المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 5849 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الاسرى النوبيون والسوريون.
2024-05-07
أعمال الوزير رخ مي رع.
2024-05-07
مخابز المعبد.
2024-05-07
واجبات الوزير رخ مي رع.
2024-05-07
رخ مي رع وعلاقته بمصانع آمون وضياعه.
2024-05-07
{الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يـستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا}
2024-05-07

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


22- عصر الاسر من الثامن والعشرين الى الثلاثين  
  
1111   01:43 مساءاً   التاريخ: 3-10-2016
المؤلف : عبد العزيز صالح
الكتاب أو المصدر : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق
الجزء والصفحة : ص311-322
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /

ابتسامة مبتسرة في عصور الأسرات 28 - 30 "404 - 343ق. م.":

ماع الموقف لبعض الوقت فيما بين الفرس وبين المصريين منذ منتصف القرن الخامس ق. م، وزار مصر حينذاك أبو التاريخ هيرودوت وأشاد بمجدها، ومع أن مجدها ذاك لم يكن غير ظل باهت ضئيل لمجدها القديم، واعترف في الوقت نفسه بتعدد طوائفها ووجود الفوارق بين طبقاتها وانشغال الناس بالخرافات التي ألبست ثوب الدين واتصلت بحيوانات أربابه، مما لم تلجأ مصر إليه إلا في عهود ضعفها السياسي وقلقها النفسي. ولم يكن لمصر حينذاك أن تفكر في إعادة التعاون العسكري مع الإغريق ضد الفرس، بعد أن هادنت الدولتان الكبيرتان أثينا واسبارطة الفرس، وانقلبت كل منهما على الأخرى تطحنها وتهد بنيانها "منذ عام 431 ق. م". وظل الأمر مائعًا بالنسبة للقوميين المصريين حتى دخلت ثورتهم مرحلتها الرابعة معتمدة على سواعد رجالها بزعامة آمون حر الثاني في حوالي عام 410 ق. م، وامتد لهيبها إلى أغلب الأقاليم المصرية وتكللت بالنجاح بعد نحو ست سنوات "أو ثمان سنوات". وإن كنا لا ندري عن تفاصيلها إلا ما روى من أن الملك استعان بقوات حاكم كيليكيا الذي لجأ إليه بأسطوله وذخائره فرارًا من بطش الفرس، وأنها انتهت بخلوص حكم مصر لأهلها، وتحررها من ربقة الفرس (1). ومن هنا بدأ المؤرخ مانيتون الأسرة الثامنة والعشرين وقصرها على ملك واحد وهو زعيم الثورة آمون حر "الثاني" الذي استعاد ألقاب الفراعنة حوالي عام 404 ق. م وساعده على الاستقرار قليلًا وفاة دارا الثاني وانشغال ملك الفرس الجديد إكسركسيس الثاني بثورة أخيه قورش ضده ولكن آمون حر لم يستمر على العرش المستقل غير ست سنوات وشهور، أو نحوها، ومات حوالي عام 397 ق. م، ولم يخلفه ولده. وبررت بردية مصرية ديموطية هذا المصير من وجهة النظر الدينية، بأنه كان قد تجاوز نصوص الشريعة، ولهذا عاقبه الأرباب بحرمان ولده من عرشه، ولم يشفع له عندهم نضاله في سبيل تحرير بلده. ولا ندري هل عنت بمخالفته للشريعة اعتداءه بصورة ما على حرمان الدين أو متعلقات المعابد، أم أنها عنت بذلك خطيئة أكبر وهي احتمال اتجاهه إلى مصانعة الملك الفارسي "أرتاكسر كسيس الثاني" عدو الأمس بعد أن تخلص من مشاكله الداخلية وفتك بأخيه المنافس له على العرش وبدأ يهدد الإغريق، وهو اتجاه. إن صح، كان في نظر آمون حر سياسة لا تضره بعد أن استمتع باستقلاله، بينما كان في نظر الوطنيين المتطرفين خيانة استحق من أجلها أن يحرم ولده من عرشه.

وكان لكل من الجاليتين الكبيرتين النزيلتين في مصر، الإغريق واليهود، مصير مختلف وسط هذه الأحداث. أما الأغريق، فقد ترتب على تكرار محالفات الثوار المصريين للأثينيين، أن تفتحت أمام تجارهم الأسواق المحلية من جديد، وعوضتهم عما خسروه من منافسة قناة الدلتا إلى البحر الأحمر لتجارتهم في نقراطيس (2). وأما اليهود الذين آوتهم مصر منذ اضطهاد الآشوريين لهم، وسمحت لهم بمزاولة نشاطهم التجاري وحرية العقيدة فيها، فقد قابلوا ذلك بأن أصبحو أعوانًا للفرس ضدها، وغدوا عنصرًا شائعًا في الحاميات الفارسية، لا سيما حامية إلفنتين.

الوثائق الآرمية في أسوان:

عثر في جزيرة آبو، أي في جزيرة إلفنتين "أو إلفانتيني" في أسوان، على عدة وثائق آرامية أرجع أغلبها إلى أواسط القرن الخامس ق. م، ولقيت اهتمامًا واسعًا من الباحثين في الساميات ومن الباحثين اليهود بخاصة لترجمتها والتعقيب عليها. وصورت هذه الوثائق جوانب من حياة عدة أقليات أجنبية ضمت آراميين ويهود وسوريين وفي بعض الأحيان إغريق وإيجيين، ثم بابليين وخوارزميين وماذيين وفرس، عاشوا أعدادًا محدودة في وسط العدد الأكبر من مواطني المنطقة المصريين. ولم تكن موارد أسوان المتواضعة تتيح لأولئك الأجانب استغلالًا اقتصاديًّا كبيرًا، ولهذا اكتفى أغلبهم بحرفة الجنود المرتزقة في حصون أسوان التي مثلت همزة الوصل بين أقاليم مصر الجنوبية وبين النوبة وما ورائها، في فترات السلم وفترات الحروب على حد سواء.

وذكرت الوثائق الآرامية من مسميات التنظيمات العسكرية التي انضوت تحتها هذه الجماعات، الاسم الآرامي "حيلا" بمعنى حامية أو فرقة كبيرة، واسم "دجل" بمعنى وحدة أو معسكر، وإن دل أحيانًا على معنى اللواء أي العلم، وكان كل منهما يضم المجندين وأسرهم، ثم تعبير المائة ليدل على سرية بنفس العدد.

وحظيت أوضاع الجالية اليهودية بالاهتمام الأوسع من الدراسة والتعقيب، وتركزت هذه الجالية في جزيرة إلفنتين، وإلى حد ما في سونو أي في مدينة أسوان، وكان منهم عسكريون ومدنيون. وغالبًا ما وصف العسكريون منهم بأنهم بعول دجل أي أفراد الوحدة أو المعسكر، ووصف المدنيون منهم بأنهم بعول قرية أي أفراد القرية. وقد يوصف بعضهم بالصفتين، أو ينتمون إلى دجلين أي وحدتين، أو ينسبون إلى مقر إقامتهم فيقال بعول آبو، وبعول سونو.

