المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



الفلسفة  
  
2681   11:59 صباحاً   التاريخ: 4-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص82-87
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-1-2023 998
التاريخ: 2023-04-04 1211
التاريخ: 2024-03-11 768
التاريخ: 4-7-2016 2584

تأخرت العناية بالفلسفة في الأندلس، و أول شخص تضاف إليه محمد بن (1)عبد اللّه بن مسرة المولود بقرطبة سنة ٢6٩ للهجرة، و يبدو أنه اعتنق مبكرا بعض الآراء الفلسفية و الاعتزالية مما جعل بعض الفقهاء يتهمه في عقيدته، و كأنما خشى على نفسه، فرحل في سنة ٢٩٩ إلى بيت اللّه الحرام، لأداء فريضة الحج، و اختلف في رحلته إلى حلقات المتكلمين و مجالس المتفلسفة و المتصوفة، و عاد إلى موطنه، فاعتزل في ضيعة له بقرية من قرى قرطبة، و اجتذب إليه كثيرين عاشوا معه في عزلته، و آمنوا بما كان يردده من آراء تتصل بالاعتزال و الفلسفة و التصوف، أما الاعتزال فقد كان يردد فيه فكرة أن القرآن مخلوق و فكرة استطاعة الإنسان و حريته في إرادته و وجوب إنفاذ الوعيد على اللّه. و أما الفلسفة فكان يردد فيها بعض مبادئ المدرسة الأفلاطونية الحديثة المنسوبة خطأ إلى إنباذوقليس و القائلة بوجود مادة روحانية تشترك فيها جميع الكائنات ما عدا الذات الإلهية، و أنها أول صورة للعالم العقلي المؤلف من الجواهر الخمسة. و أما التصوف فكان يردد فيه أفكار أمثال ذي النون المصري الذى كان يتحدث عن الأحوال و المقامات و علم الصوفية الباطن، و ألّف في ذلك كله كتابين هما التبصرة و الحروف. و كان يقدح في أحاديث الشفاعة و يؤوّل آيات القرآن. و كان يستر دعوته بالتقشف و الورع و النسك و كان تلامذته يتناقلون آراءه سرا، و يبدو أن أتباعه أخذوا يتكاثرون بعد وفاته سنة ٣١٩ و لا نصل إلى سنة ٣45 حتى نجد عبد الرحمن الناصر يأمر بأن يتلى على الناس في قرطبة و البلدان الأندلسية المختلفة كتاب توضّح فيه نحلتهم و أنهم خرجوا على الجماعة بمعتقداتهم و خاصة الاعتزالية و أنهم يستحلون دماء المسلمين مع تحريف التأويل لآي القرآن العظيم و أحاديث الرسول الأمين، و أمر من يتولون الأحكام بتتبعهم و استتابتهم. و يعودون إلى الظهور في عهد ابنه المستنصر لما شاع لزمنه من التسامح الفكري حتى إذا توفى و ولى ابنه المؤيد و أصبح زمام الحكم بيد المنصور بن أبي عامر حاجبه-و كان يستشعر الحمية للدين-أمر قاضي قرطبة محمد بن يبقى بالقبض على كل من يؤمن بتعاليم ابن مسرة، فأخذ يتعقبهم و تاب على يده كثيرون منهم. و ألّف ابن يبقى ضد هذه التعاليم كتابا ينقضها، و حاكاه في ذلك الزبيدي اللغوي. و يظل لابن مسرة أتباع مستترون. و يذكر ابن حزم في كتابه الفصل داعيا كبيرا لتلك التعاليم كان يعاصره في القرن الخامس الهجري، و كان يرى أن البعث إنما يكون بالأرواح لا بالأجساد و بمجرد الموت تحاسب الروح فإما إلى الجنة و إما إلى النار، و اسمه إسماعيل بن عبد اللّه الرعيني، و كان يقول إن العالم لا يفنى أبدا، إلى غير ذلك من آراء جعلت أتباع المذهب يبرؤون منه )2). و ظلت تعاليم ابن مسرة حية في الأندلس طويلا، إذ هيأت-من بعض الوجوه-لاعتناق بعض الأفراد مذهب الاعتزال و عناية أفراد آخرين بالتصوف إلى أن انتهى-فيما بعد-إلى ابن عربي، و أيضا عناية كثيرين بالفلسفة، و إن كانوا لم يستمروا في اتجاهه أو بعبارة أخرى في اتجاه المدرسة الأفلاطونية الحديثة، فقد أخذوا يتجهون إلى المدرسة المشائية و فيلسوفها الكبير أرسطاطاليس.

