المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8120 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

Figure Eight Knot
24-2-2020
الرفق
18/9/2022
وصف حجر سجيل
2024-07-09
معنى كلمة قسّ‌
10-12-2015
Equivalence Relation
11-1-2022
مونتيل – يول
17-9-2016


قاعدة « حجية قول ذي اليد »  
  
431   09:57 صباحاً   التاريخ: 19-9-2016
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ج2 ص102 – 119 .
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / حجية قول ذي اليد /

[ والكلام في القاعدة يكون فيما يأتي ] :  

- ما المراد بذي اليد؟

- أقوال الفقهاء في المسألة‌ .

- دليل القاعدة من السنة‌ .

- بناء العقلاء في المسألة‌ .

- هل القاعدة من الامارات أو من الأصول؟

- هل يعتبر فيها العدالة أو الوثاقة؟

- تعارض الامارات مع قول ذي اليد‌ .

حجية قول ذي اليد :

ما المراد بذي اليد؟

المراد من ذي اليد في هذا الباب هو من كان له سلطنة على شي‌ء، اما من جهة الملك، أو الأمانة، أو الإجارة، أو العارية، أو غير ذلك، بل ولو كان التسلط من ناحية التربية كسلطة الأب والام على الطفل، بالنسبة إلى اخبارهم عن طهارته ونجاسته وغير ذلك مما يمس به، وكذلك سلطة الامام والفقيه ومن يكون منصوبا من قبله بالنسبة الى ما يقع تحت حكومتهم.

وبالجملة لهذا العنوان هنا معنى وسيع، ومنه يظهر أن دائرة هذه القاعدة أوسع بمراتب من قاعدة اليد، وانها تكون حجة على الملكية فقط، ويستفاد من هذه القاعدة ما لا يستفاد من قاعدة اليد.

وهنا فرق آخر بين القاعدتين وهو ان اليد في قاعدة اليد بنفسها دليل على الملكية، ولو لم يخبر بها صاحب اليد، واما ذو اليد في هذه القاعدة انما يعتبر اخباره بشرائطه، ومجرد كونه ذا اليد لا يكفي في إثبات شي‌ء.

إذا عرفت هذا فلنرجع إلى الأقوال في المسألة :

«أقوال الفقهاء في مسألة حجية قول ذي اليد»  : هذه القاعدة كغيره من القواعد الفقهية لما لم يبحث عنه في كلماتهم مستقلا، وانما تكلموا فيها تبعا واستطرادا في طي المسائل الفقهية بعنوان الاستدلال على كثير من المسائل ...

ان المشكلة المهمة في القواعد الفقهية هي هذا المعنى، حيث لا يرى بحث مستقل عنها لا في الفقه ولا في الأصول ولم ينعقد لها باب إلا في موارد قليلة، فحالها أشبه شي‌ء بحال المشردين الذين لا يأوون دارا ولا يستقرون قرارا.

وعلى كل حال، الناظر في أبواب الفقه يرى استدلالهم بهذه القاعدة في موارد كثيرة بحيث يظهر له منها ان الحكم لا يختص بباب دون باب، بل هي عندهم قاعدة عامة تشمل الأبواب كلها الا ما خرج بالدليل. وإليك نماذج من كلماتهم (ره).

قال الشيخ قدس سره في الخلاف في كتاب «الزكاة»:

إذا قال رب المال، المال عندي وديعة أو لم يحل عليه الحول قبل منه قوله، ولا يطالب باليمين، سواء كان خلافا للظاهر أو لم يكن، وقال الشافعي إذا اختلفا فالقول قول رب المال فيما لا يخالف الظاهر وعليه اليمين استحبابا «1».

وقال أيضا في كتاب العارية:

إذا اختلف صاحب الدابة والراكب وقال الراكب أعرتنيها، وقال صاحب الدابة أكريتكها، فإن القول قول الراكب مع يمينه «2».

وقال أيضا: إذا اختلف الزارع وصاحب الأرض، وقال الزارع أعرتنيها، وقال صاحبها أكريتكها كان القول قول الزارع مع يمينه «3».

وقال أيضا: إذا اختلفا وقال صاحب الدابة غصبتها، وقال الراكب بل أعرتنيها فالقول قول الراكب «4».

وإلزام ذي اليد باليمين في موارد التنازع لا ينافي حجية أخباره، كما ان حجية اليد ودلالتها على الملكية لا تنافي اليمين عند التداعي، فإن اليمين حق المدعي على المنكر في باب القضاء، واما في غيره فهو حجة مجردا عن اليمين.

