المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8195 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24

عيوب مذهب الاخراج المختلط
4-8-2020
تـجزئة السـوق Market Segmentation
3-10-2018
تخزين الحبوب والطرق الصحيحة لتخزين الحبوب والبقول
27-5-2019
Bowley Index
25-4-2021
المراة في العرب قبل الاسلام
8-11-2016
مـنحنى طلب المحتـكر
24-10-2018


تقسيمات المقدمة  
  
653   01:05 مساءاً   التاريخ: 3-8-2016
المؤلف : حسين البروجردي الطباطبائي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأصول
الجزء والصفحة : ج1. ص.143
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث العقلية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016 14146
التاريخ: 25-8-2016 2500
التاريخ: 25-8-2016 6060
التاريخ: 26-8-2016 1240

(فمنها) ان المقدمة قد تكون داخلية، وقد تكون خارجية، والمراد بالخارجية ما كانت مغايرة لذيها ماهية ووجودا، ولكن كانت في طريق وجوده كالوضوء بالنسبة إلى الصلاة، وبالداخلية ما كانت من اجزائه ومقوماته. (ثم انه) قد وقع البحث في المقدمة الداخلية من جهتين:

(الجهة الاولى) في تصوير مقدمية الاجزاء فقد يستشكل فيها بتقريب ان المقدمية عبارة عن كون احدا لشيئين محتاجا إليه في وجود الاخر والاحتياج اضافة بين شيئين ولا يمكن ان يعتبر بين الشيء ونفسه، واجزاء الشيء ليست الا نفسه (وبتقريب آخر) مقدمة الشيء عبارة عما يقع في طريق وجوده، والشيء لا يقع في طريق وجود نفسه. ونظير هذا الاشكال ،الاشكال الوارد على عد المادة والصورة من اجزاء العلة التامة، مع كون المعلول ايضا عبارة عن مجموع المادة والصورة.

واجاب عن الاشكال (في الكفاية) بان المقدمة هي نفس الاجزاء بالأسر، وذو المقدمة هو الاجزاء بشرط الاجتماع، (ثم قال): وبذلك ظهر انه لابد في اعتبار الجزئية من اخذ الشيء بل شرط، كما لابد في اعتبار الكلية من اعتبار اشتراط الاجتماع.

(اقول): لا يخفى عليك ان المقدمة الداخلية ليست عبارة عن الاجزاء بالأسر، بل هي عبارة عن كل واحد من الاجزاء بحياله واستقلاله. فالركوع مثلا مقدمة للصلاة، والسجود مقدمة اخرى لها، وهكذا، والاجزاء مقدمات للكل لا مقدمة له، إذ المقدمة كما قلنا عبارة عن موجود يحتاج إليه شيء آخر في وجوده، والاجزاء بما هي اجزاء ليست بموقوف عليها، وانما الموقوف عليه هو كل واحد منها، فكما ان طبيعة الانسان تصدق على زيد مستقلا وعلى عمرو مستقلا وعلى بكر كذلك ولا يمكن ان يقال (ان زيدا وعمروا وبكرا مصداق للانسان) بل كل واحد منهم مصداق بشخصه لما تقرر في محله من ان الطبيعي يتكثر بتكثر افراده، فكذلك عنوان المقدمة تصدق على كل واحد من الركوع والسجود والقراءة وهكذا، لا على الركوع والسجود والقراءة، فأنها مقدمات لا مقدمة ولا دليل على اعتبار التغاير بين مجموع المقدمات وذي المقدمة، وانما يعتبر التغاير بين كل مقدمة وذيها، فالركوع مقدمة للصلاة ومغاير لها، والسجود ايضا مقدمة ومغاير لها وهكذا، ولكن مجموع الركوع والسجود والقراءة وساير الاجزاء مقدمات وهى عين الصلاة. وبتقرير آخر الجزء فيما هو كثير حقيقة وواحد بالاعتبار كالصلاة مثلا، نظير البعض فيما هو واحد حقيقة وكثير بالاعتبار فالماء الموجود في الحوض مثلا موجود واحد ممتد حقيقة ولكن يمكن ان يعتبر له ابعاض يختلف كل منها مع الكل ومع ساير الابعاض، فالبعض الموجود منه في جانب المشرق إذا لوحظ بحياله وبحدوده مغاير للكل وللبعض الموجود منه في جانب المغرب مثلا، وكذلك البعض الموجود منه في طرف الجنوب إذا لو حظ بحياله مغاير للكل وللأبعاض الاخر.

