الدراسات الإقليمية - من دول غربي اوربا - الجزر البريطانية - السكان والعمران |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-03
![]()
التاريخ: 2025-01-21
![]()
التاريخ: 2024-10-07
![]()
التاريخ: 2024-10-13
![]() |
يبين الجدول رقم (1) تطور عدد سكان المملكة المتحدة خلال سنوات مختارة للفترة الممتدة بين عامي 1951، 1995.
يتبين من تتبع ارقام الجدول رقم (1) الحقائق الرئيسية التالية:
1- التطور البطيء للسكان في المملكة المتحدة : حيث بلغوا نحو 58.6 مليون نسمة عام 1995 بعد ان كانوا 50.2 مليون نسمة عام 1951 وبذلك زاد السكان بنسبة 16.7% فقط خلال الفترة الممتدة بين عامي 1951، 1995 أي بمعدل سنوي لم يتجاوز 0.4-%، ويرجع ذلك الى ان المملكة المتحدة بلغت المرحلة الأخيرة من الدورة الديموغرافية الانتقالية والتي تعني وصول المجتمع الى مرحلة الثبات تقريبا بتأثير انخفاض معدل كل من المواليد والوفيات والتي نتج عنها في النهاية هبوط معدل نمو السكان حيث بلغ معدل المواليد 13 في الالف، ومعدل الوفيات 12 في الالف تقريبا.
2- يتباين توزيع السكان على مستوى أقاليم الدولة : تبعا لعدة عوامل يأتي في مقدمتها الملامح البشرية وخصائص البيئة الطبيعية وامكاناتها المتاحة لذلك تصدرت إنجلترا أقاليم الدولة من حيث حجم السكان (نحو 83% من جملة السكان)، يليها اسكتلندا (9% تقريبا من جملة السكان)، ثم ويلز (حوالي 5%9)، وأخيرا ايرلندا الشمالية (3% من اجمالي السكان) (1).
3- تعد أراضي الميدلاندز التي تتخذ شكل حرف V حيث تخترقها مرتفعات البنين من الشمال هي اكثف جهات بريطانيا سكانا، وقد ساعد على ذلك امتدادها السهلي الواسع بصورة عامة، وخصوبة التربة في نطاقات عديدة منها، بالإضافة الى تعدد الحرف التي تمارس في نطاقها والتي تشمل التعدين، الصناعة، الزراعة، الرعي.
وحدد توزيع السكان في هذا النطاق من البلاد عدة عوامل بعضها طبيعية، وبعضها الآخر بشرية، الا انه يأتي في مقدمتها الموقع الجغرافي بالنسبة لخط الساحل، الى جانب توزيع حقول الفحم وتوزيع وامتداد شبكات النقل المختلفة. وفي اسكتلندا يتركز نحو 75% من جملة السكان في نطاق الوادي الأوسط ويعد نطاقه الغربي – الأكثر مطرا والأدفى من حيث درجات الحرارة السائدة – هو الأكثر سكانا، ويتوزع باقي السكان في اسكتلندا ونسبتهم 25% تقريبا على سفوح النطاقات المرتفعة حيث تتوافر التربات الخصبة والموارد المعدنية. وتعد مدينة أبردين هي عاصمة الشمال، علما بانه يوجد في نطاق الوادي الأوسط اهم واكبر المدن في اسكتلندا وهي جلاسجو، ادنبرة، دندي.
ولم تكن ويلز طوال تاريخها كثيفة بالسكان بحكم طبيعتها الجبلية وتوجهها البحري الذي شجع على هجرة اعداد كبيرة من السكان، بالإضافة الى ضآلة إمكاناتها الطبيعية. ويلاحظ ان الجانب الأكبر من سكانها يتركز اما في المدن الساحلية وخاصة في الجنوب (كاردف، سوانسي، لانيلي، تنباي، بوت تالبورت)، او على جوانب الاودية الداخلية حيث تتركز حقول الفحم الغنية.
وفي ايرلندا الشمالية يتركز نحو ثلث سكان الإقليم في نطاق مدينة بلفاست بينما يتوزع باقي السكان في نطاقات متفرقة تتركز اوسعها في النطاق الجنوبي وفي الجزء الأوسط الذي يمتد في شكل نطاق حوضي يضم أوسع بحيرات الجزر البريطانية – رغم ضحولة مياهها – وهي بحيرة Lough Neagh.
