أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-18
1140
التاريخ: 17-8-2022
2388
التاريخ: 14-9-2019
1896
التاريخ: 26-1-2016
2444
|
إن الفتاة تعيش في سني المراهقة عاصفة قوية من الانفعالات والتقلبات النفسية والعاطفية ويصبح كل شيء فيها قابلا للتغير والتبدل وتستولي عليها على أثر ذلك حالات من القلق والخوف لكنها سريعة الزوال(1).
فهي تعيش من الناحية العاطفية وضعا مضطربا وغير ثابت على حال معين وهو الأمر الذي يوجب العناية بها والاهتمام بشؤونها باستمرار .
وللعناية بالفتاة أو تربيتها من الناحية العاطفية، ينبغي الأخذ بنظر الاعتبار مسألتين هامتين هما:
1ـ تعديل العواطف : بمعنى أن لا تكون بالشكل الذي تزول لديها حالة الغضب أو الحب وتنعدم تماما، ولا بالشكل الذي تستولي على كيانها تماما وتسلب منها قدرة التفكير وضبط النفس، فالحياة الطبيعية تتطلب أن يتخللها الحب والغضب، والخوف والاضطراب في المكان والزمان المناسبين.
فالفتاة يجب أن تحب والديها وتشعر بالحنان تجاههما لكن هذا الحب والتعلق بالوالدين ينبغي أن لا يصل درجة يجعلها تدبر عن الزواج والانخراط في الحياة الزوجية . وأيضا يجب أن تشعر بالغضب والاستياء من حالات الإساءة والإيذاء، ولكن ليس الى الدرجة التي تدفعها الى الانتقام بشدة. والانفعال مطلوب ولكن ليس الى الحد الذي ستنفد كل طاقاتها ويتركها عرضة للقلق والاضطراب، والميل العاطفي نحو الجنس الآخر بهدف الزواج شيء ضروري ولكن ليس بالشكل الذي يهدد شرف وعفاف الفتاة. فهذه المسائل هي ما نعنيها بتعديل العواطف التي يجب على أولياء الأمور والمربين العمل على تربية الفتاة عليها .
2ـ توجيه العواطف : من المسائل التي ينبغي على أولياء الأمور أن يأخذوها بنظر الاعتبار عند تعاملهم مع الفتاة في هذه السن هو توجيه عواطفها، بمعنى جعل حالات الحب، والبغض، والخوف و... لديها هادفة وتتجه بالاتجاه الصحيح.
فهي يجب أن تحب ولكن من تحب وماذا تحب ؟ ... وجواب ذلك شيء مهم . ومن الضروري أن تغضب ولكن على من ولماذا ومعرفة ذلك أيضا شيء مهم . وكراهيتها يفترض أن تتجه نحو العدو وليس نحو الوالدين، وتعلقها ينبغي أن يكون بالمسائل المشروعة لا بغيرها، وخوفها يجب أن يكون من الخطايا والانحراف وليس من شيء آخر .
وفي الظروف المثلى يجب أن يكون الحب والبغض بالاتجاه الذي يرضي الباري سبحانه وتعالى. أي بمعنى إن المؤمن يحب في الله، ويبغض في الله ويسخط في الله، ويرضى في الله(2) والوصول الى هذه المرتبة يتطلب التربية على الالتزام الديني وتهذيب النفس باستمرار .
ـ في الخجل والحياء :
تصاب بعض الفتيات، منذ الطفولة أو مع بدايات سن المراهقة، بحالة من الخجل والحياء الشديدين. وهناك أسباب عديدة لهذه الحالة فإذا كانت تستولي على الفتاة عند اتصالها بجميع الأشخاص، فإنها تدل على ضعف معامل بعض الغدد الداخلية لديها، وإذا كانت تحصل مع شخص بعينه، فإنها تدل على الحب والتعلق العاطفي. كما ويمكن أن تكون في بعض الحالات، ناتجة عن الشعور بالإحراج من الوضع الجسمي وبطبيعة الحال، فإن الإسلام يحرم الصلافة والتهتك ويحظر بشدة حالة الميوعة والدلال والتغنج في الكلام وكل ما يصب في مصب الإثارة والفتنة والانحراف، ويوصي بدلا من ذلك بالوقار والاتزان. وفي الوقت ذاته فإنه لا يريد للفتيات أن يخجلن من أوضاعهن بشكل غير طبيعي، لأن الخجل الشديد يعد بحد ذاته عاملا من عوامل السقوط والخضوع للانحراف.
