أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016
568
التاريخ: 3-8-2016
3198
التاريخ: 25-8-2016
585
التاريخ: 3-8-2016
619
|
ينبغي لتنقيح البحث تقديم مقدمات الاولى اختلفوا في ان مسألة وجوب المقدمة هل هي من المسائل الكلامية أو من المسائل الفقهية أو من المبادئ الاحكامية أو من المسائل الاصولية وعلى تقدير كونها من المسائل الاصولية فهل هي من مباحث الالفاظ أو من المسائل العقلية (والحق) هو الاخير أما كونها اصولية فلما ذكرنا في اول الكتاب من ان الميزان في كون المسألة اصولية هو استنباط الحكم الشرعي الكلى عند انضمام نتيجتها إلى صغرياتها ومن الواضح ان هذه المسألة كذلك واما كونها عقلية فلان المباحث العقلية تنقسم إلى قسمين الاول ما يستنبط الحكم الشرعي منه مستقلا بلا احتياج إلى مقدمة شرعية كباب التحسين والتقبيح العقليين والثاني ما يستنبط منه الحكم الشرعي عند انضمام مقدمة شرعية إليه كمباحث المفاهيم فان الحاكم بالمفهوم هو العقل لكن استنباط الحكم متوقف على صدور منطوقه من الشارع ومسألة مقدمة الواجب من هذا القبيل فان الحاكم بوجوب المقدمة من باب الملازمة هو العقل لكن وجوب المقدمة بالفعل لا يترتب على حكم العقل بالملازمة الا بعد ثبوت وجوب ذي المقدمة في الخارج و عدم التمييز بين القسمين مع توهم حصر المسائل العقلية في القسم الاول اوجب جعلها من مباحث الالفاظ والا فلا ربط لهذه المسألة بالألفاظ اصلا غاية الامران الوجوب قد يستفاد من اللفظ كما انه قد يستفاد من غيره واما جعلها من المباديء الأحكامية التي قد عرفت الحال فيها في اول الكتاب أو من المسائل الكلامية فغير صحيح بعد فرض صحة ع(قدس سره) ا اصولية نعم لو لم يكن فيها جهة اصولية لصح ع(قدس سره) ا من المباديء مرة و كلامية اخرى واما جعلها من المسائل الفقهية ففي غاية البعد فان علم الفقه متكفل لبيان احوال موضوعات خاصة كالصلاة والصوم وغيرها والبحث عن وجوب كلى المقدمة التي لا ينحصر صدقها بموضوع خاص لا يتكفله علم الفقه (1) اصلا الثانية ان الوجوب المتنازع فيه في المقام ليس هو الوجوب العقلي بمعنى اللابدية فانه عبارة اخرى عن المقدمية وانكاره مساوق لإنكار المقدمية وهو خلاف المفروض ولا الوجوب العرضي بمعنى اسناد الوجوب النفسي المتعلق بذي المقدمة اولا وبالذات إلى المقدمة ثانيا وبالعرض بداهة ان هذا المعنى مما لا يقبل الانكار من احد فيدور الامر بين معنيين آخرين (احدهما) ما جعله المحقق القمي ((قدس سره) ) محلا للنزاع واختار فيه عدم الوجوب وهو الوجوب الاستقلالي الناشئ عن وجوب ذي المقدمة والظاهر ان هذا المعنى ليس محلا للكلام ايضا فان الوجوب المترشح الاستقلالي انما يكون عند الالتفات إلى المقدمية هو قد يكون وقد لا يكون فلا يلازم وجوب ذي المقدمة دائما بداهة ان ايجاب ذي المقدمة لا يستلزم وجوب مقدمته وجوبا استقلاليا الا مع التصديق بالمقدمية فلو قطع الامر بعدم المقدمية أو غفل عن ذلك فلا يتأتى منه هذا النحو من الايجاب قطعا وان كانت المقدمة متصفة بنحو آخر من الوجوب بناء على ثبوت الملازمة كما ستعرف (وثانيهما) ما يظهر من كلام متأخري المحققين كونه محلا للنزاع وهو الوجوب الترشحي التبعي ال ذي لا يدور مدار الالتفات وعدمه فالقائل بالوجوب لأجل الملازمة العقلية يرى ان من اوجب شيئا فهو يوجب مقدمته قهرا بوجوب آخر تبعي وان لم يلتفت إلى مقدميتها أو قطع بدمها (ولا يخ في) ان هذا النحو من الوجوب وان كان ثابتا للمقدمة كما ستعرف الا انه لا يترتب على البحث عنه ثمرة اصلا لعدم كونه مدار استحقاق الثواب والعقاب ولا التقرب من المولى والبعد عنه كما عرفت واما توهم وجود الثمرة مبحث الضد فهو (2) متوقف على اثبات مقدمية ترك احد الضدين للأخر وعدم صحة الترتب وكلتا المقدمتين ممنوعتان كما سيظهر في محله انشاء الله تعالى وعليه فلا يكون النزاع الا علميا محضا الثالثة تنقسم المقدمة إلى داخلية وخارجية والداخلية تنقسم إلى داخلية بالمعنى الاخص وداخلية بالمعنى الاعم (اما) الداخلية بالمعنى الاخص فهى الاجزاء التي يتقوم المأمور به منها فيكون التقيد كذات القيد داخلا في المأمور به واما الشروط و عدم الموانع فكلها خارجية بهذا المعنى لعدم دخول ذواتها في المأمور به وان كان التقيد بها داخلا فيه (واما) الداخلية بالمعنى الاعم فهي كلما يتوقف امتثال المأمور به عليه شرها فيستحيل الامتثال بدونه وعليه فتدخل الشروط وعدم الموانع في المقدمة الداخلية ايضا والحاصل ان الشرط وعدم المانع باعتبار دخول التقيد بهما يعد ان من المقدمة الداخلية وباعتبار خروج نفسهما عن المأمور به يعدان من الخارجية و تقابل الداخلية بالمعنى الاعم الخارجية بالمعنى الاخص وهى المقدمات العقلية التي يتوقف وجود المأمور به عليها عقلا من دون ان يتوقف الامتثال عليها شرعا لعدم كون التقيد ولا ذات القيد الداخلين في ما هو المأمور به شرعا وهى تنقسم إلى علة ومعد (و مجمل الفرق) (3) بينهما ان ماله دخل في وجود الشيء (اما) أن يكون له تأثير فيه و (اما) ان لا يكون له تأثير فيه اصلا الا انه يكون مقربا له من علته.
(اما الاول) فاما ان يكون علة بسيطة أو يكون جزء علة لا كلام لنا على تقدير البساطة واما على تقدير التركب فاما ان تكون العلة المركبة تدريجية الوجود اولا فإذا كانت العلة تدريجية الوجود فلا محالة يستند المعلول إلى الجزء الاخير من العلة التامة وإذا لم تكن تدريجية الوجود فالمعلول يستند إلى المقتضى منها فقط كذات النار بالإضافة إلى الاحراق سواء كان حدوث وجوده قبل حدوث وجود بقية اجزاء العلة كالمحاذاة ويبوسة المحل ونحوهما أو بعدها فانه لابد في وجود الاحراق من اجتماع تمام اجزاء العلة في الوجود في عرض واحد فلا يفرق بين سبق احدهما على الاخر في الوجود وعدمه.
(واما الثاني) وهو ما يقرب المعلول من علته المعبر عنه بالمعد فالفرق بينه وبين غير الجزء الاخير من العلة التامة هو ان كل جزء من أجزاء العلة كما ان له دخلا في وجود المعلول له دخل في وجود الجزء اللاحق له من اجزائها وهذا كصعود الدرج فأن صعود الدرجة الاولى كما يتوقف عليه الكون في السطح كذلك يتوقف عليه صعود الدرجة الثانية وهكذا بخلاف المعد فانه لا يتوقف عليه الانفس المعلول دون الاجزاء اللاحقة نظيره قوة القوس التي لها دخل إعدادي في حركة السهم ولا دخل لها في حركة يدى الرامي التي هي الجزء الاخير من العلة ولو سمى غير الجزء الاخير من العلة التامة بالمعد بالمعنى الاعم لم يكن به بأس ايضا.
(إذا عرفت ذلك) فاعلم ان المحقق صاحب الحاشية ((قدس سره) ) اخرج المقدمات الداخلية بالمعنى الاخص عن حريم النزاع وقد استدل عليه بما يقرب من استدلال القائلين بخروج العلة عن محل الكلام وحاصله ان المقدمات الداخلية بما ان التقيد و القيد فيها داخلان في المأمور به فهى نفس متعلق الامر النفسي وليس فيها جهة اخرى توجب تعلق الوجوب الغيرى بها مع انه يستحيل كون شيء واحد متعلقا للأمر النفسي والغيري المترشح من قبل نفسه لاحتياج الامر الغيرى إلى اتصاف متعلقة بالمقدمية المستلزمة للمغايرة في الوجود بين المقدمة وذيها وعمدة الاشكال هو ذلك لا لزوم اجتماع الحكمين المتماثلين فانه يمكن الجواب عنه بالاندكاك والتأكد كما إذا كان عبادة وان كان تقيد الواجب بها داخلا في المأمور به الا ان ذواتها خارجة على الفرض فلا مانع من تعلق الوجوب الغيرى على القول بالملا زمة (واورد عليه) في التقريرات بما حاصله ان الاجزاء فيها جهتان (جهة) اخذها بشرط لا وبهذه الملاحظة تكون اجزاء ومقدمة على الكل (وجهة) اخذها لا بشرط وبها تكون متحدة مع المركب وعينه كما ذكروا نظير ذلك الهيولى والصورة فانهما قد يؤخذان بشرط لا وقد يؤخذان لا بشرط وإذا ثبت فيها جهتان متغايرتان فيمكن ان يتعلق بها الوجوب النفسي بملا حظة الجهة الثانية والوجوب الغيرى بملا حظة الجهة الاولى (ويرد عليه) ان اخذ الجزء لا بشرط مرة وبشرط لا اخرى منحصر بالأجزاء الطولية التي يكون احد الجزئين قوة ومادة والجزء الآخر فعلية وصورة فلا محالة يكون بينهما الاتحاد في الوجود فيكون لحاظ كل منهما لا بشرط اعني به لحاظ كل من الجزئين على ما هو عليه من اندكاك احد هما في الآخر واتحاده معه في الوجود مصححا لحمل احدهما على الآخر وحمل كل منهما على المركب كما في الجنس والفصل و لحاظ كل منهما بشرط لا اعني به قصر النظر على حد القوة بما هي أو الفعلية بما هي موجبا لعدم صحة الحمل كما في الهيولى والصورة وقد ظهر بما ذكرناه ان معنى اخذ الاجزاء الطولية بشرط لا هو لحاظ منهما على حياله وقصر النظر على حد وجوده قوة أو فعلية المعبر عنه بكلمة (بشرط لاعن ما يتحد معه) واما لحاط كل جزء بشرط لاعن ما يكون معه بمعنى لحاظه مستقلا في الوجود بدون الآخر فهو يستلزم كون الملحوظ من الكليات العقلية التي لا موطن لها الا الذهن لامتناع وجود احدهما منفكا عن الآخر في الخارج (واما) الاجزاء والمركبات الاعتبارية التي لا اتحاد بين اجزائها في الوجود اصلا ويمتنع حمل كل منها على الآخر وعلى المركب فاعتبارها بشرط لا لا معنى له اصلا بل لابد اما من اعتبار كل جزء ذاته وعلى حياله فهو معنى لحاظه لا بشرط وبه تكون الاجزاء اجزاء واما من اعتباره بشرط الانضمام ال ذي هو معنى لحاظه بشرط شيء وبه يكون المركب مركبا فملاك الجزئية في المركبات الاعتبارية اخذ الاجزاء لا بشرط وملاك التركيب اخذها منضمة وبشرط شيء (إذا عرفت ذلك) فاعلم انه يمكن ان يقال باتصاف الاجزاء بالوجوب الغيرى بتقريب اخذ الشيء لا بشرط يكون على نحوين (احدهما) اخذ الشيء لا بشرط بلحاظ الطوارئ والعوارض بحيث لا ينافيه اقترانه بشيء منها كأخذ الرقبة في قولنا اعتق رقبة لا بشرط بالقياس إلى العدالة والفسق وغيرهما من الطوارئ ولا زمه تخيير المكلف عقلا في عتق أي رقبة شاء (وثانيهما) اخذه لا بشرط بمعنى قصر النظر على ذاته لا يلحظ معه الطوارئ اصلا حتى بنحو اللابشرطية الاولى و من المعلوم ان مقوم الجزئية انما هو اعتبار الاجزاء لا بشرط بالمعنى الثاني فان حيثية الانضمام انما تعرض لتلك الاجزاء في مقام الحكم والامتثال ولذا لو اتى المكلف بتمام اجزاء المأمور به لا بقصد الانضمام ولكن اتفق الانضمام في الخارج لما اجزاء متقدما في الرتبة على ما اخذ بشرط شيء اعني به المركب فلا يسرى الامر النفسي المتعلق بالمركب إلى ما هو في مرتبة سابقة وعليه هي الاجزاء فلا مانع حينئذ من اتصافها بالوجوب الغيرى (4)فتلخص ان حيثية الانضمام الطارية على ذوات الاجزاء أو جبت كونها امرا آخر في قبال نفس ذواتها التي هي مقدمة لهذا الامر الواحد اعتبارا في مقام التشريع والامتثال وبذلك يندفع اشكال ترشح الامر الغيرى بشيء من الامر النفسي المتعلق بذاك الشيء بعينه نعم حيث ان ذوات الاجزاء موجودة في ضمن المركب لا بوجود آخر فيبقى اشكال اجتماع المثلين بحاله وقد عرفت انه