أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-7-2020
1061
التاريخ: 1-9-2016
1014
التاريخ: 1-9-2016
587
التاريخ: 1-9-2016
730
|
إذا كان التعارض بين أكثر من دليلين ففيه صور كثيرة :
(الصورة الاولى) ما إذا ورد عام وخاصان متباينان، كما لو قام دليل على وجوب اكرام العلماء، وقام دليل آخر على عدم وجوب اكرام الكوفيين من العلماء، وقام دليل ثالث على عدم وجوب اكرام البصريين من العلماء (فان النسبة) بين قوله اكرم العلماء، وبين كل من قوله لا يجب اكرام الكوفيين، وقوله لا يجب اكرام البصريين هي العموم المطلق (وبالنسبة) بين كل من الخاصين مع الآخر هي التباين (ولا اشكال) في تخصيص العام بكل واحد من الخاصين إذا لم يلزم منه التخصيص المستهجن، أو بقاء العام بلا مورد (واما) إذا لزم منه التخصيص الاكثر المستهجن أو التخصيص المستغرق (فلا بد) في مثله من معاملة التعارض بين العام ومجموع الخاصين بأعمال المرجحات السندية (فان) اخذ بالخاصين ترجيحا أو تخييرا طرح العام ولا تعارض بينهما (وان اخذ) بالعام كذلك، فحيث ان المعارض للعام هو مجموع الخاصين دون الجميع، يقع بين الخاصين تعارض بالعرض فيعامل معهما معاملة المتعارضين (فان كان) لاحد الخاصين مزية على الآخر يؤخذ به ويخصص به العام ويطرح الآخر (والا) فيؤخذ بأحدهما تخييرا ويخصص به العام ويطرح الآخر (ثم ان ذلك) إذا لم يكن بين الخاصين معارضة ذاتية كما في المثال، والا فلا بد من اعمال الترجيح بينهما أو لا، ثم تخصيص العام بالراجح منهما ولا وجه حينئذ لأعمال الترجيح في العام لأنه فرع معارضة الخاصين معه، فإذا كان الترجيح بينهما اقتضى قصر الحجية بذي المرجح منهما يسقط الآخر عن صلاحية المعارضة مع العام ولو بضميمة غيره، فينحصر المعارض للعام بالخاص الراجح فيخصص به العام لأقوائية دلالته منه (هذا) إذا كان الخاصان متساوي الافراد بمعنى عدم اباء العام عن تخصيصه بكل واحد منهما منفردا (واما) إذا كان احد الخاصين اكثر افرادا من الآخر بحيث يأبى العام عن تخصيصه به بانفراده (فلا شبهة) في انه يخصص العام بالخاص الآخر الذي لا يلزم من التخصيص به محذور الاستهجان، ويعامل مع ما يلزم منه المحذور معاملة التباين، الا إذا فرض كون العام أصنافيا لا افراديا، فلا يضر حينئذ كثرة افراده بتخصيص العام به كما هو ظاهر.