الحياء بالنسبة للفتيات ضرورة لا غنى عنها، وهو يختلف عن الخجل الزائد عن الحد. فالحياء دعامة لحفظ النفس وصيانتها من عوامل الخطر والانحراف ولو لم يكن الحياء لما كان بالإمكان التأمل خيرا بشأن عفة وطهارة الإناث، ولا حتى أمل بوجود الانسجام والإخلاص وبقاء الأسرة متماسكة .
المطلوب هو مبادرة أولياء الأمور الى إزالة عوامل الخجل المفرط عند فتياتهم، إن وجدت، والعمل على خلق الثقة في أنفسهن من خلال تكريمهن وابداء الإعجاب بشخصياتهن، وتشجيعهن على الاتصال بالآخرين والارتباط بعلاقات اجتماعية مشروعة .
ـ في الخوف والاضطراب :
ليس الخوف حالة سلبية عند الأشخاص, فالخوف يمنع الإنسان عن كثير من الأفعال الخاطئة، ولتجنب الكثير من المفاسد والانحرافات، ومن شأنه أن يحول دون ارتكاب الخطايا والذنوب، على الأقل بالنسبة للذين لا يتمتعون بمستويات عالية من الوعي والمعرفة، كما ويمكن أن يكون حائلا حتى دون التعرض للمخاطر والأضرار البدنية.
والاضطراب بدرجات قليلة مفيد هو الآخر، لأنه يكون دافعا للمرء لأن يبذل جهودا أكثر في شؤونه. فالأشخاص الذين يعيشون الاطمئنان المطلق وعدم الاكتراث بالاشياء لا يستطيعون أن يكونوا فعالين وناجحين في أعمالهم وواجباتهم الشخصية، وإن قليلا من القلق والاضطراب ضرورة لا غنى عنها من أجل بذل مزيدا من الجد والجهد والاهتمام في شؤونه .
أما ما هو غير طبيعي ويستوجب العمل على مكافحته في الفتيات هو الخوف والاضطراب الشديدين دون ما سبب ومبرر معقول، والذي يتهدد سلامتهن النفسية بأضرار مدمرة، ويؤدي بهن الى الانطواء على النفس والانسحاب من النشاطات الشخصية والاجتماعية في الظروف الطبيعية.
ويجب العمل في مثل هذه الحالة على تجنب الفتيات العوامل التي تثير الخوف والاضطراب في نفوسهن، وتوفير أجواء هادئة وطبيعية لهن، وتعويدهن بالتدريج على الطمأنينة والاستقرار النفسيين، وخلق روح الثقة والاعتماد على النفس في شخصياتهن، والحيلولة دون كل ما يمكن أن يثير لديهن بواعث القلق والخوف والاضطراب في الأسرة أو المجتمع العام .
ـ في الحاجة الى الحب والحنان :
إن بعض أولياء الأمور يهملون فتياتهم في هذه السن ولا يبدون تجاههن الحب والحنان اللازمين يتصور إنهن لم يعدن بحاجة الى مثل هذه الأشياء، في حين أثبتت البحوث والدراسات العلمية عكس هذا التصور، ودلت على أن حاجتهن للحب والحنان في هذه المرحلة لا تقل عن حاجتهن له في سني الطفولة .
فهن بحاجة الى من يعطف عليهن ويحيطهن بالحب والحنان، وهذه مسالة هامة في سلامة نفسياتهن وصحة سلوكهن وكسب ثقتهن.
فهؤلاء يلجأن في بعض الحالات الى الآخرين من أجل إشباع حاجتهن الى الحب ولالفات الأنظار، ويتجلى ذلك من خلال المبالغة في تزيين أنفسهن والذي قد يدفعهن، في ظروف
معينة الى سلوك مسالك خاطئة.