واما عدم ذكر اليمين في المسألة الأخيرة في تنازع صاحب الدابة والراكب فالظاهر انه من باب الإيكال على وضوحه والا فاليمين لازم في جميع هذه الأبواب.

وقال العلامة في «القواعد» في كتاب الطهارة:

«و لو أخبر الفاسق بنجاسة مائه أو طهارته قبل» «5».

وقال في باب الزكاة:

«و يصدق المالك في الإخراج من غير بينة ولا يمين» «6».

كما انه قال في أبواب القضاء:

«وإذا كان في يده صغيرة فادعى رقيتها حكم له بذلك» «7».

وجميع ذلك دليل على قبول قول ذي اليد بالنسبة الى ما في يده، وان وردت في موارد خاصة.

وقال في التذكرة في كتاب الزكاة:

«إذا بعث الإمام الساعي لم يتسلط على أرباب المال، بل يطلب منهم الحق ان كان عليهم، فان قال المالك أخرجت الزكاة أو لم يحل على مالي الحول أو أبدلته‌ صدقه» «8».

وعدم حلول الحول وكذا عدم تعلق الزكاة وان كان موافقا للأصل الا أن أداء الزكاة لا يوافق الأصل فالمرجع فيه قبول قول ذي اليد.

وقال صاحب الجواهر في كتاب الطهارة:

«وكالبينة في القبول عندنا اخبار صاحب اليد المالك بنجاسة ما في يده، وان كان فاسقا، كما في المنتهى والقواعد والموجز وكشف الالتباس وظاهر كشف اللثام، بل عن الذخيرة انه المشهور بين المتأخرين، كما في الحدائق ان ظاهر الأصحاب الاتفاق عليه. ثمَّ استدل على ذلك بالسيرة المستمرة القاطعة واستقراء موارد قبول إخبار ذي اليد بما هو أعظم من ذلك من الحل والحرمة «9».

وقال في الشرائع في كتاب الوكالة :

إذا ادعى الوكيل التصرف وأنكر الموكل مثل ان يقول بعت أو قبضت، قيل القول قول الوكيل، لأنه أقر بما له ان يفعله، ولو قيل القول قول الموكل أمكن ولكن الأول أشبه.

وأضاف في الجواهر: «بأصول المذهب وقواعده» «10» .

ويمكن ان يكون المراد من أصول المذهب وقواعده قاعدة من ملك شيئا ملك الإقرار به كما صرح به في بعض كلماته، وقاعدة حجية قول ذي اليد.

وقال في كتاب القضاء :

«الصغير المجهول النسب إذا كان في يد واحد ادعى رقيته قضى بذلك ظاهرا وكذا لو كان في يد اثنين، بلا خلاف أجده فيه، وان كان الأصل فيه الحرية، الا ان‌ رقيته أمر ممكن وقد ادعاه ذو اليد، ولا منازع له، فيحكم به، بل في التحرير والمسالك لا يلتفت الى إنكاره بعد البلوغ لسبق الحكم برقيته» «11» .

الى غير ذلك مما هو كثير في كلماتهم في مختلف أبواب الفقه.

وصرح المحقق اليزدي بحجية قول ذي اليد في الطهارة والنجاسة، سواء كان يملك أو إجارة أو إعارة أو أمانة، بل أو غصب، وحجية قول الزوجة أو الخادمة إذا اخبرتا بنجاسة ما في أيديهم في ثياب الزوج أو ظروف البيت، وغير ذلك كما يظهر لمن راجعها.

كما صرح المحقق الهمداني «رحمه اللّه» في طهارته بحجية إخبار صاحب اليد في النجاسة على المشهور، كما ادعاه بعض بل يظهر من غير واحد على ما حكى عنهم عدم الخلاف فيه، وعمدة المستند في اعتبار قول ذي اليد هي السيرة القطعية واستقرار طريقة العقلاء على استكشافها للأشياء، وتمييز موضوعاتها بالرجوع الى من كان متوليا عليها متصرفا فيها «12».

أدلة القاعدة :

عمدة ما يدل على حجية قول ذي اليد أمران :

الأخبار الخاصة الواردة في مختلف أبواب الفقه، بحيث يمكن ان يصطاد منها العموم.

