المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8116 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05
آثار القرائن القضائية
2024-11-05

السافرة
23-7-2018
الخير والشر
26-1-2016
مكان المصلي واحكام المساجد
2024-08-26
خشخاش محير Papaver dubium
26-8-2019
مسنونية التكبير قائما قبل الركوع
1-12-2015
PARTICLE-WAVE NATURE OF MATTER
15-11-2020


مفهوم الشرط  
  
1737   01:16 مساءاً   التاريخ: 31-8-2016
المؤلف : السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي
الكتاب أو المصدر : أجود التقريرات
الجزء والصفحة : ص 415-433
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-8-2016 1434
التاريخ: 8-8-2016 1277
التاريخ: 31-8-2016 1514
التاريخ: 31-8-2016 3317

اختلفوا في دلالة الجملة الشرطية على المفهوم وعدمها ولتحقيق الحال في المقام لابد من تقديم امرين:

(الاول) قد ذكرنا في بحث الواجب المشروط ان ادوات الشرط انما وضعت لتعليق مفاد جملة على مفاد جملة اخرى من دون فرق بين أن تكون الجملة المعلقة انشائية وان تكون خبرية فالمعلق على دخول الوقت في قولنا إذا دخل الوقت فصل انما هو وجوب الصلاة المستفاد من الجملة الانشائية كما ان المعلق على طلوع الشمس في قولنا إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود انما هو وجود النهار المستفاد من الجملة الخبرية وعلى كلا التقديرين لابد في القضية الشرطية من أخذ المقدم مفروض الوجود ليحكم بالتالي وعليه يكون المقدم مقيدا للحكم الثابت في التالي ورافعا لإطلاقه وبالجملة يكون المقدم في القضية الشرطية قيد النفس الحكم المذكور في التالي وبذلك يفترق هذا القيد عن قيود الواجب فان قيد الواجب انما يكون قيدا للمادة في نفسها وقبل عروض الوجوب عليه فيكون التقييد في مرتبة سابقة على عروض الوجوب عليها واما قيد الوجوب فهو وان كان قيدا للمادة ايضا (1) ... لاستحالة تقييد مفاد الهيئة لأنه معنى حرفي وملحوظ إلى الا ان كونه قيدا للمادة انما هو باعتبار عروض الوجوب عليها فيكون تقييدها و عروض الحكم عليها في مرتبة واحدة وفي عرض واحد وقد ذكرنا هناك ان ما ذكره المحقق التفتازاني من ان القضية الشرطية هي ما حكم فيها بثبوت نسبة على تقدير ثبوت نسبة اخرى ان اراد منه ان مفاد القضية الشرطية بالأخرة يرجع إلى ذلك فلا كلام لنا فيه وان اراد ان مفادها هو ذلك ابتداء فهو غير صحيح لان النسبة من المعاني الحرفية والمعنى الحرفي يستحيل ان يكون احد طرفي التعليق والا لانقلب المعنى الحرفي معنى اسميا وهو خلف.

(الثاني) ان دلالة القضية الشرطية على المفهوم اعني به انتفاء التالي عند انتفاء المقدم تتوقف على امور:

(منها) كون ترتب التالي على المقدم بنحو اللزوم لا بنحو الاتفاق.

(ومنها) ان يكون الترتب من باب ترتب المعلول على علته لا من باب ترتب العلة على معلولها أو ترتب احد المعلولين لعلة ثالثة على المعلول الاخر كما هو الحال في البرهان الانى لان غاية ما يقتضيه البرهان الانى هو ان يستلزم تحقق المقدم تحقق التالي ليترتب عليه انكشاف التالي من انكشاف المقدم واما امتناع وجود التالي من دون وجود المقدم فلا يكون في البرهان الانى دلالة على ذلك اصلا ضرورة ان وجود المعلول وان كان يكشف عن وجود علته التامة بجميع اجزائها وعن جميع ما يترتب عليه الا ان عدم المعلول لا يكشف عن عدم ذات العلة لجواز استناده إلى وجود المانع مثلا وجود ممكن ما يكشف عن وجود الواجب بالذات لاستحالة وجود الممكن بنفسه واما عدمه فلا يكشف عن عدم الواجب ولا عن عدم ممكن اخر لجواز استناده إلى امر يخصه ولا يعم غيره وعلى ذلك فالقضية الشرطية التي لا يكون ترتب التالي على المقدم فيها من قبيل ترتب المعلول على علته لا يكون فيها دلالة على المفهوم قطعا.

(ومنها) ان تكون العلة علة منحصرة ضرورة انه مع عدم انحصارها يمكن وجود الحكم المذكور في التالي في القضية الشرطية بسبب علة اخرى اما دلالة القضية الشرطية على كون العلاقة لزومية فهي ظاهرة لندرة استعمالها في موارد الاتفاق جدا بل ان ذلك غير صحيح في نفسه ولا بد في صحة الاستعمال في تلك الموارد من رعاية علاقة واعمال عناية ضرورة انه لا يصح تعليق كل شيء على كل شيء واما كون اللزوم في القضية الشرطية من باب ترتب المعلول على علته فربما يدعى انه مأخوذ في وضع ادوات الشرط ولكنه غير صحيح قطعا والا لزم ان يكون الاستعمال في غير موارد ترتب المعلول على علته من بقية موارد اللزوم مجازا ومحتاجا إلى اعمال عناية مع انه باطل بالضرورة نعم ظاهر القضية الشرطية هو ذلك لان ظاهر جعل شيء مقدما وجعل شيء آخر تاليا هو ترتب التالي على المقدم فان كان هذا الترتب موافقا للواقع ونفس الامر بأن يكون المقدم علة للتالي هو الا لزم عدم مطابقة ظاهر الكلام للواقع مع كون المتكلم في مقام البيان على ما هو الاصل في المخاطبات العرفية وعليه فبظهور الجملة الشرطية في ترتب التالي على المقدم يستكشف كون المقدم علة للتالي وان لم يكن ذلك مأخوذا في نفس الموضوع له واما كون العلية بنحو الانحصار فربما يدعى ايضا اخذه في الموضوع له وقد ظهر بطلان هذه الدعوى من بطلان سابقتها وعليه فلابد في اثبات الد لالة على الانحصار من اقامة دليل آخر (وربما يستدل) على ذلك بالتمسك بمقدمات الحكمة بتقريب ان القضية الشرطية ظاهرة في استناد  التالي إلى المقدم مطلقا فلو كانت هناك علة اخرى سابقة زمانا على العلة المذكورة في القضية لاستند المعلول في وجوده إلى العلة السابقة كما انها لو كانت في عرضها لاستند المعلول إلى كلتيهما معا فمن اطلاق استناد  التالي إلى المقدم في القضية الشرطية يستكشف انحصار العلة بالمقدم المذكور فيها (ولكن يرد) على هذا التقريب ان غاية ما تدل عليه القضية الشرطية بالد لالة الوضعية انما هو لزوم  التالي للمقدم وانما استفيد ترتب  التالي على المقدم وتفرعه عليه من ظاهر تقديم المتكلم المقدم وتأخيره  التالي في كلامه واما استناد  التالي في وجوده إلى المقدم بالفعل فليس المتكلم في مقام بيانه قطعا ليتمسك بإطلاق كلامه لإثبات انحصار العلة بالمقدم (واما ما ربما يتوهم) في هذا المقام من ان مقدمات الحكمة وان افادت انحصار العلة بالمقدم الا أنها انما تجرى في خصوص ما إذا كان المقدم علة للتالي دون غيره من الموارد والقضايا الشرطية المتكفلة لبيان الاحكام الشرعية كلها من قبيل الثاني اعني به ما لا يكون المقدم فيه علة لوجود  التالي والوجه فيه هو ما ذكرناه سابقا من ان الشرط في تلك القضايا لا يكون الا موضوعا للحكم المعلق عليه فيها ويستحيل ان يكون الحكم المجعول لجاعله معلولا لوجود موضوعه في الخارج وعلى ذلك بنينا امتناع تعلق الجعل التشريعي بالسببية ولزوم كون المجعول التشريعي هو نفس المسبب عند وجود سببه فإذا لم يكن المقدم علة لوجود  التالي لم يبق موضوع لإجراء مقدمات الحكمة لإفادة انحصارها (فمدفوع) بان الحكم المجعول وان لم يكن معلولا لوجود موضوعه الا انه مترتب عليه نحو ترتب المعلول على علته والقضية الشرطية لا تدل بالدلالة الوضعية الا على ترتب  التالي على المقدم واما كون الترتب بنحو العلية فهو لا يستفاد من القضية الشرطية اصلا بل هو يستفاد من خصوصية بعض الموارد كموارد افادة ترتب بعض الامور التكوينية على بعضها الاخر في القضايا الشرطية لان الترتب في تلك الموارد منحصر بترتب المعلول على علته وعليه فإذا كان اطلاق ترتب  التالي على المقدم واستناد وجوده إلى وجوده كاشفا عن انحصار المرتب عليه دلت القضية الشرطية على المفهوم سواء في ذلك القضايا الشرطية المتكفلة لبيان الاحكام الشرعية وغيرها من القضايا الا ان الشأن انما هو في اثبات مثل هذا الاطلاق في القضية الشرطية وقد عرفت آنفا انه غير ثابت.