و كثر هذا الاتجاه في عهد أمراء الطوائف، و كان قد كثر دخول الكتب الفلسفية إلى الأندلس، و كثر معها الإقبال على الدراسات المنطقية، و يشير صاعد بن أحمد الطليطلي المتوفى سنة 46٢ في كتابه طبقات الأمم مرارا إلى من أكبوا على دراسة المنطق من مثل أبي الوليد الوقشي الطليطلي و ابن الجلاب السرقسطي و ابن سيده المرسى، و فيه يقول:

«عنى بعلوم المنطق عناية طويلة و ألف فيه تأليفا كبيرا مبسوطا» . و على الرغم مما يقال من أن عصر المرابطين كان عصر الفقهاء المحافظين نجد الدراسات المنطقية و الفلسفية تنشط فيه و يشتهر بها غير منطقي و متفلسف، و يلقانا ممن عكفوا على دراسة المنطق أبو الصلت أمية )3)بن عبد العزيز الداني المتوفى سنة 5٢٩ و له في المنطق كتاب تقويم الذهن المنشور بمدريد مع ترجمة إسبانية. و يلقانا من المتفلسفة ابن (4)السيد البطليوسي عبد اللّه بن محمد المتوفى سنة 5٢١ و هو عالم لغوي و له في الفلسفة رسالة مطبوعة في القاهرة بعنوان: «كتاب الحدائق في المطالب الفلسفية العويصة» و فيه يتحدث عن ترتيب الموجودات عن السبب الأول و أن صفات اللّه-جل شأنه-لا يصح أن يوصف بها إلا عن طريق السلب و أن نفس الإنسان الناطقة لا تفنى-بل تبقى-بعد موته. و يذكر ابن السيد في الكتاب بعض أقوال لأرسطو و زينون و أفلاطون و غيرهم من فلاسفة اليونان، و قد أورد فيه لأفلاطون فقرا من محاورة تيماوس و نقل بالنثيا عن آسين بلاسيوس أنها لا تتفق مع النص اليوناني المعروف لتلك المحاورة.

و أهم من ابن السيد معاصره ابن (5)باجة المتوفى سنة 5٣٣ للهجرة، و هو أول فيلسوف أندلسي بالمعنى الدقيق لكلمة فيلسوف، و قد انحدر من أسرة في سرقسطة شمالي الأندلس كانت تحترف الصياغة، و لا تذكر المصادر التي عنيت بالترجمة له شيئا عن نشأته و دراسته، و يبدو أنه أكبّ مبكرا على دراسة الفلسفة و علوم الأوائل، كما أكبّ على علم الألحان و الغناء، و بلغ فيه كما بلغ في الفلسفة و علم الأوائل مبلغا عظيما. و كان شاعرا مبدعا كما كان ناثرا بليغا، مما جعل أبا بكر (6)بن تيفلويت حين حكم سرقسطة من قبل المرابطين لأواخر سنة 5٠٣ للهجرة يتخذه كاتبا له و وزيرا، حتى إذا توفى هذا الحاكم سنة 5١٠ أكثر من مراثيه و تغنى بها في ألحان مبكية كما يقول ابن سعيد، و لم يطب له فيها المقام بعده، فهاجر منها إلى المرية ثم إلى غرناطة، و ظل بها فترة ثم رحل عنها إلى فاس عاصمة المرابطين في المغرب، و قيل بل إلى جيان و انقطع للدرس و التأليف حتى وفاته سنة 5٣٣. و كان من أهم ما انقطع له الفلسفة المشائية و أستاذها أرسطو و تعمقها أدق تعمق حتى ليقول ابن أبى أصيبعة: إذا قارنت أقاويله فيها بأقاويل ابن سينا بان لك الرجحان في أقاويله، و قد عنى عناية واسعة بشرح كثير من أعمال أرسطو، فشرح كتابه السماع الطبيعي أو سمع الكيان، و جزءا من كتابه الكون و الفساد، و المقالات الأخيرة من كتابه عن الحيوان، و جزءا من كتابه عن النبات. و شرح المنطق للفارابي و الأدوية المفردة لجالينوس و أيضا لابن وافد. و له تصانيف في الرياضيات و الهندسة و الفلك فاق فيها المتقدمين. و له في الفلسفة كتاب في البرهان و كتاب في النفس و كتاب في العقل الفعال إلى غير ذلك من كتب لم يبق منها إلا بعض رسائل و إلا كتابه تدبير المتوحد المنشور بمدريد و فيه يتخيل مدينة فاضلة مثالية لا يحتاج أهلها إلى طوائف الأطباء الثلاث: لا أطباء البدن لأن أهلها لا يرتكبون أي رذيلة تسبب لهم المرض، و لا أطباء العدالة لأن أهلها متحابون لا يقع بينهم ما يحتاجون معه إلى قضاة و قضاء، و لا أطباء النفوس لأن أهلها كاملون. و يفيض في بيان الصور الروحية و العقلية و أن غاية المتدبر اتحاد عقله بالعقل العلوي الفعال حتى يبلغ مرتبة المعرفة العقلية الحقيقية، و بذلك وصل بين التأمل العقلي و بين عون علوى، محاولا الوصل بذلك بين الفلسفة و الدين، و خلفه ابن طفيل و ابن رشد (7)، فبلغا بالفلسفة الإسلامية في موطنهما الغاية التي ليس وراءها غاية.

