أقرأ أيضاً
التاريخ:
787
التاريخ: 24-9-2016
2494
التاريخ: 24-9-2016
2210
التاريخ: 24-9-2016
4169
|
يعرف بمرحلة انتاج الطعام Food Producing Stage حيث تحول نشاط الإنسان فيه بشكل اساسي إلى الزراعة التي أقترنت لدى كل الحضارات بالاستقرار، والذي أستند بدوره على أسس رئيسية هي الحياة الاجتماعية وقوامها الاسرة والنشاط الاقتصادي وقوامه الزراعة والفكر الديني وقوامه نظرة الإنسان للألهة والظواهر الكونية وأخيراً التكوين السياسي وقوامه الدولة والحاكم.
وفي المجمل فان اهم ما يميز هذا العصر من مظاهر هي : الزراعة، استئناس الحيوان، تطور صناعة الفخارة، الآلات المجرية المصقولة بدلاً من المشظاة. وكذا فإنه على الرغم من تعدد مواقعه وكثرة آثاره، فقد ميز الأثريون على وجه الخصوص بين ثلاثة مواقع حضارية أساسية تمثل هذا العصر وهي مواقع جرمو وحسونة وحلف. ولسوف نتناول السمات الحضارية لكل منها على حدة وعلى النحو التالي :
أ – جرمو :
اسم لإحدى الروابي الواقعة قرب جمجمال بحوالي احد عشر كيلومترات شرقاً على مسافة 35 كيلومتراً شرقي كركوك. ويتفق معظم الباحثين مع ما ذهب إليه مكتشفها بريدوود Braidwood في كونها أقدم قرى هذا العصر. وقد كشفت طبقاتها الستة عشرة عن ملامحها المميزة لها.
فالطبقات الدنيا حملت حبوب القمح والشعير وعظام الماعز والأغنام المدجنة في حين ظهرت الفخاريات في احدث خمس طبقات بالموقع، بما يؤكد ما ذهب إليه الدارسون للعصر الحجري الحديث بتقسيمه إلى مرحلة ما قبل الفخار Pre – Pottery Neolithic ومرحلة الفخار Pottery Neolithic. وإن كان يغلب على الظن ان فخار موقع جرموا بألوانه وحزوزه إنما كان مستوردا من الشرق (إيران تحديدا) لعدم وجود ما يماثل نمطه في المنطقة ومجاوراتها بالعراق.
اما البيوت التي آوت حوالي 150 فردا من سكان الموقع فتميزت باستطالة شكلها وارتفاعها على اسس حجرية في حين كانت جدرانها مبنية بكتل طينية والأسقف من البوص المغطى بطبقة طينية سميكة. كما تميز منزل جرمو بتعدد حجراته وشيوع المادة الطينية في بنائه وبناء افرانه أيضاً وكذا الأواني الفخارية المتعددة.
كما شاع استخدام حجر الأوبسيديان في صنع أسلحته القزمية فضلا عن تطور صناعة الحجر بعامة للأدوات الزراعية من مناجل وفئوس ومجارش. وعلى الرغم من كثرة التماثيل الطينية المكتشفة لحيوانات ورجال ونساء إلا أن الشيء الملفت في التماثيل الآدمية هي تغليظ أعضاء الذكورة والإناث، بشكل دفع البعض إلى الظن بوجود نوع من تقديس فكرة الخصوبة ورموزها كنوع من الفكر الديني المرتبط بالزراعة وخصوبة الأرض بعد مرحلة تقديس الظواهر الكونية.
ب – حسونة :
نسبة إلى تل حسونة الواقع على بعد 33 كيلومترا جنوب الموصل. وآثاره التي ترجع إلى حوالي 4800 سنة قبل الميلاد والتي تضمنتها ستة عشر طبقة آثرية، تؤكد على طبيعة القرية الزراعية. اذ زرع الفلاحون بها القمح والشعير معتمدين على الامطار وخصوبة الأرض. كما استخدموا الأدوات الزراعية المصنوعة من الحجر او الأوبسيديان مثل المناجل والمجارش والرحى. كما كانت لديهم مخازن لتخزين فائض الانتاج تحت الأرض وكانت تغطى بالقار للحفاظ عليها، كما دجنوا الماعز والأغنام.
ولقد شيدوا منازلهم من قوالب اللبن التي توصلوا لصناعتها في حين كان يتم دفن موتاهم اسفل أرضياتها، كما تفيد أدواتهم من الأوبسيديان إلى وجود نوع من الإتصال الخارجي مع تركيا وأرمينيا، وكذا منطقة الخليج العربي لإستيراد الأصداف البحرية اللازمة لصناعة الحلى. وفخار تل حسونة يجمع بين نمط سابقة بجرمو حيث الألوان الزاهية والحزوز، وإن تميز عليه بوجود الزخارف الهندسية والرسوم الخاصة بالطيور والأسماك وغيرها من الكائنات الحية. ويؤكد انتشار أوانيهم الفخارية في مواقع عدة داخل العراق وخارجها على حجم النشاط الاقتصادي المتبادل بين صناع هذه الحضارة وجيرانهم. والجدير بالذكر ان مرحلة حسون قد اقترن بها لدى الآثريين منطقة اخرى بمنطقة سامراء تعرف باسم تل الصوان على الضفة الشرقية لنهر دجلة ولحوالي 12 كيلومترا جنوب بلدة سامراء الحالية.
جـ - حلف :
يقع التل المسمى بهذا الاسم على نهر الخابور بالقرب من قرية العين السورية عند الحدود التركية. وهي تمثل مرحلة النقلة نحو استخدام المعدن وتطويعه إلى جانب الحجر الذي أصاب الإنسان في تقنيته مبلغا عظيما. ومن ثم فقد تميزت هذه المرحلة بمسمى العصر الحجري المعدني؟ كمصطلح يميز هذا الوضع الاقتصادي الجديد التي طرأ على النشاط البشري وأدواته أكثر من كونه عصرا منفردا بذاته.
وتمتد هذه المرحلة من حوالي 4000 إلى 3000 ق.م. أي حتى قيام السلالات الحاكمة وبداية التاريخ السياسي. وتنفرد بنمط فريد من تصميم المنازل وهي المباني ذات الشكل الدائري والمداخل المستطيلة، حيث شيدت على اسس حجرية وجدران طينية واسقفها كانت ذات شكل مقبى. ولعل هذا الشكل المتميز للأبنية قد دفع بعض الآثريين لاعتبارها معابد وليس دور سكني في حين اتجه البعض الآخر لاعتبارها أماكن لإجتماع الرجال بالقرية مثل المضيفات الموجودة حالية بالقرى.
وقد جمع فخار هذه الفترة كل الاشكال الجمالية والفنية السابقة وان زاد عليها تعدد ألوانه الزاهية في المنتج الواحد بدلا من لون او اثنين على الاكثر كما كان من قبل. كما عرفت من هذا العصر الاختام الحجرية على شكل قرص كمرحلة سابقة للأختام الاسطوانية التي اشتهر بها العراق القديم. في حين كان الانتاج النحاسي غاية في التواضع ولم يتجاوز صناعة الدبابيس والأزاميل.