أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-9-2020
1665
التاريخ: 2024-10-30
162
التاريخ: 27-7-2022
1691
التاريخ: 22-5-2022
1332
|
اعلم أن الصغيرة قد تكبر بأسباب :
أحدها- الإصرار و المواظبة ، و لذلك قال الصادق (عليه السّلام) : «لا صغيرة مع الإصرار و لا كبيرة مع الاستغفار».
والسر فيه : أن الصغيرة لقلة تأثيرها لا تؤثر في القلب باظلامه مرة او مرتين ، و لكن إذا تكررت و تراكمت آثارها الضعيفة صارت قوية و أثرت على التدريج في القلب ، و ذلك كما أن قطرات من الماء تقع على الحجر على توال فتؤثر فيه ، و ذلك القدر من الماء لو صب عليه دفعة لم يؤثر، و لذلك قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) : «خير الأعمال أدومها ، و إن قل».
وإذا كان النافع هو الطاعة الدائمة و إن قلت ، فكذلك الضار هو السيئة الدائمة و إن قلت.
ثم معرفة الإصرار موكول إلى العرف ، قال الباقر(عليه السّلام) في قوله تعالى : {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135] , «الإصرار : أن يذنب الذنب ، فلا يستغفر و لا يحدث نفسه بتوبة ، فذلك الإصرار».
وثانيها - استصغار الذنب ، فان العبد كلما استعظمه من نفسه صغر عند اللّه ، و كلما استصغره كبر عند اللّه ، لأن استعظامه يصدر عن نفور القلب عنه و كراهته له ، و ذلك النفور يمنع من شدة تأثره به ، و استصغاره يصدر عن الألف به ، و ذلك يوجب شدة الأثر في القلب ، و القلب هو المطلوب تنويره بالطاعات و المحذور تسويده بالسيئات ، و لذلك لا يؤاخذ بما يجري عليه في الغفلة ، لعدم تأثره به.
ولذلك ورد في الخبر : «أن المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه يخاف أن يقع عليه ، و المنافق يرى ذنبه كذباب مر على أنفه فاطاره».
وقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «اتقوا المحقرات من الذنوب ، فانها لا تغفر» ، قيل : و ما المحقرات؟ , قال : الرجل يذنب الذنب ، فيقول طوبى لي لو لم يكن غير ذلك».
و روى : «انه (صلّى اللّه عليه و آله) نزل بارض قرعاء ، فقال لأصحابه : ائتونا بالحطب فقالوا : يا رسول اللّه! نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب ، قال : فليأت كل انسان بما قدر عليه.
فجاؤا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض ، فقال (صلّى اللّه عليه و آله): هكذا تجتمع الذنوب ، إياك و المحقرات من الذنوب فان لكل شيء طالبا ، ألا و إن طالبها يكتب ما قدموا و آثارهم و كل شيء أحصيناه في امام مبين».
وقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : «لا تصغر ما ينفع يوم القيامة ، و لا تصغر ما يضر يوم القيامة ، فكونوا فيما أخبركم اللّه كمن عاين».
وقال الباقر (عليه السّلام) : «اتقوا المحقرات من الذنوب فان لها طالبا ، يقول أحدكم : أذنب و استغفر اللّه.
إن اللّه تعالى يقول : {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس : 12] , و قال عز و جل : {إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 16].
و قال الصادق (عليه السّلام): «إن اللّه يحب العبد أن يطلب إليه في الجرم العظيم ، و يبغض العبد أن يستخف بالجرم اليسير».
وقال الكاظم (عليه السّلام) : «لا تستكثروا كثير الخير و لا تستقلوا قليل الذنوب ، فان قليل الذنوب يجتمع حتى يكون كثيرا ، و خافوا اللّه في السر حتى تعطوا من أنفسكم النصف» .
