فيضطرهم إلى إكرام أهل التنزه عن الشهوات ، و الاستهانة بالمكبين عليها.
و مما يدل على قبح اللذات الحيوانية أن أهلها يكتمونها و يخفون ارتكابها و يستحيون عن إظهارها ، و إذا وصفوا بذلك تتغير وجوههم ، كما هو ظاهر من وصف الرجل بكثرة الأكل و الجماع ، مع أن الجميل على الإطلاق يحسن إذاعته ، و صاحبه يجب أن يظهره و يوصف به هذا مع أن البديهة حاكمة بأن هذه اللذات ليست لذات حقيقية ، بل هي دفع آلام حادثة للبدن فإن ما يتخيل لذة عند الأكل و الجماع إنما هو راحة من ألم الجوع و لذع المني و لذا لا يلتذ الشبعان من الأكل ، و معلوم أن الراحة من الألم ليس كمالا و خيرا ، إذ الكمال الحقيقي و الخير المطلق ما يكون كمالا و خيرا أبدا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|