أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-05-2015
5845
التاريخ: 10-05-2015
7410
التاريخ: 10-05-2015
6562
التاريخ: 8-12-2015
6466
|
ذكر علماء الطبيعة أن التجارب العلمي ينتج أن هذه الموجودات الطبيعية المجبولة على حفظ وجودها وبقائها ، والفعالة بقواها المقتضية لما يناسبها من الأفعال ينازع بعضها البعض في البقاء ، وحيث كانت هذه المنازعة من جهة بسط التأثير في الغير والتأثر المتقابل من الغير وبالعكس كانت الغلبة للأقوى منهما والأكمل وجودا ، ويستنتج من ذلك أن الطبيعة لا تزال تنتخب من بين الأفراد من نوع أو نوعين أكملها وأمثلها فيتوحد للبقاء ، ويفنى سائر الأفراد وينقرض تدريجا ، فهناك قاعدتان طبيعيتان: إحداهما: تنازع البقاء ، والثانية: الانتخاب الطبيعي وبقاء الأمثل.
وحيث كان الاجتماع متكئا في وجوده على الطبيعة جرى فيه أيضا نظير القانونين: أعني: قانوني تنازع البقاء ، والانتخاب وبقاء الأمثل .
فالاجتماع الكامل وهو الاجتماع المبني على أساس الاتحاد الكامل المحكم المرعى فيه حقوق الأفراد: الفردية والاجتماعية أحق بالبقاء ، وغيره أحق بالفناء والانقراض ، والتجارب قاض ببقاء الأمم الحية المراقبة لوظائفها الاجتماعية المحافظة على سلوك صراطها الاجتماعي ، وانقراض الأمم بتفرق القلوب ، وفشو النفاق وشيوع الظلم والفساد وإتراف الكبراء وانهدام بنيان الجد فيهم ، والاجتماع يحاكي في ذلك الطبيعة كما ذكر.
فالبحث في الآثار الأرضية يوصلنا إلى وجود أنواع من الحيوان في العهود الأولية الأرضية هي اليوم من الحيوانات المنقرضة الأنواع كالحيوان المسمى برونتوساروس أو التي لم يبق من أنواعها إلا أنموذجات يسيرة كالتمساح والضفدع ولم يعمل في إفنائها وانقراضها إلا تنازع البقاء ، والانتخاب الطبيعي وبقاء الأمثل ، وكذلك الأنواع الموجودة اليوم لا تزال تتغير تحت عوامل التنازع والانتخاب ، ولا يصلح منها للبقاء إلا الأمثل والأقوى وجودا ، ثم يجره حكم الوراثة إلى استمرار الوجود وبقاء النوع ، وعلى هذه الوتيرة كانت الأنواع والتراكيب الموجودة في أصل تكونها فإنما هي أجزاء المادة المنبثة في الجو حدثت بتراكمها وتجمعها الكرات والأنواع الحادثة فيها ، فما كان منها صالحا للبقاء بقي ثم توارث الوجود ، وما كان منها غير صالح لذلك لمنازعة ما هو أقوى منه معه فسد وانقرض ، فهذا ما ذكره علماء الطبيعة والاجتماع... وقد ناقضه المتأخرون بكثير من الأنواع الضعيفة الوجود الباقية بين الأنواع حتى اليوم ، وبكثير من أصناف الأنواع النباتية والحيوانية ، فإن وقوع التربية بتأهيل كثير من أنواع النبات والحيوان وإخراجها من البرية والوحشية ، وسيرها بالتربية إلى جودة الجنس وكمال النوع مع بقاء البري والوحشي منها على الرداءة ، وسيرهما إلى الضعف يوما فيوما ، واستقرار التوارث فيها على تلك الصفة ، كل ذلك يقضي بعدم اطراد القاعدتين أعني تنازع البقاء والانتخاب الطبيعي.
