أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-8-2020
1789
التاريخ: 25-2-2019
2094
التاريخ: 28-3-2020
2324
التاريخ: 21-5-2019
1890
|
أن بعض من غلبت البطالة عليه استثقل المجاهدة و الرياضة و الاشتغال بتزكية النفس و تهذيب الاخلاق و لم تسمح نفسه بأن يكون ذلك لقصوره و نقصه ، فزعم أنّ الأخلاق لا يمكن تغييرها و أنّ الطباع لا يتغير، و استدلّ عليه بأمرين :
أحدهما أنّ الخلق هو صورة الباطن كما أن الخلق هو الصورة الظاهرة ، فكما أنّ الخلقة الظاهرة لا يقدر على تغييرها فكذا الخلق الباطن.
و الثاني أن حسن الخلق إنما يحصل بقمع الغضب و الشهوة و حبّ الدنيا و غيرها و هذا أمر ممتنع و الاشتغال به تضييع زمان بغير فائدة، فان المطلوب هو قطع التفات القلب إلى حظور العاجلة و هو محال.
فنقول : لو كانت الاخلاق لا تقبل التغيير لبطلت الوصايا و المواعظ و التأديبات و لما قال اللّه تعالى : {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس : 9، 10] , و لما قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): «حسنوا أخلاقكم»(1) , و كيف يتكر هذا في حق الآدمي و تغيير خلق البهيمة ممكن، إذ ينقل الظبية من التوحش إلى الانس و الكلب من شره الأكل من الصّيد إلى التأدب و الامساك ، و الفرس من الجماح الى السلاسة و الانقياد ، و كل ذلك تغيير الأخلاق.
و القول الكاشف للغطاء عن ذلك أن نقول : إن الموجودات منقسمة إلى ما لا مدخل للادمي و اختياره في أصله و تفصيله كالسماء و الكواكب بل أعضاء البدن داخلا و خارجا و بالجملة كل ما هو حاصل كامل وقع الفراغ من وجوده و كماله.
و إلى ما وجد وجودا ناقصا و جعل فيه قوة الكمال بعد أن وجد شرطه ، و شرطه قد يرتبط باختيار العبد فان النواة ليست بتفاح و لا نخل إلا أنها خلقت خلقة يمكن أن تصير نخلا إن انضاف إليها التربية و لا تصير تفاحا أصلا و لا بالتربية فاذا صارت النواة متأثرة بالاختيار حتّى تقبل بعض الأحوال دون بعض فكذلك الغضب و الشهوة لو أردنا قمعهما و قهرهما بالكلية حتّى لا يبقى لهما أثر لم نقدر عليه أصلا و لو اردنا سلاستهما و قودهما بالرياضة و المجاهدة قدرنا عليه و قد امرنا بذلك و صار ذلك سبب نجاتنا و وصولنا إلى اللّه و ليس المطلوب إلا ذلك دون القمع بالكلية.
و هيهات فان الشهوة خلقت لفائدة و هي ضرورية في الجبلة و لو انقطع شهوة الطعام لهلك الانسان ، و لو انقطع شهوة الوقاع لانقطع النسل ، و لو انعدم الغضب بالكلية لم يدفع الانسان عن نفسه ما يهلكه ، و مهما بقي أصل الشهوة فيبقى لا محالة حبّ المال الذي يوصل إلى الشهوة حتّى يحمل ذلك على امساك المال و ليس المطلوب إماطة ذلك بالكلية بل المطلوب ردّها إلى الاعتدال الذي هو وسط بين الافراط و التفريط.
فالمطلوب في صفة الغضب حسن الحمية و ذلك بان يخلو عن التّهور و عن الجبن جميعا و بالجملة أن يكون في نفسه قويا و مع قوته منقادا للعقل ، و لو بطل الغضب لامتنع جهاد الكفار و كيف يقصد قلع الغضب و الشهوة بالكلية و الأنبياء (عليهم السلام) لم ينفكوا عن ذلك قال سيّدهم (صلى الله عليه واله): «إنّما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر»(2) , و كان يتكلم بين يديه بما يكرهه فيغضب حتّى يحمر و جنتاه و لكن لا يقول إلا حقا فكان الغضب لا يخرجه عن الحق قال اللّه تعالى : {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ } [آل عمران : 134] , و لم يقل و الفاقدين الغيظ.
و ربّما تستولي الشهوة على الانسان بحيث لا يقوي عقله على دفعها عن الانبساط الى الفواحش و بالرياضة تعود إلى الاعتدال فدلّ على أن ذلك ممكن و التجربة و المشاهدة تدل على ذلك دلالة لا شك فيها.
__________________
(1) احياء علوم الدين : ج 3 , ص 54.
(2) احياء علوم الدين : ج 3 , ص 55.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|