(الصورة الثانية) ما لو ورد عام وخاصان بينهما العموم المطلق، كقوله اكرم العلماء، وقوله لا تكرم النحويين منهم، ولا تكرم الكوفيين من النحويين (فان) النسبة بين العام وبين كل واحد من الخاصين هي العموم المطلق (والنسبة)بين الخاصين أيضا هي العموم المطلق (وتحقيق) الكلام في حكم هذا القسم هو ان الحكم في الخاصين، اما ان أحرز كونه على نحو وحدة المطلوب (واما) ان احرز كونه على نحو تعدد المطلوب ان يكون اكرام مطلق النحوي مبغوضا، واكرام الكوفي من النحوي مبغوضا آخر بنحو الاشد (فعلى الاول) يخصص العام باخص الخاصين (لأنه) كما يخصص به العام، يخصص به الخاص الاعم أيضا حسب احراز وحدة المطلوب فيهما (ومع) تخصيصه به يخرج عن الحجية فيما عدى مورد الاخص، فلا يصلح للمعارضة مع العام كي تلاحظ النسبة بينه وبين العام فيخصص به، بل العام يبقى على حجيته في ما عدى مورد الخاص الاخص وهو الكوفي من النحوي من غير ان يزاحمه حجة اخرى (وعلى الثاني) وان يبقى المجال في بدو الامر لتخصيص العام بكل من الخاصين (ولكن) بعد خروج اخصهما من حكم العام على كل تقدير اما مستقلا واما في ضمن الخاص الاعم، ينقلب (1) النسبة بين العام وبين الخاص الاعم إلى العموم من وجه لان النحوي يعم الكوفي وغيره والعالم الكوفي يعم النحوي وغيره (فملي القول) بالانقلاب كما هو مسلك جماعة، تقع المعارضة بينهما في مورد الاجتماع وهو النحوي غير الكوفي، حيث كان مقتضى العام وجوب اكرامه، وكان مقتضى الخاص الاعم حرمة اكرامه (لا يقال) انه لا وجه لتخصيص العام أو لا باخص الخاصين، ثم ملاحظة النسبة بين الباقي تحت العام وبين الخاص الاعم (بل اللازم) بعد تسوية نسبة العام إلى كل من الخاصين هو تخصيص العام بكل منهما دفعة (فانه يقال) ان تخصيص العام باخص الخاصين قهري للعلم بعدم حجية العام بالنسبة إليه لخروجه عن تحته على كل تقدير (وحينئذ) فعلى القول بالانقلاب لا محيص من لحاظ نسبة العموم من وجه بين العام وبين الخاص الاعم، لا نسبة العموم المطلق بينهما كما هو ظاهر (نعم) على المختار من عدم انقلاب النسبة في التخصيصات المنفصلة كما سيأتي تحقيقه انشاء الله تعالى يخصص العام بهما جميعا (وهذا) إذا لم يلزم من تخصيص العام بكل من الخاصين التخصيص المستهجن أو المستوعب (واما إذا لزم) منه ذلك، فحيث ان المحذور لا يكون الا من جهة عدم صلاحية الاعم من الخاصين لتخصيصه والا فصلاحيته لذلك ملازم لصلاحية الاخص ايضا لتخصيصه (فلا محالة) لا بد من تخصيصه بالخاص الاخص والرجوع إلى المرجحات السندية بين العام والخاص الاعم كما اشرنا إليه آنفا (وبما ذكرنا) (2) انقدح عدم صحة ما عن بعض الاعاظم (قدس سره) من الحاق حكم هذا القسم بالقسم الاول خصوصا على مختاره من انقلاب النسبة، فراجع كلامه (قدس سره) ترى فيه مواقع للنظر. (تبصرة) اعلم ان العبرة في استهجان التخصيص أو قبحه انما هو على لغوية القاء العام إلى المكلف مع التخصيص الكثير أو المستوعب (وهذا المحذور) انما يتحقق إذا كان الخاص مستوعبا للعام بما له من الافراد الفعلية والفرضية (والا) فمجرد استيعابه لأفراده الفعلية لا يوجب لغويته، فإذا ورد دليل على وجوب اكرام العلماء، ودليل آخر على حرمة اكرام فساقهم يخصص به العام المزبور وان كان مستوعبا لأفراده الفعلية (إذ يكفي) في عدم لغوية العام ان يكون له افراد فرضية بعد التخصيص (نعم) انما يرد المحذور فيما إذا كان مفاد العام على نحو القضية الخارجية، نظير قوله كل من في الدار هلك، لا على نحو القضية الحقيقة (وعلى هذا) الضابط يختلف الحال في ورود محذور التخصيص المستهجن والقبيح وعدم وروده باختلاف الموارد حسب كون مفاد العام وكذا الخاص على نحو القضية الحقيقية أو الخارجية (فكل مورد) يكون مفاد العام والخاص على نحو القضية الخارجية يتحقق المحذور باستيعاب الخاص للأفراد الفعلية الخارجية فيرجع إلى المرجحات السندية بين العام والخاص (وكل) مورد يكون مفادهما على نحو القضية الحقيقية الناظرة إلى الافراد الفعلية والفرضية، فلا يتحقق المحذور، الا باستيعاب الخاص لجميع افراده الفعلية والفرضية، أو لأكثرها، لا بصرف استيعابه للأفراد الفعلية كما هو ظاهر .
