المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8120 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05

يتعلق أيض الشحميات بالدرجة الأولى بالأحماض الدهنية والكولسترول (الشكل 17-4)
29-7-2021
عصمة الأنبياء
2-12-2018
الميوم Prunus mume
9-11-2017
محاصيل الحبوب - الذرة الرفيعة
21-1-2017
التمرد والعناد عند الأطفال
15/11/2022
العالم بلا عمل
25-11-2014


أحكام الشكوك (فيما لو دار حكم الفعل بين الوجوب وغير الحرمة)  
  
671   09:28 صباحاً   التاريخ: 10-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ج3. ص.265
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية /

كالدعاء عند رؤية الهلال المردد حكمه بين الوجوب والاستحباب وفيه ايضا المسائل الاربع المتقدمة في المبحث الاول(1).

(والتحقيق) فيها ايضا هو البرائة من غير فرق بين ان يكون منشأ الشك هو فقدان النص أو اجماله أو تعارض النصين أو الامور الخارجية للأدلة المتقدمة من مثل حديث الرفع ودليل الحجب وحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان وعدم الفصل بين المقامين لان كل من قال بالبرائة في المسألة الاولى قال بها في هذه المسألة وان لم يكن الامر بالعكس لمصير جماعة من محققي الاخباريين في الشبهة الوجوبية إلى البراءة وفاقا للمجتهدين مع قولهم بالاحتياط في الشبهة التحريمية الحكمية، فلا يحتاج إلى افرادها بالبحث المستقل واطناب الكلام فيه نعم ينبغي التنبيه على امور:

 الاول : في ذكر الشقوق المتصورة في الشبهة الموضوعية وان كانت تحريمية وبيان احكامه فنقول وعليه التكلان، اعلم ان متعلق الطلب وجوبيا أو تحريمي تارة يكون نفس فعل المكلف من دون تعلقه بموضوع خارجي كالصلاة والحج والكذب والغيبة واخرى يكون له تعلق بالموضوع الخارجي كإكرام العالم وتوهينه وعلى الثاني فتارة يكون التكليف منوطا شرعا بوجود الموضوع في الخارج كما في مثال اكرام العالم واخرى لا يكون كذلك بل كان التكليف مطلقا بالنسبة إليه بحيث يقتضى لزوم ايجاد الموضوع في الخارج مع التمكن منه في الاوامر واعدامه في النواهي في فرض عدم التمكن من الاجتناب عنه الا بإعدامه وعلى التقادير فتارة يكون المطلوب في الطلب الوجوبي أو التحريمي هو صرف وجود الشيء و اخرى يكون المطلوب هو الطبيعة السارية في كل فرد وثالثة على نحو العموم الاستغراقي أو المجموعى، والفرق بين الطبيعة السارية والعموم الاستغراقي ظاهر، فانه على الاول يكون المطلوب هو الطبيعي بحصيصة السارية في ضمن الافراد مع خروج الخصوصيات الفردية عن حيز الحكم والتكليف، بخلاف على الثاني فانه على ذلك تكون الخصوصيات الفردية ايضا داخلة في حيز التكليف (وربما يثمر) ذلك فيما لو اتى بالفرد وقصد الامتثال بالخصوصية، فانه على الاول يكون مشرعا في قصده بالنسبة إلى الخصوصية، بخلاف الثاني فانه عليه لا تشريع من جهة وقوع الخصوصية ايضا في حيز التكليف (وحيث اتضح) هذه الفروض فلنشرع في بيان حكم كل واحد منها :