 

وقد عرفت في مبحث المشتق ان كلما يتصور له أجزاء أو ابعاض فكل جزء أو بعض منه يمكن ان يلحظ بنحو الابهام في التحصل فلا يكون في هذا اللحاظ مغايرا للكل ولسائر الاجزاء أو الابعاض، ويمكن ان يلحظ تام التحصل فيختلف في هذا اللحاظ مع الكل ومع سائر الاجزاء والابعاض.

(وبالجملة) ماء الحوض (مع وحدته وبساطته) يمكن ان يعتبر له ابعاض يغاير كل منها مع الكل ومع ساير الابعاض وان كان المجموع عين الكل، فإذا عرفت حال الواحد الحقيقي فقس عليه الواحد الاعتباري كالصلاة مثلا، فانها وان كانت عبارة عن متكثرات في الوجود بحيث يمتاز كمل منها من غيره ولكنه قد لوحظت هذه المتكثرات بنظر الوحدة واعتبرها الآمر موجودا واحدا من جهة اشتمالها على غرض واحد، وكل واحد من هذه المتكثرات جزء وبعض له، ويخالف وجود الكل إذا لوحظ هذا الجزء موجودا بحياله، ويكون وجود هذا الواحد الاعتباري محتاجا إلى وجود هذا الجزء، فيكون الجزء مقدمة من مقدماته.

(والحاصل) ان الجزء الذى يطلق عليه المقدمة هو الذى تألف منه ومن غيره الكل فالكل محتاج والجزء محتاج إليه فتميز المحتاج من المحتاج إليه. (1)

(الجهة الثانية) هل المقدمة الداخلية واجبة بالوجوب النفسي الضمني الانبساطي، أو بالوجوب الغيرى، أو بهما معا؟ في المسألة اقوال، اجودها الاول لما مر (في مبحث الصحيح والاعم) من ان الوجوب وان كان واحدا حقيقة، ولكنه يتبعض بتبعض متعلقه، وينبسط على اجزائه: ومرتبة الوجوب النفسي متقدمة على الوجوب الغيرى، لكونه من ترشحاته، وعلى هذا فلا يبقى موضوع للوجوب الغيرى.

(واردء الاقوال ثانيها)، إذ الكل ليس الانفس الاجزاء، فلو فرض كون كل واحد من الاجزاء واجبا بالوجوب الغيرى فقط لم يبق موضوع للوجوب النفسي حتى يترشح منه الواجبات الغيرية. (ومن التقسيمات) (التي ذكروها ايضا للمقدمة) انها اما عقلية ان امتنع وجود ذي المقدمة بدونها عقلا كالعلة بالنسبة إلى المعلول، واما شرعية ان امتنع وجوده بدونها شرعا كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة، واما عادية ان امتنع وجوده بدونها عادة كنصب السلم بالنسبة إلى الصعود.

(اقول): الظاهر رجوع الاخيرين ايضا إلى الاول، (اما الشرعية) فلان امتناع وجود شيء بدون شيء آخر (الذى هو ملاك المقدمية) ليس امرا قابلا للجعل، بان يكون الصلاة مثلا بما لها من الاثار والغايات في نفس الامر امرا يتحقق بحسب الواقع بدون الطهارة ايضا ومع ذلك يحكم الشارع تعبدا بامتناع وجودها بدونها، وعلى هذا فحكم الشارع بامتناع الصلاة بدون الطهارة مثلا اما من جهة انه اخذها قيدا للصلاة حين الامر بها، لدخالة لها في المصلحة المترقبة منها، واما من جهة ان عنوان الصلاة كانت بحسب الواقع عنوانا بسيطا تنتزع عن الافعال المخصوصة، وكان انطباقها عليها في نفس الامر متوقفا على الطهارة فكشف الشارع عن ذلك، وعلى كل الوجهين تكون دخالة الطهارة عقلية، اما على الثاني فواضح، واما على الاول فلان استحالة وجود المقيد بدون قيده تكون عقلية.