ويبلغ عدد سكان جمهورية ايرلندا الحرة حوالي أربعة ملايين نسمة عام 1995 بعد ان كان عددهم 2.8 مليون نسمة عام 1961 وبذلك زاد السكان بنسبة 42.8% خلال الفترة الممتدة بين عامي 1961، 1995 أي بمعدل زيادة سنوي لم يتجاوز 1% خلال الفترة قيد الدراسة.
ويتركز معظم السكان في نطاق الوادي الأوسط الحوضي حيث تنتشر المزارع ومراعي الماشية، وأيضا في إقليم وادي نهر شانون الذي يعد أطول انهار الجزر البريطانية، ومرد ذلك توافر المياه والتربات الخصبة والمناخ الدافئ الرطب.
ولا تعد لندن اكبر مدن الجزر البريطانية فقط (7 مليون نسمة تقريبا) بل انها تعد واحدة من اكبر ست تجمعات عمرانية حضرية على مستوى القارة الاوربية. وتتمثل اهم واكبر المدن بالجزر البريطانية في دبلن (1.1 مليون نسمة)، برمنجهام (اكثر من مليون نسمة بقليل)، ليدز (721.8 الف نسمة)، جلاسجو (681.5 الف نسمة)، ليفربول وبرادفورد وإدينبورج ومانشستر وعدد سكان كل منها حوالي نصف مليون نسمة، بريستول (400 الف نسمة)، بالإضافة الى مدينتين في جمهورية ايرلندا وهما كورك (282.7 الف نسمة)، ليمريك (109.8 الف نسمة), وتعاني الجزر البريطانية من تضخم سكان الحضر وخاصة في بريطانيا حيث بلغوا ما يعادل 92% من جملة السكان عام 1995 بعد ان كانوا 80% تقريبا من اجمالي السكان عام 1961.
ويشكل تضخم مراكز العمران الحضري مشكلة قديمة ترجع الى ما بعد الثورة الصناعية التي بدأت في بريطانيا خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي بعد اكتشاف قوة البخار عام 1769 وكانت نقطة بداية لفترة حضارية جديدة تميزت بمكاسب رأسمالية وبتراكم للثروات، بالإضافة الى تزايد حجم السكان واتساع رقعة الأقاليم التي شهدت تزايد اعداد المنشآت الصناعية وتضخم احجامها بصورة أسهمت في تزايد معدلات التلوث البيئي بصورة حادة في العديد من المدن البريطانية خلال القرن التاسع عشر.
لذا بدا بعض المفكرين والكتاب أمثال ايبنزير هوارد عام 1898 في المطالبة بأنشاء مراكز عمرانية جديدة بعيدا عن مراكز الحضر المزدحمة بالسكان والملوثة بتأثير المنشآت الصناعية لتتجنب مشكلاتها وعلى الا تتجاوز المسافة بين المراكز العمرانية الجديدة ومراكز الصناعية التقليدية نحو 45 كم لضمان سهولة الاتصال فيما بينهما، وعلى ان تكون المناطق السكنية في مراكز العمران الجديدة قريبة من النطاق التجاري في الوسط حتى يقل استخدام وسائل النقل وبالتالي تقل معدلات التزاحم، مما يعني في النهاية انسياب حركة المركبات وبالتالي تقل معدلات تلوث الهواء وخاصة مع الاهتمام بأنشاء المساحات الخضراء والمنتزهات.
ولاقت مثل هذه الأفكار التي طرحت خلال القرن التاسع عشر اهتماما كبيرا ورغبة قومية في تنفيذها وخاصة بعد الدمار الذي أصاب المدن البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية وما صاحبه من انتشار كل من البطالة والعشوائيات في العديد من المدن البريطانية المكتظة بالسكان وخاصة إقليم لندن الكبرى. وقامت بعض المؤسسات العلمية والتخطيطية (الحكومية والخاصة) على حد سواء – لعبت الجغرافيا دورا هاما فيها – بأجراء الدراسات التمهيدية وعمليات المسح لوضع اطار لبرنامج قومي يهدف الى بناء مراكز عمرانية جديدة، وتوجت هذه الجهود بصدور قانون المدن الجديدة في بريطانيا عام 1946، واللائحة التنفيذية المكملة له والتي تمت على مراحل كان آخرها عام 1948، وكان من نتائج ذلك التزام الدولة بتمويل كافة عمليات تشييد مرافق البنية الأساسية في المدن الجديدة جيدة التخطيط حتى تستطيع جذب السكان من المراكز العمرانية القديمة المتضخمة بالسكان والذين يعانون من انتشار البطالة والعشوائيات وامراض التلوث ليستقروا ويدفعوا عمليات التنمية في المشاريع الاستثمارية بالمدن الجديدة التي تشكل جزءا من منظومة قومية بريطانية تهدف الى الارتقاء بكل من السكان والاقتصاد.