(فنقول) اما إذا كان التكليف وجوبيا متعلقا بفعل المكلف بصرف وجوده ولا يكون له تعلق بموضوع خارجي كالصلاة والحج ونحوهما (فلا اشكال) في انه عند الشك لابد من الاشتغال وعدم جواز القناعة بالفراغ الاحتمالي، لاستقلال العقل بعد العلم بأصل الخطاب بلا اجمال في ناحية الحكم والتكليف ولا في ناحية موضوعه ومتعلقه، بلزوم الجزم بالفراغ بإتيان ما يعلم كونه مصداق المأمور به وجدانا أو جعلا وتنزيلا وعدم جواز الاكتفاء بإتيان ما يشك معه الخروج عن عهدة التكليف (واما لو كان) له تعلق بالموضوع الخارجي (فان كان) التكليف مطلقا بالنسبة إلى ذلك الموضوع بنحو يقتضى مع الامكان وجوب ايجاده كسائر مقدمات الواجب المطلق فكذلك ايضا (فانه) مع العلم بوجود الموضوع في الخارج لا يجوز العدول عنه إلى غيره مما هو محتمل المصداقية للطبيعي لاستقلال العقل حينئذ بعد العلم بالتكليف والقدرة على امتثاله بلزوم تحصيل الجزم بالفراغ وعدم الاكتفاء في مقام الامتثال بالفراغ الاحتمال (ومع الشك) فيه وانحصار الامر فيما هو محتمل المصداقية، لابد من الاحتياط ، لرجوع بعد العلم بأصل الغرض وقيامه بالشيء إلى الشك في القدرة على الامتثال المحكوم عقلا بالاحتياط ووجوب التعرض للامتثال إلى ان يحصل الجزم بالعجز على ما هو الشأن في جميع موارد الشك في القدرة على الامتثال (ولا مجال) في مثله للرجوع إلى البرائة ، لان الرجوع إليها انما يكون في مورد كان الشك فيه راجعا إلى الشك في اصل غرض المولى (لا في مورد) الشك في القدرة على تحصيله بعد الجزم بأصله فان في مثله يحكم العقل بالاحتياط ، ولذلك لا يعتني باحتمال عدم القدرة في الواجب المبتلى باحتمال وجود المزاحم الاهم (نعم) انما يرجع إلى البرائة عند الشك في القدرة فيما لو كان التكليف منوطا بها شرعا كالاستطاعة بالنسبة إلى الحج، فان الشك فيها حينئذ يرجع إلى الشك في اصل ثبوت الغرض وتحققه، لا مطلقا حتى فيما كان الحاكم باعتبارها هو العقل لان في مثله يكون الغرض مما يعلم بوجوده ولو مع القطع بعدم القدرة على الامتثال (وحينئذ) فمع الشك في القدرة بعدم الجزم بأصل الغرض لابد من الاحتياط (واما لو كان) التكليف منوطا بوجود الموضوع كما في اكرام العالم واطعام الجائع، فمع العلم بوجود الموضوع في الخارج أو بعدمه لا اشكال ومع الشك في اصل وجوده يكون المرجع هي البرائة لرجوع الشك المزبور إلى الشك في ثبوت الغرض وفي اصل توجه التكليف إليه وهو ظاهر (هذا كله) إذا كان تعلق التكليف على نحو صرف الوجود (واما لو كان) تعلقه على نحو الطبيعة السارية أو العموم الاستغراقي بنحو ينحل التكليف المتعلق بالطبيعي إلى تكاليف متعددة حسب تعدد الحصص والافراد، ففي ذلك مهما شك في الموضوع يكون المرجع فيه البرائة دون الاشتغال من جهة رجوع الشك المزبور بعد انحلالية التكليف إلى الشك في التكليف الزائد فيندرج في مسألة الاقل والاكثر الاستقلالين التي كان المرجع فيها هي البرائة بالاتفاق (من غير فرق) بين ان يكون لمعروض التكليف الذى هو فعل المكلف تعلق بموضوع خارجي كإكرام العالم وعدمه كالصلاة (ولا) بين ان يكون التكليف منوطا بوجود ذلك الموضوع، وبين كونه مطلقا بالنسبة إليه، فانه على جميع التقادير يكون المرجع عند الشك هي البرائة، نظرا إلى رجوع الشك المزبور بعد سراية الطلب إلى الحصص والافراد إلى الشك في اصل اقتضاء الخطاب تكليفا بالنسبة إلى المشكوك فيه زائدا عما علم بانطباق الطبيعي عليه (لا يقال) على هذا لم التزمت بالاحتياط في فرض كون التكليف على نحو صرف الوجود (لان) مجرد الشك في انطباق الطبيعي على فرد لو كان كافيا في الحكم بالاشتغال ووجوب الاحتياط كما في فرض تعلق التكليف بالشيء بصرف وجوده فليكن كذلك في فرض تعلقه به بنحو الطبيعة السارية (وان لم يكن) ذلك كافيا في الحكم بالاشتغال كما في مفروض المسألة نظرا إلى دعوى احتياج التكليف في تنجزه إلى احراز عنوان موضوعه في الخارج وانطباق الكبرى المجعولة عليه فمع الشك في وجود الموضوع وانطباق عنوانه على المورد لا يكون للعقل حكم بالاشتغال بمثله (فليكن كذلك) في فرض تعلق التكليف بالشيء بصرف وجوده، فعلى اي حال لا وجه للتفصيل بين الفرضين في مرجعية البرائة والاشتغال (فانه يقال) ان الفرق بين الفرضين هو ان في التكليف بصرف الوجود كان موضوع التكليف عبارة عن الطبيعي بما هو قابل للانطباق على اي فرد لا الطبيعي المنطبق على فرده، وبذلك يكون امر تطبيقه على الفرد في عهدة المأمور في مقام الخروج عن عهدة التكليف لا في عهدة الامر حتى يجب عليه بيانه (ولازمه) بعد العلم بتعلق التكليف بالطبيعي المزبور وخروج جهة الانطباق عن موضوع التكليف، هو رجوع الشك في انطباق الطبيعي على المورد إلى الشك في القدرة على التطبيق فيجب بحكم العقل الاحتياط بإتيان ما يحتمل كونه مصداقا للطبيعي كما بيناه (وهذا بخلاف) التكليف المتعلق بالطبيعة السارية (فان) موضوع التكليف فيه بنظر الامر انما كان هي الطبيعة المنطبقة على افراده فتكون جهة الانطباق على الفرد مأخوذة في موضوع التكليف وفي عهدة الامر حيث انه كان عليه بيانه بعكس الفرض الاول، فمتى شك في فردية شيء للطبيعي يكون ذلك راجعا إلى الشك في بيان الامر وفى توجيه تكليفه إلى مشكوك الانطباق وعدمه لا إلى الشك في القدرة على الامتثال كما هو ظاهر فتدبر (هذ كله) في فرض كون التكليف وجوبيا (واما لو كان) التكليف تحريميا (فان كان) النهي متعلقا بالطبيعة السارية، فلا اشكال في ان المرجع عند الشك في الموضوع هي البرائة دون الاحتياط من غير فرق، بين ان يكون لمعروض النهى الذي هو فعل المكلف تعلق بأمر خارجي كشرب الخمر، وعدمه كالغناء والكذب (ولا بين) كون النهي منوطا شرعا بذلك الامر الخارجي، وعدمه (فانه) بعد انحلال التكليف إلى تكاليف متعددة بمقتضى السراية إلى الحصص يكون المرجع عند الشك في المصداق في جميع هذه الصور هي البرائة لرجوع الشك المزبور إلى الشك في اصل الخطاب بالنسبة إلى المشكوك فيه (واما لو كان) متعلقا بصرف الطبيعي (فان كان) الفعل مما له تعلق بموضوع خارجي وكان النهي ايضا منوطا شرعا بفرض وجود ذلك الموضوع (فلا اشكال) في البرائة مع الشك في الموضوع لعدم احراز الخطاب بالاجتناب عن المشكوك فيه (واما إذا) لم يكن للفعل المنهي عنه تعلق بأمر خارجي (أو كان) ولكن كان النهي مطلقا بالنسبة إليه لا مشروطا بوجوده بحيث ربما يقتضى لزوم اعدامه في فرض عدم التمكن من الاجتناب عنه الا باعدامه فقد يقال باقتضاء مثل هذا النهي كالأمر المتعلق بصرف الوجود للاشتغال بدعوى اقتضاء النهي عن صرف الوجود المبين حكما وموضوعا للاشتغال بعدم الطبيعي الذي هو نقيض صرف وجوده ولازمه بحكم العقل هو الاجتناب عن كل ما يحتمل كونه من افراده تحصيلا للفراغ اليقيني عم ثبت الاشتغال به يقين ولكن فيه ما لا يخفى فان النهي عن صرف وجود الطبيعي وان كان يقتضى الاشتغال بعدم الطبيعي الذي هو نقيض صرف وجوده ولا يحصل ذلك الا بعدم تمام افراده (الا انه) بعد اختلاف دائرة عدم الطبيعي سعة وضيقا بازدياد الافراد وقلتها بلحاظ ان عدم الطبيعي عين عدم افراده، لا انه امر حاصل منه فلا محالة يكون مرجع الشك في انطباق الطبيعي على المشكوك إلى الشك في مقدار دائرة المأمور به، بان تلك المرتبة من العدم المنبسط على الافراد بحد يكون المشكوك داخلا فيه أو بحد يكون المشكوك خارجا عنه فيندرج في صغريات الاقل والاكثر الارتباطيين فيجري فيه البرائة بناء على المختار في جريانها في تلك المسألة وبذلك يتضح الفرق، بين التكليف الوجوبي المتعلق بصرف الوجود، وبين التكليف التحريمي المتعلق به (حيث) ان الالتزام بالاشتغال في الاول انما هو من جهة عدم التكرر لصرف وجود الطبيعي وعدم تصور السعة والضيق في دائرة موضوع التكليف بازدياد الافراد وقلتها كي يتصور فيه الوجود الساري بنحو الانضمام (لان) ما يتصور فيه التوسعة والتضييق من جهة قلة الافراد وكثرتها انما هو بالنسبة إلى ما ينطبق عليه موضوع التكليف لا بالنسبة إلى نفس موضوع التكليف (وهذا بخلاف) فرض كون التكليف تحريميا، إذ عليه تكون كثرة الافراد وقلتها موجبة لاتساع دائرة موضوع التكليف وتضييقه (نعم) لو قيل ان عدم الطبيعي عبارة عن معنى غير عدم الافراد وان نسبة الافراد إليه من قبيل المحقق والمحصل كما قيل به في طرف الوجود حيث جعل نسبة الافراد إلى وجود الطبيعي من قبيل المقدمة بالنسبة إلى ذيها لكان للفول بمرجعية الاشتغال عند الشك في المصداق مجال ولكن الشأن في صحة المبنى، فان التحقيق كما عليه المحققون هو ان وجود الطبيعي عين وجود فرده، فيكون عدمه عبارة عن عين اعدام افراده، لا بمعنى ان النقيض هو عدم كل فرد فرد بخصوصيته، كي يشكل بانه لا يكون لصرف وجود الطبيعي الا نقيض واحد، بل بمعنى ان النقيض هو العدم الساري في ضمن تمام الاعدام الفردية مع خروج خصوصيات اعدام الافراد عن النقيض بعين خروج خصوصيات الوجود عن صرف الوجود (وعليه) يندرج المقام في الاقل والاكثر ويكون المرجع فيه هي البرائة دون الاحتياط من غير فرق بين ان يكون المنهى عنه على نحو السالبة المحصلة كقوله لا تشرب الخمر أو الموجبة المعدولة المحول كقوله كن لا شارب الخمر وما افيد من لزوم الاحتياط في الثاني بملاحظة ان ترك الافراد حينئذ مقدمة للاتصاف بالسلب المزبور فيكون مرجع الشك في خمرية مائع إلى الشك في حصول عنوان كونه لا شارب الخمر مع عدم ترك المشكوك ومرجعه إلى الشك في الامتثال مدفوع بان مجرد وقوع السلب قيدا للربط والاتصاف في المعدولة لا يوجب مغايرة السلب المزبور مع سلب الافراد خارجا بل هو على حاله من العينية مع سلب الافراد كما السلب الوارد على الربط في السالبة المحصلة بداهة ان المسلوب في المعدولة انما هي الطبيعة المتعلقة لسلب الربط في السالبة فكما ان وجود الطبيعي لا يكون الاعين وجود فرده كذلك عدمه لا يكون الاعين اعدام افراده، لا انه امر متحصل منه فإذ كان العدم المزبور مرددا بين الاقل والاكثر من جهة قلة الافراد وكثرته فلا جرم يكون وقوعه طرفا للربط والاتصاف في المعدولة موجبا للترديد في نفس الاتصاف ايضا فيكون اللاشاربية مرددا بين الاقل والاكثر بملاحظة تبعية المعنى الحرفي للمتعلق في القلة والكثرة والترديد والتعيين كتبعيته له في الكلية والجزئية وعليه فلا فرق بين كون النهي عنه في القضية على نحو السالبة أو المعدولة، فانه على كل تقدير يكون التكليف انحلاليا لرجوع التكليف مع الشك في المصداق إلى التكليف بالمردد بين الاقل والاكثر فتجرى البرائة عن التكليف بالترك الزائد المشكوك نعم الفرق بين المعدولة والسالبة هو ان في المعدولة يكون العدم المردد بين الاقل والاكثر من قيود عنوان المأمور به وهو كونه لا شارب الخمر، وفي السالبة نفس عنوان المكلف به ولكن هذا المقدار لا يوجب فرق بينهما في مرجعية البرائة، ولذلك لم يلتزم احد بالاحتياط في موارد تقييد المأمور به بشيء مردد بين الاقل والاكثر (ثم ان هذا كله) في النواهي النفسية ، (واما) النواهي الغيرية فتجري فيه ايضا الشقوق المتصورة في النواهي النفسية ويكون المرجع فيها ايضا عند الشك في المصداق هي البرائة دون الاحتياط نعم قد يتصور الاحتياط فيما لو كان النهي عن الشيء منوطا بوجود صفة خاصة كما في النهي عن ايقاع الصلاة  في غير المأكول في ظرف لبس الحيواني بناء على استفادة اناطة المانعية بوجود صفة الحيوانية في لباسه، فانه في ظرف العلم بحيوانية الملبوس مع الشك في ماكولية امكن دعوى مرجعية الاشتغال بلحاظ ان في ظرف لبس الحيواني لا يتصور لمأكوليته افراد حتى يتصور فيه العدم الساري في ضمن الا افراد ليندرج في الاقل والاكثر الارتباطيين، فمتى علم يكون الملبوس حيوانيا وشك في مأكوليته، لابد من الاحتياط للعلم بتوجيه التكليف بالتقييد بعدم مأكولية ملبوسه ذلك فلابد من تركه لبسه في الصلاة  تحصيلا للجزم بالفراغ (ولكن الفرض) بعيد جدا كما بيناه في محله .

(فتلخص) من جميع ما ذكرنا انه إذا كان التكليف تحريميا ففي جميع صور المسألة يكون المرجع عند الشك في الموضوع هي البرائة حتى في صورة تعلق النهي بصرف وجود الشيء (واما إذا كان التكليف وجوبيا فلابد من التفصيل بين تعلقه بصرف الوجود وتعلقه بالوجود الساري