ولذلك علل بعضهم هذه الصفة الموجودة بين الطبيعيات بفرضية أخرى ، وهي تبعية المحيط فالمحيط الموجود وهو مجموع العوامل الطبيعية تحت شرائط خاصة زمانية ومكانية يستدعي تبعية الموجود في جهات وجوده له ، وكذلك الطبيعة الموجودة في الفرد توجب تطبيق وجوده بالخصوصيات الموجودة في محيط حياته ، ولذلك كانت لكل نوع من الأنواع التي تعيش في البر أو البحر أو في مختلف المناطق الأرضية القطبية أو الإستوائية وغير ذلك ، من الأعضاء والأدوات والقوى ما يناسب منطقة حياته وعيشته ، فمحيط الحياة هو الذي يوجب البقاء عند انطباق وجود الموجود بمقتضياته والزوال والفناء عند عدم انطباقه بمقتضياته ، فالقاعدتان ينبغي أن تنتزعا من هذا القانون أعني: أن الأصل في قانوني تنازع البقاء والانتخاب الطبيعي هو تبعية المحيط ، ففيما لا اطراد للقاعدتين لا محيط مؤثر يوجب التأثير ، ولكن لقاعدة تبعية المحيط من النقض في اطرادها نظير ما للقاعدتين ، وقد فصلوها في مظانها.
ولو كان تبعية المحيط تامة في تأثيرها ومطردة في حكمها كان من الواجب أن لا يوجد نوع أو فرد غير تابع ، ولا أن يتغير محيط في نفسه كما أن القاعدتين لو كانتا تامتين مطردتين في حكمهما وجب أن لا يبقى شيء من الموجودات الضعيفة الوجود مع القوية منها ولا أن يجري حكم التوارث في الأصناف الردية من النبات والحيوان.
فالحق كما ربما اعترفت به الأبحاث العلمية أن هذه القواعد على ما فيها من الصحة في الجملة غير مطردة.
والنظر الفلسفي الكلي في هذا الباب: أن أمر حدوث الحوادث المادية سواء كان من حيث أصل وجودها أو التبدلات والتغيرات الحادثة في أطراف وجودها يدور مدار قانون العلية والمعلولية ، فكل موجود من الموجودات المادية بما لها من الصورة الفعالة لنفع وجوده يوجه أثره إلى غيره ليوجد فيه صورة تناسب صورة نفسه ، وهذه حقيقة لا محيص عن الاعتراف بها عند التأمل في حال الموجودات بعضها مع بعض ، ويستوجب ذلك أن ينقص كل من كل لنفع وجود نفسه فيضم ما نقصه إلى وجود نفسه بنحو ، ولازم ذلك أن يكون كل موجود فعالا لإبقاء وجوده وحياته ، وعلى هذا صح أن يقال: إن بين الموجودات تنازعا في البقاء ، وكذلك لازم التأثير العلي أن يتصرف الأقوى في الأضعف بإفنائه لنفع نفسه أو بتغييره بنحو ينتفع به لنفسه ، وبذلك يمكن أن يوجه القانونان أعني : الانتخاب الطبيعي وتبعية المحيط ، فإن النوع لما كان تحت تأثير العوامل المضادة فإنما يمكنه أن يقاومها إذا كان قوي الوجود قادرا على الدفاع عن نفسه ، وكذلك الحال في أفراد نوع واحد ، إنما يصلح للبقاء منها ما قوي وجوده قبال المنافيات والأضداد التي تتوجه إليه ، وهذا هو الانتخاب الطبيعي وبقاء الأمثل ، وكذا إذا اجتمعت عدة كثيرة من العوامل ثم اتحدت أكثرها أو تقاربت من حيث العمل فلا بد أن يتأثر منها الموجود الذي توسط بينها الأثر الذي يناسب عملها ، وهذا هو تبعية المحيط.
|و مما يجب أن يعلم: أن أمثال هذه النواميس أعني: تبعية المحيط وغيرها إنما يؤثر فيما صح أن يؤثر ، في عوارض وجود الشيء ولواحقه ، وأما نفس الذات بأن يصير نوعا آخر فلا ، لكن القوم حيث كانوا لا يقولون بوجود الذات الجوهري بل يبنون البحث على أن كل موجود مجموع من العوارض المجتمعة الطارئة على المادة ، وبذلك يمتاز نوع من نوع ، وبالحقيقة لا نوع جوهري يباين نوعا جوهريا آخر ، بل جميع الأنواع تتحلل إلى المادة الواحدة نوعا المختلفة بحسب التراكيب المتنوعة ، ومن هنا تراهم يحكمون بتبدل الأنواع وبتبعية المحيط أو تأثير سائر العوامل الطبيعية ولا يبالون بتبدل الذات فيها .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|