المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Null C in non-finite clauses
14/11/2022
التفويض‏
11-4-2018
آثار الذنوب البرزخيّة والأخرويّة.
28/12/2022
نظرية "بيته" و"هايتلر" Bethe-Heitler theory
15-1-2018
الاسترخاء ووقت الراحة
25-9-2021
Crystalline Solids: Band Theory
14-5-2020


الاتصال ظاهرة سلوكية اجتماعية إنسانية  
  
10938   11:31 صباحاً   التاريخ: 24-6-2016
المؤلف : عمر عبد الرحيم نصر الله
الكتاب أو المصدر : مبادئ الاتصال التربوي والانساني
الجزء والصفحة : ص 17-22
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /

الحياة التي نعيشها بصورة عامة وشاملة تعتمد في جوهرها أو في أساسها على عملية الاتصال التي تحدث بصورة مستمرة في كل لحظة بين أبناء البشر في جميع المجالات الحياتية اليومية والتي دونها من الصعب أن يعيش الإنسان ويستمر في العيش لفترة طويلة من الوقت، كما يجب وكما هو مطلوب، والاتصال الذي نحن بصدد الحديث عنه هنا يعني العيش المشترك مع  الأفراد الآخرين والجماعات الأخرى، والقيام بعملية تبادل أوجه النشاط والتفاعل المختلفة والتي عرفت منذ أن عرف الإنسان معنى القيام بتبادل العلاقات والمنفعة مع الأفراد الآخرين الذين يتواجدون ويعيشون معه في نفس المكان والمحيط والبيئة التي تحكمها عادات وتقاليد خاصة بها ومن الممكن أن تجمع بين جميع الأفراد بصورة غير مباشرة.

‏والإنسان بطبيعته وصفاته ومميزاته الخاصة يختلف عن غيره من المخلوقات والكائنات، فهو على جانب كبير من التعقيد والغموض، والعالم الذي يعيش فيه على درجة كبيرة من التركيب وعدم الوضوح، والسلوك الذي يصدر منه يحدث في إطار قسم من التأثيرات المتداخلة والمترابطة مع بعضها البعض والتي تصدر من داخل الإنسان أو من العوامل الخارجية والمحيطة به، أي البيئة التي يعيش فيها وما يحكمها من عادات وتقاليد، والتي تؤثر تأثيراً مباشراً على ما يصدر منه من سلوك، فهو مثلا يرغب ويحس، ويدرك ويتفاعل ويتذكر ويتعلم ممن هم حوله ويأتي معهم في علاقات يومية مختلفة المواضيع، كما وتوجد لديه المقدرة على القيام بإيصال ما يريده ويقصده من معاني وأفكار ورغبات موجودة لديه إلى من هم حوله أو معه من أشخاص أو أفراد مختلفي المميزات والصفات والقدرات بمعنى أنه يملك القدرة الخاصة التي تمكنه من القيام بتغيير صورة وشكل ومضمون الحياة في المحيط والمكان الذي يعيش فيه أو يعتبر جزءا أساسيا منه. وبوساطة عملية الاتصال التي يقوم بها في كل عمل يعمله، أو في كل لحظة من تواجده مع الآخرين والتي فيها يأخذ ويعطي يؤثر ويتأثر، يعمل ويتعلم، والتي بمساعدتها عندما يتعامل مع الآخرين يقوم بنقل معلوماته إليهم من أجل الاستفادة منها، والاستفادة من معلوماتهم التي تصل إليه ومن قيامه بهذه العملية الاتصالية استطاع التعرف على معاني الأشياء وربطها مع الأشياء التي تعلمها والتي يعرفها من قبل وهذا بطبيعة الحال أدى إلى معرفة جديدة لم تكن موجودة لديه من قبل، وحدوث تطورات اجتماعية إنسانية جيدة لم تكن من الصفات المميزة له أو التي يتصف بها.