و«بناء العقلاء» على ذلك في جميع أمورهم إلا ما خرج بالدليل، وقد أمضاه الشرع.

ولنرجع الى بيان كل منهما.

1- الاخبار -  وهي كثيرة‌ :

«منها» روايات عديدة وردت في أبواب الطهارة والنجاسة مثل ما يلي :

1- ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر (البزنطي) قال سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يعلم أ ذكية أم غير ذكية؟ أ يصلى فيها؟ فقال نعم ليس عليكم المسألة (الحديث) «13».

وظاهره انه إذا سأل وأخبره صاحب اليد بأنه غير ذكية، يجب قبول قوله ولا يصلى فيه. اللهم الا ان يقال ان ذا اليد إذا أخبر بعدم التذكية يحصل الاطمئنان بقوله لأنه بصدد إصلاح أمره، وتحسين متاعه، فهو لا يخبر بوجود العيب فيه الا إذا كان قطعيا.

نعم بناء على وجود جمع ممن يرى طهارة الميتة بالدباغة في السوق في تلك الأيام يمكن دفع هذا الاشكال.

واما أخباره بالتذكية فليس قبوله من باب قبول قول ذي اليد، بل من باب حجية سوق المسلمين المصرح به في صدر الرواية، اعني ان اخباره وعدم اخباره بالتزكية سيّان إذا اشتراه من سوق المسلمين.

2- ما رواه عبد الرحمن بن حجاج قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: اني ادخل سوق المسلمين، اعني هذا الخلق الذين يدعون الإسلام، فاشتري منهم الفراء للتجارة فأقول لصاحبها أ ليس هي ذكية؟ فيقول بلى، فهل يصلح لي ان أبيعها على انها ذكية ؟

فقال: لا، ولكن لا بأس ان تبيعها وتقول قد شرط لي الذي اشتريتها منه انها ذكية، قلت وما أفسد ذلك؟ قال استحلال أهل العراق للميتة وزعموا ان دباغ جلد الميتة‌ ذكاته (الحديث) «14».

وهذا الحديث أظهر من سابقة، وأسلم من بعض الإشكالات الذي مر فيه، لان الاعتماد فيه على اخبار ذي اليد لا على سوق المسلمين مضافا الى عدم كون المورد مما يحصل اليقين فيه بالأخبار.

3- ما رواه عبد اللّه بن بكير قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أعار رجلا ثوبا فصلى فيه وهو لا يصلي فيه، قال لا يعلمه، قال قلت فإن أعلمه؟ قال يعيد «15».

وذيل الحديث وان كان معارضا بما دل على عدم وجوب الإعادة لو أخبره، وهو رواية عيسى بن قاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام «16» ولكن هذا لا ينافي العمل بصدره حيث دل على قبول اخبار صاحب اليد، بناء على قبول التفكيك في الاخبار من حيث العمل، أو يحمل الأمر بالإعادة على الاستحباب.

ومنها ما ورد في أبواب الصيد والذبائح :

مثل ما رواه محمد بن مسلم وغيره أنهم سألوا أبا جعفر عليه السّلام عن شراء اللحوم من الأسواق ولا يدري ما صنع القصابون، فقال كل إذا كان ذلك في سوق المسلمين ولا تسأل عنه «17».

فإن النهي عن السؤال دليل على انه إذا سئل وأخبر ذو اليد فقوله حجة، والا كان السؤال وعدمه سيّان، وهو خلاف ظاهر الرواية.

و منها ما ورد في أبواب الأطعمة والأشربة:

1- ما رواه بكر بن حبيب قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الجبن وانه توضيح‌ فيه الانفحة من الميتة، قال لا تصلح، ثمَّ أرسل بدرهم فقال اشتر من رجل مسلم ولا تسأله عن شي‌ء» «18» ودلالته على المطلوب بعين ما مر في سابقة.

2- ما رواه حماد بن عيسى قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول كان أبي يبعث بالدراهم الى السوق، فيشترى بها جبنا ويسمي ويأكل ولا يسأل عنه «19».

ومنها ما ورد في أبواب الزكاة :

من تصديق قول رب المال في عدم تعلق الزكاة بماله، أو أدائه بعد تعلقه.

مثل ما رواه غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليه السّلام قال: «كان علي عليه السّلام إذا بعث مصدقه قال له إذا أتيت على رب المال فقل تصدق رحمك اللّه مما أعطاك اللّه فإن ولى عنك تراجعه» «20» فان التولي هنا بمنزلة جوابه بنفي تعلق الزكاة بماله أو أدائه بعد تعلقه.