(والتحقيق) في اثبات دلالة القضية الشرطية على المفهوم ان يقال ان الشرط المذكور في القضية الشرطية اما أن يكون في حد ذاته مما يتوقف عليه عقلا وجود ما هو متعلق الحكم في الجزاء واما ان لا يكون كذلك (وعلى الاول) فبما ان ترتب الجزاء على الشرط وتقيده به قهري ومما لابد منه لا يكون للقضية مفهوم لا محالة وهذا كما في قولنا ان رزقت ولدا فاختنه أو فتصدق عنه فان القضية الشرطية حينئذ تكون مسوقة لبيان تحقق الحكم عند تحقق موضوعه فيكون حال الشرط المذكور فيه حال اللقب فلا تدل على المفهوم ضرورة ان التعليق في مثل هذه القضايا لو دل على المفهوم لدل كل قضية ولو كانت حملية عليه وذلك لما ذكرناه في بحث الواجب المشروط من ان كل قضية حملية تنحل إلى قضية شرطية يكون مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له (واما على الثاني) فبما ان الحكم الثابت في الجزاء ليس بمتوقف على وجود الشرط في هذا القسم عقلا فهو لا يخلو من أن يكون مطلقا بالإضافة إلى وجود الشرط المذكور في القضية الشرطية أو من أن يكون مقيدا به وبما انه رتب في ظاهر القضية الشرطية على وجود الشرط يمتنع الاطلاق فيكون مقيدا بوجود الشرط لا محالة ربما أن المتكلم في مقام البيان قد اتى بقيد واحد ولم يقيده بشيء آخر سواء كان التقييد بذكر عدل له في الكلام ام كان التقييد بمثل العطف بالواو ليكون قيد الحكم في الحقيقة مركبا من امرين كما في قولنا إذا جاءك زيد واكرمك فأكرمه يستكشف من ذلك انحصار القيد بخصوص ما ذكر في القضية الشرطية وبالجملة القضية الشرطية وان كانت بحسب الوضع لا تدل على تقييد الجزاء بوجود الشرط لصحة استعمالها بلا عناية في موارد القضية المسوقة لبيان الحكم عند تحقق موضوعه الا ان ظاهرها في ما إذا كان التعليق على ما لا يتوقف عليه متعلق الحكم في الجزاء عقلا هو ذلك فإذا كان المتكلم في مقام البيان فكما ان اطلاقه الشرط وعدم تقييده بشيء بمثل العطف بالواو مثلا يدل على عدم كون الشرط مركبا من المذكور في القضية وغيره كذلك اطلاقه وعدم تقييده بشيء بمثل العطف بأو يدل على انحصار الشرط بما هو مذكور في القضية وهذا نظير استفادة الوجوب التعييني من اطلاق الصيغة فكما ان اطلاقها يقتضى عدم سقوط الواجب بإتيان ما يحتمل كونه عدلا له فيثبت به كون الوجوب تعيينيا كذلك مقتضى الاطلاق في المقام هو انحصار قيد الحكم بما هو مذكور في القضية فيثبت به انه لا بدل له في ترتب الحكم عليه ومما ذكرناه يظهر فساد ما اورده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) على هذا التقريب بما حاصله ان الوجوب التعييني والتخييري بما انهما متباينان سنخا كان على المولى الحكيم التنبيه على احدهما بخصوصه إذا لم يكن في مقام الاهمال أو الاجمال وبما ان بيان الوجوب التخييري يحتاج إلى ذكر خصوصية في الكلام اعني بها العدل المحتمل تعلق الوجوب به تخييرا والمفروض عدم التنبيه عليه كان مقتضى الاطلاق كون الوجوب تعيينيا وغير متعلق الا بخصوص ما هو مذكور في الكلام وهذا بخلاف المقام فان ترتب المعلول على علته المنحصرة ليس مغايرا في السنخ لترتبه على غير المنحصرة بل هو في كليهما على نحو واحد فلا يمكن اثبات انحصار العلة بما هو مذكور في القضية بالإطلاق (وجه الظهور) هو ان الاطلاق المتمسك به في المقام ليس هو اطلاق الجزاء واثبات ان ترتبه على الشرط انما هو بنحو ترتب المعلول على علته المنحصرة ليرد عليه ما ذكر بل هو اطلاق الشرط بعدم ذكر عدل له في القضية وذلك لما عرفت من ان ترتب الجزاء على الشرط وان لم يكن مدلولا للقضية الشرطية وضعا الا أنه يستفاد منها في متفاهم العرف سياقا وذلك يستلزم تقييد الجزاء بوجود الشرط في غير القضايا المسوقة لبيان تحقق الحكم بتحقق موضوعه كما تقدم وبما ان التقييد بشيء واحد يغابر التقييد بأحد الشيئين على البدل سنخا يلزم على المولى بيان الخصوصية إذا كان في مقام البيان وبما انه لم يبين العدل مع انه هو المحتاج إلى البيان تعين كون الشرط واحدا وكون القيد منحصرا به بقى هناك امور:

(الاول): ان الحكم المستفاد من التالي المعلق على وجود الشرط إذا كان مفهوما اسميا كالوجوب المدلول عليه بكلمة يجب وامثالها فلا اشكال واما إذا كان مفهوما حرفيا ومستفادا من الهيئة فربما يشكل في دلالة القضية الشرطية حينئذ على المفهوم بان مفاد الهيئة معنى جزئي وانتفائه بانتفاء شرطه عقلي فلا ربط له بالمفهوم لان المفهوم عبارة عن ارتفاع سنخ الحكم بانتفاء الشرط المذكور في القضية واما انتفاء شخص الحكم المذكور فيها فهو عقلي واجنبي عن باب المفهوم وعليه فبما ان المعلق في القضية الشرطية إذا كان الحكم مستفادا من الهيئة ليس الا شخصا واحدا من الحكم قد انشأ في الكلام لا كليا قابلا للصدق على كثيرين لا تكون في القضية دلالة على المفهوم وعلى ارتفاع سنخ الحكم بانتفاء الشرط المذكور فيها إذ المفروض ان سنخ الحكم غير معلق في الكلام على شيء وانما المعلق على الشرط هو شخص الحكم وقد عرفت ان انتفائه بانتفاء شرطه اجنبي عن باب المفهوم راسا (وجوابه) (2) ان المعلق في القضية الشرطية ليس هو مفاد الهيئة لأنه معنى حرفي وملحوظ إلى بل المعلق فيها هي نتيجة القضية المذكورة في الجزاء وان شئت عبرت عنها بالمادة المنتسبة كما ذكرنا تفصيل ذلك في بحث الواجب المشروط وعليه يكون المعلق في الحقيقة على الشرط المذكور في القضية الشرطية هو الحكم العارض للمادة كوجوب الصلاة في قولنا إذا دخل الوقت فصل فينتفى هو بانتفاء شرطه غاية الامران المعلق على الشرط حينئذ هو حقيقة الوجوب مثلا من دون توسط مفهوم اسمى في البين واما في القسم الاول فالمعلق على الشرط هو مفهوم الوجوب باعتبار فنائه في حقيقته فلا اشكال.

الامر الثاني : لا اشكال في انه كلما زاد الشرط المذكور في القضية قيدا بان كان مركبا من امور أو مقيدا بقيود زاد المفهوم سعة إذ انتفاء الشرط حينئذ يكون بانتفاء احد اجزائه أو قيوده المأخوذة في المقدم فينتفى بانتفائه الحكم الثابت في  التالي (انما الاشكال) في ما إذا كان  التالي مشتملا على حكم كلى ايجابي أو سلبى نظير قوله عليه السلام إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء من جهة ان مفهوم القضية الشرطية حينئذ هل هو موجبة جزئية لان ارتفاع السلب الكلى انما يكون بالإيجاب الجزئي كما هو مقرر في علم الميزان أو انه موجبة كلية فتدل الرواية على تنجس الماء القليل بملاقات كل نجس (ربما يقال) (3) ان المفهوم انما هو رفع الحكم المذكور في  التالي ربما ان نقيض السالبة الكلية هي الموجبة الجزئية لا تدل الرواية الاعلى تنجس الماء القليل بشيء ما لا بكل شيء (ولكن التحقيق) ان يقال ان النظر في علم الميزان بما انه مقصور على القواعد الكلية لتأسيس البراهين العقلية لا ينظر فيه إلى الظواهر ومن ثم جعلت الموجبة الجزئية نقيضا للسالبة الكلية وهذا بخلاف علم الاصول فان المهم فيه هو استنباط الحكم الشرعي من دليله ويكفى في ذلك اثبات ظهور الكلام في شيء وان لم يساعده البرهان المنطقي فلا منافاة بين كون نقيض السالبة الكلية موجبة جزئية وظهور القضية التي علق فيها السالبة الكلية على شيء في ثبوت الموجبة الكلية بانتفاء ذلك الشيء فبين النظرين عموم وخصوص من وجه وعلى ذلك فان كان المعلق على الشرط بحسب ظاهر القضية الشرطية هو نفس عموم الحكم وشموله كما في العام المجموعي فلا محالة كان المنتفي بانتفاء الشرط هو عموم الحكم ايضا فلا يكون المفهوم حينئذ الا موجبة جزئية واما إذا كان المعلق على الشرط هو الحكم العام اعني به الحكم المنحل إلى احكام عديدة بانحلال موضوعه إلى افراده ومصاديقه كان المعلق في الحقيقة على وجود الشرط حينئذ هو كل واحد واحد من تلك الاحكام المتعددة فيكون المنتفي عند انتفاء الشرط هو كل واحد من تلك الاحكام ايضا وبالجملة الحكم الثابت في الجزاء ولو فرض كونه استغراقيا ومنحلا إلى احكام متعددة الا ان المعلق على الشرط في القضية الشرطية تارة يكون هو مجموع الاحكام واخرى كل واحد منها وعلى الاول فالمفهوم يكون جزئيا لا محالة بخلاف الثاني فانه فيه كلى كالمنطوق هذا بحسب مقام الثبوت واما بحسب مقام الاثبات فان كان العموم المستفاد من  التالي معنى اسميا مدلولا عليه بكلمة كل واشباهها امكن ان يكون المعلق على الشرط هو نفس العموم أو الحكم العام فلا بد في تعيين احد هما من اقامة قرينة خارجية واما إذا كان معنى حرفيا مستفادا من مثل هيئة الجمع المعرف باللام ونحوها وغير قابل لان يكون ملحوظا بنفسه ومعلقا على الشرط أو كان مستفادا من مثل وقوع النكرة في سياق النهى ولم يكن هو بنفسه مدلولا عليه باللفظ فلا محالة يكون المعلق في القضية الشرطية حينئذ هو الحكم العام كما في الرواية المزبورة إذ المعلق على الكرية فيها انما هو عدم تنجس الماء بملاقات كل واحد واحد من النجاسات لأنه مقتضى وقوع النكرة في سياق النفي فتدل الرواية على عدم تنجس الكر من الماء بملاقاة البول أو الدم أو غيرهما فيثبت بانتفاء الشرط اعني به كرية الماء تنجسه بملاقات كل واحد منها فلا معنى حينئذ للقول بان المفهوم موجبة جزئية وانه لا يثبت بالرواية الا تنجس الماء القليل بملاقاة نجس ما دون جميع النجاسات (هذا) مع انا لو قلنا بان المفهوم فيما لو كان  التالي سالبة كلية لا يكون الا موجبة جزئية لما ترتب عليه اثر في خصوص المثال لأنه إذا ثبت تنجس الماء القليل ينجس ما ثبت تنجسه بكل نجس من انواع النجاسات إذ لا قائل بالفصل بينها فلا تترتب ثمرة على البحث عن كون مفهوم الرواية موجبة كلية أو موجبة جزئية (واما توهم) ان ما تدل عليه الرواية على القول بكون المفهوم موجبة جزئية انما هو تنجسه بملاقاة نجس ما غاية الامر انه يتعدى من ذلك إلى بقية النجاسات بعدم القول بالفصل لكن عدم القول بالفصل مختص بالأعيان النجسة فلا يمكن اثبات تنجس الماء القليل بملاقاته المتنجس الاعلى تقدير كون المفهوم موجبة كلية (فهو مدفوع) بانه ليس المراد من الشيء المذكور في الرواية هو كل ما يصدق عليه انه شيء إذ لا معنى لاشتراط عدم انفعال الماء عند ملاقاته الاجسام الطاهرة بكونه كرا بل المراد به هو الشيء الذي يكون في نفسه موجبا لتنجس ملاقيه وعليه فان ثبت من الخارج تنجيس المتنجس فذلك يكفى في الحكم بانفعال الماء القليل بملا قاته من دون احتياج في ذلك إلى التمسك بمفهوم الرواية وان لم يثبت ذلك فالمتنجس غير داخل في عموم المنطوق لتثبت بمفهومها نجاسة الماء القليل بملاقاته على تقدير كون المفهوم موجبة كلية.