(الصورة الثالثة) ما إذا ورد عام وخاصان تكون النسبة بينهما العموم من وجه، كما إذا قال اكرم العلماء، ثم قال لا تكرم النحويين، وقال ايضا يستحب اكرام الصرفيين (فان) النسبة بين قوله اكرم العلماء وبين كل من قوله لا تكرم النحويين ويستحب اكرام الصرفيين هي العموم المطلق، والنسبة بينهما هي العموم من وجه ومجمع التصادق فيهم هو النحوي الصرفي (وحكمه) انه يخصص العام بكل واحد من الخاصين مع الامكان حتى بالنسبة إلى مجمع تصادق الخاصين (ومع) عدم امكان تخصيصه بهما يرجع إلى التفصيل الذي ذكرناه في الصورة الاولى (لا يقال) ان في مجمع تصادق الخاصين يسقط الخطابان عن الحجية بالمعارضة، فلا وجه لتخصيص العام بهما حتى في مجمع تصادقهما (بل لا بد) حينئذ من ان يكون العام مرجعا بالنسبة إلى المجمع بعد تعارض الخطابين وتساقطهما فيه عن الحجية (فانه يقال) ان سقوط الخطابين عن الحجية في المجمع انما هو بالنسبة إلى مدلولهما المطابقي (واما) بالنسبة إلى مدلولهما الالتزامي في نفي الثالث فهما على حجيتهما، ولازمه هو خروج المجمع عن تحت العام وكونه محكوما بغير حكمه، وسيأتي تنقيح البحث في ذلك انشاء الله تعالى.
(الصورة الرابعة) ما إذا ورد عامان بينهما العموم من وجه وخاص، كما إذا قال اكرم النحويين، ثم قال لا تكرم الصرفيين، وقال ايضا يستحب اكرم النحوي غير الصرفي (فتارة) يكون مفاد الخاص اخراج مورد اقتران احد العامين كم في المثال (واخرى) يكون مفاده اخراج مورد اجتماع العامين. كقوله يستحب اكرام الصرفي من النحويين (فعلى الاول) تنقلب النسبة بين العامين بعد التخصيص إلى العموم المطلق (لأنه) بخروج النحوي غير الصرفي يختص قوله لا تكرم النحويين بالنحويين من الصرفيين، فتصير النسبة بينه وبين قوله لا تكرم الصرفيين هي العموم المطلق (وعلى الثاني) تنقلب النسبة بين العامين بعد اخراج مورد الاجتماع إلى التباين، لاختصاص قوله لا تكرم النحويين بما عدا الصرفيين، وقوله لا تكرم الصرفيين بما عدا النحويين، فتوجب هذا الانقلاب على القول به في مقام اخذ النسبة لنحو جمع بين العامين المزبورين .
(الصورة الخامسة) ما إذا ورد عامان متعارضان بالتباين، كقوله اكرم العلماء، وقوله لا تكرم العلماء (فانه) بملاحظة ورود دليل ثالث قد يقال بانقلاب النسبة بينهما من التباين إلى العموم المطلق تارة، والى العموم من وجه اخرى (فالأول) ما لو كان مفاد دليل الثالث اخراج عدول العلماء من قوله لا تكرم العلماء، أو اخراج فساق العلماء من قوله اكرم العلماء (فانه) تنقلب النسبة بذلك بين العامين إلى العموم المطلق (ومن ذلك) الادلة الدالة بعضها على إرث الزوجة من العقار مطلقا وبعضها على عدم ارثه منها مطلقا، وبعضها على ارثها من العقار ان كانت ام ولد (والثاني) فيما لو ورد دليل رابع يوجب تخصيص قوله اكرم العلماء بالفقهاء منهم (فانه) بعد هذا التخصيص تنقلب النسبة بين قوله اكرم العلماء وبين قوله لا تكرم العلماء بعد تخصيصه بما عدى العدول إلى العموم من وجه (وهكذا) الكلام في النسبة بين اكثر من دليلين، كقوله اكرم العلماء، ولا تكرم الفساق، ويستحب اكرام الشعراء (فان) النسبة بين كل واحد من الادلة الثلاثة مع