أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-8-2016
1863
التاريخ: 7-1-2023
1354
التاريخ: 5-1-2023
968
التاريخ: 14-8-2016
1624
|
المختلَف(1)
وَصْـفُه بالاختلاف نظراً إلى صنفه ، لا إلى شخصه ؛ فإنَّ الحديث الواحد نفسه ليس بمختلَف ، إنَّما هو مخالف لغيره ممَّا قد أدَّى معناه ، كما ينبِّه عليه قوله: وهو أن يوجد حديثان متضادّان في المعنى ظاهراً(2).
قيِّد به(3): لأنَّ الاختلاف قد يمكن معه الجمع بينهما ، فيكون الاختلاف ظاهراً خاصّة ، وقد لا يمكن ، فيكون ظاهراً وباطناً ، وعلى التقديرين: فالاختلاف ـ ظاهراً ـ متحقِّق.
وحكمُه ؛ أي حكم الحديث المختلف ، الجمع بينهما حيث يمكن الجمع ، ولو بوجهٍ بعيدٍ يوجب تخصيص العامّ منهما ، أو تقييد مطلقه ، أو حمله على خلاف ظاهره(4).
[المثال الأول:]
كحديث: (لا عدوى...)(5) ، وحديث: (لا يُورِد (بكسر الرّاء) مُمْرِض (بإسكان الميم الثانية وكسر الرّاء) على مُصِحٍ (بكسر الصاد) )(6).
ومفعول يُورِد محذوف ؛ أي: لا يورد إبِلَه المِراض.
فالمُمْرِض صاحب الإبل [المريضة]؛ مِن أُمْرِض الرجل: إذا وقع في ماله المرض...
والمُصح: صاحب الإبل الصِّحاح.
[1 ـ] فظاهر الخبرين: الاختلاف ؛ من حيث دلالة الأوّل على نفي العدوى ، والثاني على إثباتها.
[2 ـ] ووجه الجمع:
بحمل الأوّل على أنَّ العدوى المنفيّة عدوى الطبع ؛ بمعنى: كون المريض يُعدِي بطبعه ، لا بفعل الله تعالى ، وهو الذي يعتقده الجاهل ؛ ولهذا قال النبيّ(صلَّى الله عليه وآله): (فمَن أعدى الأوّل؟!).
والثاني: على الإعلام بأنَّ الله تعالى جعل ذلك سبباً لذلك ، وحذَّر من الضّرر الذي يغلب وجوده عند وجوده ، مع أنَّ المؤثِّر هو الله تعالى(7).
[المثال الثاني]
ومثله قوله(صلَّى الله عليه وآله): (فِر مِن المجذوم فرارك من الأسد)(8) ؛ ونهيه عن دخول بلد يكون فيه الوباء(94) ونحو ذلك.
وإلاّ يمكن الجمع بينهما ، فإنَّ علمنا أنَّ أحدهما ناسخٌ ، قدَّمناه ؛ وإلاّ رُجِّح أحدهما بمرجِّحه المُقرَّر في علم الأصول ؛ من صفة الرّاوي و
الرِّواية ، والكثرة ، وغيرهما(10).
وهو أهمُّ فنون علم الحديث ؛ لأنَّه يضطَرُّ إليه جميع طوائف العلماء ، خصوصاً الفقهاء.
ولا يمكن القيام به إلاّ المحقّقون من أهل البصائر ، الغوَّاصون على المعاني والبيان ، المتضلِّعون ـ أي المكثِرون ـ بقوّة من الفقه والأصول
الفقهيّة(11).
وقد صنّف فيه الناس كثيراً ؛ وأوّلهم: الشافعيّ(12) ، ثُمَّ ابن قتيبة(13).
ومن أصحابنا: الشيخ أبو جعفر الطوسيّ ، في كتاب: (الاستبصار فيما اختلف من الأخبار).
وجمعوا بين الأحاديث على حسب ما فهموه منه، وقلَّما يتّفق فهمان على جمع واحد .
ومَن أراد الوقوف على جليَّة الحال، فليطالع المسائل الفقهيّة الخلافيّة التي ورد فيها أخبار مختلفة؛ ليطَّلع على ما ذكرناه(14).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الذي في النسخة الخطِّـيَّة المعتمدة (ورقة 28 ، لوحة أ ، سطر 2): (وخامس عشرها: المختلف) فقط ، بدون: (الحقل الخامس عشر: في المختلف).
(2) ينظر: تدريب الراوي، ص197، والخلاصة في أصول الحديث، ص59.
(3) مرجع الضمير فيما يبدو كلمة: (ظاهراً).