ومعنى ما تقدم ان تجربة المدن البريطانية الجديدة بدأت في أواخر عقد الاربعينيات من القرن العشرين بتشييد عدد من مراكز العمران الجديدة بالقرب من المراكز الحضرية المتضخمة بالسكان وخاصة لندن العاصمة، واعتمدت في جذب السكان اليها على عوامل القرب المكاني، وتوافر كافة مرافق الخدمات العامة والمحددات السكنية المناسبة والمشاريع الاستثمارية التي تكفل الحياة الكريمة للسكان.
وكان للجغرافيا دور بارز في التوجه التنموي العمراني المشار اليه حيث أسهمت في اختيار المواضع والمواقع المناسبة لمراكز العمران الجديدة، بالإضافة الى دورها في تخطيط مسارات وخصائص شبكات الطرق التي تربط فيما بينها، بالإضافة الى حجم وطبيعة ومواقع المنشآت الإنتاجية والخدمية في المجتمعات الجديدة.
ومعنى ما تقدم ان الجغرافيا أسهمت في الحد من مشكلة الهجرة الى المدن الكبرى في بريطانيا وحولت اتجاه محور الهجرة من الأخيرة الى المجتمعات العمرانية الجديدة حديثة التخطيط. ويمكن دراسة نماذج من مراكز الحضر الجديدة في بريطانيا من زاويتين هما:
أ- التطور التاريخي لظهورها على خريطة بريطانيا.
ب- التوزيع الجغرافي وتطور احجامها.
ويمكن التمييز بين ثلاث مراحل تاريخية لظهور هذه المدن على خريطة الدولة، تبدا المرحلة الأولى في أواخر عقد الاربعينيات وحتى عام 1960، وتم خلالها تشييد 16 مركزا عمرانيا منها 14 مركزا (87.5%) في إنجلترا وويلز وشمالي ايرلندا بحكم حجم السكان فيها، ومركزين (12.5 %) في اسكتلندا.
ومن المراكز العمرانية التي شيدت خلال هذه المرحلة ستيفناج الواقعة على بعد 31 كم من لندن، بازلدون (على بعد 30 كم من لندن)، كرولي (على بعد 29 كم من لندن)، كوميرن (على بعد 18 كم من كاردف) جلينروث (على بعد 31 كم من ادنبرة), وامتدت المرحلة الثانية بين عامي 1961، 1967 وتم خلالها تشييد ثمانية مراكز حضرية جديدة، ستة منها في إنجلترا، واثنتنان في اسكتلندا.
وجدير بالذكر ان معظم المراكز العمرانية الجديدة التي ظهرت خلال هذه المرحلة شيدت لتحل محل قرى سكنية صغيرة وحتى تستطيع استيعاب اعداد كبيرة من السكان وخاصة في إقليم لندن البرى، ومن مراكز العمران التي ظهرت خلال هذه المرحلة ميلتون كينز الواقعة على بعد 50 كم من لندن، ريديث (على بعد 14 كم من برمنجهام)، واشنطون الواقعة على بعد ستة كيلو مترات من نيوكاسل، رنكورن الواقعة على بعد 14 كم من ليفربول، ليفنجستون (على بعد 15 كم من ادنبرة)، ايرفين على بعد 26 كم من جلاسجو.
وشهدت المرحلة الثالثة التي امتدت بين عامي 1968، 1974 ظهور أربعة مراكز عمرانية جديدة خارج لندن والاقاليم المجاورة لتخفف من حدة التكدس السكاني الكبير في هذا الإقليم المركزي، ولتساهم في استغلال الموارد البيئية المتاحة في اقاليمها التي يغلب عليها الطابع الريفي. وتتمثل هذه المراكز العمرانية الجديدة في نورث هامبتون على بعد 66 كم من لندن، ورنجتون (على بعد 15 كم من مانشستر)، بيتربرو (على بعد 84 كم من لندن)، سنترال لانكشير (على بعد 20 كم من ليفربول). (شكل رقم 1).