وتعددت وجهات النظر في ظروف اتجاه هذه الجالية اليهودية إلى أسوان، وتوقيت بداية سكناها فيها وانضمامها إلى معسكراتها. وربطت بعض الآراء بين لجوئهم إلى مصر وبين أحداث التاريخ اليهودي في فلسطين خلال القرنين السابع والسادس ق. م. فقد أدت مراحل النزاع بين يهود إسرائيل وبين يهود يهوذا، ثم بينهم جميعًا وبين الآشوريين، إلى نزوح جماعات من هؤلاء وهؤلاء إلى أماكن قصية يلتمسون الأمن فيها. ولعل مصر الغنية القريبة من فلسطين كانت الملجأ المغري للبعض منهم، وقد سبق ذكر المرات التي وقفت مصر فيها سندًا لليهود ضد الآشوريين، حين تدخلت في عهد تاف نخت لنجدة السامرة ضد جيش شلما نصر الخامس، ثم في عهد شبتكو وطاهرقه لنجدة أورشليم ضد جيش سينا خريب.

وحينما دعا يوشيا في عام 631 ق. م. إلى التغيير الديني الذي تضمنه سفر تثنية الاشتراع، نزح بعض معارضيه وبعض الكهنة الذين فقدوا امتيازات معابدهم، إلى مصر. وزادت دواعي الهرب من يهوذا حينما اشتد حصار البابليين حولها، وقد عاونتها مصر في عهد الملك واح إب رع على مقاومة هذا الحصار. وعندما تمكن البابليون منها ودمروها ارتحل بعض أهلها إلى مصر ووسعتهم رحابة صدرها، كما استقبلت بعدهم نبيهم إرميا وأعوانه حينما لاذوا بها.

ولما كان اللاجئون في أغلب هذه الأحوال مستضعفين لم يجد بعضهم بأسًا من أن يعيشوا في أقصى جنوب مصر ويحتملوا ظروف الحياة فيه.

والتفتت آراء أخرى إلى أحداث مصر نفسها ودواعي اجتذاب بعض اليهود إلى حدودها الجنوبية. فافترض رأي أن أسلافهم كانوا ممن ساقهم الملك الآشوري آشور بانيبال من أتباع منسا ملك يهوذا خلال حملته ضد مصر في عام 667ق. م، ولعله ألزمهم جنوب مصر ليعملوا فيه باسمه، أو لعلهم انطووا فيه على أنفسهم بعد رحيله. وردهم رأي آخر إلى عهد الملك بسماتيك الأول في منتصف القرن السابع ق. م. حينما فتح أبواب مصر أمام الجنود المرتزقة من كل نحلة، كي يحفظ التوازن بهم في جيشه إزاء المرتزقة القدامى الذين استشرى أمرهم واستعان بهم الأمراء الإقطاعيون المنافسون له، فدخل معهم بعض اليهود إلى جانب غيرهم من بلاد الشام وبلاد الإغريق وجزر البحر المتوسط الشرقية. وعندما استقر أمر الملك وزع مرتزقة جيشه على حاميات الحدود فكان من نصيب اليهود أن ضموا إلى حامية أسوان. ولعله قد جند بعضًا آخر من يهود فلسطين خلال حصار جيشه الطويل لمدينة أشدود، وتلقى بعضًا آخر منهم من منسا ملك يهوذا في مقابل ما زوده به من خيول الحرب. وعندما فرض الملك نيكاو الثاني نفوذه على أروشليم خلال استعداده لملاقاة البابليين، فرض عليها جزية كبيرة وأسر ملكها وساق بعض أعوانه إلى مصر.

وثمة رأي يفترض ما هو قريب من هذه الظروف في عهد الملك بسماتيك الثاني، على أساس احتمال انضمام بعض اليهود إلى معسكره خلال حملة جيشه على بلاد خارو في جنوب الشام، وأن بعضهم قد انضم إلى مرتزقة جيشه الذين تألفوا من كيريين وإيونيين وروديسيين وفينيقيين خلال حملته على أطراف دولة بناتا الجنوبية.

ويبدو أنه كان من المشكلات التي واجهت الملك واح إب رع "أبريس" في أواخر عهده ثورة بعض جنود حامية إلفنتيني ضده وارتحالهم إلى النوبة، وبهذا سنحت فرصة أمام المرتزقة الأجانب ومنهم اليهود ليستقروا محلهم. وذكر المصري نسحور قائد بوابة الأقطار الجنوبية في عهد هذا الملك تواجد جنود عامو "أي قبليين"، وستيو "أي آسيويين" وحاونبو "أي إيجيين"، في أسوان، وكان أغلب القبليين والآسيويين من الآراميين واليهود. وأشارت بردية ديموطية من العام 41 من عهد الملك أحمس الثاني "أمازيس" إلى إيفاد عدد من قواته إلى النوبة، وكان من بين الجنود المرتزقة المنضمين إليها 60 شخصًا من خارو أي من جنوب الشام، و15 شخصًا من آشور "أو من سوريا؟ ". ولعله قد زاد من فرص التواجد في أسوان أمامهم اتجاه سياسة الدولة حينذاك إلى سحب المرتزقة الإغريق من حاميات الحدود، فحلوا محلهم.

والغريب أن نبوءات أنبياء اليهود أو أحبارهم، ظلت مع كل ما قدمته مصر لشعبهم في الداخل وفي الخارج لا تني تتوعدها بالمستقبل المظلم وبكل شر مستطير!

وتزايد تواجد اليهود في معسكرات أسوان على الحدود الجنوبية خلال عصر الاحتلال الفارسي، فكانوا من أدواته وأقرب إلى الإخلاص له وعيونًا له على الوطنيين المصريين وعلى أحداث النوبة. ولعل ذوي قرباهم من يهود فلسطين الذين اعتبروا قورش ملك الفرس مسيحهم المنتظر الذي أعادهم من المنفى، قد ساعدوا الحملة الفارسية على مصر في عهد ولده قمبيز. وقد وجد يهود مصر الجزاء المباشر على ذلك بحيث روى أحد يهود القرن الخامس ق. م في أسوان، أن ملك الفرس "قمبيز" قد هدم كل معابد آلهة مصر وانقص مواردها ولكنه لم يصب المعبد اليهودي في جزيرة آبو بسوء. وروى هيرودوت من ناحية أخرى أن قمبيز أرسل أكلة السمك من الفينيقيين يحملون الهدايا إلى دولة نباتا بهدف التجسس عليها، ويغلب على الظن أن أغلبهم كانوا من اليهود. واستمرت سياسة تقرب اليهود من الفرس في مصر في عهود خلفاء قمبيز بحيث اعتزوا بأنهم احتفظوا لديهم بنسخة من تاريخ حياة الملك دارا الأول، وعندما بليت كتبوا لأنفسهم نسخة أخرى.