الآخر هي العموم من وجه (وبعد) ورود دليل رابع على اخراج مجمع التصادق فيها وهو العالم الفاسق الشاعر تنقلب النسبة بينها من العموم من وجه إلى التباين (وعلى) اخراج مورد الافتراق عن احدى الادلة الثلاثة تنقلب النسبة بينه وبين الآخرين الي العموم المطلق، وهكذا (فانه) قد يتوهم كون المدار في ملاحظة كون الادلة متعارضة أو غير متعارضة على هذه النسبة المنقلبة بعد تخصيص بعض الادلة ببعضها لا على النسبة الاولية المتحققة بينها. (وغاية ما قيل) أو يمكن ان يقال في تقريب الانقلاب، وجهان (احدهما) ان التعارض انما يلاحظ بين الادلة بمقدار كشفها وحكايتها عن المراد النفس الأمري (ولا شبهة) في ان العام المخصص بعد التخصيص يتضيق دائرة كشفه وحكايته عن الواقع ولا يبقى حيث كشفه على ما كان له قبل التخصيص (لان) دليل الخاص في مثل قوله لا تكرم الفساق من العلماء يكشف عن عدم كون عنوان العام في قوله اكرم العلماء تمام المراد وان المراد الجدي منه هو ما عدا الفساق فيوجب تضييق دائرة كشف العام عن المراد النفس الامري (ومع) تضيق دائرة كشفه وحكايته عن الواقع يلزمه انقلاب النسبة بينه وبين العام الآخر المقابل له من حيث كشفه إلى العموم المطلق (وثانيها) ان ملاحظة النسبة بين المتعارضين لا بد ان تكون بين الحجتين بان يكون كل واحد من المتعارضين من حيث ذاته مع قطع النظر عن معارضه حجة فعلية تصح الركون إليه في استفادة الحكم الشرعي والافتاء بمضمونه وحيث ان العام المخصص بالمتصل أو المنفصل لم يكن حجة فعلية في تمام مدلوله، وانما حجيته فيما عدا عنوان الخاص وهو المقدار الباقي تحته بعد التخصيص (فلا محيص)في مقام لحاظ النسبة من لحاظها بينه وبين العام الآخر في مقدار يكون حجة فعلية فيه لولا معارضه، ولا يكون ذلك الا بعد تخصيصه بالخاص الوارد عليه (وهذا) معفى انقلاب النسبة بين الدليلين أو الاكثر.
(اقول) ولا يخفى ما فيه من الفساد (اما الوجه الاول) ففيه ان تعارض الادلة وان كان باعتبار كشفها عن المراد الواقعي بمعنى الدلالة التصديقية على المراد، لا الدلالة التصورية (ولكن) المدار في الحجية في باب الالفاظ بعد ان كان على الكاشفية النوعية الحاصلة من القاء الظاهر في مقام الافادة والاستفادة، لا على الكاشفية الفعلية المنافية مع الظن بالخلاف (نقول) انه مع انعقاد الظهور النوعي العمومي للعام الملقى في مقام الافادة والاستفادة وعدم انثلامه بقيام القرينة المنفصلة على التخصيص، لعدم اقتضاء الخاص المنفصل الاقصر حجية ظهور المدلول ورفع اليد عن البعض الآخر (لا يبقى) مجال دعوى انقلاب النسبة بين العام المخصص، بالمنفصل بعد التخصيص وبين العام أو الخاص الآخر المنفصل (ولا فرق) في ذلك بين ان يكون المتكلم من عادته افادة مرامه بكلامين منفصلين، أو لم يكن كذلك (فان) مثل هذه العادة غير مغيرة للكاشفية النوعية التي عليها مدار دلالة الالفاظ على المراد الجدي، بل غاية ما تقتضيه هو عدم ترتب الاثر على ظهور كلام مثله قبل الفحص عن القرينة المنفصلة على خلاف ما يقتضيه ظهور كلامه (ولذا) لا يكون الظفر بالقرينة على التخصيص الا رافع لحجية ظهوره لا كاشفا عن عدم ظهوره من الاول ولا رافعا لظهوره