(فعلى الاول) يكون المرجع عند الشك في الموضوع الاحتياط (الا إذا) كان لمعروض التكليف الذي هو فعل المكلف تعلق بالموضوع الخارجي وكان التكليف منوطا ايضا بوجود ذلك الموضوع، فانه يكون المرجع فيه عند الشك هي البرائة ، (واما على الثاني) فالمرجع فيه عند الشك في الموضوع مطلقا هي البرائة، من غير فرق بين شقوق المسألة وصورها لرجوع الشك المزبور بعد انحلال التكليف بمقتضى السراية إلى الحصص والافراد إلى الاقل والاكثر الراجع إلى الشك في اصل اقتضاء الخطاب تكليفا بالنسبة إلى المشكوك هذا (ولكن الذي) يظهر من جماعة بل قيل انه المشهور في مسألة تردد الفائتة من الصلاة  بين الاقل والاكثر هو خلاف ما ذكرنا (حيث ان) بنائهم في تلك المسألة على وجوب الاحتياط ولزوم القضاء إلى ان يعلم أو يظن بالفراغ مع ان) المسألة من صغريات الاقل والاكثر الاستقلاليين (فيشكل) الفرق بين هذه المسألة وسائر موارد الاقل والاكثر الاستقلاليين كالدين المردد بين الاقل والاكثر (حيث) ان بنائهم في غير فرض المسألة المزبورة على البرائة وعدم وجوب الاحتياط ويظهر من الشيخ قده ابتناء المسألة برائة واشتغالا على الخلاف في مسألة ان القضاء بتكليف جديد مغاير للتكليف الاول بان كان الامر بالصلاة  في الوقت على نحو وحدة المطلوب وكان الامر بالقضاء في خارج الوقت من باب تداركه بعد فوته أو انه بمقتضى الامر الاول بحيث كان الامر بالقضاء كاشفا عن استمرار المطلوب بالأمر الاول من حين دخول وقته إلى آخر زمان تمكن المكلف من الاتيان به ولو في خارج الوقت الراجع إلى كون الامر الاول على نحو تعدد المطلوب بان يكون الكلي المشترك بين ما في الوقت وخارجه مطلوبا وكون اتيانه في الوقت مطلوبا آخر، فحاول تطبيق فتوى المشهور في وجوب الاحتياط على المبني الثاني، نظرا إلى اقتضائه للاشتغال بالكلي المشترك بين ما في الوقت وخارجه ورجوع شكه إلى الشك في الخروج عن عهدة ما ثبت الاشتغال به ولكن فيه ان ما افيد من التوجيه مع انه غير تام لا ينتج وجوب الاحتياط الا بنحو الموجبة الجزئية إذ للمسألة فروض كثيرة لان الشك في قضاء الفوائت وتردده بين الاقل والاكثر تارة يكون من جهة الشك في عدد السنين التي مضت من عمره كما لو علم بفوت فرائضه في تمام ما مضى من عمره اما لعدم الاتيان بها رأسا أو لإخلاله بما يوجب فسادها ولكنه لا يعلم مقدار ما مضى من عمره وانه ثلاثين سنة أو اكثر واخرى بعكس ذلك وهو ان يكون الشك في مقدار ما فات منه من جهة نسيانه أو نومه أو تساهله في الاتيان بالفريضة مع العلم بكمية عمره وفى هذه الصورة تارة يقطع أو يحتمل التفاته إلى الفائتة في كل يوم قبل مضي الوقت واخرى لا يحتمل ذلك بل يكون التفاته إلى الفوت حادثا بعد مضى الوقت وبعد ذلك نقول، اما الصورة الاولى وهي ما كان الشك في مقدار الفائتة ناشئا من جهة الشك في عدد السنين التي مضت من عمره فلا اشكال في جريان البرائة عن الاكثر لرجوع الشك فيه إلى الشك في اصل التكليف بالقضاء بالنسبة إلى المشكوك من غير فرق في ذلك بين القول بوحدة المطلوب في الامر الاول واحتياج القضاء إلى تكليف جديد، وبين القول بتعدد المطلوب وكون القضاء باقتضاء الامر الاول وذلك على الاول ظاهر واما على الثاني فكذلك ايضا لعدم العلم بالاشتغال بالكلي المشترك بين ما في الوقت وخارجه بازيد من المقدار المعلوم (وكذلك الامر) في الصورة الاخيرة، فان المرجع فيه ايضا هي البرائة عن الاكثر ولو على القول بان القضاء بالأمر الاول لا بأمر جديد فان مقتضى الاصل الاولى حينئذ وان كان هو الاحتياط والاخذ بالأكثر الا ان مقتضى الاصل الثانوي وهي قاعدة حيلولة الوقت، هي البرائة وعدم وجوب الاحتياط (حيث) ان مقتضى القاعدة المزبورة هو رفع الاشتغال الثابت بالتعبد بالفراغ عن عهدة التكليف (واما) الاصل الموضوعي وهو اصالة عدم الاتيان بالفريضة كل يوم في وقتها فهو ايضا غير جار مع جريان هذه القاعدة المضروبة في مورده نظرا إلى اخصيتها منه باختصاص موردها بالشك الحادث بعد الوقت.

 (واما الصورة الثانية) وهي ما كان الشك حادثا في الوقت كل يوم وبقى الشك إلى ان خرج الوقت أو انه غفل عن شكه ولم يلتفت الا بعد مضى الوقت، فمقتضى القاعدة في مثل هذا الفرض هو الاحتياط ووجوب القضاء إلى ان يعلم بالفراغ حتى القول بوحدة المطلوب وكون القضاء بتكليف جديد مغاير للتكليف بالأداء فضلا على القول بوحدة المطلوب (والوجه) في ذلك انما هو الاصل الموضوعي المزبور وهي اصالة عدم الاتيان بالفريضة في وقتها (فان) مقتضى الاصل المزبور حينئذ بعد عدم جريان قاعدة حيلولة الوقت في الفرض لاختصاص جريانها بمورد الشك الحادث بعد الوقت، انما هو الاخذ بالأكثر ووجوب القضاء إلى ان يعلم بالفراغ (واما توهم) عدم اقتضاء الاصل المزبور لإثبات وجوب القضاء بلحاظ ترتبه على عنوان الفوت غير المحرز بالأصل المزبور الا على المثبت (فمدفوع) بمنع كون القضاء مترتبا على عنوان الفوت (بل هو) على م يستفاد من مجموع الادلة مترتب على ما يعم ذلك وهو الترك وعدم الاتيان بالفريضة المأمور بها على وجهها بما اعتبر فيها من الاجزاء والشرائط (وحينئذ) لا قصور في جريان هذا الاصل لإثبات وجوب القضاء كما هو ظاهر، وحينئذ فعلى كل تقدير لا يتم م افاده من التوجيه المزبور لكلام المشهور، لما عرفت من ان في جميع هذه الصور لا فرق بين القول بان القضاء بأمر جديد والقول يكونه مقتضى الامر الاول (وقد افيد) في تطبيق فتوى المشهور على القاعدة بوجه آخر، وحاصله انه يعتبر في جريان البرائة بل الاصول العملية مطلقا ان يكون الشك الذي اخذ موضوعا فيها بدويا غير مسبوق بالعلم، والا فمع سبقه بالعلم ولو انا ما لا يبقى مجال لجريان البرائة في المشتبهة (لان بسبق) العلم ولو آنا ما يتنجز التكليف عليه فلا يكون العقاب معه عقابا بلا بيان، بل ومع احتمال سبق العلم بحكم الشبهة وتنجزه عليه ايضا، إذ لا قطع بالمؤمن حينئذ حيث لا تجري الاصول العملية مطلقا عقلية كانت أو شرعية (اما الاولى) فلعدم استقلال العقل حينئذ بقبح العقاب (واما الثانية) فلانه مع احتمال سبق العلم يحتمل حصول الغاية فيها فيكون التمسك بها من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية (وعلى ذلك) فحيث ان الغالب هو حصول العلم بالفائتة عند فوات كل فريضة تكون فتوى المشهور لا محالة في محلها (لانه) بالنسبة إلى الزائد المشكوك كما يحتمل فوته كذلك يحتمل تعلق العلم بفوته على تقدير فوته واقعا ومع احتمال سبق العلم لا تجرى فيه البرائة ولا قاعدة حيلولة الوقت فلابد من الاحتياط ووجوب القضاء إلى ان يعلم بالفراغ (اقول) وفيه ما لا يخفى، فانه ليس مجرد حدوث العلم في آن علة لتنجيز معلومه إلى الابد حتى مع زواله لان ذلك مما يأبى عنه العقل، وانما يكون تأثيره في كل آن مقصورا بحال وجوده في ذاك الآن (وحينئذ) فبعد طرو الشك تجرى لا محالة ادلة البرائة عقليها ونقليها حيث لا مانع عنها في الحالة الفعلية (ولأجل ذلك) التزم اخيرا بجريان البرائة العقلية والشرعية حيث جعل المدار في التنجيز على البيان في الحالة الفعلية، ولكنه خص الحكم بالبرائة بفرض احتمال حصول العلم سابقا ويا ليته يلتزم بها حتى في فرض الجزم يسبق العلم مع زواله في الحالة الفعلية، إذ بعد ما لا يكون العلم السابق الا منجزا في حال وجوده لا يفرق في الحالة الفعلية بين الفرضين وحينئذ لا يمكن تطبيق فتوى المشهور من هذه الجهة على القاعدة (وحينئذ) فالأولى هو حمل كلامهم على الفرض الاخير الذي فرضناه، فانه عليه تكون فتويهم بوجوب الاخذ بالأكثر وعدم جريان البرائة في المشكوك في محلها حتى على القول بمغايرة التكليف بالقضاء مع التكليف الاول وانهم من باب الامر بالشيء والامر بتداركه بعد فوته، كما انه عليه يكون منعهم عن جريان قاعدة حيلولة الوقت في محله أيضا بلحاظ اختصاصها بمورد الشك الحادث بعد الوقت