على أن الملوك، حتى ملوك الفرس أو نوابهم على مصر، لم يطمئنوا إلى ولاء هذه الطائفة دون ضمان ورقابة، فجعلوا رؤساء الفرق الكبيرة "حيلا" والفرق الصغيرة أيضًا. "دجل من جنسيات أخرى، كالبابليين والفرس، وقد ذكرت الوثائق المعروفة أربعة رؤساء دجل بين أعوام 464 - 446 ق. م، وأربعة آخرين بين أعوام 446 و420، ثم ثلاثة أو أربعة بين أعوام 411 و400 ق. م. ولا يعرف أن دل تكرار رقم الأربعة في هذه الحالات على تواجد أربع وحدات دجل في آن واحد، أم غير ذلك. وهكذا كان رئيس المنطقة الملقب بلقب "فراتركا" ربما بمعنى الأول أو المقدم، من غير اليهود أيضًا، وكانت له بحكم منصبه سلطات الإشراف العسكري والمدني أيضًا.

ضمنت حرفة الجندية للأقليات الأجنبية في منطقة أسوان الإقامة والحماية، وانتفعوا بمرتباتها التي كانت عينية في معظم أحوالها تصرف من بيت المال في آبو وقد عبرت الوثائق عنه باسم خزانة الملك، وعن طريق بيت الملك، أي ديوان الحكم في المنطقة. ولم يحل هذا دون أن يعمل بعضهم في زراعة محدودة وأن يتملكوا تبعًا لذلك بعض الأراضي، وأن يرافق بعضهم قوافل التجارة إلى الجنوب، ويعمل بعض آخر جباة ضرائب في خدمة الدولة، وعاش المرابون اليهود في هذا المجتمع المفتعل الصغير على ما عاشوا عليه في كل العصور، فاتسمت شروطهم بالإجحاف حتى فيما بين بعضهم وبعض فبلغ سعر الفائدة 60% وكانت سريعًا ما تتضاعف حيث كانت فائدة مركبة تضاف قيمتها إلى أصل الدين إن لم تسدد في موعدها لتخضع مثله لربح آخر.

وكطائفة تعتمد أساسًا على رابطة الدين - أقام يهود الفنتين في شمال الجزيرة معبدًا لإلههم يهوه جمعوا له المعونات من أثريائهم وفرضوا له تبرعات على رجالهم ونسائهم، ولعلهم قلدوا فيه بعض مظاهر معبد أورشليم في صورة متواضعة بطبيعة الحال، فكان له أعمده حجرية وسقف خشبي ويقوم به نصب ومذبح، ووصفوا ربهم فيه بأنه رب الجنود وأنه الرب الموجود في آبو الحصن أي حصن الفنتين، وإن خالفوا بذلك قانون

الإصلاح الديني الذي لم يعترف إلا بمعبد أورشليم معبدًا رسميًّا ودعا إلى الاعتقاد بأن الإله مسكنه السماء وأن اسمه هو الذي يسكن المعبد.

وسواء أتى اليهود معهم برواسب ديانة التعدد القديمة في فلسطين، أو خضعوا لدواعي الاختلاط ببيئة المرتزقة التي عاشوا فيها، أم أتت الوثائق الآرامية بأخبارهم إلى جانب أخبار غيرهم. فقد وردت في هذه الوثائق أسماء معبودات مصرية وآرامية وبابلية وفارسية أيضًا، مثل أسماء ساتت وخنوم، وبيثئيل شمين "ملكة السماء"، ونابو، وبانيت، إلخ.

ومع مرور الوقت قامت بين الأقليات في أسوان ومنهم اليهود وبين المواطنين المصريين في المنطقة علاقات تزاوج وتجارة وعمل ومداينات، بحيث تزوجت يهودية من رجلين مصريين على التعاقب، وتزوج مصري من آرامية، وتزوج يهود من مصريات. وكان من الطبيعي أن تشوب هذه العلاقات بعض المنازعات من حين إلى آخر، وكان للمواطنين في بعض الأحيان اليد العليا فيها، بحيث روت إحدى الوثائق أن المحكمة جعلت امرأة يهودية تقسم باسم المعبودة المصرية ساتت في قضية قامت بينها وبين مصري، واشترط مصري على مدينه اليهودي أن يدفع أربعة شواقل فائدة قرضه بمقتضى أوزان بتاح الإله المصري وليس بمقتضى أوزان الملك الفارسي، وعامله بمعاملة المرابين اليهود أي بمقتضى الربح المركب. واشترط تعاقد مصري على متعهدين يهوديين تسلما 50 إردبًا من الشعير والعدس من ملامح مصري لتوزيعها على أفراد الحامية ضمانًا أو شرطًا جزائيًّا قدره ألف شيقل، وربما اشترط الملاح نفسه أن يحصل أجره من حصتهما المقررة من بيت الملك وأن يقتضيه من ممتلكاتهما إن امتنعا عن أدائه.

وكانت اللغة الآرامية قد طغت على اللغة العبرية في فلسطين نفسها، لبعض الوقت، كلغة الثقافة والمراسلات ولهذا لم يكن من الغريب أن تطعي عليها كذلك بين يهود إلفنتين لا سيما مع اختلاطهم بالآراميين المشتركين معهم فيها. وتأثرت لغتهم كذلك باللغة المصرية في بعض تعبيراتها الدارجة وفي تعبيرات التعاقد.

وكما كان بناء معبد اليهود في الفنتين معبرًا عن روابطهم، أصبح خرابه مقدمة لتفرقهم. فعندما طال احتماء اليهود بالمحتلين الفرس تناسوا حقوق الوطن المصري الذي آواهم - وعندما تعاقبت ثورات المواطنين ضد الاحتلال الفارسي "في أعوام 488 - 486، 460 - 454، 450، و410ق. م" لم يساندهم اليهود فيها، أو على حد تعبير إحدى الوثائق الآرامية لم يتركوا مراكزهم ولم توجه إليهم تهمة التمرد. وربما تجاوزوا تجاهل المشاعر القومية المصريين إلى تجاهل تقاليدهم الدينية أيضًا، فتجرءوا على تقديم الأضاحي من الكباش في معبدهم عوضًا عن الجداء، وكان الكبش رمزًا مقدسًا للمعبود خنوم في أسوان. وهكذا استمر السخط يتفاقم ضدهم حتى أفضى إلى تدمير معبدهم في حوالي عام 410ق. م خلال العام الرابع عشر من حكم الملك الفارسي دارا الثاني. والطريف أن رسائل اليهود لم تنسب هدم المعبد إلى كهنة خنوم المصريين في حصن إلفنتين وحدهم، وإنما ذكرت أنهم استغلوا غياب الوالي الأكبر "خشاتر أبافان أو الساتراب" أرشام الفارسي عن مصر فاتفقوا مع فرارتكا أسوان، أي رئيسها، فبدرانجا الفارسي، على إزالة معبد اليهود من الجزيرة, فاستجاب لهم وكلف بذلك ولده أحد قادة حامية أسوان فقاد المصريين وجنودًا آخرين وهدموا المعبد، وأقاموا على جزء من أنقاضه مدخلًا إلى ناحية معبد خنوم المصري، وفي سبيل إقامة هذا المدخل استغلوا جزءًا يحد مخزنًا ملكيًّا مجاورًا له وأقاموا سورًا في وسط الحصن وعطلوا "حين بنائه" بئرًا كانت تمد المعسكر اليهودي بالماء، وهكذا ألقى اليهود جانبًا كبيرًا من مسئولية ما حدث على الحاكم الفارسي المحلي وولده، مما يعني أن مسلكهم لم يرض بعض الفرس أيضًا، وإن ادعوا في رسائلهم أن هذا الحاكم فعل ما فعله مقابل رشوة كبيرة، وهو ادعاء يصعب أن يعرض الرجل به سمعته وسمعة ولده للمساءلة أمام ملكه نصير اليهود.

