أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-9-2016
736
التاريخ: 14-9-2016
239
التاريخ: 30-6-2019
435
التاريخ: 28-6-2019
1633
|
الحرف في مصطلح الأصوليّين لا يختصّ بالحروف النحويّة بل يتّسع ليشمل مطلق الهيئات التركيبيّة التامّة والناقصة وهيئات الأفعال وأسماء الفاعلين ومطلق الاشتقاقات الصرفيّة.
وعليه فكلّ مدلول ينقدح بواسطة ذلك يكون معنى حرفيّا ، فكما أنّ مدلول ( في ) و ( حتّى ) ولام التعليل معنى حرفي فكذلك يكون مدلول هيئة الفعل الماضي واسم الفاعل وهيئة الربط بين المبتدأ والخبر والمضاف والمضاف إليه.
وأمّا الاسم فهو كلّ مادّة وضعت بترتيب خاصّ لتكون دالّة على معنى مستقلّ يمكن فهمه منها دون الحاجة إلى أن تكون في إطار جملة تامّة أو ناقصة ، وذلك مثل أسماء الأجناس وموادّ الأفعال والأعلام الشخصيّة.
فاسم الجنس مثل أسد والخبز وموادّ الأفعال مثل الضرب من ( يضرب ) وضعت لمعان استقلاليّة تفهم ابتداء بواسطة موادّها ولا يفتقر فهمها إلى وقوعها في سياق هيئة أو جملة تامّة أو ناقصة.
وعليه يكون المراد من المعاني الاسميّة هو المدلولات المستفادة من الموادّ الموضوعة للمعاني الاستقلاليّة.
وهذا المقدار الذي ذكرناه لم يقع موردا للخلاف بين الأصوليّين كما لم يختلفوا في عدم استقلاليّة المعنى الحرفي وإنّما وقع الخلاف بينهم فيما يتّصل بتحديد المراد من عدم استقلاليّة المعنى الحرفي ، وتوجد لذلك مجموعة من الاتّجاهات نذكر بعضها :
الاتّجاه الأوّل : إنّ المعاني الحرفيّة إيجاديّة بخلاف المعاني الاسميّة فإنّها إخطاريّة ، وقد أوضحنا ذلك تحت عنواني إخطاريّة المعاني الاسميّة وإيجاديّة المعاني الحرفيّة.
الاتّجاه الثاني : إنّ عدم استقلاليّة المعاني الحرفيّة إنّما هو من جهة الاستعمال ، بمعنى أنّ الواضع اعتبر في صحّة استعمال الحرف أن يكون المعنى ـ الذي يراد استعمال الحرف لإفادته ـ ملحوظا باللحاظ الآلي ، وذلك بخلاف المعنى الاسمي فإنّ الواضع اعتبر في استعماله أن يكون لحاظ المعنى استقلاليّا.
فالحرف والاسم المماثل له كلاهما وضعا لمعنى واحد ومتطابق ليس بينهما أدنى اختلاف ، فكما أنّ لفظ ( ابتداء ) وضع لإفادة مفهوم الابتداء فكذلك لفظ ( من ) وضعت لإفادة هذا المفهوم ، غايته أنّ الواضع اشترط في صحّة استعمال لفظ ( الابتداء ) أن يكون المستعمل قد لاحظ الابتداء مستقلاّ ، فإذا كان كذلك فله أن يستعمل لفظ ( الابتداء ) لإفادة معناه ، أمّا إذا استعمل لفظ ( من ) فإنّ هذا الاستعمال لا يصحّ منه إلاّ أن يكون قد لاحظ معنى الابتداء لحاظا آليّا.
ففي المقام الأوّل له أن يقول : « ابتداء المسير كان من البصرة » ، لأنّ تصوّر معنى الابتداء مستقلّ فساغ له استعمال لفظ ( الابتداء ).
وفي المقام الثاني له أن يقول : « سرت من البصرة » وذلك لأنّه تصوّر معنى الابتداء آلة ورابطا بين السير والبصرة ، لذلك ساغ له استعمال لفظ ( من ).
وبذلك يتّضح أنّ الاستقلاليّة والآليّة ليستا دخيلتين في المعنى الموضوع له الاسم والحرف ، نعم لحاظ الاستقلاليّة والآليّة شرط في صحّة الاستعمال.
الاتّجاه الثالث : إنّ عدم استقلاليّة المعاني الحرفيّة نشأ عن أنّ الواضع وضعها لتكون علامة على بعض الخصوصيّات المرتبطة بمدخولها فهي أشبه شيء بالحركات الإعرابيّة الموضوعة علامة على موقع الكلمة من الحدث والمبدأ المنتسب إليها ، فكما أنّ الضمّة المرسومة على الاسم موضوعة لتكون علامة على انتساب الحدث للاسم نسبة صدور أو نسبة قيام ( فاعليّة ) فكذلك حرف ( من ) ـ في قولنا سرت من البصرة ـ موضوع علامة على إرادة خصوصيّة تعلّقت بمدخول من ( البصرة ) هذه الخصوصيّة هي أنّها كانت مبتدأ بها.
فحرف ( من ) ليست موضوعا لإفادة مفهوم الابتداء وإنّما هو موضع ليكون علامة على خصوصيّة في ( البصرة ) وهي أنّها مبتدأ بها.
الاتّجاه الرابع : إنّ عدم استقلاليّة المعاني الحرفيّة نشأ عن أنّها موضوعة للنسب الربطيّة ، أي أنّها موضوعة لواقع النسبة بالحمل الشائع.
فلفظ ( في ) مثلا وضعت لتحقيق نحو من الربط بين طرفيها فيكون الطرفان بواسطة هذا الربط أحدهما مظروفا والآخر ظرفا.
وقد أوضحنا هذا الاتّجاه مفصّلا تحت عنوان النسبة ويمكن الاستعانة على فهمه من ملاحظة عنوان الوجود الرابط والوجود الرابطي.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|