أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-8-2016
2761
التاريخ: 7-7-2020
1836
التاريخ: 30-8-2016
1395
التاريخ: 9-7-2020
2052
|
ينقسم الواجب إلى المطلق والموقّت .
اعلم : أنّ الإنسان بما أنّ وجـوده زماني تكون أفعالـه أيضاً زمانيـة ، ولا محالـة يكون عمود الزمان ظرفاً لها ، فلزوم الزمان في تحقّق الواجبات ممّا لا محيص عنه عقلاً .
وأمّا دخالته في الغرض فربّما يكون المحصِّل للغرض نفس الطبيعة بلا دخالة لوقوعها في الزمان ، و اُخرى يكون المحصّل وقوع الطبيعة في الزمان ، وهو على قسمين : فإنّ الغرض يحصل إمّا من وقوعها في مطلق الزمان ، وإمّا من وقوعها في زمان معيّن .
فهذه أقسام ثلاثة ، ولا إشكال في كون الأوّل داخلاً تحت الواجب المطلق وأمّا الثاني ـ أعني ما يكون مطلق الزمان دخيلاً فيه ـ فجعله من قبيل الموقّت لا يخلو من إشكال ; لأنّ الموقّت يتعلّق فيه الأمر بالطبيعة وظرفها ، ولو كان الدخيل هو الظرف المعيّن لكان للأمر به معنى مقبول .
وأمّا إذا كان الدخيل هو الزمان المطلق فلا مجال للأمر به ; للزوم اللغوية ; لأنّ المكلّف لا يقدر على إيجاده في غير الزمان حتّى يكون الأمر صارفاً عنه
وداعياً نحوه . والصحيح أن يقال : إنّ الموقّت ما عيّن له وقت معيّن والمطلق بخلافه ، فالمطلق قسمان والموقّت قسم واحد .
ثمّ إنّه لا إشكال في صحّة تقسيم الواجب الموقّت إلى المضيّق والموسّع .
وما اُورد على الواجب الموسّع بأنّ لازمه ترك الواجب في أوّل وقته ، وهو ينافي وجوبه(1) .
مدفوع بأنّ الواجب ليس إتيانه في أوّل الوقت ، بل الواجب الطبيعـة التي يوجدها المكلّف بين الحدّين ، وليس تركها إلاّ إعدامها في تمام الوقت المضروب لها .
وأفسد من ذلك : ما اُورد على تصوير المضيّق بأنّ الانبعاث لابدّ وأن يكون متأخّراً عن البعث، فلابدّ من فرض زمان يسع البعث والانبعاث ، ولازمه زيادة زمان الوجوب على زمان الواجب(2) .
وفيه : أنّ تأخّر الانبعاث عن البعث تأخّر طبعي لا زماني ، على أ نّه يمكن تصوّر المضيّق بنحو الواجب التعليقي ، فيكون البعث قبل زمان الواجب .
ثمّ إنّ نسبة الواجب الموسّع إلى أفراده الدفعية والتدريجية كنسبة الطبائع إلى مصاديقها في أنّ التخيير بينها عقلي لا شرعي ; لأنّ ما هو دخيل في تحصيل الغرض في الموسّع هو حصول الطبيعة بين المبدأ والمنتهى ، فلابدّ وأن يتعلّق الأمر بما هو محصّل للغرض ، ولا يجوز تعلّقه بالزائد . فتعلّق الأمر بالخصوصيات لغو جزاف .
ومن هنا يعلم : أ نّه لا يتضيّق بتضيّق وقته ; لأنّ الأمر المتعلّق بطبيعة لا يمكن أن يتخلّف إلى موضوع آخر ، فالواجب لا يخرج من كونه موسّعاً بتضيّق وقته ; وإن حكم العقل بلزوم إتيانه في آخر الوقت .
تتميم : في الإتيان بالموقّت خارج الوقت:
الحقّ : أنّه لا دلالة للأمر بالموقّت على وجوب الإتيان به في خارج الوقت ، بل هذا هو الحكم في سائر التقييدات ; ضرورة أنّ كلّ أمر لا يدعو إلاّ إلى ما تعلّق به ; إذ كلّ حكم فهو مقصور على موضوعه ، والمفروض ، أنّ البعث على الطبيعة المتقيّدة بالوقت ، فلو قلنا بدعوته خارج الوقت لزم كونه داعياً إلى غير متعلّقه .
وبالجملة : أنّ الدعوة إلى الموقّت بعد خروجه محال ; لامتناع إتيانه ، وإلى غير الموقّت كذلك; لعدم كونه متعلّقاً . ودعوة الأمر إلى الطبيعة في ضمن المقيّد لا توجب دعوته إليها مطلقة وعارية عن القيد .
وأمّا التفصيل الذي أفاده المحقّق الخراساني : من أنّه لو كان التوقيت بدليل منفصل ، وكان لدليل الواجب إطلاق لكان قضية إطلاقه ثبوت الوجوب بعد الوقت أيضاً(3) ، فخروج من حريم النزاع ; إذ البحث في دلالة نفس الموقّت بعد كونه موقّتاً فيما لم يدلّ على البقاء دليل اجتهادي ; من إطلاق أو عموم .
