أقرأ أيضاً
التاريخ: 10/9/2022
1568
التاريخ: 31-8-2016
1383
التاريخ: 31-8-2016
1587
التاريخ: 2023-07-27
1218
|
القطع وخفائهِ(1)
ثُمّ الخبر: إمَّا أن يُعلَم صِدقُه قطعاً، أَو كذبُه كذلك، أو يخفَى الأمران(2). والعِلمُ بهما: قد يكون ضروريّاً، وقد يكون نظريّاً. فهذهِ خمسةُ أقسامٍ، أشارَ إلى تفصيلها بقوله: إنَّ الخبرَ:
قد يُعلَمُ صِدقُهُ قَطعاً
أ ـ ضرورةً
1 ـ كالمتواتر لفظاً ، وسيأتي تفسيرُهُ .
والحُكمُ بكونِ العلمِ به ضروريّاً مذهبُ الأكثر. ومستندُهُ: أنَّه لو كانَ نظريَّاً ، لَمَا حَصَلَ لِمَن لا يكونُ من أهلِه كالصِّبيانِ والبلَّه(3) ، ولافتَقَر إلى الدَّليل ، فلا يحصلُ لِلعوامّ(4) ؛ لكنَّه حاصِلٌ لهم ، فيكونُ ضروريّاً.
وذهب أبو الحسين البصري(5) والغزالي(6) وجماعةٌ إلى أنَّه: نظريّ ؛ لتوقُّفه على مقدِّماتٍ نظريّةٍ كـ: انتفاء المواطأة ، ودواعي الكذب ، وكون المُخبر عنه محسوساً(7) . وهو لا يستلزمُ المدّعى ؛ لأنَّ الاحتياج إلى النظر في المقدّمات البعيدة لا يُوجبُ كونَ الحُكم نظريّاً كلازم النتيجة . ولأنَّ المقتضى لحصول هذه، العلمُ بالمُخبر عنه، دون العكس.
2 ـ وما عُلِمَ وجودُ مُخبَره (بفتح الباء) كذلك؛ أي بالضرورة ، كوجود مكّة .
ب. لا ضرورة
بمعنى(8): أو يُعلَم صِدقه قطعاً؛ لكن كسباً، لا ضرورةً؛ كـ: خبر الله تعالى، لقُبح الكذب عليه بالاستدلال، وخبر الرَّسول(صلَّى الله عليه وآله)؛ أعمّ من خبر نبيِّنا (صلَّى الله عليه وآله)، وخبر الإمام عندنا كذلك ؛ للعصمة المعتبرة فيهم(9) ، بالدليل أيضاً . وخبر جميع الأُمّة؛ باعتبار الإجماع الثابت حقيقةُ مدلوله بالاستدلال.
والخبر المتواتر معنىً كشجاعة عليٍّ وكرمهِ(10)، وكرم حاتم(11)، فإنَّه قد رُوي وقائع في شجاعته وكرمهما، وإنْ لم يتواتر كلُّ واحدٍ، لكنَّ القدر المشترك متواتر.
والخبر المحتف بالقرائن: كمَن يخبر عن مرضه عند الحكيم ، ونبضُه ولونُهُ يدُلاّن عليه ، وكذا مَن يخبر عن موت أحد ٍ ، والنّياحُ والصِّياحُ في بيته ، وكُنّا عالمين بمرضه ، وأمثال ذلك كثيرةٌ . وإنكار جماعةٍ(12) أصل العلم به ، للتَّخلُّف عنه ، خطأ ؛ لجواز عدم الشرائط في صورة التخلًف ، خصوصاً مع عدم الضَّبط لهذه الجهات بالعبارات.
وما ـ أي: الخبرُ الذي ـ عُلِمَ وجودُ مخبَره: بالنّظر؛ كقولنا: مُحمّدٌ رسولُ الله.
وقد يُعلم كذبه كذلك:
أي: بالضرورة، أو النظر. وأمثلتهما تُعلم بالمقايسة على السابق.