ليس فيه كثير اشكال للزوم مثله في العبادات الواجبة التي هي مقدمة لواجب آخر وانه يمكن الجواب عنه بالالتزام بالاندكاك والتأكد هذا ولكن (الاتصاف) ان ما ذكرناه من التقدم والتأخر وان كان صحيحا بالنظر إلى لحاظ الجزء والمركب في نفسيهما الا انه لا يصحح اتصاف الاجزاء بالوجوب الغيرى ال ذي ملاكه توقف احد الوجدين على الآخر وبما انه ليس في مفروض الكلام مغايرة بين الوجودين فلا يعقل ترشح الوجوب الغيرى المتعلق بالأجزاء من الوجوب النفسي المتعلق بالمركب ال ذي هو نفس الاجزاء في الخارج على الفرض واما المقدمات الخارجية فقد اختلف فيها انظار العلماء (فمنهم) من ذهب إلى وجوب المقدمة السببية وانكره في غيرها ونسب هذا القول إلى السيد ((قدس سره) ) ولكن النسبة غير صحيحة فانه ((قدس سره) ) فرق بين المقدمة السببية وغيرها بان وجوب الواجب لا يمكن ان يكون مشروطا بسببه للزوم طلب الحاصل بخلاف غيره من المقدمات فانه لا مانع من اشتراط الوجوب بوجودها فمطلبه اجنبي عما نحن فيه رأسا (ومنهم) من ذهب إلى ان محل النزاع انما هو غير المقدمة السببية واما السببية فهي واجبة بالوجوب النفسي المتعلق بالمسبب فان المقدور هو السبب وانما المسبب من لوازم وجوده قهرا وليس هو بنفسه تحت اختيار العبد فلا يمكن ان يتعلق به الوجوب لما قد بينا سابقا ان مالا يمكن تعلق الارادة التكوينية الفاعلية به لا يمكن تعلق الارادة التشريعية الآمرية به ايضا فلابد من صرف الوجوب الثابت للمسبب في ظاهر الدليل إلى سببه (والتحقيق) في هذا المقام أن يقال أن ما يسمى علة ومعلولا اما يكون وجودا احدهما مغاير الوجود الآخر في الخارج أو يكونا عنوانين لموجود واحد وان كان انطباق احدهما عليه في طول انطباق الآخر لا في عرضه (اما) ما كان من قبيل الاول كشرب الماء ورفع العطش فلا اشكال في أن الارادة الفاعلية تتعلق بالمعلول اولا لقيام المصلحة به ثم تتعلق بعلته لتوقفه عليها فيكون حال الارادة التشريعية الآمرية ايضا كذلك وهذا معنى ما يقال من ان المقدور بالواسطة مقدور فلا معنى لصرف الامر المتعلق بالمسبب إلى سببه بعد كون المسبب مقدورا ولو بالواسطة وكونه هو الوافي بالغرض الأصلي (واما) ما كان من قبيل الثاني كإلقاء النار والاحراق المتصف بهما فعل واحد في الخارج (5) وان كان صدق عنوان الالقاء متقدما على صدق عنوان الاحراق رتبة وكذلك عنوان الغسل والتطهير فقد بينا سابقا أن كلا من العنوانين قابل لتعلق التكليف به كما في قوله (عليه السلام) (اغسل ثوبك من ابوال مالا يوكل لحمه) وقوله تعالى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] فإذا تعلق بالمسبب في ظاهر الخطاب فهو متعلق بذات السبب في نفس الامر لا محالة كما انه إذا تعلق بالسبب فهو يتعلق به بما انه معنون بمسببه وهذا القسم هو مراد العلامة الأنصاري ((قدس سره) ) من المحصل في ما ذهب إليه من ان البراءة لا تجرى عند الشك في المحصل كما اشرنا إليه سابقا فإذا كان الامر بكل منهما امرا بالآخر فلا معنى للاتصاف بالوجوب الغيرى فيكون هذا القسم خارجا عن محل النزاع وعليه فلا وجه للعبير بصرف الخطاب فانه فرع التعدد والمفروض فيما نحن فيه هو الوحدة والاتحاد ثم أن المهم هو تقسيم المقدمة على النحو ال ذي ذكرناه (واما) بقية التقسيمات كتقسيمها إلى المقدمة العقلية والعادية والشرعية وكتقسيمها إلى مقدمة الصحة والوجود والعلم والوجوب فكلها ترجع إلى ما ذكرناه فان المقدمات الشرعية هي المقدمات الداخلية بالمعنى الاعم والمقدمات العقلية هي المقدمات الخارجية بالمعنى الاخص (واما) المقدمات العادية فهي راجعة إلى العقلية بعد فرض امتناع الوصول إلى ذي المقدمة بدونها ممن لا يمكنه خرق العادة كما ان مقدمات الوجود راجعة إلى المقدمات الخارجية ومقدمات الصحة راجعة إلى المقدمات الداخلية (واما) مقدمة الوجوب فهى اجنبية عن محل الكلام لان محل البحث هي مقدمة الواجب لا الوجوب (واما) مقدمة العلم فهى مقدمة لامتثال الواجب عقلا فتكون اجنبية عن محل الكلام ايضا وعلى فرض وجوبه شرعا وتعلق خطاب به فهى ترجع إلى المقدمات الخارجية بقي الكلام في تقسيم المقدمة إلى سابقة ولا حقة مقارنة وبيان ما هو الحق في المقام من امتناع الشرط المتأخر أو جوازه وقبل الخوض في ذلك ينبغى تقديم امور الاول انه لا اشكال في خروج المقدمات العقلية عن محل الكلام وعدم جواز تأخرها عن المعلول لامتناع وجود المعلول قبل وجود علته التامة بتمام اجزائها من المعد والشرط والمقتضى وما يقال من ان المتأخر بوصف تأخره يكون شرطا لا ذاته فالشرط لم يتأخر وانما المتأخر هو الشرط كلام لا معنى له فانه في قوة أن يقال أن المعدوم بوصف كونه معدوما شرط ومؤثر في المعلول والالتزام به مما لا ينبغى صدوره عن العاقل الامر الثاني انه لا اشكال في خروج العناوين الانتزاعية عن محل النزاع ايضا لأنها انما تنتزع عما تقوم به وليس للطرف الاخر دخل في انتزاعها عن منشأ انتزاعها اصلا مثلا الابوة والبنوة ينتزع كل منهما عن شخص باعتبار حيثية قائمة به لاعنه وعن الاخر.
(فتوهم) ان العنوان السبق انما ينتزع عن السابق باعتبار دخل الامر اللاحق فيه فإذا كان شرطا لوضع أو تكليف فمرجعه إلى دخل الامر المتأخر فيهما (مدفوع) بأن السبق انما ينتزع عن نفس السابق بالقياس إلى ما يوجد بعد ذلك وكذا اللحوق ينتزع عن نفس اللاحق بالقياس إلى ما وجد قبله ولا دخل للسابق في انتزاع اللحوق عن اللاحق ولا للاحق في انتزاع السبق عن السابق حتى يلزم دخل المعدوم في الموجود وعليه يتفرع انه لو قام دليل على ثبوت الملكية مثلا بالمعاملة الفضولية حينها على فرض تعقبها بالإجازة لكشف ذلك عن اشتراطها بنفس عنوان التعقب الثابت للبيع والمنتزع عنه بلحاظ تحقق الاجازة في ظرفها فما فرض شرطا فهو مقارن للشرط لا محالة بلا دخل للأمر المتأخر فيه اصلا الامر الثالث ان التحقيق هو خروج شرائط المأمور به عن حريم النزاع ايضا بداهة ان شرطية شيء للمأمور به ليست الا بمعنى اخذه قيدا في المأمور به فكما يجوز تقيده بأمر سابق أو مقارن يجوز تقيده بأمر لاحق ايضا كتقيد صوم المستحاضة بالاغتسال في الليلة اللاحقة وتوضيح الحال في المقام انه لا اشكال في ان المستحاضة إذا عملت بما هو تكليفها من الاغسال فهى في حكم الطاهرة فتصح عباداتها الا انه وقع لا اشكال في ان غسلها هل يؤثر في رفع الحدث السابق أو اللاحق مثلا إذا اغتسلت بعد الليل فهل هذا الغسل يؤثر في رفع الحدث إلى طلوع الفجر وكذلك الغسل بعد الفجر يؤثر في رفع الحدث إلى الزوال وكذا الغسل بعد الزوال يوثر في رفعه إلى الغروب أو ان كل غسل يؤثر في رفع الحدث السابق عليه فالغسل في الليل يرفع الحدث من الزوال إلى الليل والاول هو مختار المشهور ولذا افتوا بأنها لو تركت الاغتسال في الليل بطل صومها في الغد لطلوع الفجر عليها وهى غير طاهرة وذهب بعضهم إلى الثاني ومن هذه الجهة لا ينبغى الاشكال في جواز تأخر الغسل اللاحق في رفع الحديث السابق ومع قطع النظر عن هذه الجهة لا ينبعى الاشكال في جواز تأخر شرط المأمور به عن مشروطه إذ لا يزيد الشرط بالمعنى المزبور على الجزء الد خيل في المأمور به تقيدا وقيدا فكما انه لا اشكال في امكان تأخر الاجزاء بعضها عن بعض كذلك لا ينبغى الاشكال في جواز تأخر الشروط عن المشروط بها ايضا.
(فان قلت) بين الاجزاء والشرائط فرق لان كون الجزء دخيلا في المأمور به تقيدا وقيدا يوجب انبساط الامر على تمام الاجزاء لا محالة وان كانت الاجزاء تدريجية الوجود وهذا بخلاف الشروط فان القيود على ما تقدم خارجة عن المأمور به وانما الداخل فيه هي التقيدات التي تحصل من اضافة المشروط إلى شرائطه وحينئذ فيسأل عن ان هذه الاضافات عند تأخر الشرائط هل توجد قبل تحقق الشرائط أو توجد عند تحققها وعلى الاول يلزم وجود الامر الانتزاعي قبل وجود منشأ انتزاعه وعلى الثاني يلزم تحقق الاضافة مع عدم احد طرفيها هو المشروط.
(قلت) قد بينا في مبحث الواجب المشروط ان العناوين الانتزاعية بما انها لا تحقق لها خارجا يستحيل تعلق الامر بها بأنفسها فالأمر المتعلق بها لابد من تعلقه بمنشأ انتزاعها وعليه فالشرط المتأخر المأخوذ قيدا في الواجب يمتنع ان يكون امرا غير اختياري متيقن الحصول كدخول المغرب مثلا أو مشكوك الحصول كنزول المطر ضرورة ان اخذه قيدا لغو على الاول ومستحيل على الثاني لامتناع توقف الامتثال على امر غير اختياري تابع في وجوده لعلته الخارجة عن تحت قدرة المكلف فلا مناص عن كون الشرط المتأخر المعتبر قيدا في الواجب امرا يجوز تعلق التكليف به فالأمر بالمقيد بنفسه (6) يتعلق بالقيد كما ان الامر بالمركب يتعلق بكل واحد من اجزائه وعليه يتفرع ان امتثال الامر المقيد بقيد متأخر انما يكون باتيان الشرط المتأخر في ظرفه كما ان امتثال الامر بالمركب انما يتحقق بإتيان الجزء الاخير غاية الامر ان تعلق الامر بالجزء انما هو من جهة دخله قيدا وتقيدا و بالشرط من جهة دخل تقيده فقط وهذا لا يكون فارقا بعد تعلقه بكل منهما ودخل كل منهما في امتثاله.
(ان قلت) كيف يعقل تعلق الامر بالشرط المتأخر وهو غير مقدور حين الامر بالمشروط مع ان القدرة على المأمور به لابد منها في توجه التكليف (قلت) نعم الا انه مقدور في ظرفه والقدرة التي هي شرط التكليف انما هي القدرة في ظرف العمل المفروض تحققها فيما نحن فيه كما في الاجزاء التدريجية بلا فرق بينهما اصلا غاية الامران الامتثال في كلا الموردين يتحقق عند الاتيان بالجزء الاخير أو الشرط المتأخر بل لا اشكال في جواز تأخر شرائط الوضع والتكليف ايضا إذا كان الوضع أو التكليف مقارنا (7) لتحقق الشرط كما إذا بنينا على النقل وحصول الملكية عند تحقق الاجازة المتأخرة عن البيع مثلا نعم لو قلنا بتحقق الامتثال قبل الاتيان بالشرط ومع ذلك كان شرطا فالإشكال هو بعينه اشكال تأثير الامر المتأخر في الوضع فظهر مما ذكرنا ان الاشكال في تأخر شرط المأمور به انما هو من جهة الالتزام بتأثير الشرط المتأخر في الحكم الوضعي المتقدم كما في تأثير غسل الحائض ليلا في رفع حدثها السابق أو من جهة الالتزام بتحقق الامتثال قبل حصول الشرط واما مع عدم الالتزام بشيء منهما فجواز تأخر الشرط مما لا ينبغى التأمل فيه الامر الرابع لا ينبغى الريب في ان العلة الغائية والملاكات المترتبة على متعلقات الاحكام التي هي علل تشريعها لا تكون بوجودها الخارجي مؤثرة في تشريع الحكم وجعله بداهة انها متأخرة في الوجود الخارجي عن متعلقات الاحكام فضلا عن نفسها فكيف يعقل ان تكون مؤثرة في جعل الحكم وتشريعه بل المؤثر فيه دائما انما هو علم الجاعل بترتب الملاك على متعلق حكمه سواء اصاب علمه ام اخطأ ومن الواضع ان العلم بالترتب مقارن مع الجعل والتشريع دائما وانما المتأخر هو ذات المعلوم ومن ذلك يظهران شرائط الجعل خارجة عن محل النزاع رأسا فالنزاع منحصر بشرائط الحكم المجعول.