وعلى أية حال ففي ثلاث رسائل للوالي الفارسي الكبير أرشام وهو بالخارج ما يشير إلى "وقت ثورة مصر"، مما يعني قيام ثورة في غيابه، وأن إجراء أهل أسوان ضد المعبد اليهودي كان صدى لثورة عامة ضد المحتلين وأعوانهم أو على الأقل قد صادفها وانتفع بآثارها. وقد يزكي هذا الاستنتاج بردية ذكرت أسماء خمسة من كبار اليهود وأكثر من ست نساء عوقبوا وربما اعتقلوا في البوابة في مدينة طيبة، وروت أنه جرى استرداد المقتنيات التي كانت قد سلبت من بعض المساكن، وفرضت عقوبة مالية. وربما دل هذا على سبق اعتداءات يهودية ثم تعرض المعتدين للعقوبة والتغريم في مدينة طيبة على أيدي قضاة وطنيين في فترة من فترات ازدهار الشعور الوطني ضد المحتلين وأعوانهم.

وتسامح المصريون بعض الشيء، فتركوا اليهود حيث هم، وربما لم يعترضوا على بناء معبدهم في موضع آخر خارج حصن إلفنتيني. فلم يقنع اليهود بهذا التسامح وأبوا إلا أن يعاد بناء المعبد في نفس موضعه بحجة أن الملوك المصريين السابقين لم يعترضوا عليه وعندما احتل الفرس مصر أبقوا عليه وحينما اعتدوا على معباد كل آلهة مصر لم ينالوه بسوء. ولاستثارة العطف عليهم ادعى اليهود أنهم حرموا على أنفسهم شرب الخمر والتمضخ بالزيوت ومضاجعة النساء حتى يعاد بناء معبدهم. وتوالت رسائل رؤسائهم إلى كل من أملوا في مساعدته لهم، فكتبوا إلى باجوهي الوالي الفارسي على يهوذا "وثمة احتمال بيهوديته على الرغم من اسمه الفارسي" وإلى يوهانان حاخام أورشليم وزملائه الكهنة وإلى كبرائها، ولكن لم يستجب لعويلهم أحد.

وعاودوا الشكاية والاستعطاف في رسائلهم بعد ثلاث سنوات، إلى باجوهي مرة أخرى وإلى داليا وشليمنا ولدى سنبلاط حاكم السامرة عساهما أن يقنعا أباهما بمعاوتهم. وكان من تزلفهم في افتتاحية إحدى رسائلهم إلى باجوهي في عام 407ق. م ما يقول "أعز رب السماء مولانا كثيرًا وعلى امتداد العمر، وحباه الحظوة لدى جلالة الملك دارا ونبلاء الفرس أكثر مما هو عليه الآن ألف مرة ... "، إلخ. ثم وعدوه إن استجاب لهم وكتب إلى أصدقائه في مصر لإعادة بناء المعبد وإعادة القرابين والبخور والمحروقات "على نفقة الدولة؟ " أن يقدموا كل هذا باسمه ويصلوا من أجله هم ونساؤهم وأطفالهم وكل اليهود الموجودين معهم. ولعلهم أرفقوا برسالتهم هدايا ملائمة مما جعل باجوهي وداليا يعدان رسولهم شفاهة وليس كتابة بالسعي لتحقيق أملهم دون الالتزام بتقديم الأضاحي المحروقة التي كان يجب أن يقتصر تقديمها على معبد أورشليم وحده. والتزم يهود إلفنتيني بهذا الأمر فكتبوا إلى أحد أصحاب النفوذ في مصر ولعله أرشام والي مصر الفارسي يعدونه إن هو سمح بإعادة بناء المعبد حيث كان بأنهم لن يقدموا أغنامًا أو ثيرانًا أو ماعز كأضاحي محروقة وسوف يكتفون بالبخور وقرابين الطعام والشراب، وأنهم سوف يقدمون إلى بيت مولاهم في مقابل ذلك أموالًا كثيرة وألف إردب من الشعير. ولعلهم قد قدروا في التزامهم هنا بعدم تقديم الأضاحي المحروقة أمرًا آخر. وهو احترام شريعة الفرس المجوس التي حرمت تدنيس النيران بحثاث الحيوانات.

ومضى عند دارا الثاني، ونكاية في المصريين حصل اليهود من خلفه أرتاخشاشا "أرتاكسركسيس" الثاني على وعد بتنفيذ مطلبهم، وربما في مقابل وقوفهم في وجه الثوار المصريين أيضًا، ويبدو أنهم أعادوا معبدهم بصورة ما. وبعد قليل أعلن الملك المصري أمون حر نفسه فرعونًا وحرر بلاده من الفرس في حوالي عام 404 ق. م، ولو أن وثائق الآراميين واليهود لم تؤرخ باسمه حتى العام 401 ق. م مما قد يعني ترددهم في الاستجابة له، ثم انقطعت وثائقهم بعد عام 399ق. م، مما يدل على تبدد شملهم خلال عهود الأسرات الفرعونية الأخيرة، وإن استعادوا بعض وجودهم مرة أخرى بعد ذلك في بداية العصر البطلمي (3).

الأسرتان الأخيرتان:

توالى على مصر بعد إجلاء الفرس في عام 404 ق. م أكثر من ستين عامًا، لم يخب الصراع خلالها بين مصر المستقلة التي ما فتئت تذود عن سمعتها وحاولت الانتقام لنفسها مما أصابها إبان فترة الاحتلال، وبين فارس التي ما فتئت تعاودها حمى الاستعمار ورغبة الثأر لشرفها المسلوب. وتعاقبت على عرش مصر بعد عهد آمون حر أسرتان حاكمتان من شرق الدلتا، صحت عزائم أصحاب الشخصيات القوية من ملوكها على النهوض بعد النكسة واستعادة المجد القديم، بينما تقطعت دابر أصحاب الشخصيات الضعيفة منهم مناوأة الارستقراطية الإقطاعية لهم، بحيث لم تزد فترة حكم الواحد منهم عن بضعة شهور أحيانًا. ونشأت أولى الأسرتين، وهي التاسعة والعشرون، في مدينة منديس "تمي الأمديد وتل الربع شمال شرق السنبلاوين"، ولم تستمر أكثر من عشرين أو واحد وعشرين عامًا تعاقب فيها أربعة ملوك أو خمسة، كان أهمهم أثرًا مؤسسها نايف عاورود "بانرع - مرن نثر"- ثم ثالث ملوكها هجر "أو هقر". وجرى كل منهما على سنة التعاون مع العالم الإغريقي لمواجهة الفرس أعداء الطرفين.