أ ـ فالمعلومُ كِذبه ضرورةً: ما خالفَ المتواتر ، وما عُلِمَ عدمُ وجود مخبره ضرورةً: حِسّياً ، أو وجدانيّاً ، أو بديهيّاً.
ب ـ و[المعلومُ كِذبُه] كَسباً: الخبرُ المخالِفُ لِمَا دَلَّ عليه دليلٌ قاطعٌ بالكسب. ومنه الخبر الذي تتوفّر الدّواعي على نقله ولم ينقل كسقوط المؤذّن عن المنارة، ونحو ذلك(13).
وقد يحتمل الخبر الأمرين:
الصِّدق والكذبُ، لا بالنظر إلى ذاته؛ إذ جميع الأخبار تحتملها كذلك، كأكثر الأخبار؛ فإنَّ الموافقَ منها للقسمين الأوّلين قليل(14).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الذي في النسخةِ الخطِّـيَّة (ورقة 6 ، لوحة 1 ، سطر 12): (ثم الخبر) فقط ؛ بدون: (الحقل الخامس: في القطع وخفائه).
(2) ينظر: كتابُ الكفاية في علمِ الرواية، للخطيب البغدادي، ص17.
(3) في الخبر: (أكثرُ أهل الجنّة البُلَّه). البُلّه: جمع الأبله، وهو الذي فيه البَلَه (بفتحتين)؛ يعني الغفلة . والمُراد: الغافِل عن الشّر ، المطبوع على الخير . وقيل: البُلَّه ـ هنا ـ : هم الذين غلَبَتْ عليهم سلامةُ الصدور ، وحُسنُ الظنِّ بالناس ؛ لأنَّهم غفلوا عن دُنياهم ، فجهلوا حِذق التصرُّف فيها ، وأقبلوا على آخرتهم فشغلوا أنفسهم بها ، واستحقّوا أن يكونوا أكثر أهل الجنّة . فأمَّا الأبله الذي لا عقل له ، فليس بمُراد . مجمع البحرين: 6/ 343.
(4) العامّة: خَلافُ الخاصّة، والجمع: عوامّ؛ مثل: دابّة ودوابّ، ومنه: (نتوب إليك من عوامّ خطايانا). والنسبةُ إلى العامّة: عاميّ ؛ والهاء في: عامّة ، للتأكيد . وقوله: (لا يُعذّبُ اللهُ العامّةَ بعمل الخاصّة) ؛ أي لا يُعذّبُ الأكثر بعمل الأقلّ . وفي الحديث: (خُذ ما خالف العامّة) يعني: أهل الخلاف، وقد ذهب عامّة النهار؛ أي جميعه . مجمع البحرين: 6/ 124.
وأقولُ: العوام كذلك: مَنْ لم يبلغوا مرتبة الاجتهاد كما في قوله(عليه السلام): (.... وأمَّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه ، مخالفاً على هواه ، مطيعاً لأمرِ مولاه ؛ فلِلعوام أن يقلِّدوه ؛ وذلك لا يكون إلاّ بعض فقهاء الشيعة لا كلّهم) . ينظر: الاحتجاج للطبرسي: 2/ 263 ـ 264 ، ووسائل الشيعة: 18/ 94 ، وتفسير العسكري ، ص141.
والنتيجة ـ فيما يبدو ـ أنَّ العوامّ: مَنْ هُم دون المستوى المطلوب ؛ إنْ في عمق ثقافتهم ، وإنْ في حذق تصرُّفهم . وبتعبير آخر: مَن هم في مهامِّ الحياة في مرحلةِ التقليد، لا التحقيق.
(5) محمّد بن عليّ الطبيب ، أبو الحسين ، البصري ؛ أحدُ أئمّة المعتزلة ، وُلِدَ في البصرة وسكَنَ بغدادَ ، وتُوفِّي بها سنةَ 346هـ . قال الخطيب البغدادي: (له تصانيف وشُهرة بالذّكاء والدّيانة على بدعته) . من كتبه: المعتمد في أصول الفقه ـ خ . ينظر: الأعلام: 7/ 161.
