أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-6-2016
349
التاريخ: 30-6-2016
515
التاريخ: 30-6-2016
289
التاريخ: 30-6-2016
337
|
التغيير في مصادر التفوق التنافسي
إن إدارة العنصر البشري وكيفية التعامل معه في الوقت الحاضر تعدّ في غاية الأهمية وستتزايد في المستقبل كأهم مصدر من تحقيق التفوق التنافسي. وإضافة إلى المصادر التقليدية السابقة التي قدمها بورتر فإن هنالك مصادر أصبحت تعدّ تقليدية على الرغم من أهميتها مثل التكنولوجيا المستخدمة في العمليات الإنتاجية وفي المنتج نفسه والحماية التي تفرضها الدول والوصول إلى المصادر المالية واقتصاديات الإنتاج الواسع النطاق. كل هذه المصادر التي تحقق الميزة التنافسية ما زالت مهمة ولكن أهميتها في تحقيق الميزة التنافسية بدأت تتغير وإن لم تتغير في الدول العربية مثلا أو بعض دول العالم الثالث، وحتى هذه اللحظة فإنها حتما ستتغير في المستقبل لأنها مصادر غير ثابتة على المدى الطويل على أهميتها وحاجة مؤسسات الأعمال لها. وهذا يترك المجال لثقافة المؤسسة ورأس مالها البشري وكيفية إدارته كمصدر أساسي وفعال على المدى الطويل للمساهمة في ديمومة الميزة التنافسية التي نتحدث عنها هنا.
فالتكنولوجيا مثلا لم تعدّ حكراً على أحد، والتطور والتجدد التكنولوجي حَتّم على المؤسسات دوام التطوير والتجديد فإذا نظرنا إلى زيروكس (Xerox) في عام 1959 نرى بأنها قد طورت آلات التصوير المعروفة وبعد 13 عاماً وصلت حصتها السوقية أكثر من 90% لأجهزة ظلت تعتمد على نفس التكنولوجيا حتى عام 1972. والسؤال المهم في الوقت الراهن هو: أين هي المنتجات أو الأجهزة التي يمكن تصنيعها الآن لكي تحتفظ ب90% من حصة السوق ولمدة 13 عاما وبالاعتماد على نفس التكنولوجيا؟!
إن دورة حياة المنتجات أصبحت قصيرة جدا وعملية تطوير السلع الجديدة تتم بشكل أسرع من أي وقت مضى، والاعتماد على تكنولوجيا ثابتة أصبح من ضرب الخيال. فالتكنولوجيا المستخدمة والمتطورة مثل الCAD و ال CAM والجمع بينهما وتقنيات أخرى كلها ساهمت في تهميش الميزة التنافسية التي تحصل عليها الشركات، وساهمت في تقليص مدة تلك الميزة في حال الحصول عليها. فتقادم السلع بسرعة يجعل من الأهمية بمكان السرعة في التجديد والابتكار والإبداع إذا أراد المنتجون تحقيق ما يرغبون به من أرباح وتخفيض النفقات وكسب حصة سوقية ملائمة. وهذا التسارع في تقادم المنتجات يعني أن الميزة الفنية التي كانت تشكّل يوما من الأيام مصدر قوة، قد ولت وأدبرت، إن لم تخضع لتجديد وتطوير بشكل مستمر. فهناك حاجة للتجديد والتحديث المستمر كما يؤكد Pfeffer، والاستجابة لتغيرات السوق والتكنولوجيا، وهذا يتطلب الطاقات الكامنة البشرية، التي سيكون بمقدورها الإبداع والابتكار والتجديد المستمر.
ولم تعُد المشكلة فقط في قصر دورة حياة السلع، بل أيضاً في التدهور في حماية الاكتشافات والاختراعات العلمية؛ بسبب قدرة المنافسين الفائقة في تقليد تلك الاختراعات والاكتشافات. وهنالك دراسات توصلت من خلال اختبار 48 منتج جديد، لشركات في الإلكترونيات والصناعات الكيماوية وصناعة العقاقير وصناعة المعدات إلى حقيقة مفادها: أن تكاليف تقليد منتج جديد مقارنة مع تكاليف إبداعه تعادل حوالي 65% ونسبة الوقت الذي يتم إنفاقه في التقليد إلى الوقت الذي يذهب في الإبداع يعادل 70% وعلى الرغم من أن الاختراعات تأتي معها بعض الحماية، إلا أن هذه الحماية أصبحت تُخترق بأشكال مختلفة، وبسهولة غير معهودة من خلال توظيف التكنولوجيا نفسها.