‏ولكي يحافظ الإنسان على بقائه فهو يحتاج إلى توفير المطالب الأساسية التي عن طريقها يستطيع الوصول إلى المحافظة على حياته وكيانه الإنساني، فهو بحاجة ماسة وضرورية جدا إلى الحب من جانب من يعيش معهم في علاقة يومية في جوانب الحياة المختلفة. بالإضافة لذلك فهو بحاجة إلى المكان الخاص به، الذي يعرف حق المعرفة أنه يستطيع الذهاب إليه في أي وقت يريد، ويجد فيه الراحة والهدوء والاستقرار. أيضا هو بحاجة ضرورية إلى الجنس، أي وجود الجنس الآخر معه بصورة دائمة ومستمرة... وذات المكانة الخاصة والمهمة في حياة الفرد اليومية من كلا الجنسين وتوفير هذا الجانب يعني توفير الهدوء والراحة والتخلص من الضغوط والدوافع والمثيرات التي تلعب دوراً فعالا في جميع جوانب الحياة بالإضافة إلى  كل ما ذكر فإن الإنسان لا يستطيع العيش بمفرده وتحمل العزلة وذلك لأنه مخلوق اجتماعي الذي تربطه علاقات وثيقة ومتنوعة مع أبناء جنسه بحيث إنه لا يشعر بالأمان والاطمئنان إلا إذا متواجد داخل المجتمع، ولأنه كائن اجتماعي بطبيعته لا يستطيع العيش بمفرده وبعيداً عن أفراد المجتمع، لذلك فهو دائماً بحاجة ماسة للتواجد والعيش في جماعات منظمة التي تربطها علاقات وقوانين اجتماعية سهلة ومعقدة في نفس الوقت والتي تحد من حريته وحركته، والأعمال التي يقوم بها تكون مراقبة ومحط أنظار الآخرين  وانتقادهم، وبالرغم من ذلك يفضل التواجد مع الآخرين.

 والإنسان الذي نحن بصدد الحديث عنه يختلف عن غيره من المخلوقات التي تعيش على الكرة الأرضية بالقدرات العقلية الموجودة لديه والتي هي من أهم مميزاته، بالإضافة لذلك فان لديه القدرة على القيام بالاتصال مع الآخرين، أو مع من هم حوله عن طريق استعمال الرموز التي يقصد منها معاني مختلفة الأشياء مختلفة، وهو بهذا يعتبر المخلوق الأول والوحيد الذي يستجيب لميزات بيئته المادية الحقيقية والبيئة الرمزية التي يضعها هو بنفسه، مثل البيئة الدينية أو غير الدينية التي تحد نفس السير والعمل حسب ما تنادي به من أحكام وأفعال. والعرف الاجتماعي والعادات والتقاليد المسيطرة على المحيط الذي يعيش فيه والتي تلعب الدور الهام في حياته وتسير خطواته في معظم الأوضاع، وهي أيضا التي تؤثر على مجال التفاعل والاتصال لدى الفرد حينما يوجد فيه مواقف اجتماعية اتصالية مع مجتمعات أخرى تختلف عن المجتمع الذي يعيش فيه.

‏ما ذكر حتى الآن يدل على أن الإنسان له بيئة خاصة به وتختلف عن باقي المخلوقات التي تعيش معه في نفس البيئة، وهو يخلق لنفسه جواً وعالماً رمزياً اي يضيف إلى الواقع والحياة التي يعيشها بعدا ومعنى لا يمكن أن يعرفه ويدركه يميزه الانسان. لأن عالم الإنسان يتطلب الفكر أي أن يملك القدرة على التفكير بالمواضيع التي تواجهه في الحياة. ويملك القدرة على الاتصال الرمزي الذي يعتمد ويقوم في الأساس على اللغة اللفظية والتي هي من مميزات الإنسان وخصاصه الفريدة، كذلك يعتمد على الفن والدين والعلم وجميعها جوانب هامة جدا ولها المكانة الخاصة لدى كل فرد من أبناء البشر.

واعتماداً على ما ذكر نستطيع القول بأن العملية الاتصالية التي تحدث بين الأنسان ومحيطه الذي يعيش فيه أو يعمل فيه أو المجال الذي يتواجد فيه هي التي ‏أدت إلى استمرار عملية التقدم والتطور في جمع جوانب الحياة وعلى مدى المراحل المختلفة لوجود الانسانية، وهذه الحياة الاجتماعية التي أصبح يعيشها الانسان والتي تقوم ومعتمد على الاتصال الذي يؤدي بدوره إلى  زيادة المعرفة والمعلومات الإنسانية التي تقوم بإيصال عقله ومنطقه بالوجود الاجتماعي ويجعل من حواسه الممر الذي منه يبدأ الاتصال الحسي والعقلي والتصوري بين الانسان والعالم الموضوعي، وهذه المعلومات والمعرفة لها أهمية كبرى في الحياة اليومية والعامة. وهذه الحياة وتطورها تبدأ بإدراك الإنسان لما يدور من حوله الادراك الذي يؤدي إلى التفاعل بين الإنسان المتفاعل والأمور التي توجد وتحدث من حوله. وهذا التفاعل والتعامل يعني القيام بالاتصال مع من نتعامل معهم من مخلوقات ؟؟ يساعد الفرد على اكتشاف ومعرفة معاني الأشياء ويتفاعل معها نتيجة للقيام بالاتصال. وهنا يجب أن نذكر أن الإنسان كجهاز للاتصال يحاول بصورة دائمة الابتعاد عن المواقف الحرجة والتي من الممكن أن تزيد من الغموض وعدم التأكد، وفي نفس الوقت يحاول أن يقلل من مساحة عدم الوضوح، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل امكانية التعارض الوجداني، وطبيعي في مثل هذا الوضع أن يقع الإنسان في حالة القلق والتوتر خصوصا إذا اجبر على أن يختار بين بديلين الأمر الذي يؤدي إلى ظهور حالة من عدم الرضا لذلك يؤكد الاتصال الفعال على الجوانب الإيجابية ويحاول التقليل من الجوانب السلبية.