(4) قال الأستاذ أحمد محمد شاكر: (وقد كان الإمام أبو بكر بن خزيمة يقول: ليس ثمََّ حديثان متعارضان من كلّ وجه ، ومَن وجد شيئاً من
ذلك فليأتني لأؤلِّف له بينهما) . الباعث الحثيث ، ص175 (الهامش).
وقال الحسن الطيبيّ: (قال ابن خزيمة: لا أعرف حديثين صحيحين متضادّين ، فمَن كان عنده فليأتني لأؤلِّف بينهما) . الخلاصة في أصول
الحديث ، ص59.
(5) قال مسلم: (حدَّثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى (واللفظ لأبي الطّاهر) ، قالا: أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، قال ابن شهاب: فحدَّثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، حين قال رسول الله(صلَّى الله عليه وآله): (لا عدوى ، ولا صفر ، ولا هامة) ؛ فقال أعرابي: يا رسول الله ، فما بال الإبل تكون في الرّمل كأنَّها الظِّباء ، فيجيء البعير الأجرب فيدخل فيها فيجربها كلّها؟ قال: (فمَن أعدى الأوّل؟!). صحيح مسلم: 4/ 1742 ـ 1743 ، وينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/ 73.
(6) قال مسلم: (وحدَّثني أبو الطاهر وحرملة (وتقاربا في اللفظ) قالا: أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس عن ابن شهاب: أنَّ أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف حدَّثه: أنَّ رسول الله(صلَّى الله عليه وآله) قال: (لا عدوى) ، ويحدِّث: أنِّ رسول الله قال: (لا يُورِد مُمْرِض على مُصِحّ) ) . صحيح مسلم: 4/ 1743؛ وينظر: 4/ 89.
(7) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث ، ص59 ـ 60.
(8) قال أحمد: (حدَّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدَّثنا وكيع قال: حدَّثنا النهَّاس عن شيخ بمكّة ، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله(صلَّى الله عليه وسلَّم) يقول: (فِر مِن المجذوم فرارك من الأسد) ). مسند أحمد بن حنبل: ج2/ ص443 ، ورواه البخاري عن أبي هريرة: ج7/ ص164 ، كتاب الطبّ ، ورواه عن ابن عمر: ج7/ ص180 ، ورواه عن أنس: ج7/ ص180 ، وينظر: سفينة البحار: 1/ 147 ، ومَن لا يحضره الفقيه: 2/ 258.
(9) قال ابن قتيبة: (وقال رسول الله(صلَّى الله عليه وآله): (إذا كان بالبلد الذي أنتم به ، فلا تخرجوا منه) . وقال أيضاً: (إذا كان ببلد ،
فلا تدخلوه) .
يريد بقوله: (لا تخرجوا من البلد) إذا كان فيه ، كأنَّكم تظنُّون أنَّ الفرار من قدر الله تعالى ينجيكم من الله.
ويريد بقوله: (وإذا كان ببلد، فلا تدخلوه) إنَّ مقامكم بالموضع الذي لا طاعون فيه أسكن لأنفسكم وأطيب لعيشكم).
كتاب تأويل مختلف الحديث، ص70 ـ 71.
(10) ينظر: كتاب الكفاية في علم الدراية، 433 ـ 437، والباعث الحثيث، ص175 ـ 176 (الهامش)، والخلاصة في أصول الحديث، ص60.
(11) ينظر: مقدِّمة ابن الصّلاح، ص414، والباعث الحثيث، ص174، والخلاصة في أصول الحديث، ص59.
(12) قال الأستاذ أحمد محمد شاكر: (إنَّ الشافعيّ كتب في الأمّ كثيراً من أبحاث اختلاف الحديث ، وألَّف فيه كتاباً خاصّاً بهذا الاسم ؛ وهو مطبوع بهامش الجزء السابع من الأمّ ، وذكره محمد بن إسحاق النديم في كتاب (الفهرست) ضمن مؤلَّف الشافعي (ص295) ؛ وابن النديم من أقدم المؤرِّخين الذين ذكروا العلوم والمؤلِّفين ، فإنَّه ألّف كتاب (الفهرست) حوالي سنة 377 ؛ وقد ذكره الحافظ بن حجر في ترجمة الشافعي ، التي سمّاها: (توالي التأسيس بمعالي ابن إدريس) ، ضمن مؤلَّفاته التي سردها نقلاً عن البيهقي (ص78) ، والبيهقي من أعلم الناس بالشافعي وكتبه ، وذكره ابن حجر أيضاً في شرح النخبة) . الباعث الحثيث ، ص174.
(13) كتاب ابن قتيبة طبع في مصر سنة 1326 ، باسم: تأويل مختلف الحديث ، وتُنظر ترجمته في مثل: الأعلام للزركلي: 4/ 280.
(14) من قبيل: الخلاف للشيخ الطوسيّ ، وتذكرة الفقهاء للعلاّمة الحلّي.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|