(واما) رجوع المقدمة العادية إلى المقدمات العقلية فلان نصب السلم مثلا من المقدمات العقلية للصعود بالنسبة إلى من لا يقدر على الطيران وامثاله، لامتناع وجوده بدونه بالنسبة إلى هذا الشخص، ولا مقدمية له اصلا بالنسبة إلى من يقدر على الطيران أو غيره (ومن التقسيمات ايض) تقسيمها إلى مقدمة الوجود، ومقدمة الصحة، ومقدمة الوجوب، ومقدمة العلم. (ولا يخفى) رجوع مقدمة الصحة إلى مقدمة الوجود، اما على الصحيحي فواضح، واما على القول بكون الاسامي موضوعة للأعم فلان الكلام في مقدمات ما هو الواجب والمأمور به وهو اخص من الموضوع له.

(ولا اشكال) ايضا في خروج مقدمة الوجوب من محل النزاع، إذ المقدمة التي يتوقف عليها الوجوب، قبل وجودها لا وجوب لذيها حتى يترشح منه إليها، وبعد وجودها لا معنى لوجوبها. (واما مقدمة العلم) فهى ايضا خارجة من محل النزاع، لعدم كونها ذيه (اعني العلم) واجبا شرعيا حتى يترشح الوجوب منه إليها، فالوجوب فيها وجوب عقلي من باب حكمه بوجوب الاطاعة.

(ومن التقسيمات ايضا) تقسيمها إلى ما تكون متقدمة بحسب الزمان على ذيها، وما تكون متأخرة عنه، وما تكون مقارنة له. فمن امثلة المتقدمة العقد في الوصية والصرف والسلم، بل غالب الاجزاء من كل عقد. ومن امثلة المتأخرة اغسال الليلة اللاحقة المعتبرة (عند بعض) في صحة صوم المستحاضة في اليوم السابق، ومثلها الاجازة المتأخرة في عقد الفضولي (بناء على الكشف)، وهكذا قدرة المكلفين التي هي من الشرائط العامة لصحة التكليف، فان ما يكون شرطا للتكليف انما هي القدرة حين العمل وهى متأخرة عن التكليف، لا القدرة حين التكليف، ضرورة عدم جواز تكليف من يقدر حين التكليف ويعجز وقت العمل وجواز العكس. (ثم انه) ربما يستشكل في المقدمة المتأخرة بتقريب ان المقدمة من اجزاء العلة، ولابد من تقدمها بجميع اجزائها على المعلول، وعلى هذا فكيف يتصور مقدمية الامر المتأخر؟ بل قال (في الكفاية): بورود الاشكال في الشرط والمقتضى المتقدمين زمانا المتصرمين حين الاثر ايضا، كالعقد في الوصية وامثالها بل غالب الاجزاء في كل عقد.

(ثم قال رحمه الله ) في مقام الجواب عن الاشكال (ما حاصله): ان الموارد التي توهم فيها انخرام القاعدة العقلية لا تخلو من اقسام ثلاث فان المتقدم أو المتأخر اما ان يكون شرطا للتكليف كالقدرة مثلا، أو لأمر وضعي كالإجازة في الفضولي، أو للمأمور به كالأغسال الليلية في صوم المستحاضة. (اما في شرائط التكليف) فالمتقدم أو المتأخر ليس بوجوده الخارجي شرطا لصحة التكليف، وانما الشرط (في صحته) لحاظ، كالشرط المقارن بعينه.

(وبالجملة) معنى شرطية شيء للتكليف مقارنا كان أو غير مقارن ليس الا ان للحاظه ووجوده الذهني دخلا في حصول الداعي إلى الامر أو النهى، واللحاظ مقارن للتكليف وان كان الملحوظ غير مقارن. (وكذا الحال) في شرائط الوضع، فان الامور الوضعية كالملكية مثلا لما كانت امور اعتبارية وانتزاعية فلا محالة يمكن دخالة امور متأخرة في اعتبارها وانتزاعها، وليس معنى ذلك الا ان للحاظ هذه الامور دخلا في اعتبارها، فالملكية مثلا انما يعتبره الشارع والعقلاء بعد لحاظهم تحقق الاجازة ولو في زمان متأخر.