(الامر الثاني) لا اشكال في رجحان الاحتياط وجريانه في التوصليات حتى فيما كان الدوران بين الوجوب والكراهة حيث امكن الاحتياط فيها بإتيانها برجاء المطلوبية ويترتب عليه المثوبة ايضا لكونه مرددا بين الطاعة والانقياد (كما لا اشكال) ايضا في جريانه في العبادات فيما لو كان الدوران بين الوجوب والاستحباب ولو على القول باعتبار القربة الجزمية في العبادة، فانه بعد الجزم بتعلق الامر الشرعي بالعمل يمكن الاحتياط فيها بإتيانها بداعي الامر الجزمى المتعلق به (واما لو كان) الدوران بين الوجوب وغير الاستحباب، ففي جريان الاحتياط فيها اشكال ينشأ من اعتبار الجزم بالأمر الشرعي تفصيلا أو اجمالا في تحقق القرب المعتبر في العبادة (فانه) قد يقوى العدم نظرا إلى ان الاحتياط عبارة عن الاتيان بالعمل المحرز للواقع وهذا بعد اعتبار القربة الجزمية في العبادة مما لا سبيل إليه لانتفاء الجزم بالأمر الشرعي وعدم العلم به تفصيلا ولا اجمالا (وفي ذلك) لا يفرق بين كون القربة مأخوذة شطرا أو شرطا في العبادة، وبين خروجها عنها وكونها مأخوذة عقلا في الغرض منها، فانه على كل تقدير يستحيل جريان الاحتياط فيها لاستحالة تحقق القربة الجزمية مع الشك في الامر (ولكن الاقوى هو الجريان لمنع اعتبار القربة الجزمية في عباديته مطلقا وكفاية مجرد احتمال المطلوبية في ذلك فيما لا يعلم مطلوبيته ويترتب عليه المثوبة ايضا كم في التوصليات حيث يستقل العقل بالمثوبة على الاتيان بما يحتمل الوجوب بداعي احتمال وجوبه من جهة كونه اطاعة وانقيادا لأمر الشارع كاستقلاله بذلك في الاتيان بالواجب بداعي وجوبه الجزمي (إذ لا فرق) بين التعبدي والتوصلي من هذه الجهة، وانما الفرق بينهما من جهة حصول الغرض في التوصليات بإتيانها كيفما اتفق بخلاف التعبديات فان حصول الغرض وسقوط الامر فيها يتوقف على اتيانها عن داعي قربى اللهي (نعم) لو قلنا بعدم كفاية القربة الرجائية في عباديته واحتياج العبادة إلى ضم القربة الجزمية لأشكل جدا جريان الاحتياط في العبادة (ولا تجديه) دعوى كفاية الاتيان بذات العمل بداعي حسنه العقلي في المقربية (لاستحالة كون) مثل هذا الحسن العقلي المترتب على عنوان الاحتياط من مبادى ثبوته وتحققه (وبالجملة) نقول ان العمل الصادر بعنوان الاطاعة والانقياد على ما اسلفناه في مبحث التجري وان كان متصفا بالحسن الجزمى العقلي ولكن المتصف بهذا الحسن بعد ان كان هي الذات الملحوظة في المرتبة المتأخرة عن الارادة (فلابد) في ترتب هذا الحسن العقلي من الجزم بحسن الذات في المرتبة السابقة على الطاعة المحرك إليها كي به يتحقق عنوان الموضوع وهي الطاعة في العبادة فيترتب عليه هذا الحسن العقلي (والا) فمع عدم الجزم بذلك حسب الفرض لا يتحقق عنوان الموضوع وهي الطاعة كي يصير حسنا بذلك الحسن العقلي المردد بين الاطاعة والانقياد (وبذلك) يظهر فساد القول بان الاحتياط في العبادة انما هو الفعل المطابق للعبادة من جميع الجهات عدى نية القربة وان قربيته يتحقق بإتيانه بداعي حسنه العقلي الجزمي (وذلك) لما عرفت من ان موضوع هذا الحسن انما هو عنوان الاطاعة والانقياد، ولا يكون الفعل بنفسه اطاعة ولا انقيادا ليكون حسنا بالحسن العقلي (كما انه) يظهر به فساد دعوى الاكتفاء في التقرب بما يحتمل عباديته بإتيانه يداعي الاوامر المتعلقة بالاحتياط (فانه مضافا) إلى عدم صلاحية مثل هذه الاوامر للمقربية لكونها ارشادية محضه (ان الكلام) انما هو في موضوع الاحتياط الذي يتوقف عليه هذه الاوامر (نعم) انما يتم ذلك بناء على جعل الموضوع في تلك الاوامر عبارة عن مجرد الفعل المطابق للعبادة من جميع الجهات عدى نية القربة، فانه بضميمة استفادة الاستحباب النفسي من الاوامر المتعلقة بعنوان الاحتياط (امكن) تصحيح الاحتياط في العبادات، حيث يأتي المكلف بذات العبادة المحتملة مستجمعة لجميع ما يعتبر في العبادة شرطا وشطرا ويقصد التقرب بها بإطاعة هذه الاوامر بناء على كفاية مطلق الامر المتعلق بالشيء في المقربية (وكذلك) الامر بناء على جعل الاحتياط منتزعا عن الفعل بعنوان كونه مشكوك الحكم ومحتمل المطابقة للواقع بهذا العنوان الثانوي بحيث كان احتمال الوجوب قيد للمأمور به فانه على هذا المعنى ايضا يندفع الاشكال المزبور (ولكنهما) كما ترى، ام الاول فمضافا إلى كونه التزاما بالأشكال لوضوح عدم كونه احتياطا حقيقة، انه لا دليل يساعد عليه بعد ظهور الاخبارالامرة بموضوع الاحتياط في معناه الحقيقي غير المتحقق في العبادات (ومنه) يظهر الكلام في الثاني أيضا، فانه مضافا إلى ان الظاهر من عنوان الاحتياط هو العمل الماتي بداعي الاحتمال لا صرف اتيان مشكوك الوجوب بما هو كذلك (انه) خارج عن موضوع حكم العقل بالحسن لعدم كون فعل ما شك في وجوبه بهذا العنوان مع قطع النظر عن نشوه عن دعوة احتمال الوجوب محكوما عقلا بالحسن والرجحان، فلو ثبت حسنه حينئذ بهذا العنوان لكان عبادة مستقلة غير مرتبطة بالاحتياط في العبادة الذي هو موضوع حكم العقل بالحسن كما هو ظاهر (ولكن الذي) يسهل الخطب هو كفاية مجرد احتمال المطلوبية فيما لا يعلم مطلوبيته ولو اجمالا في تحقق القرب المعتبر في العبادة (وعليه) فلا موقع للإشكال في جريان الاحتياط في العبادات لبداهة التمكن من الاتيان بما احتمل وجوبه بداعي احتمال مطلوبيته لدى المولى كما هو ظاهر (نعم) على ذلك لا يجوز الافتاء باستحباب العمل الذي يحتمل وجوبه بل لابد من تقييد ايتانه بكونه برجاء المطلوبية، وعليه فيشكل الامر فيما حكى عن المشهور من الفتوى باستحباب العمل الذي يحتمل وجوبه من غير تقييد اتيانه بكونه بداعي احتمال المطلوبية(ثم انه لو كان) منشاء احتمال الوجوب قيام خبر ضعيف عليه فقد يقال بعدم الاحتياج حينئذ في الافتاء بالاستحباب إلى اوامر الاحتياط وكلفة اثبات كونه للاستحباب المولوي لا الارشاد العقلي لورود الاخبار الكثيرة الامرة بفعل كل ما بلغ فيه الثواب بخبر ضعيف، حيث ان المستفاد منها هو استحباب ما بلغ فيه الثواب (وحيث انجر الكلام إلى ذلك فلا بأس بالتعرض لذكر الاخبار الواردة في الباب وبيان م يستفاد منها من الوجوه المحتملة فيها (فنقول) ان الاخبار الواردة في الباب كثيرة (منها) صحيحة هشام بن سالم المحكية عن المحاسن عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال من بلغه عن النبي (صلى الله عليه وآله) شيء من الثواب فعمله كان اجر ذلك له وان كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)  لم يقله .

(ومنها) المروي عن صفوان عن الصادق (عليه السلام) قال :

من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير فعمل به كان له اجر ذلك وان كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)  لم يقله.

(ومنها) خبر محمد بن مروان عن ابي عبد الله (عليه السلام)  قال من بلغه عن النبي (صلى الله عليه وآله)  شيء من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبي (صلى الله عليه وآله)  كان له ذلك الثواب وان كان النبي (صلى الله عليه وآله)  لم يقله.

(ومنها) خبره الاخر قال سمعت ابا جعفر (عليه السلام)  يقول من بلغه ثواب من الله تعالى على عمل ففعله التماس ذلك الثواب اوتيه وان لم يكن الحديث كما بلغه.

ومنه ما رواه الصدوق عن محمد بن يعقوب بطرقه إلى الائمة، من بلغه شيء من الخبر فعمل به كان له من الثواب ما بلغه وان لم يكن الامر كما نقل إليه .