(توضيح ذلك) ان القضايا كما عرفت تنقسم إلى قسمين خارجية وحقيقية (اما القضايا) الخارجية فلا يتوقف الحكم فيها على غير دواعي الحكم المؤثرة فيه بوجودها العلمي طابق الواقع ام لم يطابق وهذا القسم من القضايا خارج عن محل الكلام بالكلية فان الحكم فيها يدور مدار علم الحاكم فقط سواء كان المعلوم مقارنا ام متقدما ام متأخر (واما القضايا) الحقيقية التي حكم فيها بثبوت الحكم على الموضوعات المقدر وجودها فيحتاج الحكم فيها إلى امرين احدهما ما يكون داعيا إلى جعل الحكم على موضوعه المقدر وجوده وثانيهما ما يكون موضوعا له واخذ مفروض الوجود في المقام الحكم ويدخل في ذلك الشرائط المأخوذة فيه لما عرفت في بحث الواجب المشروط من رجوع شرائط الحكم إلى قيود الموضوع وهذا القسم من القضايا من الجهة الاولى خارجة عن محل الكلام ايضا لان المؤثر في جعل الحكم فيها كما عرفت انما هو علم الحاكم سواء اصاب ام أخطأوا سواء كان المعلوم متقدما ام مقارنا ام متأخر فالنزاع منحصر في القضايا الحقيقية من الجهة الثانية والنفي والاثبات واردان على جواز تأخر شرط الحكم ال ذي اخذ مفروض الوجود في مقام انشاء الحكم وجعله عن فعليته وتحققه خارجا فما ذهب إليه المحقق صاحب الكفاية ((قدس سره) ) من جواز تأخر الشرط نظرا إلى لزوم كون الشرط للفعل الاختياري هو الوجود اللحاظى دون الخارجي انما نشأ من خلط القضايا الخارجية بالقضايا الحقيقية ومن عدم التفرقة بين دواعي الجعل والشرائط المأخوذة مقدرة الوجود الراجعة إلى قيود الموضوع كما عرفت
(تنبيه) ومما يتفرع على تقسيم القضية إلى قسمين حقيقية وخارجية واختلاف احكامهما اختلاف الحكم في الفرع المشهور وهو ما لو اذن المالك لدخول اصدقائه في داره فهل يجوز الدخول لمن يعتقد المالك صداقته مع كونه عدوا له في الواقع اولا وبعبارة اخرى هل يك في في جواز الدخول رضاء المالك واذنه ولو كانا ناشئين عن اعتقاد الصداقة خطأ أو ان كراهته دخول عدوه الواقعي موجبة لحرمة دخول عدوه وان اذن له اشتباها (والتحقيق) فيه ان يقال ان الاذن (تارة) يكون لأشخاص مخصوصين على نحو القضايا الخارجية فيكون علم المالك بكونهم اصدقائه ولو كان خطأ داعيا إلى الاذن المزبور وبما ان المؤثر في الاذن حينئذ هو العلم دون الواقع فيجوز الدخول لمن اذن له ولو كان عدوا واقعا إذا المفروض ان الاذن فعلى ومحقق ومعه لا تضر الكراهة لو اطلع المالك على عدواته و (اخرى) يكون الاذن على نحو القضايا الحقيقية فيكون عنوان الصديق هو الموضوع لجواز الدخول وبما ان المفروض حينئذ تعلق الجواز الصديق من دون دخل العلم المالك بتحقق الموضوع في ترتب الحكم عليه فلا يجوز الدخول للعد وال ذي يعتقد المالك صداقته لعدم تحقق الموضوع واقعا وان اعتقد المالك تحققه ويلحق بهذا القسم مالو اخذ الصداقة قيدا في الموضوع كما لو اذن في الدخول لأشخاص مخصوصين بشرط كونهم اصدقاء فان التقييد يرجع بالأخرة إلى اخذ القيد عنوانا للموضوع كما عرفت (ثم ان النزاع) انما هو في جواز تأخر الشرط عن مشروطه واما جواز تقدمه عليه فليس فيه اشكال اصلا بداهة ان كل شرط حينما وجد يؤثر اثره الاعدادي ليكون التأثير والتماميه بالجزء الاخير من العلة كما هو الحال في الشرائط العقلية ايضا فما عن المحقق صاحب الكفاية ايضا من تعميم النزاع للشرط المتقدم بدعوى سراية ملاك النزاع إليه فهو في غير محله إذا عرفت هذه الأمور فالحق (8) هو امتناع تأخر شرائط الوضع أو التكليف عنهما لا وله إلى الخلف والمناقضة كما في تأخر الشرائط العقلية (وتوضيح ذلك) أن المجعول الشرعي في القضايا الحقيقية لو قلنا بانه هي السببية دون المسببات عند وجود اسبابها لكان تأخر الشرط عن المشروط به من تأخر العلة عن معلولها حقيقة وهو واضح الاستحالة (مثلا) لو قلنا بأن المجعول للشارع هو كون الدلوك سببا بالوجوب الصلاة لا نفس وجوبها عند الدلوك لكان الدلوك من اجزاء علة الوجوب حقيقة ويرجع تأخره عن الحكم إلى تقدم المعلول على علته (وبطلانه) لا يحتاج إلى برهان وبيان واما إذا قلنا بان المجعول الشرعي هو نفس المسبب وانما تنتزع السببية من جعل المسببات عند امور خاصة (كما هو) الحق بداهة ان الاحكام الشرعية افعال اختيارية للشارع وتصدر عن ارادته فلا معنى لكونها مسببة ومترشحة عما اصطلحوا على تسميتها بالأسباب مضافا) إلى ان السببية من الامور الواقعية الناشئة عن خصوصية وربط بين السبب والمسبب ولا معنى لتعلق الجعل التشريعي بها فقد عرفت انه لا بد من ان يكون نسبة الشرائط إلى الاحكام نسبة الموضوعات إليها فكما يمتنع وجود المعلول قبل وجود علته للزوم الخلف والمناقضة (كذلك) يمتنع وجود الحكم قبل وجود المقدر وجوده في مقام الجعل وبالجملة إذا فرضنا دخل وجود الامر المتأخر في فعلية الحكم سواء كان دخله على نحو العلية أو الموضوعية ففرض وجود الحكم قبل تحقق ذلك الامر يستلزم الخلف والمناقضة (وفيما ذكرناه) في مبحث الواجب المشروط ما ينفع في المقام فراجع (فظهر) أن مقتضى القاعدة بعد امتناع الشرط المتأخر (هو) الالتزام بالنقل في باب البيع الفضولي دون الكشف (9) (واما) ما نقله فخر المحققين ((قدس سره) ) عن بعض من ان مقتضى القاعدة هو الكشف مد عيا بأن المملك هو العقد فلو تأخرت الملكية عنه لزم تأثير المعدوم في الموجود لكون العقد معدوما حال الاجازة (فيرده) مضافا إلى النقض ببيع الصرف والسلم لتبعية الملك فيهما للقبض دون العقد (أن) الملكية الشرعية الثابتة حين الاجازة لا ربط لها بالملكية المنشأة بالعقد (فلا مانع) من توقف احدهما على الاجازة (10) لكونها دخيلة في موضوعها دون الاخرى (على أنا) قد بينا سابقا ان الامور المتأخرة عن الانشاء بحسب الوجود لا مانع من كونها منشأة فعلا كما في باب الوصية ونحوها (11). واما ما استدل به على جواز الشرط المتأخر فأمور (منها) أن الممتنع هو تأخر المقتضى ال ذي يترشح منه المعلول عن مقتضاه واما الشرائط التي ليس من شأنها ترشح المعلول منها (فلا مانع) من تأخرها عقلا (وفيه) ان الشرط بعد فرض د خله في المعلول ولو لم يكن بنحو لتأثير والرشح يستلزم تأخره عن المشروط الخلف والمناقضة كما في تأخر المقتضى عن مقتضاه بلا فرق بينهما اصلا (ومنها) ان المشروط لو كان من الامور التكوينية الواقعية فتأخر شرطه عنه وان كان مستحيلا الا انه إذا كان من الامور الجعلية الاعتبارية فبما ان الاعتبار خفيف المؤنة (فلا محذور) في تأخر شرائطه عنه عقلا (وفيه أن) الامر المتأخر ان لم يكن له د خل في هذا الاعتبار لا بنحو العلية ولا بنحو الموضوعية فما هو معنى كونه شرطا وأن كان له دخل فيه فكيف يعقل تأخره ومجرد كون المشروط من الامور الاعتبارية (لا يجدى) فيه دفع الاستحالة بعد فرض دخل الامر المتأخر فيه بنحو من الدخالة (ومنها) ان الشرط لو كان هو الامر المتأخر لاستحال تقدم المشروط عليه وأما لو كان نظير عنوان التعقب بحيث يكون نفس هذا العنوان هو الشرط حقيقة فلا محذور فيه لعدم استلزامه تقدم الحكم على موضوعه ولا تقدم المعلول على علته (وهذا الوجه) وان كان احسن ما يمكن ان يوجه به جواز تأخر الشرط الا انه انما يتم فيما إذا دل دليل على وجود الحكم قبل الامر المتأخر وكان العقل والعرف (12) مساعدين على شرطية نفس هذا العنوان كما في مثال الصوم المشروط وجوبه ببقاء القدرة إلى آخر النهار على ما اوضحنا ذلك في مبحث الواجب المشروط واما في مثال البيع فقد دل الدليل على شرطية نفس الاجازة و الرضا دون عنوان التعقب ولو فرضنا قيام الدليل على ترتب آثار الملكية من حين البيع فبما ان العقل والعرف لا يساعدان على شرطية نفس العنوان لابد مع ذلك من الالتزام بالنقل والكشف الحكمي دون الحقيقي فان قلت لا نحتاج في الحكم بالكشف الحكمي إلى قيام دليل على ترتيب آثار الملكية من حين البيع بل يك في فيه نفس الدليل الدال على صحة العقد الفضولي فان الاجازة وان فرضنا دخلها في تحقق الملكية الا أن حالها ليست كحال سائر القيود الدخيلة فيها غير الناظرة إلى العقد كالقبض في بيع الصرف والسلم حتى تتحقق الملكية حين تحققها فانها انما تتعلق بالعقد الواقع من الفضولي وتكون امضاء له فيكون العقد الواقع في ظرفه منتسبا إلى المجيز المالك لأمر العقد ولازم ان يكون القول بالكشف على طبق القاعدة قلت الاجازة وان كانت حقيقتها امضاء العقد السابق الا أن الملكية المنشأة به ليست مقيدة بذلك الزمان وان كان الانشاء واقعا فيه بداهة انها لو كانت متحققة في ذلك الظرف لما كان للإجازة دخل فيها اصلا والمالك انما يمضى نفس الملكية المنشأة بالعقد لا الملكية المقيدة بالزمان السابق فكما ان المالك ليس له تمليك ماله من زمان سابق ابتداء كذلك ليس له امضاء الملكية السابقة ايضا وما هو تحت قدرته امضاء نفس الملكية غير المقيدة بزمان ونظير ذلك أن الملكية المنشأة من البايع لا تتحقق الابعد القبول فظرف الانشاء وان كان قبل القبول الا ان ظرف تحقق الملكية هو بعد القبول و الا كان البيع من الايقاعات لا العقود وبالجملة المنشأ في كلا المقامين نفس الملكية المعراة عن الزمان وتخلف زمان تحققها عن زمان الانشاء مما لا محيص عنه في كل ما يتوقف تحققه على تحقق امر آخر فلو لم يكن دليل على الكشف الحكمي تعبدا لما كان للمصير إليه وجه عقلا (هذا) غاية ما يمكن ان يقال في تصحيح الشرط المتأخر وقد عرفت عدم صحة الوجهين الاولين وعدم تمامية الوجه الثالث في تمام الموارد واما ما نسب إلى أستاذ اساتيذنا العلامة الشيرازي ((قدس سره) ) من تجويز ذلك بالالتزام بشرطية الامر المتأخر بوجوده الدهري ولا تقدم ولا تأخر بحسب ذلك الوجود فقد نقل الاستاذ دام ظله انه ((قدس سره) ) كان يتبرى عن هذه النسبة شفاها ويتأ ذي منها غايته وانما ذكر هذا الوجه في ضمن بحثه احتمالا موهوما إذا عرفت هذه المقدمات فالكلام في وجوب المقدمة يقع في مقامين الاول فيما يقتضيه الاصل في المقام (والثاني) فيما يقتضيه البرهان اما المقام الاول فالحق انه لا تجزى الاصول فيه سواء في ذلك المسألة الاصولية والفقهية اما المسألة الاصولية فعدم جريان الاصل فيها واضح فان الملازمة بين وجوب ذي المقدمة ووجوب مقدمته وجودا وعدما من الامور الواقعية التي لا حالة سابقة لها فان كانت الملازمة ثابتة فهى ازلا وابدا والا فكذلك واما المسألة الفقهية فعدم جريان الاصل فيها لعدم ترتب الاثر عليه بعد فرض لزوم الاتيان بالمقدمة عقلا وما لم يكن لن في الوجوب أو لإثباته اثر عملا لا معنى لجريان الاصل العملي في مورده نفيا واثباتا فما عن المحقق صاحب الكفاية ((قدس سره) ) من جريان الاصل في المسألة الفقهية نظرا إلى الشك في حدوث الوجوب للمقدمة بعد حدوث وجوب ذي المقدمة غير سديد لما عرفت من انه لا موقع لجريان الاصل مثبتا ونافيا عقليا أو شرعيا إذا لم يكن هناك اثر عملي مترتب على جريانه واما المقام الثاني فالحق فيه هو القول بوجوب المقدمة الخارجية بالوجوب الترشحي القهري الملازم لوجوب ذي المقدمة واما المقدمات الداخلية والعناوين التوليدية فقد عرفت انها خارجة عن محل البحث وواجبة بنفس الوجوب النفسي والبرهان على ذلك هو ما ذكرناه مرارا (13) انه لا فرق بين الارادة التكوينية والتشريعية في جميع لوازمهما غيران التكوينية تتعلق بفعل المريد نفس المريد والتشريعية تتعلق بفعل غيره ومن الضروري أن تعلق الإرادة التكوينية بشيء يستلزم تعلقها بجميع مقدماته قهرا نعم لا تكون هذه الإرادة القهرية فعلية فيما إذا كانت المقدمية مغفولا عنها الا ان ملاك تعلق الارادة بها وهى المقدمية على حاله فإذا كان هذا حال الارادة التكوينية فكون الارادة التشريعية مثلها (واما) ما ربما يقال من ان تعلق ارادة اخرى بالمقدمة لغو بعد كون الاتيان بها ضروريا مما لا بد منه في وجود ذي المقدمة فيد فعه ان المدعى هو تعلق الارادة بها قهرا عند ارادة ذي المقدمة فلا يتمكن المريد