الامر الثالث : إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء كما في قضيتي إذا خفى الاذان فقصر وإذا خفيت الجدران فقصر ففيه احتمالات :

(الاول) ان يكون الشرط في الحقيقة هو الكلى الجامع بين الامرين فكل واحد من الشرطين المذكورين في القضتين محقق له ومصداقه.

 (الثاني) ان يكون الشرط في الحقيقة مركبا من الشرطين المذكورين في القضيتين فكل واحد منهما جزء للشرط وعليه يترتب لزوم تقييد كل من الشرطين المذكورين في القضيتين بانضمامه إلى الشرط الاخر فتكون القضيتان في حكم قضية شرطية واحدة مقدمها مركب من الامرين فشرط وجوب القصر في المثال يكون مركبا في خفاء الاذان وخفاء الجدران معا.

 (الثالث) ان يكون كل منهما شرطا مستقلا وعليه يترتب لزوم تقييد اطلاق كل من الشرطين المذكورين في القضيتين بإثبات العدل له فيكون وجود احدهما كافيا في ثبوت الجزاء.

(الرابع) ان يرفع اليد عن ظهور كل من القضيتين في المفهوم ليرتفع التعارض بينهما.

(الخامس) ان يقيد مفهوم كل منهما بمنطوق الاخر من دون ان يتصرف في شيء من المنطوقين (ولا يخفى) انه في ما إذا لم يكن هناك جامع عرفي بين الشرطين المذكورين في القضيتين كما هو الواقع في المثال المتقدم وما شاكله يرجع الوجه الاول إلى الوجه الثالث فيكون الشرط في الحقيقة احد الامرين المزبورين واما الوجه الرابع فهو ايضا يرجع إلى التصرف في منطوق كل من القضيتين بإثبات العدل له فيرجع إلى الوجه الثالث واما الوجه الخامس فهو غير معقول إذ المفهوم ليس هو بنفسه مدلولا للكلام مستقلا ليتصرف فيه بتخصيص أو تقييد بل هو تابع للمنطوق فإذا لم يتصرف فيه امتنع التصرف في المفهوم وعليه فالأمر يدور بين تقييد اطلاق الشرط المقابل للعطف بالواو لتكون النتيجة هو اشتراط الجزاء بمجموع الشرطين المذكورين في القضيتين وتقييد اطلاقه المقابل للعطف بأو لتكون النتيجة هو اشتراط الجزاء بأحدهما وحينئذ ربما يقال ان كلا من القضيتين بما انها صريحة في ترتب  التالي على المقدم المذكور فيها ولو في بعض الموارد لا يبقى مجال لاحتمال كون كل من الشرطين جزء لما هو الشرط المعلق عليه الجزاء في الحقيقة فيتعين وجه الجمع بينهما في تقييد اطلاق كل من الشرطين المقابل للعطف ب(او) بأثبات العدل له فيكون كل من الشرطين مستقلا في ترتب الجزاء عليه الا ان التحقيق ان دلالة كل من الشرطيتين على ترتب الجزاء على الشرط المذكور فيها باستقلاله من غير انضمام شيء آخر إليه انما هي بالإطلاق المقابل بالعطف بالواو كما ان انحصار الشرط بما هو مذكور فيها مستفاد من الاطلاق المقابل للعطف بأو وبما انه لا بد من رفع اليد عن احد الاطلاقين ولا مرجح (4) لاحد هما على الاخر يسقط كلاهما عن الحجية لكن ثبوت الجزاء كوجوب القصر في المثال يعلم بتحققه عند تحقق مجموع الشرطين على كل تقدير واما في فرض انفراد كل من الشرطين بالوجود فثبوت الجزاء فيه يكون مشكوكا فيه ولا اصل لفظي في المقام على الفرض لسقوط الاطلاقين بالتعارض فتصل النوبة إلى الاصل العملي فتكون النتيجة موافقة لتقييد الاطلاق المقابل بالعطف بالواو واما ما ربما يقال من لزوم رفع اليد عن خصوص الاطلاق المقابل بالعطف بأو لكونه متأخرا في الرتبة عن الاطلاق المقابل بالعطف بالواو ضرورة ان انحصار الشرط متأخر رتبة عن تعينه وتشخصه فيد فعه ان تقدم احد الاطلاقين على الاخر في الرتبة لا يوجب صرف التقييد إلى المتأخر لان الموجب لرفع اليد عن الاطلاقين انما هو وجود العلم الاجمالي بعدم ارادة احدهما ومن الواضح ان نسبة العلم الاجمالي إلى كليهما على حد سواء فلا موجب لرفع اليد عن احدهما بخصوصه دون الاخر.

الامر الرابع: إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء وثبت من الخارج أو من نفس ظهور الدليلين كون كل شرط مستقلا في ترتب الجزاء عليه فهل القاعدة تقتضي تداخل الشروط في تأثيرها اثرا واحدا فيما إذا تقارنت زمانا أو تقدم بعضها على بعض أو انها تقتضي تعدد الاثر عند تعدد مؤثره ويعبر عن ذلك بتداخل الاسباب وعد مه وفي المقام نزاع اخر وهو انه على تقدير تعدد الاثر كوجوب الغسل المترتب على الجنابة ووجوبه المترتب على الحيض فهل يجوز امتثالهما بفعل واحد اوانه يجب ان يكون امتثال كل منهما بفعل مغاير لما يتحقق به امتثال الاخر ويعبر عن ذلك بتداخل المسببات وعد مه فالكلام يقع في مقامين:

(اما المقام الاول): اعني به تداخل الاسباب وعدمه فتحقيق الحال فيه يتوقف على تقديم مقدمات: الاولى: ان ظاهر كل من الشرطيتين هو ترتب الجزاء على وجود الشرط المذكور فيها وحدوثه عند حدوثه فالقول بالتداخل يستلزم رفع اليد عن هذا الظهور وحمل الكلام على خلاف ظاهره كما ان ظاهر الجزاء على ما قيل هو تعلق الحكم بصرف الوجود وكونه حكما واحدا لان صرف الوجود يمتنع ان يكون محكوما بحكمين متضادين أو متماثلين فالقول بعدم التداخل يستلزم رفع اليد عن هذا الظهور فمن نظر إلى الظهور الاول ذهب إلى عدم التداخل كما ان من نظر إلى الظهور الثاني ذهب إلى التداخل.