(ومنها) ما في الاقبال عن الصادق (عليه السلام)  قال من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له ذلك وان لم يكن الامر كما بلغه . ، إلى غير ذلك من الاخبار الكثيرة المستفيضة المتقاربة بحسب المضمون (ولا اشكال) فيها من جهة السند بعد استفاضتها وكون بعضها من الصحاح وعمل المشهور بها والفتوى على طبقها (وانما الاشكال) في دلالتها على الاستحباب حيث ان الوجوه المحتملة فيها كثيرة (احدها) ان يكون مفادها الاستحباب وذلك بجعل عنوان البلوغ قيد للموضوع بان يكون العمل البالغ عليه الثواب بهذا العنوان فيه المصلحة اقتضت استحبابه نظير عنوان ما اخبر به العادل على الموضوعية فكان المستفاد من قوله ع فعمله أو ففعله هو الامر بالفعل اما لكون الجملة الخبرية بمعنى بالأنشاء والطلب كما قيل، أو لدلالتها عليه بالملازمة أو غير ذلك من الوجوه المذكورة في وجه استفادة الطلب من امثال هذه الجمل الواردة في مقام تشريع الاحكام كقوله من سرح لحيته فله كذا وقوله تسجد سجدتي السهو وتعيد الصلاة  ثانيه ان تكون الجملة الخبرية ايضا بمعنى الانشاء ولكن مفادها هو الحكم المولوي الطريقي لا النفسي الراجع إلى تيمم كشف قول المبلغ وحجية اخبار الضعاف في الحكم الاستحبابي نظير الاوامر الدالة على حجية خبر الواحد، فتكون هذه الاخبار حينئذ مخصصه لما دل على اعتبار الوثاقة والعدالة وانه انما تعتبر في الخبر القائم على الحكم الالزامي واما في الخبر القائم على الحكم الاستحبابي فلا يعتبر فيه ذلك ثالثه ان تكون ارشادا إلى حكم العقل بحسن الانقياد في مورد بلوغ الثواب واحتمال المطلوبية كما يقتضيه ظهور قوله (عليه السلام) طلب قول النبي (صلى الله عليه واله ) والتماس الثواب بل وقوله (عليه السلام)  فعمله الظاهر في تفريع العمل على البلوغ الذي هو كناية عن احتمال المطلوبية رابعة ان يكون مفادها مجرد الاخبار عن فضل الله سبحانه وانه إذا عمل العامل عملا بلغه ثواب عليه اعطاء الله سبحانه بفضله ذلك الثواب الذي بلغه وان لم يكن الامر في الواقع كما بلغه، من غير ان تكون هذه الاخبار بصدد بيان حال العمل قبل صدوره من العامل وانه مستحب أو راجح وبالجملة تكون هذه الاخبار ناظرة إلى العمل فارغا عن وقوعه من العامل لا ناظرة إليه قبل صدوره منه وعليه فيمكن ان يعتبر في الخبر القائم على الحكم الاستحبابي ما يعتبر في الخبر القائم على الحكم الالزامي من العدالة والوثاقة والضبط في الراوي حيث لا اطلاق لها من هذه الجهة حتى يؤخذ به لعدم اعتبار شرائط الحجية في قول المبلغ ولكن الوجه الاخير منها بعيد عن ظاهر تلك الاخبار فان الظاهر المتبادر منها هو كونها مسوقة لبيان حال العمل قبل صدوره من العامل والحث والترغيب نحوه بالإيجاد اما بنحو المولوية النفسية أو الطريقية أو على نحو الارشاد إلى حكم العقل بحسن الطاعة والانقياد لا لبيان العمل بعد وقوعه من حيث تفضله سبحانه بإعطاء الثواب الموعود للعامل ولو مع عدم مصادفة قول المبلغ للواقع حتى يقال بإمكان اعتبار شرائط الحجية من العدالة والوثاقة وغيرهما في صحة الاخذ بقول المبلغ ولو بدعوى ان العامل لا يعتمد في عمله على قول المبلغ الا إذ كان فيه شرائط الحجية فان ذلك كله مخالف لما يقتضيه ظاهر هذه النصوص من كونه مسوقة للترغيب إلى العمل وما هو الظاهر من بلوغ الثواب من كونه كتابة عن ثبوت مقتضيه خصوصا المتضمنة منها لذكر الاجر الظاهر في الاستحقاق لا التفصل، مع انه لا ينحصر وجه صدور العمل عن العامل في كونه عن اعتماد على قول المبلغ، فانه كما ان الخبر الصحيح يكون داعيا على العمل، كذلك قد يكون الداعي عليه هو الاحتمال ورجاء الوصول إلى الواقع خصوصا في الاحكام غير الالتزامية ومعه لا يبقى مجال حمل تلك النصوص على صورة كون خبر المبلغ واجدا لشرائط الحجية فلابد حينئذ اما من حمل تلك النصوص على الاستحباب النفسي المولوي أو الاستحباب الطريقي الراجع إلى حجية الخبر الضعيف في الحكم الاستحبابي كما يقتضيه ظاهر عناوين الكلمات من التعبير بالتسامح في ادلة السنن أو حمله على بيان الارشاد إلى حكم العقل بحسن الاتيان بالعمل برجاء الواقع واحتمال المطلوبية وترتب المثوبة عليه بلا مولوية نفسية فيها ولا طريقية لكن استفادة الامر الطريقي منها في غاية البعد لإباء الاخبار عن استفادة ذلك بمقتضى قوله (عليه السلام) وان لم يكن الامر كما بلغه نعم على المختار من استحقاق المنقاد ايضا للثواب على العمل لا بأس بترتب الثواب على العمل بقول مطلق لكونه من الثواب المردد بين الاطاعة والانقياد فيتردد الامر حينئذ بين الحمل على الاستحباب النفسي المولوي وبين الحمل على الارشاد إلى ما يستقل به العقل من حسن الانقياد وترتب المثوبة عليه ولا ريب في ان المتقين من الاخبار هو الثاني، كما يشهد له قوله (عليه السلام)  في تلك الاخبار فعمله أو ففعله بعد قوله من بلغه الظاهر في كون العمل متفرعا على البلوغ وكونه هو الداعي والباعث على الاتيان به (بل ويشهد) له تقييد العمل في بعض تلك الاخبار بطلب قول النبي (صلى الله عليه وآله)  وفي البعض الاخر بالتماس ذلك الثواب (فانه) ظاهر بل صريح في كون الامر به للإرشاد (مضافا) إلى ما يلزم من الحمل على الاستحباب النفسي من رفع اليد عن ظهور الثواب المحتمل في الفعلية بحمله على الثواب الاقتضائي حذرا من لزوم اجتماع المثلين (فلابد) حينئذ من صرف تلك الاخبار لبيان الارشاد إلى ما يستقل به العقل من استحقاق العامل برجاء المطلوبية للثواب ولو مع عدم مصادفة الاحتمال للواقع (وعليه) فلا مجال لاستفادة الاستحباب المولوي النفسي أو الطريقي منها بمحض ظهور بعضها كصحيحة هشام بن سالم في ترتب الثواب على ذات العمل بعنوانه الاولى لا بعنوان كونه مأتيا بداعي احتمال الثواب (بدعوى) انه يستكشف من ترتب الثواب على ذات العمل عن كونه متعلقا لامر شرعي مولوي وان الاجر والثواب انما هو بلحاظ كونه اطاعة لذلك الامر الشرعي المستكشف كما يستكشف ذلك من نحو قوله (عليه السلام)  من سرح لحيته أو من صلى أو صام فله كذا (إذ فيه) انه كذلك لولا ظهور الاخبار في داعوية البلوغ لنفس العمل (والا) فيعد ظهورها بمقتضى التفريع في كونه ناشئا عن داعي البلوغ وعدم اطلاق للعمل يشمل حال عدم داعوية البلوغ (فلا جرم) ينطبق عليه عنوان الانقياد وبانطباقه عليه يستقل العقل فيه بالمثوبة (وبعد) ذا لا طريق لاستكشاف الامر الشرعي من ترتب الثواب على ذات العمل (وبذلك) يظهر وضوح الفرق بين مفاد هذه الاخبار، ومفاد ما دل على ان من سرح لحيته فله كذا (فان) استكشاف الامر الشرعي هناك انما هو من جهة انحصار مناط المثوبة عليه بالإطاعة الحقيقة بلحاظ انتفاء البلوغ من الخارج وعدم احتمال رجحانه ايضا مع قطع النظر عما دل على ترتب المثوبة عليه (بخلاف) المقام المفروض ظهور الاخبار في داعوية البلوغ والاحتمال لنفس العمل، فانه ينطبق عليه عنوان الانقياد وبعد حكم العقل باستحقاق المثوبة عليه لا طريق لاستكشاف الامر الشرعي(ومثل) هذ الداعي وان لم يكن قيدا لموضوع الاجر والثواب ولا يوجب وجها وعنوانا للعمل كما هو شأن كل جهة تعليلية (ولكنه) مانع عن اطلاقه بنحو يشمل حال عدم داعوية البلوغ بداهة اقتضاء كل علة ضيقا في ناحية معلوله على وجه يستحيل شمول اطلاقه لحال عدم علته (ومعه) لا ينتج ذلك شيئا في الكشف المزبور كما هو ظاهر (نعم) لو قلنا بعدم اقتضاء التجري والانقياد شيئا سوى الكشف عن سوء سريرة الفاعل وحسنها كما عليه الشيخ قده، أو قلنا باقتضائهما لاستحقاق المثوبة والعقوبة لكن على صرف العزم على الطاعة والمعصية لا على العمل الصادر خارجا كما عليه صاحب الكفاية (قدس سره) (لاتجه) ما اقيد من الكشف المزبور، لانحصار مناطا المثوبة عليه حينئذ بالإطاعة الحقيقية التي لا تكون الا بتعلق الامر الشرعي به كما في قوله (عليه السلام)  من سرح لحية فله كذا (ولكنهما)على ما بيناه في مبحث التجري خلاف التحقيق (نعم) على ذلك لا مجال للتفصيل في اخبار الباب، بين المشتمل منها على التقييد بطلب قول النبي أو التماس الثواب الموعود، وبين ما لا يشتمل على ذلك باستفادة الاستحباب النفسي من الثانية دون الاولى (فانه) بناء على منع انطباق عنوان الانقياد على نفس العمل الصادر خارج (لابد) من استكشاف الامر الشرعي في الطائفة الاولى ايضا من مجرد اضافة الاجر والثواب إلى العمل المعنون والمقيد، نظرا إلى الجزم حينئذ بعدم ترتب الثواب الانقيادي على العمل وانحصار مناط المثوبة عليه بالإطاعة الحقيقية (كما انه) على القول بانطباق عنوان التجري والانقياد على نفس العمل واقتضائهما لاستحقاق العقوبة والمثوبة عليه لابد من المصير في الطائفتين إلى الارشاد من جهة ما ذكرنا من استقلال العقل حينئذ بترتب المثوبة على العمل من جهة الانقياد (وبما ذكرنا) يظهر النظر فيم افاده الشيخ قده في المقام من ان ترتب الثواب الموعود على العمل في هذه الاخبار انما هو باعتبار الانقياد والاطاعة الحكمية وان ما ورد من الامر به انما كان لمحض الارشاد إلى حكم العقل كما في اوامر الاحتياط (حيث) تقول ان ما افاده في المقام وان كان صحيحا، ولكنه مناف لما اختاره في مبحث التجري من عدم اقتضائه سوى الكشف عن سوء سريرة الفاعل، فان لازمه هو انكار المثوبة في الانقياد ايضا لان التجري والانقياد كالإطاعة والعصيان توئمان يرتضعان من ثدى واحد ولا مجال للتفكيك بينهم.

(وينبغي التنبيه على امور):

الاول : لا يخفى انه بناء على استفادة الاستحباب المولوي يختص هذا الحكم بمن قام عنده خبر ضعيف على الوجوب أو الاستحباب نظرا إلى موضوعية البلوغ في ترتب الحكم المزبور (وحينئذ) فللفقيه استنباط هذا الحكم القائم بموضوعه من الدليل والافتاء بمضمونه من استحباب العمل لمن بلغ إليه الثواب (واما الافتاء) باستحبابه حتى بالنسبة إلى من لم يبلغ إليه الثواب فليس له ذلك، بداهة عدم شمول هذا الحكم ثبوتا لغير من صدق عليه عنوان البلوغ (وعليه) يشكل ما حكى عن المشهور من الفتوى باستحباب العمل مطلقا من غير تقييد بكونه لمن بلغ إليه الثواب، حيث لا ينطبق على القواعد (ولا تجدي) في تصحيح ذلك ادلة نيابة المجتهد عن المقلد في استنباط حكمه (لأنها) انما تكون في فرض شمول الحكم المزبور ثبوتا لغير البالغ إليه الثواب، لا في فرض اختصاصه بخصوص البالغ إليه الثواب فان في مثله لابد في الفتوى بالاستحباب اما من التقييد بعنوان البالغ إليه الثواب، واما من الاخبار اولا بان في المورد خبر ضعيف على وجوبه أو استحبابه ليتحقق بذلك البلوغ ثم الافتاء باستحباب الاتيان به اللهم الا ان يحمل فتويهم بالاستحباب مطلقا عن فهمهم من البلوغ ما يعم البلوغ إلى المقلد نفسه ومن هو نائب عنه في الفحص عن الادلة هذ بناء على استفادة الاستحباب النفسي من الروايات المتقدمة واما بناء على استفادة الحكم الطريقي منها الراجع إلى حجية الخبر الضعيف القائم على وجوب شيء واستحبابه بالنسبة إلى اصل الرجحان فلا محذور في الفتوى باستحباب العمل علي الاطلاق (فانه) بقيام خبر ضعيف على وجوب شيء أو استحبابه يرى الفقيه ثبوت رجحانه في الواقع لجميع المكلفين فيفتى على طبق مضمونه من استحباب ذات العمل واقعا وان كان دليل اعتبار هذا الطريق مختص بالمجتهد لكونه هو البالغ إليه الثواب كما ان له الفتوى ايضا بما هو مفاد تلك الاخبار من الحكم الاصولي بناء على عدم لزوم الفحص في مثله واختصاصه بالأحكام الكلية الالزامية واما بناء على استفاد الارشاد منها، فالأمر اشكل حيث لا مجال حينئذ للفتوى بالاستحباب مطلقا ولو مع التقييد بعنوان البالغ إليه الثواب، كما لا يجوز للفقيه البناء على استحبابه في عمل نفسه، بل اللازم هو الاتيان بالعمل برجاء المطلوبية كما انه في مقام الفتوى لابد ايضا من التقييد بهذا العنوان كقوله لا بأس بالعمل به رجاء فتدبر.