بعد انعقاد (نعم) لو قلنا ان القرائن المنفصلة كالمتصلة منها تكون كاسرة لأصل ظهور الكلام ودلالته على المراد (أو قلنا) ان مناط الحجية في الظهورات على الكاشفية الفعلية عن المراد الجدى (لا تجه) القول بانقلاب النسبة في الموارد المذكورة، لارتفاع الظهور النوعي العمومي للعام على الاول، وارتفاع كاشفيته الفعلية عن المراد الواقعي عن الثاني بقيام القرينة المنفصلة على التخصيص (ولكن) المبنيين مع كونهما سخيفان في نفسهما لا يلتزم بهما القائل بالانقلاب (ومن التأمل) فيما ذكرنا يظهر الجواب عن الوجه الثاني (إذ نقول) ان التعارض في الادلة وان كان بين الحجتين، للزوم ان يكون كل من المتعارضين في نفسه مما يصح الركون إليه لولا المعارض (ولكن) الكلام في الظهور الذي هو موضوع الحجية وانه ليس ظهورا آخر وراء ما يقتضيه العام اولا من الظهور النوعي العمومي (لما ذكرنا) منان نتيجة التخصيص بالمنفصل ليست الاقصر حجية ظهور العام ببعض مدلوله ورفع اليد عنه ببعضه الآخر (ومن البديهي) ان قصر حجيته ببعض مدلوله غير موجب لقلب دلالته النوعية على العموم، ولا لأقوائية دلالته في مقدار حجيته (لان) ظهوره ودلالته في مقدار حجيته انما هو بعين ظهوره ودلالته على تمام مدلوله قوة وضعفا لا بظهور آخر غيره (وحينئذ) فإذا كان هذا الظهور مساويا أو اضعف من ظهور غيره، فكيف يقدم ظهوره في مقدار الحجية على ما كان مساويا أو أقوى ظهورا منه بصرف أخصيته (وتوهم) ان الخاص اينما وجد يقدم على العام ولو كان ظهوره مساويا أو أضعف من ظهور العام (مدفوع) بانه على فرض تسليمه انما يتم في الخاص الحقيقي لا في الخاص الاعتباري الناشئ من طرو حد اعتباري على بعض مدلول العام لأجل قصر الحجية عليه (نعم) لو كانت الأخصية حاصلة من قرينة متصلة بالعام لكان لتقديمه على غيره مجال (ولكن) أين ذلك والقرينة المنفصلة غير الكاسرة لظهوره في العموم كم هو ظاهر (وحينئذ) فالتحقيق في جميع الموارد المذكورة هو ملاحظة النسبة الاولية الثابتة بين الدليلين أو أزيد، من التباين أو العموم من وجه أو المطلق بفرض وجود المخصص من هذه الجهة كان لم يكن ثم العمل على ما تقتضيه النسبة الاولية من التعارض أو الترجيح. تكملة ينبغى تتميم البحث بالإشارة إلى بيان النسبة بين أدلة ضمان العارية (فنقول) ان الاخبار الواردة في هذا الباب على طوائف اربع:
(الاولى) ما يدل بعمومه أو اطلاقه على عدم ضمان العارية مطلقا من غير تقييد بشيء، كصحيحة الحلبي عن الصادق (عليه السلام): ليس على مستعير عارية ضمان وصاحب العارية والوديعة مؤتمن، وقريب منه صحيحة بن مسلم عن الباقر (عليه السلام).
(الثانية) بهذا المضمون الا انه استثنى مطلق الذهب والفضة، كرواية اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله أو ابى ابراهيم عليهما السلام: قال العارية ليس على مستعيرها ضمان الا ما كان من ذهب أو فضة فانهما مضمومان اشترطا أو لم يشترطا.
(الثالثة) بهذا المضمون الا انه استثنى الدنانير، كرواية عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) لا تضمن العارية الا أن يكون قد اشترط فيها الضمان الا الدنانير فانها مضمونة وان لم يشترط فيها ضمانا.