و ابن طفيل (8)هو أبو بكر محمد بن عبد الملك-و قيل ابن عبد اللّه-القيسي، ولد سنة 5٠6 للهجرة في برشانة من أعمال المريّة، و قيل في وادي آش من أعمال غرناطة، و قيل بل في تاجلة من أعمال جيّان، و قد أكبّ على كتب الفلسفة و الطب مبكرا، و خاصة كتب ابن باجة أكبر فيلسوف في زمنه، و تبعه يشرح بعض كتب أرسطو مثل كتابه الآثار العلوية، كما تبعه يؤلف في الفلسفة مثل كتاب له في النفس، و اشتغل بالطب في غرناطة و ببعض الأعمال الإدارية فيها و في سبتة و طنجة، ثم صار طبيبا لسلطان الموحدين يوسف بن عبد المؤمن، و اتخذه مستشارا، فجلب إليه العلماء من جميع الأقطار، و ممن جلبه إليه صديقه ابن رشد، و ما زال يوسف حفيّا به إلى أن توفى قبله بقليل في مراكش سنة 5٨٠، بينما توفى ابن طفيل سنة 5٨١ و كانت له في الطب و الفلك مؤلفات سقطت في يد الزمن، و يقول البطروحي أكبر علماء الفلك الأندلسيين إنه أخذ عنه قوله في الدوائر الخارجية و الدوائر الداخلية. و قد اشتهر في عصره إلى اليوم بقصته: حي بن طفيل، و سنخصها بحديث مفرد في الفصل الأخير.

و ابن رشد )9)هو أبو الوليد محمد بن أحمد سليل أسرة فقهية قرطبية، ولد لها في العقد الثاني من القرن السادس الهجري، و تولى مثل أبيه و جده القضاء فكان قاضيا في إشبيلية سنة565و في قرطبة سنة 56٧، مما يدل على أنه أكبّ على دراسة الفقه في بواكير حياته، و له فيه كتاب بداية المجتهد و نهاية المقتصد و هو منشور بالقاهرة. و كان-و لا يزال- مرجعا مهما في الفقه و فتاويه. و اهتم بعلوم الأوائل، فدرس الفلك و له فيه رسالة عن حركته و أخرى عن النجوم الثابتة، و درس الطب و له فيه كتاب الكليات المنشور بتطوان، و ترجم في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي إلى اللاتينية و طبع في البندقية سنة ١4٨٢ و ترجم له أيضا إلى اللاتينية شرح على أرجوزة لابن سينا في الطب طبع أيضا في البندقية بعد كتابه الكليات بسنتين. و له تلخيصات لكتب جالينوس الطبية مثل: كتاب المزاج و كتاب القوى الطبيعية و كتاب العلل و الأعراض و كتاب الحميات و كتاب الأدوية المفردة.

و شغف بالفلسفة و عرف فيه ذلك صديقه ابن طفيل، و كانت له حظوة عند السلطان يوسف بن عبد المؤمن (55٧-5٨٠ ه‍) فشكا إليه قلق عبارات أرسطو في كتبه و حاجتها إلى الشرح و التلخيص، و سأله أن يقوم بذلك، فاعتذر بعلو سنّه، و أشار عليه أن يطلب ذلك من ابن رشد-و كان قاضى إشبيلية حينذاك-فاستدعاه و طلب إليه أن ينهض بهذا العمل فنهض به على خير وجه، و ظل حاسدون يسعون ضده عند السلطان يعقوب بن يوسف (5٨٠-5٩5 ه‍) حتى إذا انتصر في موقعة الأرك المشهورة ضد نصارى الإسبان سنة 5٩١ أخذته الحميّة للدين فكلف طائفة من الفقهاء ببحث كتبه و هل فيها ما يخالف الدين، و رأوه يقول بقدم العالم بالقوة موفقا بين الفلسفة و الدين و أن البعث سيكون بالأجسام كما قال الدين و لكن لا بعينها و لكن بأجسام تشبهها أكثر كمالا، فاتهموه لذلك بالزندقة. و عرف السلطان خطأه في سنة 5٩5، فاستدعاه إلى مراكش لإعلان رضاه عنه، و استرضاه و لم يلبث كل منهما أن لبىّ نداء ربه.