 الثاني : الظاهر عدم اختصاص هذا الحكم بناء على استفادة الاستحباب بما لو كان مفاد الخبر الضعيف ومؤداه هو الاستحباب بل يعم ما يكون مفاده الوجوب ايضا فانه من جهة اشتماله على اصل الرجحان يصدق عليه بلوغ الثواب فتشمله الروايات وهكذا الامر بناء علي استفادة الامر الطريقي منها المنتج لحجية الخبر الضعيف غاية الامر انه يبعض في مضمونه فيؤخذ به من جهة دلالته على اصل الرجحان ويترك دلالته على المنع عن النقيض واما بناء على الارشاد فالأمر اوضح وهل يلحق بالوجوب والاستحباب الحرمة والكراهة فتشملهم تلك الاخبار بلحاظ ما يترتب على تركهما من الثواب وجهان بل قولان اظهرهم العدم، فان الظاهر بل المنصرف من تلك النصوص من قوله بلغه ثواب على عمل فعمله هو الاختصاص بالأمر الوجودي غير الصادق على التروك في باب المحرمات والمكروهات، بل وكذا قوله (عليه السلام ) من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير لظهوره ايضا في الاختصاص بالأمر الوجودي بلحاظ ما فيه من المصلحة المقتضية لمطلوبية ومن المعلوم ان مطلوبية الترك في المحرمات ليس منجهة قيام المصلحة بنفس الترك، وانما كان ذلك باعتبار ما في الفعل من المفسدة الموجبة لمبغوضية الوجود وللزجر عن ايجاده، ولذلك نقول ان حقيقة النهي عن الشيء سواء كان بنحو الالزام أو غيره عبارة عن الزجر عن الوجود باعتبار ما فيه من المفسدة، قبال الامر بالشيء الذي هو عبارة عن البعث إلى الوجود باعتبار ما فيه من المصلحة، من دون ان يكون في البين ما يقتضى مطلوبية الترك بوجه اصلا وان ما تعارف من تفسير النهي بطلب الترك قبال الامر الذي هو طلب الفعل انما هو باعتبار كونه من لوازم الزجر عن الوجود، لا من جهة ان المطلوب في النهي حقيقة هو نفس الترك وحينئذ لا مجال لتوهم شمول الاخبار للمحرمات والمكروهات باعتبار ما في تركها من الاجر والثواب حتى يشكل في موارد قيام الخبر الضعيف على الكراهة قبال ما يقتضى الوجوب أو الاستحباب فانه على ما ذكرنا لا يكون في ترك المحرمات مصلحة حتى يصدق عليه بلوغ الثواب (نعم) ربما يكون نفس الترك موردا للطلب والبعث لقيام المصلحة به كما في تروك الصوم فيندرج بذلك في عموم اخبار من بلغ كما لو قام خبر ضعيف على استحباب ترك شيء أو وجوبه (ولكنه) خارج عن مفروض الكلام كما هو ظاهر (ثم ان هذا كله) بناء على استفادة الاستحباب النفسي أو الطريقي من الاخبار (واما بناء) على الارشاد والانقياد فيتعدى إلى المحرمات والمكروهات بلا كلام، فان حسن الانقياد لا يختص بالواجبات والمستحبات بل يعمهما والمحرمات والمكروهات ايضا.

 الثالث: لا يخفى ان الظاهر من الاخبار بناء على الاستحباب النفسي أو الطريقي انما هو استحباب الشيء على النحو الذي دل عليه الخبر الضعيف من كونه نفسيا استقلاليا، أو جزء واجبيا أو مستحبيا لأمر واجب أو مستحب، أو شرطا كذلك فلابد حينئذ من ملاحظة الخبر القائم على الوجوب أو الاستحباب، فإذا كان مفاده هو جزئية الامر الكذائي وجوبا أو استحبابا لأمر واجب أو مستحب، أو شرطيته له، فيحكم باستحبابه وصيرورته من الاجزاء المستحبة للمركب ولازمه جواز ترتيب ما لذلك المركب عليه من اللوازم والاثار الخاصة، ومن ذلك غسل مسترسل اللحية في الوضوء فإذ قام خبر ضعيف على وجوب غسله أو استحبابه، يحكم عليه بكونه من الاجزاء المستحبة فيترتب عليه جواز المسح ببلته كبلة بقية الاجزاء فلا يفرق في هذا الحكم بين بلة الحاجبين وبين بلة المسترسل من اللحية نعم لو كان مفاد الجزء الضعيف مجرد استحباب غسل المسترسل من اللحية نفسيا من دون ان يقتضى جزئيته أو كان مفاد تلك الاخبار اثبات الاستحباب النفسي لما بلغ عليه الثواب لا على النحو الذي دل عليه الخبر الضعيف لاشكل الاكتفاء ببلته في المسح، لان المقدار الثابت من المسح بالبلة انما هو المسح ببلة الوضوء لا مطلق واما بناء على الارشاد كما استفدناه فلا اشكال في عدم جواز المسح ببلته لما عرفت من لزوم كون المسح ببلة الوضوء ولم يثبت كونها بلته

الرابع: لا اشكال في انه يعتبر في صدق البلوغ ظهور اللفظ في المعنى المراد والا فلا يصدق عنوان البلوغ وعليه فيعتبر في صدق البلوغ عدم اتصال الكلام بما يوجب سلب ظهوره من القرائن الحافة نعم على الانقياد لا باس بذلك نظرا إلى عدم توقفه على صدق البلوغ وكفاية مجرد احتمال المطلوبية فيه ولو مع اجمال اللفظ وعدم ظهوره في المعنى المراد اما في نفسه أو من جهة اتصاله بم يوجب اجماله أو صرفه عماله من الظهور إلى غيره نعم لا اعتبار بقيام القرائن المفصلة على الخلاف، لأنها على ما حقق في محله لا توجب انثلاما لظهور الكلام كالقرائن المتصلة، وانما غاية اقتضائها هو المنع عن حجيته خاصة مع بقاء اصل ظهوره على حاله، فلو قام خبر ضعيف على وجوب اكرام العلماء أو استحبابه، وقام خبر آخر على عدم استحباب اكرام النحويين منهم أو كراهته فعلى الاستحباب يجرى فيه التسامح ويحكم باستحباب اكرام الجميع نظرا إلى تحقق موضوعه وهو البلوغ بعد عدم انثلام ظهوره في العموم بواسطة ذاك الخاص المنفصل، وكذلك الامر فيما لو كان هناك ما يعارضه بنحو التباين حيث يجري فيه التسامح لتحقق موضوعه الذي هو البلوغ ولا ينافيه عدم استحبابه أو كراهته بواسطة ما يعارضه من الخبر الدال على عدم استحبابه لان غاية ذلك هي عدم اقتضائه من هذه الجهة لان يكون مشمولا لعمومات الاخبار لا ان فيه اقتضاء العدم كي ينافي استحبابه من جهة بلوغ الثواب هذا إذ لم يكن الخبر الدال على عدم استحبابه معتبرا في نفسه واما إذ كان معتبرا في نفسه فقد يقال بعدم جريان التسامح نظرا إلى اقتضاء دليل تتميم كشفه حينئذ بإلغاء احتمال الخلاف للقطع التعبدي بعدم استحبابه ويلزمه ارتفاع البلوغ المأخوذ في تلك الاخبار فلا يبقى معه مجال للحكم باستحبابه ولكنه مدفوع بانه لا تنافى بينهما حيث لا يردان النفي والاثبات فيهما على موضوع واحد (بداهة) ان ما تثبته اخبار التسامح انما هو استحباب العمل البالغ عليه الثواب بهذا العنوان أو استحباب ذات العمل لكونه بلغ عليه الثواب على الخلاف المتقدم في كون البلوغ قيدا لموضوع الثواب أو داعيا على العمل وهذا مما لا تنفيه ذلك الدليل المعتبر فان ما ينفيه انما هو استحبابه بعنوانه الاولى، وحينئذ فبعد صدق بلوغ الثواب بالوجدان وعدم اقتضاء ذلك الدليل المعتبر للمنع عن ظهور ما دل على استحبابه تشمله تلك الاخبار لا محالة، ولا يكاد انتهاء الامر إلى المعارضة بين دليل حجية تلك الامارة الدالة على عدم الاستحباب وبين تلك الاخبار المثبتة لاستحباب العمل الذي بلغ عليه الثواب من غير فرق بين ان نقول في مفاد دليل حجية الامارة بكونه عبارة عن تتميم الكشف أو تنزيل المؤدى منزلة الواقع بجعل مضمونها حكما ظاهريا للمكلف فانه على كل تقدير تجرى فيه ادلة التسامح وان كان جريانها على الثاني اوضح فتأمل .