وما رواه بريد بن معاوية قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «بعث أمير المؤمنين عليه السّلام مصدقا من الكوفة إلى باديتها فقال له:. الى ان قال- فان قال لك قائل لا، فلا تراجعه. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة «21».

ورواه السيد السند الرضي في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السّلام بعبارات اخرى «22».

ومنها ما روي في أبواب ما يكتسب به من كتاب التجارة في باب بيع الدهن‌ المتنجس :

مثل ما عن معاوية بن وهب وغيره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في جرذ مات في زيت ما تقول في بيع ذلك فقال بعه وبيّنه لمن اشتراه ليستصبح به» «23».

وما عن إسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبد اللّه عليه السّلام- الى ان قال- اما الزيت فلا تبعه الا لمن تبيّن له فيبتاع للسراج» «24».

فإنهما ظاهرتان في ان تبيين البائع واخباره حجة للمشتري، نعم يرد عليهما ما أشرنا إليه سابقا من ان اخبار ذي اليد إذا كان فيما فيه ضرره فهو يوجب القطع أو الاطمئنان غالبا.

ومنها ما ورد في أبواب نكاح العبيد والإماء وقبول قول البائع في انها غير موطوئة.

مثل ما رواه زرارة قال اشتريت جارية بالبصرة من امرأة فخبرتني انه لم يطأها أحد، فوقعت عليها ولم أستبرئها فسألت عن ذلك أبا جعفر عليه السّلام قال: هو ذا، قد فعلت ذلك وما أريد أن أعود «25» .

وظهور ذيله في الكراهة لعله من جهة غلبة كون الإماء موطوئة ذاك اليوم .

و لا ينافي ذلك ما ورد في هذا الباب من تقييد قبول خبر البائع بكونه صادقا، أو مأمونا، لإمكان استناده الى ما عرفت من الغلبة وظهور الحال في الإماء، فراجع الباب «6» من أبواب نكاح العبيد والإماء ترى فيها ما يدل على ان هذا القيد انما هو لرفع الكراهة فتأمل.

ومنها ما ورد أيضا في أبواب التجارة ، في باب جواز الشراء على تصديق البائع في الكيل من دون إعادته :

مثل ما رواه محمد بن حمران قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام اشترينا طعاما فزعم صاحبه انه كاله، فصدقناه وأخذناه بكيله، فقال : لا بأس، فقلت أ يجوز أن أبيعه كما اشتريته بكيل؟ قال لا، اما أنت فلا تبعه حتى تكيله «26» حيث دل على جواز الاعتماد على اخبار صاحب اليد بأنه قد كاله، وأما عدم جواز بيعه بعد ذلك بغير كيل فلعله من جهة ان ظاهر حال البائع انه قد كاله بنفسه أو محمول على الاستحباب.

وما رواه سماعة قال سألته عن شراء الطعام وما يكال ويوزن، هل يصلح شرائه بغير كيل ولا وزن، فقال اما ان تأتي رجلا في طعام قد كيل ووزن تشتري منه مرابحة فلا بأس ان اشتريته منه ولم تكله ولم تزنه، إذا كان المشتري الأول قد أخذه بكيل أو وزن وقلت له عند البيع إني أربحك كذا وكذا وقد رضيت بكيلك ووزنك فلا بأس «27».

والكيل والوزن هنا وان كان مفروض الوجود في الرواية، ولكن العلم على مقداره لا يكون الا من ناحية اخبار ذي اليد والاعتماد عليه.

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشتري الطعام، أشتريه منه بكيله وأصدقه؟ فقال لا بأس، ولكن لا تبعه حتى تكيله «28».

الى غير ذلك مما يدل على هذا المعنى.

ومنها ما ورد في أبواب الزكاة أيضا في كفاية الاعتماد على قول المالك في أبواب المضاربة بأنهم أدوا زكاته :

مثل ما رواه سماعة قال سألته عن الرجل يكون معه المال مضاربة هل عليه في ذلك المال زكاة إذا كان يتجر به؟ فقال ينبغي له ان يقول لأصحاب المال زكّوه، فان قالوا انا نزكيه، فليس عليه غير ذلك وان هم أمروا بأن يزكيه فليفعل «29».