الثانية: انه يختلف الحال في جريان الاصل العملي عند الشك في تداخل الاسباب والمسببات فانه إذا شك في تداخل الاسباب كان مقتضى الاصل تداخلها وعدم ثبوت تكليف زائد على التكليف الواحد المتيقن على كل تقدير فانه مشكوك فيه ومقتضى القاعدة فيه هو الرجوع إلى البراءة عقلا ونقلا واما إذا شك في تداخل المسببات كان مقتضى الاصل عدم تداخلها لأنه إذا ثبت تكليفات أو تكاليف متعددة وشك في جواز امتثالهما بفعل واحد فقاعدة الاشتغال تقضى بعدم جواز الاكتفاء به في مقام امتثال كلا التكليفين أو جميعها (هذا كله) في الاحكام التكليفية واما الاحكام الوضعية فليس لجريان الاصل في مواردها ضابط كلى (5) فلا بد من ملاحظة كل مورد بخصوصه والرجوع فيه إلى ما يقتضيه من الاصول العملية.

 الثالثة: ربما يتوهم ان القول بتداخل الاسباب يبتنى على كون الاسباب الشرعية معرفات كما ان القول بعدم التداخل يبتنى على كونها مؤثرات في الاحكام المترتبة عليها وعللا لتحققها لكنه توهم فاسد وبيانه يحتاج إلى شرح المراد من لفظي العلة والمعرف فنقول ان لفظ العلة يطلق تارة ويراد به الملاك الداعي إلى جعل الحكم على موضوعه أو المقتضى للحكم المجعول واخرى يراد به الموضوع المترتب عليه الحكم ومنه الشرائط المأخوذة في القضايا الشرطية لما تقدم سابقا من ان شرط الحكم يرجع إلى موضوعه في الحقيقة كما ان لفظ المعرف يطلق تارة ويراد به ما يكون كاشفا عن وجود شيء من جهة كونه معلولا لذلك الشيء أو لازما له عقلا واخرى يراد به ما يكون ملازما للشيء وجودا بحسب العادة مع امكان انفكاكهما عقلا (لا اشكال) في انه يستحيل صدق المعرف بالمعنى الاول على ملاك جعل الحكم وعلى مقتضى الحكم المجعول و على موضوع الحكم بداهة لزوم تقدم جميع ذلك على الحكم فيستحيل ان تكون هي معرفة له بذلك المعنى واما المعرف بالمعنى الثاني فهو يستحيل ايضا صدقه على موضوع الحكم وملاك التشريع لاستحالة انفكاكهما عن الحكم والتشريع خارجا نعم يصح صدقه بهذا المعنى على ملاك الحكم المجعول لأنه يمكن انفكاك الحكم عنه احيانا كما في وجوب العدة على المطلقة فان ملاك وجوبها انما هو حفظ الانساب وعدم اختلاط المياه وهذا الملاك وان لم يكن مطردا وسايرا في جميع الموارد الا ان تمييز موارد الاختلاط عن غيرها لكونه عسرا في الغاية بل متعذرا احيانا جعل الشارع وجوب العدة على نحو الاطلاق تحفظا على غرضه فوجوب العدة في موارد عدم الخلط واقعا وان كان خاليا عن الملاك الا ان تشريع الحكم على الاطلاق ناشئ عن ملاك يقتضيه اعني به التحفظ على الغرض فتبين من ذلك ان كون الشرط الذي هو الموضوع في الحقيقة معرفا للحكم المترتب عليه مما لا معنى له اصلا وعلى تقدير صحة كونه معرفا له فمجرد امكان تعدد المعرف بالكسر واتحاد المعرف بالفتح لا يكفى في رفع اليد عن ظهور القضية الشرطية في ترتب الجزاء على كل واحد من الشروط فالنزاع في التداخل وعدمه يبتنى على ظهور القضية الشرطية بالفعل في تعدد الجزاء بتعدد شرطه وعدمه سواء في ذلك القول بكون الاسباب الشرعية معرفات والقول بكونها مؤثرات.

الرابعة: ان متعلق الحكم في الجزاء المذكور في القضية الشرطية اما أن يكون قابلا للتعدد اولا وعلى الثاني فاما أن يكون قابلا للتقيد اولا والاول كالوضوء الواجب بالبول والنوم فانه يمكن ايجاب وضوءين على المكلف في الخارج عند تحقق البول والنوم منه أو فردين من البول أو فردين من النوم مثلا (والثاني) كالقتل المشروع قصاصا عن اثنين فان قتل شخص واحد وان لم يمكن تعدده في الخارج الا ان تشريعه مقيد بكل من السببين بحيث لو عفا ولى احد المقتولين لا يسقط حق ولى المقتول الاخر وكالخيار المسبب عن امرين فانه إذا سقط احد السببين بقى الاخر على سببيته (والثالث) كوجوب القتل الناشئ من غير حق الناس كالارتداد ونحوه فان حكم الله لا يمكن العفو منه فيتأكد الحكم عند اجتماع السببين لا محالة (لا اشكال) في دخول القسم الاول في محل النزاع في المقام واما القسم الثاني فهو ملحق بالقسم الاول وبناء على عدم التداخل يتقيد الجزاء بكل من السببين فيؤثر احدهما عند ارتفاع الاخر واما القسم الثالث فهو خارج عن محل الكلام ولا مناص من الالتزام بالتداخل فيه والوجه في ذلك ظاهر.

(إذا عرفت ذلك) فاعلم ان الاقوال في المسألة ثلاثة ثالثها التفصيل بين تعدد الاسباب شخصا مع اتحادها جنسا وتعددها شخصا وجنسا فيلتزم بالتداخل في الاول وبعد مه في الثاني (والحق) هو القول بعدم التداخل مطلقا وتوضيح ذلك انما يتم ببيان امرين:

(الاول) ما تقدم سابقا من انه لا اشكال في ان كل قضية شرطية ترجع إلى قضية حقيقية كما ان كل قضية حقيقيه تنحل إلى قضية شرطية مقد مها وجود الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له فالمعنى المستفاد منها في الحقيقة شيء واحد وانما الاختلاف في كيفية التعبير عنه وعليه فكما ان الحكم في القضية الحقيقية ينحل بانحلال موضوعه إلى احكام متعددة إذ المفروض ان فرض وجود الموضوع فرض ثبوت الحكم له كذلك ينحل الحكم في القضية الشرطية بانحلال شرطه لان ادوات الشرط اسمية كانت ام حرفية انما وضعت لجعل مدخولها موضع الفرض والتقدير واثبات  التالي على هذا الفرض فلا يكون بين القضية الشرطية والحقيقية فرق من جهة الانحلال اصلا وعليه فيتعدد الحكم بتعدد الشرط وجودا كما يتعدد بتعدد موضوعه في الخارج واما تعدد الحكم بتعدد شرطه جنسا فهو انما يستفاد من ظهور كل من القضيتين في ان كلا من الشرطين مستقل في ترتب الجزاء عليه مطلقا فان ظاهر قضية إذا بلت فتوضأ هو ان وجوب الوضوء مترتب على وجود البول ولو قارنه أو سبقه النوم مثلا وكذلك ظاهر قضية إذا نمت فتوضأ هو ترتب وجوب الوضوء على النوم ولو قارنه أو سبقه البول مثلا فاطلاق كل من القضيتين يستفاد منه استقلال كل من النوم والبول في ترتب وجوب الوضوء عليه على جميع التقادير ولازم ذلك هو تعدد وجوب الوضوء عند حصول الشرطين في الخارج.