ل ذي المقدمة من عدم ارادتها ليتوقف تحققها على فائدة وغاية نعم لو كان الوجوب المبحوث عنه في المقام هو الوجوب استقلالي كما يظهر من المحقق القمي ((قدس سره) ) لكان انكاره للزوم اللغوية في محله لكنك قد عرفت ان محل الكلام هو الوجوب القهري وان لم يترتب على وجوده ثمرة اصلا واما بقية الوجوه التي استدل بها في المقام على وجوب المقدمة أو على عدمه فكلها مخدوشة لا يهمنا التعرض لها وينبغي التنبيه علي امور الاول ان وجوب المقدمة بما انه يترشح من وجوب ذيها فهو في الاطلاق والاشتراط يكون تابعا له ويستحيل تخلفه عنه بعد فرض كونه من لوازمه قهرا واما المقدمات التي يجب الاتيان بها قبل وجوب ذيها فقد عرفت (14) سابقا ان وجوبها ليس من باب حكم العقل بقبح التفويت (هذا) في غير المقدمات الشرعية واما فيها فقد عرفت (15) انها واجبة بنفس الوجوب المتعلق بما هو مقيد بها من دون حاجة إلى حكم العقل بقبح التفويت الثاني لا ريب في ان مقدمة الواجب الفعلي إذا كانت محرمة التوصل إلى الواجب بها فهى لا تبقى على حرمتها بل تتصف حينئذ بالوجوب والمحبوبية للمولى لكن الوجدان اصدق شاهد على انها لا تتصف بذلك على الاطلاق ولو مع عدم قصد التوصل بها إلى الواجب ولم يترتب عليها الواجب في الخارج بل الامر كذلك في المقدمة المباحة ايضا ضرورة ان خروج المستطيع من داره لبعض اغراضه الشخصية غير قاصد به التوصل إلى الحج مع عدم ترتب الحج عليه في الخارج لا يقع في الخارج على صفة الوجوب لمجرد كونه مقدمة للحج في نفسه (ومن ثم) ذهب صاحب المعالم ((قدس سره) ) إلى اشتراط وجوب المقدمة بإرادة ذي المقدمة فلا تكون المقدمة واجبة على تقدير عدم ارادته واختار العلامة الأنصاري ((قدس سره) ) على ما نسب إليه اختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة التي قصد بها التوصل إلى الواجب فالمقدمة التي لم يقصد بها التوصل إلى الواجب النفسي لا تقع في الخارج على صفة الوجوب وذهب صاحب الفصول ((قدس سره) ) إلى اختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة التي يترتب عليها الواجب النفسي في الخارج فلا تقع غيرها على صفة الوجوب (اما ذهب إليه) صاحب المعالم ((قدس سره) ) فيرد عليه اولا ان وجوب المقدمة كما عرفت تابع لوجوب ذيها اطلاقا واشتراطا فان اختار ان وجوب نفس الواجب ايضا مشروطا بإرادته فهو محال وان اختار انه مطلق الا ان وجوب المقدمة مشروطا بها فالتفكيك غير معقول كما عرفت وثانيا ان مرتبة الارادة (16) هي مرتبة الاطاعة والامتثال لا مرتبة البعث والايجاب فكيف يعقل ان يكون وجوب المقدمة مشروطا بها واما توجيه (17) مرامه بأن مراده من الاشتراط بالإرادة هو الاشتراط بكون العبد في طريق الامتثال والاطاعة ليكون الواجب هو عنوان المقدمة لا ذاتها فيرد عليه مضافا إلى أن عنوان المقدمية من الجهات التعليلية لوجوب المقدمة لا من الجهات التقييدية انه لا يندفع به اشكال امتناع التفكيك بين الوجوبين في الاطلاق والاشتراط واما ما نسب إلى المحقق العلامة الأنصاري ((قدس سره) ) فهو وان اشتهر عنه الا ان عبارات مقرر بحثه ((قدس سره) ) في هذا المقام مشوشة غاية التشويش فان ظاهر بعضها هو اعتبار قصد التوصل في تحقق امتثال الوجوب المقدمي وظاهر بعضها الاخر هو اعتبار قصد التوصل قيدا في متعلق الوجوب المقدمي وظاهر بعضها هو اعتباره قيدا في خصوص حال المزاحمة كما إذا كانت المقدمة محرمة وسيجيئ الكلام على كل واحد من هذه المحتملات بعيد هذا انشاء الله تعالى (ثم ان) المقرر ((قدس سره) ) رتب على اعتبار الامتثال فروعا يبعد كونها من المحقق العلامة الأنصاري ((قدس سره) ) (منها) عدم صحة صلاة من كان مكلفا بالصلاة إلى الجهات الاربع إذا لم يكن من قصده الصلاة إلى جميعها ولا يخ في عدم ارتباطه بما نحن فيه اصلا فان محل الكلام في المقام انما هو اعتبار قصد التوصل وعدمه في المقدمة الوجودية للواجب واما المقدمة العلمية فاعتبار قصد الاتيان بتمام اطرافها في صحة العبادة أو عدمه اجنبي عن القول بوجوب المقدمة فضلا عن اعتبار قصد التوصل فيها (ومنها) عدم جواز الاتيان بالغايات المشروطة بالطهارة إذا لم يكن المتوضئ قاصدا به لتلك الغايات بل اتى به لغاية اخرى لكنه ((قدس سره)) اشكل على ذلك بأن الوضوء ليس له الا ماهية واحدة فلو اتى به بأي غاية مشروعة لترتب عليه الطهارة ويصح الاتيان بكل ما هو مشروط بالطهارة فلا يكون لاعتبار قصد التوصل ثمرة في هذا المقام اصلا نعم يتم ذلك في باب الاغسال فانها ماهيات متعددة وان اشتركت جميعها في اسم واحد.
(اقول) ان ما افاده في باب الوضوء من كفاية قصد غاية واحدة في صحة الاتيان بغيرها من الغايات متين جدا لكن عدم تعدية ذلك إلى الاغسال من الغرائب فان الخلاف في ان الاغسال هل هي متعددة ماهية أو متحدة انما هو باعتبار اسبابها كالجنابة والحيض ونحوهما لا باعتبار غاياتها المترتبة عليها إذ لم يحتمل احد فضلا عن القول به ان تكون الاغسال متعددة ماهية باعتبار غاياتها فهى من جهة الغايات لا فرق بينها وبين الوضوء والكلام فيها هو الكلام فيه فلا تغفل وكيف كان فالمهم في المقام هو البحث عن جميع الاحتمالات المتقدمة في اعتبار قصد التوصل (فنقول) ان كان نظر شيخنا العلامة الأنصاري ((قدس سره) ) إلى اعتبار قصد التوصل بالمقدمة في حصول الامتثال والتقرب بها كما يظهر ذلك من جملة من عبارات التقرير فهو حق وقد تقدم الكلام فيه في تقسيم الواجب إلى النفسي والغيري (وان كان نظره (قدس سره)) إلى اعتبار قصد التوصل في معروض الوجوب فيرده أن قصد التوصل لا د خل له في مقدمية المقدمة اصلا وبدونه يستحيل ان يكون قيدا للواجب بداهة ان ما ليس له دخل فيما هو ملاك الوجوب يستحيل ان يكون قيدا مأخوذا في الواجب (واما) ما افاده في القرير بما حاصله ان المقدمة انما تجب بالوجوب المقدمي بما انها مقدمة فلابد من قصد عنوانها في انطباق الواجب عليها نظير قصد التأديب والتعظيم (ففيه) ان العنوان ان كان من العناوين التوليدية التي بها يتعلق الوجوب وعليها يرتب غرض المولى دون نفس المعنونات فلا بد من اعتبار قصده في وقوع معنونه على صفة الوجوب لكن عنوان المقدمة ليس كذلك بل هو من قبيل علل التشريع والمقدمية جهة تعليلية (18) والواجب هي ذات المقدمة لا جهة تقييدية ليكون الواجب نفس العنوان بداهة ان المقدمة بالحمل الشايع هي ذات المقدمة لا عنوانها فلا بدوان يكون متعلق الوجوب هي ذاتها ايضا (وان كان نظره (قدس سره) ) إلى اعتبار قصد التوصل في مقام المزاحمة كما تساعد عليه جملة من عبارات التقرير يؤيده ما نقله الاستاذ دام ظله عن استاذه المحقق السيد العلامة الأصفهاني (قدس سره) من انه كان ينسب ذلك إلى الشيخ (قدس سره) وان كان دام ظله تردد في ان النسبة المزبورة كانت مستندة إلى استظهار نفسه ام إلى سماعه ذلك من المحقق سيد اساتيذنا العلامة الشيرازي (قدس سره) عن استاذه المحقق العلامة الأنصاري (قدس سره) (فهو وان كان) يمكن تقريبه بان المقدمة إذا كانت محرمة وتوقف عليها واجب فعلى فغا ية ما يقتضيه التوقف المزبور في مقام المزاحمة هو ارتفاع الحرمة عن المقدمة فيما إذا اتى بها بقصد التوصل واما مع عدم قصده فلا مقتضى لارتفاع حرمتها (ولا يرد) عليه حينئذ ما يقال من ان وجوب ذي المقدمة ان لم يقتض وجوبها في غير حال قصد التوصل بها فلا بد وان يكون كذلك في المقدمات المباحة ايضا فالمقدمة المباحة التي لم يقصد بها التوصل إلى ذيها لا تتصف بالوجوب المقدمي وعليه فما هو الوجه في تخصيص اعتبار قصد التوصل بالمقدمات المحرمة (وذلك لان) الاباحة لما كانت ناشئة من عدم المقتضى للبعث أو الزجر فلا تزاحم الوجوب حتى يختص الواجب بما قصد به التوصل وهذا بخلاف الحرمة فانها مقتضية للترك فلا محالة يقع التزاحم بينها وبين الوجوب فلا بد من الالتزام باعتبار قصد التوصل بالمقدمة المحرمة في ارتفاع حرمتها (الا انه يرد عليه) ان المزاحمة انما هي بين حرمة المقدمة ووجوب ما يتوقف عليها ولو لم نقل بوجوب المقدمة اصلا فالتزاحم انما هو بين وجوب الانقاذ و حرمة التصرف في الارض المغصوبة مثلا فلا مناص عن الالتزام بارتفاع الحرمة لفرض كون الواجب اهم سواء في ذلك القول بوجوب المقدمة والقول بعد مه فاعتبار قصد التوصل في متعلق الوجوب المقدمي اجنبي عما به يرتفع التزاحم المذكور بالكلية (هذا) وقد ذكرنا في محله ان التزاحم بين الخطابين انما يوجب سقوط اطلاق الخطاب بالمهم دون اصله وعليه يترتب ان حرمة المقدمة في مفروض الكلام انما ترتفع بامتثال (19) الامر ب ذي المقدمة لا بنفسه فلا مانع من فعلية الخطابين على احدهما على عصيان الاخر وانتظر لذلك مزيد بيان سيأتي انشاء الله تعالى واما ما ذهب إليه صاحب الفصول (قدس سره) من اعتبار الايصال خارجا في وقوع المقدمة على صفة الوجوب لا في تعلق الوجوب بها ليكون الوجوب مشروطا به ويورد عليه بان الايصال انما يتحقق بالإتيان بالواجب النفسي فكيف يعقل ان تتصف المقدمة بالوجوب بعده فيرد عليه ان الايصال وعدمه لو كانا من الصفات التي بها تتنوع المقدمة وتنقسم إلى قسمين في الخارج كما هو الحال فيما إذا كان المراد من المقدمة الموصلة هي المقدمة السببية فانها تفارق سائر المقدمات في لزوم ترتب الواجب عليها في الخارج بخلاف غيرها من المقدمات لكان هذا الاعتبار معقولا وقابلا لان يكون محل البحث بين الاعلام لكنه (قدس سره) لا يقول بذلك فانه صرح بوجوب تمام اقسام المقدمة عند ايصالها إلى ذي المقدمة من دون تخصيص بالمقدمة السببية واما إذا كانا وصفين منتزعين من الاتيان ب ذي المقدمة وعدمه بعد الاتيان بالمقدمة فلا جرم يرجع اعتبار مثل هذا القيد في متعلق الوجوب المقد مى إلى اعتبار كون الواجب النفسي قيدا للواجب الغيرى فيلزم يكون الواجب النفسي (20) مقدمة للمقدمة و واجبا بوجوب ناشيء من وجوبها وهو يستلزم الدور فان وجوب المقدمة انما نشأ من وجوب ذي المقدمة فلو ترشح وجوب ذي المقدمة من وجوبها لزم الدور مضافا إلى ان الواجب لو كان هو خصوص المقدمة الموصلة فبما ان ذات المقدمة مقومة لها فتكون مقدمة لتحققها في الخارج فان اختار (قدس سره) وجوبها مع عدم اعتبار قيد الايصال إلى جزئها الاخر فقد اعترف بما انكره وكر على ما فر منه وان اعتبر قيد الايصال في اتصافها بالوجوب فقد لزمه التسلسل كما لا يخ في واما (ما استدل) به على ما ذكره من ان للمولى ان يمنع من غير المقدمات الموصلة مع انه ليس له ان يمنع من المقدمة على اطلاقها أو يمنع من خصوص الموصلة منها وذلك آية عدم اتصاف غير المقدمة الموصلة بالوجوب (فيرد عليه) ان جواز المنع عن بعض المقدمات لا يوجب اختصاص ملاك الوجوب الغيرى في نفسه بغيرها من المقدمات وذلك فان توقف الواجب على شيء ان لم يكن مقتضيا لإيجابه فلا وجه لاتصاف المقدمة بالوجوب الغيرى اصلا سواء في ذلك الموصلة وغيرها واما إذا كان التوقف مقتضيا له فاما ان يكون ملاكه مطلق التوقف والمقدمية فلا وجه لتخصيص الوجوب ببعض المقدمات مع اشتراك جميعها في ملاكه واما ان يكون ملاكه خصوص التوقف على ما يستحيل انفكاكه عن الواجب في الخارج فلا بد من ان يختص الوجوب الغيرى بالمقدمة السببية وعلى كل حال (21) لا وجه للتفكيك وتخصيص الوجوب بالموصلة من المقدمات واما دعوى تعلق الوجوب النفسي بالمقدمة مقيدة بإيصالها (22) إلى ما يتوقف عليها فمرجعها إلى اشتراط الوجوب النفسي بامر متأخر وهو الايصال وقد تقدم الكلام في جوازه وامتناعه مفصلا (وقد اجاب) المحقق صاحب الكفاية عن الاستدلال المذكور بعدم جواز المنع المولى من غير المقدمة الموصلة لان ذلك يستلزم ان لا يكون ترك الواجب النفسي مخالفة وعصيانا وهو باطل بالضرورة بيان الملازمة ان وجوب الواجب النفسي مشروط بالقدرة عليه المتوقفة على التمكن من مقدمته عقلا وشرعا وبما ان جواز المقدمة في الفرض المزبور لا يكون الا