(واما شرائط المأمور به) فمعنى كون شيء شرطا له ليس الا كونه دخيلا في صيرورة المأمور به معنونا بعنوان، به يكون حسنا ومتعلقا للإرادة، وكما يمكن ان يصير الشيء بسبب اضافته إلى امر مقارن معنونا بعنوان حسن، فكذلك يمكن ان يصير بسبب اضافته إلى امر متقدم أو متأخر معنون فعلا بعنوان حسن موجب لإرادته والامر به، فمن يمشى بقصد استقبال زيد مثلا انما ينطبق على مشيه عنوان الاستقبال فعلا إذا كان بحسب الواقع يتحقق مجيء زيد في الغد. واختلاف العناوين باختلاف الاضافات كاختلاف الحسن والقبح باختلاف العناوين مما لا شك فيه ولا شبهة تعتريه. (انتهى)

(اقول): الاولى ان نذكر لتنقيح المقام مقدمة لا تخلو بنفسها من الفائدة، وهى ان الاصوليين قسموا المقدمة بتقسيم آخر إلى السبب والشرط والمعد وعدم المانع، وقالوا في تعاريفها: ان السبب ما يلزم عن عدمه العدم ومن وجوده الوجود، والشرط ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود، والمعد ما يلزم من عدمه ووجوده الوجود، والمانع ما يلزم من وجوده العدم. (وبعبارة اخرى) ما توقف عليه الشيء اما ان يكون مؤثرا في وجود المتوقف ويكون منه وجوده، واما ان يكون مؤثرا في قابلية المتوقف للوجود لا في اصل وجوده فالأول هو السبب، والثاني اما ان يكون امرا وجوديا فهو الشرط، أو عدميا فعدم المانع، أو مركبا منهما فهو المعد، هذا ما قالوه. (والظاهر) وجود التنافي بين تعريفي السبب، فان ما منه الوجود (كما في التعريف الثاني) هو المقتضى، وهو لا يلزم من وجوده الوجود وان كان يلزم من عدمه العدم، وما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم (كما في التعريف الاول) هو العلة التامة، وهى ليست بجميع اجزائها مؤثرة في الوجود وفاعلة له وانما المؤثر هو المقتضى فقط.

اللهم الا ان يراد من السبب المقتضى فقط ولكن لا مطلقا، بل في ظرف وجود الشرط وعدم المانع فينطبق عليه التعريفان ، وهيهنا امور يجب ان ينبه عليها :

(الاول) ان في عد عدم المانع من المقدمات نحو مسامحة، ومثله العدم الذى هو جزء من المعد، فان العدم بما هو عدم لا يؤثر ولا يتأثر، ولكنهم لما رأوا ان وجود بعض الاشياء يدفع تأثير المقتضى سامحوا فعدوا عدمه من المقدمات، وكذلك العدم في المعد فانهم حيث رأوا ان الجزء الاول من الحركة ما لم ينعدم لم يوجد الجزء الاخر الموصل إلى المقصود، فلا محالة ألجأهم ذلك إلى عد عدمه من المقدمات.

(الثاني) لا يبعد ان يقال بكون المعد من اقسام الشرط، فان الشيء الوجودي المؤثر في قابلية شيء آخر للوجود اما ان يكون من الامور المتصرمة واما ان لا يكون كذلك، فاصطلحوا على تسمية القسم الاول معدا وذلك كالحركة (أي نحو منه كانت)، فان حركة الثمرات مثلا من اول كونها في الاكمام إلى زمن ايناعها بالحركة الكمية أو الكيفية أو نحوهما ايضا من المعدات للمرتبة الاخيرة.

(الثالث) ان تقسيمهم للمقدمة لما كان في مبحث اثبات الوجوب لها، فمن اجل ذلك مثلوا للمقدمة السببية بالفعل الاختياري الذى يتولد منه قهرا فعل آخر مثل حركة اليد المولدة لحركة المفتاح، فان الفعل الغير الاختياري لا معنى للبحث عن وجوبه.

(الرابع) ان الصادر عن الفاعل في الافعال التوليدية هل هو فعل واحدا وفعلان؟

(يمكن ان يقال): انه فعل واحد لصدور السبب والمسبب عن ارادة واحدة سواء تعلقت بالسبب كما إذا اراد تحريك يده من غير التفات إلى كون المفتاح في يده فتحرك بتبعها، أو تعلقت بالمسبب كما إذا اراد تحريك المفتاح من غير التفات تفصيلي إلى حركة اليد، وعلى هذا فلا مجال للبحث عن الوجوب المقدمي في الافعال التوليدية، لتوقفه على كون المقدمة وذيها فعلين حتى يترشح الوجوب من الثاني إلى الاول.