وبدأ الفرس مع بداية عصر الأسرة التاسعة والعشرين مستغلين قلقلة انتقال العرش المصري من أسرة المحرر أمون حر، وحشدوا جيشًا وأسطولًا كبيرين في فينيقيا لغزو مصر(4)، ولكن صرفهم عن إتمام خطتهم مشاكل ولاية عرشهم وثورة آسيا الصغرى وجزرها ضدهم بعد أن أيدتها دولة إسبارطه الطامعة في زعامة الإغريق وصاحبة أقوى الجيوش البرية في أرض اليونان. واتقاء لعودة غدر الفرس تقاربت وجهات النظر بين مصر وبين إسبارطه، وبدأت مصر بمد يد العون فأمدت حليفتها في عهد نايف عاورود بأموال وخمسمائة ألف مكيال من الغلال وتجهيز مائة سفينة مقاتلة، ولكن هذا المدد الذي تحملته خزائن مصر المجاهدين المجهدة لم يؤدِ الغرض منه وحطمه قائد أثيني كان يخدم الفرس عند رودس(5). وبعد سنوات عقدت إسبارطه الصلح مع الفرس، ولم تتذكر مصر في صلحها، فبقيت مصر وحدها.

ولبت مصر المتعطشة للانتقام والباحثة عن الأحلاف دعوتين أخرتين في عهد هجر "خنم ماعت رع - ستبن خنوم" لمناوأة الفرس، إحديهما من أثينا، والأخرى من إفاجوراس ملك قبرص، فأعانت هذا الأخير بخمسين سفينة، ومدد من الغلال، وأخذ كل منهما يكافح الفرس في ناحية؛ مصر تكافحهم على حدودها، وأهل قبرص يكافحونهم في جزيرتهم وعلى سواحل فينيقيا، وبدأ الفرس بمهاجمة مصر ولكنها كسرت حدة جيشهم في معركة غير محددة المعالم ناضلتهم فيها برجالها وبمرتزقة من الإغريق كان على رأسهم خابرياس الأثيني. وبعد نضال طويل سلمت قبرص أمام الفرس في عام 380 ق. م (6) وبقيت مصر وحدها مرة أخرى.

وكان هجر أطول ملوك الأسرة حكمًا في هذا العصر القلق "393 - 380ق. م"، ولأمر ما بدأ ارتباطه بالإله خنوم رب أسوان واضحًا في اسمه، وعللت بردية الأيام الديموطية استقراره النسبي بسخائه مع المعابد، ولكن ما لبث الحظ أن تخلى عنه، على حد قولها؛ لأنه خالف الشريعة وجافى إخوته، فاكفهر الجو السياسي، وتبعه اثنان حكم أحدهما عامًا واحدًا وحكم الآخر بضعة شهور، وانتقل عرش مصر بعدهما في ظروف قلقة إلى أسرة جديدة من سمنود "على مبعدة قليلة من عاصمة الأسرة السابقة".

استعان مؤسس الأسرة الأخيرة، الثلاثين، نخت نيف "خبر كارع" - أو نكتانب كما سماه الإغريق "خلال 380 - 363ق. م" بمساعدات المعابد. وبتأييد كهنة سايس على تدعيم ملكه، ثم رد لهم الفضل مضاعفًا، فأحال ضريبة العشر المفروضة على منتجات وواردات وصادرات نقراطيس مركز التجارة الإغريقية إلى صالح معابد نيت في سايس (7). ونشط العمران في عهده في المعابد المصرية، ابتداء من شمال الدلتا حتى جزيرة فيلاي جنوبي أسوان. وكان عليه أن يتيقظ لغدر الفرس ويستعين بمن يمكن الاستعانة به ضدهم، لولا أن أحلاف الأمس وهم الإغريق أصبحوا يعملون لمن يجزل العطاء لهم، حتى ضد بعضهم بعضًا، وهكذا عوضًا عن أن تتعاون أثنيا معه خضعت لضغط الفرس فاستدعت قائدها خابرياس الذي كان يعمل بأعوانه في الجيش المصري، وساهمت في إعداد 20 ألفًا من المرتزقة لمعاونة الفرس ضد مصر. وفي ظل هذه الملابسات تجمع في بلاد الشام الخاضعة للفرس جيش ضخم قدره رواة الإغريق بمائتي ألف من جيوش الفرس وأتباعهم فضلًا عن عشرين ألفًا من مرتزقة الإغريق "وهو تقدير مبالغ فيه"، وكان فوق طاقة مصر أن ترده وحدها بسهولة فعبر الحدود في صيف 373ق. م، واستخدم الفرع المنديسي في نقل بعض قواته الكبيرة، وهنا لجأ القادة المصريون إلى إجزاء بارع فتريثوا حتى تدفق أفراد هذه القوات على الدلتا ووصلوا منف، ثم حصروهم عندها حتى دهمتهم مياه الفيضان وأشاعت الفشل فيهم فتراجعوا أمامها وأمام هجمات المصريين (8).

ولما كانت معاونة الإغريق تشترى بالأكثر من المال، بذل "جدجر" "إرماعت نرع"، أوتيوس كما دعاه مؤرخو الإغريق، الكثير في سبيل شرائها من إسبارطه ومن أثنيا معًا، فاستعاد خابرياس الأثيني إلى خدمته هو وعشرة آلاف من قومه، وفاوض أجيسيلاوس ملك إسبارطه العجوز ليستعين بخبرته فانضم إليه بألف من رجال "وكانت مصر قد أسلفت العون له بمددها الذي غرق عند رودس". وجند جدحر ثمانين ألفًا من المصريين والمهجنين، وأعد ما بين 200 - 300 سفينة وصله بعضها من آسيا الصغرى (9)، وتأهب للخروج بهم عبر الحدود لضرب جيوش الفرس خارج بلاده وليحرمهم من خيرات الشام ومراكز تجمعاتهم فيها، ولكن الأمور لم تكن هينة أمامه، فقد تنافس القائد الأثيني والملك الإسبارطي على القيادة العليا، وحل جدحر هذه المشكلة بأن تولى هو القيادة العليا، وعهد بقيادة المرتزقة كلهم إلى أجيسيلاوس الإسبارطي العجوز الذي بلغ الثمانين وظن أنه سوف يأتي برجاله الألف العجب العجاب، كما عهد بقيادة الأسطول إلى خابرياس الأثيني المغرور (10)، ولكنه لم يستطع أن يستل الحقد من قلب أحدهما تجاه الآخر أو تجاهه هو. ولتموين جيشه الضخم، والإنفاق على مشروعه الكبير، ولإرضاء المرتزقة الذين أبوا أن يتسلموا أجورًا عينية كالعادة واتفقوا معه على أن يتسلموها نقدًا، رأي أنه لا بأس من فرض تضحيات اقتصادية على شعبه طيلة فترة الحرب وفي سبيل هدف أسمى، واستأنس في ذلك بمشورة خابرياس الأثيني، فأمر بمصادرة كثير من المعادن الثمينة في مصر، وحض الكهنة على التبرع بجانب من أملاكهم الخاصة والاكتفاء بإنفاق عشر المخصصات المرصودة للمعابد وتحويل بقيتها لخزائن الدولة حتى تنتهي الحرب، وحض كل مواطن على التبرع بجانب من مدخراته، وفرض نسبة ضريبية معينة على عمليات البيع والشراء، مع تعميم ضريبة العشر على الأرباح ومصادر الدخل المختلفة (11).