(الثاني) ان تعلق الطلب بشيء لا يقتضى الا ايجاد ذلك الشيء خارجا ونقض عدمه المطلق وبما ان نقض العدم المطلق يصدق على اول وجود من وجودات الطبيعة يكون الاتيان به مجزيا في مقام الامتثال عقلا (واما توهم) ان ذلك من جهة تعلق الطلب بصرف الوجود وصد قه على اول الوجودات (فهو فاسد) إذ لا موجب لأخذ صرف الوجود في متعلق الطلب بعد عدم كونه مد لولا عليه بالهيئة ولا بالمادة ضرورة ان المادة لم توضع الا لنفس الماهية المعرات عن الوجود والعدم واما الهيئة فهي لا تدل الا على طلب ايجادها ونقض عدمها الصادق قهرا على اول الوجودات وليس هناك ما يدل على اعتبار صرف الوجود في متعلق الطلب غير صيغة الامر المفروض عدم دلالتها على ذلك هيئة ومادة وعليه فالطلب لا يرد على صرف الوجود المأخوذ في المتعلق في مرتبة سابقة على عروض الطلب عليه بل الطلب هو بنفسه يقتضى ايجاد متعلقه خارجا ونقض عد مه المطلق فإذا فرض تعلق طلبين بماهية واحدة كان مقتضى كل منهما ايجاد تلك الماهية فيكون المطلوب في الحقيقة هو ايجادها ونقض عدمها مرتين كما هو الحال بعينه في تعلق ارادتين تكوينيتين بماهية واحدة فتعدد الايجاد تابع لتعدد الارادة تشريعية كانت ام تكوينية وبالجملة ان كل امر في نفسه لا يدل الا على الطلب المقتضى لإيجاد متعلقه واما كون هذا الطلب واحدا أو متعددا فليس في الامر بهيئته ومادته دلالة عليه قطعا نعم إذا لم يكن هناك ما يقتضى تعدد الطلب وقد فرض تعلق الامر بالطبيعة كان الطلب واحدا قهرا الا انه من جهة عدم المقتضى لتعدده لا من جهة دلالة اللفظ عليه فإذا فرض ظهور القضية الشرطية في الانحلال وتعدد الطلب أو فرض تعدد القضية الشرطية في نفسها كان ظهور القضية في تعدد الحكم موجبا لارتفاع موضوع الحكم بوحدة الطلب اعني به عدم المقتضى لتعدد وواردا عليه ولو تنزلنا عن ذلك وسلمنا ظهور الجزاء في وحدة الطلب لكان ذلك من جهة عدم ما يدل على التعدد فإذا ذلت الجملة الشرطية بظهورها في الانحلال أو من جهة تعددها في نفسها على تعدد الطلب كان هذا الظهور لكونه لفظيا مقدما على ظهور الجزاء في وحدة الطلب ومن هنا يظهر الفرق بين المقام الذي التزمنا فيه بتعدد الطلب ومسألة تعلق الامر بشيء واحد مرتين كما إذا قال المولى صم يوما ثم قال صم يوما التي التزمنا فيها بحمل الامر الثاني على التأكيد كما تقدم وذلك لان ظهور الامر الثاني في التأسيس وتعدد الحكم ليس ظهورا لفظيا ليكون قرينة على صرف ظهور وحدة المتعلق في وحدة الحكم بل هو من الظهورات السياقية فكما يمكن ان يكون هو قرينة على التأسيس والتعدد كذلك يمكن أن تكون وحدة المتعلق قرينة على الوحدة و التأكد فلا ينعقد حينئذ للكلام ظهور في التأسيس ومعه لا مناص من الرجوع إلى البراءة عن التكليف الزائد عن المتيقن فتكون النتيجة نتيجة التأكيد وهذا بخلاف المقام فان ظهور القضية الشرطية في تعدد الحكم بما انه ظهور لفظي يكون رافعا لظهور الجزاء في وحدة الحكم فيكون مقتضى القاعدة حينئذ عدم التداخل .

(فان قلت) انما ذكرته من معارضة ظهور الامر الثاني في التأسيس بظهور وحدة المتعلق في التأكيد في ما إذا تعلق الامر بشيء واحد مرتين يتوقف على تحقق الظهور الثاني في نفسه وقد مر آنفا ان وحدة الحكم انما يثبت من جهة عدم المقتضى للتعدد لا انها بنفسها مدلول عليها بالكلام وعليه فلا موجب لرفع اليد عن ظهور الامر الثاني في التأسيس ولو كان ذلك ظهورا سياقيا من دون معارض له فلا بد من حمل الامر الثاني في المسألة المتقدمة ايضا على التأسيس (قلت) قد ذكرنا في تلك المسألة ان ظهور الكلام في التأسيس انما هو فيما إذا لم يكن الكلام مسبوقا بمثله والا لم ينعقد له ظهور في ذلك ليثبت به تعدد الحكم واما ما ذكرناه من وقوع المعارضة بين الظهورين فهو انما كان مبنيا على تسليمهما والا فالتحقيق هو ما عرفت من انه لا ظهور لوحدة المتعلق في وحدة الحكم ولا للأمر الثاني في التأسيس.

(فان قلت) ان ما ذكرته من ظهور القضية الشرطية في تعدد الحكم انما يتم فيما إذا كان الحكم في الجزاء مستفادا من الجملة الانشائية لان المعلق حينئذ يكون هي المادة المنتسبة القابلة للتعدد فإذا كانت القضية الشرطية ظاهرة في ذلك فلا بد من الاخذ بظهورها واما إذا كان الحكم المذكور مستفادا من الجملة الخبرية مثل قولنا يجب فلا بد فيه من القول بالتداخل لان المعلق على الشرط حينئذ هو مفهوم الوجوب الذي هو مفهوم واحد وغير قابل للتعدد ومن الواضح ان الاخذ بظهور الكلام انما يكون في المورد القابل له دون غيره .

(قلت) المفهوم بما انه مفهوم لا معنى لكونه معلقا على شيء وانما يصح تعليقه عليه بلحاظ كونه مرآة وفانيا في الحقيقة فيرجع التعليق بالأخرة إلى تعليق حقيقة الوجوب الراجع إلى تعليق المادة المنتسبة (6) فلا اشكال وبالجملة لا فرق في حقيقة المعلق على الشرط بين الصيغة الانشائية والاخبارية فإذا كان الجزاء قابلا للتعدد في احدهما كان قابلا للتعدد في الاخر ايضا وهذا الذي ذكرناه هو توضيح ما افاده العلامة (قدس سره) في الاستدلال على اصالة عدم التداخل بانه إذا اجتمع سببان لوجوب الوضوء مثلا فاما أن يكون كل منهما مؤثرا في حكم غير ما يؤثر فيه الاخر أو يؤثر كلاهما معا في حكم واحدا ولا يكون لشيء منهما تأثير في الحكم اصلا أو يكون التأثير لاحدهما دون الاخر وما عدا الاول فساده ظاهر فيتعين الوجه الاول فيكون عدم التداخل هو مقتضى القاعدة وهذا البرهان مبتن على ثلاث مقدمات:

 (الاولى) ان ظاهر القضية الشرطية هو استقلال كل شرط في ترتب الجزاء عليه.

 (الثانية) ان ما عدا الوجه الاول ينافى الاستقلال المزبور.