عند الاتيان بالواجب النفسي فمع عدمه تكون المقدمة محرمة فلا يكون الواجب النفسي مقدورا شرعا فلا يعاقب على مخالفته وتركه (ويدفعه) ان جواز المقدمة غير مشروط بالإيصال ليتوقف تحققه على تحقق الايصال خارجا بل المتوقف عليه انما هو تحقق ما هو جائز شرعا إذا المفروض ان الايصال قيد للواجب لا للوجوب فجواز المقدمة ثابت قبل تحقق الايصال في الخارج وبما ان المقدمة الخاصة وهى الموصلة مقدورة للمكلف لفرض القدرة على ايجاد قيدها وهو الايصال فيكون التكليف بالواجب النفسي المقدور بالواسطة فعليا لا محالة فيكون تركه مخالفة وعصيانا وبالجملة لو قطعنا النظر عن المحاذير المتقدمة المترتبة على كون الواجب النفسي قيدا للواجب الغيرى فلا محذور في الالتزام بما افاده صاحب الفصول (قدس سره) بقى الكلام فيما افاده المحقق صاحب الحاشية في المقام من ان المقدمة انما وجبت من حيث الايصال لا مقيدة بكونها موصلة قد اصر على ذلك في مواضع من كلامه وانكر وجوب المقدمة الموصلة (وهذا) الكلام وان كان مجملا في بدو النظر الا ان الظاهر أنه اراد به ان الداعي إلى ايجاب المقدمة هو كونها مما يتوصل به إلى الواجب النفسي المتوقف عليها والا فلا غرض يترتب على ايجابها الغيرى اصلا فكل واحدة من المقدمات انما تقع في الخارج على صفة المطلوبية فيما إذا وقعت في سلسلة العلة التامة لوجود ذي المقدمة (واما) إذا كانت منفكة عن ذلك ووقعت مجردة عن بقية أجزاء العلة فبما أنها لم يترتب عليها الغرض الداعي إلى ايجابها فلا تقع في الخارج على صفة الوجوب كما هو الحال في اجزاء الواجب النفسي فان كل واحد منها انما يقع على صفة الوجوب النفسي في ضمن تعلقه بالمركب إذا وقع في الخارج منضما إلى بقية اجزائه لا إذا وقع منفكا عنها فحال المقدمة في انطباق الواجب الغيرى عليها كحال الاجزاء في انطباق الواجب ص 241 النفسي عليها بعينها ولكنه مع ذلك لم يؤخذ الايصال قيدا في اتصاف المقدمة بالوجوب لا بنحو يكون شرطا للوجوب ولا بنحو يكون قيدا للواجب فتقيد المقدمة بتحقق الواجب النفسي بعدها كنفس تحققه في الخارج لا يكون شرطا للوجوب الغيرى ولا متعلقا له فيكون القيد والتقيد كلاهما خارجين نظير ما ذكرناه في بحث المعنى الحر في من خروج الاطراف وتقيد النسبة بها عن حريم المعاني الحرفية والسر في ذلك ان الوجوب الغيرى لا يعقل ان يتعلق بالمقدمة المقيدة بترتب الواجب النفسي عليها لما ذكرناه من المحاذير المترتبة على التقيد بذلك كما انه لابد ان يكون في الاطلاق والاشتراط تابعا لوجوب ذي المقدمة وحيث ان وجب ذي المقدمة لا يعقل ان يكون مشروطا بوجوده لا يعقل ان يكون وجوب المقدمة مشروطا به ايضا فتقيد الوجوب أو الواجب الغيرى بالواجب النفسي غير معقول (هذا ولا يخفى) ان امتناع تقيد الواجب الغيرى أو وجوبه بالإيصال إلى الواجب النفسي لا يستلزم ان يكون الواجب والوجوب مطلقين من هذه الجهة كما ذهب إليه المحقق العلامة الأنصاري (قدس سره) وذلك لما ذكرناه في مبحث التوصلي و التعبدي من أن الاطلاق والتقيد انما يتقابلان بتقابل العدم والملكة ثبوتا واثباتا فامتناع التقييد يستلزم امتناع الاطلاق أيضا (نعم) لو كان تقابلهما تقابل السلب والايجاب لصح ما ذهب إليه ((قدس سره) ) لامتناع ارتفاع القيضين لكنه ليس كذلك وهو(قدس سره) ايضا لا يقول به فالأمر دائر بين ان يكون التقابل بينهما هو تقابل التضاد كما نسب إلى المشهور وان يكون تقابل العدم والملكة وبما ان الاطلاق خارج عن حريم المعنى على ما ثبت في محله والألقاط لم توضع الا لنفس المعاني الجامعة بين المطلق والمقيد المعبر عنها باللابشرط المقسمي (23) فالتقابل بين الاطلاق والتقييد يكون في من تقابل العدم والملكة قطعا وعليه فلا وجه لما افاده (قدس سره) من ثبوت الاطلاق في المقام بسبب امتناع التقييد وقد استدل (قدس سره) بمثل ذلك لإثبات الاطلاق وعدم تقيد المأمور به بقصد القربة ولإثبات الاطلاق وعدم اشتراط التكاليف بالعلم بها والجواب عنه هو الجواب المذكور بعينه وعلى ما ذكرناه فلا مناص عن الاهمال (24) وان يكون الواجب الغيرى كوجوبه غير مقيد بالإيصال ولا مطلقا من هذه الجهة كما هو الحال في الوجوب النفسي المتعلق ب ذي المقدمة فانه يستحيل ان يكون مقيدا بوجوده أو مطلقا بالقياس إليه وهذا هو الفرق (بين) ما ذهب إليه المحقق صاحب الحاشية من كون المقدمة واجبة من حيث الايصال وما ذهب إليه صاحب الفصول (قدس سره) من تقييد الواجب بالإيصال فان لازم كلام المحقق المذكور (عدم) امكان الاطلاق والتقييد في المقام اصلا إذا عرفت ذلك فاعلم ان المقدمة المحرمة إذا لم تقع في الخارج على صفة الايصال فهى تقع على صفة الحرمة بناء على ما ذهب إليه صاحب الفصول (قدس سره) من اختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة الموصلة بلا احتياج إلى الالتزام بالترتب (فان) المقدمة على ذلك تنقسم إلى قسمين (قسم) منها يكون واجبا والقسم الاخر يبقى على حكمها السابق (واما) بناء على ما ذهب إليه المحقق المذكور فبما ان التقييد الموجب لانقسام المقدمة إلى قسمين كان محالا فالحكم بحرمة المقدمة المحرمة في ظرف عدم ايصالها إلى الواجب يكون على نحو الترتب بيان ذلك أنه (قدس سره) التزم في مبحث الضدان ترك أحد الضدين مقدمة للأخر فإذا كان ترك الصلاة مثلا مقدمة لواجب اهم كالإزالة فيكون الترك واجبا من حيث الايصال فإذا فرضنا ان المولى لم يصل إلى غرضه من الايجاب المذكور فلا محالة يوجب الصلاة في هذه المرتبة لعدم المزاحمة فيكون ايجابها مشروطا بعصيان خطاب الامر بتركها ومنه يتضح حال المقدمة المحرمة بل المباحة في المقام فان تحريمها أو اباحتها انما يكون في مرتبة عصيان الامر بها وعدم ترتب غرض المولى على ايجابها واما الامر بها فهو غير مقيد ولا مطلق فيكون النتيجة هو تعلق خطابين بموضوع واحد لكن مترتبا (ونحن) وان صححنا الترتب في محله الا اناقد اشترطنا في ذلك كون احد الخطابين مترتبا على عصيان الخطاب الاخر المتعلق بموضوع آخر لا في مرتبة عصيان خطاب آخر متعلق بهذا الموضوع بعينه (وعليه) فتكون الحرمة أو الاباحة في المقدمة مترتبتا على عصيان (25) الامر ب ذي المقدمة كما ان الامر بالصلاة في مبحث الضد يكون مترتبا على عصيان الامر بالإزالة لا على عصيان الامر بترك الصلاة كما ذكره المحقق المزبور (قدس سره) التنبيه الثالث في بيان انه لا تترتب ثمرة مهمة على البحث عن وجوب مقدمة الواجب (ولا بأس) بالإشارة إلى ما ذكروه ثمرة في المقام منها فساد العبادة إذا كان تركها مقدمة لواجب اهم كترك الصلاة ال ذي هو مقدمة للإزالة فانه إذا كان الترك واجبا كان الفعل منهيا عنه لان وجوب احد النقيضين يستلزم النهى عن النقيض الآخر (ولذا) لا خلاف في اقتضاء الامر بالشيء للنهى عن ضده العام بمعنى الترك (واورد) على ذلك (تارة) بعدم مقد مية ترك احد الضدين لوجود الآخر (واخرى) بأن فساد العبادة في الفرض المزبور انما هو من جهة عدم الامر بها لا من جهة الامر بتركها لكونه مقدمة للواجب (ولذا) لابد من القول بالفساد ولو لم نقل بوجوب مقدمة الواجب ولا بمقدمية الترك للفعل وسيجيئ الكلام في الجهتين في مبحث الضد انشاء الله تعالى ثم ان صاحب الفصول (قدس سره) جعل هذه الثمرة مبتنية على القول بوجوب مقدمة الواجب مطلقا (واما) على ما ذهب إليه من اختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة الموصلة فلم يلتزم بفساد العبادة المضادة للواجب الفعلي فان تركها وان كان مقدمة للواجب الفعلى الا انه لا يجب منه الا ما ترتب عليه ذلك الواجب المتوقف عليه ومن الواضح ان ايجابه وان كان يستلزم النهى عن نقيضه الا ان نقيضه ليس هو الفعل ليكون محرما بل النقيض له هو عدم الترك الخاص هو قد يكون مقارنا مع الفعل وقد لا يكون ولا يسرى حرمة النقيض إلى لازمه فضلا عن مقارنة فلا موجب لفساد العبادة من هذه الجهة اصلا (واورد عليه) في التقريرات بان الفعل وان لم يكن نقيضا للترك الخاص الا انه من افراده فان نقيض الاخص هو الاعم فترك الترك الخاص قد ينطبق على الفعل وقد ينطبق على الترك المجرد فإذا كان وجوب الترك المطلق موجبا لحرمة ما ينطبق عليه نقيضه وهو الفعل فوجوب الترك الخاص يوجب حرمة جميع افراد نقيضه التي منها الفعل فيقع فاسدا (ورده) المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) مع توضيح منابان الفعل بنفسه رافع للعدم المطلق و نقيض له وان عبر عن النقيض بعدم العدم فهو باعتبار انطباقه على الوجود خارجا وان كان مغايرا معه مفهوما فترك الترك عنوان ومرآة للوجود الخارجي ال ذي هو النقيض بالحقيقة ويستحيل اجتماعه مع العدم وارتفاعهما معا فإذا كان احدهما مطلوبا فالآخر يكون منهيا عنه (واما) الترك الخاص فنقيضه عدم الترك الخاص ولو لعدم الخصوصية لا وجود الفعل بداهة ان العدم يستحيل ان يكون له فردان احدهما الوجود والآخر العدم المحض لعدم تعقل الجامع بينهما فلا محالة يكون الفعل من مقارنات النقيض لا من افراده نظير مقارنة ترك الصوم للصلاة ضرورة ان كون الصلاة من افراد ترك الصوم مما لا يتوهمه احد اصلا ومن المعلوم عدم اقتضاء النهى عن شيء للنهى عن مقارنة ولقد اجاد (قدس سره) في التفرقة بين المقامين فالحق صحة ما ذهب إليه صاحب الفصول (قدس سره) من انكار الثمرة بناء على مختاره من اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة والتحقيق انه لا ثمرة حتى على القول بوجوب المقدمة مطلقا وذلك لما سيجيئ (26) انشاء الله تعالى من امتناع كون ترك احد الضدين مقدمة لفعل الاخر ومنها توقف وقوع المقدمة عبادة على وجوبها فانها لو لم تكن مطلوبة للمولى لما امكن التقرب بها إليه (وفيه) ان وقوعها عبادة انما يدور مدار قصد الامر النفس المتعلق يتوقف عليه سواء قلنا بوجوب المقدمة ام لم نقل به وقد سبق الكلام في ذلك مفصلا فلا نعيد ومنها بر النذر بفعل المقدمة على القول بوجوبها إذا تعلق النذر بفعل واجب وفيه ان مثل هذه الثمرة لا توجب كون البحث عن وجوب المقدمة اصوليا فان المسألة الاصولية هي ما تقع نتيجتها في طريق استنباط الحكم الكلى كالقواعد التي يستنبط منها وجوب الوفاء بالنذر والمفروض ان مسألتنا ليست كذلك فان المترتب عليها انما هو انطباق المعلوم وجوبه بدليله على الاتيان بالمقدمة لاستنباط الحكم من ادلته فلا تكون المسألة بذلك اصولية (مضافا) إلى ان النذر يتبع قصد الناذر فلو كان قصده من لفظ الواجب ما يلزم الاتيان به شرعا أو عقلا فيحصل الوفاء بفعل المقدمة ولو لم نقل بوجوبها الشرعي وان كان قصده خصوص الواجب النفسي فلا يحصل الوفاء به ولو قلنا بوجوب المقدمة شرعا نعم لو كان قصده من لفظ الواجب مطلق ما تعلق به الوجوب الشرعي ولو لم يكن له انصراف إلى خصوص الواجب النفسي لكان حصول الوفاء بإتيان المقدمة مبتنيا على القول بوجوب المقدمة لكنك قد عرفت ان مثل هذه الثمرة لا تكون ثمرة اصولية ومنها حصول الفسق بترك الواجب مع مقدماته الكثيرة إذا قلنا بوجوبها (وفيه) ان ترك الواجب ان كان معصية كبيرة فهو بنفسه يوجب الفسق وان لم نقل بوجوب مقدمته والا فلا يكون تركه بمقدماته موجبا لحصول الفسق وان قلنا بوجوب المقدمة ايضا (وتوهم) حصول الفسق بسبب الاصرار عند تركه بمقد ماته (مدفوع) بما ذكرناه سابقا من ان الاطاعة (27) والمعصية انما تدوران مدار الامر النفسي فليس مخالفة الامر الغيرى بما هو معصية بما هو معصية حتى يحصل الاصرار على المعصية بمخالفته ومنها عدم جواز اخذ الاجرة على المقدمة على القول بوجوبها (وفيه) ان وجوب الشيء لا ينافي جواز الاجرة عليه فان الواجب إذا كان هو المعنى (28) المصدري كبيع الطعام عند ضرورة الناس إليه وكالصناعات التي يتوقف عليها نظام العالم مع بقاء المال والعمل على المملوكية فلا يمنع وجوبه عن اخذ الاجرة على العمل أو اخذ الثمن بإزاء المال اصلا واما إذا