الفتاة ترغب في أن تكون محبوبة ومحاطة بالاهتمام من قبل المحيطين بها، وهذه الرغبة أو الحاجة يجب أن يوفرها لها الوالدان في داخل الأسرة، وذلك من أجل أن لا تشعر بالحاجة الى الغير في الخارج، والحق إن الآباء المهملون وعديمو العاطفة يولدون في نفس فتياتهم، بجفائهم، الشعور بالنقص، ويدفعونهن دفعا نحو الجنوح والتصرفات المنافية للأعراف الاجتماعية الصحيحة. فالفتاة إذا رأت نفسها محاطة بالحب والاهتمام من قبل الأبوين، تشعر بالامتلاء والغنى النفسي. وبحسب تعبير أحد العلماء، فإن الفتاة التي لا تتمتع بدرجة كبيرة من الجمال لكن والديها يحيطانها بالحب والحنان تشعر أنها محظوظة مرغوبة في حياتها. ولا تعد تجد حاجة لأن تتبرج وتعرض نفسها في المجتمع من أجل الفات الأنظار.
ـ في الحرمان :
يعد الحرمان أو الشعور بالحرمان من العوامل التي تساهم في انحراف وسقوط الأشخاص . ويعتقد علماء التحليل النفسي أنه يجب تجنيب المراهق الأعمال التي يعجز عن أدائها. وكذا حمايته من سخرية واستهزاء الآخرين.
إن من شأن الحرمان المطلق والطويل أن يفسد المشاعر ويتلف الأعصاب. فليس بالأمر الغريب في تاريخ البشرية حالات الجنون والتهور الجنسي التي تتولد على أثر الكبت والحرمان. أجل فإن بعض الفتيات يعانين من الكبت والحرمان ويفقدن على أثره توازنهن النفسي، والبعض الآخر منهن يشعرن بأنهن محرومات وليس معلوما ما إذا كان شعورهن صحيحا ومنطقيا أم لا.
من المهم جدا العمل على إزالة دواعي الحرمان لدى فتياتنا أو السعي في سبيل محو مثل هذا الشعور من أذهانهن .
وللعطف على الفتيات ومواساتهن في هذا المجال دور بناء في حياتهن، ومن شأن ذلك أن يغير أحوالهن بنحو إيجابي، ويولد لديهن الشعور بالتفاؤل والتطلع الى الخير والسعادة في الحياة.
ـ تشجيع ميزة الغرور :
تمتاز الفتيات، خصوصا في سني المراهقة، بنوع من الغرور الزائد، ويعتنن بأنفسهن كثيرا، الأمر الذي يجعلهن يبذلن اهتماما متزايدا بحفظ أنفسهن وصيانتها من عوامل الخطر. من المفيد جدا تشجيع ميزة الغرور هذه لديهن باستمرار، وذلك من أجل أن يكن مستفزات دائما في الحفاظ على شرفهن وعفافهن .
إن إبقاء ميزة الغرور والاعتداد بالذات متوقدة في نفوسهن يدعهن الى الاعتزاز بأنوثتهن، والدفاع عن أنفسهن، وعدم الخضوع والارتباط بأي كان. من أجل تحفيز هذه الميزة وتشجيعها إصلاح بعض الانحرافات في أوساط هذه الفئة .
من أجل الوضع العاطفي للفتاة وإزالة عوامل الاختلال والتشوش من حياتها، يمكن الإشارة بشكل عام الى نقاط عدة منها :
ـ حمياتها من الناحية النفسية بالشكل الذي لا تهددها عوامل الاختلال .
ـ الحفاظ على دفء وهدوء أجواء الأسرة بحيث تشعر بالأمان والحيوية فيها .
ـ العمل على خلق مشاعر السرور والفرح والتفاؤل بالحياة وبالظروف السائدة في نفسها .
ـ إبعادها عن أجواء الخوف، والاضطراب، والعنف، والتجاوز، والاعتداء .
ـ إفهامها بأن الجمال الحقيقي للحياة يكمن في راحة الضمير، وإتباع الفطرة والأخلاق والقيم الدينية .
ـ وفي الحالات الحادة، يمكن الاستعانة بطبيب الأسرة أو الطبيب النفساني، وبالباحثين الاجتماعيين أو بالمعلمة والمدرسة .
__________________
1ـ حياة وتربية الطفل ، ص 137 .
2ـ الإمام الصادق (ع) ، تحف العقول .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يختتم مسابقة دعاء كميل
|
|
|