(ويمكن ان يقال ايضا): ان الصادر عنه فعلان، فان الحركة القائمة باليد امر موجود مغاير للحركة القائمة بالمفتاح، وتعدد الوجود مساوق لتعدد الايجاد والاصدار، لكون الايجاد عين الوجود، وتغايرهما بالاعتبار، فان الوجود الواحد إذا نسب إلى القابل سمى وجودا، وإذا نسب إلى الفاعل سمي ايجادا، وذلك لوضوح انه ليس سوى وجود العلة ووجود المعلول وجود ثالث بينهما يسمى بالإيجاد، هذا. (والاحتمال الثاني) اقوى من الاول كما لا يخفى.

(الخامس) انه وقع بين الاصوليين نزاع في انه هل يجوز ان يؤمر المكلف بالمسببات أو لا يجوز بل الواجب تعلق الامر بأسبابها حتى انه إذا فرض تعلقه بحسب الظاهر بالمسبب فهو بحسب الحقيقة متعلق بالسبب؟ (ولا يخفى) ان النزاع في ترشح الوجوب من ذى المقدمة إلى المقدمة (في المقدمات السببية) انما هو على الاول دون الثاني.

(واستدل) لعدم الجواز بوجهين:

(الاول) ان المسبب غير مقدور للمكلف، ول يجوز التكليف بغير المقدور.

(الثاني) ان المكلف به يجب ان يكون فعلا من افعال المكلف، وحركة المفتاح مثلا ليست من افعاله، وما هو فعل له عبارة عن السبب (اعني حركة اليد).

(والجواب) اما عن الاول فبان المقدور بالواسطة ايضا مقدور، إذ كل واحد من وجوده وعدمه باختيار المكلف (واما عن الثاني) فبانا لا نعنى بالفعل الا ما يكون صادرا عن المكلف بحيث لولا اصداره له لما وجد، فلو لم يحرك المكلف يده مثلا لم تحرك المفتاح ولا انفتح الباب، فحركة المفتاح وانفتاح الباب كلاهما فعلان اختياريان للمكلف، غاية الامر كونهما مع الواسطة، هذا، (مضافا) إلى انه لم يرد آية ولا رواية على ان المأمور به يجب ان ينطبق عليه عنوان الفعل، وانما الذى يجب (بحكم العقل) هو ان يكون وجود المأمور به مستندا إلى ارادة المكلف واختياره بحيث ان اراد ايجاده وجد وان اراد تركه لم يوجد، وهيهنا كذلك (وربما يفصل) في المسألة بين ما إذا توسط ارادة من الغير بين وجود السبب ووجود المسبب وبين ما لم تتوسط، ففي الاول ان ورد أمر بالمسبب فهو أمر بالسبب حقيقة بخلاف الثاني، مثال الاول ما إذا كلف زيد من طرف مولاه بإلقاء عمرو في المسبعة أو بتسليمه إلى ظالم ليقتله، فان ارادة السبع أو الظالم تتوسط في هلاك عمرو فان تعلق الامر ظاهرا بهلاك عمرو بهذه الكيفية فهو متعلق بالسبب حقيقة، وهو الالقاء أو التسليم، ومثال الثاني حركة اليد وحركة المفتاح.

 (وهذا التفصيل) ايضا خلاف التحقيق، فالأقوى ان المسببات يجوز ان تكون مامورا به مطلق.

(فتخلص مما ذكرنا) ان المسبب في الافعال التوليدية فعل للمكلف، وانه يمكن تعلق الوجوب به، وانه يترشح الوجوب منه إلى السبب ان قلنا بوجوب مقدمة الواجب.

