أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-11
512
التاريخ: 7-10-2016
1662
التاريخ: 7-10-2016
1271
التاريخ: 10-10-2016
2018
|
العلاج في دفعها أن يتذكر سوء عاقبة العصيان و وخامة خاتمته في الدنيا و الآخرة ، و يتذكر عظيم حق اللّه و جسيم ثوابه و عقابه ، و يتذكر أن الصبر عما تدعو إليه هذه الوساوس أسهل من الصبر على نار لو قذف شرارة منها إلى الأرض أحرقت نبتها و جمادها فإذا تذكر هذه الأمور و عرف حقيقتها بنور المعرفة و الإيمان ، حبس عنه الشيطان و قطع عنه وسواسه ، إذ لا يمكن أن ينكر عليه هذه الأمور الحقة ، إذ يقينه الحاصل من قواطع البرهان يمنعه عن ذلك و يخيبه ، بحيث يرجع هاربا خائبا.
فإن التهاب نيران البراهين بمنزلة رجوم الشياطين ، فإذا قوبلت بها وساوسهم فرت فرار الحمير من الأسد.
و إن كانت مختلجه بالبال بلا إرادة و اختيار، من دون أن تكون مبادئ الأفعال ، فقطعها بالكلية في غاية الصعوبة و الإشكال ، و قد اعترف أطباء النفوس بأنها الداء العضال و يتعسر دفعه بالمرة ، و ربما قيل بتعذره ، و لكن الحق إمكانه ، لقول النبي ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) -: «من صلى ركعتين لم تتحدث نفسه فيهما بشيء غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر» ، و لو لا إمكانه لم يتصور ذلك.
والسر في صعوبة قطعها بالكلية أن للشيطان جندين : جندا يطير و جندا يسير ، و الواهمة جنده الطيار، و الشهوة جنده السيار ، لأن غالب ما خلقتا منه هي النار التي خلق منها الشيطان فالمناسبة اقتضت تسلطه عليهما و تبعيتهما له.
ثم لما كانت النار بذاتها مقتضية للحركة ، إذ لا تتصور نار مشتعلة لا تتحرك ، بل لا تزال تتحرك بطبعها ، فشأن كل من الشيطان و القوتين أن يتحرك و لا يسكن ، إلا أن الشيطان لما خلق من النار الصرفة من دون امتزاج شيء آخر بها فهو دائم الحركة و التحريك للقوتين بالوسوسة و الهيجان ، و القوتان لما امتزج بغالب مادتهما - أعني النار- شيء من الطين لم تكونا بمثابة ما خلق من صرف النار في الحركة ، إلا أنهما استعدتا لقبول الحركة منه ، فلا يزال الشيطان ينفخ فيهما و يحركهما بالوسوسة و الهيجان و يطير و يجول فيهما ثم الشهوة لكون النارية فيها أقل فسكونها ممكن ، فيحتمل أن يكف تسلط الشيطان عن الإنسان فيها فيسكن بالكلية عن الهيجان.
و أما الواهمة فلا يمكن أن يقطع تسلطه عنها ، فيمتنع قطع وسواسه عن الإنسان ، إذ لو أمكن قطعه أيضا بالمرة ، لصار اللعين منقادا للإنسان مسخرا له ، و انقياده له هو سجوده له ، إذ روح السجود و حقيقته هو الانقياد و الإطاعة ، و وضع الجبهة حالته و علامته ، و كيف يتصور أن يسجد الملعون لأولاد آدم (عليه السلام) مع عدم سجوده لأبيهم و استكباره من أن يطمئن عن حركته ساجدا له معللا بقوله : { خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف : 12] فلا يمكن أن يتواضع لهم بالكف عن الوسوسة ، بل هو من المنظرين لإغوائهم إلى يوم الدين ، فلا يتخلص منه أحد إلا من أصبح و همومه هم واحد فيكون قلبه مشتغلا باللّه وحده ، فلا يجد الملعون مجالا فيه ، و مثله من المخلصين الداخلين في الاستثناء عن سلطنة هذا اللعين فلا تظنن أنه يخلو عنه قلب فارغ ، بل هو سيال يجرى من ابن آدم مجرى الدم ، و سيلانه مثل الهواء في القدح فإنك إن أردت أن تخلى القدح عن الهواء من غير أن تشغله بمثل الماء فقد طمعت في غير مطمع ، بل بقدر ما يدخل فيه الماء يخلو عن الهواء ، فكذلك القلب إذا كان مشغولا بفكر مهم في الدين يمكن أن يخلو من جولان هذا اللعين ، و أما لو غفل عن اللّه و لو في لحظة ، فليس له في تلك اللحظة قرين إلا الشيطان ، كما قال سبحانه : {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف : 36] .
و قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) -: «إن اللّه يبغض الشاب الفارغ» , لأن الشاب إذا تعطل عن عمل مباح يشغل باطنه لا بد أن يدخل في قلبه الشيطان و يعيش فيه و يبيض و يفرخ ، و هكذا يتوالد نسل الشيطان توالدا أسرع من توالد الحيوانات ، لأن الشيطان طبعه من النار، و الشهوة في نفس الشاب كالحلفاء اليابسة ، فإذا وجدها كثرة تولده و تولدت النار من النار و لم تنقطع أصلا.
فظهر أن وسواس الخناس لا يزال يجاذب قلب كل إنسان من جانب إلى جانب ، و لا علاج له إلا قطع العلائق كلها ظاهرا و باطنا ، و الفرار عن الأهل و المال و الولد و الجاه و الرفقاء ثم الاعتزال إلى زاوية ، و جعل الهموم هما واحدا هو اللّه.
و هذا أيضا غير كاف ما لم يكن له مجال في الفكر و سير في الباطن في ملكوت السماوات و الأرض و عجائب صنع اللّه ، فإن استيلاء ذلك على القلب و اشتغاله به يدفع مجاذبة الشيطان و وسواسه ، و إن لم يكن له سير بالباطن فلا ينجيه إلا الأوراد المتواصلة المترتبة في كل لحظة من الصلوات و الأذكار و الأدعية و القراءة.
و يحتاج مع ذلك إلى تكليف القلب الحضور، إذ الأوراد الظاهرة لا تستغرق القلب ، بل التفكر بالباطن هو الذي يستغرقه و إذا فعل كل ذلك لم يسلم له من الأوقات إلا بعضها ، إذ لا يخلو في بعضها عن حوادث تتجدد و تشغله عن الفكر و الذكر، كمرض أو خوف أو إيذاء و طغيان ، و لو من مخالطة بعض لا يستغنى عنه في الاستعانة في بعض أسباب المعيشة .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|