و قد وضع ابن رشد شروحا مطولة و متوسطة و موجزة لكثير من مؤلفات أرسطو، و يقول صاحب المعجب: «رأيت له تلخيص كتب أرسطو في جزء واحد في نحو مائة و خمسين ورقة لخّص فيه كتبه: سمع الكيان، و السماء و العالم، و الكون و الفساد، و الآثار العلوية، و الحس و المحسوس، ثم لخّصها و شرح أغراضها في كتاب مبسوط في أربعة أجزاء» و يقول بالنثيا إنه وضع شروحا مطولة لكتاب البرهان و كتاب السماع الطبيعي و كتاب السماء و العالم، و كتاب النفس و كتاب ما وراء الطبيعة، و وضع شروحا متوسطة لهذه الكتب، و للمنطق و للكون و الفساد و الآثار العلوية، و للأخلاق و للحس و المحسوس أو الطبيعيات الصغرى، و للأجزاء التسعة الأخيرة من كتاب الحيوان. و كل هذه الشروح ترجمت إلى اللاتينية و العبرية و ترجمت إليها أيضا مؤلفاته الأصيلة في الفلسفة و في مقدمتها تهافت التهافت الذى يرد فيه على الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة مدافعا بحرارة عن الفلسفة و أرسططاليس. و له شروح على كتابيّ الشعر و الخطابة لأرسطو، و ترجم إلى اللاتينية أيضا كتاباه: «الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة» و «فصل المقال فيما بين الحكمة و الشريعة من الاتصال» و من قوله فيه: «الحكمة (أي الفلسفة) صاحبة الشريعة و أختها الرضيعة و هما مصطحبتان بالطبع و متحابتّان بالجوهر و الغريزة، و يقرر ما قاله صديقه ابن طفيل في قصة حي بن يقظان من أن الفلسفة تخاطب الخاصة و الدين يخاطب العامة.

و كان يذهب إلى أن عقول الأفلاك تصدر عن اللّه، و كل فلك أو كل عقل يحدث الحركة فيما دونه إلى أن نصل إلى العقل الفعال، و في كل إنسان قبس منه، و إذا ازداد اتصاله به سما إلى حالة الكشف الصوفي. و أدّته محاولته في التوفيق بين الدين و الفلسفة إلى التأويل في النصوص الدينية حتى يتاح للإنسان فهم الحقائق العليا. و حاول أن يوفق بين رأى أرسطو و الفلاسفة المشائين بأن العالم قديم و رأى الغزالي و عامة المتكلمين بأنه محدث، فقال إن قدمه إنما هو بالقوة لا بالفعل، ثم وجد و تشكّل فهو قديم و محدث، و كذلك المادة قديمة و محدثة. و قال إن اللّه يعقل الأشياء في ذاته لا كما نعقلها نحن على وجه كلي أو جزئي، إذ هو علة الموجودات جميعا و المحرك لها من القوة إلى الفعل.