(ولا فرق) في ذلك بين ان يكون المسبب صادرا عن المكلف بواسطة واحدة أو يكون صادرا عنه بوسائط، بل وان صار المكلف حين وصول اثره إلى الهدف ميتا، كما إذا رمى زيد سهما من القوس بقصد قتل عمرو ثم مات زيد قبل وصول سهمه إلى الهدف، فحركة اليد فعل لزيد بلا واسطة، وخروج السهم من القوس، وحركته في الجو، ووصوله إلى عمرو، وزهاق روح عمرو، كله افعال اختيارية له مع الواسطة، فان كان ازهاق روح عمرو واجبا عليه كان تحريك اليد وساير الوسائط مقدمات سببية لذلك الواجب، وترشح الوجوب عليها ان قلنا بوجوب المقدمة (وقد ظهر) لك ايضا ان مراد الاصوليين من المقدمات السببية هذا القسم من الاسباب (اعني الاسباب للأفعال التوليدية).

(السادس) ان من احكام العلة التامة واجزائه تقدمها على المعلول رتبة، وملاك التقدم (في العلة التامة) هو وجوب الوجود بمعنى ان العقل لا يحكم بضرورة وجود المعلول الا وهو يحكم في هذه الرتبة بضرورة وجود العلة ايضا فيقال وجبت العلة فوجب المعلول ولكنه يحكم بضرورة وجود العلة في رتبة من دون ان يحكم (في هذه الرتبة) بضرورة وجود المعلول، وملاك التقدم (في اجزاء العلة) هو نفس الوجود بمعنى انه لا يحكم بوجود المعلول الا انه يحكم (في هذه الرتبة) بوجود المقتضى أو الشرط مثلا (وبالجملة) ما هو مقتضى العلية هو تقدم العلة التامة واجزائها على المعلول تقدما طبعيا ورتبيا، وهذا من غير فرق بين الموجودات الزمانية والموجودات الخارجة من وعاء الزمان واما اقتضاء العلية لكون العلة واجزائها متقدمة بالزمان على المعلول فغير معلوم، نعم لما كانت العلة التامة ما عنه يفيض المعلول وهو فيض لها كان انفكاكه منها غير جايز فهي مقارنة لمعلولها زمانا (واما الشرط) مثل فأي دليل على عدم جواز تقدمه أو تأخره زمانا. (2)

(وقد تبين لك) آنفا ان الاسباب في الافعال التوليدية يجوز تقدمها على المسببات، كم في مثال رمى السهم الواصل إلى الهدف (الذى اريد قتله به) بعد مدة من الزمان.

(والحاصل) ان اقتضاء العلية لكون جزء العلة مقارنا للمعلول بحسب الزمان غير معلوم، ومن اين ثبت عدم جواز تقدمه أو تأخره؟ الا ترى (في العلة الغائية) انها متأخرة عن معلولها، ومع ذلك لم تخرج من كونها علة. (فان قلت) ليست العلة الغائية بوجوده الخارجي علة، بل بوجودها العلمي، ولذا لو تخيل احد ترتب غاية على فعله لأثر هذا الخيال في صدور الفعل عنه، وان انكشف بعد حصوله ان الغاية المتخيلة لا تترتب عليه.

(قلت): ليس العلم بالغاية بما هو علم بها مؤثرا في وجود الفعل، بل بما هو طريق إليها ومرآة لها (3) والشاهد على ذلك ان المؤثر في فعل الحكيم العالم بالعواقب الذى لا يتصور في علمه مخالفة الواقع هو نفس الغاية لا علمه بها بما هو علم وصفة كمال لذاته.

(والحاصل) انه قد ظهر لك مما ذكرناه عدم ورود اشكال في الشرط المتقدم أو المتأخر بحسب الزمان، فان الذى يعتبر فيه هو التقدم الرتبي لا غير.

(نعم) يعتبر في العلة التامة فقط تقارنها مع المعلول زمانا كما عرفت. (ولو سلم) لزوم التقارن في الشروط ايضا فنحن ايضا في مخلص من اشكال الشرط المتقدم أو المتأخر، (وتفصيل ذلك) هو ان يقال: اما في شرائط التكليف فالحق في كل ما توهم شرطيتها له انها ليست بشرائط وجوده بان يكون التكليف معلولا وهذه من اجزاء العلة لوجوده، بل الحق فيه انه من قيود الموضوع في قضية من احكام العقل، يكون موضوعها التكليف، ومحمولها الامكان بمعنى ان العقل يحكم بان التكليف الصادر عن المولى متعلقا بالمكلف المميز القادر ممكن، وغير هذا القسم من التكليف غير ممكن، فالقدرة والتميز ليسا من شرائط وجود التكليف، بل هما قيدان له بما انه يكون موضوعا لحكم العقل عليه بالإمكان، وكما يجوز ان يكون قيد الموضوع في قضية مقارنا له بحسب الوجود يجوز ايضا ان يكون متأخرا عنه أو متقدما عليه، إذ الفرض انه ليس من اجزاء العلة لوجود الموضوع حتى يجب تقارنه له، بل من قيوده بما هو موضوع لما حكم عليه في القضية.