(6) محمّد بن محمد بن محمّد الغزاليّ الطوسيّ ، أبو حامد ، حجّة الإسلام . له نحو مئتي مصنّفٍ . مولده ووفاته في الطابران 450هـ ـ 505هـ. رحل إلى نيسابور ، ثُمَّ إلى بغداد ، فالحجاز ، فبلاد الشّام ، فمصر ، وعاد إلى بلدته . نسبته إلى صناعة الغزل ؛ عند مَن يقوله بتشديد الزّاي ، أو إلى غزالة من قُرى طوس ، لمَن قال بالتخفيف . من كتبه في أُصول الفقه: شفاء الغليل ـ خ ، والمستصفى ـ ط ، والمنخول ـ خ . ينظر: الأعلام: 7/ 247 ـ 248.
(7) وقال المدديّ: للاطّلاع على مذهب الغزالي في ذلك ، يُراجع: المستصفى: 1/ 132 ـ 134 ، 140 ، فقد أعترف فيه بأنَّ حصولَ العلم بالمتواتر ضروريّ بمعنى ، وإن كان غير ضروريّ بمعنىً آخر ؛ وفي الحقيقة يُفَصِّل بين معاني الضروريّ.
(8) في النسخة الخطِّـيَّة (ورقة 6 ، لوحة ب ، سطر 11): (أو يُعلم صِدقه) فقط ؛ بدون: (ب. لا ضرورة، بمعنى).
(9) مرجع الضمير: الأنبياء والأئمة. خطِّـيَّة الدكتور محفوظ، ص6.
(10) هو ابنُ أبي طالب (عليه السلام). وُلدَ يوم الجمعة في 13 رجب، بعد ولادة النبيِّ بثلاثينَ عاماً، أشهر كُناه: أبو الحسن، أشهر ألقابه:
المُرتضى . أوّل مَن آمن برسالة محمّد(صلَّى الله عليه وآله) ، واختصَّه النبيُّ بالأخوَّة حين آخى بين المُسلمين . أمَّره النبيُّ(صلَّى الله عليه وآله) في كثير من غزواته وسراياه . مُدِح في كثير من آيات القرآن العظيم ، وعلى لسان النبيّ في أحاديثه الشّريفة . بُويع له بالخلافة في غدير خم في يوم 18 ذي الحجة ، سنة 10 من الهجرة ، وتسلَّمها سنةَ 35 هجريّة . وبعد ذلك بخمس سنوات استشهد في عاصمة حكمه الكوفة ، سنة 40 للهجرة ؛ بضربةٍ الخارجيّ عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، ليلة 19 رمضان ، أثناء أداء فريضة الفجر ؛ ودُفن في الغريّ . من كلماته: قيمةُ كُلّ امرئٍ ما يُحسنه . سرّك دمُك، فلا تجرينَّه إلاّ في أوداجك . يُنظر: لمحاتٌ من تأريخ أهل البيت ، ص17 ـ 21.
(11) حاتِم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائيّ القحطاني ، أبو عدي ، فارس ، شاعر ، جاهلي ، يُضرب المثل بجوده . كان من أهل نجد ، وزار الشّام ، فتزوَّج ماويَّة بنت حجر الغسَّانيَّة ، ومات في عوارضَ (جبل في بلاد طيٍّ) سنةَ 46 هـ . شعره كثير ضاعَ معظمه ، وبقي منه ديوانٌ صغير ـ ط . ينظر: الأعلام: 2/ 151.
(12) قال المدديّ: منهم السيِّد المرتضى ، اختاره في: الذريعة إلى أصول الشريعة/ 2/ 517 ـ 518.
(13) يُنظر: الكفاية في علم الرواية ، ص17.
(14) ينظر: المصدر نفسه ، ص18.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
مكتب المرجع الديني الأعلى يعزّي باستشهاد عددٍ من المؤمنين في باكستان
|
|
|