نعم بناء على استفادة الحكم الطريقي ينتهي الامر في فرض المسألة إلى التعارض والتساقط لان مفاد اخبار من بلغ حينئذ هو حجية قول المبلغ وان ما اخبر به من استحباب العمل هو الواقع فيعارض ما دل على عدم استحبابه واقع هذا كله بناء على استفادة الحكم المولوي النفسي أو الطريقي من اخبار من بلغ واما على ما اخترناه من استفادة الارشاد فلا اشكال في جريانه حتى في مورد قيام الامارة المعتبرة على الخلاف بل ومع عدم قيام خبر ضعيف ايضا على الثواب، فانه يكفي في الانقياد مجرد احتمال الثواب ورجاء المطلوبية في الواقع ولذلك ترى اطباقهم على حسن الاحتياط في موارد احتمال الوجوب أو الاستحباب ولو مع قيام الامارة المعتبرة على عدم الوجوب أو الاستحباب بقى الكلام فيما لو ورد خبران ضعيفان احدهما على استحباب شيء والاخر على استحباب شيء آخر مع العلم الاجمالي بكذب احد الخبرين في الواقع فنقول اما على الانقياد فلا اشكال، فانه يكفى في جريانه مجرد احتمال المطلوبية في كل منهما ولا يمنع عنه العلم الاجمالي المزبور كما انه كذلك بناء على الاستحباب النفسي لما تقدم من انه يكفي في شمول اخبار من بلغ مجرد كون الشيء مما بلغ عليه الثواب مع احتمال المطابقة للواقع، فإذا قام على استحباب كل منهما خبر ضعيف واحتمل المطابقة للواقع ايضا في كل واحد منهما في نفسه مع قطع النظر عن الاخر فلا جرم تشمله اخبار التسامح ويستفاد منها استحباب كل بالخصوص بما لمنه بلغ عليه الثواب ولا يضربه العلم الاجمالي بعدم استحباب احدهما في الواقع بعنوان ذاته وعدم وجود ملاك الرجحان فيه كذلك واما بناء على الحكم الطريقي الراجع إلى حجية اخبار الضعاف في المستحبات، فحيث ان المدلول الالتزامي في كل من الحبرين بمقتضى العلم الاجمالي المزبور هو نفي الاستحباب الاخر فان قلنا بشمول اخبار من بلغ لكل واحد منهما بمالهما من المدلول المطابقي والالتزامي فلا جرم يتحقق بينهما المعارضة وينتهي الامر فيهما بعد التعارض إلى التساقط ، واما ان قلنا باختصاص الحجية حينئذ من جهة دلالتهما على الثواب اعني مدلولهما المطابقي دون الالتزامي كما لعله هو الظاهر ايضا (فلا مانع) من الاخذ بهما معا (حيث) يكون هذين الخبرين كالأصلين المثبتين للتكليف الذين بينا في محله جريانهما في طرفي العلم الاجمالي

الخامس: هل يلحق بالخبر الضعيف فتوى الفقيه بالوجوب والاستحباب فتشمله الاخبار، فيه وجهان، بل قولان :

(ومحل الكلام) في المقام هو ما لو كان الافتاء بالاستحباب بمثل قوله يستحب كذا مع احتمال استناده إلى رواية عن النبي (صلى الله عليه واله ) (واما) مع عدم احتمال ذلك بان علم استناد فتواه إلى بعض القواعد العقلية كتحسين العقل الاقدام على الاتيان بمقدمات الواجب مثلا فلا اشكال في عدم الالحاق خصوصا لو كان مستنده غير تام لدى مجتهد آخر (وكذلك) الامر فيما لو كان فتواه بمثل قوله رأيي أو ان المختار عندي هو استحباب امر كذائي (فانه) وان صدق عليه البلوغ حينئذ بملاحظة كشف رأيه عنه الا ان عدم الالحاق انما هو من جهة انصراف اخبار البلوغ إلى البلوغ بلا واسطة ولو مع احتمال استناد فتواه إلى رواية عن الائمة (عليهم السلام)  (وحينئذ نقول) اما على الانقياد فلا اشكال لما عرفت من انه يكتفي في جريانه مجرد احتمال الثواب ورجاء المطلوبية الواقعية وان لم يكن هناك خبر اصلا (واما على الاستحباب النفسي المولوي أو الطريقي ففي التعدي إلى فتوى الفقيه (اشكال) خصوصا على الطريقية والحجية (حيث) ان الاستحباب خلاف الاصل والقدر المتيقن من تلك الاخبار هي صورة قيام الخبر على الاستحباب مضافا إلى دعوى انصراف اخبار بلوغ الثواب إلى الثواب البالغ من غير جهة الحدس فلا تشمل حينئذ لمثل فتوى الفقيه المستندة إلى حدسه بإعمال اجتهاداته الظنية

(بقي الكلام) فيما لو قام خبر ضعيف على استحباب شيء مع قيام الشهرة الفتوائية ايضا على طبقه فانه بناء على استفادة الاستحباب النفسي أو الطريقي لا اشكال في جواز الافتاء باستحبابه (واما بناء) على استفادة الارشاد والانقياد، فلا اشكال، ايضا فيما لو علم استناد فتواهم بالاستحباب إلى ذلك الخبر حيث يجوز الافتاء بمضمونه بالاستحباب الواقعي نظرا إلى انجبار ضعفه حينئذ بتلك الشهرة (واما لو لم) يعلم منهم الاستناد إليه بان يحتمل استنادهم في ذلك إلى ادلة التسامح ففيه اشكال نظرا إلى بقاء الخبر بعد على ضعفه بل لا يجوز ذلك من جهة كونه حينئذ من التشريع المحرم، فلابد حينئذ من نفي الباس عن العمل به رجاء لإدراك الواقع كما هو ظاهر

الامر الثالث : في ان ادلة البرائة هل تختص بما لو كان الشك في الوجوب التعييني بالأصل أو بالعرض كالواجب المخير المتعين لأجل الانحصار، أو يعم الشك في الوجوب التخييري (الظاهر) هو الثاني لانتفاء ما يقتضى التخصيص بالوجوب التعييني بعد عموم ادلتها (ودعوى) ان الظاهر من ادلتها هو عدم تعين الشيء المجهول على المكلف بنحو يلتزم به ويعاقب على تركه وليس المشكوك المردد حكمه بين الوجوب التخييري والاباحة من هذا القبيل (مدفوع) بان ما يحتمل كونه من افراد الواجب المخير ايضا كان مما يعاقب على تركه ولو على تركه المقرون بترك الاخر المعبر عنه بالترك لا مع البدل فمن هذه الجهة تعمه ادلة البرائة (واما توهم) ان المنسبق من ادلتها هو الاختصاص بما لو كان المشكوك مما يحتمل العقوبة على تركه بقوله مطلق فتختص حينئذ بما لو كان الشك في الوجوب التعييني (فمدفوع) بان ذلك مجرد دعوى لا برهان عليها ول شاهد لها، بل لا يعتبر في جريانها ازيد من كون الشيء مما يحتمل فيه العقوبة ولو على بعض انحاء تروكه وهو الترك في حال ترك العدل والبدل (لان) مثل هذه الجهة ايضا نحو ضيق على المكلف فترفعه ادلة البراءة عقليها ونقليها، هذا (ولكن) الذي يقتضيه دقيق النظر هو التفصيل في المقام براءة واشتغالا بين شقوق المسألة (حيث) ان الشك في الشيء في وجوبه التخيير بتصور على وجوه :

(الاولى) الشك في كون الشيء واجبا تخييري أو مباحا سواء احتمل وجوبه التعييني ايضا أم لا (اما الثاني) كالشك في ان الارتماس في نهار رمضان هل يقتضى وجوب احدى الخصال تخييرا اولا يقتضي شيء واما الاول كالشك في ان المفطر الكذائي هل يقتضى الكفارة اولا وعلى تقدير الاقتضاء فهل يقتضى كفارة معينة كالصوم مثلا أو يقتضى احدى الخصال بحيث كان الصوم على تقدير وجوبه احد افراد الواجب المخير الثانية الشك في كون الشيء واجبا تعيينيا أو تخييريا مع العلم بأصل وجوبه، كما لو علم بتعلق التكليف بشيء بخصوصه كالعتق مثلا (ولكنه) يشك في شيء آخر في انه هل هو واجب وعدل لذلك حتى يكون ما علم وجوبه احد فردي الواجب المخير، أو انه ليس عدلا له حتى يكون ذاك واجبا تعيينيا .

(الثالثة) ما لو علم بتعلق التكليف بكل من العتق والصوم مثلا ولكنه يشك في كونهما واجبان تعيينان أو تخييريان الرابعة ما لو علم بوجوب شيء بخصوصه كالقراءة في الصلاة  وعلم ايضا بان الاخر مسقط له كالجماعة، الا انه يشك في ان مسقطيته له لكونه عدلا له أو لكونه مستحبا أو مباح مسقطا للواجب من جهة مفوتيته لملاكه أو غير ذلك فهذه صور الشكوك المتصورة في المسألة (فنقول) :

