أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2016
20002
التاريخ: 8-12-2015
17433
التاريخ: 2024-11-18
114
التاريخ: 24-09-2014
15199
|
تسأل : إذا كان الخبيث مغضوبا عليه عند اللَّه ، والطيب مرضيا لديه تعالى ، فلما ذا ينجح الخبيث في هذه الحياة ، وينعم بالجاه والثراء ، ويرسب الطيب ، ولا يكاد يتحقق له مطلب ، حتى قال من قال : « هذا الذي ترك الأوهام حائرة » ؟
الجواب : إن للحياة سننا وقوانين نجري عليها ، ولا تتخطاها بحال ، لأن تصور الفوضى في الكون يرفضه الحس والمشاهدة . . وهذه السنن والقوانين من صنع اللَّه تعالى ، لأنه هو خالق الطبيعة وما فيها . وبديهة ان قوانين الطبيعة تأبى أن تمطر السماء مالا وصحة وعلما ، وإنما تأتي هذه وأمثالها من طرقها وأسبابها الطبيعية . . فالعلم من التعلم ، والصحة من الغذاء والوقاية ، والمال من العمل ، فمن تعلم علم ، ومن اتقى أسباب الداء سلم ، ومن انتحر مات ، ومن زرع حصد ، سواء أ كان طيبا أم خبيثا ، مؤمنا أم كافرا ، فالطيبة أو الايمان لا ينبت قمحا ، ولا يشفي داء ، ولا يجعل الجاهل عالما . . كل هذه وما أشبه تجري على سنن الطبيعة ، وسنن الطبيعة تجري على مشيئة اللَّه ، ما في ذلك ريب ، لأنه هو الذي جعل التعلم سببا للعلم ، والوقاية سببا من أسباب الصحة ، والزراعة سببا للحصاد . . انه خالق كل شيء ، واليه ينتهي كل شيء .
أجل ، ان لكسب المال سبلا وأبوابا كثيرة ، وقد أحل اللَّه بعضا ، وحرم بعضا ، أحل اللَّه سبحانه التجارة والزراعة والصناعة ، وحرّم الربا والغش والرشوة والسلب والنهب والاحتكار والاتجار بالمبادئ فمن يكسب المال من حله ينسب كسبه إليه ، لأنه قد جد واجتهد في طلبه ، وأيضا ينسب إلى اللَّه ، لأنه هو الذي أوجد هذه الأسباب ، وأباحها لكل راغب طيبا كان أو خبيثا ، أما من يكسب المال من غير حله كالربا والسلب فان كسبه ينسب إلى كاسبه ، وإلى الأوضاع التي مهدت له ، ولا ينسب إلى اللَّه ، لأنه تعالى قد حرّم هذه السبل على الطيب والخبيث .
وتقول : هذا صحيح ، ولكنه لا يجيب عن السؤال ، ولا يحل المشكلة . .
فلقد رأينا كلا من الطيب والخبيث يسلك الطريق المشروع للرزق ، ويطلبه من السبيل الذي أحله اللَّه ، وأمر به ، ومع ذلك يتسع الرزق على الخبيث ، ويضيق على الطيب ، وربما بذل هذا من الجهد أضعاف ما بذله ذاك ، بل قد يأتي الرزق للخبيث من حيث لا يتوقعه ، ولا يؤهله له استعداده وجهاده . . ويمتنع عن الطيب من حيث يتوقعه ، ويؤهله له جهاده واستعداده .
الجواب : إن بعض الناس يلجئون في تفسير ذلك إلى الصدفة أو الحظ ، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على عجزهم عن التفسير الصحيح ، وإلا لم يلجئوا إلى ما يخبط خبط عشواء ، ويرمي عن غير قصد وتصميم .
لذلك نعفي نحن الحظ والصدفة من كل المسؤوليات والتبعات . . ونؤمن إيمانا قاطعا بأن هناك إرادة عليا قد تدخلت لأسباب نجهلها ، لأن العلم فيها وفي أمثالها لا يزال في مراحل طفولته ، وجهل العلم بها لا يعني انها غير موجودة . . والذي يؤكد إيماننا هذا قوله تعالى : {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل : 71]. وقوله : {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الرعد : 26] . وجاءت هذه الآية بنصها الحرفي أحيانا في سورة الإسراء رقم 30 . وفي القصص 82 . وفي العنكبوت 62 . وفي الروم 37 . وفي سبأ 36 و 39 . وفي الزمر 52 . وفي الشورى 12 .
ولكن ليس معنى يبسط الرزق ، ويفضل في الرزق ، انه تعالى يمطر من السماء مالا على من يشاء . . كلا ، بل يبسط الرزق من طريقه المعروف المألوف ، ويقدر أيضا عن هذا الطريق ، فيمهده ويوسعه على بعض ، ويجعله عسيرا ضيقا على البعض الآخر . . ولكن لا علاقة بين الضيق في الرزق ، وبين الخبث ومعصية اللَّه ، فلقد كان الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) يربط على بطنه حجر المجاعة ، وقال موسى : {فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص : 24]. وأيضا لا علاقة بين السعة في الرزق ، وبين الطيبة وطاعة اللَّه ، فقد نادى فرعون في قومه : { أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون ، أم - أي بل - أنا خير من هذا الذي هو مهين - يشير إلى موسى - ولا يكاد يبين ، فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب }[ الزخرف : 53].
وعلى هذا ، فمن قال أو يقول : إن اللَّه أغنى فلانا لأنه طيب فإنه يتكلم بمنطق فرعون ، ويزن بميزان الشيطان . . لقد شاءت حكمته جل ثناؤه أن يثيب على الحسنة ، ويعاقب على السيئة في الدار الباقية ، لا في هذه الدار الفانية ، إن هذه دار أعمال ، وتلك لنقاش الحساب عليها . . هذا ، إلى أن كثرة الخبيث قد تكون وبالا عليه ، وسببا لشدة عذابه وعقابه : {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر : 3] . {يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد : 12] .
والخلاصة ان الرزق يستند إلى أمرين : السعي وإرادة اللَّه معا ، فمن ترك السعي عاش كلا على الناس ، ومن سعى رزقه اللَّه من سعيه ان شاء كثيرا ، وان شاء قليلا ، وتكمن هذه الحقيقة في فطرة الإنسان ، ويمارسها تلقائيا ، ودون أن يلتفت إليها . . فالتاجر يسأل اللَّه سبحانه أن يرزقه برواج بضاعته واقبال الناس عليها ، والفلاح يسأله أن ينزل الغيث على زرعه ، ولا يسأله أن ينبت له الزرع بلا غيث ، وها أنا أدعو اللَّه لولدي بالتوفيق في دراسته والنجاح في امتحانه ، ولا أدعوه أن يلهم الجامعة لتقدم له الشهادة بلا دراسة وامتحان . .
وفي الأمثال « من سعى رعى » وربما خاب المسعى وطاش السهم . . ومع ذلك ينبغي إحكام التخطيط ، ومضاعفة الجهد ، لأن مضاعفة الجهد ، وإتقان العمل ، والصبر على المشاق سبب لمشيئة النجاح منه جل وعلا .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|