و منذ أخذ مترجمو ابن رشد إلى اللاتينية: جيرار الكريمونى (١١٨٧ م) و ميشيل سكوت الإنجليزى (١٢٣5م) و هرمان الألماني (١٢٧٢ م) يذيعون أعماله أخذت تدرّس في الجامعات الأوربية بإيطاليا و فرنسا و إسبانيا بينما كانت الكنيسة تقاومها و خاصة رهبان الدومينيكان، و صبّت الكنيسة لعناتها على سيجر البرابانتي الأستاذ بجامعة باريس و طردته من رحابها في سنة ١٢66 إذ عدته زنديقا رشديّا، و على الرغم من أن الراهب الدومينيكاني الألماني ألبرت الكبير و تلميذه الراهب توماس الأكويني هاجما بعض الآراء و التعاليم المنسوبة إليه خطأ فقد انتفعا أكبر انتفاع بأدلته و براهينه في التوفيق بين الفلسفة أو العقل و بين الدين، حتى ليسيران معه في طريق واحدة متبعين خطاه فيما قرر من وحدانية اللّه لوحدة العالم و تنزيهه عن كل نقيصة. و ظلت فلسفة ابن رشد و تعاليمه و أفكاره تدرس في الغرب منذ القرن الرابع عشر، و على الرغم من أن مجمع لاتران البابوي قرّر سنة ١5٠٢ لعن كل من ينظر في فلسفة ابن رشد ظل له أنصار كثيرون و ظل يدرس في الجامعات الغربية حتى العصر الحديث. و مما لا ريب فيه أنه كان لفلسفته و أفكاره أثر بعيد في قيام حركة التحرر و الإصلاح الديني في النهضة الأوربية، و يقول بالنثيا إن تأثير ابن رشد في تاريخ الفكر الأوربي كان حاسما، و هو تأثير يحتاج بيانه إلى مجلدات طوال و هو يعدّ-بحق-خاتمة الفلاسفة و المفكرين العظام في الأندلس.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) راجع في ابن مسرة تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي (طبع القاهرة) رقم ١٢٠٢ و أخبار الحكماء للقفطي (طبع ليبزج) ص ١6 و الجزء الخامس من المقتبس لابن حيان ص ٢٠ و ما بعدها و كتاب الناصر في التنديد بمذهبه ص ٢5 و الفصل في الملل و الأهواء و النحل لابن حزم (طبع القاهرة) 4/١٩٨ و بالنثيا ص ٣٢6.

2) الفصل 4/١٩٩.

3) انظر في مصادر أمية ترجمته في الفصل الرابع.

4) راجع في ابن السيد الصلة لابن بشكوال (طبع مدريد ١٨٨٢) رقم 6٣٩ و المغرب ١/٣٨5 و قلائد العقبان لابن خاقان ص ١٩٣ و ابن خلكان ٣/٩6 و أزهار الرياض ١/56،٣/١٠١ و بالنثيا ص ٣٣4.

5) انظر في ابن باجة القفطي ص 406 و ابن أبى أصيبعة ص 5١5 و المغرب ٢/١١٩ و الفتح في القلائد ص ٣٠٠ و ابن خلكان 4/4٢٩ و نفح الطيب (تحقيق د. إحسان عباس)٧/٢٧ و الوافي بالوفيات للصفدي (طبع إستانبول)٢/٢4 ٠ و الخريدة للعماد الأصبهاني (قسم شعراء المغرب و الأندلس) طبع الدار التونسية ٢/٣٣٢ و بالنثيا ص ٣٣5.

6 ( انظر ترجمته في الإحاطة ١/5٠4.

7( انظر في تلمذة ابن طفيل لابن باجة المعجب للمراكشي (طبع القاهرة) ص ٣١١ و في تلمذة ابن رشد له ابن أبة أصيبعة في ترجمة ابن باجة ص 5١6.

8) راجع في ابن طفيل المعجب ص ٣١١ و ما بعدها و المغرب ٢/٨5 و تحفة القادم (الموجز- عدد أيلول سنة ١٩4٧) رقم 4٣ و الإحاطة ٢/4٧٨ و بالنثيا ص ٣4٨ و الميتافيزيقا في فلسفة ابن طفيل للدكتور عاطف العراقي. (طبع دار المعارف).

9) راجع في ابن رشد ابن أبي أصيبعة ص 5٣٠ و المعجب ص ٣١4 و ما بعدها و ابن الأبار في كتابه التكملة رقم ٨5٣ و الوافي بالوفيات للصفدي (طبع إستانبول)١/١١4 و ابن فرحون في الديباج المذهب ٢/٢5٧ و المغرب ١/١٠4 و ابن تغرى بردى في النجوم الزاهرة 6/١54 و ابن العماد في الشذرات 4/٣٢٠ و پالنثيا ص ٣5٣ و تراث الإسلام (طبع لجنة الترجمة و التأليف و النشر بالقاهرة) ص ٣٠5 و ما بعدها و كتاب ابن رشد و الرشدية لرينان و مقالة كرادى قو عنه في دائرة المعارف الإسلامية و راجع كتاب مؤلفات ابن رشد للمنظمة العربية للتربية و الثقافة و العلوم (طبع الجزائر) و كتابي د. عاطف العراقي عن النزعة العقلية و المنهج النقدي في فلسفة ابن رشد. (طبع دار المعارف( .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.