(الرابعة) بهذا المضمون ال أنه استثنى الدراهم خاصة، كرواية عبد الملك عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال ليس على صاحب العارية ضمان الا أن يشترط صاحبها الا الدراهم فانها مضمونة اشترط صاحبها أو لم يشترط. ، (فهذه) طوائف أربع من الاخبار قد توافقت على عدم ضمان العارية في غير جنس الذهب والفضة الا مع اشتراط الضمان فيها (واما) في جنس الذهب والفضة فقد اختلف فيها الاخبار المذكورة حيث ان مقتضى اطلاق صحيحة الحلبي هو عدم الضمان فيها أيضا، ومقتضى البقية هو ثبوت الضمان فيها (كما ان) بين الطائفة الثانية وبين الطائفة الثالثة والرابعة ايضا اختلاف في مطلق الذهب والفضة (فان مقتضى) الطائفة الثانية ثبوت الضمان فيهما، ومقتضى الطائفة الثالثة والرابعة نفي الضمان في عارية مطلق الذهب والفضة، وبينهما العموم من وجه (وأيضا) بين الطائفتين الاخيرتين اختلاف آخر في ضمان الدرهم والدينار من حيث اقتضاء العقد السلبي في كل منهما نفي ما يثبته الآخر بالعقد الاثباتي (فلا بد) حينئذ من العلاج بالجمع بين هذه الاخبار (فنقول) اما الطائفتان الاخيرتان فالجمع بينهما انما هو بتقييد اطلاق العقد السلبي في كل منهما بالعقد الاثباتي في الآخر، فتصير النتيجة هي عدم الضمان الا في عارية الدراهم والدنانير (لان) الروايتين حينئذ بمنزلة رواية واحدة نافية للضمان الا في عارية الدراهم والدنانير (وبهاتين) الطائفتين يخصص عموم نفي الضمان في العارية في صحيحة الحلبي، فيصير نفي الضمان فيها مختصا بما عدا الدراهم والدنانير (فيبقى التعارض) بينهما، وبين رواية اسحق بن عمار في الذهب والفضة المسكوكين (فان) مقتضى رواية اسحاق بن عمار هو ثبوت الضمان في عارية مطلق الذهب والفضة وان لم يكون مسكوكين، ومقتضى العقد السلبي في روايتي الدراهم والدنانير هو عدم الضمان فيما عد الدرهم والدينار مطلقا، وبينهما العموم من وجه، فيتعارضان في مجمع تصادقهما، وهو الذهب والفضة غير المسكوكين، ويكون المرجع بعد تساقطهما فيه، عموم ما دل على نفي الضمان كصحيحة الحلبي المتقدمة من قوله (عليه السلام) ليس على مستعير عارية ضمان وصاحب العارية والوديعة مؤتمن (وقد يتوهم) بان النسبة بين عموم ما دل على نفى الضمان، وبين ما دل على ثبوت الضمان في مطلق الذهب والفضة بعد ما كانت على نحو العموم المطلق وجب تخصيص الاول بالثاني كتخصيصه بما دل على ثبوت الضمان في عارية الدراهم والدنانير، لما تقدم من انه إذا ورد عام وخاصان بينهم العموم المطلق وجب تخصيصه بكل من الخاصين ولو كانت النسبة بين الخاصين هي العموم المطلق (ولكنه) مدفوع بان عدم تخصيصه به انما هو من جهة عدم حجيته لا بتلائه بالمعارضة مع ما دل على نفي الضمان فيما عدا الدراهم والدنانير(إذ حينئذ) يبقى عموم ما دل على نفي الضمان في العارية بالنسبة إلى الذهب والفضة غير المسكوكين على حاله، فيكون مرجعا في مجمع التصادق عن تصادم الظهورين وتساقطهما في المجمع (هذا) على م اخترناه من عدم انقلاب النسبة بين الدليلين بعد تخصيص أحدهما بدليل ثالث (واما على القول) بالانقلاب تكون النتيجة أيضا هي عدم الضمان في عارية غير المسكوك من الذهب والفضة (لأنه) بتخصيص عموم نفي الضمان في العارية في صحيحة الحلبي بما دل على الضمان في الدرهم والدنانير، تنقلب النسبة بين العام المزبور وبين ما دل على ثبوت الضمان في مطلق الذهب والفضة إلى العموم من