نخلص مما تقدم ان المرحلة الأولى شهدت ظهور 16 مركزا عمرانيا جديدا وهو ما يوازي 57.1% من جملة المراكز الجديدة، في حين شهدت المرحلة الثانية ظهور ثمانية مراكز (28.6 %)، والمرحلة الثالثة أربعة مراكز (14.3 %) مما يعني تناقص اعداد مراكز العمران الجديدة المشيدة على المراحل الثلاث بصورة متدرجة تتفق وتكامل تنفيذ الخطى القومية في هذا الشأن.
تظهر ارقام الجدول رقم (2) نجاح خطة بناء وتنمية مراكز العمران الجديدة في بريطانيا وتطورها بشكل مطرد وخاصة انه روعي في تصميمها البعد الجغرافي وطبيعة العلاقات المكانية مع عوامل أخرى، وكلها عناصر تؤكد التوجه التنموي للمعلومات والمعالجة الجغرافية وخاصة اذا صيغت في اطار منهج موضوعي تطبيقي تشارك فيه التخصصات والعلوم الأخرى، يتضح ذلك من تتبع الحقائق الرئيسية التالية:
1- التطور المطرد لحجم سكان مراكز العمران الجديدة : والذي بلغ نحو 2.3 مليون نسمة وهو ما يكون حوالي 3.9% من جملة سكان الدولة عام 1991 بعد ان كان لا يتجاوز 1.2 مليون نسمة تقريبا (2.3 % من جملة سكان الدولة) عام 1961، وبذلك تزايد سكان هذه المراكز بنسبة 92.2% خلال الفترة الممتدة بين عامي 1961، 1991، وهي زيادة سكانية كان يمكن ان تزيد من أعباء وتوابع ضغط السكان على المراكز الحضرية القديمة في حالة عدم تشييد مراكز العمران الجديدة.
2- تصدرت مراكز العمران الجديدة بإقليم لندن مثيلتها على مستوى الدولة : من حيث ضخامة حجم السكان الذين بلغوا حوالي 558.1 الف نسمة (46 % من جملة سكان مراكز العمران الجديدة) عام 1961، في حين تزايدوا بعد ذلك حتى بلغوا 1111.7 الف نسمة (47.7 % من جملة سكان مراكز العمران الجديدة) عام 1991.
وهو وضع طبيعي يتفق وضخامة حجم سكان هذا الإقليم المركزي وتعدد موارده وتميز موقعه الجغرافي، مما يعني اتفاق اطر خطط التنمية العمرانية والاقتصادية فيه مع واقعه الجغرافي، وهو ما اسهم في تطور وازدهار المراكز العمرانية فيه والتي حققت اعلى نسبة لتزايد السكان خلال الفترة الممتدة بين عامي 1961، 1991 وخاصة في ملتون كينز، بازلدون، برانكيل والتي تتراوح المسافات الفاصلة فيما بينها وبين لندن بين 28، 50 كم. (شكل رقم 1).
3- جاءت ليفربول في المركز الثاني بين أقاليم الدولة التي تركزت فيها اكبر مراكز العمران الجديدة : واعلى معدل لتزايد السكان، اذ بلغ عدد سكانها 361.4 الف نسمة (15.5 % من جملة سكان مراكز العمران الجديدة) عام 1991 بعد ان كانت 266.9 الف نسمة (22 % من اجمالي سكان مراكز العمران الجديدة) عام 1961.
وبلغ معدل تزايد سكان مركز سكيلمرسدال الواقع على بعد 13 كم من ليفربول نحو 307.7% خلال الفترة الممتدة بين عامي 1961، 1991, وجاء بعد ذلك باقي أقاليم الدولة بالصورة التي تبرزها ارقام الجدول رقم (2) والتي تعكس تقدم وتطور مراكز العمران الجديدة في إنجلترا بصورة كبيرة يليها مثيلتها الموجودة في كل من اسكتلندا وويلز على الترتيب، وهو واقع يتفق تماما وإمكانات وملامح جغرافية كل إقليم مما يؤكد نجاح التجربة الإنجليزية في مجال تنمية الحضر.
____________
(1) تعرف ايرلندا الشمالية منذ القدم باسم اليستر.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|