(والحاصل) ان هذه الشروط ليست بشرائط لوجود التكليف، بل لإمكانه الذى هو من الاعتبارات العقلية، (4) وحينئذ فاين انخرام القاعدة العقلية مع ان موردها على فرض تسلمها اجزاء علة الوجود؟ هذا في شرائط التكليف. (واما شرائط المكلف به) فهي على قسمين :

(الاول) ما يكون قيدا للمأمور به بما هو مأمور به بنحو يكون التقيد داخلا والقيد خارجا، وهذا انما يتصور فيما إذ كان ذات المأمور به شيئا يحصل ويتحقق بدون هذا القيد ايضا، ولكن لم يكن بأطلاقه مأمورا به بل امر به مقيدا بهذا القيد، سواء كان مقارنا له أو متقدما عليه أو متأخرا عنه وذلك كالصلاة مثلا ان قلنا بانها شيء يتحقق ويوجد بنفس اجزائها، ولو كانت فاقدة لشرائطها: من الوضوء والغسل ونحوهما، ولكن الشارع لم يأمر بها بإطلاقها بل حال كونها مقيدة بأشياء: من الوضوء والغسل وامثالهما (فالمراد بالشرط) حينئذ ليس هو الشرط الذى يكون من اجزاء علة الوجود إذ المفروض تحقق ذات الصلاة مثلا بدون الشرط ايضا، بل المراد بالشرط هن ما اخذ قيدا للمأمور به، فذات المأمور به توجد بدون القيد ايضا، ولكنه لا يتحقق بم انه مأمور به الا بإتيان قيده، إذ المفروض ان التقيد به داخل في المأمور به وان كان نفس القيد خارجا (ثم اعلم) ان وجود التقيد الذى هو جزء تحليلي للمأمور به لما كان بعين وجود القيد، من جهة انه ليس شيئا مستقلا في قبال القيد، بل هو امر ينتزع عنه، ومن البديهي ان وجود الامر الانتزاعي بوجود منشأ انتزاعه، (امكن ان يقال): بكون القيود مامورا بها بنفس الامر المتعلق بالمأمور به، لا بأمر غيرى ترشحي كما في ساير اجزاء المأمور به، حيث ذكرنا سابقا انها تكون مأمورا بها بالأمر الضمني الانبساطي لا الغيري الترشحي (وبالجملة) وجود القيد بعينه وجود للتقيد الذى هو جزء تحليلي للمأمور به، فلا محالة يصير القيد بما انه وجود للتقيد واجبا بالوجوب النفسي الضمني.

(القسم الثاني) ما يكون دخيلا في انطباق عنوان المأمور به على معنونه، وذلك انما يتصور فيما إذا كان المأمور به من العناوين الانتزاعية التي يكون وجودها بوجود منشأ انتزاعها، فانه يمكن حينئذ (بحسب مقام الثبوت) ان يكون لوجود بعض الاشياء في ظرف وجوده دخالة في انتزاع هذا العنوان المأمور به عن منشأه وانطباقه عليه، وذلك كالصلاة ايضا، فانه من الجايز ان يكون الصلاة المأمور بها امرا بسيطا ينتزع عن الافعال والاقوال المخصوصة من التكبير إلى التسليم، ولكن يكون للوضوء المتقدم مثل ايضا دخل في انتزاع هذا العنوان البسيط عن هذه الافعال والاقوال. وحينئذ كما يمكن ان يكون لبعض الامور المقارنة دخل في انتزاع العنوان عن معنونه، كذلك يمكن دخالة بعض الامور المتقدمة أو المتأخرة كالاستقبال مثلا، فان قدوم المسافر المستقبل دخيل في انطباق عنوان الاستقبال على مشي من اراده، مع كون هذا القدوم متأخرا عن هذا المشي.