 (الثالثة) انه بعد ما ثبت ان لكل واحد من الشرطين اثرا مستقلا يكون تداخل الاثرين في واحد ليرجع الامر بالأخرة إلى تداخل المسببين خلاف الاصل فيكون مقتضى القاعدة حينئذ عدم التداخل ووجوب الاتيان بالجزاء مرتين فانقدح من جميع ما ذكرناه ان ظهور القضية الشرطية يقتضى عدم التداخل الا في ما إذا كان متعلق الجزاء غير قابل للتعدد ولا للتقيد كما في وجوب القتل لغير حق الناس وفيما إذا كان الشرط بنفسه غير قابل للتعدد كما في سببية الافطار في شهر رمضان لوجوب الكفارة فان افراد المفطرات وان كانت كثيرة إلا أن غير الوجود الاول منها لا يتصف بكونه مفطرا (7) فلا محالة يكون الوجود الاول هو الموجب للكفارة دون غيره وكما في الحدث الموجب لوجوب الوضوء فان محققاته وان كانت كثيرة إلا أنه لا معنى لحدوث الحدث بعد تحققه فيكون اول الوجود منها هو الموجب للحدث دون غيره ففي امثال ذلك لا مناص عن القول بالتداخل.

(واما المقام الثاني): اعني به تداخل المسببات فالقاعدة فيه تقتضي عدم التداخل ما لم يدل دليل على التداخل وذلك لان الاصل عدم سقوط الواجبات المتعددة بفعل واحد ولو كان ذلك بقصد امتثال الجميع في غير ما دل الدليل على سقوطها به كما هو الحال في سقوط اغسال متعددة بغسل الجنابة أو بغسل واحد نوى به سقوط الجميع وكما في ارتفاع افراد الحدث الاصغر بوضوء واحد بناء على تعدده وجودا عند تعدد اسبابه فانه لا اشكال في ارتفاعه بتمام افراده حينئذ بوضوء واحد ولو لم يقصد به ارتفاع جميعها المتحققة فعلا تعم لو نوى المتوضئ ارتفاع بعض افراد الحدث وعدم ارتفاع بعضها الاخر امكن القول بصحة الوضوء ولغوية نية العدم بالإضافة إلى البعض لان ارتفاع البعض يستلزم ارتفاع الجميع قهرا كما يمكن القول ببطلانه(8) وعدم ارتفاع الحدث بشيء من افراده لان نية ارتفاع البعض ونية عدم ارتفاع البعض الاخر مع ثبوت الملازمة بينهما نيتان متنافيتان لا يمكن اجتماعهما في زمان واحد فيرجع ذلك إلى وقوع الوضوء بغير نية فيكون فاسدا وعلى كلا التقديرين لا يمكن التفكيك بين افراد الحديث الاصغر والقول بارتفاع بعضها دون بعض وبالجملة الاصل العملي يقتضى عدم سقوط الواجبات المتعددة بفعل واحد ما لم يدل على سقوطها به دليل بالخصوص نعم يستثنى من ذلك مورد واحد وهو ما إذا كانت النسبة بين الواجبين عموما وخصوصا من وجه كما في قضية اكرم عالما واكرم هاشميا فان اكرام العالم الهاشمي الذي هو مورد الاجتماع لهما يكون مسقطا لكلا الخطابين لانطباق متعلق كل منهما عليه ولا يعتبر عقلا في تحقق الامتثال الا الاتيان بما ينطبق عليه متعلق الامر في الخارج (وربما يتوهم) في امثال المقام انه ليس من باب تداخل المسببات بل هو من قبيل تأكد الحكم في مورد الاجتماع فالفعل الواحد يكون امتثالا للحكم الواحد (الا انه توهم) فاسد لان التأكد في امثال المقام انما يتصور على تقدير تعلق كل من الحكمين بنفس مورد الاجتماع كما هو الحال فيما إذا كان كل من العامين من وجه شموليا واما إذا كان كل منهما بدليا كما في المثال المتقدم فلا معنى لتأكد الطلب في مورد الاجتماع اصلا (9) لان متعلق الطلب في العموم البدلي انما هي نفس الطبيعة الملغاة عنها الخصوصيات فالفرد المأتى به ليس بخصوصه متعلقا للأمر ليتأكد طلبه عند تعلق الامرين به وانما يجوز الاتيان به في مقام امتثال الامر بالطبيعة لأنه مقتضى الترخيص في التطبيق المستفاد من الاطلاق على ما تقدم سابقا.

___________________
(1) قد عرفت فيما تقدم ان القيد في القضية الشرطية انما يكون قيد لنفس الحكم المذكور في القضية وان الالتزام برجوع القيد إلى المادة المنتسبة لا موجب له اصلا فراجع

(2) والتحقيق في الجواب هو ما عرفته سابقا من ان حقيقة انشاء الوجوب عبارة عن اظهار اعتبار كون فعل ما على ذمة المكلف فإذا كان المعتبر بالاعتبار المزبور مطلقا على وجود شيء مثلا استلزم ذلك انتفائه بانتفائه ولا يفرق في ذلك بين أن يكون الاعتبار مستفادا من الهيئة وان يكون مستفادا من المادة المستعملة في المفهوم الاسمى باعتبار فنائه في معنونه

(3) الظاهر ان هذا القول هو الصحيح لان المستفاد من القضية الشرطية انما هو تعليق مدلول  التالي بمد لول المقدم وبما ان مد لول  التالي في محل البحث ليس الا امرا واحدا اعني به الحكم المجعول على الطبيعة السارية يكون المنتفي عند انتفاء الشرط المذكور هو ذلك الحكم ايضا فالحكم المجعول في  التالي وان كان بحسب مقام اللب ونفس الامر ينحل إلى احكام متعددة حسب تعدد افراد موضوعه الا انه بحسب مقام الجعل امر واحد ومستفاد من دليل واحد ومن الواضح ان تعدد الحكم في غير مقام الاثبات لا تأثير له في كيفية استفادة المفهوم من الكلام في مقام الاثبات والدلالة وعليه فلا تدل القضية الشرطية في مفروض الكلام الاعلى انتفاء الحكم عن الطبيعة السارية عند انتفاء شرطه و من الضروري انه يتحقق بانتفائه عن بعض الافراد ولا يتوقف تحققه على انتفاء الحكم عن جميع الافراد فمفهوم قولنا إذا ليس زيد لامة حربه لم يخف احدا هو الحكم بتحقق الخوف في الجملة وبالإضافة إلى بعض الاشخاص عند انتفاء الشرط المذكور في القضية لا الحكم بتحقق الخوف له بالإضافة إلى كل شخص وكذلك الحال في قولنا إذا غضب الامير لم يحترم احدا وغيره من موارد استعمال القضية الشرطية في تعليق حكم عام على شرط ما وعلى ذلك فلا يكون مفهوم قولهم عليهم السلام إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء الا ثبوت نجاسة الماء القليل بملاقات بعض النجاسات في الجملة لا ثبوت النجاسة له بملاقات كل نجس نعم ان ما افاده شيخنا الاستاد قدس سره من عدم القول بالفصل بين انواع النجاسات متين جدا فلا يترتب على هذا النزاع بالإضافة إلى انواع النجاسات لا اثر اصلا واما بالإضافة إلى المتنجسات فترتب الاثر عليه ظاهر فانه بعد ما ثبت تنجيس المتنجس في الجملة يحكم بانفعال الماء القليل بملاقات المتنجس بناء على استفادة العموم في ناحية المفهوم واما بناء على كون المفهوم موجبة جزئية فلا تدل الرواية على انفعاله بها وليس هناك قول بعدم الفصل بين المتنجس والاعيان النجسة ليتمسك به ومن هذا البيان يظهر فساد ما افاده شيخنا الاستاد قدس سره في المقام من انه إذا دل دليل خارجي على تنجيس المتنجس لما لاقاه كفى ذلك في الحكم بانفعال الماء القليل بملاقات المتنجس فلا حاجة إلى التمسك بالمفهوم والا كان المتنجس غير داخل في المنطوق فلا يترتب على القول بكون المفهوم موجبة كلية الحكم بانفعال الماء القليل بملاقاته وجه الظهور انه إذا دل دليل على تنجيس المتنجس لما لاقاه في الجملة من غير أن تكون له دلالة على انفعال خصوص الماء بملاقاته فلا يكون المتنجس داخلا في موضوع ما يكون قابلا لتنجيس ملاقيه فتدل الرواية المزبورة على عدم انفعال الكر بملاقاته لاعتصامه بنفسه فلو قلنا يكون مفهومها موجبة كلية لدلت الرواية على انفعال الماء القليل بملاقاته كما تدل على انفعاله بملا قات الاعيان النجسة والا كانت الرواية ساكتة عن حكم ملاقاته المتنجس فلا بد فيه من التماس دليل آخر وهذه ثمرة مهمة تترتب على البحث عن كون مفهوم القضية الكلية قضية كلية أو جزئية.

