أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2014
2469
التاريخ: 27-04-2015
2859
التاريخ: 14-11-2014
1651
التاريخ: 14-11-2014
1765
|
هو من أئمة المعتزلة بخاصة ، والمسلمين بعامة ، تأثر القاضي بشيوخ الاعتزال وبخاصة الجبائيين ابا علي وأبا هاشم ، وإن لم يتلق عنهما مباشرة ، وهو كثيرا ما ينقل عنهما وعن غيرهما كأبي الهذيل العلاف والذي يهمنا من آثاره الكثيرة القيمة حديثه عن إعجاز القرآن في سفره الضخم (المغني في أبواب التوحيد والعدل) فأنت حينما تتصفح الجزء السادس عشر من هذا الكتاب ، وهو مجلد يشتمل على مئات الصفحات تجد أن جله في الحديث عن الإعجاز .
عرض القاضي عبد الجبار في هذا الجزء لقضايا متعددة ، فقد تحدث عن الخير وما يتصل به ، ثم تحدث عن الرسالة والرسول ، وعن التواتر الذي ثبت به القرآن .
1. وقد بين لنا المراد من كلمة (الاعجاز) حين : قال ومعنى قولنا في القرآن إنه معجز أنه يتعذر على المتقدمين في الفصاحة فعل مثله في القدر الذي قد اختص به (2).
2. ويتحد عن الفصاحة ، فيبين أن الكلام يكون بجزالة لفظه وحسن معناه ، ولابد من اعتبار هذين الامرين لأنه لو كان جزل اللفظ ركيك المعنى لم يعد فصيحا ، والفصاحة لا تظهر في الكلمات المفردة ، وإنما بضم هذه الكلمات بعضها الى بعض ، ويذكر جهات ثلاث لا رابع لها ، تظهر بها فصاحة الكلام :
الجهة الأولى : اختيار الكلمة نفسها .
الجهة الثانية : حركة هذه الكلمات من حيث الإعراب .
الجهة الثالثة : موقع هذه الكلمة تقديما أو تأخيرا ، وتعريفا أو تنكيرا ، الى غير ما هنالك من أساليب (3)
أما الجهة الأولى : فلان الكلمة التي تصلح في موضع يمكن أن لا تصلح في موضع آخر ، وأما الجهة الثانية ، فلأن إعراب الكلمة يلقي ضوءا على المعنى المراد منها ، ذلك لأن الإعراب فرع المعنى . واما الجهة الثالثة ، وهي موقع الكلمة ، فلأن هذا الموقع يتغير به المعنى ويتبدل .
ولنمثل لك الآن بعض الأمثلة التي توضح كلام القاضي عبد الجبار :
قال الله تعالى : {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة : 1 ، 2] فقوله سبحانه { لَا رَيْبَ فِيهِ} تظهر فيه الجهات الثلاث التي تحدث عنها القاضي عبد الجبار ، اما الجهة الاولى فهي اختيار كلمة ريب ، دون غيرها من الكلمات كالشك والمرية وأما الجهة الثانية فمجيء كلمة ريب مبنية على الفتح ، وهي اسم (لا) النافي للجنس ، ولم تجيء مرفوعة ، فلم يقل (لا ريب فيه) وأما الجهة الثالثة ، فهي تقديم كلمة (ريب) على الجار والمجرور (فيه) ولا شك أن لكل واحدة من هذه الجهات الثلاث حكمة بيانية .
فاختيار كلمة (ريب) لأنها تعطي ما لا تعطيه كلمة (شك) ، فإن الشك تردد النفس بين شيئين ، ولكن الريب شك مع تهمة وقلق واضطراب ، ومجيئها مبنية على الفتح يدل على نفي الريب نفيا تاما ، وقد قرروا أنك إذا قلت (لا رجل في البيت) بالبناء على الفتح ، فإنه نفي لوجود جنس الرجال في البيت ، ولذا لا يجوز أن تقلو (لا رجل في البيت بلا رجلان) ولكنك إذا قلت (لا رجل في البيت) بالضم ، فهو نفي للوحدة ولذا يمكنك أن تقول (بل رجلان).