والإنسان بطبيعته مخلوق الذي يعيش ويرتبط بثقافة معينة وله صلة وعلاقات وقيم، ويقوم بالاحتكاك بعائلات ومجتمعات متنوعة ومختلفة، والتي لها أثر وأهمية خاصة في عملية تكوين المعرفة وتنشئة الفرد أي أن للعوامل الاجتماعية والمصادر الشافية أثرها في عملية اكتساب المعارف ونشأة وتطور المعتقدات والاتجاهات الفكرية المختلفة، والتي تعتبر السبب المباشر والأساسي في خلق وايجاد النزعات النفسية السائدة والظاهرة في معظم المجتمعات والثقافات.

 ومن الأمور التي لا يوجد فيها مجال للشك هو أن الثقافة تعتبر المدخل إلى معظم المعتقدات، لأنها تعطي المعاني لأنواع المفاهيم المختلفة، لأن الثقافة تعتبر همزة الوصل والأساس الاتصالي الذي يحدث بين الشعوب والمجتمعات المختلفة، أي أن الثقافة هي الأساس الوجودي الذي يؤدي إلى وجود كل فكرة وكل معرفة لأن العقول تختلف فيما بينها مما يساعد على تباين أساليب الفهم والإدراك.

‏ومن الصعب إن لم يكن من غير الممكن القيام بعملية تفسير للأفكار والمعاني والمعتقدات، إلا عن طريق الرجوع إلى طبيعة الموقف الاجتماعي العام، الذي يحدد إطارها ويعطيها معناها وما يقصد منها، والفرد أثناء قيامه بالاتصال ومن خلال مدركاته وعلاقاته ومعارفه المختلفة والمتعددة ينمو ويتعلم نظم المجتمع وثقافته وأفكاره وتصوراته وتصرفاته.

‏واعتمادا على جميع هذه الأسس والجوانب التي ذكرت نقول إن عملية الاتصال كظاهرة سلوكية اجتماعية إنسانية تعتبر عملية هامة وضرورية التي تؤدي إلى تكون العلاقات التي تربط الناس مع بعضهم البعض داخل المجتمع الذي يعيشون فيه أيضا تعتبر هامة وضرورية بالنسبة لعمليات التوافق والفهم التي يجب أن توجد لدى أفراد المجتمع على اختلاف درجاتهم ومستوياتهم لكي نستطيع الوصول إلى الاتفاقيات الهامة التي تساعد في المحافظة على المجتمع واستمرار ترابطه.

وفي هذا المجال قال ‏جون ديوي الفيلسوف الأمريكي إن عملية الاتصال تعتبر من أعجب شؤون وأمور الإنسان على الإطلاق، ويقول أيضا (إن المجتمع لا يوجد فقط عن طريق الاتصال بل يتأصل ويتأسس في عملية الاتصال) وهذه العملية ضرورية وهامة لكل عمليات التوافق والفهم التي يتوجب على أفراد المجتمع القيام بها بهدف الوصول إلى الاتفاقات التي تساعد على استمرار ترابط جميع أفراد المجتمع وتحافظ عليه من الانهيار والتفكك، لأن الاتصال بطبيعته يؤثر على الإنسان وسلوكه في كل الجوانب والأعمال التي يقوم بها في كل يوم وفي كل لحظة من لحظات الحياة التي يعيشها. ويشترك في عملية الاتصال بأنواعها كل الناس، هي مجالاتهم المختلفة من الصباح وحتى المساء كل فرد يقوم بنقل المعلومات الموجودة لديه والتي يعرفها، وفي نفس الوقت يقوم بنقل المعلومات التي ترسل إليه بصورة خاصة والتي ترسل بصورة عامة من الآخرين أي أنه في حالة تبادل مستمر للمعلومات مع الآخرين.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.