(4) الظاهر انه لابد في محل الكلام من رفع اليد عن خصوص الاطلاق المقابل للعطف بكلمة أو وابقاء الاطلاق المقابل للعطف بالواو على حاله والسر في ذلك ان الموجب لوقوع المعارضة بين الدليلين في المقام انما هو ظهور كل من القضيتين في المفهوم وظهور القضية الاخرى في ثبوت الجزاء عند تحقق الشرط المذكور فيها مع قطع النظر عن دلالتها على المفهوم وعدم دلالتها عليه فلو كان الوارد في الدليلين إذا خفى الاذان فقصر ويجب تقصير الصلاة عند خفاء الجدران كان ظهور القضية الاولى في المفهوم وظهور القضية الثانية في ثبوت وجوب التقصير عند خفاء الجدران متعارضين لا محالة وعليه فالمعارضة في محل الكلام انما هي بين مفهوم كل من القضيتين ومنطوق الاخرى الدال على ثبوت الجزاء عند تحقق شرطه وبما ان نسبة كل من المنطوقين بالإضافة إلى مفهوم القضية الاخرى نسبة الخاص إلى العام لابد من رفع اليد عن عموم المفهوم في مورد المعارضة وبما انه يستحيل التصرف في المفهوم نفسه لأنه مدلول تبعي ولازم عقلي للمنطوق لابد من رفع اليد عن ملزوم المفهوم بمقدار يرتفع به التعارض ولا يكون ذلك الا بتقييد المنطوق ورفع اليد عن اطلاقه المقابل للتقييد بكلمة أو واما رفع اليد عن الاطلاق المقابل للتقييد بالواو لتكون نتيجة ذلك اشتراط الجزاء بمجموع الامرين المذكورين في الشرطيتين فهو وان كان موجبا لارتفاع المعارضة بين الدليلين الا انه بلا موجب ضرورة انه لا مقتضى لرفع اليد عن ظهور دليل ما مع عدم كونه طرفا للمعارضة بظهور آخر ولو ارتفع بذلك ايضا التعارض بين الدليلين اتفاقا ونظير ذلك ما إذا ورد الامر باكرام العلماء الظاهر في وجوب اكرامهم ثم ورد في دليل آخر انه لا يجب اكرام زيد العالم فانه وان كان يرتفع التعارض بينهما بحمل الامر في الدليل الاول على الاستحباب الا انه بلا موجب يقتضيه إذ ما هو الموجب للتعارض بينهما انما هو ظهور الدليل الاول في العموم فلا بد من رفع اليد عنه و تخصيصه بالدليل الثاني وابقاء ظهور الامر في الوجوب على حاله مع ان ظهور العام في العموم اقوى من ظهور الامر في الوجوب وهذا هو الميزان في جميع موارد تعارض بعض الظهورات ببعضها الاخر فانه لابد في مقام العلاج بينهما من رفع اليد عن اضعف المتعارضين بخصوصه واما الظهور الاخر الأجنبي عن المتعارضين فلا موجب لرفع اليد عنه اصلا ولو ترتب عليه ارتفاع المعارضة بين الدليلين ومما ذكرناه يظهر انه لا تصل النوبة في محل الكلام إلى الاصول العملية لتكون النتيجة نتيجة تقييد الاطلاق المقابل للتقييد بالعطف بالواو فتدبر جيدا

(5) الظاهر ان جريان الاصل عند الشك في تداخل الاسباب أو المسببات في موارد الاحكام الوضعية على حذو جريان الاصل عند الشك في موارد الاحكام التكليفية فإذا شك في وحدة  الحكم الوضعي وتعدده عند تحقق سببين من اسبابه في الخارج فالأصل يقتضى عدم حدوث غير الحكم الواحد المتيقن حدوثه كما انه إذا علم تعدد الحكم وشك في ارتفاع كليهما مع العلم بارتفاع احدهما اقتضى الاصل بقاء غير المتيقن ارتفاعه فلا فرق بين الاحكام التكليفية والوضعية الا في ان الاصل الجاري في موارد الشك في تداخل الاسباب أو المسببات في موارد الاحكام التكليفية يغاير سنخ الاصل الجاري في موارد الاحكام الوضعية ومن الواضح ان ذلك لا يوجب التفرقة بين موارد الشك في الاحكام التكليفية وموارد الشك في الاحكام الوضعية بعد اشتراك جميعها في نتيجة جريان الاصل فيها كما عرفت

(6) ما افاده شيخنا الاستاد قدس سره في المقام وان كان في غاية الجودة والمتانة إلا أنه لا يتوقف على الالتزام برجوع التعليق في القضايا الشرطية إلى المادة المنتسبة كما هو ظاهر و قد تقدم في محله تحقيق الحال في ذلك فراجع.

(7) هذا انما يتم فيما إذا كان وجوب الكفارة مترتبا على تحقق عنوان المفطر بالفعل واما إذا كان مترتبا على ارتكاب ذات المفطر كالجماع والاكل والشرب ونحوها فيجرى فيه الكلام المتقدم عند الشك في تداخل الاسباب أو المسببات حرفا بحرف.

 (8) الظاهران الصحيح من الوجهين انما هو الوجه الاول لان نية ارتفاع بعض الاحداث ونية عدم ارتفاع بعضها الاخر وان كانتا متنافيتين الا ان تنافيهما لا يضر بصحة الوضوء إذ لا يعتبر فيها الا نية نفس الوضوء وقصد التقرب به واما نية رفع الحدث فهي غير معتبرة فيها فلا تكون تنافى النيتين المزبورتين موجبا لفساده

 (9) هذا مضافا إلى ان الالتزام بتأكد الحكم في مورد الاجتماع يستلزم الالتزام بكون الحكم المجعول في مورد العامين من وجه ثلثة احكام يكون واحد منها متأكدا والاثنان منها غير متأكدين مع انه واضح البطلان

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.