نعم يمكن الإيراد عليه بان اخبار ذي اليد هنا محفوف بفعل المسلم وتصرفاته ولو بالواسطة ومقتضى حمل فعل المسلم على الصحة كون هذه التصرفات مباحة أخبر أو لم يخبر.

فهذه ستة عشر رواية والاخبار في ذلك كثيرة جدا وهي وان وردت في موارد خاصة الا انه يمكن استفادة العموم منها بعد إلغاء الخصوصية عنها قطعا.

2- بناء العقلاء :

وهذه القاعدة مثل جل القواعد الفقهية أو كلها عقلائية قبل ان تكون شرعية، وفي الحقيقة الشارع أمضاها لا انه أسسها.

ويظهر ذلك بالرجوع الى أهل العرف والعقلاء، فإنهم يعتمدون على اخبار ذي اليد، سواء كان مالكا أو وكيلا أو أجيرا أو وليا، أو غير ذلك من أنحاء التسلط على مال، أو إنسان صغير، أو شبه ذلك، ويحتجون بذلك في المخاصمات ما لم يكن ذو اليد متهما في قوله، ولا يشترطون في ذلك العدالة أو الوثاقة المعتبرة في حجية خبر الواحد على نحو العموم، وهذا أمر ظاهر لمن راجعهم واختبر أحوالهم.

وحيث ان الشارع لم يمنع منه بل أمضاه- كما عرفته- في موارد كثيرة، يمكن الاعتماد عليه كقاعدة شرعية ويظهر ذلك أيضا من كلمات الفقهاء التي مر عليك ذكرها عنه نقل الأقوال في هذه المسألة.

«بقي هنا أمور» :

الأول: حجية قول ذي اليد هل هي من الامارات أو من الأصول ؟

قد عرفت آنفا ان هذه القاعدة من القواعد العقلائية، والشارع أمضاها، ومن‌ الواضح ان اعتماد العقلاء عليها ليس من باب التعبد المحض، لا نقول ان التعبد في أمور العقلاء غير معقول- كما ذكره بعض محققي المتأخرين- بل نقول ان التعبد في ما بينهم وان كان معقولا مثل تعبدهم بالقرعة، فإنها لا كاشفية لها عن الواقع عندهم بل قد لا يكون في موردها واقعا مجهولا، تكشف عنه القرعة كما في موارد قسمة الأموال بين الشركاء، ولكن ما نحن فيه ليس من التعبد بل الظاهر انهم يعتمدون على قول ذي اليد بما انه كاشف عن الواقع وامارة عليه، لأنه أعلم واعرف بما في يده من غيره.

والحاصل ان جميع الخصوصيات الموجودة في الأمارات موجودة هنا، فان ذا اليد غالبا أبصر بما في يده من غيره، فيكون اخباره عنه كاشفا عن الواقع المجهول.

الثاني: هل يعتبر فيه العدالة أو الوثاقة ؟

لا يخفى على الناظر في اخبار الباب ان إطلاقها ينفي اعتبار العدالة والوثاقة وظاهرها قبول قول ذي اليد سواء كان عادلا أو ثقة أولا، وهكذا فتاوى الأصحاب مطلقة من هذه الجهة، حتى ان بعضهم تردد في اعتبار الإسلام فيه، واحتمل قبول قوله وان كان كافرا، بل افتى بعضهم باعتباره مطلقا.

قال المحقق اليزدي في العروة : «لا فرق في اعتبار قول ذي اليد بالنجاسة بين ان يكون فاسقا أو عادلا بل مسلما أو كافرا» «30» وقرره على ذلك كثير من المحشين وان تأمل فيه بعضهم.

ويؤيد ما ذكرنا بل يدل عليه عدم اعتبار شي‌ء من هذه القيود في بناء العقلاء عليه، الذي قد عرفت انه الأصل في هذه المسألة.

نعم يستثنى من ذلك ما إذا كان ذو اليد متهما في مقالته، أو يكون هناك قرائن‌ ظنية تدل على كذبه، وان لم تبلغ حد الحجية، أو يكون ظاهر حاله مكذبا لقوله، فان بناء العقلاء على حجية أمثالها بعيد جدا، واخبار الباب أيضا منصرفة عنها.

مثل ما إذا كان المخبر ممن لا يبالي في اخباره، أو كان الخبر بالطهارة مثلا في موارد استصحاب النجاسة يجلب له نفعا كثيرا، وقد علمنا كذبه في مثل هذا الخبر في غير مورد، فان الاعتماد على اخباره مشكل جدا بل ممنوع.