والسر في عظم الذنب في قلب المؤمن : كونه عالما بجلال اللّه و كبريائه ، فإذا نظر إلى عظم من عصى به رأى الصغير كبيرا ، و قد أوحى اللّه إلى بعض أنبيائه : «لا تنظر إلى قلة الهدية وانظر إلى عظم مهديها ، و لا تنظر إلى صغر الخطيئة و انظر إلى كبرياء من واجهته بها». ولذلك قال بعض الصحابة للتابعين : «إنكم تعملون اعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، و كنا نعدها على عهد رسول اللّه من الموبقات» ، إذ كانت معرفة الصحابة بجلال اللّه أتم ، فكانت الصغائر عنهم بالإضافة إلى جلال اللّه كبائر.
وثالثها - أن يأتي بالصغائر و لا يبالى بفعلها ، اغترارا بستر اللّه عليه ، و حلمه عنه ، و إمهاله إياه ، و لا يعلم أنه انما يمهل مقتا ليزداد بالامهال اثما ، فتزهق أنفسهم و هم كافرون ، فمن ظن آن تمكنه من المعاصي عناية من اللّه به ، فهو جاهل بمكامن الغرور، و آمن من مكر اللّه الذي لا يأمن منه إلا الكافرون.
ورابعها - السرور بالصغيرة و اعتداد التمكن من ذلك نعمة ، و الغفلة عن كونها نقمة و سبب الشقاوة ، فكلما غلبت حلاوة الصغيرة عند العبد كبرت و عظم أثرها في تسويد قلبه ، فمن مزق عرض مسلم و فضحه و خجله ، أو غبنه في ماله في المعاملة ، ثم فرح به ، و يقول : أما رأيتني كيف مزقت عرضه؟.
وكيف فضحته؟ و كيف روجت عليه الزيف؟ كانت معصيته أشد مما إذا لم يفرح بذلك و تأسف عليه ، إذ الذنوب مهلكات ، و إذا ابتلى بها العبد فينبغي أن يتأسف من حيث إن العدو- اعني الشيطان - ظفر به و غلب عليه ، لا أن يفرح بغلبة العدو عليه ، فالمريض الذي يفرح بانكسار انائه الذي فيه واؤه لتخلصه من ألم شربه ، لا يرجى شفاؤه.
وخامسها - أن يذنب و يظهر ذنبه بان يذكره بعد اتيانه ، أو يأتي به في مشهد غيره ، فان ذلك خيانة منه على اللّه الذي اسدله عليه ، و تحريك الرغبة و الشر فيمن اسمعه ذنبه او اشهده فعله فهما خيانتان انضمتا إلى خيانته فتغلظت به ، فان انضاف إلى ذلك الترغيب للغير فيه و الحمل عليه و تهيئة الأسباب له صارت خيانته رابعة ، و تفاحش الأمر.
وهذا لان من صفات اللّه انه يظهر الجميل و يستر القبيح و لا يهتك الستر، فلإظهار كفر ان لهذه النعمة ، قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «المستتر بالحسنة تعدل سبعين حسنة ، و المذيع بالسيئة مخذول ، و المستتر بها مغفور له».
وقال الصادق (عليه السّلام) : «من جاءنا يلتمس الفقه و القرآن و تفسيره فدعوه و من جاءنا يبدي عورة قد سترها اللّه فنحوه».
وسادسها - ان يكون الآتي بالصغيرة عالما يقتدي به الناس ، فإذا فعله بحضرة الناس او بحيث اطلعوا عليه ، كبر ذنبه ، و ذلك كلبه الذهب و الابريسم ، و أخذه مال الشبهة ، و إطلاقه اللسان في اعراض الناس .
فهذه ذنوب يقتدى العالم فيها و يتبع عليها ، فيموت و يبقى شره مستطيرا في العالم ، فطوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه ، و في الخبر: «من سن سنة سيئة فعليه و زرها و وزر من عمل بها لا ينقص من اوزارهم شيء» قال اللّه تعالى : {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس : 12]. والآثار : ما يلحق الأعمال بعد انقضاء العمل , فعلى العالم وظيفتان : أحدهما - ترك الذنب و الأخرى اخفاؤه ، و كما تتضاعف اوزار العالم على السيئات إذا اتبع فيها ، فكذلك يتضاعف ثوابه على الحسنات إذا اتبع.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|