فهناك عدة إشكاليات ترتبط بتحقيق الميزة التنافسية من خلال الاستثمار في البنية التحتية أو في تكنولوجيا العمليات(Process Technology) التي كانت تستخدم لإنتاج السلع والخدمات. والإشكالية تكمن في أن الجهات التي تبيع التكنولوجيا (الربوت، مثلا) لمشترٍ، لا تتردد في تقديمها لمنافسه، بنفس المواصفات، وربما بمواصفات أفضل. وكذلك الاستشارات التي تقدمها المؤسسات الاستشارية وبيوت الخبرة، فهي لا تمانع من تقديمها أو تقديم أفضل منها لمن يطلبها من المنافسين. وهذا لا يعني عدم شراء تكنولوجيا جديدة ،أو عدم السعي للحصول على استشارات أو خبرات معينة، وإنما يجب إدراك حقيقة أن هذه كلها أصبحت متاحة للجميع، والميزة التنافسية التي يمكن لمنظمة ما أن تحققها، تتجسد بقدرتها على توظيف هذه المكتسبات والتقنيات، والاستفادة منها بالسرعة وبالكفاءة والفاعلية المطلوبة. وهذه الفاعلية والكفاءة لا تتحقق إلا إن بتوافر الطاقات البشرية القادرة بفاعلية على الاستفادة القصوى من هذه التكنولوجيا سواء أكانت برمجيات أم حواسيب أم أجهزة إلكترونية متطورة.
وقد يقول قائل بأن التكنولوجيا المتخصصة هي الحل لتحقيق تميز على المنافسين، فيؤكد الواقع والبحث العلمي مؤخرا أمراً مغايرا لهذه الحقيقة، وهو أن التكنولوجيا المتخصصة لن تحقق لأصحابها الميزة التنافسية التي يسعون لتحقيقها، إلا إذا توافر لديهم قدرات بشرية ماهرة؛ لأن المزيد من التخصص في التكنولوجيا المستخدمة يعني الحاجة الماسة للمزيد من المهارة والكفاءة المطلوبة للتعامل مع هذه التكنولوجيا والاستفادة منها. والمثال الذي يؤكد صحة هذا الأمر يأتي من شركة من شركات التأمين تدعى "شناندا"، وقد عمدت هذه الشركة إلى حوسبة عملياتها بمبلغ يصل إلى مليوني دولار من أجل تسريع عملياتها، وكان ذلك في عام 1980، حيث وجدت الشركة بأنها لم تجني شيئاً من هذا الاستثمار، ولم تتحسن العمليات، كما كان مؤملاً، فقد ظلت تحتاج إلى 27 يوما و 32 موظفا في ثلاث وحدات لتحويل وإنجاز بوليصة التأمين الواحدة ،ولكن عندما غيرت أسلوبها في إدارة العاملين، وكونت مجموعات عمل شبه مستقلة مكونة من 5-7 أفراد، وطورت عمليات التدريب وتطوير الأداء، وغيرت نظام الحوافز، فأعطت حوافز لمن يتحمل مزيدا من المسؤولية ، بعدها فقط وصل عدد الأيام التي تحتاجها لتحويل البوليصة إلى النصف، كما تلاشت شكاوى الزبائن بشكل نهائي، وقل عدد الموظفين الذين يتطلب منهم القيام بالعمل إلى 10% مما كان مطلوب سابقاً (Pfeffer, 1994).
يؤكد كل ما تقدم أن الآلات لا تصنع الأشياء، وإنما الإنسان هو الذي يصنع الآلات والأشياء على حدٍ سواء، وإذا لم تدرك منظمات الأعمال هذه الحقيقة وتأخذ بها، فستبقى تنظر إلى الإنسان بنفس نظرته إلى الآلة، وتَعُدّه تكلفة على المؤسسة تماما كما هي الآلة، وهذه نظرة قاصرة؛ لأن الإنسان ثروة تجدّد وتتجدّد، والآلة أجهزة تتقادم مع الزمن وتتآكل ،فالإنسان هو الذي يجدد الآلة ويجدد التكنولوجيا ويحسّن من مستوى التنظيم والهندسة والعمليات الإنتاجية إذا تم إدارة هذا الإنسان بالطريقة الصحيحة والتعامل معه بالشكل المناسب.
وكذلك في وقت من الأوقات كانت عملية الإنتاج الواسع النطاق تحقق للشركات كفاءة اقتصادية عالية (Economies of Scale) فانتقلت الأهمية الآن إلى المرونة في العمليات الإنتاجية (Lean Production)بسبب المرونة وعدم الثبات في رغبات المستهلكين وتقلبات السوق مما يحتم على المنتجين التحول من الإنتاج الواسع النطاق وإغراق السوق بكميات كبيرة من صنف واحد، إلى الحذر والاستجابة للتغير في رغبات المستهلكين، وكفاءة أي مصُنّع تعتمد على كفاءته في التكيف مع تقلبات السوق والزبائن. ومن ناحية ثانية على قدرة المنتج على إنتاج وتوصيل المنتج للزبائن بأكبر سرعة ممكنة. وهذا التحول بطبيعة الحال يتطلب تعاونا ومهارة بشرية من الإنتاج الروتيني بكميات كبيرة إلى قدرات إبداعية في المرونة والاستجابة لرغبات السوق.
إذن كل ما سبق يؤكد لنا التزايد في أهمية العنصر البشري والطاقات الكامنة التي تعدّ الآن هي السر المخفي في تميز من يريد أن يتميز أو فشل من يريد أن يفشل من مؤسسات خاصة أو حتى عامة أو خيرية؛ لأن عملية إدارة البشر في هذه المؤسسات هو الأمر الحاسم في نجاحها وتفوقها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|