وعندما خرج الجيش اللجب إلى بلاد الشام لضرب الفرس فيها، أعاد إلى الأذهان ذكريات جيوش الدولة الحديثة وأمجادها، لولا أن أتاه الأذى من مأمنه، في مصر والشام معًا، ففي مصر انقلب على جدحر أخوه ونائبه على عرشه واستعان بتذمر الكهنة والمتضررين من الضرائب الجديدة التي رأوها تنصرف إلى المرتزقة الأجانب أكثر مما تصل إلى مواطنيهم. ولما كان هذا الأخ شيخًا استدعى ولده من جيش عمه ليقود الانقلاب بدلًا عنه. وفي الشام أحدثت أخبار الانقلاب انشقاقًا في صفوف الجيش، واختار المرتزقة صوالحهم، فانسحب خابرياس الأثيني بجنوده، وانضم أجيسيلاوس الإسبارطي بجماعته إلى ابن الأخ المطالب بالعرش وعاد معه إلى مصر ليتلقى جزاء تأييده له (12). وهنا لجأ جدحر كسيرا إلى صيداوروي منافسوه أنه طلب حق اللجوء السياسي بعد ذلك من الفرس، وهكذا أتت نهايته على غير ما أراده لنفسه وانتهى مشروعه إلى غير ما أمله فيه شعبه.

ولما كانت مقادير الشرق قد أصبحت مرتبطة بما بين الإغريق والفرس ومصر، ظهر رأيان متعارضان رددهما فريقان من بلاد الإغريق في خضم النزاع بين مقدونيا الناهضة بزعامة فيليب الثاني وبين أثينا العجوز الواهنة، بشأن مدى المنطقية في التعاون مع مصر على قتال الفرس. وعبر أرسطو عن الرأي الأول بلسان مقدونيا وأيد فيه منطقية مساعدة المصريين حتى لا يقعوا ثانية فريسة للفرس، ونبه قومه إلى أن دارا وإكسركسيس لم يتمكنا من قتال الإغريق إلا بعد إخضاع مصر، وأنه لا يستبعد حدوث الأمر نفسه إذا تكرر استعمار الفرس لها من جديد. وذهب إلى ضد هذا الرأي خطيب أثينا الأشهر ديموسثينيس فسخر ممن يريدون حرب الفرس في مصر، ودعاهم إلى أن يقفوا في أطماع الغول المقدوني في أرضهم قبل أن يقفوا في وجه الفرس (13).

ونعود إلى مصر التي ولي عرشها ابن الأخ "مخت حرحب" "سنجم إب رع"، أو نكتانبو "الثاني" كما دعاه بعض المؤرخين الكلاسيكيين (14)، فأخرص الأصوات الباقية على الولاء لعمه، وأرضى الكهنة المتذمرين، وأعاد الإسبارطيين بالهدايا، وقد مات قائدهم العجوز في الطريق. ثم رد بالجيش المصري هجومًا حاول الفرس أن يستغلوا له ما كان من تفرق الكلمة في بلده، وترتب على انتصاره عليهم أن انقلبت مدن فينيقيا ضدهم وتزعمتها صيدا التي قيل إن جدحر الملك المخلوع قد لجأ إليها، وبهذا ظن نخت حرحب أن زمانه صفا له وأن الأمن تحقق له في الداخل وفي الخارج، فكثر إنشاء العمائر الدينية في عهده تخليدًا لذكره وإظهارًا لتقواه وتعبيرًا عن الشكر المعتاد للأرباب ومداراة للكهنة.

وحتى هذه المرحلة كانت مصر لا تزال تعتبر نفسها في نهضة، ولا تزال عند الإغريق كعبة للمعرفة والعلم القديم، وحسبنا أن نشير إلى ما رواه بعض المؤرخين الكلاسيكيين من أن الفيلسوف الأثيني الأشهر أفلاطون قد زار مصر في أوائل القرن الرابع ق. م ليتعلم فيها الحكمة واللاهوت والعلوم، وتتعرض صحة هذه الزيارة للشك ولكن يكفي ما في روايتها من دلالة على تقدير العالم الخارجي لمصر حتى وهي في أيام محنها. وانعكست مشاعر العصر وآماله ونكساته على فنونه التي نكتفي باستعراض القليل منها. فقد انتقلت إلى حوزة المتحف المصري والمتاحف الأوروبية، ومتحف برلين بخاصة، رءوس مصرية صغيرة من أحجار صلبة رائعة، اختلف الباحثون في توقيتها بين عصر الأسرة السادسة والعشرين وبين عصر الأسرة الثلاثين، واتصفت ملامح هذه الرؤوس باتساع ما بين الأنف والشفة، وتقطيب ما بين الحاجبين، وكرمشة الركن الخارجي للعين (15). وظهرت بهيئة تشبه هيئة الرؤوس الإغريقية والرؤوس الرومانية التي أتت بعدها بأجيال طويلة. ولا تعني هذه المشابهة أن فناني الرؤوس المصرية كانوا إغريقًا أو متأثرين بفن الإغريق أو الرومان بالضرورة، فالإغريق حينذاك وعلى الرغم من تقدمهم الحضاري، كانوا لا يأنفون من استيحاء ما يناسبهم من فنون المصريين، دون القيام بتعليم الفنانين المصريين أو التأثير في فنونهم تأثيرًا يذكر (16)، ولم يكن للرومان حينذاك حضارة يعتد بها.

وفيما بين عصر الأسرة الثامنة والعشرين وعصر الأسرة الثلاثين طور الفنانون تراثهم القديم للمرة الأخيرة، وجاهدوا في الارتقاء به جهد طاقتهم، ونحتوا تماثيل قليلة العدد، ولكنها رائعة الأداء والتعبير، تكسو وجوهها جميعها علامات المسئولية والهم وآثار الكفاح، وتغلب عليها تجاعيد الجباه وتقطيباتها (17).

وبقي من نماذجها الناجحة تمثال نصفى للفرعون "هجر"، ورأسان الفرعون "نخت نبف"، وتمثال للفرعون "نخت حرحب"، وصورت هذه القطع الأربع بهيئاتها الشخصية الصادقة آخر روائع فن النحت المصري في عصوره القومية الخالصة القديمة (18).

