أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-9-2016
260
التاريخ: 12-6-2019
415
التاريخ: 10-9-2016
622
التاريخ: 10-9-2016
609
|
وأحد العلامات التي يتميّز بواسطتها المعنى الحقيقي للفظ من المعنى المجازي.
والتبادر في اللغة يعني التسابق والتسارع ، والمقصود منه في المقام هو انسباق تصوّر المعنى من اللفظ بمجرّد اطلاق اللفظ بحيث يكون هذا المعنى هو المتصوّر الاول في الذهن دون بقية المعاني. وهذا الانسباق والتصور المتسارع للذهن لا يكون علامة الحقيقة إلاّ إذا استند الى حاقّ اللفظ بحيث لا تساهم في هذا الانسباق عوامل اخرى كالقرائن الحالية أو المقالية.
فإذا كان كذلك فإنّ التبادر يعبّر عن انّ اللفظ المستعمل في المعنى المتبادر حقيقة في ذلك المعنى أي يعبّر عن ان اللفظ قد وضع للدلالة على المعنى المتبادر ، إذ انّ العلقة بين اللفظ والمعنى لمّا لم تكن ذاتية فيتعين كونها جعليّة ، ولمّا لم تكن هناك عوامل شخصية نشأ عنها التبادر فيتعين أن يكون المنشأ للتبادر هو الوضع ، أي انّ التبادر معلول للوضع وبهذا يثبت انّ تبادر المعنى من اللفظ أمارة على ان اللفظ قد وضع للدلالة على ذلك المعنى.
إلاّ انّ مقدار ما يثبت بالتبادر ـ كما أفاد السيد الخوئي رحمه الله ـ هو انّ اللفظ حقيقة في المعنى المتبادر منه في زمان التبادر أمّا انّه حقيقة في المعنى المتبادر في الزمان السابق على التبادر فهذا ما لا يتكفل التبادر لإثباته ، فلا بدّ من التماس دليل آخر غير التبادر لإثبات ذلك.
ومن هنا يتمسك بأصالة الثبات في اللغة ـ المعبّر عنها بالاستصحاب القهقرائي ـ لإثبات انّ هذا اللفظ حقيقة في المعنى المتبادر. وهذا الاستصحاب والذي هو حجة في باب الظهورات فحسب مدركه البناء العقلائي القاضي بثبات اللغة وعدم تبدّل أوضاعها.
ولو كان بناء العقلاء وما عليه أهل المحاورة غير ذلك لانسدّ باب الاستنباط للإحكام الشرعية ، إذ انّ الاستنباط يعتمد أكثر ما يعتمد على النصوص الشرعية وما يستظهر من الفاظها ، فلو لم يكن التباني العقلائي جاريا على انّ ما هو المستظهر فعلا هو المستظهر في زمن النص لما كان لنا وسيلة اخرى للتعرّف على معظم الاحكام الشرعية.
فالتبادر مع انضمام أصالة الثبات في اللغة أمارة على انّ المعنى المتبادر من اللفظ هو المعنى الحقيقي للفظ.
وباتضاح المراد من التبادر نقول : انّه قد اورد على صلاحية التبادر للكشف عن الوضع بايراد مشهور حاصله : انّ التبادر ليس معلولا للوضع ولهذا لا يحصل التبادر للجاهل بالاوضاع اللغوية ، نعم هو معلول للعلم بالوضع ، وعليه فالتبادر الذي علة للعلم بالوضع هو معلول للعلم بالوضع ، وهذا هو الدور المحال ، إذ انّه متوقف ومتوقف عليه ، فهو متوقف على العلم بالوضع والعلم بالوضع متوقف عليه.
وقد اجيب عن هذا الإشكال بمجموعة من الاجوبة ، ومن أهمها ما أجاب به صاحب الكفاية رحمه الله عن هذا الاشكال ، وحاصله :
انّ الذي يتوقف عليه التبادر هو العلم الارتكازي والذي يجامع الغفلة ويكون مخبوء في ما وراء الشعور ، وينشأ عن الانس الحاصل من الممارسة الساذجة والغير الواعية لتفاصيل الاوضاع اللغوية ، فابن اللغة حينما يعيش في الاوساط اللغوية يكتسب منهم اللغة ، وتظلّ مختمرة في ذهنه دون ان يلتفت لتمام الحيثيات الموجبة لانفهام المعاني من ألفاظها وما هي سعة مداليل هذه الالفاظ ، وهذا هو المعبّر عنه بالعلم الارتكازي ، وهو المنشأ للتبادر.
وأمّا ما ينتجه التبادر ويتسبب في الكشف عنه هو العلم التفصيلي بالوضع والذي يعني التوجّه لمدلول اللفظ من حيث سعته وضيقه وخصوصياته.
والمتحصّل انّ العلم بالوضع والذي هو علة للتبادر هو العلم الارتكازي ، وأما العلم بالوضع والذي هو معلول للتبادر فهو العلم التفصيلي. فالمتوقف على التبادر غير المتوقف عليه التبادر.
ثم انّ التبادر الذي هو علامة الحقيقة هل هو التبادر الشخصي أو التبادر النوعي؟
لا ريب في علامية التبادر النوعي على الحقيقة وانّما الكلام في التبادر الشخصي ، فقد يقال بعدم صلاحيته للعلامية ، وذلك لأن التبادر الشخصي قد ينشأ عن عوامل أجنبية لا تتصل بحاقّ اللفظ وانما تنشأ عن المرتكزات الشخصية التي كثيرا ما تساهم الظروف الخاصة في تكوينها ، ومن هنا لا يصح الاعتماد على التبادر الشخصي لاستكشاف الوضع.
إلاّ انّ هذا الكلام خروج عن محل الفرض ، إذ المفترض انّ التبادر الذي يكون علامة الحقيقة هو الذي ينشأ عن نفس اللفظ دون تدخّل أيّ عامل من العوامل الشخصية أو غيرها ، فعلى الذي يحصل له التبادر أن يسبر أغوار النفس كما عليه ان يلاحظ العوامل الخارجيّة فإن وجد انها ساهمت في نشوء التبادر فإنّ هذا لا يكون مؤهلا للكشف عن الوضع ، أما اذا وجد انّ منشأه هو حاق اللفظ فإنّ بإمكانه ان يستعين بأصالة التطابق بين الظهور الشخصي والظهور النوعي ـ والتي هي من الاصول العقلائية ـ ليثبت بواسطة مجموع الأمرين كون اللفظ حقيقة في المعنى المتبادر كما أفاد ذلك السيد الصدر رحمه الله.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|