ويدل عليه ما ورد في أبواب أحكام العصير عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل من أهل المعرفة بالحق يأتيني بالبختج ، ويقول قد طبخ على الثلث، وانا أعرف أنه يشربه على النصف أ فأشربه بقوله وهو يشربه على النصف؟

فقال لا تشربه، قلت فرجل من غير أهل المعرفة ممن لا نعرفه يشربه على الثلث، ولا يستحله على النصف، يخبرنا ان عندنا بختجا على الثلث قد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه يشرب منه؟ قال نعم «31».

وحاصل الحديث ان البختج- وهو العصير المطبوخ- إذا أتى به من يشربه بغير الثلثان بل بالنصف ولكن أخبر بأنه ذهب ثلثاه لا يقبل قوله، وان كان مؤمنا عارفا بالإمامة، لأن فعله يكذب قوله، واما إذا أتى به من يشربه على الثلث وأخبر بذلك يقبل قوله، وان كان من غير أهل الإيمان، لعدم تكذيب قوله فعله، فيستفاد منه عدم الاتهام أولا وعدم اعتبار الايمان ثانيا.

وتخصيص بعضهم هذا الحديث بمورده، وعدم التعدي عنه الى كل متهم في اخباره، أو حمله على خصوص من يكون سبب اتهامه تكذيب فعله قوله بعيد جدا، بعد ما عرفت في أدلة المسألة، بل الظاهر ان مورد الحديث فرع من فروع اتهام المخبر ومصداق من مصاديقه الكثيرة.

ومن هنا يظهر ان ما ورد في غير واحد من الاخبار من اعتبار الإسلام والمعرفة‌ أو الايمان والورع في من يخبر عن العصير المطبوخ على الثلث- كما في قوله فيما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال سألته عن الرجل يصلي الى القبلة لا يوثق به أتى بشراب يزعم انه على الثلث، قال لا يصدق الا ان يكون مسلما عارفا «32» .

- انما هو ناظر الى موارد التهمة، فإن أمر العصير كان عندهم مشوشا جدا، اختلفت آراء الفقهاء فيه، كما اختلف اعمال الناس فيه، ففي مثل هذه الموارد لا يمكن الركون الا الى المؤمن الورع، لان غيره مظنة الاتهام.

ويدل على ما ذكرنا أيضا ما رواه إسماعيل بن عيسى عن أبي الحسن عليه السّلام في جواب سؤاله عن جلود الفراء يشتريها الرجل من أسواق المسلمين يسأل عن ذكاته إذا كان البائع غير عارف؟ قال: عليكم ان تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك وإذا رأيتم يصلون فيه فلا تسألوا عنه «33» .

فان ظاهره كفاية اخبار المشركين عن ذكاة الجلود، والاعتماد على اخبارهم (ما لم يكونوا متهمين) .

الثالث : تعارض الامارة واخبار ذي اليد :

إذا تعارض أخبار ذي اليد البينة، فهل تتساقطان، أو تقدم البينة على قول ذي اليد ؟

الظاهر تقديمها عليه لا لقصور أدلة حجية قول ذي اليد كما قيل «34» بل من جهة كون البينة أقوى منه، ولذا تقدم البينة على نفس اليد في أبواب القضاء والدعاوي، بل لو لم تقدم البينة على اليد لم يبق لمدعي الملكية في مقابل الغاصب دليل غالبا فتقديمه على اخبار صاحب اليد بطريق اولى، وعليه جرت سيرة العقلاء فيما بينهم‌ من حجية قول ذي اليد.

لكن هذا إذا كانت البينة مستندة الى العلم فلو كانت مستندة الى الأصل فلا تكون أقوى، فيقدم قول ذي اليد عليها إذا كان قوله مستندا الى علمه فتدبر.

وإذا تعارض قول ذي اليد مع ذي اليد الأخر كما في الشريكين المسلطين على شي‌ء واحد، يخبر هذا بأنه نجس والأخر بأنه طاهر، أو تعارض قول صاحب اليد الموجودة لقول صاحب اليد الذي كان سابقا، كما إذا أخبر من بيده الدهن اليوم بأنه طاهر، وأخبر من كان بيده أمس انه نجس.

اما الأول فلا شك في تساقطهما بعد التعارض وعدم الترجيح.

