أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-8-2016
1596
التاريخ: 31-8-2016
1334
التاريخ: 29-8-2016
1766
التاريخ: 11-7-2020
2749
|
لا بدّ في كلّ وضع من موضوع وموضوع له، وحيث إنّ الواضع يحتاج إلى تصوّر اللفظ والمعنى ينقسم الوضع إلى أقسام ويتنوّع إلى أنواع بلحاظ اختلاف المعنى من حيث الكليّة والجزئيّة، وباعتبار أنّ المعنى الموضوع له تارةً يتّحد مع ما يتصوّره الواضع، واُخرى يختلف، فالأقسام الحاصلة أربعة:
الأوّل: أن يكون المعنى المتصوّر مفهوماً عامّاً، أي معنىً كلّياً، ويوضع اللفظ بإزاء نفس ذلك المفهوم، فيكون الوضع عامّاً والموضوع له أيضاً عامّاً (ونعني بالوضع هنا المعنى المتصوّر).
الثاني: هو أن يتصوّر معنىً عامّاً ويضع اللفظ لمصاديقه، فيكون الوضع عامّاً والموضوع له خاصّاً.
الثالث: أن يكون الوضع والموضوع له كلاهما خاصّين.
ولا كلام في إمكان جميع هذه الوجوه الثلاثة، إنّما الكلام في قسم رابع وهو أن يتصوّر معنىً جزئيّاً ويضع اللفظ لكلّيه، كأن يتصوّر زيداً مثلا ويضع اللفظ للإنسان.
فالمشهور ذهبوا إلى استحالة هذا القسم وتبعهم المحقّق الخراساني(رحمه الله)، ولكن المحقّق الإصفهاني(رحمه الله) نقل عن بعض طريقاً لإمكانه، واستدلّ المحقّق الحائري(رحمه الله)أيضاً لإمكانه بوجه آخر.
أمّا المشهور فاستدلّوا للإستحالة بأنّ الخاصّ من حيث كونه خاصّاً لا يكون مرآة للعام وعنواناً له بخلاف العكس، فإنّ العامّ شامل لأفراده ووجه لها.
واستدلّ بعض القائلين بالجواز (على ما حكاه المحقّق الإصفهاني(رحمه الله) في نهايته: «بأنّه كالمنصوص العلّة، فإنّ الموضوع للحكم فيه شخصي ومع ذلك يسري إلى كلّ ما فيه العلّة وكذلك إذا وضع لفظ لمعنى باعتبار ما فيه من فائدة، فإنّ الوضع يسري إلى كلّ ما فيه تلك الفائدة، فيكون الموضوع له عامّاً مع كون آلة الملاحظة خاصّاً»(1).
ويرد عليه: أنّ العلّة في منصوص العلّة تكشف في الواقع عن إنشاء حكم عامّ فتكون جملة «لأنّه مسكر» مثلا جملة خبريّة تخبر عن ذلك الحكم الكلّي، وليست جملة إنشائيّة، وبعبارة اُخرى: أنّ هنا قضيّتين: قضيّة «لأنّه مسكر» وقضيّة تقع كبرى للقياس وهي «كلّ مسكر حرام»، والمنشأ الحقيقي هو القضيّة الثانيّة التي أنشأ فيها حكم عامّ، وأمّا القضيّة الاُولى فتكون كاشفة عنها، وهكذا في ما نحن فيه، فإنّ تصوّر الجزء لأجل خصوصيّة فيه يكشف عن تصوّر
كلّي سابق عليه، فيكون من قبيل الوضع العامّ والموضوع له العامّ لا من قبيل الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ.
وقال المحقّق الحائري(رحمه الله) في هذا المقام ما إليك نصّه: «يمكن أن يتصوّر هذا القسم فيما إذا تصوّر شخصاً وجزئيّاً خارجياً من دون أن يعلم تفصيلا بالقدر المشترك بينه وبين سائر الأفراد مثله كما إذا رأى جسماً من بعيد ولم يعلم بأنّه حيوان أو جماد، فلم يعلم إنّه داخل في أيّ نوع من الأنواع، فوضع لفظاً بإزاء ما هو متّحد مع هذا الشخص في الواقع، فالموضوع له لوحظ إجمالا وبالوجه، وليس الوجه عند هذا الشخص إلاّ الجزئي، لأنّ المفروض أنّ الجامع ليس متعقّلا عنده إلاّ بعنوان ما هو متّحد مع هذا الشخص»(2).
ويرد عليه أيضاً: أنّ الجزئي المذكور في المثال ليس عنواناً لكلّيه بل ينتقل الإنسان فيه بحسب الواقع من الشخص الجزئي إلى مفهوم عامّ إجمالا وهو عنوان «ما هو متّحد مع هذا الشخص» (كما اعترف به في ذيل كلامه) فيلاحظه ويتصوّره ثمّ يضع اللفظ بإزائه، فيكون الوضع عامّاً والموضوع له أيضاً عامّاً.
ثمّ إنّ لبعض الأعاظم في المقام كلاماً لا يخلو عن نظر وإن كان جديراً بالقبول في النظر الأوّل، وإليك نصّه: «الحقّ إنّهما (الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ وعكسه) مشتركان في الامتناع على وجه والا كان على وجه آخر، إذ كلّ مفهوم لا يحكي إلاّ عمّا هو بحذائه ويمتنع أن يكون حاكياً عن نفسه وغيره، والخصوصيّات وإن اتّحدت مع العام وجوداً إلاّ أنّها تغايره عنواناً وماهية، فحينئذ إن كان المراد من الموضوع له في الأقسام هو لحاظه بما هو حاك عنه ومرآة له فهما سيّان في الامتناع، إذ العنوان العامّ كالانسان لا يحكي إلاّ عن حيثيّة الإنسانيّة دون ما يقارنها من الخصوصيّات لخروجها عن حريم المعنى اللابشرطي، والحكاية فرع الدخول في الموضوع له، وإن كان المراد من شرطيّة لحاظه هو وجود أمر يوجب الانتقال إليه فالانتقال من تصوّر العامّ إلى تصوّر مصاديقه أو بالعكس بمكان من الإمكان»(3).
ولكن يمكن الجواب عنه بأنّه من قبيل الخلط بين المفهوم والمصداق، فإنّ العامّ بمفهومه وإن كان لا يحكي عن الأفراد بخوصّياتهم، ولكن إذا لوحظ بقيد الوجود يكون إشارة إليها إجمالا، بخلاف الخاصّ فإنّه مع قيد الوجود أيضاً لا يحكي إلاّ عن بعض أفراد العامّ، فتأمّل جيّداً.
فظهر من جميع ما ذكر أنّ الصحيح إمكان الأقسام الثلاثة الاُولى من الوضع دون الرابع.
_________________________________
1. نهاية الدراية: ج1، ص20، طبع الطباطبائي.
2. درر الفوائد: طبع جماعة المدرّسين، ص36، طبع مهر.
3. تهذيب الاُصول: ج1، ص8، طبع مهر.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|