وجه وبعد تعارضهما في مجمع التصادق وهو الذهب والفضة غير المسكوكين، يكون المرجع اصالة البرائة عن الضمان في حلى غير المسكوك من الذهب والفضة، فتكون النتيجة على المسلكين هي عدم الضمان (غير ان) عدم الضمان على المختار يكون من جهة الاصل اللفظي وهو عموم نفي الضمان (وعلى مسلك) انقلاب النسبة من جهة الاصل العملي (ثم ان) ما ذكرناه من مرجعية عموم نفي الضمان في عارية الذهب والفضة غير المسكوكين، أو مرجعية اصالة البرائة على المسلك الآخر مبنى على تصادم كلا الاطلاقين وتساقطهما (والا) فيمكن ترجيح تقييد اطلاق رواية الذهب والفضة بخصوص المسكوك منهما على تقييد اطلاق العقد السلبي في روايتي الحصر في الدرهم والدينار لأظهرية الثاني في العموم بملاحظة الاستثناء الوارد فيه من الاول في اطلاقه لمطلق الذهب والفضة (واما) توهم بعد تقييد اطلاق رواية الذهب والفضة بخصوص المسكوك منهما، لكونه من التقييد بالفرد النادر المستهجن عرفا (لان) الغالب في عارية الذهب والفضة هو عارية الحلي غير المسكوك، لأنه هو الذي يستعار للزينة، فيكون حمل اطلاق رواية ضمان عارية الذهب والفضة على المسكوك منهما حملا له على الفرد النادر (فمدفوع) اولا بمنع ندرة عارية المسكوك من الذهب والفضة خصوصا مع كثرة الحلي المتخذ منهما (وثانيا) ان حمل المطلق على الفرد النادر انما يستهجن إذا لم يكن المتكلم متكفلا لبيان الفرد النادر، والا فلا استهجان فيه، وبعد تكفل روايتي الدرهم والدينار لبيان حصر الضمان في العارية بخصوص المسكوك من الذهب والفضة اين يبقى المجال للتوهم المزبور (ولا اقل) من تصادم الاطلاقين في المجمع وعدم ترجيح احدهم على الآخر، فيكون المرجع فيه عمومات نفي الضمان في مطلق العارية التي لم يتصل به استثناء الدراهم والدنانير (هذا كله) إذا كان لاحد المتعارضين مزية في الدلالة تقتضي الجمع العرفي بينهما (واما) إذا لم يكن لاحدهما مزية تقتضي ذلك بان كان متكافئين في الدلالة (ففيه) يقع الكلام في مقامين (الاول) في حكم المتعارضين بالنظر إلى ما يقتضيه الاصل الاولى في المتعارضين بلحاظ عموم دليل الحجية من انه هو التساقط وفرضهما كان لم يكونا أو هو التخيير (الثاني) في بيان حكمها بالنظر إلى ما يستفاد من الاخبار العلاجية من الترجيح أو التخيير.
___________
(1) قوله: ينقلب: ولكن الانصاف عدم تمامية دعوى انقلاب النسبة في الفرض المزبور فانه مع امكان تخصيص العام بكل واحد من الخاصين فلا محالة يخصص بهما جميعا ولا مجال لتخصيصه بأحدهما اولا ثم ملاحظة النسبة بينه وبين الخاص الآخر ومجرد خروج اخص الخاصين من تحته على كل تقدير لا يقتضى قلب النسبة بينه وبين الخاص الاعم نعم لهذ الكلام مجال في الفرض الاخير وهو فرض عدم صلاحية العام لتخصيصه بينهما كما هو ظاهر منه (قدس سره )
(2) قوله: وبما ذكرنا: كما انه على ذلك لا بد على القول بانقلاب النسبة من ملاحظة النسبة بين العام المخصص وبين الخاص الاعم وليس هنا مجال دعوى ان نسبة العام إلى كل واحد من الخاصين على السوية لان المفروض خصوصية العام بالنسبة إلى مقدار مدلول الخاص الاعم لفرض عدم قابليته للتخصيص به واختصاص صلاحيته له بخصوص اخص الخاصين وح فعلى القول بالانقلاب لا وجه لملاحظة العام مع مجموع الخاصين كي ينتهى الامر إلى التعارض بينه وبينهما كما لا يخفى - منه (قدس سره).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|