واما إذا تعارض أخبار ذي اليد القديمة مع ذي اليد الجديدة الحالية فهل يقدم قول الأول أو الثاني؟ الظاهر تقديم قول الثاني لأنه ذو اليد فعلا، نعم لو أخبر بأن العين كانت نجسة في الأمس مثلا حينما كان تحت يده، وكان صاحب اليد فعلا مخبرا بطهارته بناء على عدم علمه بالنجاسة من باب أصالة الطهارة، فتقديم قول السابق غير بعيد، كما انه لو أخبر صاحب اليد الجديدة بأنه طهره لا شك في تقديم قوله على صاحب اليد القديمة لعدم المنافاة بينهما.

وهذه المسألة من بعض الجهات تشبه ما ذكروه في كتاب القضاء في تداعي شخصين على عين واحدة، أحدهما صاحب اليد فعلا، وقامت البينة بكون الأخر صاحب اليد أمس، وان كان تخالفه من بعض الجهات «35».

________________

(1) الخلاف ج 1 كتاب الزكاة مسألة 27.

(2) الخلاف ج 2 كتاب العارية مسألة 3.

(3) الخلاف ج 2 كتاب العارية مسألة 4.

(4) الخلاف ج 2 كتاب العارية مسألة 5.

(5) القواعد كتاب الطهارة ص 7.

(6) القواعد كتاب الزكاة ص 59.

(7) القواعد كتاب القضاء ص 235.

(8) تذكرة الفقهاء ج 1 كتاب الزكاة ص 241.

(9) الجواهر ج 6 ص 176.

(10) الجواهر ج 27 ص 434.

(11) الجواهر ج 40 ص 476.

(12) مصباح الفقيه كتاب الطهارة ص 610.

(13) الوسائل ج 2 كتاب الطهارة أبواب النجاسات الباب 50 الحديث 3.

(14) الوسائل ج 2 كتاب الطهارة أبواب النجاسات الباب 61 الحديث 4.

(15) الوسائل ج 2 كتاب الطهارة أبواب النجاسات الباب 47 الحديث 3.

(16) الوسائل ج 2 كتاب الطهارة أبواب النجاسات الباب 47 الحديث 4.

(17) الوسائل ج 16 كتاب الصيد والذبائح أبواب الذبائح الباب 29 الحديث 1.

(18) الوسائل ج 17 كتاب الأطعمة والأشربة أبواب الأطعمة المباحة الباب 61 الحديث 4.

(19) الوسائل ج 17 كتاب الأطعمة والأشربة أبواب الأطعمة المباحة الباب 61 الحديث 8.

(20) الوسائل ج 6 كتاب الزكاة أبواب المستحقين للزكاة الباب 55 الحديث 1.

(21) الوسائل ج 6 كتاب الزكاة أبواب زكاة الأنعام الباب 14 الحديث 1.

(22) نهج البلاغة أبواب رسائله الرسالة 25.

(23) الوسائل ج 12 كتاب التجارة أبواب ما يكتسب به الباب 6 الحديث 4 و5 .

(24) الوسائل ج 12 كتاب التجارة أبواب ما يكتسب به الباب 6 الحديث 4 و5 .

(25) الوسائل ج 14 كتاب النكاح أبواب نكاح العبيد والإماء الباب 7 الحديث  2.

(26) الوسائل ج 12 كتاب التجارة أبواب عقد البيع وشروطه الباب 5 الحديث 4.

(27) الوسائل ج 12 كتاب التجارة أبواب عقد البيع وشروطه الباب 5 الحديث 7.

(28) الوسائل ج 12 كتاب التجارة أبواب عقد البيع وشروطه الباب 5 الحديث 8.

(29) الوسائل ج 6 كتاب الزكاة أبواب ما تجب فيه الزكاة الباب 15 الحديث 1.

(30) العروة الوثقى طريق ثبوت النجاسة المسألة 12.

(31) الوسائل ج 17 كتاب الأطعمة والأشربة أبواب الأشربة المحرمة الباب 7 الحديث 4 .

(32) الوسائل ج 17 كتاب الأطعمة والأشربة أبواب الأشربة المحرمة الباب 7 الحديث 7

(33) الوسائل ج 2 كتاب الطهارة أبواب النجاسات الباب 50 الحديث 7.

(34) قاله في المستمسك ج 1 في شرح المسألة 7 من ماء الحمام.

(35) راجع جامع الشتات ج 2 ص 652 والجواهر ج 40 ص 452.

 

 

 

 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.