وربّما يتمسّك لبقاء الأمر بعد خروجه بالاستصحاب(4) .
والتحقيق : عدم جريانه ; لاختلاف القضية المتيقّنة والقضية المشكوك فيها ، ومع اختلافهما وتعدّدهما في نظر العرف ينهدم أساس الاستصحاب .
وتوضيح الاختلاف : أنّ مصبّ الحكم ومحطّ الوجوب في الأحكام الشرعية هو نفس العناوين الكلّية مع قيودها من الزمان والمكان ، والعنوان المقيّد وذات العنوان مختلفان في نظر العرف ، والصلاة الموقّتة غير نفس الصلاة عنواناً ، وغير الصلاة بلا توقيت ، والقضية المتيقّنة هي وجوب الصلاة الموقّتة ، والمشكوك فيها هي نفس الصلاة أو الصلاة خارج الوقت ، فإسراء الحكم من المتقيّدة إلى الخالي منها في القضايا الكلّية إسراء من موضوع إلى موضوع آخر .
فإن قلت : المسامحة العرفية في إثبات وحدة الموضوع أو اتّحاد القضيتين هو المفتاح الوحيد لرفع الاختلاف وجريان الاستصحاب .
قلت : نمنع المسامحة إذا كان الحكم متعلّقاً بالعنوان ، كما في القضايا الكلّية ، من دون أن يسري إلى الخارج ، كما في الأحكام الشرعية ; فإنّ محطّ الوجوب هو عنوان الصلاة ، ولا يعقل أن يكون الخارج ظرف العروض ; لأنّه ظرف السقوط .
وفي هذا القسم يكون المطلق غير المقيّد ، والماء المتغيّر غير نفس الماء ، ولا يسامح ولا يرتاب أيّ ذي مسكة في أنّ العنوانين متغايران جدّاً ، بل التغيّر ـ ولو يسيراً ـ في القضية المتيقّنة الكلّية يضرّ بالاستصحاب .
وبالجملـة : أنّ القيود في العناويـن الكلّيـة كلّها مـن مقوّمـات الموضـوع عرفـاً وعقلاً .
نعم ، فرق بين هذا القسم وبين ما لو كان الحكم مجعولاً على عنوان ، لكن العنوان انطبق على الخارج وسرى الحكم إليه ; بحيث صار الموضوع لدى العرف هو نفس المصداق الخارجي لا العنوان ، كما في الأحكام الوضعية ; فإنّ النجس و إن كان هو الماء المتغيّر إلاّ أ نّه إذا انطبق على الماء الموجود في الخارج يصير الموضوع عند العرف هو نفس الماء ، ويعدّ التغيّر من حالاته ، ويشكّ في أنّه هل هو واسطة في الثبوت أو واسطة في العروض .
وبالجملة : فرق بينما إذا كان الموضوع أو القضية المتيقّنة نفس العنوان المأخوذ في لسان الدليل ـ كما في الأحكام التكليفية ـ وبين ما إذا كان الموضوع نفس العنوان لكنّه انطبق على الخارج وصار الخارج موضوعاً للحكم في نظر العرف . فالمسامحة العرفية إنّما هو في القسم الثاني دون الأوّل .
ويترتّب على ذلك ما لو باع فرساً عربياً ، ثمّ ظهر كون المدفوع إلى المشتري غير عربي ; فإنّ البيع تارة يتعلّق بعنوان الفرس العربي ، وحينئذ لا يكون المدفوع مصداقاً له ، واُخرى على هذا الفرس الخارجي بعنوان كونه عربياً ، فيكون المدفوع مصداقاً للمبيع ، وللمشتري إعمال خيار تخلّف الشرط . وهذا مجمل ما اخترناه في محلّه ، وسيجيء له تفصيل في الجزء الثالث بإذن الله تعالى .
وبذلك يظهر النظر فيما يقال : إنّ المقيّد إذا وجب ينسب الوجوب إلى المهملة ، فيكون نفس الطبيعة واجبة ، فشكّ في بقائه ; لأنّ متعلّق الوجوب إذا كان مقيّداً أو مركّباً يكون موضوعاً واحداً ، فالواجب هو المقيّد بما هو كذلك ، وليس للمهملة وجوب حتّى يستصحب .
وما قيل من الوجوب الضمني، لا أصل له ولا ينحلّ الوجوب إلى وجوب متعلّق بنفس الطبيعة ووجوب متعلّق بقيدها ، كما اشتهر في الألسن . فالمتيقّن هو وجوب المقيّد ، وهو ليس بمشكوك فيه ، فلا يجري الاستصحاب بعد رفع القيد .
_____________
1 ـ اُنظر معالم الدين : 73 ، قوانين الاُصول 1 : 118 / السطر5 .
2 ـ أجود التقريرات 1 : 190 .
3 ـ كفاية الاُصول : 178 .
4 ـ نهاية الدراية 2 : 283 ، الهامش 1 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|