واستمر فنانو الإنتاج الديني يلبون مطالب كبار الكهنة والحكام في نحت التماثيل الكبيرة والتوابيت الضخمة، وكأن هؤلاء، أو الغالبية منهم على أقل تقدير، لم يتأثروا كثيرًا بما أصاب بلادهم في عصورها الأخيرة من متاعب ونكسات، فنحتوا لهم توابيتهم الحجرية من أشد الأحجار صلابة وصنعوها بأحجام هائلة، وشكلوها على هيئات بشرية كاملة، ونقشوا سطوحها الداخلية والخارجية بنصوص كتب الموتى ومناظر الآخرة، وفعلوا ذلك كله في إسراف شديد، يصعب أن نتصور معه كم كانت تستلزم صناعة التابوت الواحد منها من جهد ونفقة وصبر طويل.

خاتمة المطاف القديم:

كان الأمن الذي توفر لمصر في عهد نخت حرحب أمنًا كاذبًا؛ إذ استعر حقد الفرس على مصر الناهضة منذ أن ولي أمرهم أرتاكسركسيس الثالث "أوخوس"، وكان طموحًا أعاد الأمل لقومه في الانتقام لشرفهم المسلوب واستعادة غلال مصر وذهبها، وبذل في سبيل مشروعه لغزوها منذ عام 345ق. م جهودًا روى ديودور الصقلي أخبارها، وقاد جيشه بنفسه وبدأ بميناء صيدا مركز الثورة في فينيقيا فدمرها بعد أن تخلت عنها النجدة الإغريقية التي استأجرتها مصر من أجلها، وانضمت إليه ثم أخضع جيرانها (19). وعندما شارف الحدود المصرية بلغت قواته فيما روى بعض مؤرخي الإغريق أكثر من ثلاثمائة ألف مقاتل من بلده ومن ولاياته ومن مرتزقة الإغريق وأمثالهم، فضلًا عن 300 سفينة، واستفاد من تجارب الحرب السابقة، فبدأ هجومه في خريف 343ق. م، دون خشية من أخطار الفيضان، واستفاد من قواته البرية. والملاحية معًا، فوزعها لدخول الدلتا من ثلاث جهات، وسلك سبيل المخادعة فأمر قادته بأن يعرضوا الأمان للمدن إذا فتحت أبوابها. ووقفت مصرفي وجهه وقاومت بجيوشها جيوشه مقاومة عنيفة في بلوزيوم "القرما"، وبلغ مجموع جيشها فيما روى الإغريق نحو مائة ألف، وكان كافيًا للمقاومة على الرغم من أنه ثلث عدد جيوش الفرس، وهنا رُوي أن نخت حرحب تردد في الأخذ برأي قادته في ضرورة استمرار القتال في أعقاب مقاومة بلوزيوم وانخدع برؤيا رأى فيها الإله إنحرة يعده إنقاذ مصر بالفيضان كما فعل في المرة الأولى. وكان في هذا التردد فرصة للفرس، وما لبث الجنود المرتزقة من الإغريق أن انضموا إليهم بعد أن أحسوا بأن الكفة بدأت تميل لصالحهم، فتراجع نخت حرحب إلى منف واستعد للتحصن بها على أمل إطالة وقوف الأعداء عندها حتى يتحقق وعد ربه، وعندما أيقن عقم المقاومة تراجع إلى أقصى الصعيد حيث احتفظ بحكمه نحو عامين (20)، ثم اختفى أثره وأصبح محورًا لأسطورة نعرضها بعد قليل. ونشر الأخطبوط الفارسي نفوذه على ما دون ذلك من أجزاء الوادي، وبدأ استعماره الثاني، وهو استعمار لم يطل غير عشر سنوات أو أحد عشر عامًا ولكنه بدأ بانتقام عنيف ولم يرع عهود الأمان التي قطعها ملكه للمدن المفتوحة، وما كان يرتجى أمان من غاز موتور. وهنا وصفت بردية الأيام الديموطية كيف فقدت بيوت المصريين رجالها .... وسكانها الماذيون "الفرس" (21). وروى كل من ديودور الصقلي والمصادر البطلمية أن أرتاكسركسيس أمر بتدمير أسوار المدن الرئيسية، ونهب كنوز المعابد، وامتهن ديانتها وأمر بنقل تماثيلها الثمينة إلى فارس وتاجر أعوانه بوثائقها النادرة، ثم كافأ الإغريق الذين عاونوه وأعادهم إلى بلادهم، وعين واليها فراسيا على مصر وعاد بجيشه إلى بابل ومعه الغنائم واكتسب شهرة واسعة بنجاحه (22). ولكن لأمد محدود؛ إذ مات مسمومًا وتبعه ولده مسمومًا كذلك. ووصف بتوزيريس "بادي أوزير" كاهن الأشمونيين المصري أحداث هذه الفترة وكيف لم يسترجع أحد موضعه الذي كان فيه نتيجة الاضطرابات التي شهدتها مصر، حين كان الصعيد في قلق والدلتا في ثورة ... وبعد أن خوت المعابد وما عاد شيء يجري فيها منذ غزا الأجانب مصر (23) وكان الدلتا وما حولها في ثورة فعلًا على الرغم من انتشار الحاميات الفارسية فيها، وقد ذهب زعماؤها مذهبين: فرأى فريق منهم أن يناضل في وطنه، وكان منهم زعيم يدعى خباش سيطر على جانب من الدلتا واعترف به كهنة منف وبعض أهل الصعيد فرعونًا (24) وصرف الفرس عنه أصوات دقات عنيفة سمعوها من بلاد الإغريق التي بدأت حينذاك أعظم أيامها تحت راية الإسكندر الثالث "الأكبر". ثم فريق آخر من المصريين رأوا العودة إلى معاونة الإغريق ضد الفرس في الخارج ثم الاستعانة بهم ضدهم في الداخل، وكان من هؤلاء طبيب مقاتل يدعى سماتاوي تاف نخت انضم إلى جيوش الإغريق عندما عبرت أوروبا إلى آسيا وهبطت من آسيا الصغرى إلى قتال الفرس في الشام (25). ولم يكن قادة الإغريق في هذه المرة من أثينا أو إسبارطه، ولكنهم كانوا من المقدونيين تحت زعامة الإسكندر الذي خرج من بلده بهدف عريض، وهو القضاء على إمبراطورية الفرس والحلول محلها في مناطق نفوذها وإذلال ملكها ومعاملته بما حاول إكسر كسيس الأول أن يعامل الإغريق به. وكانت دولة الفرس حينذاك كما عهدناها، دولة ضخمة الإمكانيات ضخمة الإمكانيات متسعة الأرجاء وفيرة الثراء تسيطر على الهلال الخصيب وأجزاء من الشرق الأوسط وتستطيع أن تجند جيوشًا ضخمة من رجالها ومن ولاياتها، ولكنها كانت مع ذلك عجوزًا مهلهلة، مزقتها الخلافات الداخلية، وجمدت جيوشها عند أساليب حرب عتيقة، وكرهتها الشعوتب الخاضعة لها. وكان على رأسها ملك محبوب من رعيته وهو دارا الثالث، ولكنه كان ضعيف الإرادة بطيء التصرف سيئ الحظ. ولن نطيل في وصف انتصار الإسكندر عليه في موقعة إسوس قرب الإسكندرونة الحالية في نوفمبر 333ق. م، ويكفي أن نضيف أن الإسكندر خطط لنفسه بعدها أن يحل محل الفرس في بلاد الشام ومصر حتى يحرمهم من مواردهما الضخمة ويحرمهم من سواحلهما الطويلة ومن اتخاذ موانيهما ملاجئ لأساطيلهم، ثم ينتفع بهذا كله ويضع أكبر موارد الغلال في الشرق في قبضته، ويؤمن ظهره إذا هاجم الفرس في عقر دارهم (26). ومرة أخرى نتجاوز عن تفاصيل حروب الإسكندر في الشام، لنجد الوالي الفارسي في مصر يعلن التسليم له ويترك له مقاليدها. وعندما دخلها الإسكندر في خريف 332ق. م ثوب منقذها من الفرس، لم يكن أعوانه أغرابًا عنها، فطالما عمل بعضهم مرتزقة في جيشها، وطالما شاركها بعضهم في معاداة الفرس. وعلى نحو ما عمل إغريق نقراطيس وسطاء في التجارة بينها وبين بلاد اليونان عملوا كذلك وسطاء بينها وبين الإسكندر. ولكن فات مصر أن إغريق اليوم غير إغريق الأمس، وأنهم أتوها يومئذ يعملون لحسابهم الخاص، مستعمرين وليسوا مأجورين، سادة وليسوا مرتزقة. وسلك الإسكندر في مصر مسلك النزيل الحصيف، فاحترم تقاليدها واحترم أربابها وتجشم مشقة الرحلة إلى معبد آمون مقر الوحي في واحة سيوة بقلب الصحراء الغربية، وادعى البنوة له واستلهم وحيه، فاعترف كهنته بالأمر الواقع وبشروا الإسكندر بما أراد أن يبشروه به من تأييد ربهم ونصره. ثم أشاع خلفاؤهم لإرضاء قومتيهم المغلوبة على أمرها، أن الإسكندر لم يكن غريبًا عن الأرض الكريمة التي دخلها، وأن ملكهم القومي الأخير نخت حرحب "نكتانبو الثاني" الذي خفي أمره كان قد نزح إلى مقدونيا تتلبسه روح آمون، حيث شغف بملكتها أولمبياس حبًّا وأنجب منها الإسكندر(27).

