أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-9-2016
137
التاريخ: 23-9-2016
137
التاريخ: 23-9-2016
167
التاريخ: 23-9-2016
228
|
الحد في اللغة الحاجز بين شيئين، والمراد به هنا الأحكام الجزائية للإسلام التي شرعها اللّه تعالى عقوبة لمرتكبي المعاصي، كان حدا اصطلاحيا أو تعزيرا كحد الزنا وشرب الخمر وغيرهما، والدرء في اللغة الدفع والمنع، والشبهة الشك، والعنوان المركب من هذه الألفاظ قاعدة كلية استنتجها الأصحاب من الأدلة والنصوص، وأفتوا بمضمونها في موارد مختلفة من الحدود، أرادوا بها أن الشارع قد رفع عقوبة الحد والتعزير عن المرتكب لأسبابهما إذا كان هناك شبهة طارئة وإبهام وترديد.
والظاهر انه لا إشكال عند الأصحاب في أصل ثبوت القاعدة، وإنما الإشكال في بعض فروعها، لما في مفادها من الإجمال في الجملة دليلا وموردا كما ستعرف. وعمدة الخدشة فيها من جهتين الاولى انّه هل المراد بالشبهة هو الشبهة العارضة للحاكم في حكمه وقضائه، من جهة الإجمال في الدليل أو موضوعه، أو الحاصلة لمن صدر عنه الذنب، وعلى الثاني هل المراد الشبهة التي تكون عذرا لصاحبها لقصوره، أو يعمها والتي لا تكون عذرا له لتقصيره، أو المراد الأعم من الشبهتين الحاصلة للحاكم والمحكوم.
الثانية: انه هل يحتاج الفقيه أو القاضي في موارد فتواه وقضائه إلى هذه القاعدة أو لا يتحقق له حاجة إليها لظهور حكم الحوادث بعناوينها الأولية أو الثانوية.
فنقول: أما الجهة الأولى فالظاهر عموم الشبهة الواقعة في عنوان القاعدة لما قد يعرض على الحاكم وما قد يعرض على المحكوم، أما الأول فلظهور جريان القاعدة فيما لو كان حال مرتكب الذنب معلوما للحاكم، وكانت الشبهة حاصلة له من ناحية وجود الإجمال في مدرك الحكم الذي أراد القضاء به، كما إذا ارتكب شخص كبيرة مع جهله بالحكم أو الموضوع تقصيرا، وشك الحاكم في تنجيز ذلك الجهل وعدمه، كما إذا شرب الشخص خمرا جاهلا بحرمته بسيطا أو شرب أحد الاناءات المشبهة بالخمر بشبهة محصورة.
ونظيره ما لو نكح بكرا بالغة بدون إذن أبيها مع تردده في شرطية إذنه، أو أقر بما يوجب القتل من الزنا واللواط أربع مرات ثم أنكر، فشك الحاكم في سقوط الحد بالإنكار، لاحتماله اختصاص أدلة السقوط بالإقرار بالرجم فقط، وغير ذلك من الأمثلة.
وأما الثاني فهو أظهر من الأول وظهور جريان القاعدة فيما إذا عرضت الشبهة لمرتكب الذنب، سواء كانت عذرا لصاحبها أو لم تكن، كموارد ارتكاب المعاصي مع الجهل بالحكم أو الموضوع أو نسيانهما أو غير ذلك من الشبهات مع كونه مقصرا وذلك لصدق عنوان الشبهة مطلقا بلا ترديد فتجري القاعدة لتحقق موضوعها.
وأما الجهة الثانية: ففيها تفصيل بين شبهة الحاكم والمحكوم، فإن الإنصاف انه لو لم تكن القاعدة جارية في الأول كان الحكم هو الدرء عند الشبهة أيضا، إذ ليس له إجراء الحد إلّا فيما إذا كان الحكم وموضوعه محرزين عنده بحجة عقلية أو شرعية، فإذا شك في ذلك اندرأ الحد بنفسه لعدم ثبوت مقتضيه لا للاستناد إلى مانعه.
وأما الشبهات العارضة للمحكوم، فالأمر كذلك فيما إذا كانت عذرا له فإذا ارتكب كبيرة جهلا بحكمها أو موضوعها مثلا، كانت الأدلة العامة فضلا عن الخاصة الحاكمة برفع المؤاخذة عن الخطأ والنسيان وما لا يعلم، كافية في رفع الحدود والتعزيرات. وأما العارضة للمحكوم في موارد التقصير فالظاهر انه لا إشكال في جريان الأدلة الأولية الحاكمة بالحدود والتعزيرات فان مقتضاها تنجز الواقع في حقه واستحقاقه العقوبة على مخالفته، والحدود أيضا من العقوبات وحينئذ فلا دارأ للحدود إلّا جريان قاعدة الدرء ، وهذا من موارد ظهور الثمرة لهذه القاعدة، وعليه فينبغي ذكر أمثلة تظهر بذلك موارد الحاجة إلى القاعدة وانه لولاها كان المورد مجرى للحدود.
منها: ما لو علم بعروض جنون لشخص وزناه مع امرأة مع تعين زمان الجنون والشك في كون الزنا قبله أو بعده، فان مقتضى جريان الاستصحاب في مجهول التاريخ وقوع الزنا حال تعقله وثبوت الحد، فلا دارأ له إلّا القاعدة.
ومثله ما لو أسلم الكافر وزنا بمؤمنة مع العلم بزمان الزنا دون الإسلام ، فاستصحاب تأخير كفره يوجب قتله إلّا أن يدرأ بالقاعدة.
ونظيره أيضا ما لو ارتدت المرأة المسلمة وعلم بزناها مع كافر في زمان معلوم فاستصحاب بقاء الإسلام حال الزنا يوجب القتل للزاني إلّا إذا تمسّك بذيل القاعدة.
ومنها: ما لو تداعى اثنان ولدا وأقاما بينة فتعارضت البينتان، ثم قتله أحدهما عمدا فهل يقتص من القاتل أو لا لاحتمال أبوّته لكن مقتضى القاعدة القصاص لثبوت المقتضى له وهو قتل المؤمن وعدم المانع عنه إلّا ان يتمسك بذيل القاعدة وغير ذلك من الموارد.
تنبيه:
استدل الأصحاب على قاعدة الدرء بنصوص منها النبوي (صلّى اللّه عليه وآله ) والعلوي (عليه السلام) : ادرؤوا الحدود بالشبهات (1) وما عن العامة ادرؤوا الحدود على المسلمين أو عن عباد اللّه ما استطعتم أو ادفعوا الحدود عن عباد اللّه ما وجدتم له مدفعا، وما في الصحيح عندنا عن علي أتي بامرأة مع رجل قد فجر بها فقالت استكرهني واللّه يا أمير المؤمنين فدرأ عنها الحد .انتهى ، وهذا غير دال لعدم ذكر الشبهة ولاحتمال كون الدرء لحصول العلم له عليه السلام بصحة دعواها ولو فرضنا شكه عليه السلام في ذلك فالدرء لعدم إحراز الموضوع.
______________________________
(1) الوسائل 18 أبواب مقدمات الحدود ب 24 ح 4.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|