كان الواجب هو المعنى المعبر عنه باسم المصدر الموجب لكون العمل مملوكا لله تبارك وتعالى فان كان عينيا كالصلاة ونحوها فلا يجوز اخذ الاجرة عليه وان كان كفائيا وكان مما يدخله النيابة بحيث يكون الثواب والاطاعة للمستنيب لا للنائب كما في استنابة مريد الحج غيره في الجهاد الواجب عليه كفاية على القول بجوازها فيجوز اخذ الاجرة عليه ايضا والا فلا (هذا) حال الواجب النفسي في جواز الاجرة عليه وعدمه واما المقدمة فتتبع (29) في جميع ذلك الواجب النفسي المتوقف عليها سواء قلنا بوجوبها ام لا فلا يكون من جهة وجوبها مانع عن اخذ الاجرة عليها ومنها ان المقدمة إذا كانت محرمة فعلى القول بوجو بها يتحقق في موردها امر ونهى فيبتنى اتصافها بالوجوب على جواز الاجتماع وعدمه واما على القول بعدمه فلا تكون المقدمة الا محرمة (وفيه) ان المقدمة إذا كانت سببية فقد عرفت انها خارجة عن محل الكلام رأسا وواجبة بعين الوجوب النفسي المتعلق بالمسبب واما إذا لم تكن سببية فان كانت المقدمة منحصرة في الحرمة فلا محالة يقع التزاحم بين حرمة المقدمة ووجوب ذي المقدمة فلابد من رفع اليد عن احدهما هو اجنبي عما هو محل الكلام في بحث جواز الاجتماع وعدمه واما إذا لم تكن منحصرة فان كانت المقدمة توصلية فلا محالة يسقط الغرض بإتيانها سواء قلنا بوجوب المقدمة ام لا وان كانت تعبدية فان بنينا على كفاية قصد الجهة في صحة العبادة وان لم تكن مأمورا بهابل ولو كانت محرمة فتصح المقدمة المفروض كونها عبادة ولو قلنا بالامتناع (30) نعم إذا بنينا على عدم كفاية قصد الجهة فان قلنا بجواز الاجتماع صحت العبادة وحصلت المقدمة والا فلا فالثمرة تظهر في خصوص هذا الفرض (ولكن التحقيق) انه لا ثمرة للقول بوجوب المقدمة حتى في هذا الفرض فان المقدمة إذا كان لها فردان محرم وغير محرم فلا محالة يترشح الامر الغيرى من الواجب إلى خصوص غير المحرم (31) فلا يقع المحرم عبادة فلا تحصل المقدمة سواء قلنا بوجوب المقدمة أم لا (وبالجملة) المقدمة المحرمة على القول بوجوب المقدمة لا تتصف بالوجوب حتى يمكن الحكم بصحتها بناء على جواز اجتماع الامر والنهى فلا يترتب على القول بوجوب المقدمة ثمرة اصلا وقد اورد على هذه الثمرة في الكفاية بان المقدمة إذا كانت محرمه فالنهى عنها يكون من قبيل النهى عن العبادة لان عنوان المقدمة لا يقع في حيز الطلب بل المطلوب الغيرى انما هو ما يكون مقدمة بالحمل الشايع فلا يكون هناك عنوانان منطبقان على واحد يكون بأحد العنوانين واجبا وبالآخر حراما ليكون المورد من موارد اجتماع الامر والنهى (وفيه) ان كون المقدمة المحرمة من موارد اجتماع الامر والنهى لا يتوقف على تعلق الطلب الغيرى بعنوان المقدمة فان الحج مثلا إذا كان واجبا فالمسير لا محالة يكون واجبا بالوجوب الغيرى بناء على وجوب المقدمة فإذا فرض ان المكلف سار في المكان المغصوب فينطبق عليه عنوانان عنوان السير الواجب مقدمة وعنوان الغصب فيكون من باب الاجتماع فليس الغرض من اجتماع العنوانين اجتماع عنوان المقدمة بالحمل الاولى مع عنوان الغصب مثلا بل الغرض اجتماع عنوان ما هو مقدمة بالحمل الشايع مع عنوان آخر محرم كما في كل مورد اجتمع فيه الامر والنهى نعم لو كان النهى متعلقا بذات المقدمة الخارجية لا بالعنوان الكلى لكان المورد داخلا في مسألة النهى عن العبادة والمعاملة الا انه لا يتحقق في القضايا الحقيقية وانما يمكن تحققه في القضايا الخارجية فقط تذيل لا يخ في ان ما ذكرنا من الوجوه و الاقوال في مقدمة الواجب يجرى في مقدمة المستحب ايضا وبناء على ثبوت الملازمة تكون مقدمة المستحب مستحبة واما مقدمة الحرام فجمل القول فيها ان الآتى بها قد يكون له صارف عن ارتكاب المحرم نفسه وقد لا يكون له صارف عنه وعلى الاول فلا ريب في عدم حرمة المقدمة الا ذا علم من حاله انه لو أتى بها يكون مقهورا في ارادة الحرام فتحرم المقدمة التي يترتب عليها ذلك (32) وعلى الثاني فأما ان يكون عنوان الحرام ما هو مقدمة له منطبقين على شيء واحد كما في الافعال التوليدية نظير (33) اجراء الماء على اجزاء البدن للوضوء المنصب على ارض مغصوبه بلا وساطة جريانه على ارض اخرى مباحة واما ان يكون عنوان الحرام منطبقا على غير ما ينطبق عليه عنوان ما هو مقدمة له وعلى الاول فالحكم المتعلق بالفعل التوليدي يكون بنفسه متعلقا بما يتولد منه كما عرفت فتكون الحرمة المتعلقة بالغصب متعلقة بأجراء الماء على البدن فيدخل بذلك في باب اجتماع الامر والنهى وعلى الثاني فأما ان تكون المقدمة علة تامة للحرام بحيث لا يتمكن المكلف من امتثال تكليف الحرمة بعد الاتيان بها اولا تكون كذلك اما على الاول فلا اشكال في حرمتها (34) فانها هي التي تتعلق بها القدرة والارادة اولا وبالذات والمعلول انما يكون مقدورا بتبعها فتسرى إليها الحرمة المتعلقة به مثال ذلك اجراء الماء في الوضوء على الارض المباحة المشتملة على ميزاب يجرى منه الماء على الارض المغصوبة بحيث لا يتمكن المكلف بعد جريان الماء على الارض المباحة من منع انصابه على الارض المغصوبة نعم لو فرضنا عدم صدق التصرف عرفا على ما يترتب على المقدمة وان كان يصدق عليه عقلا كوقوع قطرات يسيرة على الارض المغصوبة لما كان المعلول محرما شرعا حتى يترشح منه الحرمة على علته وعلى الثاني فيقع الكلام في ان حرمة المقدمة (35) هل هي من باب التجري والعزم على المعصية أو من باب ترشح الحرمة من ذي المقدمة إليها كما لو كان المتوضئ متمكنا من سد الميزاب ومنع جريانه على الارض المغصوبة في الفرض المزبور ولم يكن عازما على منع ترتب الحرام على ذلك (والحق) في هذا القسم عدم حرمة المقدمة من باب السراية فان امتثال الحرام لا يتوقف على تركها على الفرض لتمكن المكلف من ذلك بعد الاتيان بها ايضا فعصيانه بعد ذلك بالاختيار لا يوجب حرمة المقدمة التي لا يتوقف امتثال الحرام على تركها اصلا نعم على تقدير تركها يترك الحرام ايضا الا ان امتثاله لا يتوقف على تركها لان المفروض ان المكلف قادر على الامتثال بعد الاتيان بها ايضا فلا موجب لحرمتها من قبل حرمة ذي المقدمة (واما) مقدمات المكروه فحالها حال مقدمات الحرام طبق النعل بالنعل.
_________________
1 - لا يختص المباحث الفقهية بما يبحث فيه عن حكم موضوع من الموضوعات الخاصة لان جملة من المباحث الفقهية كمباحث وجوب الوفاء بالنذر واخويه ووجوب اطاعة الوالدين ووجوب الوفاء بالشرط ونحوها يبحث فيها عن احكام العناوين العامة القابلة للصدق على الافعال المختلفة في الماهية والعنوان بل الوجه في خروج هذه المسألة عن المباحث الفقهية هو ان البحث في المقام انما هو عن ثبوت الملازمة بين طلب شيء وطلب مقدمته سواء كان الطلب وجوبيا ام كان استحبابيا واما تخصيص الموضوع في كلام كثير منهم بالوجوب فانما هو لأجل الاهتمام بشأنه لا من جهة اختصاص النزاع به وعليه فلا وجه لتوهم دخول المبحث في المباحث الفقهية بل هو بحث اصولي تقع نتيجة في طريق استنباط الحكم الشرعي وذلك لأنه بعد ثبوت الملازمة ووجوب شيء في الخارج نقول لو كان هذا الشيء واجبا لوجبت مقدمته لكنه واجب فمقدمته واجبة .
2 - سيجيئ في محله ان القول بكون ترك احد الضدين مقدمة للضد الاخر مع القول بوجوب المقدمة وعدم صحة الترتب لا يستلزم القول بفساد العبارة عند كونها مزاحمة بواجب اهم وذلك لان العبادة حينئذ وان كانت منهيا عنها الا انه لا يوجب فسادها لاختصاص اقتضاء الفساد بالنهي النفسي الناشئ من وجوب المفسدة في متعلقة ولا يعم النهى الغيرى الناشئ من مقدمية تركه لواجب فعلى فلا ثمرة للبحث من هذه الجهة اصلا والتحقيق في بيان الثمرة ان يقال انها تظهر فيما إذا كان الحرام مقدمة لواجب فعلى كما إذا توقف انقاذ الغريق على التصرف في ارض مغصوبة لأنه إذا بنينا على عدم وجوب المقدمة شرعا فغاية ما هناك وقوع المزاحمة بين حرمة المقدمة ووجوب ذي المقدمة وبما ان المفروض كون الوجوب اهم فلا بد من رفع اليد عن حرمة المقدمة بمقدار يقتضيه الضرورة فيجوز التصرف الواقع في طريق التوصل إلى الواجب واما غيره من التصرفات كالدخول للتنزه مثلا مع فرض عدم ترتب الانقاذ عليه فلا موجب لارتفاع حرمتها واما إذا بنينا على وجوب المقدمة فان قلنا بمقالة صاحب الفصول (قدس سره) من اختصاص الوجوب المقدمي بالمقدمة الموصلة فالحال فيه هو الحال بعينه فيما إذا لم نقل بوجوب المقدمة اصلا واما إذا قلنا بمقالة العلامة الأنصاري (قدس سره) على ما نسب إليه من اختصاص الوجوب المقدمي بالمقدمة التي يقصد بها التوصل إلى الواجب فيخلف حكم الدخول في الفرض المزبور جوارا ومنعا باختلاف قصد الداخل فيها فان كان قصده التوصل به إلى الواجب فهو جائز واقعا سواء ترتب عليه الواجب في الخارج ام لم يترتب عليه كما انه إذا لم يكن قصده التوصل به إلى الواجب فهو حرام واقعا من دون فرق بين ترتب الواجب عليه وعدم ترتبه عليه كما انه إذا قلنا بمقالة المشهور من كون المقدمة واجبة بالوجوب الغيرى مطلقا سواء قصد بها التوصل إلى الواجب النفسي ام لم يقصد بها ذلك وسواء ترتب عليها الواجب في الخارج ام لم يترتب عليها فالدخول في مفروض المثال يقع مصداقا للواجب مطلقا ومعه لا يعقل ان يقع مبغوضا من المكلف ومتصفا بالحرمة فلا يستحق فاعله العقاب وان كان يستحق الثواب ايضا لعدم قصد التوصل به إلى الواجب على الفرض وهذه ثمرة مهمة جدا نترتب على البحث عن ثبوت الملازمة وعدمها بين وجوب شيء ووجوب مطلق مقدمته أو خصوص مقدمة من مقدماته
3 - ما افيد في المتن في بيان التفرقة بين المعد والعلة اصطلاح من شيخنا الاستاد (قدس سره) والصحيح ان المعد قسم من الشرط به الشرط المتقدم المعدوم عند وجود مشروطه وعليه فصعود الدرجة الاولى بالقياس إلى الكون في السطح يكون معدا كما ان قوة القوس بالإضافة إلى حركة السهم يكون شرطا .
4 - تقدم منه (قدس سره) انكار التأكد في امثال ذلك بدعوى ان الوجوب الغيرى انما هو في طول الوجوب النفسي لا في عرضه وقد مربيان ما هو الحق عندنا هناك .
5 - ما افاده (قدس سره) من خروج القسم الثاني مما يسمى بالعلة والمعلول ولو بالعناية عن محل البحث في المقام وان كان متينا جدا كما اشرنا إليه سابقا الا ان تمثيله لذلك بعنواني الالقاء والاحراق وبعنواني الغسل والتطهير في غير محله لان موجود الملاقات في الخارج مغاير لوجود الحرارة بالضرورة فيكون الالقاء غير الاحراق ايضا إذا لإيجاد والوجود متحدان بالذات وان كان مخلفين بالاعتبار وكذلك الطهارة بمعنى النظافة العرفية موجودة في الخارج بوجود مغاير لوجود الغسل ومترتبة عليه بالوجدان واما الطهارة الشرعية فهي حكم شرعي مترتب على وجود موضوعه خارجا وهو الغسل فكيف يعقل ان يكون عنوان الطهارة منطبقا على ما ينطبق عليه عنوان الغسل .
6 - قد عرفت فيما تقدم ان الامر بالمقيد لا يكون امرا بقيده ابدا والا لبطل الفرق بين الجزء والشرط ولزم خروج الشرائط عن محل النزاع في بحث وجوب المقدمة ايضا لان ما تعلق به شخص الوجوب النفسي لا يمكن ان يتعلق به الوجوب الغيرى المترشح منه كما مر واما لزوم كون الامر المتعلق بالأمر الانتزاعي متعلقا بمنشأ انتزاعه فهو وان كان صحيحا الا انه اجنبي عن المقام فان التقيد المأخوذ في المأمور به لا ينتزع عن قيده ولذلك ذكرنا فيما تقدم ان القيد المأخوذ في المأمور به لا يلزم ان يكون اختياريا إذا المعتبر في صحة الامر بالمقيد هو كون المقيد بما هو مقيد تحت قدرة المكلف واختياره سواء كان قيده امرا اختياريا ام لم يكن وعليه فلا مناص عن الالتزام بحصول الامتثال قبل تحقق ما هو شرط متأخر للواجب فيكون حال شرائط الواجب حال شرائط التكليف والوضع امكانا وامتناعا وستعرف ما يقتضيه التحقيق في ذلك انشاء الله تعالى .
7 - إذا فرض تحقق التكليف أو الوضع مقارنا لحصول شرطه فلا موضوع للبحث عن الجواز والامتناع كما هو ظاهر .