ولسنا ندري مدى تصديق المصريين لهذا التهريف، ولكن الغريب أنه على الرغم من كثرة ما ادعاه الإسكندر من البنوة لأرباب آخرين من الشرق ومن الغرب، ظلت بنوته لآمون لاصقة به لصوق بنوته لزيوس الإغريقي، بحيث حدث عندما اختصم رجاله معه في أواخر عهده وهم في قلب الهند أن نكصوا عن متابعته إلى الحرب والفتح قائلين له: "اذهب أنت وأبوك آمون فقاتلا"(28).

__________

(1) Xenophon, Anabasis, I, 14, V, 73.

(2) Cf. Mallet, Les Rapports Des Grecs Avec L'egypte, De La Conquete De Cambyse A Celle D' Alexandre, 1922, 77, F.

(3) Cf., Sayce And Cowley, Aramaic Papyri Discovered At Aswan, 1906; G.R. Driver, Aramaic Documents Of The Fifth Century B.C., 1957; Zas, 1964, 63 F.;B. Porton, Archives From Elephantine, 1968 Etc.

(4)  Kienitz, Op. Cit., 76 "Xenophon, Anabasis, I, 4-5".

(5) Diodorus, Xvi, 79.

(6)  Bury, Op. Cit., 556-57; Gyles. Op. Cit., 43.

(7) Erman U. Wilken, Zaes, Xxxviii, 127 F.; Posener, Asae, 1934, 141 F.; Gunn, Jea, 1934, 55 F.

(8) Diodorus, Xiv, 10; Xv. 41-43; Plutarch, Agesilaus, 23. 3; Naville, the Shrinc Of Saft El-Henneh And The Land Of Goshen, 6 F.; Zaes, 1963, 90 F.

(9)  Gyles, Op. Cit., 44; Xenophon, Agesilaus, Ii, 27".

(10) Diodorus, Xv, 9, 92; Gyles, Op. Cit., 44 and Notes.

(11) Op. Cit., 45 "After Ps. Aristotle, Oeconomica, Ii, 25 F.; Polyaemus, Iii, 5 F.".

(12) Diodorus, Xvi, 40, 46, 48; Gyles, Op. Cit.

(13)  Ibid., "After Aristotle, Rhetoric, Ii, 20, 3-4; Demosthenes, Rhodians, 3-4".

(14) Of. Tresson, Kemi, 1931, 126 F.; Ernst Meyer, Zas, 1931, 68 F.; Bickermann, In Melanges Maspero, 1934, 77 F.; V. Clere, Rev. Eg., 1951, 25 F.

(15) Berlin, 255, 12500, 23728; K. Bose, Die Menschliche Figur, 58 A, 205-206, 208

(16)  See, Jea, 1930, 45 F.; Lverson, Mitt. Deutsch, Xv, 1957, 324 F.

(17) Waigall, Ancient Egyptian Works Of Art. Fig. 327.

(18) Cf. Bosse, Op. Cit., S. 94 F.

(19)  Diodorus, Xvi, 40 F.

(20) Maspero, Les Contes Populaires De L'egypte Ancienne, 4eme, Ed., 307; Brugsch, Thesaurus, Iii, 549; Chassinat, Edfou, Vii, 239; Bickermann, Op. Cit., 81 F.

(21) Spiegelberg, Demotic Chronicle, 14 F.

(22) Diodorus Xvi, 51.

(23) Lefebure, Le Tombeau De Petosiris, 1, 3 F.

(24) Kienitz, Op. Cit., 185 F., 232.

(25) Schaefer, Aegyptiaca, Festschrift F. Ebers, 92 F; Sethe, Urk. Ii, 1 F.; Bifao, Xxx, 369 F.

(26) Cf J. Bury, Op. Cit., 748 F., 757 F.

(27) A. Moret, Du Caracteres Religeux De La Royaute Pharaonique, 67-68; "Psuedo-Callisthenes, 4 F.".

(28) Bury, Op. Cit., 816.




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).





العتبة العباسية تختتم فعاليات حفل التكليف الشرعي في قضاء عين التمر بكربلاء
طالبات مدارس عين التمر يرددن نشيد التكليف الشرعي
الطالبات المشاركات في حفل التكليف الشرعي يقدمن الشكر للعتبة العباسية
حفل التكليف الشرعي للطالبات يشهد عرض فيلم تعريفي بمشروع (الورود الفاطمية)