وأما الجهة الثالثة فلأن تقديم كلمة (ريب) يعطي معنى يغر المعنى الذي تأخر فيه فمعنى لا ريب فيه ، نفي الريب عن القرآن دون التعرض لغيره من الكتب ، ولكن لو قال (لا فيه ريب) لكنا المعنى إثبات الريب في غيره من الكتب ، ألا ترى الى قوله سبحانه وصف خمير الجنة (لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون) في أن المراد ليس نفي الغول عن خمر الجنة فحسب ، وإنما المراد مع ذلك إثباته في خمر الدنيا .
وأرجو أن يكون في هذا المثال توضيع لما قصده القاضي عبد الجبار ، ومنه ندرك أن الفصاحة التي أشار إلهيا القاضي ، ليست هي الفصاحة التي استقر عليها علماء البلاغة المتأخرون ، وهي التي تكون وصفا للكلمة أو الكلام ، وذلك بخلوه من العيوب كالغرابة والثقل ومخالفة قواعد اللغة . إنما الفصاحة التي عناها القاضي تشمل في مفهومنا نظم الكلمات بعضها مع بعض ، وهي ملحوظة قيمة وخطوة ذات شأن خطاها في إبراز نظرية النظم .
3. ويرى الشيخ إن الإعجاز ليس في نظم الكلام ، وهو يعني بالنظم ورود الكلام على طريقة مخصوصة ، أي القالب الشكلي الذي جاء عليه القرآن الكريم وليس النظم الذي تحدث عنه الخطابي ، والذي ستتحدث عنه عند الجرجاني (4) وقد تحدثنا عن هذا من قبل ، فهذا الذي سماه الرماني لبلاغة العادة ، وجعله الباقلاني الوجه الاول من الوجوه العشرة التي ذكرها لبلاغة القرآن ، يقول عبد الجبار أن ذلك ليس وجها مستقلا من وجوه الإعجاز ، لأنه لو كان كل قالب جديد معجزا ، ولكان ينبغي أن يكون أول ما قيل من الشعر معجزا ، لأنه لم يعرف من قبل .
4. ويعرض للقول بالصرفة ، ويذهب الى أنها لا تصلح أن تكون وجها من وجوه الإعجاز وقد أطال الحديث عن هذه القضية ، وأتى على الشبهات التي يمكن أن تعرض في هذا الامر (5).
5. أما الإخبار عن الغيب فيرى الشيخ أنه لا يصلح وجها عاما من وجوه الإعجاز ، لأن التحدي كان لسورة من سور القرآن ، وكثير من هذه السور ليس فيها شيء من أنباء الغيب (6).
6. ويقر القاضي أن القرآن ليس معجزة العرب وحدهم ، وإنما هو معجزة لسائر الناس كذلك ، وإن العجم وإن لم يعرفوا مزايا الفصاحة ، لكنهم عرفوا عجز العرب الذين هم اهل الفصاحة بسليقتهم وهذا كاف في إقامة الحجة عليهم (7).
ومما تقدم ندرك أن القاضي عبد الجبار يتفق مع الخطابي والباقلاني الأشعري في أن الصرفة ليست من وجوه الإعجاز ، وهو بذلك يخالف الرماني المعتزلي ، كما أنه يتفق مع الخطابي في أن الإخبار بالغيب لا يصلح وحده أن يكون وجها من وجوه الإعجاز ، وهو بذلك يخالف الرماني المعتزلي والباقلاني الأشعري ، ويخالفهما كذلك ، فلا يعد القالب اللفظي وجها من وجوه الإعجاز ، وهو يتفق في ذلك من الخطابي ، وإنما ذكرت هذه النتائج لأبين أن قضية الإعجاز لس فيها اختلاف يذكر بين الأشاعرة والمعتزلة – كما صوره كثير من الكتابين- وإن كان هناك خلاف فليس في جوهر الامر ، وإنما هو في بعض القضايا الكلامية ، فالفصاحة التي قال بها القاضي عبد الجبار لا تخرج عن النظم الذي قال به الخطابي وعبد القاهر .
_______________________
1. عبد الجبار بن احمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسد آبادي ، أوب الحسين ، قاضي ، أصولي ، كان شيخ المعتزلة في عصره ويلقب قاضي القضاة ، توفي عام 415 هـ ، له من الكتب تنزيه القرآن عن المطاعن
2. ص 226 .
3. ص 199 .
4. المغني ج 16 / 198 .
5. المغني 16 / 220 .
6. المغني16 / 220 .
7. المغني 16 / 294 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|