(والسر في ذلك) ان الوجود المتأخر مثلا ليس من اجزاء علة الوجود المتقدم حتى لا يجوز تأخره عنه، بل غاية ما يكون ان له نحو دخالة في انطباق عنوان خاص على ذلك الوجود المتقدم (وكيف كان) ففي كلا القسمين (الذين ذكرنا لشرائط المأمور به) لا يلزم انخرام القاعدة العقلية، لعدم كون الشرائط شرائط لوجوده.

(وبعبارة اخرى) ليس المراد بالشرط في المقام الشرط الذى هو احد من اجزاء علة الوجود، بل المراد به قيد المأمور به أو ما يكون دخيلا في انتزاع عنوانه عن معنونه. (نعم) لا ينكر انه يمكن ان يكون بعض الامور المسماة بالشروط من اجزاء علة الوجود للمأمور به، ولكن ليس لن في هذا القسم من الشروط شرط يكون متأخرا في الوجود، هذا. (مضافا) إلى ما ذكرناه من ان حكم العقل بلزوم التقارن منحصر في العلة التامة، وفي غيرها لا دليل عليه فتدبر.

______________
(1) اقول: يمكن ان يقال: ان الغائلة بعد باقية، فان التكبير مثلا (على هذا) مقدمة ومحتاج إليه، وكذا القراءة والركوع وساير الاجزاء إلى التسليم وحينئذ فاين المحتاج؟ وبعبارة اخرى المصلى من اول صلوته إلى آخرها مشغول بإيجاد المقدمات، فمتى اشتغل بإيجاد ذيها؟

(2) لقائل ان يقول: ان الشرط لما كان مؤثرا في القابلية كان هو بالنسبة إلى وجود القابلية كالعلة التامة، فيجب تقارنهما زمانا، وعلي هذا فلا يمكن كون الشرط الذى هو جزء من اجزاء العلة التامة متأخرا في الوجود عن معلولها، إذ القابلية ما لم تتحقق لم يؤثر العلة في وجود المعلول، بداهة تقدم القابلية على الفعلية.

(3) يمكن ان يقال: ان العلم قد يكون تمام الموضوع لشيء أو لحكم، ولكن لا بما انه صفة لذات العالم في قبال ساير الصفات النفسانية، بل بما انه طريق إلى الواقع. مثال ذلك ان العلم بوجود السبع تمام الموضوع للخوف والوحشة، فانه يؤثر في الخوف وان كان الواقع عدم وجود السبع، ولكن تأثير هذا العلم في نفس الخائف ليس بما انه علم وصفة كمال من صفات النفس، بل بما انه مرآة للواقع وهو وجود السبع. وعلي هذا فيمكن القول بان العلم في العلة الغائية ايضا من هذا القبيل، لكفايته في وجود المعلول وان ظهر بعد ذلك عدم ترتبها على الفعل.

(4) لقائل ان يقول: انا لا نتعقل دخالة مثل القدرة وامثالها في امكان التكليف فان التكليف بذاته موضوع لحكم العقل عليه بالإمكان الذاتي، لا انه يكون ممتنعا ذاتا الا في حال تحقق الشرائط المذكورة. نعم يمكن ان يقال: بعدم تمشي ارادة البعث من الآمر العاقل فيما إذا لم يوجد شرائط التكليف، ولكن اين هذا من الامتناع الذاتي، فان المجنون مثلا يمكن ان يأمر جدا مع عدم قدرة المكلف. اللهم الا ان يقال: ان المجنون ايضا يتخيل قدرة المكلف ويأمره، لا انه يلتفت إلى عدم القدرة ومع ذلك يأمر. والاولى ان يبدل كلمة الامكان بالحسن، بان يقال: ان العقل لا يحكم بحسن التكليف الا إذا كان المكلف قادرا مثلا، فمثل القدرة قيد للموضوع في قضية من محكومات العقل، يكون موضوعها التكليف ومحمولها الحسن. ثم اعلم ان ما ذكره سيدنا الاستاذ الاكبر - مد ظله- انما هو في الشرائط العقلية للتكليف، لعدم جريانه في الشرائط الشرعية الثابتة له، كالاستطاعة في الحج مثلا، فأنها ليست دخيلة في امكان التكليف بالحج.

 

 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.