اما الصورة الاولى فلا ينبغي الاشكال في جريان البرائة فيها مطلق عقلية وشرعية لرجوع الشك فيها إلى الشك في اصل تعلق التكليف بالنسبة إلى المشكوك، بل ويمكن دعوى انصراف كلام الشيخ (قدس سره) عن هذه الصورة في منعه عن جريان البرائة (واما الصورة الثانية) وهي ما لو علم بتعلق التكليف بشيء بخصوصه كالعتق مثلا وشك في كون شيء آخر عدلا له فقد يقال فيها ايضا بجريان البرائة عن التعيين لأنه كلفة زائدة توجب الضيق على المكلف فتنفي بأدلة البرائة عقليها ونقليها (ولكن التحقيق) فيها هو الاحتياط (وذلك) لان مرجع كون الشيء واجبا تعينيا انما هو إلى كونه مطلوبا بطلب تام قائم به بشراشر وجوده الموجب بمقتضى النهي عن النقيض للمنع عن جميع انحاء عدمه حتى العدم في حال وجود غيره، في قبال الواجب التخييري الذي مرجعه إلى كونه متعلق لطلب ناقص على نحو لا يقتضى الا المنع عن بعض انحاء عدمه وهو العدم في حال عدم العدل (فتمام) الامتياز بين الواجب التعييني والواجب التخييري انما هو من هذه الجهة من حيث كون الطلب المتعلق بالشيء تارة على نحو يكون طاردا لجميع انحاء عدمه (واخرى) كونه على نحو لا يكون الا طاردا لبعض انحاء عدمه (لا ان) الامتياز بينهما من جهة تقييد الطلب في الواجب التخييري بعدم الاتيان بالغير كما توهم، ولا من جهة مجرد جعل العدل له في طي الخطاب وعدمه (وكيف) ويرد على الاول ان لازمه هو عدم تحقق الامتثال بالواجب التخييري عند الاتيان بهما معا وهو كما ترى لا يمكن الالتزام به (وعلى الثاني) بان جعل العدل وعدم جعله في طي الخطاب انما هو من لوازم نقص الطلب المتعلق بالشيء وتماميته من حيث اقتضائه تارة لطرد جميع اعدام الشيء واخرى لبعض اعدامه (لا ان) ذلك من مقومات تعيينية الطلب وتخييريته (وعلى ذلك) نقول ان مرجع الشك في كون الشيء واجبا تعينيا أو تخييريا حينئذ إلى العلم الاجمالي، اما بوجوب الاتيان بخصوص الذي علم بوجوبه في الجملة وحرمة تركه مطلقا حتى في ظرف الاتيان بما احتمل كونه عدلا له واما بحرمة ترك الاخر المحتمل كونه عدلا له في ظرف عدم الاتيان بذلك ولازم هذا العلم الاجمالي انما هو الاحتياط بتحصيل الفراغ اليقيني بإتيان خصوص ما علم وجوبه في الجملة، ووجوب الاتيان بما احتمل كونه عدلا له عند عدم التمكن من الاتيان بما علم وجوبه لاضطرار ونحوه نعم لو اغمض عن ذلك لا مجال للمنع عن جريان البرائة عن التعيين بما افاده بعض الاعاظم (قدس سره) من ان صفة التعينية المشكوكة ليست من الامور الوجودية المجعولة شرعا ولو بالتبع حتى يجري فيه حديث الرفع وانما كانت عبارة عن عدم جعل العدل فمهما تعلق التكليف بشيء ولم يجعل له عدل في طي الخطاب كان التكليف تعيينيا كما انه مهما تعلق التكليف بشيء له عدل كان التكليف تخييريا فتعيينية التكليف حينئذ عبارة عن تعلق الارادة المولوية بشيء ليس له عدل بلا فصل وجودي (وعلى ذلك) فلا تكون جهة تعينية التكليف صفة وجودية للخطاب حتى تجرى فيها البرائة، بل كان مقتضى الاصل بعد رجوع الطلب التخييري إلى تعلق التكليف بشيء يكون له البدل والعدل هو عدم جعل العدل ووجوبه المنتج لتعينية وجوبه نظرا إلى رجوع الشك في التعيينية والتخييرية إلى الشك في وجوب العدل وعدمه والاصل عدم وجوبه (وفيه) ما عرفت من ان صفة التعينية للطلب انما تنتزع عن كون الطلب المتعلق بالشيء حاويا لجميع حدود وجوده بنحو يقتضى طرد جميع انحاء عدمه التي منه عدمه الذي في حال وجود غيره، ويقابلها التخييرية حيث انها كانت منتزعة عن قصور الطلب وعدم احتوائه الا لبعض حدود وجوده الملازم لخروج بعض انحاء عدمه وهو العدم في حال وجود الاخر عن حير المنع وكونه تحت الترخيص (نعم) من لوازم هذا القسم من الطلب غير الحاوي للوجود على الاطلاق هو جعل البدل والعدل في حيز الخطاب لا انه مما به قوام حقيقته وكونه فصلا وجوديا له (فالوجوبان) حينئذ مختلفان سنخا لا انهما متحدان وكان الاختلاف من جهة وجوب العدل وعدمه ولقد اجاد بعض المحققين في المقام فيما افاد من التعبير عن الواجب التخييري بانه طلب الفعل مع المنع عن بعض انحاء تروكه (فإذا كانت) جهة التعينيية منتزعة عن سعة الطلب وشموله للوجود على الاطلاق وفي قبالها التخييرية الراجعة إلى قصور الطلب وعدم شموله لجميع حدود وجود الشيء (فلا جرم) يكون مرجعها إلى صفة وجودية للخطاب (وفى مثله) لو شك في التعينيية والتخييرية يكون مرجع الشك إلى جهة زائدة عما يقتضيه الخطاب التخييري فتجري فيها البرائة ثم ان ذلك) كله ايضا بالنسبة إلى البرائة الشرعية، واما البرائة العقلية فلا يحتاج في جريانها إلى اثبات ان التعينية صفة وجودية بل يكفي في جريانه مجرد كون المشكوك بخصوصه موجبا للعقوبة(وبما ذكرنا) ظهر النظر فيما افاده من الرجوع إلى اصالة عدم وجوب العدل فانه انما ينتج ذلك لو كان العدل وعدمه مما به قوام حقيقة التعينية والتخييرية والا فبناء على ما ذكرنا من كونه من لوازم نقص الطلب وقصوره عن الشمول لجميع حدود وجود الشيء فلا ينتج مثل هذا الاصل الجاري في اللوازم لإثبات تعينية الطلب كما هو ظاهر (وحينئذ) فالعمدة في المنع عن جريان البرائة في المقام هو ما ذكرناه من العلم الاجمالي .

(واما الصورة الثالثة) وهو صورة العلم بوجوب الشيئين مع الشك في انهما واجبان تعينيان أو تخييريان فلا يجري فيها العلم الاجمالي المزبور لاحتمال التعينية في كل منهما (وبعد) العلم التفصيلي بحرمة ترك كل منهما في حال ترك الاخر يرجع الشك المزبور إلى الشك في حرمة ترك كل واحد في حال وجود غيره فيجري البرائة فيهما لاندراجه في الاقل والاكثر الارتباطيين (ولا مجال) لإجراء قاعدة الشك في المسقط، لان ذلك انما يكون في فرض ثبوت اصل الاشتغال بالتكليف وفي المقام كان الشك في اصل التكليف بالترك الخاص في كل منهما ومثله كما عرفت يكون مجرى للبرائة (كما انه) لا مجال للتمسك باستصحاب وجوب كل منهما بعد الاتيان بالأخر، لان الوجوب المردد بين الاقل والاكثر مما لا ينتج شيئا والوجوب الاخر من الاول كان مشكوك (واما الصورة الرابعة) وهي ما لو علم بتعلق التكليف بشيء مع العلم بان الاخر مسقط للتكليف به، ولكن يشك في ان ذلك من جهة كونه عدلا له وانه احد فردي الواجب المخير أو انه من جهة كونه مفوتا لملاكه أو غير ذلك (فالحكم فيها) ايضا هي البرائة عن وجوب ما علم كونه مسقطا ولو مع عدم التمكن من الاتيان بما علم تعلق التكليف به وتعذره عليه (نظرا) إلى الشك في اصل تعلق التكليف به ولو تخييرا ثم انه قد يقال ان الجماعة بالنسبة إلى الصلاة  الفرادى من هذا القبيل وانه يتأتى فيها الاحتمالات المزبورة فيشك في وجوبيها حينئذ عند تعذر القراءة على المكلف (ولكن) التحقيق فيها انها طرف التخيير بالنسبة إلى الصلاة  فرادى بما لها من العرض العريض الصادقة على الفرد الاختياري والاضطراري ان المكلف في كل حال مخير بين الصلاة  فرادى وبين الصلاة  جماعة لا انها طرف التخيير بالنسبة إلى الفرد الاختياري ولا كونها مستحبة مسقطة للوجوب عن الصلاة  فرادي، ولا كونها من حيث قراءة الامام منزلة قراءة المأموم ولو في ظرف اختيار الجماعة (وعليه) فلا تجب الجماعة عند تعذر القراءة، بل المكلف مخير بين الفرادى بما يحسن من القراءة وبين الجماعة (هذا كله) فيما لو دار حكم الشيء بين الوجوب التخييري والاباحة (واما لو دار الامر) بين الوجوب الكفائي والاباحة، فمقتضى الاصل فيه ايضا هي البرائة عن وجوبه حتى مع العلم بعدم اقدام الغير على الاتيان به نظرا إلى الشك في اصل توجه التكليف بالنسبة إليه ولو كفائيا فتجري فيه ادلة البرائة عقليها ونقليها (سواء) كان الشك في وجوبه عليه من جهة الشك في اصل توجه التكليف الكفائي بالنسبة إليه ام كان الشك في وجوبه عليه كفائيا مع العلم بوجوبه المردد بين العيني والكفائي على الغير (فانه) على كل تقدير تجري البرائة عن وجوبه عليه ولو مع العلم بعدم اقدام الغير على الاتيان به فيجوز له ترك الاتيان بما احتمل وجوبه عليه كفائيا وان لم يجز ذلك بالنسبة إلى ذلك الغير (وفي) سقوط التكليف عن المتيقن توجه التكليف إليه بأقدام هذا واتيانه بما احتمل وجوبه عليه كفائيا اشكال (ودقيق النظر) في ذلك يقتضى ملاحظة كيفية توجيه التكليف الكفائي (وانه) بنحو يكون تعلقه بجامع المكلفين بان يكون هناك غرض واحد يقتضي تكليفا واحدا متوجها إلى الجامع وكان كل فرد بما انه ينطبق عليه الجامع مكلفا بالإيجاد نظير التكليف التخييري بين الافراد المندرجة تحت جامع واحد أو انه بنحو يكون متعلقا بكل واحد من آحاد المكلفين ولكن بوجوب ناقص كما هو التحقيق نظير ما ذكرناه في الواجب التخييري (أو انه) بنحو يكون متعلقا بكل واحد من آحاد المكلفين بحيث كان هناك تكاليف متعددة ناشئة عن اغراض عديدة متعلقه بأحاد المكلفين بنحو يكون اقدام بعضهم على الاتيان موجبا لسقوط التكليف عن البقية اما بملاك المفوتية أو غيرها (فعلى الاولين) تجرى البرائة عن التكليف بالنسبة إليه بعد اتيان الغير به من جهة رجوع الشك فيه مع اتيان الغير به إلى الشك في اصل الاشتغال بالتكليف لا في الشك في السقوط كما توهم (فان) القدر المتيقن من اقتضاء الخطاب المزبور حينئذ انما هو حرمة تركه في ظرف عدم اتيان الغير بالفعل، واما حرمة تركه على الاطلاق حتى في ظرف اتيان الغير بالعمل فمن الاول كانت مشكوكة لعدم العلم بكون التكليف المتوجه إليه تكليفا عينيا حتى نقتضى حرمة تركه على الاطلاق فكان الشك حينئذ في اصل الاشتغال بالترك الخاص ومثله كما عرفت يكون مجرى للبرائة (واما على الاخير) فلازمه المصير إلى الاشتغال، من جهة رجوع الشك بعد العلم بأصل الاشتغال وقيام الغرض بالشيء إلى الشك في القدرة على الامتثال المحكوم عقل بلزوم الاخذ بالاحتياط بالتعرض للامتثال وعدم الاعتناء بالشك في السقوط واحتمال العجز (بل وتجرى) فيه ايضا استصحاب بقاء التكليف وعدم سقوطه عنه بإقدام الغير فتدبر.

___________

(1) مبحث الشبهة التحريمية ص202.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.