أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2016
1073
التاريخ: 13-6-2020
2285
التاريخ: 30-8-2016
1443
التاريخ: 30-8-2016
5907
|
ووجه الحاجة إلى البحث عنها ارتباط غير واحد من الأدلّة الأربعة بباب الألفاظ، فلابدّ حينئذ من معرفة بعض قوانينها والقواعد الموضوعة لها.
قد يتوهّم أنّ دلالة الألفاظ على معانيها ليست من ناحية الوضع بل إنّها ذاتيّة فلا حاجة إلى البحث عنه.
ولكنّه خلاف ما نجده بوجداننا إلاّ في باب أسماء الأصوات، فيوجد فيها ربط ذاتي بين المعاني والألفاظ كما هو ظاهر.
وكيف كان فبناءً على عدم ذاتيتها وكونها ناشئة من ناحية الوضع يقع البحث في حقيقة الوضع وأنّها هل هي بمعنى الجعل، أو بمعنى الالتزام، أو بمعنى الاُنس الذهني؟
القول الأوّل: ما اختاره المحقّق الخراساني(رحمه الله): «إنّه نحو اختصاص للفظ بالمعنى وارتباط خاصّ بينهما ناش من تخصيصه به تارةً ومن كثرة استعماله فيه اُخرى».
ولا يخفى ما فيه من الابهام الذي لا يغتفر مثله في مقام التعريف نظير ما مرّ منه في تعريفه لعلم الاُصول.
القول الثّاني: إنّه نوع استئناس ذهني يحصل بين اللفظ والمعنى بحيث ينتقل الذهن من أحدهما إلى الآخر.
وهذا مقبول في الوضع التعيّني، أمّا في التعييني فلا معنى محصّل له، لأنّ الاُنس والعلاقة الذهنيّة أمر متأخّر عن الوضع يحصل من كثرة الاستعمال الحاصلة بعد الوضع.
القول الثالث: أنّه التزام وتعهّد من ناحية أهل اللّغة بأنّه كلّما استعمل هذا اللفظ اُريد منه هذا المعنى، إن قلت: الالتزام يتصوّر بالنسبة إلى الوضع فقط، وتعهّد الواضع لا يلازم تعهّد غيره مع أنّ غيره أيضاً يستعمل اللفظ الموضوع كاستعماله.
قلت: إنّه إذا تولّد الإنسان بين أهل لغة خاصّة وعاش فيهم كان ذلك في الواقع تعهّداً ضمنيّاً على الالتزام بجميع ما كان بينهم من الآداب والسنن والالتزامات ومنها الالتزام بمعاني الألفاظ وأوضاعها.
ويرد عليه: أنّ الوجدان حاكم على أنّ جملة «وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى» ليس بمعنى «تعهّدت إنّي كلّما ذكرت هذا اللفظ أردت منه هذا المعنى» بل هو من قبيل جعل علامة للمعنى كما يشهد به كلمة «الوضع» فإنّه بمعنى الجعل والنصب.
القول الرابع: ما أفاده جمع من المحقّقين وهو أنّ حقيقة الوضع أمر اعتباري وهو جعل اللفظ علامة للمعنى في عالم الاعتبار.
توضيحه: إنّه تارةً يوضع شيء علامة لشيء آخر في عالم الخارج كوضع علامات الفراسخ في الطرق، والعمامة السوداء مثلا لكون الشخص هاشميّاً، وقد يوسم بعض الحيوانات ويجعل له علامة كي يعرفه صاحبه، واُخرى يجعل شيء علامة لشيء آخر في عالم الاعتبار وفقاً للعلامات الخارجيّة، ومن هذا القسم جميع المفاهيم الإنشائيّة التي تكون اُموراً اعتباريّة مشابهة لمصاديقها الخارجيّة من بعض الجهات، فإنّ ملكيّة الإنسان وسلطنته على ماله عند العقلاء في عالم الاعتبار مثلا أمر ذهني يشبه ملكيته وسلطنته على نفسه تكويناً، والزوجيّة بين الزوج والزوجة تجعل في عالم الاعتبار وفقاً للزوجيّة التكوينيّة بين الأشياء الخارجيّة، وكذلك الألفاظ بالنسبة إلى معانيها في ما نحن فيه، فإنّ حقيقة الوضع جعل اللفظ علامة للمعنى في عالم الاعتبار وفقاً للعلامات التي توضع على الأشياء الخارجيّة.
أقول: وهذا أحسن ما يمكن أن يقال في المقام، إلاّ أنّه يتصوّر في خصوص الوضع التعييني، أمّا في التعيّني فلا، لعدم جعل ولا إنشاء فيه.
فظهر ممّا ذكرنا أنّ علينا اختيار قول خامس يشمل ويعمّ كلا نوعي الوضع، وهو أن يلتزم بالتفكيك بين النوعين في حقيقتهما ويقال: إنّ الوضع التعييني حقيقته جعل اللفظ علامة للمعنى كما مرّ في القول الرابع، وامّا التعيّني فحقيقته هو الاُنس الذي يحصل من كثرة استعمال اللفظ التي توجب تبادر المعنى إلى الذهن من سماع اللفظ كما مرّ في القول الثاني، فلابدّ من الجمع بين تعريفين من التعاريف السابقة كيما يكون التعريف تامّاً وجامعاً لجميع أنواع الوضع.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|