8 - بل التحقيق هو جواز تأخر الشرط مطلقا سواء كان الشرط شرطا للمأمور به ام كان شرطا للحكم الكلي في أو الوضعي اما في الاول وهو ما إذا كان المتأخر شرطا للمأمور به فلان شرطية شيء للمأمور به ليست الا بمعنى دخل ذلك الشيء في المأمور به وكون الامر متعلقا بالمقيد به ال ذي هو عبارة عن حصة خاصة من الطبيعي وكما يمكن تقيد المأمور به بأمر مقارن أو متقدم يمكن تقيده بأمر متأخر بالضرورة فإذا فرضنا ان ملاك طلب المولى قائم بحصة خاصة من الطبيعي وهى المقيدة بقيد متأخر بان يكون المؤثر في الملاك نفس تلك الحصة من دون ان يكون للأمر المتأخر تأثير فيه كما هو الحال في القيود المقارنة أو المتقدمة فلا مناص عن التزام كون الطلب متعلقا بتلك الحصة ايضا بعد فرض كونها مقدورة للمكلف بما هي كذلك فوجود القيد المتأخر لا شأن الا انه يكشف عن وجود تلك الحصة في ظرف كونها مطلوبة ومن الواضح انه لا محذور في كشف الامر المتأخر عن تحقق شيء قبله اصلا وبالجملة اختلاف الطبيعة الواحدة باختلاف حصصها في الخارج في الاشتمال على ملاك تعلق الطلب بها وعدمه مما لا ريب فيه وكما تتحصص الطبيعة باعتبار تقيدها بامور متقدمة أو مقارنة كذلك تتحصص باعتبار تقيدها بالأمور المتأخرة ايضا فإشكال تأخر الشرط الناشئ من توهم تأثير الامر المتأخر في المتقدم مندفع من اصله واما في الثاني وهو ما إذا كان المتأخر شرطا للحكم الكلي في أو الوضعي فلان شرط الحكم وان كان لا بد من اخذه مفروض الوجود في مقام الجعل والانشاء الا ان ظرف وجوده المفروض يختلف باختلاف كيفية الجعل فربما يجعل الحكم على موضوع مقيد بقيد اخذ مفروض الوجود مقارنا له أو متقد ما عليه وربما يجعل الحكم على موضوع المقيد بقيد اخذ مفروض الوجود بعد وجوده والقيد في جميع ذلك وان كان مفروض الوجود الا انه يختلف باختلاف ظرف وجوده المأخوذ قيدا في الحكم وقد ذكرنا فيما تقدم انه لا مناص في موارد الواجبات التدريجية من الالتزام بالشرط المتأخر لان فعلية الوجوب في الان الاول متوقفة على بقاء شرائط التكليف من الحيوة والقدرة وغيرهما إلى زمان الاتيان بالجزء الاخير لا محالة وفميا ذكرناه في بحث الواجب المشروط ما ينفعك في المقام فراجع هذا بحسب الامكان واما بحسب الوقوع فالمتبع هي د لالة الليل وهى تختلف باختلاف الموارد.
9 - قد ذكرنا في محله ان الكشف الحقيقي وكون الاجازة المتأخرة كاشفة عن تحقق الملكية في زمان العقد وان كان امرا معقولا الا انه خلاف ظواهرا الأدلة لان استناد العقد إلى المالك وكونه (قدس سره) انما يتحقق في زمان الاجازة لا قبله الا انه لابد من الالتزام بالكشف الحقيقي بمعنى آخر بان يقال ان الاجازة بما انها تتعلق بالملكية أو الزوجية السابقة والمفروض امضاء الشارع لها يكون متعلق حكم الشارع هي الملكية أو الزوجية السابقة ايضا فالمال مثلا قبل الاجازة كان محكوما بكونه مملوكا لمالكه الاول وبعد الاجازة يحكم بكونه ملكا للمجيز من حال صدور العقد وبعبارة اخرى اعتبار الملكية مثلا وان كان مقارنا مع الاجازة الا ان متعلقه امر سابق عليها ولا مضادة بين الحكم بملكية شيء لا حذفي زمان والحكم بعده بملكية ذلك الشيء في ذلك الزمان لشخص آخر فوحدة زمان الملكيتين مع تغاير زمان الاعتبارين لا محذور فيها اصلا وتمام الكلام في محله وسيجيئ ما في كلام شيخنا الاستاد (قدس سره) من الجواب عن ذلك بعيد هذا انشاء الله تعالى.
10 - إذا فرضنا تعلق الاجازة بالملكية المنشأة قبل الاجازة وامضاء الشارع لها على ما هى عليه فكيف يمكن ان تكون الملكية مقارنة مع الاجازة وبذلك يظهر الفرق بين بابي الاجازة وغيرها من الشرائط كالقبض في بيع الصرف والسلم
11 - انشاء الامر المتأخر وان كان ممكنا في نفسه وواقعا في جملة من الموارد الا ان الملكية المنشأة في باب البيع ليست كذلك كما هو ظاهر .
12 - إذا فرض امكان اخذ التقيد بالأمر المتأخر في موضوع حكم من الاحكام وقيام الدليل عليه فلا وجه لاعتبار امر آخر في صحة الالتزام به وهو مساعدة العقل والعرف وهل يكون العقل أو العرف مشرعا في قبال الشارع كلا فإذا دل الدليل على ترتب احكام الملكية من زمان العقد فلا مانع من الالتزام بالكشف الحقيقي بالمعنى ال ذي عرفته وهو لا ينافي اعتبار نفس الاجازة والرضا في موضوع حكم الشارع بنفوذ العقد فان استناد العقد إلى المجيز وحكم الشارع بنفوذه وان كانا مقارنين للإجازة خارجا الا ان متعلق الاجازة لكونه امرا سابقا عليه لابد من الحكم بتحققه في ظرفه واما ما افيد في المتن من ان الانشاء وان كان واقعا في زمان سابق على زمان الاجازة الا ان المنشأ غير مقيد به فالإجازة في مثال البيع الفضولي لم تتعلق الا بنفس الملكية لا بالملكية السابقة فيرد عليه اولا انا نفرض الكلام في موارد الاجارة الفضولية ونحوها مما كان العقد واقعا على تمليك المنفعة المقيدة بالزمان فيما إذا اجاز المالك بعد مضى مقدار من ذلك الزمان فبما ان الاجازة تعلقت بملكية المنافع السابقة والمفروض امضاء الشارع لها لا مناص عن الحكم فعلا بمالكية المستأجر للمنافع السابقة من زمان العقد وثانيا ان المنشأ وان لم يكن مقيدا بزمان الانشاء الا انه غير مقيد بغيره من الازمنة ايضا والاهمال غير معقول فهو مطلق لا محالة فإذا كان المنشأ هي الملكية المطلقة الشاملة حال الانشاء وتعلقت الاجازة بها و قد امضاها الشارع فلابد من الحكم بتحقق الملكية من زمان العقد فتقارن الاجازة وامضاء الشارع زمانا لا يستلزم مقارنة الاجازة الملكية كما عرفت ومما ذكرناه يتضح الفرق بين الاجازة المتعلقة بالعقد السابق والقبول المتعلق بالإيجاب فان القبول لكونه مقوما للعقد ومن اجزائه لابد من عدم تقدم اثره عليه وهذا بخلاف الاجازة فانها توجب استناد العقد المتحقق إلى المجيز واعتبارها انما هو من جهة كشفها عن الرضا بالعقد ليس الا والاثر انما هو اثر العقد فلا مانع من الحكم بترتب الاثر قبلها وبذلك يظهر الفرق بين تمليك المالك ماله من زمان سابق على التمليك ابتداء واجازته للتمليك السابق فلا تغفل .
13 - قد مر غير مرة انه لا وجه لقياس الحكم الشرعي المجعول المتعلق بفعل الغير بالإرادة التكوينية التي هي من صفات المريد وغير قابلة لتعلق الجعل بها واما اشتراك الارادة التشريعية مع الارادة التكوينية في الاحكام فهو لو سلم فانما يسلم في الارادة التشريعية بمعنى الشوق المتعلق بفعل الغير لا في الارادة بمعنى اعتبار كون الفعل على ذمة الغير المعبر عنه بالوجوب الشرعي اذلا برهان يقتضى اشتراكه مع الارادة التكوينية في الاحكام بل البرهان قائم على خلافه على انه لا موجب للزوم الاشتراك في الارادة التشريعية بمعنى الشوق إلى فعل الغير ايضا وذلك لان تعلق الشوق إلى فعل نفس المشتاق مع فرض علمه بتوقف الفعل المشتاق إليه على فعل آخر يقتضى تعلق الشوق بما يتوقف عليه المشتاق إليه لا محالة وهذا بخلاف الشوق على فعل الغير إذا المفروض انه تحت اختيار الغير و صدوره انما يكون باختياره فلا موجب لتعلق الشوق بمقد ماته اصلا هذا مع ان اعتبار كون المقدمة على ذمة من اعتبر الفعل المتوقف عليها على ذمته مع فرض لزوم صدور المقدمة خارجا لتوقف الواجب النفسي عليها لغو محض ولا يصح صدوره من الحكيم واما دعوى ان تعلق الوجوب بها قهري وخارج عن اختيار المولى ومعه لا مجال لدعوى اللغوية كما افيد في المتن فهي على تقدير تسليمها تختص بالإرادة التشريعية واما الوجوب الشرعي ال ذي هو من افعال المولى وتحت اختياره فلا معنى لدعوى كونه قهريا وصادرا بغير الاختيار وعلى ما ذكرناه فالصحيح ان المقدمة لا تتصف بالوجوب المولوي اصلا واما ما ورد من الاوامر المتعلقة بالمقدمات فهى محمولة على الارشاد إلى الشرطية والمقدمية أو على التأكيد كما ان الامر كذلك في الاوامر المتعلقة بأجزاء الواجب النفسي بعد ما عرفت سابقا من استحالة اتصافها بالوجوب الغيرى .
14 - قد مر تحقيق الحال في ذلك في محله فراجع .
15 - قد عرفت فيما مران تقييد متعلق الامر بقيد لا يستلزم تعلق الامر بذات القيد والا لزم انقلاب الشرط جزء وتفصيل الكلام في محله .
16 - الظاهران مراد صاحب المعالم من ارادة ذي المقدمة المشروط بها وجوب المقدمة هو القصد والعزم على اتيان ذي المقدمة بعد الاتيان بمقدمته فلا مانع من اشتراط وجوبها بإرادته مع قطع النظر عن الاشكال الاول الوارد عليه كما افيد في المتن.
17 - قد افاد بعض المحققين من مشايخنا العظام قدس الله اسرارهم في توجيه كون الواجب عنوان المقدمة ما حاصله ان المقدمة إذا كانت واجبة بحكم العقل فمتعلق الوجوب الغيرى انما يكون هو عنوان المقدمة لا ذاتها لان الجهات التعليلية في الاحكام العقلية جهات تقييدية ضرورة ان حكم العقل باستحالة شيء لاستلزامه الدور مثلا حكم باستحالة الدور حقيقة كما ان حكمه بحسن ضرب اليتيم للتأديب حكم بحسن التأديب في نفس الامر وعلى ذلك فحكم العقل بوجوب شيء لكونه مقدمة للواجب حكم بوجوب عنوان المقدمة قهرا وبما ان متعلق الوجوب لابد من ان يكون امرا اختياريا لاستحالة جعل الداعي إلى غير المقدور سواء في ذلك كون الواجب توصليا وكونه تعبديا لابد من ان يكون عنوان المقدمة مقصودا في وقوع المقدمة في الخارج على صفة الوجوب فما لم يقصد عنوان المقدمة لا تقع المقدمة في الخارج على صفة الوجوب ومن الواضح ان قصد عنوان المقدمة هو بنفسه قصد الواجب النفسي والعزم على اتيانه و حينئذ لا يرد على ذلك ما افيد في المتن من عدم اندفاع اشكال امتناع التفكيك بين وجوب ذي المقدمة ووجوب مقدمتها في الاطلاق والاشتراط بذلك إذا المفروض حينئذ ان القيد اعني به قصد التوصل إلى الواجب النفسي قيد للواجب لا للوجوب والتحقيق في المقام هو ان ما افيد وان كان صحيحا في الاحكام العقلية الا ان الوجوب المبحوث عنه في المقام شرعي لا عقلي نعم الحاكم بالملازمة بين الوجوب النفسي والغيري هو العقل فالعقل بعد استقلاله بالملازمة المزبورة يستكشف وجوبا شرعيا متعلقا بالمقدمة حين تعلق الوجوب النفسي بما يتوقف عليها فعنوان المقدمية متمحضة في كونها جهة تعليلية فالمغالطة انما نشأت من خلط الحكم الشرعي المستكشف من حكم عقلي بالحكم العقلي الثابت لشيء لجهة تعليلية ومن الواضح ان كون الجهات التعليلية في الاحكام العقلية جهات تقييدية اجنبي عن كون الجهات التعليلية في الاحكام الشرعية ولو كانت مستكشفة من طريق العقل جهات تقييدية وما نحن فيه انما هو من قبيل الثاني دون الاول.
18 - قد مر الكلام آنفا في كون العنوان المقدمة جهة تقييدية وعد مه فلا نعيد .
19 - لا يخفى ان ترتب احد الخطابين على عصيان الاخر وان كان في نفسه مما لا مناص عن الالتزام بإمكانه ووقوعه على ما سيجيئ بيانه في محله الا انه لا يمكن الالتزام به في محل الكلام وهو توقف الواجب الفعلي على مقدمة محرمة في نفسها وذلك لان لازم الالتزام بالترتب في المقام هو الالتزام بكون العصيان المتأخر اعني به عصيان الواجب في ظرفه وبعد الاتيان بمقدمته شرطا لحرمتها في ظرف الاتيان بها ومن الواضح استحالة ذلك سواء قلنا باستحالة تأخر الشرط مطلقا كما عليه شيخنا الاستاد (قدس سره) ام قلنا بجوازه في غير المقام كما هو المختار عندنا وجه وضوح الاستحالة ان حرمة المقدمة إذا كانت مشروطة بعصيان الواجب المتوقف عليها فجوازها يتوقف على الاتيان به لا محالة ولا زم ذلك توقف وجوب ذي المقدمة على الاتيان به لان وجوبه يتوقف على القدرة عليه المتوقفة على جواز مقد مته المتوقف على الاتيان به على الفرض وهذا طلب الحاصل وهو مستحيل وايضا ان اشتراط حرمة المقدمة بعصيان الواجب المتوقف عليها يستلزم جواز ترك الواجب النفسي من غير عذر لان المفروض كون المقدمة محرمة في فرض ترك الواجب النفسي فلا يكون الواجب مقدورا حينئذ فلا يقع تركه محرما ومبغوضا من المكلف وسيأتى عند ما يتعرض شيخنا الاستاد (قدس سره) لا مكان الترتب في محل الكلام ما يتضح به ذلك انشاء الله تعالى (والتحقيق) ان يقال انه إذا وقعت المزاحمة بين وجوب الواجب الفعلي وحرمة مقد مته فغاية ما يقتضيه التزاحم هو سقوط الحرمة عن المقدمة الموصلة واتصافها بالجواز فعلا على القول بعدم وجوب المقدمة واتصافها بالوجوب الغيرى على القول بوجوبها واما المقدمة غير الموصلة فلا موجب لرفع اليد عن حرمتها اصلا فجواز المقدمة بالفعل أو وجوبه الغيرى لا يتوقف على الاتيان بالواجب في ظرفه ليلزم ما ذكر من المحذورين بل هو مطلق غير مشروط وانما الجائز مقدمة خاصة وهى الموصلة وهى مقدورة للمكلف على الفرض وسيجيئ بعيد هذا انه لا مناص عن الالتزام باختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة الموصلة على القول بوجوب المقدمة شرعا.
20 - لا يخفى ان اعتبار الايصال قيدا في متعلق الوجوب الغيرى لا يستلزم كون الواجب النفسي مقدمة للمقدمة وانما يستلزم كونه مقدمة للواجب الغيرى ما هو كذلك فان المفروض كون الايصال قيدا لمتعلق الوجوب الغيرى لا مقوما لذات ما هو مقدمة في الخارج نعم لازم ذلك الاتصاف الواجب النفسي بالوجوب الغيرى المتعلق بالمقدمة المقيدة بالإيصال لكنه ليس فيه محذور الا توهم اجتماع المثلين اعني به اجتماع الوجوب الغيرى والنفسي وقد مر فيما تقدم انه لابد من الالتزام بتأكد الحكم في امثال ذلك واما ما افيد في المتن من ان اتصاف ذي المقدمة بوجوب ناشئ من وجوب مقدمته يستلزم الدور فيرد عليه ان وجوب المقدمة انما نشأ من الوجوب النفسي المتعلق ب ذي المقدمة ومن الواضح ان اخذ قيد الايصال في متعلق الوجوب الغيرى لا يستلزم ترشح ذلك الوجوب من وجوب المقدمة وانما المترشح منه وجوب آخر غيرى متعلق بما هو متعلق الوجوب النفسي فلا دور (والتحقيق) ان القول باختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة الموصلة لا يقتضى اعتبار الواجب النفسي قيدا للواجب الغيرى اصلا فان الغرض من التقييد بالا يصال ليس الا الاشارة إلى ذات المقدمة التي تقع في سلسلة علة وجود الواجب النفسي فالقائل باختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة الموصلة انما يدعى الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدماته الملازمة له في الوجود واما المقدمات المفارقة له في الوجود فلا مقتضى لا يجابها اصلا وستعرف انه بناء على ثبوت الملازمة لا مناص عن اختيار هذا القول ومن هذا البيان يظهر الجواب عما افيد في المتن ايضا من استلزام القول بالاختصاص المزبور التسلسل فانك قد عرفت ان الايصال لم يعتبر قيدا زائدا في متعلق الوجوب الغيرى لتكون ذات المقدمة مقدمة لتحقق الواجب الغيرى في الخارج بل الغرض من التقييد انما هو الاشارة إلى ذات ما هو متصف بالوجوب الغيرى فلا اشكال.
21 - لا يخفى ان الحصر المذكور غير حاصر لا مكان ان يكون ملاك الوجوب الغيرى هو خصوص التوقف على ما يكون توأما وملازما لوجودي ذي المقدمة في الخارج من جهة وقوعه في سلسلة مبادى وجوده بالفعل فيختص الوجوب الغيرى حينئذ بالموصلة ولا يعم غيرها بل التحقيق انه لا مناص عن الالتزام بذلك بناء على ثبوت الملازمة بين الوجوبين فان صريح الوجدان شاهد بان من يطلب شيئا لا غرض له في ايجاب بين المقدمات المفارقة لذلك الشيء في الوجود فلا موجب لتعلق شوقه وطلبه به اصلا واما دعوى ان الغرض من ايجاب المقدمة هو التمكن من وجود ذي المقدمة وهو مترتب على وجد مطلق المقدمة لا على خصوص الموصلة منها فيردها ان التمكن من ذي المقدمة انما هو من لوازم التمكن من المقدمة وليس مما يترتب على وجودها خارجا فتوقف وجود الواجب على وجود لا يقتضى طلب ذلك الوجود المفارق لوجود الواجب في الخارج فالطلب الغيرى بناء على ثبوت الملازمة يتعلق بخصوص ما يقع في سلسلة مبادى المطلوب النفسي بالفعل ومن تأمل في مرتكزاته الوجدانية يجد صدق ما ادعيناه بلا حاجة إلى اقامة برهان ومزيد بيان .
22 - اراد (قدس سره) بذلك الزام صاحب الفصول (قدس سره) بجعل القيد اعني به الايصال قيدا لوجوب المقدمة بتقريب ان الايصال لا يمكن ان يكون قيدا للواجب لما افاده من المحاذير المترتبة عليه فعلى تقدير اعتباره لابد من ان يكون قيد أو شرطا للوجوب وهو يستلزم شرطية المتأخر للمتقدم التي مر الكلام فيها مفصلا وانت بعد ما عرفت امكان اختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة الموصلة تعرف انه لا موجب لكون الايصال شرطا لوجوب المقدمة ليلزم من الالتزام باعتبار الايصال في اتصاف المقدمة بالوجوب الالتزام بالشرط المتأخر بل قد عرفت فيما تقدم استحالة كون الايصال المتأخر شرطا لوجوب المقدمة و ان قلنا بجواز تأخر الشرط في نفسه كما هو المختار عندنا لان لازم ذلك ان يكون وجوب الواجب النفسي الفعلي المتوقف على مقدمة محرمة في نفسها مشروطا بالإتيان به وان يجوز تركه من غير عذر وكلاهما مستحيل .
23 - سيجيئ في محله ان اعتبار المهية مطلقة أو مقيدة وان كان خارجا عن حريم المعنى الا ان الجامع بين اعتبار المهية مطلقة أو مخلوطة أو مجردة المعبر عنه باللابشرط المقسمي ليس بموضوع له ايضا بل الموضوع له الالفاظ هي المهية المبهمة عن جميع الاعتبارات اللاحقة لها وانتظر لذلك مزيد بيان في بحث المطلق والمقيد انشاء الله تعالى .
24 - قد ذكرنا غير مرة ان الاهمال في الواقعيات غير معقول وان استحالة التقييد بشيء تستلزم كون الاطلاق أو التقييد بخلاف ذلك القيد ضروريا وبما ان تخصيص الوجوب بغير المقدمة الموصلة مستحيل لا مناص في المقام عن اختصاص الوجوب الموصلة كما هو المختار عندنا على تقدير القول بوجوب المقدمة أو كون المطلق المقدمة واجبة كما ذهب إليه المحقق الأنصاري (قدس سره) وعلى كل تقدير فلا وجه لما افاده المحقق صاحب الحاشية وارتضاه شيخنا الاستاد (قدس سره) ما اصلا .
25 - ما اورده شيخنا الاستاد على صاحب الحاشية (قدس سره) ما في المقام من استحالة تعلق خطابين بشيء واحد على نحو الترتب وان كان في غاية المتانة كما سيتضح الحال في ذلك في بحث الترتب انشاء الله تعالى الا ان ما افاده من اشتراط حرمة المقدمة بعصيان الواجب المتوقف عليها لا يمكن تعقله ايضا لما عرفت من ان لازم ذلك اشتراط وجوب الواجب بالإتيان به وجواز ترك الواجب من غير عذر فلا مناص عن الالتزام بارتفاع الحرمة عن المقدمة الموصلة وبقاء غيرها على حرمته سواء في ذلك القول بوجوب المقدمة والقول بعدمه .
26 - وستعرف في محله انشاء الله تعالى انه لا ثمرة حتى القول بكون ترك احد الضدين مقدمة لوجود الاخر ايضا فجعل فساد العبادة المضادة للواجب الفعلي ثمرة للقول بوجوب المقدمة فاسد من اصله .
27 - تقدم في محله ان الاطاعة لا تدور مدار الامر النفسي نعم المعصية انما تدور مداره و يك في ذلك في بطلان الثمرة المزبورة .
28 - لا يخفى ان المعنى المعبر عنه بالمصدر تارة وباسم المصدر اخرى معنى واحد ذاتا و وجودا والفرق بين المصدر واسم المصدر انما هو بمجرد الاعتبار فلا معنى لتعلق الوجوب تارة بالمعنى المصدري واخرى بمفاد اسم المصدر بل المطلوب في جميع الواجبات وجود الفعل الخاص الصادر من المكلف لكن تعلق الالزام به لا يوجب سلب المالية عن العمل أو المال الخارجي فان قام دليل من اجماع وغيره على عدم جوازه اخذ الاجرة على واجب بالخصوص ولزوم الاتيان به مجانا فهو والا فمقتضى القاعدة هو جواز اخذ الاجرة على جميع الواجبات سواء كان الواجب عينيا ام كان كفائيا وسواء كان مما تدخله النيابة ام لم يكن كذلك واما توهم منافاة كون الواجب عبادة لجواز اخذ الاجرة عليه فهو على تقدير تسليمه يختص بالواجبات العبادية ويعم المستحبات ايضا ولا يكون له مساس بالجهة التي نتكلم فيها في المقام وقد تعرضنا لدفعه في محله مفصلا.
29 - قيام الدليل على عدم جواز اخذ الاجرة على واجب نفسي والغاء الشارع ماليته لا يلازم عدم جواز اخذ الاجرة على مقدمته ايضا فلابد في اثبات عدم جوازه ايضا من التماس دليل آخر غير ما دل على عدم جواز اخذ الاجرة على ما يتوقف عليها فلا لما افاده شيخنا الاستاد (قدس سره) من كون المقدمة تابعة للواجب النفسي المتوقف عليها في جميع ذلك .
30 - لا يخ في ان قصد الجهة انما يك في في صحة العبادة فيما إذا لم يكن في المأتى به جهة مفسدة غالبة على جهة مصلحة ضرورة انه لا يعقل ان يكون المبغوض بالفعل مقربا كذلك فما افيد في المتن من احتمال كفاية قصد الجهة في صحة العبادة ولو كانت محرمة ليس على ما ينبغى فالصحيح انه بناء على الامتناع لا مناص عن الالتزام بفساد العبادة المأتى بها مقدمة لواجب آخر من دون فرق بين القول بوجوب المقدمة وعدمه وبين القول بكفاية قصد الجهة في صحة العبادة وعدمه.
31 - لا يذهب عليك انه بناء على ثبوت الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته لا وجه لدعوى اختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة المباحة غير المجتمعة مع عنوان محرم بعد مشاركة غيرها اياها في ملاك الوجوب الغيرى ووفائه بالغرض الداعي إلى الايجاب فكما ان اجتماع الواجب النفسي مع عنوان محرم لا ينافي وقوعه على صفة المطلوبية بناء على جواز اجتماع الامر والنهى وعدم سراية النهى إلى متعلق الامر كذلك اجتماع الواجب الغيرى كالمسير إلى الحج مثلا مع عنوان مثلا مع عنوان محرم كالغصب لا ينا في وقوعه على صفة المطلوبية والفرق بين الواجب النفسي والغيري من هذه الجهة تحكم صرف وفرق بلا فارق ولكن التحقيق انه مع ذلك لا تصح الثمرة المزبورة فان العبادات التي تكون مقدمة لواجب آخر لا مناص عن الالزام فيها بتعلق الامر النفسي بها في حد انفسها كما عرفت تفصيل ذلك في محله وحينئذ فان بنينا على جواز الاجتماع الامر والنهى صحت تلك العبادات سواء في ذلك القول بوجوب المقدمة والقول بعد مه واما إذا بنينا على الامتناع وتقديم جانب الحرمة فلا مناص عن القول بفسادها سواء قلنا بوجوب المقدمة ام لم نقل به فلا ثمرة للقول بوجوب المقدمة من هذه الجهة اصلا.
32 - لا يخ في ان المقدمة التي يضطر مع ارتكابها المرتكب إلى الوقوع في الحرام وان كان الاتيان بها اختيارا مع العلم بترتب الحرام عليها موجبا لصحة العقاب على مخالفة الحرام في ظرفه لما عرفت من ان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا وان نافاه خطابا الا انه لا موجب لحرمة نفس المقدمة نفسية وكونها مبغوضة ولو بنفس المبغوضية الثابتة للحرام المترتب عليها نعم بناء على ثبوت الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته لا مناص عن القول بالملازمة بين مبغوضية الشيء ومبغوضية ما يتوقف الانزجار عنه على تركه ايضا لكن المبغوضية حينئذ مبغوضية غيرية لا يترتب عليها استحقاق العقاب اصلا.
33 - ما افيد في المتن من كون الحكم الثابت للفعل التوليدي ثابتا لما يتولد منه وان كان متينا جدا الا ان المثال المذكور فيه خارج عن هذا الباب وداخل فيما لا يتمكن المكلف فيه من ترك ذي المقدمة بعد الاتيان بمقدمته ضرورة ان جريان الماء على اجزاء البدن خارجا مغاير وجودا لجريانه على الارض المغصوبة وعليه فحرمة اجراء الماء على اجزاء البدن في المثال بناء على ثبوت الملازمة حرمة غيرية لا نفسية.
34- إذا كانت العلة المغيرة لمعلولها وجود فالقدرة على المعلول وان كان بتبع القدرة على - علته الا انه لا يوجب كون الحكم المتعلق به متعلقا بها وقد تقدم من شيخنا الاستاد (قدس سره) الاعتراف بذلك فيما تقدم.
35- يظهر منه (قدس سره) التسالم على حرمة المقدم في هذا الفرض وانما الكلام في منشأ الحكم بالحرمة وانه التجري والعزم على المعصية أو الملازمة بين حرمة الشيء وحرمة مقدمته مع ان لمنع حرمتها بناء على عدم حرمة قصد المعصية كما هو الظاهر مجالا واسعا فتحصل من جميع ما ذكرناه ان الحرمة الغيرية بناء على ثبوت الملازمة تختص بالمقدمة التي لا يتمكن المكلف من ترك الحرام بعدها واما غيرها من المقدمات فلا موجب لحرمتها الغيرية اصلا .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|